منتديات سدير

منتديات سدير (http://www.sudeer.com/vb/index.php)
-   ¨° مِحبرةُ كتاباتك °¨ (http://www.sudeer.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   وفي أدبي الرياض كانت القصة المنبرية (http://www.sudeer.com/vb/showthread.php?t=156434)

الــســفــيــر 26-01-2014 02:37 PM

وفي أدبي الرياض كانت القصة المنبرية
 
[justify]
عندما اخترقت سيارتي زحمة طريق الملك فهد ، شريان العاصمة مساء الاثنين الثالث والعشرين من ذي القعدة لعام 31 هـ القرن الرابع عشر .بدأت بمسلسل التذمر الذي يراودني عند توقف عجلة السير ، أو السير بشكل سلحفاتي على طبقة إسفلتية حملت عليها منذ زمن أثقال الموظفين وهمومهم الصباحية والمسائية وعبث المراهقين والمراهقات ورومانسيات المحبين والمحبات أيا كان ذلك الحب.
شرعت في لعبتي الوقتية وهي تخيل حال من بداخل السيارات المجاورة لسيارتي (حزين-مهموم-سعيد-يائس-مسئول- عبثي) كل هذا وأشياء سخيفة تخطر على بالي سرعان ما أطردها وهكذا ، ثم يجمح بي الخيال إلى أن أصل لفكرة أن هؤلاء جميعاً يقصدون نفس المكان الذي أريد الذهاب إليه !
ذلك اليوم كنت متجهاً لإلقاء قصة قصيرة على لجنة التحكيم والحضور بالنادي الأدبي في الرياض بعد أن قبلت مشاركتي من ضمن المقبولين والمقبولات.
و يا للفكرة كلهم سيدخلون من باب ذلك النادي ، ثم طارت الفكرة سريعاً كما يطير حمام الحرم المكي عند اقتراب المتطفلين منه وما أكثرهم .
في النادي كنت ثالث الحاضرين من المشاركين حيث سبقني رجل وفتاة وشاب بين الطفولة والمراهقة .
سجلت اسمي ، و اقتعدت مقعداً جانبياً خارج القاعة بجانب رجل بلغ الخمسين من عمره وبجانبه شاب في بداية المرحلة الثانوية . وبادرني متسائلاً (ما جا أحد؟)
فقلت له ربما سيأتون بعد الصلاة . ثم قال لي أنت مشارك ؟
فقلت نعم فقال الله يكثر الأدباء ! ثم تحول حديثه عن شيء عجيب قال لي تصدق ذات يوم ذهبت لأتعلم على الطيران الشراعي ، فقالوا لي أن وزنك زائد وأنت بحاجة لتخفيف، وأستطرد قائلاً تصدق لو أن كل واحد في الرياض معه طائرة شراعية لخف الزحام!
فقلت له (بس شلون الواحد مشخص ورايح للدوام وشكله وهو راكب الطياره) فقهقه الشاب من جملتي الأخيرة وكأنه تخيل المشهد وبالذات منظر والده الخمسيني!
وفجأة قطع أحدهم حديثنا بندائنا للصلاة وأعتقد أنه متأثر جداً بمقولة (حج فرضك واقضب أرضك) .
بعد الصلاة طردت نفسي خارج المبنى لأستنشق بعض الهواء ولأنتظر صاحبي ولأتدرب على إلقاء النص ثلاثة في واحد، هكذا علمتني الحياة أن أجمع أكبر قدر من الأهداف في عمل واحد.
نسيت أن أقول أنه أثناء حديثي مع الرجل قبل الصلاة دخلت امرأة لا تمشي الهوينى وأشارت بيدها إلى الرجل الخمسيني الذي يقبع بجانبي مستفهمة ((الأستاذ أحمد؟)) نظر إليها ورد مسرعاً (لا ما نيب أحمد )، فتذكرت أن ذلك الاسم هو اسمي وكنت سأقول لها نعم أنا الأستاذ أحمد تفضلي !!! لكني آثرت السكوت فأنا غريب هنا ولأول مرة أزور المكان أي النادي الأدبي مع أن المبنى لا يوحي لك بأي مشاعر ربما أصابه تبلد بالمشاعر إذ يرتاد عليه شعار وروائيون ونقاد ومتسولو أدب وعمال نظافة وربما عاملات منزلية بصحبة شاعرة أو أديبة أو حتى مرافقة ، لذا اختلطت عليه المشاعر وتصلبت ردود أفعاله كالحجر الذي صنع منه .
ولا أشك أن أبا عبدالرحمن بن عقيل الظاهري قد هجا ذلك المبنى يوماً ما ، يوم أن عثرت قدمه بمقدمة المدخل.!
دخلت للقاعة التي يفصل بين نصفها الأيمن والأيسر عدة سواتر امتدت من مقدمة القاعة حتى منتصفها لتنعطف رغماً عنها نحو اليمين لتجعل النساء في معزل عن الرجال وأعينهم .
اخترت مقعداً بشكل عشوائي وكنت الوحيد الرجل الذي دخل القاعة وكانت هناك عدة نسوة يتحدثن بحديث سمعته كله حتى إن أحداهن قالت لصاحبتها ((خليني اقرأ عليك القصة حقتي )) فسمعتها كاملة قبل لجنة التحكيم ولأن ذاكرتي اسفنجية فقد نسيت كل ما دار من حديث ولله الحمد .
