عرض مشاركة واحدة
قديم 29-05-2011, 01:41 PM   #102
عضو مميز جداً
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز العمران
 
تم شكره :  شكر 16200 فى 3359 موضوع
عبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضو

 

رد: الحب وأهله في سدير (قصص) ... [ يُمنع المنقول ] .




تأنيب الضمير




المهندس وليام جون والراعية الحسناء صيته
في شعيب الروضة .. من الجاني ؟ ومن الضحية؟



الجزء الثالث والأخير



(إلماح عن الجزء الثاني)

تحدث المهندس ويليام عن لقائه بصيته في خيام أهلها .. ثم لقائه العاصف بها الذي تلقى خلاله درساً
في معرفة الحدود التي يجب أن يلتزم بها خلال تعامله معها أو غيرها من النساء ..
لنتابع بوح المهندس ويليام جون بعد عودته من لقائه المهم جداً مع صيته :







وصلت إلى السكن دون أشعر فقد كنت مستغرقاً في دوامة من التفكير لم تنقطع بوصولي واستقبال صديقي لي بل

تجاهلته بحماقة لا مبرر لها واتجهت إلى سريري وألقيت بجسدي عليه وأنا بكامل ملابسي ودون أن أشعر وجدت

نفسي منخرطاً في نوبة من البكاء الهستيري مما أفزع زملائي فتنادوا إلى حيث زميلهم الغارق في سيل دموعه ..

يستطلعون ويتساءلون عن الخطب الذي استجد في حياتي وأوصلني لهذه الحال .. وان كان أبعد ما خطر في

بالهم أن خبراً سيئاً قد جاءني للتومن بلدي! .. ولكن لم أتح لهم الفرصة لاستكمال مهمتهم وطلبت منهم وبأسلوب

أرعن مغادرة الغرفة وتركي وحيداً أتدبر أمري ولم يكن أمامهم سوى الاستجابة لطلبي على مضض .. وقد

عذرت نفسي على هكذا تصرف في مثل هذا الظرف ليقيني التام أنه ليس لديهم سوى سؤال واحد هو :

ما الذي يبكيك ؟

وأنا ليس لدي سوى إجابة واحدة هي :
(حالة حب عميق تسكن روحي تجاه راعية أغنام بدوية جميلة اسمها صيته)

وبالطبع هذه الإجابة محرجة جداً وفي منتهى الحساسية خاصة وأن من بين زملائي عرباً من مصر أحدهم

(عبد التواب ) لا يحمل الكثير من الود تجاهي ولم أشأ أن يطلع على مثل هذه الخصوصيات البالغة الحساسية - هذا ما

كنت أفكر فيه لحظتها - ولكن عبد التواب كان له رأي آخر فهو من الفطنة بمكان بحيث أنه وضعني تحت مراقبته

منذ أول يوم غادرت فيه السكن إلى حيث توجد البدوية الجميلة صيته وكان يتابع كل حركاتي وسكناتي (دون

إدراك مني ) على أمل أن يجد فرصة لتصفية حساباته معي بسبب خلافات في محيط العمل أساسها عدم اقتناعي

بجديته في تأدية عمله كونه يعمل تحت إشرافي المباشر .. لم أخرج من الغرفة وأمضيت ليلي وأنا في حالة أشبه

ما تكون بحالة خلق جديدة لوليام جون بذات الجسد ولكن بروح وقلب وعقل جُدد تتماهى مع حالة الحب

المتأججة التي سكنت أعماقي وامتزجت بكياني وأصبح الفصل بينهما مستحيلاً .. لمحت نور الصباح يتسلل إلى

الغرفة من نافذتها الصغيرة فنهضت من سريري استعداداً ليوم عمل ينتظرنا رغم أني كنت مجهداً بدنياً ونفسياً

وأحوج ما أكون إلى الراحة .. ولكن الالتزام بتأدية العمل أمر لابد منه .. وبالطبع لم أكن على ما يرام خلال

ساعات العمل وكنت في حالة شرود ذهني دائم وأستعجل الثواني تمر لنصل إلى الساعة الخامسة عصراً موعد

انتهاء وقت العمل وابتداء رحلة جديدة للبحث عن روح الصحراء وعنوان الحياة الأجمل فيها صيته .. وكنت

أحرص ما يكون للقيام بهذه الرحلة أملاً في الاعتذار من الحبيبة الفاتنة ولو بلغة الإشارة وتعابير الوجه إن أمكن

وبدء صفحة جديدة معها أساسها احترام مبادئها وعدم تجاوز خطوط حمراء تخيلتها تحيط بها .. والأمر الغريب

والمثيرأنه بينما أمضيت ليلي وجل نهاري وصيته تشغل كل اهتمامي ، كانت هي الأخرى منشغلة بذات الهم

بدليل أنه ومنذ قاربت الساعة الواحدة ظهراً كنت ألمح قطيع أغنام صيته يقترب شيئاً فشيئاً في اتجاه منطقة العمل

الخاصة بالسد إلى أن أصبح في مرمى البصر وتحديداً عند التقاء الشعبة اليمنى ( النميساء ) مع الوادي الأساسي

(الشعيب) ثم سارت بشكل عرضي في بطن الوادي في اتجاه الضفة الجنوبية للوادي بمحاذاة المساكن من جهة

الجنوب ( مع مفراغ السد ) إلى أن وصلت لنقطة التقاءالوادي الجنوبي (الجوفاء) مع الوادي الأساسي (الشعيب)

ثم انعطفت يميناً وتعمقت قليلاً ( في مفيض الجوفاء ) في تصرف من راعية الغنم القصد من واضح تماماً وهو

( أنا انتظرك هنا يا ويليام ) ..





كنت في حالة من الاستغراق والتأمل والسعادة وأنا أتلقى هذه الرسالة من أهم إنسانة أراها الآن على كوكب

الأرض ..نعم هي رسالة ليست بمكتوبة ولا منطوقة ولكنها مدونة بخطوات وأنفاس وجهد وإحساس فاتنة

الصحراء صيته .. وكان لتلك الرسالة مفعول السحر في نفسي مما زاد من مساحة الأمل لدي في أن صيته تسير

في ذات الطريق الذي أسير فيه وبأني أشغل حيزاً مهماً من اهتمامها مما زادالثقة بنفسي وتذكرت كلمات

الإعجاب التي تتحدث عن جاذبيتي ووسامتي حين أسمعها من زملائي بين وقت وآخر .. تركت ساحة العمل

واتجهت إلى المسكن وهيأت نفسي بشكل لائق لمقابلة حبيبتي صيته وخرجت ومعي علبتين من العصير وعلبة

من البسكويت المشكل ( كنت قد اشتريتها من البقالة التي تقع في مدخل البلدة و يمتلكها رجل متدين مرح اسمه

عبدالرحمن وكان كثيراً ما يناولنا مع بضاعته عدداً من (القفشات) والتعليقات التي لا نفهم معناها ولكن نلاحظ

أنها تضحك العمال العرب المرافقين لنا ) .. اجتهدت في السير متتبعا أثر الراعية الجميلة وأغنامها وبعد دقائق

من المشي الجاد في اتجاه الشرق انعطفت يميناً إلى مدخل الوادي الجنوبي (الجوفاء) فإذا بي أرى أميرة

الصحراء تقف شامخة بقوامها الباسق المياس بجوارأغنامها فكان الموقف هذه المرة مهيباً ومربكاً .. فالقلب

يخفق والريق يجف والرعشة تسري في جسدي .. يا إلهي كم هي مهيبة هذه الفتاة وكم أشعر بتقدير عميق

تجاهها وقبل كل هذا كم كنت أحبها بلا حدود ..اقتربت منها ورفعت يدي لتحيتها دون أن أتجرأ لمد يدي

لمصافحتها بل حييتها بابتسامة نابعة من أعماق فؤادي وكنت أسعد رجل في العالم حين رأيت (غمازتها) التي في

خدها الأيمن وهي تظهر بوضوح على أثر ابتسامة عذبة تشع في وجهها الطاهر الجميل .. وأخذت أجيل نظري

ببلاهة متناهية في تفاصيل جمالها اللامتناهي مما أضحكها وطبع على وجهها مسحة من الخجل زاد من فتنتها

وألقها .. لا يمكن أن أنسى تكسر أجفانها وهي تشيح عني بوجهها حياءً وتصوب نظرها إلى الأفق البعيد ثم تعود

وترمقني على عجل بنظرة ساحرة تنفذ إلى أعماق قلبي .. كل هذا يحدث بتلقائية وبساطة ودون تكلف فلم تكن

صيته بحاجة للتصنع حيث تمتلك من الجمال وأدواته ما يذيب صخورالوادي مجتمعة فما بلك بشاب مثلي يضع

قلبه على كفه ويسلمه طوعاً وبلا تروٍ أو تردد إلى سيدته صيته .. مر الوقت كما هو معتاد في مثل هذه اللحظات

الجميلة سريعاً ولكنه كان ممتعاً ومثيراً لكل منا .. وكان بإمكاني معرفة مدى سعادة صيته بقضاء هذا الوقت

الجميل معي من تصرفات تلقائية لاإرادية تصدر منها وهذا ممازاد من غبطتي وسروري بلا شك .. وصلنا

الآن إلى منتصف العصر والوقتي المتبقي بالكاد يكفي صيته للعودة بأغنامها إلى خيام أهلها ..فراحت على عجل

تسوق أغنامها لتبدأ رحلة العودة فيما بقيت واقفاً في مكاني أراقب المشهد بمزيج من مشاعر السعادة والشجن

وحزن الفراق والقلق مما يخبئه المستقبل لي ولها .. تركتها تبتعد عني بعض الشيء ولم أتحرك من مكاني حتى

تأكدت أنها قد تجاوزت منطقة المساكن الخاصة بنا وذلك كي لا يكتشف أحد أمرنا ..

ذابت الحواجز بيني وبين صيته وأصبح كلانا في حالة اشتياق دائم للآخر وبالتالي لم يكن من العسير علينا خلق

فرص للقاءاتٍ أصبحت مصدر سعادة لنا .. وكنت بعد كل لقاء أجد نفسي منجذباً لها بشكل أكبر من ذي قبل ..

مرت أربعة أشهر لم يكن يشغل بالي سوى متى وكيف وأين ألتقي بحبيبتي صيته .. ولكن ذلك يتم ضمن حدود

الخطوط التي رسمتها صيتة دون حتى ولو مجرد التفكير بتجاوزها .. و كنت سعيداًبذلك طالما أنه يحقق شيئاً من

الرضاء لصيته ويضمن لي استمرارية تواجدها معي سيما وان مجرد النظر إليها وتأمل محاسنها ومتابعة

تحركاتها ولفتاتها هو بحد ذاته متعة لا مثيل لها ..

وبطبيعة الحال فإن دوام الحال من المحال خاصة وأننا نتحرك ضمن نطاق مكاني محدد وفي أوقات شبه محددة

فكان من الطبيعي أن نكون يوم ما في مرمى البصر للآخرين من حولنا .. وهذاما حدث بالفعل حيث لم يقصر

المصري عبد التواب الذي سبق أن أشرت بأني كنت تحت رقابته ولكنه لم يكن متسرعاً أبداً لحرصه التام على

الاستفادة من تداعيات هذا الأمر بشكل مضمون وبأقصى درجة ممكنة .. وفي أحد أيام الجمعة ذهب عبدالتواب

لأداء صلاة الجمعة في البلدة وبعد أن فرغ من الصلاة استغل تواجد شقيق صيته (سويلم ) الذي يعمل جندياً في

العاصمة الرياض ويزور أهله ما بين فترة وأخرى وافتعل معه حديثا جانبياً وأبلغه بأنه (يرى أحدالخواجات

يحوم في مناطق قريبة من المكان الذي ترعى فيه أخته الغنم ورغم أنه يثق في سلوك أخته إلا أنه يخشى عليها

من كلام الناس الذي لا يرحم ) .. هكذا زرع بذرة الشك في قلب سويلم الذي اضمر في نفسه اتخاذ إجراءً مناسباً

حسب ما يراه في حالة تأكد من أن ما قاله عبدالتواب صحيحاً وبالطبع لم أكن أعلم بكل هذا بل اتضح لي فيما بعد

وبعد فوات الأوان ..هذا ما حدث ظهر الجمعة أما في العصر فقد تنادت القلوب للقاء معتاد في أحد جنبات الوادي

وذهبت كالمعتاد لأجد ملاكي الطاهر صيته بانتظاري في مكان آمن حسب ما كنا نتصور .. وبينما كنت غارقاً

في حالة من التأمل في ملامح حبيبتي صيته سمعت هدير محرك سيارة يكسرحالة الهدوء المحيطة بمكان لقاءنا

فقامت صيته لتستطلع الأمر وعادت مسرعة وقد داهمتها حالة من الفزع وأشارت لي بالهروب وهي تضع

أصبعي سبابتيها بجوار بعضهما في إشارة إلىأن القادم هو شقيقها .. وبالفعل صعدت الجبل بأقصى سرعة

ممكنة فيما كان من الواضح أنني أصبحت مطلوباً لدى شقيق صيته بدليل أنه يحرك السيارة وبتهور بالغ في

موازاة الجبل الذي كنت أجري في الجزء العلوي منه لعلي أصل للسكن قبل أن يلحق بي .. أوقف سويلم السيارة

وترجل منها وصعد الحبل بسرعة عجيبة وهو يحمل سكيناً في يده وتبعته صيته وهي تصرخ وقد أوشك على

اللحاق بي لدرجة أني أسمع همهمته وصراخه وأنفاسه المتلاحقة وكنت في كل لحظة أنتظر إغماد سكينه في

ظهري إلا أن صيته تمكنت من عرقلته بقدمها وسقط على الأرض والتفتُ بسرعة فوجدت صيته تشير لي بأن

استمر في هربي .. وتملكتني لحضتها الرغبة في الحياة وأطعت صيته وضاعفت من سرعتي وأنا ألتفت بين

حين وآخر وفي أحد التفاتاتي رأيت صيته تتدحرج على الأرض فيما كان سويلم يهوي على جسدها الطاهر

بطعنات متتالية فارقت على أثرها الحياة .. واصلت هروبي الجبان ووصلت للسكن بوحه قبيح وحالة من

الخزي .. ثم أبلغت صديق يبيتر بالأمر وطلبنا من الشركة نقلنا إلى مكان آمن وتم ذلك بالفعل في سكن تابع

لمحطة بنزين تبعد عن الروضة قرابة 40كم على طريق الرياض- سدير (يقصد محطة ثادق) وتم إنهاء إجراءات

سفرنا إلى أمريكا في وقت قياسي..

وقد ظلت حالة الخزي هذه وتأنيب الضمير ترافقني في بقية مراحل حياتي وكثيراً ما ينتابني شعوربأن من

يستحق الحياة هي البطلة الشريفة صيته وأما من يستحق الموت ومغادرة هذه الدنيا منذ وقت مبكر فهو أنا .. لقد

خذلتها في وقت كانت بأمس الحاجة لوقفتي معها حيث كان من المفترض أنأعود للاشتباك مع شقيقها ونتعاون

عليه حتى ولو كانت النتيجة مقتلي فهو أشرف من عيشتي الان ومن موت ملكة الجمال صيته .

***

وعبد العزيز يقول :
رحم الله صيته وأسكنها فسيح جناته .. فقد كانت بالفعل أحد أجمل الفتيات في تلك الفترة وكم
اشتاقت أرض ذلك الوادي العتيد لحركاتها وسكناتها ولفتاتها وخطواتها وصدى همسها وضحكاتها ..
ولكن عمرها كان قصيراً جداً.. وهذا هو الحال مع كل شيء جميل في هذه الحياة .
وعلامة استفهام تنتصب بحجم الألم أمام المهندس وليام جون ؟ فقد أدمى قلوبنا .. !


شكراً لكم من قلب يحبكم
التوقيع
عبدالعزيز العمران غير متصل   رد مع اقتباس