عرض مشاركة واحدة
قديم 04-01-2011, 09:00 PM   #12
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: الـصـحـابـة رضي الله عنهم



(30)

أبو هريرة

سيد الحفاظ



إنه الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه-، كان اسمه قبل إسلامه عبد شمس،

فلما شرح الله صدره للإسلام سماه الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن،

وكناه الصحابة بأبي هريرة، ولهذه الكنية سبب طريف، حيث كان عبد الرحمن يعرف بعطفه

الكبير على الحيوان، وكانت له هرة (قطة) يحنو عليها، ويطعمها، ويرعاها، فكانت تلازمه

وتذهب معه في كل مكان، فسمي بذلك أبا هريرة، وكان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يدعوه أبا هريرة،

فيقول له: (خذ يا أبا هريرة) [البخاري].

وقد ولد أبو هريرة في قبيلة دوس (إحدى قبائل الجزيرة)، وأسلم عام فتح خيبر (سنة 7هـ)،

ومنذ إسلامه كان يصاحب النبي

صلى الله عليه وسلم

ويجلس معه وقتًا كبيرًا؛ لينهل من علمه وفقهه ،

وحاول أبو هريرة أن يدعو أمه إلى الإسلام كثيرًا، فكانت ترفض، وذات يوم عرض عليها

الإسلام فأبت، وقالت في رسول الله
صلى الله عليه وسلم
كلامًا سيِّئًا، فذهب أبو هريرة إلى الرسول،

وهو يبكي من شدة الحزن، ويقول: يا رسول الله، إنى كنت أدعو أمي إلى الإسلام

وهى مشركة، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة.

فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم (اللهم اهد أم أبي هريرة)،
فخرج أبو هريرة من عند الرسول فرحًا مستبشرًا بدعوة نبي الله
صلى الله عليه وسلم ،
وذهب إلى أمه ليبشرها، فوجد الباب مغلقًا،

وسمع صوت الماء من الداخل، فنادت عليه أمه، وقالت: مكانك يا أبا هريرة،

وطلبت ألا يدخل حتى ترتدي خمارها، ثم فتحت لابنها الباب، وقالت:

يا أبا هريرة، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله.

فرجع أبو هريرة إلى الرسول
صلى الله عليه وسلم يبكي من الفرح،
ويقول: يا رسول الله أبشر،قد استجاب الله دعوتك، وهدى أم أبي هريرة،
فحمد الرسول
صلى الله عليه وسلم ربه، وأثنى عليه وقال خيرًا،
ثم قال أبو هريرة: يا رسول الله، ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين،
ويحببهم إلينا، فقال رسول الله عليه السلام :

(اللهم حبّبْ عُبَيْدَك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهم المؤمنين)،

قال أبو هريرة: فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني.[مسلم].

وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يحب الجهاد في سبيل الله،
فكان يخرج مع المسلمين في الغزوات، وكان يواظب على جلسات العلم ويلازم النبي ،
فكان أكثر الصحابة ملازمة للنبي

وأكثرهم رواية للأحاديث عنه ، حتى قال عنه الصحابة: إن أبا هريرة قد أكثر الحديث،
وإن المهاجرين والأنصار لم يتحدثوا بمثل أحاديثه، فكان يرد عليهم ويقول:
إن إخواني من الأنصار كان يشغلهم عمل أراضيهم، وإن إخواني من المهاجرين

كان يشغلهم الصفق بالأسواق (التجارة)، وكنت ألزم رسول الله
صلى الله عليه وسلم
على ملء بطني، فأشهد إذا غابوا وأحفظ إذا نسوا.

ولقد قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم يومًا: (من يبسط ثوبه فلن ينسى شيئًا سمعه مني، فبسطت ثوبي حتى قضى من حديثه، ثم ضممتها إليَّ، فما نسيت شيئًا سمعته منه) [مسلم]،

ولولا آيتان أنزلهما الله في كتابه ما حدثت شيئًا أبدًا

(إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب

أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم )[البقرة: 159- 160].

وكان لأبي هريرة -رضي الله عنه- ذاكرة قوية قادرة على الحفظ السريع وعدم النسيان،

قال عنه الإمام الشافعي -رحمه الله- : إنه أحفظ من روى الحديث في دهره. وقال هو عن نفسه:

ما من أحد من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم أكثر حديثًا عنه مني،
إلا ما كان من عبد الله بن عمرو بن العاص

فإنه كان يكتب ولا أكتب.

وكان يحب العلم، فكان طلابه يقبلون عليه، حتى يملئوا بيته، كما كان مقدرًا للعلم،

فذات يوم كان ممددًا قدميه فقبضهما ثم قال:
دخلنا على رسول الله
صلى الله عليه وسلم حتى ملأنا البيت وهو مضطجع لجنبه،
فلما رآنا قبض رجليه ثم قال: (إنه سيأتيكم أقوام من بعدي يطلبون العلم،
فرحبوا بهم وحيُّوهم وعلموهم) [ابن ماجه].

وكان أبو هريرة شديد الفقر، لدرجة أنه كان يربط على بطنه حجرًا من شدة الجوع،

وذات يوم خرج وهو جائع فمر به أبو بكر -رضي الله عنه-، فقام إليه أبو هريرة وسأله عن تفسير

آية من كتاب الله، وكان أبو هريرة يعرف تفسيرها، لكنه أراد أن يصحبه أبو بكر إلى بيته ليطعمه،

لكن أبا بكر لم يعرف مقصده، ففسر له الآية وتركه وانصرف، فمر على أبي هريرة

عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فسأله ففعل معه مثلما فعل أبوبكر.

ثم مر النبي عليه الصلاة والسلام فعلم ما يريده أبو هريرة فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم:
(أبا هريرة)،فقال: لبيك يا رسول الله، فدخلت معه البيت، فوجد لبنًا في قدح، فقال:
(من أين لكم هذا؟) قيل: أرسل به إليك. فقال النبي
صلى الله عليه وسلم:

(أبا هريرة، انطلق إلى أهل الصفة [الفقراء الذين يبيتون في المسجد] فادعهم)،
فحزن أبو هريرة، وقال في نفسه:
كنت أرجو أن أشرب من اللبن شربة أتقوى بها بقية يومي وليلتي،
ثم قال في نفسه: لابد من تنفيذ أمر الرسول
صلى الله عليه وسلم ،
وذهب إلى المسجد،ونادى على أهل الصفة، فجاءوا،
فقال في نفسه: إذا شرب كل هؤلاء ماذا يبقى لي في القدح،
فأتوا معه إلى بيت النبي
صلى الله عليه وسلم ،
فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم : (أبا هر، خذ فأعطهم)،

فقام أبو هريرة يدور عليهم بقدح اللبن يشرب الرجل منهم حتى يروى ويشبع،

ثم يعطيه لمن بعده فيشرب حتى يشبع، حتى شرب آخرهم،

ولم يبق في القدح إلا شيء يسير، فرفع النبي
صلى الله عليه وسلم رأسه وهو يبتسم وقال:
(أبا هر) قلت: لبيك يا رسول الله،

قال: (بقيت أنا وأنت) قلت: صدقت يا رسول الله، فقال الرسول: (فاقعد فاشرب).

قال أبو هريرة: فقعدت فشربت، فقال: (اشرب). فشربت،
فما زال النبي
صلى الله عليه وسلم يقول لي اشرب فأشرب حتى قلت:
والذي بعثك بالحق ما أجد له مساغًا (مكانًا)، فقال النبي
صلى الله عليه وسلم :

(ناولني القدح) فأخذ النبي
صلى الله عليه وسلم القدح فشرب من الفضلة. [البخاري].

وقد أكرم الله أبا هريرة نتيجة لإيمانه وإخلاصه لله ورسوله ،

فتزوج من سيدة كان يعمل عندها أجيرًا قبل إسلامه، وفي هذا يقول:
نشأتُ يتيمًا، وهاجرت مسكينًا،
وكنت أجيرًا عند بسرة بنت غزوان بطعام بطني،
فكنت أخدم إذا نزلوا، وأحدوا إذا ركبوا (أي أمشى أجر ركائبهم)،
فزوجنيها الله، فالحمد لله الذي جعل الدين قوامًا،

وجعل أبا هريرة إمامًا.

وفي عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- تولى أبو هريرة إمارة البحرين،

وكان نائبًا لمروان بن الحكم على المدينة، فإن غاب مروان كان هو الأمير عليها،

وكان يحمل حزمة الحطب على ظهره في السوق ويراه الناس.

وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- ناصحًا للناس؛ يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر،

وبينما كان يمر بسوق المدينة رأى الناس قد اشتغلوا بالدنيا، فوقف في وسط السوق وقال:

يا أهل السوق: إن ميراث رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقسم وأنتم هنا،
ألا تذهبون فتأخذوا نصيبكم منه!

فقالوا: وأين هو؟ قال: في المسجد.
فأسرع الناس إلى المسجد ثم رجعوا إلى أبي هريرة

فقال لهم: ما لكم رجعتم؟! قالوا: يا أبا هريرة، قد ذهبنا إلى المسجد،

فدخلنا فيه فلم نر فيه شيئًا يقسم! فقال: وماذا رأيتم؟ قالوا: رأينا قومًا يصلون،

وقومًا يقرءون القرآن، وقومًا يذكرون الحلال والحرام، فقال لهم أبو هريرة: فذاك ميراث محمد.

وعاش أبو هريرة لا يبتغي من الدنيا سوى رضا الله وحب عباده من المسلمين حتى

حضرته الوفاة، فبكى شوقًا إلى لقاء ربه، ولما سئل: ما يبكيك؟ قال:

من قلة الزاد وشدة المفازة، وقال: اللهم إني أحب لقاءك فأحبب لقائي.

وتوفي -رضي الله عنه- بالمدينة سنة (59 هـ)، وقيل سنة (57هـ)، وعمره (78) سنة،

ودفن بالبقيع بعدما ملأ الأرض علمًا، وروى أكثر من (5000) حديث.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس