عرض مشاركة واحدة
قديم 20-12-2010, 01:29 AM   #32
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: وقـفـات مع الشعر والشعراء

قصيدة : برق.. تلالا..


قراءة في قصيدة : برق.. تلالا.. للهزاني
دقة الوصف.. قوة المفردة.. وتناغم المعاني
قراءة - عبدالعزيز الصعب


للقراءات النقدية أهمية كبيرة في إثراء أدبنا الشعبي وتطويره، لنصل إلى رؤية حقيقية تعكس لنا صورة وأهمية أدبنا الشعبي. وغالباً ما تكون القراءات النقدية شاملة سواء لديوان شعر أو كتاب أو مجموعة قصائد وغيرها، غير انني هنا أردت أن أخرج قليلاً في موضوع القراءات النقدية الشاملة تلك، إلى قراءات فردية لا لشيء ولكني وجدت أن لدينا قصائد الواحدة منها بحاجة إلى قراءة خاصة ومنفردة نظراً لما نجد فيها من معاني وإبداع حقيقي وقد تكفي قراءتها المتأنية عن قراءة ديوان شعري بأكمله.
ومن هنا فقد اخترت إحدى قصائد الشاعر الكبير محسن الهزاني الذي طالما أطرب العقول والقلوب بقصائده المميزة، وطالما أيضاً وصلت قصائده إلى الأعماق بجمالها وقوتها وعذوبتها.
ولعل المتابع لقصائد هذا الشاعر المبدع، يجد ما تحمله من عاطفة قوية تتغلغل في داخل القلب وتطرب لها النفس، ولعل قصيدته "برق.. تلالا" دليلٌ واضح على مدى قوتها وروعتها، ومدى أيضاً شهرتها التي مازالت حتى وقتنا الحاضر حديث القلوب.
انني عندما ألقى نظرة عامة على القصيدة كوحدة متكاملة، فإنه ينتابني شعور بما كانت عليه نفسية الشاعر أثناء كتابتها، وبماذا كانت فكرة الشاعر الذي أنتج لنا هذه القصيدة الجميلة.
ومحسن الهزاني من الشعراء القلائل الذين يغوصون في أعماق المفردة القوية والذي تفرد وبلا منازع في صناعتها وقوتها. وعندما يستهل شاعرنا قصيدته بذلك الرجاء الذي يريد به المطر، فهو يدخل بنا إلى عالم الإبداع الشعري الحقيقي يقول:

يا لله بنو مدلهم الخيالا
طفح ربابة مثل شرد المها الزرق
لي جا على البكرين بني الحلال
ولي عاد لا يفصل رعدها عن البرق

صورة يجسدها الشاعر هنا ليأخذنا إلى عالم البرق والرعد والمطر بتلك المفردة التي قلما نجدها عن أي شاعر، وهنا استهلال فريد يبدأ به الشاعر لأنه وللوهلة الأولى كأنه يقول هاأنذا قادم فلا تستجعلوا.. ثم يقول:

يسقي غروس عقب ما هي همالا
حط الحريق ديار الأجداد له طرق

الحريق وهي بلدة الشاعر، فكان لابد أن يذكرها بهذه الشفافية والرقة ويدعو لها بالمطر، وهذه أيضاً صورة تملأها الرقة والعذوبة. غير أن شاعرنا وقد باح به العشق والغرام والهيام اتضحت عليه معالم ذلك العشق البريء والجميل، وذلك من خلال ما أوضحه لنا في القصيدة من وصف واتكاءة حقيقية على صدق المشاعر التي تتراءى لنا من على شرفات الإبداع يقول في هذه الجزئية الرائعة والفريدة:

روشن هيا له فرجتين شمالا
باب مع القبلة.. وباب مع الشرق
ومبسم هيا له بالظلام اشتعالا
بين البروق وبين مبسم هيا فرق

لنقرأ هذه الجزئية الفريدة ثم نعيد قراءتها مرات ومرات، سوف نجد الدقة البلاغية في الوصف، وسوف نجد المفردة القوية إضافة إلى المعنى الدقيق الذي ينم عن عاطفة الشاعر الملتهبة في هذا الوصف، فهو يصف (روشن) (هيا) تلك المحبوبة والروشن هنا هو المكان الذي تجلس فيه، يصف موقعة ذو المدخلان (الشمال) و(الشرق) وهنا تلعب نفسية الشاعر الدور الهام في مدى دقة هذا الوصف ومدى تعلقه بتلك المحبوبة، ثم يستطرد ويقول:

