عرض مشاركة واحدة
قديم 17-06-2011, 02:06 PM   #107
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

3



وفي الليلة التالية استأنفت شهرزاد الحكاية ، قالت :
بلغني أيها الملك السعيد أن الشيخ عبد الصمد لما قرأ ما ذكرناه رأى مكتوباً في اللوح ،
أما بعد أيها الواصل إلى هذا المكان اعتبر بما ترى من حوادث الزمان وطوارق الحدثان ،
ولا تغتر بالدنيا وزينتها وزورها وبهتانها وغرورها وزخرفها فمنها ملاقاة مكارة غدارة أمورها
مستعارة تأخذ المعار من المستعير فهي كأضغاث النائم وحلم الحاكم كأنها سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء
يزخرفها الشيطان للإنسان إلى الممات، فهذه صفات الدنيا فلا تثق بها ولا تمل إليها
فإنها تخون من استند إليها وعَوَّلَ في أموره عليها ، لا تقع في حبالها ولا تتعلق بأذيالها ،
فإني ملكت أربعة آلاف حصان أحمر في دار وتزوجت ألف بنت من بنات الملوك نواهد أبكار كأنهن القمار،
ورزقت ألف ولد كأنهن الليوث العوابس، وعشت من العمر ألف سنة منعم البال والأسرار ،
وجمعت من الأموال ما يعجز عنه ملوك الأقطار ، كان ظني في النعيم يدوم لي بلا زوال ،
فلم أشعر حتى نزل بنا هادم اللذات ومفرق الجماعات وموحش المنافل ومخرب الدور العامرات ،
وإن سألت عن اسمي فإني كوش بن شداد ابن عاد الأكبر في ذلك اللوح مكتوب أيضاً هذه الأبيات

إن تذكروني بعد طول زماني*****وتقلب الأيام والحدثان
فأنا ابن شداد الذي ملك الورى*****والأرض أجمعها بكل مكان
دانت لي الزمر الصعاب بأسرها*****والشام من مصر إلى عدنان
قد كنت في عز أذل ملوكها*****وتخاف أهل الأرض من سلطان

فبكى الأمير موسى حتى غشي عليه لما رأى من مصارع القوم .
فبينما هم يطوفون بنواحي القصر ويتأملون في مجالسه ومتنزهاته ،
وإذا بمائدة على أربعة قوائم من المرمر مكتوب عليها ، قد أكل على هذه المائدة ألف ملك أعور ،
وألف ملك سليم العينين كلهم فارقوا الدنيا ، وسكنوا الأرماس والقبور .

وسار العسكر والشيخ عبد الصمد أمامهم يدلهم على الطريق حتى مضى ذلك اليوم كله وثانية وثالثة وإذا هم برابية عالية

فنظروا إليها فإذا عليها فارس من نحاس وفي رأس رمحه سنان عريض براق يكاد يخطف البصر مكتوب عليه :

أيها الواصل إلي إن كنت لا تعرف الطريق الموصلة إلى مدينة النحاس فافرك كف الفارس فإنه يدور ثم يقف ،

فأي جهة وقف إليها فاسلكها ولا خوف عليك ولا حرج فإنها توصلك إلى مدينة النحاس .

ففرك الأمير موسى كف الفارس فدار كأنه البرق الخاطف وتوجه إلى غير الجهة التي كانوا فيها
فتوجه القوم فيها وساروا فإذا هي طريق حقيقية فسلكوها ، ولم يزالوا سائرين يومهم وليلتهم حتى قطعوا بلاداً بعيدة .

فبينما هم سائرون يوماً من الأيام وإذا هم بعمود من الحجر الأسود وفيه شخص غائص في الأرض إلى إبطيه
وله جناحان عظيمان وأربع أيادي يدان منها كأيدي الآدميين ويدان كأيدي السباع فيهما مخالب
وله شعر في رأسه كأنه أذناب الخيل وله عينان كأنهما مرآتان
وله عين ثالثة في جبهته كعين سبع يلوح منها شرار النار وهو أسود طويل ، وينادي :
سبحان رب حكم النبلاء العظيم والعذاب الأليم إلى يوم القيامة .
فلما عاينه القوم طارت عقولهم واندهشوا لما رأوا من صفته وولوا فقال الأمير موسى للشيخ عبد الصمد : ما هذا ؟
قال : لا أدري ما هو ، فقال : ادن منه وابحث عن أمره فلعله يكشف عن أمره ولعلك تطلع على خبره ،
فقال الشيخ عبد الصمد : أصلح الله الأمير إننا نخاف منه ، قال : لا تخافوا فإنه مكفوف عنكم وعن غيركم بما هو فيه .

فدنا منه الشيخ عبد الصمد وقال له : أيها الشخص ما اسمك وما شأنك وما الذي جعلك في هذا المكان على هذه الصورة ؟
فقال له : أما أنا فإني عفريت من الجن واسمي داهش بن الأعمش ،
وأنا مكفوف ههنا بالعظمة محبوس بالقدرة معذب إلى ما شاء الله عز وجل .
قال الأمير موسى : يا شيخ عبد الصمد اسأله ما سبب سجنه في هذا العمود ؟
فسأله عن ذلك فقال له العفريت : إن حديثي عجيب وذلك أنه كان لبعض أولاد إبليس صنم من العقيق الأحمر
وكنت موكلاً به وكان يعبده ملك من ملوك البحر جليل القدر عظيم الخطر
يقود من عساكر الجان ألف ألف يضربون بين يديه بالسيوف ويجيبون دعوته في الشدائد ،
وكان الجان الذي يطعيونه تحت أمري وطاعتي يتبعون قولي إذا أمرتهم ،
وكانوا كلهم عصاة عن سليمان بن داود عليهما السلام وكنت أدخل في جوف الصنم فآمرهم وأنهاهم
وكانت ابنة ذلك الملك تحب ذلك الصنم كثيرة السجود له منهمكة على عبادته وكانت أحسن أهل زمانها ذات حسن وجمال وبهاء وكمال

فوصفتها لسليمان عليه السلام فأرسل إلى أبيها يقول له :
زوجني ابنتك واكسر صنمك العقيق وأشهد أن لا إله إلا الله وأن سليمان نبي الله
فإن أنت فعلت ذلك كان لك ما لنا وعليك ما علينا وإن أنت أبيت أتيتك بجنود لا طاقة لك بها ،
فاستعد للسؤال جواباً والبس للموت جلباباً فسوف أسير لك بجنود تملأ الفضاء وتدرك كالأمس الذي مضى ،

فلما جاءه رسول سليمان عليه السلام طغى وتجبر وتعاظم في نفسه .

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح


يتبع
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس