عرض مشاركة واحدة
قديم 28-05-2011, 05:28 PM   #90
عضو مميز جداً
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز العمران
 
تم شكره :  شكر 16200 فى 3359 موضوع
عبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضو

 

رد: الحب وأهله في سدير (قصص) ... [ يُمنع المنقول ] .




تأنيب الضمير




المهندس وليام جون والراعية الحسناء صيتة
في شعيب الروضة .. من الجاني ؟ ومن الضحية؟




الجزء الثاني


ملخص الجزء الأول

بعد اللقاء العابر الأول بين المهندس وليام جون والراعية الحسناء صيتة في عمق (شعيب)
الروضة خلف السد من جهة الغرب انشغل فكر المهندس وأمضى نهاره يؤدي عمله المناط
به مع بحث دائم في الفضاء الممتد أمامه لعله يلمح الراعية الجميلة وأغنامها .. ولكن شيئاً
من هذا لم يحدث مما أضطره إلى إنهاء العمل في وقت مبكر نسبياً عن المعتاد ويعود إلى
السكن للاستعداد من أجل القيام برحلة في عمق الوادي لعلع يعثر على صيتة ...

نتابع بوح المهندس :



عدت إلى سكني أسابق الثواني واستبدلت ملابس العمل على عجل وتفقدت هندامي ثم أخذت حقيبة من

القماش ووضعت بها قطعاً من الكعك وبعض الحلوى وكشافاً وحافظة صغيرة للماء ثم انطلقت إلى حيث

وجدت الراعية الحسناء صيتة يوم أمس رغم أني لم ألمح قطيع الأغنام ولكن كان من المستحيل أن أبقى

في المسكن دون محاولة البحث عنها .. مررت بصديقي بيتر وهمست في أذنه بأن لا يسأل عني في

غيابي .. وكان مستلقياً على الأرض فاعتدل في جلسته وسأل إلى أين أيها المجنون ؟ .. فلم أجبه وصاح

بي سأرافقك ولكني رفضت رفضاً قاطعاً لعدة أسباب أهمها أن هذا المشوار ونتائجه المحتملة هو

من خصوصياتي ولا أود من أي أحد مشاركتي فيه كما أن بيتر وسيم وذو جسم رياضي وله حظوة كبيرة

عند النساء وأغار منه كثيراً ... تركته وهو يضحك ساخراً وأعطيته ظهري مغادراً السكن حاملاً معي

حاجياتي وآمالي ورهبتي من القادم المجهول ونزلت إلى بطن الوادي المغطاة بالحصى الأبيض الصغير

مواجهاً لقرص الشمس وهو في طريقه للاختفاء خلف الجبال التي تجثم على ضفتي الوادي .. ورحت أمشي

تارة وأركض تارة أخرى وقلبي يزداد نبضه كلما اقتربت من المكان الذي شهد لقائي الأول بصيتة .. اقتربت

من المكان وأنا أجول بنظري هنا وهناك ولكن لم أرى أي أثر للأغنام وراعيتها الجميلة .. وقفت حزينا ً

محبطاً في أجواء بدت كئيبةً يلفها صمت موحش مما ضاعف من معاناتي فجلست القرفصاء في حالة من

الوجوم والسكون مطرقاً برأسي وعيناي لا تبرحا موضع أقدامي .. وفيما أنا على هذه الحال انتبهت على

صوت نباح كلب ليس ببعيد عن مكاني فخطر في بالي أن أكمل مسيري في الاتجاه الذي انبعث منه هذا

الصوت فربما تكون ضالتي التي أبحث عنها هناك خاصة وأنه نفس الطريق الذي سلكته الراعية

الجميلة (صيته) يوم أمس ، كما تشجعت أكثر حين شاهدت التل الصغير الذي أخفاها عن مدى نظري ..

سرت بخطوات متسارعة كسباً للوقت الذي بدأ يمر سريعاً وحتى لا يحل الظلام قبل أن أصل إلى هدفي ..

وبعد أن قطعت مسافة لا بأس بها بدأت أسمع أصواتاً متداخلة لبشر ليسوا بعيدين عن موقعي وكنت كلما

مشيت عدة خطوات اقتربت الأصوات أكثر .. ثم اعترض طريقي التل الذي اختفت خلفه الراعية يوم

أمس وقررت صعود التل لأستشرف المكان فيما الشمس قد أوشكت على المغيب ... صعدت التل وكانت

المفاجأة أن قطيع الأغنام الذي وجدته بالأمس رايته ينتشر حول خيمتين منصوبتين على سفحه .. ترددت

قليلاً في النزول إلى حيث الخيام .. فلم يكن لدي أدنى تصور عن كيفية استقبال أهل هذه الخيام لرجل غريب

مثلي .. لم يطل ترددي و حزمت أمري وقررت النزول مهما كانت النتيجة فهي أفضل من العودة إلى

السكن .. كانت الشمس قد غربت ولكن لازال هناك بقية من ضوء النهار .. اتجهت إلى الخيام واقتربت منها

وكان ساكنوها يتحركون في محيطها منهمكين في بعض الأعمال في مواقع متفرقة حول الخيام .. وقفت

بجوار الخيمة الأكبر ورفعت يدي مبتسماً أحيي رجلاً كان من الواضح أنه الأب فرد التحية واتجه نحوي

بوجه مبتسم أراحني كثيراً ووقف أمامي وصافحني وبدت ملامحه وكأنه يستفسر عن سبب مجيء الغريب

إلى هنا ... لم تسعفني اللغة للتفاهم معه ولكنه اختفى فجأة من أمامي وعاد بعد فترة وجيزة ومعه فراش

صغير من الصوف ورماه أرضاً وأشار لي بالجلوس ... جلست وجلس أمامي نتبادل النظرات والابتسامات

دون الحديث وأخرجت الكعك والحلويات التي في الحقيبة وقد رأيت السعادة على محياه فيما كان عدد من

الأطفال يراقبون الوضع عن بعد وإذا بهم يتقافزون ويهجمون على الكعك والحلويات وقد حاول والدهم

منعهم إلا أني أشرت إليه بأن لا يفعل وما هي إلا فترة بسيطة وإذا بزوجة البدوي تقترب منا وتضع إناء حليب

ثم تتبعها من أخذت شغاف قلبي ومعها قليل من التمر والماء .. وكان الموقف في قمة الإثارة وهي

تبادلني النظرات خلسة و نور وجهها يجلو ظلمة المكان ... فيما تسارعت خفقات قلبي وتلاحقت أنفاسي

وانعكس ذلك جلياً على ملامحي .. عادت الراعية الحسناء ووقفت بالقرب من الخيمة ولكنها في مرمى

بصري وكنت أسترق النظر إليها وكان من الواضح أنها تشعر بذلك بدليل أنها أيضا كانت تبادلني النظرات

ذاتها وتحاول تعديل هندامها والتكسر في مشيتها في مشاوير يبدوأنها مفتعلة للفت الانتباه ... ولم يكن

الأمر بحاجة لذلك فقد كنت في قمة التفاعل مع هذا المشهد الجديد كلياً من حيث المكان والإنسان

والإحساس عما اعتدت عليه في بلدي .. كم هي رائعة هذه الصحراء بكل مفرداتها ! .. شربت الحليب

وأكلت بضع تمرات ثم نهضت مودعاً لهم وشاكراً حسن الضيافة بلغة الإشارة .. وفي هذه الأثناء اقتربت

الراعية الحسناء منا كثيراً وكأنها تود المشاركة في التوديع مما أدخل السعادة في نفسي أكثر.. ثم أخذت

طريقي إلى المسكن وسط الظلام مستخدما الكشاف لإنارة الطريق أمامي ولم أحس بوحشة الطريق فقد

كان الفكر منشغلاً بعروس الصحراء الفاتنة .. وصلت إلى المسكن وكان زملائي في حالة قلق علي ولكني

لم أعرهم أي انتباه فقد كنت في عالم آخر ... ولم أشاركهم العشاء فقد اكتفيت بالحليب والتمر .. وأخذت

الكرسي إلى مكاني المعتاد ورحت منهمكاً في حالة تأمل وتذكر حتى غالبني النوم ثم عدت إلى المسكن

حيث استغرقت في نوم عميق عوض سهر الليلة الماضية .. استيقظت من النوم في الصباح الباكر وذهبت

برفقة زملائي إلى ميدان العمل بهمة ونشاط حتى حان موعد الغداء حيث استأذنت من رئيسي في العمل

بحجة بعض الأعمال الخاصة وذهبت للسكن وهيأت نفسي كأحسن ما يكون وحملت حقيبتي ووضعت بها

نفس الحاجيات يوم أمس وأضفت إليها سجادة صغيرة وغادرت المسكن في أول العصر .. وكان كل شيء

يبشر بالخير فبمجرد خروجي من المسكن لمحت قطيع الأغنام واتجهت إليه مباشرة وقلبي لا يفتر عن

الخفقان بتسارع شديد وأحسست أن المسافة طويلة جداً تكاد لا تنقضي ... اقتربت من قطيع الأغنام

ومعه ملكة جمال الصحراء ( صيته ) وقد شاهدتها وهي تهيئ نفسها لاستقبالي وتطرد الكلب بعيداً .. اقتربت

منها ورفعت يدي لتحيتها فردت بخجل كسا وجهها الجميل ,, اقتربت مني بحياء ولكن بشوق لا يخفى على

رجل .. وابتسمت لها وبادلتني الابتسامة ومددت يدي لمصافحتها ولكنها أحجمت عن مد يدها فقبضت يدي

وأعدتها وأنا أحاول إخفاء حرجي... تراجعت صيته قليلاً وهي تتلفت خشية أن يكون أحد قريباً منا ثم أشارت

لي بيدها بأن أنتظر قليلاً .. الأمر الذي أعاد الهدوء إلى نفسي.. ثم ساقت أغنامها أمامها وتبعتها وأنا في

حالة من التردد ولكني تشجعت حين لم تبدي تضايقاً من مسايرتي لها خاصة وأنها اتجهت إلى ناحية

معاكسة لخيام أهلها استمرت في المسير ودخلت في فرع وادي صغير

وتركت الأغنام تنتشر في المجرى الرئيسي للوادي .. ثم عادت إلي وقد تشرب وجهها

بحمرة الخجل فبدا وكأنه شمس تهفو إلى المغيب ..أخرجت السجادة وفرشتها ووضعت ما احتوت الحقيبة

عليها ودعوتها للجلوس بإشارةٍ من يدي وجلست أمامي فاتنة الصحراء وعلى مسافة قريبة مني الأمر

الذي أوحى لي بان تطوراً في العلاقة بيننا ربما آن أوانه .. وكان علي أن أبادر بالخطوة الأولى ومع أول

محاولة لي انتفضت واقفة كالفرس وقد تغيرت ملامحها الوادعة وتجهم وجهها وابتعدت عني وهي تردد

كلمات من الواضح أنها تعبر عن حالة من السخط ظننت أنه نوع من التمنع المعتاد لدى بعض النساء

فقمت واقفاً محاولا ًالاقتراب ولكنها اتجهت وبلمح البصر إلى كيس معلقة على ظهر الحمار المرافق

للأغنام وأخرجت سكيناً طويلة لازلت أتذكر لمعانها وهي تلوح بها فما كان مني إلا التراجع مندحراً إلى

مكاني السابق انتظاراً لحكم ربما يصدر بحقي في أي لحظة ولكنها اكتفت بسرد كلمات غير مفهومة بالنسبة

لي وإن كانت تشير بإصبعها إلى السماء وكأنها تشير إلى أن رفضها يعود في أساسه إلى إيمان عميق يسكن

روحها أساسه مخافة الله ثم التزامها بمبادئ لا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال..وهذا ما تبين لي لاحقاً

بعد أن اجتهدت في جمع ما أمكن من المعلومات عن البيئة والمجتمع المحيط بصيته وكيف أنه يختلف عما

تعودت عليه في مجتمعي أنا .. وعلى كل حال فلم يكن أمامي سوى الإذعان واحترام التوجه الذي فرضته

صيته بأسلوبها الخاص .. وبالتأكيد هي على حق في ابتعادها عن درب الخطيئة حتى وان كان ذلك على

حساب رغبة جامحة تسيطر على إحساسي..غادرت صيته المكان وتركتني ألملم بقايا وجهي الغارق في

بحر من الخجل والإحراج .. ورغم صعوبة الموقف إلا أن شعوراً سكن عقلي الباطن تجاه هذه الفتاة

الرائعة فحواه أنها جمالها ليس مظهراً فقط بل هو مخالط لكل جزيئات كيانها كما إني في تلك اللحظات

تلقيت درساً عملياً في غاية الأهمية على يد هذه البدوية الأمية .. جمعت حاجياتي وطويت سجادتي

وغادرت المكان وأنا في حالة ذهول من تسارع الأحداث بهذا الشكل الدراماتيكي الغير متوقع وكانت

محصلتها النهائية أن صيته أصبحت حبيبتي وسيدتي وأستاذتي بالقلب والعقل بل وأصبحت هي روح

كياني ونبض فؤادي ولكن السؤال الذي لم أكن أعرف إجابته في ذلك الوقت هو :

إلى أين سيأخذني هذا الحب ؟


نكمل ...

الجزء الثالث والأخير .
التوقيع
عبدالعزيز العمران غير متصل   رد مع اقتباس