برق تلالا.. قلت عز الجلال
وأثره جبين صويحبي.. وأحسبه برق

اعتقد أن هذا البيت يصل بنا إلى درجة عالية من التذوق الأدبي لأنه يحمل في معناه كثيراً من الإبداع وكثيراً من الهندسة اللغوية التي قد لا تجدها الآن. فوصف الشاعر (جبين صويحبه) بالبرق كناية عن البياض وعن (اللمعة) لمعة (البرق)، فهل تخطر ببال أحد هذه الصورة، خصوصاً وأن الشاعر عاش في وقت ربما تكون فيه الكتابة على نطاق ضيق وكذلك التعليم.. وهنا قد نطرح تساؤلاً مهماً هو: كيف أبدع شاعرنا.. ولكننا وفي نفس الوقت نعطي البيئة التي عاش فيها دوراً في إبداعه وكذلك في معاناته. ويستمر المبدع هنا في قصيدته بأبيات عذبة تهطل إلى حيث أرض الشعر والإبداع وتتناغم جرساً وموسيقى تأخذ بأسماعنا إلى الطرب والغناء ثم يقول في وصف فريد:

يا شبه صفراً طار عنها الجلال
طويلة السمحوق تنزح عن الورق
له ريق أحلى من حليب الجزالا
وأحلى من السكر إلى جا من الشرق


صورة إبداعية وخيال واسع يتراءى هنا نتاج تأثر الشاعر بتلك المحبوبة الذي يريد أن يقول فيها الكثير والكثير. وعند النظر إلى القصيدة كاملة، نجد تلك القافية التي تتناغم موسيقياً بالرغم من صعوبتها وكذلك نجد اختيار الشاعر لبحر القيدة الجميل (المسحوب) الذي يأتي باللحن العذب عند غنائها وترديدها. ولعلنا وبكل صدق لا نقول بأننا سنجد روعة كهذة الروعة ولا جمالاً كهذا الجمال الذي نقلنا إلى عالم من الوجد وإلى عالم من الوصف الفريد بل إلى عالم كامل من صدق المفردة وقوتها. ولعل شاعرنا في آخر قصيدته يبين لنا مدى حبه وتعلقه الشديدين بمحبوبته يقول بأنه لا ولن يتوب من الحب لتلك التي فاق جبينها البرق ومبسمها عندما قال:

قالوا تتوب من الهوى.. قلت لا لا
إلا إن يتوبون الحناشل عن السرق

خيال بعيد جداً لتوبة الشاعر عن حبه لمحبوبته، وكأنه يقول مهما يحصل أو يحدث فأنا لن أتوب وابتعد، وقرن توبته بتوبة (اللصوص) عن السرق.
وبعد فالقراءات النقدية للشعر يعتبر مفتاح الدخول إلى أعماق الشعراء من خلال قصائدهم ومعاناتهم خصوصاً إذا كانت القراءات النقدية تلك تنصب على المعاني والمفردات وقبل هذا وذاك تنصب على إبداع الشاعر ونفسيته. ولعلي بهذه القراءة قد وصلت إلى جزء بسيط من إيصال بعض من نقد وإيضاح لتلك القصيدة التي هي بمثابة نقلة جديدة لشعراء اليوم الذي من المفترض أن يتأولوا في مثل ذلك الإبداع الشعري.. وإلى أن التقي بكم في قراءة أخرى لكم التحية.
قالوا كـذا مبسـم هيـا قلـت لا لا
بين البروق وبين مبسم هيـا فـرق
ويالله بـنـوٍ مدلـهـم الـخـيـالا
طافح ربابه مثل شرد المها الـزرق
لا جا على البكريـن بنـا الحـلالا
ولاعاد لا يفصل رعدها عن البـرق
يسقي غروسٍ عقب ماهـي همـالا
وحط الحريق ديار الاجواد له طرق
يسقـي نعـامٍ ثـم يمـلا الهـيـالا
ويصبح حمامه ساجعٍ يلعب الـورق
جريت انا صوت الهـوى باحتمـالا
في وسط بستانٍ سقـاه اربـعٍ فـرق
طبّيت مـع فـرعٍ جديـد الحبـالا
وظهرت مع فرعٍ تناوح به الـورق
روشن هيـا لـه فرجتيـنٍ شمـالا
وبابٍ على القبله وبابٍ على الشـرق
مبسم هيـا لـه بالظـلام اشتعـالا
بين البروق وبين مبسم هيـا فـرق
برقٍ تـلالا قلت عـز الجـلالا
واثره جبين صويحبي واحسبه بـرق
يا شبه صفرا طار عنهـا الجـلالا
طويلة السمحوق تنزح عـن الـدرق
له ريق احلى مـن حليـب الجـزالا
واحلى من السكر الى جاء من الشرق
حنيت انـا حنـة هزيـل الجمـالا
ينقض ردي الخيل قد حسـة الفـرق
ويـا قلتـةٍ فـي عاليـات الجبـالا
ماها قراح مير مـن دونهـا غـرق
ماعـاد للصبيـان فيهـا احتـمـالا
من كود مرقاها يديهم غـدن طـرق
قالوا تتوب من الهوى قلـت:- لا لا
الا ان تتوب ارماح علوى عن الزرق
قالوا تتوب من الهوى قلـت:- لا لا
الا ان يتوبون الحناشل عن السـرق
قالوا تتوب من الهوى قلـت:- لا لا
الا ان تتوب الشمس عن مطلع الشرق


أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس