منتديات سدير

منتديات سدير (http://www.sudeer.com/vb/index.php)
-   ¨° بيت الشوارد °¨ (http://www.sudeer.com/vb/forumdisplay.php?f=109)
-   -   وقـفـات مع الشعر والشعراء (http://www.sudeer.com/vb/showthread.php?t=118457)

أسد نجد 18-02-2012 10:09 PM

رد: وقـفـات مع الشعر والشعراء
 
هذه القصيده للشاعر ذيب جمران


يانـجـد صيـفـك يـقـطـع الـقـلـب حـــره ::: شـتـان مـــا بـيـنـك ومـابـيـن بـيــروت


اقـفــى ربـيـعـك بـالـفــرح والـمـســرة ::: وصيفك وصل بالعـج والحـر والمـوت


جـوٍســمــوم الـقــيــظ دايـــــم تــكـــره::: وإلــيــا ركــــد مـاكـنّــي الا بـتــابــوت


وإلـيـا لحقـنـي فـيـك بـعــض الـمـعـره::: اسمح لي ارحل عـن فيافيـك بسكـوت


شهريـن ابيهـا منـك فــي الـعـام مــره::: البس بها البنطال والبـس بهـا الكـوت


اخـــذ عـلــى لـبـنـان والــشــام فــــره::: واكـل مـن الرمـان والخـوخ والـتـوت


واشــوف نــاسٍ فــي البـلـد مسـتـقـره::: ســوو لـهــم فـيـهـا مقـايـيـل وبـيــوت


وامــــر دربٍ قــدمــي الــزيــن مــــره::: ياكثـر مـا شفـتـه يـجـي فـيـه ويـفـوت


زيــن وغـنـج وعـيـون حـلـوه وغــره ::: يمشي على كيفـه مـع النـاس مفلـوت


كــنّــه غــريــر ولا ش عــلــمٍ يــغــره::: لاخـاف مــن ربــه ولاهــوب مكـبـوت


تـقـصـر فـنـيـلـة فـاتـنــي دون ســــره ::: والنهد يرقـص لـي علـى دقـة الجـوت


علـقـنـي بـسـحــره وخــيــرة وشــــره ::: سحـرٍ ذكــر هــاروت شــره لـمـاروت


وإلـيـا انتـهـى الميـعـاد ابـتـرك مـقـره::: واعصي هوى قلبٍ من الزين مبهوت


واحـزم شنـاط العـفـش والـثـوب ازره ::: وارجع بشوقٍ من مدى شوق بخـوت


ويانـجـد صيـفـك لـــو ذبـحـنـي بـحــره ::: حييت في حضنك وفي حضنك المـوت





قام بالرد عليها الشاعر عبدالله عبدالعزيز البهلال



ياللي شكيت من أمنا قو حره ::: ترى أمنا نغليه مير اخفض الصوت

دارٍ ولفنا الجو بـرده وحـره ::: ياما تمنعنا من البرد ببشوت

ولو ما تربع بالعمر كود مـره::: ربيع نجد يودع القلب مبهوت

ياحلو مشتى نجود وازين حره ::: من حبها كـنك تـوجه بريموت

نجد إلى من راعي الصوت جره::: بربوعها وردوا سراع على الموت

كم واحدٍ عـند الملاقى نجـره :::وكم واحدٍ شتناه عـند اللقا شــوت

ون جاء عنيدٍ طاغيٍ زاد شره ::: ما ننطحه بالسيف نطاهـ بالبوت

وكم واحد ينوي القشر مات حره ::: محدٍ دخلها كود بوراق وكروت

وحتى طيور الجو ماهي تمره::: من خوف أهلها ما قوت تلـقط القوت

دارٍ بها الخفرات من كل حره ::: مصيونه عن راعي الشـين بـبيوت

هي عند أهلها شموس وهي المجرة :::وهيه لهم بنطال وايضا لهم كـوت

أسد نجد 18-02-2012 10:11 PM

رد: وقـفـات مع الشعر والشعراء
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خفوق إنسانة (المشاركة 1572836)
حياك الله اخي الكريم مجدداً ..


بارك الله فيك أيتها الأخت الكريمة

أسعدني تشريفك العطر

أسد نجد 20-02-2012 11:33 AM

رد: وقـفـات مع الشعر والشعراء
 
لأجل الشام نهتف ثائرينا......فيكسر عزمُنا هبل اللعينا

أليس الحر يرفض ظلم يوم.....وهذا الظلم جاوز أربعينا

سنينَ تجرع الأحرار فيها......كؤوس الصبر مترعة أنينا

تعانِقُ ضفتا بردى الليالي......فَتُنكر في العيون دما سخينا

كَبُرنا يا شآمُ على المآسي......و أدْمَنَّا هواكِ فعانقينا

نزعنا رِبقة الظلام عنا.......ولمْ نحتجْ على شرف يمينا

وقد علمت شعوب الأرض طرا...بأنا لن نهون ولن نلينا

و أنا الواهبون لهم حروفا......فلولا الحرف ما رفعوا جبينا

و أنا أكرم الفرسان خيلا......و أكثرُ أنبياءَ و مرسلينا

و أنا قِبلة الغرباء حتى......لَنُطعِمُهُمْ وَ نمْكُثُ جائعينا

لنا الخُلُق الكريمُ فنحنُ أوْلى....بأنْ نحيا الحياةَ مُكَرَّمينا

أيحسبُ خِفَّةً بشارُ أنا......سنتركه و ماهرَ سادرينا

سيلعنُ حافظا وَ بَنيهِ ربي.....ويدخلُهمْ جهنمَ داخرينا

لعَمْرُ الله قدْ ذبحوا الأماني....و خانوا العرض و البلد الأمينا

إليكَ إليكَ يا بشار فارحلْ.....أبيْنا أنْ نُقِرَّكَ ما حَيينا

هوى الوهم القديم فلا خُلودٌ....و أعياك الصراع و ما عَيينا

ومن عجبٍ تقول لنا اسجدوا لي...متى كنا لمثلك ساجدينا

بأي ذريعة بشارُ هانتْ......عليك دماؤنا فتجور فينا

بأي ذريعة بشار دُكتْ......مآذنُ مسلمينَ مُسالمينا

بأي ذريعة فُقِأَتْ عيونٌ.....و أضحى الآمنون مُشردينا

تُرى ما ذنبُ حنجرة المُغني...و ماذا عن أصابع مبدعينا

أتقتل صِبيَةَ الحي الحزانى....وتطمع أن نظل مُطأطِئينا

وشيخا قد قتلتَ على تُقاهُ....و حورا مثل طُهرِ المسك عِينا

رصاصك يُخطئ الجولان جبنا...و غَدرا يَقْنصُ المتظاهرينا

و إنْ عربٌ بكوا ألما و ضَجُّوا....بعثتَ وزيرك الغث السمينا

حماةَ دِيارنا للشام حق.......عليكم فامنَعوا الأسد الهجينا

أَلا لا يَبْعَثَنْ بشار جيشا......فنبعثَ جيشنا الحر المتينا

فإنا المُسمِعون إذا هتفنا......وإنا الغالبون إذا غُزِينا

و إنا الصادقون إذا نطقنا.....وإنْ قيل الإبا قُلنا عُنِينا

لنا وطن ترصعه المعالي.....نعيش على ثراه مُوحدينا

سيهدي قاسيون غدا صباهُ.....فتمتلأ القصائد ياسمينا

كتبتُ على السفوح بيان شعر....لأبقى في الهيام بها قرينا

و ذُبتُ على دمشق أسى وإني.....على بعدي لأقربهم حنينا

فإنْ سألوك عنْ شنقيط يوما......فقُلْ حفظتْ عهود الأكرمينا

أليس الأهل أهلك حيث حلوا.....ولو كان الزمان بدا حزينا

لأجل الشام نهتف ثائرينا......فيكسر عزمُنا هبل اللعينا


الشاعر الموريتاني الشيخ ولد بلعمش

أسد نجد 21-02-2012 06:01 PM

رد: وقـفـات مع الشعر والشعراء
 
من غزل الفقهاء ، للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله ، من كتابه فِكَر ومباحث
قال لي شيخ من المشايخ المتزمتين، وقد سقط إليه عدد من الرسالة، فيه مقالة لي في الحب.
.
مالك والحب، وأنت شيخ وأنت قاض، وليس يليق بالشيوخ والقضاة أن يتكلموا في الحب، أو يعرضوا للغزل؟! إنما يليق ذلك بالشعراء، وقد نزه الله نبيّه عن الشعر، وترفع العلماء وهم ورثة الأنبياء عنه، وصرح الشافعي أنه يزري بهم، ولولا ذلك كان أشعر من لبيد.
فضحكت، وقلت له.
أما قمت مرة في السحر، فأحسست نسيم الليل الناعش، وسكونه الناطق… وجماله الفاتن، فشعرت بعاطفة لا عهد لك بمثلها، ولا طاقة لك على وصفها؟
.
أما سمعت مرة في صفاء الليل نغمة عذبة، من مغنّ حاذق قد خرجت من قلبه، فهزّت منك وتر القلب، ومسّت حبّة الفؤاد؟
أما خلوت مرة بنفسك تفكر في الماضي فتذكر أفراحه وأتراحه، وإخوانا كانوا زينة الحياة فطواهم الثرى، وعهدا كان ربيع العمر فتصرم الربيع، فوجدت فراغا في نفسك، فتلفت تفتش عن هذا الماضي الذي ذهب ولن يعود؟

أما قرأت مرة قصة من قصص الحب، أو خبراً من أخبار البطولة فأحسست بمثل النار تمشي في أعصابك، وبمثل جناح الطير يخفق في صدرك؟
أما رأيت في الحياة مشاهد البؤس؟ أما أبصرت في الكون روائع الجمال؟ فمن هو الذي يصور مشاعرك هذه؟ من الذي يصف لذائذك النفسية وآلامك، وبؤسك ونعماءك؟ لن يصورها اللغويون ولا الفقهاء ولا المحدثون، ولا الأطباء ولا المهندسون. كل أولئك يعيشون مع الجسد والعقل، محبوسين في معقلهما، لا يسرحون في فضاء الأحلام، ولا يوغلون في أودية القلب، ولا يلجون عالم النفس… فمن هم أهل القلوب؟
إنهم الشعراء يا سيدي، وذلك هو الشعر!ـ

إن البشر يكدّون ويسعون، ويسيرون في صحراء الحياة، وقيد نواظرهم كواكب ثلاثة، هي هدفهم وإليها المسير، ومنها الهدي وهي السراج المنير، وهي الحقيقة والخير والجمال، وإن كوكب الجمال أزهاها وأبهاها، إن خفي صاحباه عن بعض الناس فما يخفى على أحد، وإن قصرت عن دركهما عيون فهو ملء كل عين، والجمال بعد أسّ الحقائق وأصل الفضائل، فلولا جمال الحقيقة ما طلبها العلماء، ولولا جمال الخير ما دعا إليه المصلحون. وهل ينازع في تفضيل الجمال إنسان؟ هل في الدنيا من يؤثر الدمنة المقفرة على الجنة المزهرة؟ والعجوز الشوهاء على الصبية الحسناء؟ والأسمال البالية على الحلل الغالية؟
فكيف يكون فيها من يكره الشعر (أعني الشعر الحق، الذي يجمع سمو المعنى، وموسيقى اللفظ، لا هذا الهذيان الذي نقرؤه الآن -الذي يدعونه الشعر الحديث- شعر الحدأثة أي الحدث الأكبر الذي لا يتطهر منه صاحبه إلا بالغسل)، وهو جمال القول، وفتنة الكلام؟ وهو لغة القلب فمن لم يفهمه لم يكن من ذوي القلوب. وهو صورة النفس، فمن لم يجد فيه صورته لم يكن إلا جماداً. وهو حديث الذكريات والآمال، فمن لم يذكر ماضيا، ولم يرج مستقبلا، ولم يعرف من نفسه لذة ولا ألما، فليس بإنسان.
ومن قال لك يا سيدي إن الله نزه نبيه صلى الله عليه وسلم عن الشعر لأن الشعر قبيح؟ إنما نفى عنه أن يكون شاعرا كمن عرف العرب من الشعراء ورد عليهم قولهم: “إنه شاعر” لأن الشاعر يأتيه الوحي من داخل نفسه، والنبي يجيئه من السماء، وهذا الذي لم تدركه العرب، فقالوا قولتهم التي ردها الله عليهم!.ـ
وأين وجدت حرمة الشعر، أو مذمته من حيث هو كلام جميل، يصف شعورا نبيلا؟ إنما يقبح إذا اشتمل على الباطل، كما يقبح كل كلام يشتمل عليه.ـ

ومن أين عرفت أن العلماء قد ترفعوا عنه، والكتب مملوءة بالجيد من أشعارهم، في الحب والغزل ووصف النساء؟

أو ما سمعت بأن النبي صلى الله عليه وسلم أصغى إلى كعب وهو يهدر في قصيدته التي يتغزل فيها بسعاد… ويصفها بما لو ألقي عليك مثله لتورّعت عن سماعه… وتصاممت عنه ، وحسبت أن التقى يمنعك منه وذهبت تلوم عليه، وتنصح بالإقلاع عن قائله…ـ

وما سعاد غدة البين إذ برزت .. كأنها منهل بالـراح معلـول
هيفـاء مقبلة عجـزاء مدبرة .. لا يشتكي قصر منها ولا طول
وأن عمر كان يتمثّل بما تكره أنت.. من الشعر، وأن ابن عباس كان يصغي إلى إمام الغزلين عمر بن أبي ربيعة، ويروي شعره؟ وأن الحسن البصري كان يستشهد في مجلس وعظه، بقول الشاعر:ـ

اليوم عندك دلها وحديثها .. وغدا لغيرك كفها والمعصم
وأن سعيد بن المسيب سمع مغنيا يغني:ـ
تضوع مسكا بطن نعمان إن مشت .. به زينب في نسوة خفرات
فضرب برجله وقال: هذا والله مما يلذ استماعه، ثم قال:ـ

وليست كأخرى أوسعت جيب درعها .. وأبدت بنـان الكف للجمـرات
وعالت فتات المسد وخفـاً مرجّـلا .. على مثل بدر لاح في الظلمات
وقامت تراءى يـوم جمـع فأفتنت .. برؤيتها من راح من عرفـات
فكانوا يرون هذا الشعر لسعيد بن المسيب!.