دخل شاب في الخامسة والعشرين من عمره ،جلس بعيداً عني نظرت إليه وهو صامت ، ولأن من أجمل هواياتي كسر الحواجز بادرته (مساك الله بالخير) رد علي التحية وقد انشرح صدره وسألته كيف الاستعداد فقال الله يستر رهبة فقلت وسع صدرك يا رجال تراها سهلة وهنا بدأت أصوات النسوة تخفت بشكل تدريجي حتى سكنت ولا أدري ما السبب ؟!
فأكملت كيف عرفت عن المسابقة؟ فقال أنها وصلته على بريده وسألني بدوره عن كيفية وصولها لي .
فقلت له عن طريق رسائل جوال النادي الأدبي وأكملت تصدق إني ما قبلت في المسابقة إلا أمس ! (واسطة قوية واللي يبي يعترض عنده الدكتور عبدالله الوشمي هو اللي متوسط لي)!
اذكر أني قمت بإرسال قصصي الثلاث ثاني أيام العيد ولأن أيام العيد أيام أكل وشرب وذكر لله فإن القائمين على المسابقة لم يفتحوا بريدهم الإلكتروني إلا بعد ثلاث والسنة للمسافر أن يمسح على خفيه لثلاث لذا تحولت رسالتي بشكل تلقائي إلى صندوق غير المهم ، وفقدت المشاركات وقبل يوم من بدأ المسابقة قمت بالاتصال على الدكتور الوشمي وسؤاله عن مشاركتي ونفى لي وصول مشاركاتي (وهنا ذرفت دموعي على خدي وسال جدول من الماء المالح على الأرض حتى نبتت زهرة صغيرة وحدثتني بما أحب فرضيت واستكنت وهذا هو الأدب الشعبي الخرافي).
وكان الاتصال مساء ذلك اليوم من المنسق في النادي الأدبي معتذراً ومبيناً الخطأ وقال لي ( ألحين نبي ننسق النصوص من جديد علشانك) فقلت له كان الله في عونكم .
والآن زال غضب البعض ولله الحمد لذا سأكمل:
بدأ الحضور بالتوافد جماعات وفرادى أما النساء فكالفراشات التي تبحث عن الرحيق في البساتين والرجال كالصقور التي تبحث عن فريستها الأدبية، ليظفروا بنشوة الهروب من الواقع المر بسماعهم للقصص القصيرة .
بعد أن رحب الدكتور الوشمي بالحضور وضيوف الشرف تحدث قليلاً عن فكرة المسابقة .
وقبل ذلك كان أحدهم يسخر من فن القصة القصيرة ويردد (ذهبت للبقالة واشتريت بيبسي ) هذه قصة! .
أما أنا فكنت أضحك منه وعليه في آن واحد ! إذ أن الأخ لا يعرف ما معنى القصة وما هي أدواتها وكيفية التركيز فيها على الفكرة أو الحدث أو الأشخاص أو زمان بعينه والبعد عن التفصيلات وما الفرق بين القصة الخبرية والقصة الأدبية الفنية والأقصوصة والقصة داخل القصة وما إلى ذلك من حديث لا يحق لمثلي الحديث عنه .
بدأت القصة الأولى عندما برز أول مشارك وكأني به يحدث نفسه ما الذي أتى بي هنا إذ أنه كان كبش الفداء أو كما يفعل الجلاد بالسجناء الجدد عندما يريهم أبشع المناظر عند دخولهم السجن ليخلدوا إلى تنفيذ الأوامر دون تردد ، وهكذا فعلت اللجنة مشكورة بهذا المتسابق والعجيب أن النص بأكمله لا يوجد به جمالية واحده ! هذا على مذهب اللجنة وعجبت لطريقة النقد بهذه الصورة المأساوية والذي يعرفه الجميع أن الناقد ينظر لجماليات النص قبل مساوئه ، ومن باب العلم بالشيء فإن ما كتب في هذه الفقرة لا يعبر عن رأي صاحبه بالضرورة بل عن رأي لوحه المفاتيح التي أمرت بطباعة الحروف !! ثم إن العواطف قد تلعب دوراً كبيراً في الفقرة الماضية لذا ألقوها خلفكم ظهرياً .
والحق أن اللجنة بدأت بمعايير عالية الدقة ثم تساهلت أو لنقل كلت من النقد .
ثم نودي باسمي على رؤوس الأشهاد آنذاك في أدبي الرياض و كان ضيف الشرف الدكتور عبد العزيز السبيل وبما أن القصة التي شاركت بها كتبت قبل عامين تقريبا ًتزامناً مع أحداث معرض الكتاب وكثرة الكتب الممنوعة وكثرة الباحثين عن الممنوع لمجرد المنع !
وهنا أقدم اعتذاري للقائمين على المسابقة والحاضرين ولجنة التحكيم إذ كان من المفترض أن أبذل جهداً لكتابة قصة جديدة تليق بالمسابقة ... ولكن الله قدر وجاء الإعلان متزامناً مع عيد الأضحى المبارك حيث أن الذهن مشغول بقطع الرؤوس وسلخ الجلود ورائحة الشواء واستقبال الحجاج العائدين بسلام وسؤالهم عن القطار الجديد .
وهنا (أي عند سماع اسمي ) خفق قلبي عدة خفقات سريعة ، سرعان ما عاد إلى طبيعته من خلال تمرين التنفس و الثقة العالية بالنفس .
ووقفت على المنبر وكان ما كان مما لست اذكره بتفاصيله إلا أنني عند بداية ذكري للعنوان ( مغفل في معرض الكتاب ) قهقه أحد الحاضرين في الصف الأول أظنه الروائي أحمد الدويحي ، وسرت ضحكة خفيفة بين الحضور .
وأكملت قصتي بسلام ولله الحمد والمنة .
[/justify]

انثى الجزيره 26-01-2014 03:27 PM

رد: وفي أدبي الرياض كانت القصة المنبرية
 

ماشاء الله تبارك الله
اخي احمد لم يكن بعلمي ان ابداعك وصل لخارج هذا الصرح
استمتعت بقراءة مادونت ، لك الحمد على توفيقه
وعقبال مايخفق قلبك نجاحًا دومًا
شكرا لك ايها الصقر

ننتظر روايات اخرى يخطها قلمك الجميل

بنت الاصول 26-01-2014 09:49 PM

رد: وفي أدبي الرياض كانت القصة المنبرية
 


مشاء الله تبارك الله

ابداع في ابداع قصة رائعة جدا

سلمت يمينك وحفظ لك ربي فكرك وعقلك

واصل ابداعك اخي الكريم السفير والله معك

بقايا الذكريات 26-01-2014 11:36 PM

رد: وفي أدبي الرياض كانت القصة المنبرية
 
اخي السفير

رائع ما تصفحت هنا

سرد جميل عذب

وطريقة مميزه

دمت بالف خير ودام عطائك

الــســفــيــر 11-02-2014 05:40 PM

رد: وفي أدبي الرياض كانت القصة المنبرية
 
مرحبا بكن جميعا ،، وشكرا لحسن الظن ،،

حديثكن محفز لمزيد من الكتابة ،، شكرا لكن

وَدْقْ , 31-03-2014 01:38 AM

رد: وفي أدبي الرياض كانت القصة المنبرية
 
مَاشاء الله بَسيط تعيش كل لحظة وتستغل كل فرصَة ,

أعجبني رُقيّك وثقتِك وليتنا نظفر بقراءة تلك القِصة لنقهقه مثلهُم : )

سرد جميل , لاتحرِمنا من ملكاتك السّبيكة ,

دِمت بِخير ,

الــســفــيــر 30-04-2014 10:29 AM

رد: وفي أدبي الرياض كانت القصة المنبرية
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وَدْقْ , (المشاركة 1664996)
مَاشاء الله بَسيط تعيش كل لحظة وتستغل كل فرصَة ,

أعجبني رُقيّك وثقتِك وليتنا نظفر بقراءة تلك القِصة لنقهقه مثلهُم : )

سرد جميل , لاتحرِمنا من ملكاتك السّبيكة ,

دِمت بِخير ,

يا مرحبا ودق
شكرا لك يا شاعرة
وستظفرون بها قريبا بإذن الله
شكرا للطفك .

اناييس 05-05-2014 09:29 AM

رد: وفي أدبي الرياض كانت القصة المنبرية
 
جميل جدا ما تكتب كلامك يصل للروح بسرعة
سعيدة اني التقيك مرة اخرى

رحّال 05-05-2014 10:23 AM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
 
ذكرياتٌ ، يا رفيق.!

الــســفــيــر 07-05-2014 05:45 AM

رد: وفي أدبي الرياض كانت القصة المنبرية
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اناييس (المشاركة 1669540)
جميل جدا ما تكتب كلامك يصل للروح بسرعة
سعيدة اني التقيك مرة اخرى

جملك الله بما تحبين ، وشكرا لك يا اناييس
وأنا سعيد رغم أني التقيك للمرة الأولى .

الــســفــيــر 07-05-2014 05:46 AM

رد: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رحّال (المشاركة 1669550)
ذكرياتٌ ، يا رفيق.!


ومن نحن بلا ذكريات يا رفيق ؟!

ما أحلاك هناك وهنا

المفكر 10-08-2015 11:31 AM

رد: وفي أدبي الرياض كانت القصة المنبرية
 
موضوع متميز


الساعة الآن 09:25 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. موقع و منتديات سدير 1432 هـ - 1435 هـ

جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه