[أبو حمـد]

-

-2-
صباح الخير الجميع ،،



كان بالمقعد المجاور لي رجل من الباكستان ،، تجاذبت معه أطراف الحديث ،، كان مرحا وجاذبني الحديث فترة طويلة لم اشعر معها بمسافة الطريق ،، وأخذتني غفوة لبرهة .. وما أن أفقت ،، لاحظت في المقعد المجاور شخص أخر ،، خلاف الأول ،، يبدو أن تبديل للمقاعد قد حدث ،،

إذ رغم أن الوقت ليلاً والأنوار مغلقة داخل الحافلة .. ميزت المجاور لي .. و أنه شخص أخر خلاف الأول وأن لحيته بيضاء مما تعكس تقدم عمره ،،

كأني لم ألحظ التبديل الذي حدث .. قلت له مداعباً .. ما الذي حدث وكيف تبدل لون لحيتك للأبيض ،، نظر إلي ولم يتمالك نفسه الضحك ،، هو .. و مسترقي السمع في المقعد الخلفي ،،

حاول الرجل بلغته العربية الركيكة نوعا ماً .. يشرح أنه رجل أخر خلاف الأول وأن ذاك انتقل لمقدمة الحافلة لكي يتجاذب الحديث مع سائق الحافلة ،،

كان هو الأخر دمث الأخلاق وإن كان أكثر مرحا وأحسن تعبير من سلفه ،، كنت أحرص على رفع صوتي فجيراننا بالمقعد الخلفي اسمع همسهم وضحكهم عندما نتناول في حديثنا جوانب مرحة ،، وأدركت أنهم يرخون السمع ،، فلم لا يشاركونا وإن كان بالاستماع ..

شعرت أني فعلا في نظر الأخوة أحد أمرين .. إما متخلف .. أو مختلف ،، فكل منهم يمر بجوار المقعد يسلم ،، وكثر فيهم ترديد بعض العبارات على مسمعي ،، شعرت أنه لا معنى لها ،، مثل أنت فيه صبر كثير ،، ويجي المدينة كم سنه ما في شوف سعودي سوا سوا ،، أنت فيه صبر كثير ،،

أعتقد أني وقفت على المغزى من ذلك ،، والسبب في ندرة رؤية سعوديين ضمن رحلات شركات العمرة للمدينة المنورة ،،

برامج شركات العمرة نوعان ،، الأول يتضمن التوجه لزيارة المسجد النبوي بالمدينة المنورة ،، ثم أداء العمرة بمكة المكرمة ،، وهذا البرنامج يجد رواج كبير لدى الباكستانيين والهنود والبنجلاديش .. فمحبتهم شديدة ورغبتهم أشد لزيارة المسجد النبوي والصلاة فيه ،، لدرجة أن البعض منهم ذكر لي ،، أنه تتكرر زيارته للمسجد النبوي مرتين وثلاث مرات بالشهر الواحد ،،

وأما البرنامج الثاني يتضمن التوجه لمكة المكرمة مباشرة فقط ،، وهذا البرنامج يجد رواج كبير لدى العرب ،، ففترة البرامج تلك قصيرة ،، وتتدرج من خمسة أيام وحتى يوم واحد فقط ،، وفيه بعض الأرهاق والمشقة لطول المسافة ،، وبحاجة لصبر وجلد ورغبة كامنة بالنفس ،، ولهذا يندر رؤية سعوديين ضمن رحلات شركات العمرة للمدينة المنورة ،، ولهذا أيضاً .. يفضل السعوديين و المصريين والسودانيين وأهل الشام التوجه لمكة المكرمة لأداء العمرة ،،

عند وصولنا للبتراء .. توقف سائق الحافلة للاستراحة وأدينا صلاة العشاء ثم اتجهنا للمطعم لتناول طعام العشاء ،، كان معي فطائر أحضرتها معي من الرياض سمبوسه ومن شاكلتها ،، فالأكل بالاستراحات لا يعجبني ،، وكذلك الرجل الكبير احضر معه حافظة طعام تحوي أرز مندي ،،

وضعنا الأكل سوية ثم تناولنا الطعام بعدها بعض المشروبات والشاي ،، التوقف استغرق زهاء ساعة .. بعد ذاك .. انطلقت بنا الحافلة للمدينة المنورة ،، ووصلنا في حدود الساعة الثالثة فجراً ..

لم يستغرق وصول الحافلة لمقر السكن سوى دقائق معدودة .. منذ لحظة وصولنا لأطراف المدينة المنورة ،، فسائق الحافلة ذو خبرة جيدة بالمدينة المنورة ومكة المكرمة ،،

كان السكن عبارة عن فندق متواضع في مظهره الخارجي ،، لكنه نظيف ومرتب في داخله ،، وغرفه واسعة ،، والغرفة التي خصصت لنا بالدور الأول وتضم ستة أسرة ،، وفيها شباك يطل على شارع فرعي ،، ومكيف شباك ،، وثلاجة كبيرة وتلفزيون ،، وتحوي حمام عربي يضم مغسلة وحوض صغير مخصص للتروش ،، وحمام أخر افرنجي ،،

كان رفاقي بالغرفة 3 من الأخوة الباكستانيين ،، احدهم محاسب وهو ذاته بجوار مقعدي بالحافلة،، والأخر شاب قدم حديثاً منذ 20 يوم فقط ،، والثالث مربي خيل في أسطبل مشهور ،، والآخران من الهند ،، احدهم مهندس ميكانيكي والأخر يعمل في شركة ،،

لم يكن يبعد مقر السكن عن المسجد النبوي كثيراً ،، وقدرت المسافة ونحن في الحافلة بنحو 300 متر تقريباً ،، وبعد وصولنا .. ووضع متعلقاتنا .. واختيار كل فرد منا سريره .. ثم الوضوء والبعض استحم بعد عناء الرحلة ... اتجهنا للحرم النبوي ،،

فور خروجنا من السكن سمعنا صوت أذان الفجر يصدح .. لم يكمل مؤذن الحرم النبوي الأذان إلا ونحن في ساحة المسجد .. ثم دخلنا المسجد .. وهناك اتخذ كل منا مكانه فالبعض اتجه للروضة والبعض في باحة المسجد وهكذا ،،

دخولنا للمسجد كان من الجهة الشمالية .. كان الزحام على أشده والبعض يصلي بالممرات وخارج المسجد .. استغربت كثيراً .. أفي شهر رمضان نحن .. !

لم أرى هذا المشهد حتى في بداية شهر رمضان .. فالمسجد واسع جدًا .. الهذه الدرجة عدد المصلين كبير .. !

بعد تقدمي بعض الصفوف زال العجب .. فغالبية المصلين القادمين من الجهة الشمالية للمسجد ،، قد اتخذوا مكان صلاتهم قرب الأبواب الشمالية ،، والسبب .. حتى إذا انتهت الصلاة توجهوا لمقر سكنهم ،،

هناك مسافة واسعة تفصلهم عن بقية صفوف المصلين في مقدمة المسجد .. أعتقد هم بحاجة لتوجيه وأرشاد .. وفي حثهم على التقدم للصفوف الأمامية ،،

الزحام للصلاة قرب أبواب المسجد الشمالية شديد ،، تسبب في أداء عدد من المصلين صلاتهم في ساحات المسجد الشمالية ،، وفي عدم قدرة بعضهم دخول المسجد ،، رغم أن مصليات المسجد بالداخل تحوي فراغات شاسعة ،،



شكراً لكم ،، وسأكمل إن شاءالله ..