وما لي أدور وأسوق لك الأخبار، وعندنا شعراء كان شعرهم أرق من النسيم إذا أسرى، وأصفى من شعاع القمر، وأعذب من ماء الوصال، وهم كانوا أئمة الدين وأعلام الهدى.ـ

هذا عروة بن أذينة الفقيه المحدث شيخ الإمام مالك يقول:ـ

إن التي زعمـت فـؤادك ملها .. خلقت هواك كما خلقت هوى لها
فبك الذي زعمـت بها وكلاكما .. يبدي لصاحبه الصبـابـة كلها
ويبيت بين جوانحي حـبٌّ لهـا .. لو كان تحـت فراشهـا لأقلها
ولعمرها لو كان حبـك فوقها .. يوماً وقد ضحيـت إذن لأظلهـا
وإذا وجدت لها وساوس سلـوة .. شفع الفؤاد إلى الضمير فسلها
بيضاء باكرها النعيـم فصاغها .. بلبـاقـة فـأدقهـا وأجلهـا
منعـت تحيتها فقلـت لصاحبي .. ما كان أكثـرها لنـا وأقلها!

فدنا فقـال ، لعلهـا معـذورة .. من أجل رقبتها، فقلت : لعلها
هذه الأبيات التي بلغ من إعجاب الناس بها أن أبا السائب المخزومي لما سمعها حلف أنه لا يأكل بها طعاما إلى الليل!.ـ

وهو القائل، وهذا من أروع الشعر وأحلاه، وهذا شعر شاعر لم ينطق بالشعر تقليدا، وإنما قال عن شعور، ونطق عن حب، فما يخفى كلام المحبين:ـ

قالت وأبثثتها وجدي فبحت به .. قد كنت عندي تحب الستر، فاستتر
ألست تبصر من حولي؟ فقلت لها .. غطى هواك وما ألقى على بصري
هذا الشاعر الفقيه الذي أوقد الحب في قلبه نارا لا يطفئها إلا الوصال:ـ
إذا وجدت أوار الحب في كبدي .. عمدت نحو سقاء الماء أبترد
هبني بردت ببرد الماء ظاهره .. فمن لحر على الأحشاء يتّقد!؟

وهذا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أحد فقهاء المدينة السبعة الذين انتهى إليهم العلم، وكان عمر بن عبد العزيز يقول في خلافته:
لمجلس من عبيد الله لو كان حيا، أحب إلي من الدنيا وما فيها. وإني لأشتري ليلة من ليالي عبيد الله بألف دينار من بيت المال، فقالوا: يا أمير المؤمنين، تقول هذا مع شدة تحريك وشدة تحفظك؟ قال: أين يذهب بكم؟ والله إني لأعود برأيه ونصيحته ومشورته على بيت المال بألوف وألوف. وكان الزهري يقول:
سمعت من العلم شيئا كثيرا، فظننت أني اكتفيت حتى لقيت عبيد الله فإذا كأني ليس في يدي شيء!.ـ

وهو مع ذلك الشاعر الغزل الذي يقول:ـ

شققت القلب ثم ذررت فيـه .. هواك فليم فالتمام الفطور
تغلغل حب عشمة في فؤادي .. فباديه مع الخافي يسيـر
تغلغل حيث لم يبلغ شـراب .. ولا حزن ولم يبلغ سرور

أفسمعت بأعمق من هذا الحب وأعلق منه بالقلب؟ ولم يكن يخفي ما في قلبه، بل كان إذا لقيه ابن المسيب فسأله:
أأنت الفقيه الشاعر؟ يقول: “لا بد للمصدور من أن ينفث” فلا ينكر عليه ابن المسيب. وهو القائل:ـ

كتمت الهوى حتى أضر بك الكتم .. ولامـك أقـوام ولومهـم ظلـم
ونمّ عليـك الكاشحون و قبلهـم .. عليك الهـوى قد نم لو نفع النم
وزادك إغـراء بها طـول بخلها .. عليك وأبلى لحم أعظمك الهـم
فأصبحت كالنهدي إذ مات حسرة .. على إثر هند أو كمن سقي السم
ألا من لنفس لا تمـوت فينقضي .. شقاها ولا تحيا حياة لها طعـم
تجنبـت إتيـان الحبيـب تأثمـا .. ألا إن هجران الحبيب هو الإثـم
فـذق هجـرها إن كنت تزعم أنه .. رشاد ألا يا ربما كذب الزعـم

ألا إن هذا هو الشعر!

أسد نجد 23-02-2012 07:43 PM

رد: وقـفـات مع الشعر والشعراء
 
قصيدة لابن الفارض
من الطويل (فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن)



هوالحبُّ فاسْلَمْ بالحَشا ما الهوى سَهْلُ ... فما اختــــارَهُ مُضنىً بهِ ولـهُ عَقْلُ

وعِــشْ خَـاليـاً فالحُــبُّ راحتــُهُ عَنـَاً ... وأولـُـــهُ سُقـْــــــمٌ وآخــــرُه قَـتــْـلُ

ولكــن لـــديّ المـوتُ فيـه صبــــابـةً ... حيــاةٌ لمنْ أهوى عليّ بهــا الفضلُ

نصحــتـُــكَ علماً بالهوى والذي أرى ... مُخالـَفـَتي فاخــترْ لنفســـك ما يَحلو

فإن شئتَ أن تحيـا سعيــدا فمـُـتْ به ... شهيــــدا وإلا فالغــــرامُ لـه أَهـــلُ

فمــنْ لم يمـت في حبِّـه لـم يَعِـشْ به ... ودون اجتناء النَحلِ ما جَنـَتِ النَّحلُ

وقــــل لقتيـلِ الحــبّ وَفـّيْــتَ حقـــَّـه ... وللمُدعــي هيهــاتَ ما الكَحَلُ الكُحْلُ

تَعــرّضَ قـومٌ للغــرام وأعـــرضـوا ... بجــانبِهــم عــن صحتي فيه فاعتلـّوا

رضـُـوا بالأماني وابْتُلوا بحظوظِهِمْ ... وخاضُوا بحارَ الحبّ دَعوىً فما ابْتُلوا

فهم في السُّرى لم يَبرحوا من مَكانِهم ... ومــا ظعـنوا في السيرِ عنه وقد كَلّوا

وعن مذهبي لما استحبوا العمى على الـ ... ـهدى حســدا مــن عند أنفسهم ضلوا

أحبـّـــةََ قلبـــي والمحبـّــةُ شـــــــافـعـي ... لديـكم إذا شئتـمْ بهـا اتّصــل الحَبْــلُ

عســـى عطفــــةٌ منـــكم علـيّ بنظــرةٍ ... فقـــد تَعبـــتْ بيني وبينـَـكمُ الرُسْــلُ

أحبـــايَ أنتـــمْ أحْسَـــنَ الدهــرُ أم أسا ... فكونـــوا كمــا شئتــمْ أنا ذلك الخِلُّ

إذا كان حَظــي الهَجْرَ مِنكمْ ولــم يَكنْ ... بِعادٌ فذاك الهجرُ عندي هو الوَصلُ

وما الصــدّ إلا الوُدُّ مـــا لم يَكـنْ قِلَىً ... وأصعبُ شيءٍ غيرَ أعراضِكمْ سَهلُ

وتعذيبـــكمْ عَـــذْبٌ لــــدي وجــوركمْ ... علــيّ بمــا يَقضي الهـوى لكمُ عَدْلُ

وصـبـريَ صــبرٌ عَنكـــــمُ وعليـكــمُ ... أرى أبـــداً عنــدي مرارتـَــه تَحلو

أخذتمْ فؤادي وهـو بعضي فمــا الذي ... يَضــــرّكمُ لـو كان عنــــدكمُ الكلُ

نأيتــــم فغـيرَ الدمـــــع لم أرَ وافيــــاً .. سوى زفرةٍ من حَرّ نارِ الجوى تغلو

فسُهـــــدي حــيّ في جفــوني مخلّــدٌ ... ونَومـــي بهـا مَيتٌ ودمعي له غُسْلُ

هوى طَلّ ما بين الطلــولِ دمي فمِن ... جفوني جَرى بالسَّفْحِ من سَفْحِهِ وَبْلُ

تـَبَـــالــَهَ قوْمــي إذ رأوْنـــي مـُتيـّمــا ... وقالـــوا بمـن هذا الفتى مسّه الخبلُ

ومــاذا عســـى عني يُقـالُ سوى غدا ... بِنـُعْــمٍ لَهُ شُغـْـلٌ نَعَـمْ لي بها شُغـْـلُ

إذا أنـْعَمـــتْ نـُعـْــمٌ علــيّ بِنـَظـــرةٍ ... فلا أَسعدتْ سُعدى ولا أَجْملتْ جُمْلٌ

وقــدْ علمـــوا أني قَتيــلُ لِحــــاظـِها ... فــإن لهــا فــي كل جــارحةٍ نَصْـلُ

حـــديثي قديمٌ فـــي هـــواها ومـا له ... كمـــا عَلِمـَـتْ بَعـْــدٌ وليـسَ لها قَبْلُ

ومــا لي مِثـْـلٌ في غـَرامي بهـا كما ... غـَـدَتْ فِتـْنـَةً في حُسْـنها ما لها مِثْلُ

ولــي هِمـّــةٌ تَعلــو إذا ما ذكـرْتـُهــا ... وروحٌ بذكـراها إذا رَخُصــتْ تـَغلو

جَرى حُبّها مَجرى دمي في مَفاصلي ... فأصبح لي عــن كل شُغْلٍ بها شُغلُ

وفي حبــِّها بِعْــتُ السعــادةَ بالشـقـا ... ضـلالا وعقلي عـن هدايَ بهِ عَقلُ

وقلــــت لرُشـدي والتنسـُّـكِ والتـُّقى ... تَخلُوا ومــا بيني وبين الهوى خَلُّوا

وفرّغت قلبي عن وجوديَ مُخلصا ... لعلــيَ في شُغـلي بها معهــا أخلــو

ومن أجلِهـا أسعى لمـن بيننا سعى ... وأعــدو ولا أغــدو لمن دأبُهُ العَذْلُ

فأرتـــاحُ للواشـــينَ بَينـي وبينـهــا ... لتعلــمَ مــا أَلقــى ومــا عنـدها جَهْلُ

وأصبـُوا إلى العـُـذّالِ حـُبـا لذكرها ... كأنهــم مـا بيننا فــي الهــوى رُسْـلُ

فإن حدّثـــوا عنهـــا فكُلي مَسامعٌ ... وكـُـلـّيَ إن حَدّثـتـُهــمْ ألســـنٌ تـَتـلـو

تخــالفـــتِ الأقـــوالُ فينـــا تبايُـنـا ... بــرَجــمِ ظنــونٍ بيننا مـا لها أصـلُ

فشنـّعَ قــومٌ بالوصـالِ ولــمْ تـَصِلْ ... وأرْجَــف بالسلــوانِ قـومٌ ولـم أَسْـلُ

فما صَدَقَ التشنيعُ عنهـــا لِشَقوتي ... وقــد كَذَبَــتْ عـني الأراجيفُ والنُقْلُ

وكيفَ أُرجّي وَصْلَ من لو تَصوّرتْ ... حِماها المُنى وَهْماً لضاقتْ بها السُبْلُ

وإن وَعَـدَتْ لم يَلحـــقِ الفِعـلُ قَولهــا ... وإن أوعـــدتْ بالقــولِ يَسبِقـُهُ الفِعْـلُ

عديني بوَصــلٍ وامْطـُـلي بِنَجـــــازه ... فعندي إذا صحّ الهـوى حَسُنَ المَطْـلُ

وحـرمةِ عهــــد بينَنـَا عنــــهُ لـم ... بأيـدٍ بينـَنـا مـــا لــــه حـَـلُّ

لأنْتِ على غَيْظِ النوى ورضى الهوى ... لـــدي وقلبــي ســاعةً مِنـكِ ما يَخلو

تـُرى مُقلتي يوماً تــَـرى من أُحبــّهــم ... ويَعـتـبـُـني دَهْـري ويَجتمعُ الشـَّـمْـلُ

ومـــا بَرِحــوا مَعنىً أراهمْ معــي فإن ... نأوا صورةً فـي الذهنِ قامَ لهم شَكْلُ

فهم نُصْبُ عيني ظاهرا حيثما سَرَوا ... وهُــمْ فـي فـؤادي باطنـا أينمــا حَلُّوا

لهــم أبــدا منــي حُنـُـوٌّ وإن جـَـفـَوْا ... ولــي أبــــدا مَيْـلٌ إليهـمْ وإن مَلـُّــوا

أسد نجد 08-03-2012 12:49 AM

رد: وقـفـات مع الشعر والشعراء
 
من روائع شعر الحكمة للشاعر صالح بن عبد القدوس


فدَّعِ الصِّبا فلقدْ عداكَ زمانُهُ ** وازهَـدْ فعُمـرُكَ مـرَّ منـهُ الأطيَـبُ

ذهبَ الشبابُ فما له منْ عودةٍ ** وأتَى المشيبُ فأيـنَ منـهُ المَهـربُ


دَعْ عنكَ ما قد كانَ في زمنِ الصِّبا ** واذكُر ذنوبَكَ وابِكها يـا مُذنـبُ


واذكرْ مناقشةَ الحسابِ فإنه ** لا بَـدَّ يُحصـي مـا جنيـتَ ويَكتُـبُ


لم ينسَـهُ الملَكـانِ حيـنَ نسيتَـهُ ** بـل أثبتـاهُ وأنـتَ لاهٍ تلعـبُ


والرُّوحُ فيكَ وديعـةٌ أودعتَهـا ** ستَردُّهـا بالرغـمِ منـكَ وتُسلَـبُ


وغرورُ دنيـاكَ التـي تسعـى لهـا ** دارٌ حقيقتُهـا متـاعٌ يذهـبُ


والليلُ فاعلـمْ والنهـارُ كلاهمـا ** أنفاسُنـا فيهـا تُعـدُّ وتُحسـبُ


وجميعُ مـا خلَّفتَـهُ وجمعتَـهُ ** حقـاً يَقينـاً بعـدَ موتِـكَ يُنهـبُ


تَبَّـاً لـدارٍ لا يـدومُ نعيمُهـا ** ومَشيدُهـا عمّـا قليـلٍ يَـخـربُ


فاسمعْ هُديـتَ نصيحـةً أولاكَهـا ** بَـرٌّ نَصـوحٌ للأنـامِ مُجـرِّبُ


صَحِبَ الزَّمانَ وأهلَه مُستبصراً ** ورأى الأمورَ بمـا تـؤوبُ وتَعقُـبُ


لا تأمَنِ الدَّهـرَ الخَـؤُونَ فإنـهُ ** مـا زالَ قِدْمـاً للرِّجـالِ يُـؤدِّبُ


وعواقِبُ الأيامِ في غَصَّاتِهـا ** مَضَـضٌ يُـذَلُّ لـهُ الأعـزُّ الأنْجَـبْ


فعليكَ تقوى اللهِ فالزمْهـا تفـزْ ** إنّ التَّقـيَّ هـوَ البَهـيُّ الأهيَـبُ


واعملْ بطاعتِهِ تنلْ منـهُ الرِّضـا ** إن المطيـعَ لـهُ لديـهِ مُقـرَّبُ


واقنعْ ففي بعضِ القناعةِ راحةٌ ** واليأسُ ممّا فـاتَ فهـوَ المَطْلـبُ


فإذا طَمِعتَ كُسيتَ ثوبَ مذلَّةٍ ** فلقـدْ كُسـيَ ثـوبَ المَذلَّـةِ أشعـبُ


وابـدأْ عَـدوَّكَ بالتحيّـةِ ولتَكُـنْ ** منـهُ زمانَـكَ خائفـاً تتـرقَّـبُ


واحـذرهُ إن لاقيتَـهُ مُتَبَسِّمـاً ** فالليـثُ يبـدو نابُـهُ إذْ يغْـضَـبُ


إنَّ العدوُّ وإنْ تقادَمَ عهـدُهُ ** فالحقـدُ بـاقٍ فـي الصُّـدورِ مُغيَّـبُ


وإذا الصَّديـقٌ لقيتَـهُ مُتملِّقـاً ** فهـوَ العـدوُّ وحـقُّـهُ يُتجـنَّـبُ


لا خيرَ فـي ودِّ امـريءٍ مُتملِّـقٍ ** حُلـوِ اللسـانِ وقلبـهُ يتلهَّـبُ


يلقاكَ يحلفُ أنـه بـكَ واثـقٌ ** وإذا تـوارَى عنـكَ فهـوَ العقـرَبُ


يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسانِ حلاوةً ** ويَروغُ منكَ كمـا يـروغُ الثّعلـبُ


وَصِلِ الكرامَ وإنْ رموكَ بجفوةٍ ** فالصفحُ عنهـمْ بالتَّجـاوزِ أصـوَبُ


واخترْ قرينَكَ واصطنعهُ تفاخراً ** إنَّ القريـنَ إلـى المُقـارنِ يُنسـبُ


إنَّ الغنيَ من الرجالِ مُكـرَّمٌ ** وتـراهُ يُرجـى مـا لديـهِ ويُرهـبُ


ويُبَشُّ بالتَّرحيـبِ عنـدَ قدومِـهِ ** ويُقـامُ عنـدَ سلامـهِ ويُقـرَّبُ


والفقرُ شينٌ للرِّجالِ فإنـه ** حقـاً يهـونُ بـه الشَّريـفُ الأنسـبُ


واخفضْ جناحَكَ للأقاربِ كُلِّهـمْ ** بتذلُّـلٍ واسمـحْ لهـمْ إن أذنبـوا


ودعِ الكَذوبَ فلا يكُنْ لكَ صاحباً ** إنَّ الكذوبَ يشيـنُ حُـراً يَصحـبُ


وزنِ الكلامَ إذا نطقـتَ ولا تكـنْ ** ثرثـارةً فـي كـلِّ نـادٍ تخطُـبُ


واحفظْ لسانَكَ واحترزْ من لفظِهِ ** فالمرءُ يَسلَـمُ باللسـانِ ويُعطَـبُ


والسِّرُّ فاكتمهُ ولا تنطُـقْ بـهِ ** إنَّ الزجاجـةَ كسرُهـا لا يُشعَـبُ


وكذاكَ سرُّ المرءِ إنْ لـمْ يُطـوهِ ** نشرتْـهُ ألسنـةٌ تزيـدُ وتكـذِبُ


لا تحرِصَنْ فالحِرصُ ليسَ بزائدٍ ** في الرِّزقِ بل يشقى الحريصُ ويتعبُ


ويظلُّ ملهوفـاً يـرومُ تحيّـلاً ** والـرِّزقُ ليـسَ بحيلـةٍ يُستجلَـبُ


كم عاجزٍ في الناسِ يأتي رزقُـهُ ** رغَـداً ويُحـرَمُ كَيِّـسٌ ويُخيَّـبُ


وارعَ الأمانةَ ، والخيانةَ فاجتنبْ ** واعدِلْ ولا تظلمْ يَطبْ لـكَ مكسَـبُ


وإذا أصابكَ نكبةٌ فاصبـرْ لهـا ** مـن ذا رأيـتَ مسلَّمـاً لا يُنْكـبُ


وإذا رُميتَ من الزمانِ بريبـةٍ ** أو نالـكَ الأمـرُ الأشـقُّ الأصعـبُ


فاضرعْ لربّك إنه أدنى لمنْ ** يدعـوهُ مـن حبـلِ الوريـدِ وأقـربُ


كُنْ ما استطعتَ عن الأنامِ بمعزِلٍ ** إنَّ الكثيرَ من الـوَرَى لا يُصحـبُ


واحذرْ مُصاحبةَ اللئيم فإنّهُ ** يُعدي كمـا يُعـدي الصحيـحَ الأجـربُ


واحذرْ من المظلومِ سَهماً صائباً ** واعلـمْ بـأنَّ دعـاءَهُ لا يُحجَـبُ


وإذا رأيتَ الرِّزقَ عَزَّ ببلـدةٍ ** وخشيـتَ فيهـا أن يضيـقَ المذهـبُ


فارحلْ فأرضُ اللهِ واسعةَ الفَضَا ** طولاً وعَرضاً شرقُهـا والمغـرِبُ


فلقدْ نصحتُكَ إنْ قبلتَ نصيحتي ** فالنُّصحُ أغلى مـا يُبـاعُ ويُوهَـبُ

أسد نجد 11-03-2012 10:04 AM

رد: وقـفـات مع الشعر والشعراء
 
فيه واحد شاف توقيع بنت في منتدى هالبيت:


أبوي يذبح للنشاما مفاطيح ... وأنا برمش العين أذبح نشاما




ورد على هالبيت بقصيدة .. يقول فيها:



أبوك نشمي عادته هبت الريح ... يكرم الضيفان طبع الحشاما



ماكل من حط اللثامه ذوابيح ... العنز يذبح رمشها فاللثاما



أنتي أهتمامك فالشعر والتساريح ... والخافي أعظم في حلال وحراما



مغير أكل ونوم صرتوا دراميح ... متكمكه كبر الجمل والنعاما



بنات آخر وقت وعقولكم ميح ... أمثالكن نقرأ عليها السلاما



العود فالمسجد يصلي التراويح ... يطلب عفو ربه بشهر الصياما



وأنتن مع السواق دايم مراويح ... يومي شليلك واللثايم تواما



سواقكم يشكي على أبوك ويصيح ... يقول يابابا ماذوق المناما



وبعض البني لاوالله الا طحاطيح ... متحشمه ولها علينا أحتراما

أسد نجد 14-03-2012 11:58 AM

رد: وقـفـات مع الشعر والشعراء
 
شيله رآئعة لسعد اليامي

لقصيدة : الشيخ راكان بن حثلين





يا مـا حلا الفنجـال مـع سيحة البـال---فــي مـجلسن ما فيــه نفس(ن) ثقيـله

هـذا ولــد عـم وهـــذا ولـد خال---وهذا رفيق مـا لـقـيـنـا مـثـيلـه

يـا لـيـت رجـال يـبـدل بـرجــال---ويا ليت فـي بــدلا الـرياجيل حيله

يـا بـو هـــلا طير الهوى خبث البال---الطـيـر نـزر والـحـبــارى قـليله

يـا الله يـا الـلي طـالبه مـا بـعد فال---يا اللي مــن الضـيـفـات نجى دخيله

أفــرج لـمـن قـلبه غـدا فيه ولوال---والنوم ما جـــــا عـيـنه الا قليله

لا مـن ذكـرت ارموس عصر لنا…زال---شـوف الـفياض وفقد عـــز القبيله

يـا زيـن شدتهـم آليـا روح الـمـال---يتلـون بـراق حــقــوق مـخيلـه

يســقـى خصيـفا والثمان أرضها سال---مـرتـع معطره السيــــوف الصقيله

عـجـمـان لا ركـبـوا على كل شملال---يفرح بهم راعـــى الـنـياق الهزيله

مـن جــو سـاقـان إلى السيف همال---وينوش حسنــــا والـرديـفة هميله

ولا قــادنـا مـن يـمـه الـقفر خيال---يـصـبح شديد البدو عــــجل رحيله

قــاد السـلـف واستجنبوا كل مشوال---والعصر يا محـلا تخيبـط نـزيــلـه

وإن شرف البادي عـلى روس الأقـذال---والـمـا كـثـر الـــزول زود جفيله

تـلافـحـت مـا بينــا شهـب الاذيال---ومن ضيع الـــمفتاح يـا عـزتى لـه

ركـبـوا على طوعاتهم كــل عيــال---وكل لبلج يحـرى بـكــــسب النفيله

تـغانـموا المـفزاع ذربيـن الافعــال---مـن قبـل تسبق غارة تنثنـــى لـه

يبغون طوعـه روسـهن قبل الادمــال---وتـغانمـوا خلف كــثـير هـجيلــه

وحال الكمى مــن دون عطرات الاجهال---ومروا ولحقوا مقحــمين الدبيلــــه

واللــى تريض عقبهم يلبـس الشــال---من صنــع داود دروع ثقيــلــــه

يلزم عليهم علة عـقب الانـهــــال---ومن غارته لـزم يـضيع دليـــلــه

والدم مـن قحص الرمـك يثعل اثعــال---يزعج عــلى وروك السبايـا وشيــله

هـذى براعيها مـن المعرقه مـــاله---وهـذى شكـلها مطرق مــا تشيــله

من وقـع كـل مجرب قدله افـعـــال---وفـروخ صـاد الحبارى فـصيــــله

ولـيـا ركبنا فوق عـجــلات الازوال---وبايمنـا حـدب السيوف الصقيلــــه

ومـا حـن نحسب لا شتـبك عج واكتال---وتـرك صـبى يفتنع بالفــشيــلــه

وصلاة ربي عـد مـا زايـــــل زال---على نبى الحـق راعـى الفــضيــله

وسلامتكم

أسد نجد 29-03-2012 01:06 AM

رد: وقـفـات مع الشعر والشعراء
 

رَجَـعْـتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتِي

شاعر النيل
حافظ ابراهيم

هذه القصيدة قالها شاعر النيل "حافظ إبراهيم " مدافعا ومنافحا عن اللغة العربية ، اللغة التي يفتخر بها العرب والمسلمون ويعتزون بها ، فهي تحفظ كتابهم وتشريعهم ، وتعبر عن علومهم وآدابهم.. حين تعالى الهمس واللمز حولها في أوساط رسمية وأدبية، وعلى مسمع ومشهد من أبنائها واشتد الهمس وعلا، واستفحل الخلاف وطغى، فريق يؤهلها لاستيعاب الآداب والمعارف والعلوم الحديثة، وفريق جحود ، يتهمها بالقصور والبلى وبالضيق عن استيعاب العلوم الحديثة.. ولكن حافظاً الأمين على لغته الودود لها يصرخ بوجوه أولئك المتهامسين والداعين لوأدها في ربيع حياتها بأن يعودوا إلى عقولهم ويدركوا خزائن لغتهم فنظم هذه القصيدة يخاطب بلسانها قومه ويستثير ولاءهم لها وإخلاصهم لعرائسها وأمجادها.

بدأت الدعوة لهدم اللغة العربية سنة 1881م ، حين اقترح (( المقتطف )) كتابة العلوم بلغة الحديث ، ودعا رجال الفكر إلى بحث اقتراحه ومناقشته ، ثم هاجت المسألة مرة أخرى سنة 1902م ؛ حين ألّف ( ولمور ) أحد قضاة محكمة الاستئناف الأهلية في مصر ، من الإنجليز ، كتاباً عما سماه لغة القاهرة ، وضع لها فيه قواعد ، واقترح اتخاذها لغة للعلم والأدب ؛ كما اقترح كتابتها بالحروف اللاتينية ، فحملت عليه الصحف ؛ مشيرة إلى موضع الخطر من هذه الدعوة التي لا تقصد إلا محاربة الإسلام في لغته .

وفي هذه السَّنة كتب حافظ إبراهيم قصيدته المشهورة التي مطلعها :

رَجَعتُ لِنَفسي فَاتَّهَمتُ حَصَاتي ** وَنَادَيتُ قَومي فَاحتَ سَبتُ حَياتِي

واشتعل أُوار الدعوة من جديد ؛ سنة 1926م ، حين دعا إنجليزي آخر ، كان يعمل مهندساً للريّ في مصر ؛ وهو السير وليم ولكوكس ، إلى هجر اللغة العربية ، وخطا بهذا الاقتراح خطوة عملية ، فترجم أجزاء من الإنجيل لما سماه (( اللغة المصرية )) ، وأشاد سلامة موسى بالسير ولكوكس ، وأيده ، فثارت لذلك ثائرة الناس من جديد ، وعادوا امهاجمة الفكرة ، والتنديد بما يكمن وراءها من الدوافع السياسية .

ولكن الدعوة استطاعت أن تجتذب نفراً من دعاة الجديد هذه المرة ، وبخاصة عند الحديث عن الكماليين ( نسبة إلى كمال أتاتورك – صانع تركيا الحديثة -) وصنيعهم من استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية ، وترجمة القرآن للغة التركية والزام الناس بالتعبد به ، وتحريم تدريس العربية في غير معاهد دينية محددة ، وضُِعَت تحت الرقابة الشديدة ، وقد مضوا من بعد في مطاردة الكلمات العربية الأصل ينفونها من اللغة التركية كلمة كلمة ، وقد انتشرت هذه الدعوة ؛ حتى تسربت إلى المسرح باتخاذ اللهجة السوقيّة ، واستطاعت الدعوة أن تتسلل إلى (( مجمع اللغة العربية )) في القاهرة ، فكتب عضو المجمع عيسى إسكندر المعلوف – المعروف بعدائه الصريح للعربية – مقالات عن اللهجة العربية العامية .

وقد انتحلوا حججاً واهية من بينها : أن قواعدها صعبة ، والكتابة فيها غير ميسرة ، وأن التطور قد أصاب اللغات الأوروبية ، فَلِمَ لا تتطور لغتنا كما تطورت لغاتهم ؟ وقد كتبت مقالات المعلوف في (( مجلة مجمع اللغة العربية )) بين سنتي : شعبان 1353هـ = تشرين الأول ( أكتوبر ) 1934م ، وشعبان 1356هـ تشرين الأول ( أكتوبر ) 1937م .

رَجَـعْـتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتِي

حافظ ابراهيم

رَجَعْتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتِي
وناديْتُ قَوْمِي فاحْتَسَبْتُ حياتِي

رَمَوني بعُقمٍ في الشَّبابِ وليتَني
عَقِمتُ فلم أجزَعْ لقَولِ عِداتي

وَلَدتُ ولمَّا لم أجِدْ لعرائسي
رِجالاً وأَكفاءً وَأَدْتُ بناتِي

وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغاية ً
وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ

فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلة ٍ
وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ

أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي

فيا وَيحَكُم أبلى وتَبلى مَحاسِني
ومنْكمْ وإنْ عَزَّ الدّواءُ أساتِي

فلا تَكِلُوني للزّمانِ فإنّني
أخافُ عليكم أن تَحينَ وَفاتي

أرى لرِجالِ الغَربِ عِزّاً ومَنعَة ً
وكم عَزَّ أقوامٌ بعِزِّ لُغاتِ

أتَوْا أهلَهُم بالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً
فيا ليتَكُمْ تأتونَ بالكلِمَاتِ

أيُطرِبُكُم من جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ
يُنادي بِوَأدي في رَبيعِ حَياتي

ولو تَزْجُرونَ الطَّيرَ يوماً عَلِمتُمُ
بما تحتَه مِنْ عَثْرَة ٍ وشَتاتِ

سقَى اللهُ في بَطْنِ الجزِيرة ِ
أَعْظُماً يَعِزُّ عليها أن تلينَ قَناتِي

حَفِظْنَ وِدادِي في البِلى وحَفِظْتُه
لهُنّ بقلبٍ دائمِ الحَسَراتِ

وفاخَرْتُ أَهلَ الغَرْبِ والشرقُ مُطْرِقٌ
حَياءً بتلكَ الأَعْظُمِ النَّخِراتِ

أرى كلَّ يومٍ بالجَرائِدِ مَزْلَقاً
مِنَ القبرِ يدنينِي بغيرِ أناة ِ

وأسمَعُ للكُتّابِ في مِصرَ ضَجّة ً
فأعلَمُ أنّ الصَّائحِين نُعاتي

أَيهجُرنِي قومِي-عفا الله عنهمُ
إلى لغة ٍ لمْ تتّصلِ برواة ِ

سَرَتْ لُوثَة ُ الافْرَنجِ فيها كمَا سَرَى
لُعابُ الأفاعي في مَسيلِ فُراتِ

فجاءَتْ كثَوْبٍ ضَمَّ سبعين رُقْعة ً
مشكَّلة َ الأَلوانِ مُختلفاتِ

إلى مَعشَرِ الكُتّابِ والجَمعُ حافِلٌ
بَسَطْتُ رجائِي بَعدَ بَسْطِ شَكاتِي

فإمّا حَياة ٌ تبعثُ المَيْتَ في البِلى
وتُنبِتُ في تلك الرُّمُوسِ رُفاتي

وإمّا مَماتٌ لا قيامَة َ بَعدَهُ
مماتٌ لَعَمْرِي لمْ يُقَسْ بمماتِ



أسد نجد 29-03-2012 01:58 AM

رد: وقـفـات مع الشعر والشعراء
 
قصة وقوف ناقة ذو الرمة على ربع الحبيبة ..؟!

وُلد ذو الرمة بصحراء الدهناء بالقرب من بادية اليمامة، حوالي العام 77 للهجرة ..

كان ينزل الكوفة والبصرة، ويطيل النزول فيهما، منذ القرن الثاني للهجرة مادحا رجالاتها،
فبدأ بهلال بن أحوز المازني عام 102 هـ،
واتصل بعبد الملك بن بشر بن مروان،
وبعده عمر بن هبيرة الفزاري، وخالد القسري وأبان بن الوليد، ومالك بن المنذر، وبلال بن أبي بُردة الأشعري، وانتقل بعدها إلى دمشق مادحا هشام عبد الملك، وبعدها إلى مكة ليمدح إبراهيم بن هشام المخزومي ، كان ذو الرمة وأخوه وابن عمه في الصحراء بعد أن خرجوا للبحث عن ابل تاهت عن قبيلتهم حتى وصلوا إلى قبيلة تسكن هناك فأرسلو ذو الرمة ليطلب لهم الماء وعندما وصل إلى الخيمة شاهد مي وهي حفيدة الشاعر قيس بن عاصم فسحر بها وأحبها وكتب فيها ست وخمسين قصيدة طويلة ولكن النهاية كانت أن تزوجت بابن عمها بقرار من أبيها وهذه القصيدة تصف حاله بعد عودته لربع مية..



وقفتُ على ربعٍ لميَّة َ ناقتي
( ذو الرمة )


وقفتُ على ربعٍ لميَّة َ ناقتي
فَمَا زِلْتُ أَبْكِي عِنْدَهُ وأُخَاطِبُهْ
وَأُسْقِيهِ حَتَّى كَادَ مِمَّا أَبِثُّهُ
تُكلِّمُني أحجارُهُ وملاعبهْ
بأجرعَ مقفارٍ بعيدٍ منَ القُرى
فَلاَة ٍ وَحُفَّتْ بِالْفَلاَة ِ جَوَانِبُهْ
بِهِ عَرَصَاتُ الْحَيِّ قَوَّبْنَ مَتْنَهُ
وَجْرَّدَ أَثْبَاجَ الْجَرَاثِيمِ حَاطِبُهْ
تُمَشِّي بِهِ الثّيِرَانُ كُلَّ عَشِيَّة ِ
كما اعتادَ بيتَ المرزُبانِ مرازبُهْ
كَأَنَّ سَحِيقَ الْمِسْكِ رَيَّا تُرَابِهِ
إذا هضبتهُ بالطِّلالِ هواضبهْ
إذا سيَّرَ الهيفُ الصَّهيلَ وأهلَهُ
مِنَ الصَّيْفِ عَنْهُ أَعْقَبَتْهُ نَوَازِبُهْ
نَظَرْتُ إِلَى أَظْعَانِ مَيّ كَأَنَّهَا
مولّية ً ميسٌ تميلُ ذوائبهْ
فأبديتُ منْ عينيَّ والصدرُ كاتمٌ
بِمُغْرَوْرِقٍ نَمَّتْ عَلَيْهِ سَوَاكِبُهْ
هَوَى آلِفٍ جآءَ الْفِرَاقُ فَلَمْ تُجِلْ
جوَآئِلَهَا أَسْرَارُهُ وَمَعَاتِبُهْ
ظَعَآئِنُ لَمْ يَحْلُلْنَ إِلاَّ تَنُوفَة ً
عَذَاة ً إِذَا مَا الْبَرْدُ هَبَّتْ حَنَائِبُهْ
تعرَّجنَ بالصَّمّانِ حتَّى تعذَّرتْ
عَلَيْهِنَّ أَرْبَاعُ اللّوَى وَمَشَارِبُهْ
وَحَتَّى رَأَيْنَ الْقِنْعَ مِنْ فَاقِىء ِ السَّفَا
قدِ انتسجتْ قريانهُ ومذانبهُ
وَلاَ زَالَ فِي أَرْضِي عَدُوٌّ أُحَارِبُهْ
أساريعُ معروفٍ وصرَّتْ جنادبهْ
فأصبحنْ بالجرعاءِ جرعاءِ مالكٍ
وآلُ الضُّحى تزهى الشُّبوحَ سبائبهْ
فَلَمَّا عَرَفْنَا آيَة َ البَيْنِ بَغْتَة ً
ورُدَّتْ لأحداجِ الفراقِ ركائبهْ
وَقَرَّبْن لِلأَظْعَانِ كُلَّ مُوَقَّعٍ
مِنَ الْبُزْلِ يُوفِي بالْحَوِيَّة ِ غَارِبُهْ
ولم يستطعْ إلفٌ لإلفٍ تحيَّة ً
منَ الناسِ إلاّ أنْ يسلِّمَ حاجبهْ
تراءى لنا منْ بينِ سجفينِ لمحة ً
غزالٌ أحمُّ العينِ بيضٌ ترائبهْ
إِذَا نَازَعَتْكَ الْقَوْلَ مَيَّة ُ أَو بَدَا
لكَ الوجهُ منها أو نضا الدَّرعَ سالبهْ
فيا لكَ من خدٍّ أسيلٍ ومنطقٍ
رخيمٍ ومنْ خلقٍ تعلَّلَ جادبُهْ
أَلاَ لاَ أَرَى مِثْلَ الْهَوَى دَآءَ مُسْلِمٍ
كَرِيمٍ وَلاَ مِثْلَ الْهَوَى لِيْمَ صَاحِبُهْ
مَتَى يَعْصِهِ تُبْرِحْ مُعَاصَاتُهُ بِهِ
وَإِنْ يَتَّبِعْ أَسْبَابَهُ فَهْوَ غَالِبُهْ
مَتَى تَظْعَنِي يَا مَيُّ عَنْ دَارِ جِيرَة ٍ
لَنَا وَالْهَوَى بَرْحٌ عَلَى مَنْ يُغَالِبُهْ
أَكُنْ مِثْلَ ذِي الأُلاَّفِ لُزَّتْ كُرَاعُهُ
إلى أختها الأخرى وولَّى صواحبهُ
تَقَاذَفْنَ أَطْلاَقاً وَقَارَبَ خَطْوَهُ
عنِ الذَّودِ تقييدٌ وهنَّ حبائبهْ
نأينَ فلا يسمعنَ إنْ حنَّ صوتهُ
وَلاَ الْحَبْلُ مُنْحَلٌّ وَلاَ هُوَ قَاضِبُهْ
وأشعثَ قدْ قايستهُ عرضَ هوجلٍ
سَوَآءٌ عَلَيْنَا صَحْوُهُ وَغيَاهِبُهْ
ومُخترَقٍ خاوي الممرِّ قطعتهُ
بِمُنْعَقِدٍ خَلْفَ الشَّرَاسِيْفِ حَالِبُهْ
يَكَادُ مِنَ التَّصْدِيرِ يَنْسَلُّ كُلَّمَا
ترنَّمَ أو مسَّ العمامة َ راكبهْ
طويلِ النَّسا والأخدعينِ عُذافرٍ
مُضَبَّرَة ٍ أَوْرَاكُهُ وَمنَاكِبُهْ
كأنَّ يماميّاً طوى فوقَ ظهرهِ
صفيحاً يُداني بينهُ ويُقاربهْ
إِذَا عُجْتُ مِنْهُ أَوْ رَأَى فَوْقَ رَحْلِهِ
تَحَرُّكَ شَيءٍ ظَنَّ أَنِّيَ ضَارِبُهْ
كأنِّي ورحلي فوقَ سيِّدِ عانة ٍ
منَ الحقبِ زمامٍ تلوحُ مَلاحبُهْ
رَعَى مَوْقِع الْوَسْمِيِّ حَيْثُ تَبَعَّقَتْ
عزالي السَّواحي وارثعنَّتْ هواضبهْ
لهُ واحفٌ فالصُّلبُ حتى تقطَّعتْ
خلافَ الثُّريَّا منْ أريكٍ مآربُهْ
يُقلِّبُ بالصَّمانِ قوداً جريدة ً
ترامى به قيعانهُ وأخاشبهْ
وَيَوْمٍ يُزِيرُ الظَّبْيَ أَقْصَى كِنَاسِهِ
وتنزو كنزوِ المُعلقاتِ جنادبُهْ
أَغَرَّ كَلَوْنِ الْمِلْحِ ضَاحِي تُرَابِهِ
إِذَا اسْتَوْقَدَتْ حِزَّانُهُ وَسَبَاسِبُهْ
تلثَّمتُ فاستقبلتُ منْ عنفوانهِ
أُوَاراً إِذَا مَا أَسْهَلَ اسْتَنَّ حَاصِبُهْ
إذا جعلَ الحرباءُ يبيضُّ لونهُ
وَيَخْضَرُّ مِنْ لَفْحِ الْهَجِيرِ غَبَاغِبُهْ
وَيَشْبَحُ بِالْكَفَّيْنِ شَبْحاً كَأَنَّهُ
أَخُو فُجْرَة ٍ عَالَى بِهِ الْجِذْعَ صَالِبُهْ
عَلَى ذَاتِ أَلَوَاحٍ طِوَالٍ وَكَاهِلٍ
أنافتْ أعاليه ومارتْ مناكبهْ
وَأَعْيَس قَدْ كَلَّفْتُهُ بُعْدَ شُقَّة ٍ
تعقَّدَ منهُ أبيضاهُ وحالبهْ
متى يُبلني الدهر الذي يرجعُ الفتى
على بدئهِ أو تشتعبني شواعبهْ
ركبتُ بهِ عوصاءَ ذاتَ كريهة ٍ
وَزَوْرَآء حَتَّى يَعْرِفَ الضَّيْمَ جَانِبُهْ
وأزورَ يمطو في بلادٍ عريضة ٍ
تعاوى به ذؤبانهُ وثعالبهْ
إلى كلِّ ديّارٍ تعرَّفنَ شخصهُ
من القفرِ حتى تقشعِرَّ ذوائبهْ
تعسَّفتهُ أسري على كورِ نضوة ٍ
تُعاطي زمامي تارة ً وتُجاذبهْ
أَخُو قَفْرَة ٍ مُسْتَوْحِشٌ لَيْسَ غَيْرُهُ
ضعيفُ النِّداءِ أصحلُ الصَّوتِ لاغبهْ
منَ اللَّيلِ جوزٌ واسبطرَّتْ كواكبهْ
إِلَى كَوْكَبٍ يَزْوِي لَهُ الْوَجْهَ شَارِبُهْ
إِلَى الْمَآءِ حَتَّى انْقَدَّ عَنْهَا طَحَالِبُهْ
فجاءتْ بسَجلٍ طعمه منْ أُجونهِ
كما شابَ للمورودِ بالبولِ شائبهْ
وجاءتْ بنسجٍ منْ صناعٍ ضعيفة ٍ
تنوسُ كأخلاقِ الشَّفوفِ ذعالبهْ
هِيَ انْتَسَجَتْهُ وَحْدَهَا أَوْ تَعَاوَنَتْ
على نسجهِ بينَ المثابِ عناكبهْ
دفقناهُ في بادي النَّشيئة ِ داثرٍ
قَدِيمٍ بِعَهْدِ النَّاسِ بُقْعٍ نَصَآئِبُهْ
على ضُمَّرٍ هيمٍ فراوٍ وعائفٌ
ونائلُ شيءٍ سيِّءُ الشُّربِ قاصبهْ
سُحيراً وآفاقُ السَّماءِ كأنَّها
بِهَا بَقَرٌ أَفْتَآؤُهُ وَقَرَاهِبُهْ
تَؤُمُّ فَتى ً مِنْ آلِ مَرْوَانَ أُطْلِقَتْ
يداهُ وطابتْ في قريشٍ مضاربهْ
بِنَا مَصدَراً وَالْقَرْنُ لَمْ يَبْدُ حَاجِبُهْ
ألا ربَّ منْ يهوى وفاتي ولو أتتْ
وفاتي لذلَّتْ للعدوِّ مراتبهْ
وَقَآئِلَة ٍ تَخْشَى عَلَيَّ أَظُنُّهُ
سيودي بهِ ترحالهُ ومذاهبُهْ

غـــرور 29-03-2012 04:42 AM

رد: وقـفـات مع الشعر والشعراء
 
لله درك أسد نجد
متصفح راقي متشبع بكل جميل
أشكرك جزيل الشكر.

أسد نجد 29-03-2012 01:38 PM

رد: وقـفـات مع الشعر والشعراء
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غـــرور (المشاركة 1583406)
لله درك أسد نجد
متصفح راقي متشبع بكل جميل
أشكرك جزيل الشكر.

شهادة أعتز بها من علّية أهل الذوق

سلمت أنامل خّطت الشكر

تقبلي إمتناني أيتها الفاضلة

أسد نجد 30-03-2012 12:38 AM

رد: وقـفـات مع الشعر والشعراء
 
شعر الطبيعة في الأدب الأندلسي

توطئة:

ما لبث العرب إن استقروا في الأندلس، ورحل إليها شعراؤهم، حتى بدأ الشعر الأندلسي يشق طريقه إلى الوجود، ويقوى، وتتنوع فنونه، و لم ينقض وقت طويل، حتى نظم الأندلسيون أشعارهم...
ومما يلفت النظر شيوع الشعر في المجتمع الأندلسي، إذ لم يكن الشعر وقفًا على الشعراء المحترفين وإنما شاركهم في ذلك الأمراء والوزراء والكتاب والفقهاء والفلاسفة والأطباء وأهل النحو واللغة وغيرهم. فالمجتمع الأندلسي بسبب تكوينه الثقافي القائم على علوم العربية وآدابها، ثم طبيعة الأندلس التي تستثير العواطف وتحرك الخيال، كل ذلك جعل المجتمع يتنفس الشعر طبعًا وسليقة وكأنما تحول معظم أهله إلى شعراء.)

الشعر في الأندلس:

والشعر في الأندلس امتداد للشعر العربي في المشرق؛ فقد كإن الأندلسيون متعلقين بالمشرق، ومتأثرين بكل جديد فيه عن طريق الكتب التي تصل إليهم منه، أو العلماء الذين يرحلون من الشرق أو الأندلسيين الذين يفدون إلى الشرق للحج أو لطلب العمل؛ وكانوا في غالب أمرهم مقلدين للمشارقة، ويبدو ذلك واضحاً في ألقاب الشعراء وفي معارضاتهم لشعراء المشرق. ولكن هذا التقليد لم يمنعهم من الإِبداع والابتكار، والتميز بميزات تخصهم نتيجة لعوامل كثيرة،. ويمثل الشعر خاصة أحد جوانب الحضارة العربية الأندلسية، حيث عبر عن قوالب تلك الحضارة وعن مضمونها
من الموضوعات التي شاعت في الأندلس وازدهرت كثيراً شعرالطبيعة
فقد وهب الله الأندلس طبيعة ساحرة ووافرة جمالاً.. جبالها الخضراء وسهولها الجميلة، وتغريد طيورها على أفنان أشجارها... كل ذلك له أثره في جمال الأندلس التي تنعم بيئتها بالجمال , وتصطبغ بظلال, وارفة, و ألوان ساحرة, تتنفس بجو عبق عطر يضاعف من روعته وبهائه ما يتخلل جنباتها من مواطن السحر,ومظاهر الفتنة التي تبعث الانبهار والدهشة في النفوس. وقد أنعكس ذلك في شعر الأندلسيين بشكل عام, حيث ازدحم بصور متنوعة ملونة تمثل البيئة الطبيعية في هذه الرقعة المسماة بالأندلس. ومن هنا تشكلت صورة الأندلس في الأذهان متقاربة في أوصافها وألوانها وقسماتها...

هذه الصورة على العموم تأخذ عطرها وعبقها وملامحها وألوانها من الطبيعة,
فهي أقرب إلى لوحة فنية ناطقة, إنها بستان زاهٍ أو حديقة غناء أو واحة خضراء.

وهذا ولا شك ما جعل وصف الطبيعة من ابرز أغراض الشعر عند شعراء الأندلس،
حيث تهيائت لهم أسباب الشعر ودواعيه فشغفت بها القلوب وهامت بها النفوس.

ومن هنا نجد تَعَلُّق الأندلسيين بها، يسرحون النظر في خمائلها،
وأخذ الشعراء والكتاب ينظمون درراً في وصف رياضها ومباهج جنانها.

يقول ابن خفاجة:

يا أهل الأندلس لله دركم ماء وظل وأنهار وأشجار
ماجنة الخلد إلا في دياركم ولو تخيرت هذا كنت اختار

و قال آخر:

حـبذا أنـدلسٍ من بـلدٍ لم تـزل تنتج لـي كل سـرورْ
طـائرٌ شادٍ وظـلٌ وارفٌ ومـياهٌ سائحـاتٌ وقـصــور


ولم يكن جمال الطبيعة في الأندلس هو وحده الذي ساعد على ازدهار شعر الطبيعة هذا،
بل أن حياة المجتمع الأندلسي أثرت أيضاً في هذا الشعر، الذي يمثل تعلق الشعراء الأندلسيين ببيئتهم وتفضيلها على غيرها من البيئات،
ولكون الشعر عندهم يصف طبيعة الأندلس سواء الطبيعية أو الصناعية،
فهم يصورونها عن طريق الطبيعة كما أبدعها الله في الحقول والرياض والأنهار والجبال والسماء والنجوم،
ويصفونها كما صورها الفن لديهم في القصور والمساجد والبرك والأحواض وغيرها

و قد كان وصف الطبيعة في الشعر العربي منذ العصر الجاهلي إذ وصف الشعراء صحراءهم
وتفننوا في وصفها لكن هذا الوصف لم يتعد الجانب المادي وفي العصر الأموي والعباسي
عندما انتقل العرب المسلمون إلى البلدان المفتوحة وارتقت حياتهم الاجتماعية
أضافت على وصف الطبيعة وصف المظاهر المدنيَّة والحضارة وتفننوا ,
فمن ذلك فقد وصف الطبيعة عند الشعراء العباسيين أمثال النجدي والصنوبري
وأبي تمام وأبي بكر النجدي الذي عاش في بيئة حلب ولكن ما الجديد الذي جاء به الأندلسيون
بحيث أن هذا الموضوع أصبح من الأغراض والموضوعات التي عرف بها أصل الأندلس.

عوامل ازدهار شعر الطبيعة في الشعر الأندلسي:

• ازدهار الحضارة العربية في الأندلس ازدهارا كبيرا وهذا الازدهار الذي شمل جميع جوانب الحياة الأندلسية .

• جمال الطبيعة الأندلسية التي افتتن بها شعراء الأندلس
وتعلقوا بها وفصَّلوا في وصفها والتغني بمفاتنها .

• ازدهار مجالس الأنس والبهجة واللهو حيث كانت هذه المجالس تُعقدُ في أحضان الطبيعة .

خصائص شعر الطبيعة

• أفرد شعراء الطبيعة في الأندلس قصائد مستقلة ومقطوعات شعرية خاصة في هذا الغرض
بحيث تستطيع هذه القصائد باستيعاب طاقة الشاعر التصويرية وخياله التصوري ,
غير الالتزام الذي تسير عليه القصيدة العربية فلم يترك الشاعر زاوية من زوايا الطبيعة إلا وطرقها .

• يعتبر شعر الطبيعة في الأندلس صورة دقيقة لبيئة الأندلس ومرآة صادقة لطبيعتها وسحرها وجمالها
فقد وصفوا طبيعة الأندلس الطبيعية والصناعية مُمَثَّلة في الحقول والرياض والأنهار والجبال وفي القصور والبرك والأحواض .

• تُعد قصائد الطبيعة في الأندلس لوحات بارعة الرسم أنيقة الألوان محكمة الظلال تشد انتباه القارئ وتثير اهتمامه .

• أصبح شعراء الطبيعة نظراً للاهتمام به يحل محل أبيات النسيب في قصائد المديح , بل إن قصيدة الرثاء لا تخلو من جانب من وصف الطبيعة .

• أصبحت الطبيعة بالنسبة لشعراء الأندلس ملاذاً وملجأ لهم يبثونها همومهم وأحزانهم وأفراحهم وأتراحهم
إلا أن جانب الفرح والطرب غلب على وصف الطبيعة فتفرح كما يفرحون وتحزن كما يحزنون .

• وصف الطبيعة عند شعراء الأندلس مرتبطاً ومتصلاً بالغزل والخمر ارتباطاً وثيقاً
فوصف الطبيعة هو الطريق إليها فكانت مجالس الغزل والخمر لا تعقد إلا في أحضان الطبيعة .

• المرأة في الأندلس صورة من محاسن الطبيعة , والطبيعة ترى في المرأة ظلها وجمالها فقد وصفوا المرأة بالجنة والشمس ,
بل إنهم إذا تغزلوا صاغوا من الورد خدوداً ومن النرجس عيوناً ومن السفرجل نهوداً
ومن قصب السكر قدوداً ومن ابنة العنب ( الخمر ) رضابا.

أصناف من الوصف في شعر الطبيعة:
هنا سنعرض بض الاصناف التي امتاز الشعراء في وصفها وتصويرها حتى ان قارئ القصيدة
يسلتهم جمالها وكانه يراها امامه, وقد استقراء الشعراء مجال البئة وتضاريسها ومعطيات الحيات الكونية فيها.

وسنستهل تلك الاصناف بمايلى:-

ــ الروضيات:
وهو الشعر المختص في الرياض وما يتصل بها.

سنستهل الكلام عن الروّضِيات بهذه الأبيات الرائعة للقاضي أبو الحسن بن زنباع
التي يصف قصة الطبيعة وفعل السحاب والأمطار في الأرض التي تتسربل بعدهما بحلتها الجميلة فتتفتح أزهارها وتنضج ثمارها حيث قال(2)

أبدت لنا الأيامُ زهرة طيبها وتسربلت بنضيرها وقشيبها
واهتزعِطف الأرض بعد خشوعها وبدت بها النعماء بعد شحوبها
وتطلعت في عنفوان شبابها من بعد ما بلغت عتيَّ مشيبها
وقفت عليها السحبُ وقفة راحم فبكت لها بعيونها وقلوبها
فعجبتُ للأزهار كيف تضاحكت ببكائها وتبشرت بقطوبها
وتسربلت حللاً تجر ذيولها من لدمها فيها وشق جيوبها
فلقد أجاد المزن في إنجادها وأجاد حرُّ الشمس في تربيبها

وهذه أبيات جميلة للشاعر الوزير عبدا لله بن سماك والذي يقول فيها:

الروض مخضرٌ الربى متجملٌ للناظرين بأجمل الألوانِ
وكأنما بسطت هناك شوارها خودٌ زهت بقلائد العقيانِ
والطير تسجع في الغصون كأنما نقرُالقِيان حنت على العيدانِ
والماء مطَّردٌ يسيل لعابه كسلاسلٍ من فضةٍ وجمانِ
بهجات حسنٍ أُكملت فكأنها حسن اليقين وبهجة الإيمانِ

ــ الزهريات : الشعر المختص بالأزاهير .

وقد وصف الأندلسيون الأزهار وأكثروا في هذا النوع من الوصف
فوصفوا الورد والنرجس والشقائق والنيلوفر والياسمين والقرنفل واللوز وغير ذلك مما وقعت عليه
عيونهم في تلك الطبيعة الخلابة من زهريات وسنستعرض بعض
الأمثلة الجميلة التي قيلت في بعض منها,

فهذا ابن حمديس يرثي باقة ورد أصابها الذبول فتحرق حزناً وأسى عليها فقال هذين البيتين

يا باقة في يميني بالردى ذبلت أذاب قلبي عليها الحزن والأسفُ
ألم تكوني لتاج الحسن جوهرةً لما غرقتِ،فهلاَّ صانك الصدفُ

وهذه أبيات في زهرة الياسمين للمعتضد بالله عباد بن محمد بن عباد يصفها مشبهاً إياها بكواكب مبيضة في السماء
ويشبه الشعيرات الحمراء التي تنسرح في صفحتها بخد حسناء بدا ما بدا فيه من آثار فيقول:

أنما ياسـميننا الغضُّ كواكبٌ في السماء تبيضُّ
والطرق الحمر في جوانبه كخد حسناء مسه عضُّ

ويقول ابن حمديس في وصف النيلوفر:

ونيلوفرٍ أوراقه مستديرةٌ تفتَّح فيما بينهن له زهرُ
كما اعترضت خُضر التراس وبينها عواملُ أرماحٍ أسنَّتُها حُمرُ
هو ابن بلادي كاغترابي اغترابه كلانا عن الأوطان أزعجه الدهرُ

وهذه أبيات رقيقة جداً ومن أروع ما قيل في وصف الشقائق لابن الزقاق:

ورياض من الشقائق أضحى يتهادى بها نسيم الرياحِ
زرتها والغمام يجلد منها زهرات تروق لون الراح
قلت ما ذنبها ؟ فقال مجيباً سرقت حُمرةَ الخدودِ الملاح

وهذا أيضاً وصف بديع لشجرة لوز قاله أبو بكر بن بقي:

سطرٌ من اللوز في البستان قابل نيما زاد شيءٌ على شيءٍ ولا نقصا
كأنما كل غصنٍ كُمُّ جاريةٍ إذا النسيم ثنى أعطافه رقصا

وهذا وصف جذاب لزهرة ألأقاح للأسعد ابن إبراهيم بن بليطة ويقول:

أحبب بنور الأقاح نوَّاراعسجـــده في لجينــه حارا
أي عيون صُوِّرْنَ من ذهبرُكِّبَ فيها اللجينُ أشفارا
إذا رأى الناظرون بهجتها قالوا نجومٌ تحـــفُّ أقمارا
كأن ما اصفرَّ من مُوسِّطه عليلُ قومٍ أتوه زوارا


ــ الثمريات:-

الشعر المختص بالأثمار,والبقول,وما يتصل بها.

وصف الأندلسيين للثمرة نفسها فقد وصفوا التفاحة والسفرجل والرمانة والعنب وحتى الباذنجان !!
وأبدعوا في ذلك كثيرا فقال أبو عثمان ألمصحفي وقد تأمل ثمرة السفرجل الأبيات التالية الرائعة المحبوكة في نسيج رائع,
ولفظ رقيق ومعنى أنيق موشى بلوعة حب وشكوى صب رغم إنه شطح في آخرها قليلاً
( وزودها ) حتى نسي إن ما بين يديه ما هو إلا حبة من السفرجل!!ويقول:


ومصفرَّةٍ تختال في ثوب نرجس وتــعبق عن مسك زكيِّ التنفس
لها ريح محبوبٍ وقسوة قلــــــبه ولونُ محبٍ حُلَّةَ السُــقم مـكتسي
فصفرتها من صفرتي مستعارةٌ وأنفاسها في الطيب أنفاسُ مؤنسي
فلما استتمت في القضيب شبابها وحاكت لها الأنواء أبراد سندس
مددت يدي باللطف أبغي قطافها لأجعلها ريحانتي وسـط مجلسي
وكان لها ثوبٌ من الزغب أغبرٌ يرف على جسم من التـبر أملسِ
فلما تعرَّت في يدي من لباسها ولـــم تبق إلا في غلالة نرجسِ
ذكرتُ بها من لا أبوح بذكره فأذبلـــها في الكف حرّ تنفس

وهذا أحمد بن محمد بن فرح يقدم صورة بهية لثمرة الرمان فيقول:

ولابسة صدفاً أحمرا أتتك وقد ملئت جوهرا .
كأنك فاتح حُقٍّ لطيفٍت ضمَّن مرجانَه الأحمرا

وكذلك كأن للعنب نصيب عند شعراء الأندلس فقال فيه الشاعر أحمد بن الشقاق ما يلي:

عنب تطلَّع من حشى ورق لنا صُبغت غلائل جلده بالإثْمدِ
فكأنه من بينهن كواكبٌ كُسفت فلاحت في سماء زبرجدِ


ــ المائيات:
الشعر المختص بوصف الأنهار,والبرك, والسواقي.

كانت الأنهار الكثيرة الوفيرة المياه،وما يتشعب عنها من برك،وخلجان,وغدران،
وما ينبت على شواطئها,من حدائق،ورياض،وما يصاحبها من ظواهر طبيعية كمد,وجزر,
وفجر,ونهار,وليل,وشمس,وأصيل من مظاهر الطبيعة الخلابة في بلاد الأندلس؛
وكانت أكبر المدن مثل قرطبة وأشبيلية وغرناطة تقع على تلك الأنهار,التي كانت ترفد الأرض بالخصب والعطاء,
فاتخذ الأندلسيون من ضفافها مراتع للمتعة,واللهو,ومن صفحاتها ساحات تمرح عليها زوارقهم,وأشرعتهم,
وهم في هذه وتلك يعزفون أعذب الألحان,ويتغنون باعذب الشعر وأرقه....

وهذه الأبيات الرائعة لابن حمديس في وصف بركة من الماء في أحد القصور وقد احتوت على تماثيل لأسود تقذف الماء من أفواهها...

ولعل لفن النقش والنحت والزخرفة الذي كأن سائداً آنذاك أثر كبير في جمال هذه الصورة التي رسمها الشاعر بكل براعة:

وضراغمٍ سكنت عرين رياسة ٍتركت خرير الماء فيه زئيرا
فكأنما غشَّى النُّضارُ جسومَها وأذاب في أفواهها البلورا
أُسْدٌ كأن سكونها متحركٌ في النفس،لووجدت هناك مثيرا
وتذكَّرت فتكاتِها فكأنما أقْعت على أدبارها لتثورا
وتخالها والشمس تجلولونها ناراً ،وألسنَها اللواحسَ نورا
فكأنما سَلَّت سيوفَ جداولٍ ذابت بلا نارٍ فعدُنَ خريرا
وكأنما نسج النسيمُ لمائهِ درعاً، فقدَّر سردَها تقديرا
وبديعة الثمرات تعبر نحوها عيناي بحرَ عجائبٍ مسجورا
شجريةٍ ذهبيةٍ نزعت إلى سحرٍ يؤثر في النُّهى تأثيرا
قد سَرَّحت أغصانَها فكأنما قبضت بهن من الفضاء طيورا

الأمثلة على وصف المائيات كثيرة جداً .

وتبقى الطبيعة وحدة متكاملة من الصعب تجزيئها والدارس لشعر الطبيعة عند الأندلسيين
لا بد وإن يستغرب من هذا الكم الهائل من الأشعار التي قيلت في هذا المجال ولا أظن إن أمة من الأمم
قد برعت في تصوير الطبيعة بمظاهرها وظواهرها المختلفة كما برع الأندلسيون.

الثلجيات:-
الشعر المختص في الثلج والبرد...

ننتقل الآن إلى الثلج الجميل الذي يكسو الأرض والسطوح والسفوح والأغصان العارية,
بغلالة بيضاء نظيفة ناصعة وطاهرة,وكإنه قطن مندوف فيبعث في النفس بهجة ما لها مثيل,
وعلى كل حال يبقى ما قيل في الثلجيات أقل مما قيل في الروضيات والمائيات
حيث بدأ هذا النوع من الوصف متأخراً في بلاد الأندلس كمثيله في الشرق
ومن الأبيات الرائعة التي قيلت في الثلج تلك التي قالها أبو جعفر بن سلام المعا فري المتوفى عام 550م وقال فيها:

ولم أر مثل الثلج في حسن منظر تقر به عينٌ وتشْنَؤه نفسُ
فنارٌ بلا نور يضيء له سناً وقطرٌ بلا ماءٍ يقلِّبه اللمسُ
وأصبح ثغر الأرض يفترُّ ضاحكا فقد ذاب خوفاً أن تقبِّله الشمس

وهذه أبيات للشاعر الرقيق ابن زمرك يمدح فيها السلطان ويصف الثلج في نفس الوقت فيقول:

يا من به رتب الإمارة تُعتلى ومعالمُ الفخر المشيدةُ تَبتنِي
ازجر بهذا الثلج حالاً إنه ثلج اليقين بنصر مولانا الغني
بسط البياض كرامة لقدومه وافترَّ ثغراً عن كرامة مُعتني
فالأرض جوهرةٌ تلوح لمعتلٍ والدوح مُزهِرةٌ تفوح لمجتني
سبحان من أعطى الوجود وجوده ليدل منه على الجواد المحسن
وبدائع الأكوان في إتقانها أثرٌ يشير إلى البديع المتقن


وهذه أبيات جميلة لابن خفاجة في وصف الثلج يقول فيها:

ألا فَضَلتْ ذيلَها ليلةٌ تجرُّ الربابَ بها هيدبا
وقد برقع الثلجُ وجهَ الثرى وألحف غصنَ النقا فاختبى
فشابت وراء قناع الظلام نواصي الغصون وهامُ الربى

وما دمنا نتحدث عن الثلج فلا بد من الإشارة إلى البَرَد أيضاً والذي
كأن له نصيب في شعر الأندلسيين
ومنهم عبد الجبار بن حمديس الصقلي الذي كتب قصيدة تزيد عن العشرين بيتاً
وصف فيها السيول والغدران والبرق والروض وخصص بعض أبياتها للبرد فشبهه بدرر على نحور فتيات حسان
أو بلؤلؤ أصدافه سحاب أو بدموع تتساقط من السحاب وغير ذلك من الصور المألوفة وغير المألوفة ويقول فيها:

نثر الجوُّ على الأرض بَرَدْ أي درٍ لنحورٍ لو جمدْ
لؤلؤٌ أصدافه السحْب التي أنجز البارق منها ما وعدْ
ذوَّبتْهُ من سماء أدمعٌ فوق أرض تتلقَّاه نَجَدْ


وهذان بيتان جميلان في وصف البرد وهو يتساقط من السماء والريح تعبث به فتبعثره قالها أبو بكر عبد المعطي بن محمد بن المعين:

كأن الهواء غديرٌ جَــمَد بحيث البرود تذيب البَرَدْ
خيوطٌ وقد عُقدت في الهوا وراحةُ ريحٍ تحل العُقد
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
وهذه الأصناف التي صنفها علما الأدب ,لتمثيل وليست للحصر وإنما لوضع منهج لشعر الطبيعة وتقسيمات يمكن من خلالها تسهيل دراسة الشعر

رواد شعر الطبيعة في الأندلس:

إن "شعر الطبيعة" كمصطلح تعبير جديد في أدبنا، لكن "شعر الطبيعة" كظاهرة وغرض وفن،
موجود في الشعر العربي من قديم، لكن الجديد الذي أدخله الغربيون هو المصطلح فقط؛
فـ"شعر الطبيعة" تعبير جديد في أدبنا، أطلقه الغربيون على الشعر الذي كان من أهم مظاهر
الحركة الإبداعية الرومانسية في أواخر القرن الثامن عشر، وقد وجد الشعراء في الطبيعة تربةً خصبةً لنمو العواطف الإنسانية،
وواحة للنفوس المتعبة القلقة، وشعر الطبيعة في فجره عند العرب كان صورةً لما تراه العين،
أكثر من كونه مشاركةً للعواطف التي توحي بها الطبيعة، وانفعالًا ذاتيًّا للشعور.

وفي ظلال العباسيين استطاع بعض فحول الشعر أن يضيفوا إلى الأوصاف المادية للطبيعة حسًّا وذوقًا؛
فائتلفوا معها -أي: مع الطبيعة- واستغرقوا في نشوة جمالها، وبادلوها عاطفةً بعاطفة وحبًّا بحب،
ومن هؤلاء الشعراء العباسيين، الذين أضافوا إلى الأوصاف المادية حسًّا وذوقًا:
"أبو تمام" و"البحتري" و"ابن الرومي" و"ابن المعتز" و"الصنوبري

و من رواد شعر الطبيعة في الأندلس الشاعر (ابن خفاجة), و قد قال في الجبل حين راح يتأمله و يفضي اليه:


وأرعن طماح الذؤابة بازخ يطاول أعنان السماء بغارب
وقور على ظهر الفلاة كأنه طوال الليالي مفكر في العواقب
أصغت إليه وهو أخرس صامتٌ فحدثني ليل الثرى بالعجائب
وقال: ألا كم كنت ملجأ قاتلٍ وموطن أواهٍ تبتل تائب
وقال بظلي..... وكم مر بي من مدلج ومأوب

"قال" هنا من القيلولة وليست من القول. "قال بظلي": أي من القيلولة، وقت الظهيرة، النوم وقت الظهيرة، أو الاستراحة وقت الظهيرة.

وكم مر بي من مدلج ومأوب وقال بظلي من مطي وراكب
فأسمعني من وعظه كل عبرةٍ يتجرمها عنه لسان التجارب
فسلى بما أبكى وسر بما شجى وكان على ليل الثرى خير صاحب

قد كان "ابن خفاجة" بارعًا في تصوير هذا الجبل الأخرس، ومزج مشاعره به،
مما جعل الصور التي عرضها له نابضةً حية، تثير فينا شتى الخواطر والتأولات،
بيد أن مجنون ليلى "قيسًا العامري" قد سبق "ابن خفاجة" بالحديث إلى جبل التوباد، يقول:

وأجهشت للتوباد حين رأيته وكبر للرحمن حين رآني
فقلت له أين الذين عهدتهم حواليك في خصب وطيب زمان
فقال مضوا واستودعوني بلادهم ومن ذا الذي يبقى على الحدثان

ولو قارنا بين ما قال "قيس العامري" وما قال "ابن خفاجة الأندلسي"
لوجدنا "ابن خفاجة" في هذه القصيدة قد استكمل جوانب الصورة العامة للجبل،
وافتن في تشخيصه، وجعله ينفعل بمختلف الأحاسيس والخواطر والأفكار،
إلى جانب ما في تصوير "ابن خفاجة" من تحليل واستقصاء، وإكثارٍ من الصور الخيالية،
هذا ما تعهده حين تتأمل قول "ابن خفاجة" تجد الصورة العامة للجبل مستكملة الجوانب؛
لقد افتن الرجل في تشخيص الجبل وتصويره، وجعله كذلك ولذلك ينفعل بمختلف الأحاسيس والخواطر والأفكار،
ووجدنا ما في تصوير "ابن خفاجة" من التحليل والاستقصاء، وإكثار الرجل من الصور الخيالية،
بينما وجدنا قول "العامري" مجرد خطرة عابرة، لو وقف عندها "ابن خفاجة" ما بلغ هذا النفاذ،
وما جاءت قصيدة الجبل عند "ابن خفاجة" نسقًا شعريًّا متكاملًا ذا شعابٍ وأفانين،
لقد تألق الأندلسيون في هذا الروض الإبداعي -وهذا شيء يذكر لهم- حين رأيناهم يمزجون في شعر الطبيعة بين الطبيعة والحب،
ورأوا في مظاهر الطبيعة صفات من يحبون، واتخذوا من مباهج الطبيعة أداة للتذكر،
على غرار ما جاء في قول "المالقي" في جارية تدعى "حسن الورد":

تذكرت بالورد حسن الورد منبته حسنً وطيبًا وعهدًا غير مضمون
هيفاء لو بعت أيامي لرؤيتها بساعة لم أكن فيها بمغبون
كالبدر ركبه في الغصن خالقه فما ترى حين تبدو غير مفتون

"ابن هزي الأندلسي" يقول مصورًا مشاعره الإنسانية في حضن الطبيعة،
التي حركتها في نفسه الولهة، في نغمة موحية بالانفعال والتفاعل والحيوية:

هبت لنا ريح الصبا فتعانقت فذكرت جيدك في العناق وجيد
وإذا تألف في أعاليها الندى مالت بأعناق ولطف قدود
وإذا التقت بالريح لم تبصر بها إلا خدودًا تلتقي بخدود
فكأن عذرة بينها تحكي لنا صفة الخلود وحالة المعمود
تيجانها طلٌّ وفي أعناقها منه نظام قلائدٍ وعقود

أما ابن زيدون فهو أهم شاعر وجداني في الأندلس
وهو أول من اعتصر فؤاده شعرًا فيه جوًى وحرقة وهوى ولوعة، وتلوح لأولي البصر عبقريته الفذة
ونضجه الشعري بعد أن صهرته محنة السجن، وعذاب الصدود والهجر، فكانت تجربته الشعرية
عصارة نفس متألمة أو صرخة إنسانية لهيفة ارتفعت بتجربة الشعر على جناح الطبيعة إلى مستوًى فنيًّ رفيع،
وقد عرفنا إن مجال إبداع الأندلسيين في هذا المجال أنهم مزجوا بين الطبيعة والحب،
هذه الصرخة الإنسانية اللهيفة عند "ابن زيدون" ارتفعت بتجربة الحب على جناح الطبيعة إلى مستوًى فني رفيع،
لم نعهده في أدب المشرق وقتذاك، فتجربة ابن زيدون تجربة نفسية وجدانية متكاملة،
تكاد ترى نفس "ابن زيدون" ذائبة في حواشيها حسرة وشوقًا،
على أنه من أروع ما وفق إليه شاعر الأندلس الملهم براعته الفائقة في تشخيص مظاهر الطبيعة،
وتحولها على يديه إلى أحياء ينفعلون ويتحركون على مسرح الفن الشعري،
فهي -أي الطبيعة- في خياله وحضوره العاطفي المتوهج تنبض بالحياة، وتفيض بالمشاعر،
بل وتشاركه آلامه وآماله في مشاركة وجدانية رائعة، وتلاحم عاطفي أكثر روعة ندر في شعر المشارقة وقلّ في شعر الأندلسيين،
وقصيدته القافية تؤكد هذا الجانب الإبداعي عند "ابن زيدون" والتي منها:

إني ذكرتك بالزهراء مشتاق والأُفق طلقٌ ووجه الأرض قد راق
وللنسيم اعتلال في أصائله كأنه رقّ لي فاعتل إشفاق
والروض عن مائه الفضي مبتسم كما شققت عن اللبات أطواق


إنها رسالة أو صرخة إنسانية لهيفة، بعث بها على جناح الطبيعة إلى "ولادة بنت المستكفي":

والروض عن مائه الفضي مبتسم كما شققت عن اللبات أطواق
يوم كأيام لذات لنا انصرمت بتنا لها حين نام الدهر سُراق
نلهو بما يستميل العين من زهر جال الندى فيه حتى مال أعناق
كأن أعينه إذ عاينت أرقي بكت لما بي فجال الدمع رقراق
ورد تألق في ضاحي منابته فازداد منه الضحى في العين إشراق
سرى ينافحه نيلوفر عبق وسنان نبه منه الصبح أحداق
كل يهيج لنا ذكرى تشوقنا إليك لم يعد عنه الصبر أن ضاق
لا سكن الله قلبًا عنّ ذكركم فلم يطر بجناح الشوق خفاق
لو شاء حملي نسيم الصبح حين سرى وافاكم بفتى أضناه ما لاق

لقد كان "ابن زيدون" بهذه الخاصية الإبداعية رائدًا إلى الشعر الرومانسي في القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي،
والذي عرفته الآداب الأوربية في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي،
فابن زيدون بوصف الطبيعة من خلال نوازعه العاطفية وأشجان حبه الذاتية يمثل خطوة رائدة في أدب الطبيعة عند العرب،
ويعد مظهرًا من أبرز مظاهر التجديد في شعر الطبيعة الأندلسي،
بل يمكننا أن نعتبر ابن زيدون مصدرًا عربيًّا عريقًا للأدب العالمي في الاتجاه نحو الطبيعة،
وتوظيفها في الفن الشعري بعامة والنسيب منه بخاصة، ولا نقول ذلك رجمًا بالغيب، أو تعصبًا لأبناء جلدتنا من العرب،
أو حميةً لأبناء عقيدتنا من المسلمين، بل هو استنتاج ورأي نشفعه بالدليل،
أليس تمثل الطبيعة والاندماج فيها وتقمصها تقمصًا وجدانيًّا في الشعر الغنائي،
الذي رأينا أنموذجه عند "ابن زيدون" في القرن الحادي عشر الميلادي
هو ما أراده النقد الأدبي الرومانسي في أوربا بعد ذلك في القرن التاسع عشر
عند حديثه عن أثر الطبيعة ودورها الفاعل في الأدب والإبداع الفني؟

المصادر:
- الطبيعة في شعر ابن خفاجة
-الطبيعة في شعر الأندلس(جودت الركابي)


مما راق لي

أسد نجد 30-03-2012 03:23 PM

رد: وقـفـات مع الشعر والشعراء
 
جرير والفرزدق

حزن جرير حزنا شديدا على موت الفرزدق رغم كل ما كان بينهما على مدار 40 عاما من الهجاء
الذى أحيا الشعر بين العامة والخاصة من الناس في زمنهم ،،

أتي حفيد جرير فسألة جرير من أين أتيت ؟
فقال من البصرة .
فسأل عن الخبر فأخبرة بموت الفرزدق فقال :

مـــــات الفرزدق بعد ما جرعته
ليت الفرزدق كان قد عاش طويلا

ثم سكت ساعة فظنناه يقول شعرا فدمعت عيناه فقال القوم سبحان الله أتبكي على الفرزدق ؟
فقال :
والله ما أبكي إلا على نفسي أما والله إن بقائي خِلافة - أي ورائه - في الدنيا لقليل .

ثم أنشد يقول :


لَعَمرِي لَقَدْ أشْجَي تَمِيماً وَهَـدَّهَا

عَلَى نَكَبَاتِ الدَّهْرِ مَوْتُ الفَـرَزْدَقِ

عَشِـيَّةَ رَاحُـوا لِلفِـرَاقِ بِنَعْشِـهِ

إلَى جَدَثٍ فِي هُوَّةِ الأَرْضِ مَعْمَـقِ

لَقَدْ غَادَرُوا فِي اللَّحْدِ مَنْ كَانَ يَنْتَمِي

إِلَى كُلِّ نَجْـمٍ فِي السَّمَاءِ مُحَـلَّقِ

ثَوَى حَامِلُ الأثْقَالِ عَنْ كُلِّ مُغْـرَمٍ

وَدَامِغُ شَيْطَانِ الغَشُـوْمِ السَّمَـلَّقِ

عِمَـادُ تَمِـيْمٍ كُـلُّهَا وَلِسَانُـهَا

وَنَاطِقُهَا البَذَّاخُ فِي كُـلِّ مَنْطِـقِ

فَمَنْ لِذَوِي الأَرْحَامِ بَعْدَ ابْنِ غَالِبٍ

لِجَارِ وَعَانٍ فِي السَّلاَسِـلِ مُـوَّثِقِ

وَمَنْ لِيَتِـيْمٍ بِعْدَ مَـوْتِ ابْنِ غَالِبِ

وَاُمّ عِـيَـالٍ سَـاغِبِيـنَ وَدَرْدَقِ

وَمَنْ يُطْلِقُ الأَسْرَىَ وَمَنْ يَحْقِنُ الدِّمَا

يَدَاهُ وَيَشْفِي صَدْرَ حَـرَّانَ مُحْـنَقِ

وَكَـمْ مِنْ دَمٍ غَالٍ تَحَـمَّلَ ثِقْـلَهُ

وَكَانَ حَمُوْلاً فِي وَفَـاءٍ وَمَصْـدَقِ

وَكَمْ حِصْنِ جَبَّارِ هُمَـامٍ وَسُوقَـةٍ

إِذَا مَـا أَتَـى أَبْـوَابَهُ لَمْ تُغَـلَّقِ

تَفَـتَّحُ أَبْـوَابُ المُـلُوكِ لِوَجْـهِهِ

بِغَيـرِ حِجَـابٍ دُونَـهُ أَوْ تَمَـلُّقِ

لِتَـبْكِ عَلَيْهِ الإنْسُ وَالجِـنُّ إِذْ ثَوَى

فَتَى مُضّرٍ فِي كُلِّ غَرْبٍ وَمَشْـرِقِ

فَتَىً عَاشَ يَبْنِي المَجْدَ تِسْعِينَ حِجَّـهً

وَكَانَ إلَى الخَيْرَاتِ وَالمَجْدِ يَرْتَقِـي

فَمَـا مَاتَ حَتَّى لَمْ يُخَـلِّفْ وَرَاءَهُ

بِحَـيَّةِ وَادٍ صَـوْلَةً غَيْـرَ مُصْـعَقِ

أسد نجد 02-04-2012 06:58 AM

رد: وقـفـات مع الشعر والشعراء
 
عبدالله بن سبيّل


هو عبدالله بن حمود بن سبيّل الباهلي . . . شاعر علم (( من قبيلة باهلة )) ولد ابن سبيّل في قرية ((نفي)) بنجد حوالي سنة 1277هـ وفيها توفي سنة 1357هـ . . .
عاش ابن سبيل ما يقارب ثمانين سنة . . . وبعد تولي المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود ولاه إمارة ((نفي)) حتى توفي ولا تزال إمارة هذه البلدة في ((آل سبيّل)) حتى الآن . . .
للشاعر من الأولاد اثنان هما ((عبدالعزيز)) و ((ناصر)) وكان عبدالعزيز شاعراً ولكنه لا يظهر شعره ولا يذيعه لتدينه

ويعد ابن سبيّل قمة من أعلى قمم الشعر النبطي ولا زال ابن سبيّل شاعراً فيلسوفاً راقي الشعر متين الاسلوب . . .
شعره منتشر بين الناس يضرب به المثل بالإجادة والإبداع فقد برع في فنون الغزل بصفة خاصة ومختلف فنون الشعر النبطي عامة وشهرته بالغزل فاقت جميع الشعراء وعرف كشاعر غزل يقاس بشعره شعر الشعراء وقد أثَّر بشعراء عصره فقلدوه وتبعوه وأصبح الغزل فن ذلك العصر

لم يكن ابن سبيّل مستجدياً بشعره أبداً بل كان عفيفاً رفيع النفس لم يمتدح بحياته قط أحداً من الملوك أو الأمراء طمعاً بهباته . . .
فلم يذكر له الرواة سوى قصيدة واحدة امتدح بها ((محمد بن رشيد)) أحد حكام حائل .

تأثر شاعرنا بلهجته وألفاظ شعره ومفرداته بلهجة قبيلة ((عتيبة)) لاحتكاكه بهم ولم يكن شاعرنا عتيبياً بل كان باهلياً ((من قبيلة باهلة)) ولكن لمعايشته ((للعتبان)) دوراً في لهجته

كان شاعرنا حضرياً يسكن المدينة ولكنه أولع بالبدو ولوعاً حيث كانوا يقطنون حول قريته بالصيف فتوطدت العلاقة بينهم وازدادت محبيه لهم ومحبتهم له حتى كانوا بحكاياتهم وطرائفهم القاسم المشترك بجل شعره كقوله :

ربيع قلبـي صكـت البـدو حولـه

وتقيـرب المقطـان وأحبنــي لـه



وقوله برحيلهم

يتلـون مشـهاة البكـار المشاعيـف

وكلـن يبي قفـره قـدم يسهجونـه



وقوله أيضاً في البدو حين وجد مكانهم خالياً بعد رحيلهم :

يا عين وين أحبابـك اللـي توديـن

اللي ليا جـوا بالوطـن ربعـوا بـه

أهل البيوت اللي على الجو طوفيـن

عـدٍ خـلا مكـانهـم وقفـوا بـه

منزالـهم تـذري عليـه المعاطيـن

تذري عليـه من الـذواري هبوبـه

قلَّت جهامتـهم مـع الجـو قسميـن

الزمل حدر والضغـن سنـدوا بـه



ولم تخلوا روائع ابن سبيّل من الحكم والأقوال المأثورة التي راحت أمثالاً بين الناس كقوله:

لا تأخذ الدنيـا خـراصٍ وهقـوات

يقطعك كل من نقل الصميل البـرادي

لك شوفةٍ وحـده وللنـاس شوفـات

ولا وادي سيلـه يحــدر لــوادي


ومن مقومات نجاح شعر ابن سبيّل وانتشاره كونه يصوّر بتعبيره حتى يخيل للسامع أنه يشاهد شريطاً يعرض أمامه فقد كان ابن سبيّل قصصي الاسلوب بشعره يرسم الموقف ويحرك الشخصيات بداخل القصيدة كقوله من قصيدة يحاور بها عذاله متمسكاً بمحبوبته :


قالوا نـدور لك من البيـض حليـاه

قلـت آه لـو غيـره بكفـي رميتـه

قالوا نشـاش العـود وشـلك بلامـاه

قلت آه عـود المـوز بيـدي لويتـه

قالـوا تـزوج كـود تدلـه وتنسـاه

قلت آه لـو خـذت أربـعٍ ما نسيتـه

قالوا من أقصى الناس وين أنت ويـاه

قلت آه ما أنسا يـوم جانـي وجيتـه



وعلى هذا المنوال سار شعر ابن سبيّل واستمر حتى كانت له مدرسته الشعرية ومن آثارها بدأ شعراء الغزل يتحولون في طريقة نظمهم حيث فتح أمامهم شاعرنا آفاقاً رحبة جديدة بأساليب حديثة متطورة بطريقة النظم والمعالجة فتأثر به من عاصره وقلده من أتى بعده ..

وقد أجمع النقاد على أنه شاعر غزل وهذا لا ينفي كونه مبدعاً بكل معنى يطرقه وهو الأبيات من قصيدته في مدح محمد بن رشيد :

كثيـرات رثعاتـه قليـلٍ سليمــها

اليـا طنـا مـا يسمــع للعـذايـل

واليا بغـا أمـرٍ ما يـداري عواقبـه

يجـي له وجـرانٍ من الغيـظ شايـل

اليا شال غيظه يرذي الخيـل والنضـا

بواريدهـم طالـت بعيـد المخـايـل



أما في الحكمة فهذه أبيات من قصيده لابن سبيّل

لا تسمـع في هـرج نقـال ولا قـال

خلـه يقـل الحكـي بينـه وبينــك

وسـدك فلا تعطيـه عـمٍ ولا خـال

كـم واحـدٍ بالهـرج يبحـث كنينـه

مقعـدك مع ناسٍ لهـم عنك منـزال

لا هـم بـراجينـك ولا خـايفينـك

معهـم خبـرك وكايلينـك بمكيـال

على العسر واليسـر هـم عارفينـك

في مجلـسٍ مـالك مقـامٍ وتفضـال

أخيـر مـا تفعـل مقامـك بحينـك


الساعة الآن 10:22 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. موقع و منتديات سدير 1432 هـ - 1435 هـ

جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه