عرض مشاركة واحدة
قديم 16-07-2010, 06:51 AM   #5
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 6960 فى 3065 موضوع
عبدالرحمن الفهد نسبة التقييم للعضوعبدالرحمن الفهد نسبة التقييم للعضوعبدالرحمن الفهد نسبة التقييم للعضوعبدالرحمن الفهد نسبة التقييم للعضوعبدالرحمن الفهد نسبة التقييم للعضوعبدالرحمن الفهد نسبة التقييم للعضوعبدالرحمن الفهد نسبة التقييم للعضوعبدالرحمن الفهد نسبة التقييم للعضوعبدالرحمن الفهد نسبة التقييم للعضوعبدالرحمن الفهد نسبة التقييم للعضوعبدالرحمن الفهد نسبة التقييم للعضو

 

رد: الإكثار من الحلف

يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة المائدة: “لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون” (الآية 89).

لما نزلت الآية الكريمة “يأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم” في القوم الذين كانوا حرموا على أنفسهم النساء واللحم قالوا: يا رسول الله كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها؟ فأنزل الله تعالى قوله: “لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان”.

واللغو من الكلام كما يقول العلماء هو ما لا يعتد به منه، وهو الذي يورد لا عن روية، فيجري مجرى اللغا وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور. وقد يسمى كل قبيح لغوا قال تعالى: “وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه”.

ولغو اليمين أن يحلف الحالف على شيء يرى انه صادق فيه ثم يتبين له خلاف ذلك. ويرى بعض العلماء أن لغو اليمين هو الذي يجري على اللسان بدون قصد كقول الإنسان: “لا والله. وبلى والله” وقد رجح هذا القول ابن كثير.
والمراد بعقد الأيمان في قوله “عقدتم” توكيدها وتوثيقها قصدا ونية.

والمعنى: لا يؤاخذكم الله أيها المؤمنون فضلا منه وكرما على اللغو في اليمين وهو ما يجري على ألسنتكم بدون قصد ولكن يؤاخذكم بالعقوبة في الآخرة أو بوجوب الكفارة بتعقيدكم الأيمان وتوثيقها بالقصد والنية إذا حنثتم فيها، بأن تعمدتم الكذب في أيمانكم. فالمراد بعدم المؤاخذة في قوله: “لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم” عدم المعاقبة في الدنيا بالكفارة ولا في الآخرة بالعقوبة.
والمراد بالمؤاخذة في قوله “ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان” العقوبة الأخروية عند جمهور الفقهاء ويرى الشافعي أن المراد بها الكفارة التي تجب على الحانث.

وقوله سبحانه: “فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة” بيان لكيفية الكفارة.
والمعنى: لقد تفضل الله عليكم أيها المؤمنون بأن رفع عنكم العقوبة والكفارة في الأيمان اللغو ولكنه سبحانه يؤاخذكم بتعقيدكم الأيمان وتوثيقها اذا ما حنثتم فيها ومتى حنث أحدكم في يمينه، فمن الواجب عليه لتكفير هذا اليمين ومحو إثمه ان يطعم عشرة مساكين طعاما يكون من متوسط ما يطعم منه أهله في الجودة والمقدار، أو ان يكسو هؤلاء المساكين العشرة كساء مناسبا ساترا للبدن أو ان يحرر رقبة بأن يعتق عبدا من الرق فيجعله حرا.

وهكذا نرى أن الله عز وجل وهو الرحيم بعباده قد خير الحانث في يمينه بين امور ثلاثة يختار أحدها، فإذا لم يستطع أحدها فقد بين سبحانه له حكما آخر فقال: “فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام” أي فمن لم يجد ما يكفر حنثه في يمينه من إطعام أو كساء أو تحرير رقبة فعليه حينئذ أن يصوم ثلاثة أيام تطهيرا لنفسه، وتكفيرا عن ذنبه، وتقوية لإرادته وعزيمته.

وقوله عز وجل: واحفظوا أيمانكم، أمر من الله تعالى لعباده بأن يصونوا أنفسهم عن الحنث في أيمانهم، وعن الإكثار منها لغير ضرورة، فإن الإكثار من الحلف بغير ضرورة يؤدي إلى قلة الحياء من الله تعالى كما ان الحلف الكاذب يؤدي إلى سخطه سبحانه على الحالف وبغضه له.

وقوله “كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون” تذييل قصد به التذكير بنعم الله حتى يداوم الناس على شكرها وطاعة واهبها عز وجل.

أي: مثل هذا البيان البديع الجامع لوجوه الخير والفلاح يبين الله لكم آياته المشتملة على الأحكام الميسرة، والتشريعات الحكيمة، والهدايات الجليلة لعلكم بذلك تستمرون على شكر الله وطاعته، وتواظبون على خشيته ومراقبته فتنالون ما وعدكم من فلاح وسعادة.


عبدالرحمن الفهد غير متصل   رد مع اقتباس