عرض مشاركة واحدة
قديم 04-09-2011, 11:04 PM   #63
عضو
 
الصورة الرمزية أبو حمـد
 
تم شكره :  شكر 6319 فى 2308 موضوع
أبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضو

 

رد: [| تَـأمُـلاَتْ قُـرْأنـيّـةْ |]

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،

قال الله تعالى : " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما * وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما " ،،

وقال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ " ،،

وقال تعالى: " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " ،،

وقال تعالى : " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون " ،،

وقال تعالى: " إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم " ،،

وقال تعالى: " ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم " ،،

وقال تعالى: " فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا " ،،

الإنسان بطبيعته مخلوقٌ ضعيـف، يرتكب الأخطاء، ويقع في المحظورات، ويقترف المعاصي، وذلك نتيجةَ الغفلة التي تستوْلي على قلبه، فتحجب بصيرتَه، ويُزيِّن له الشيطان سُبلَ الضلال، فيقع فيما حرَّمه الله عليه، ومهمـا بلـغ الإنسانُ من التقوى والصلاح، فإنَّه لا يَسْلم من الوقوع في الأخطاء، ولا يُعصم من المخالفات، فالمعصوم هو نبيُّنا محمَّد - عليه أفضل الصَّلاة وأزكى السلام - فهو القائل: " كلُّ بَني آدمَ خطَّاء، وخيرُ الخطَّائين التوَّابون " ،،

والتوبة .. هذه الرحمة الربَّانيَّة من ربِّ البرية بعباده تتجلَّى في توبته على العاصي بعد عصيانه، والمذنب بعد اقتراف ذنوبه، فرحمتُه وسعتِ البَرَّ والفاجر، بل وسعتِ السمواتِ والأرض؛ فقد قال - سبحانه - " وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ " ،،

وفي الحديث: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - رأى وأصحابُه أُمًّا تضمُّ طفلها إلى صدرها بكلِّ عطف وحنان، فقال لأصحابه - رضي الله عنهم -: " أتروْن هذه طارحةً ولدَها في النار؟ قالوا: لا والله، قال: لَلَّهُ أرحمُ بعباده مِن هذه بولدها " ،،

قال ابن القيم - رحمه الله - التوبة من أحبِّ العبوديات إلى الله وأكرمها عليه، فإنه - سبحانه - يحبُّ التوابين، ولو لم تكن التوبةُ أحبَّ الأشياء إليه لما ابتَلَى بالذنبِ أكرمَ الخلق عليه، فلمحبته لتوبة عبده ابتلاه بالذنب الذي يُوجِبُ وقوعَ محبوبه من التوبة، وزيادة محبته لعبده.

وللتوبة عنده - سبحانه - منزلةً ليست لغيرها من الطاعات، ولهذا يفرحُ - سبحانه - بتوبة عبده حين يتوبُ إليه أعظمَ فرحٍ يُقدَّر، كما مثَّله النبي - صلى الله عليه وسلم - بفرَح الواجِد لراحلته التي عليها طعامُه وشرابُه في الأرض الدويَّة المُهلِكة، بعدما فقدَها وأيِسَ من أسباب الحياة، ولم يجِئ هذا الفرح في شيءٍ من الطاعات سوى التوبة.

ومعلومٌ أن لهذا الفرح تأثيرًا عظيمًا في حال التائب وقلبه، ومزيدُه لا يُعبَّر عنه، وهو من أسرار تقدير الذنوب على العباد؛ فإن العبد ينالُ بالتوبة درجةَ المحبوبية، فيصيرَ حبيبًا لله، فإن الله يحبُّ التوابين، ويحبُّ العبدَ المُفتَّن التواب،

ويُوضِّحُه: أن عبودية التوبة فيها من الذل والانكسار والخضوع والتملُّق لله والتذلُّل لله ما هو أحبُّ إليه من كثيرٍ من الأعمال الظاهرة وإن زادت في القدر والكمية على عبودية التوبة؛

فإن الذل والانكسار روح العبودية ومخُّها ولبُّها، يُوضِّحه: أن حصول مراتب الذل والانكسار للتائب أكملُ منها لغيره، فإنه قد شاركَ من لم يُذنِب في ذل الفقر والعبودية والمحبة، وامتاز عنه بانكسار قلبه.

ولأجل هذا فإن أقربَ ما يكون العبدُ من ربه وهو ساجد؛ لأنه مقامُ ذلٍّ وانكسار بين يدي ربه،

ويُوضِّحُه: أن الذنبَ قد يكون أنفعَ للعبد إذا اقترنَت به التوبة من كثيرٍ من الطاعات،

وهذا معنى قول بعض السلف: " قد يعملُ العبدُ الذنبَ فيدخل به الجنة، ويعمل الطاعةَ فيدخل بها النار". قالوا: وكيف ذلك؟ قال: "يعمل الذنبَ فلا يزالُ نُصبَ عينيه إن قامَ وإن قعدَ وإن مشى ذكر ذنبَه، فيُحدِثُ له انكسارًا وتوبةً واستغفارًا وندمًا، فيكون ذلك سببَ نجاته، ويعمل الحسنة فلا تزالُ نُصبَ عينيه إن قامَ وإن قعدَ وإن مشى، كلما ذكرَها أورثَته عُجبًا وكِبرًا ومنَّةً، فتكون سببَ هلاكه.

فمن رحمته - سبحانه وتعالى - أن فَتَحَ بابَ الأمل أمامَ العاصين والمذنبين؛ للتوبة والرجوع إليه - سبحانه - فلم يكن الذنب مدعاةً للتمادي في الذنوب، ولم يكن لاقترافِ ذنب أن يُغلَق بابُ الرحمة والغفران.

فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: قال الله - تبارك وتعالى -: " يا ابنَ آدم، إنَّك ما دعوتني ورجوتني غفرتُ لك على ما كان فيكَ ولا أُبالي، يا ابنَ آدم، لو بَلغتْ ذنوبُك عَنانَ السماء ثم استغفرْتَني، غفرتُ لك ولا أبُالي، يا ابنَ آدم، إنَّك لو أتيتَني بقُراب الأرض خطايَا، ثم لَقِيتني لا تشركُ بي شيئًا، لأتيتُكَ بقُرابها مغفرةً "،،

ويقول المصطفي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: " إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - يَبسُط يدَه باللَّيل ليتوبَ مسيءُ النهار، ويَبسُط يدَه بالنهار ليتوبَ مسيءُ اللَّيل، حتَّى تطلع الشمس من مغربها "،،

ومن هنا ندرك كرمَ الله، ومَنَّه على عباده بالتوبة عليهم في هذا التوقيت الخاص، بل هو - سبحانه - يتوب عليهم كلَّ ليلةٍ أو يوم.

وفي شروط التوبة يقول الإمام النوويُّ – رحمه الله تعالى -: "قال العلماء: التوبة واجبةٌ من كلِّ ذنب، فإن كانت المعصيةُ بين العبد وبين الله - تعالى - لا تتعلَّق بحقِّ آدميٍّ، فلها ثلاثةُ شروط:
أحدها: أن يُقلعَ عن المعصية.
والثاني: أن يَندمَ على فِعْلها.
والثالث: أن يَعزمَ على ألاَّ يعودَ إليها أبدًا.
فإن فُقِد أحدُ الثلاثة لم تصحَّ توبته.

وإن كانت المعصية تتعلَّق بآدمي فشروطها أربعة:
هذه الثلاثة، وأن يبرأ من حقِّ صاحبها، فإن كانت مالاً أو نحوه ردَّه إليه، وإن كانت حدَّ قذفٍ ونحوه مكَّنه منه أو طلب عفوه، وإن كانت غِيبةً استحلَّه منها، ويجب أن يتوب من جميع الذنوب، فإن تاب مِن بعضها صحَّت توبتُه - عند أهل الحقِّ - من ذلك الذنب، وبقي عليه الباقي، وقد تظاهرت دلائل الكِتاب والسُّنة، وإجماع الأمَّة على وجوب التوبة ".

فالتوبة التي يريدها الله منَّا، ويقبلها عنَّا، ويغفر بها لنا - هي التوبةُ النصوح، التوبة الصادقة المخلصة التي يُبتغى بها رضا الله سبحانه.

توبة يرافقها العزمُ الأكيد على تَجنُّب الخطايا والذنوب.
توبة يُصاحبها العمل المخلص، والعبادة الخالصة لله سبحانه.
توبة تُحدِث تغيراتٍ في حياة المسلم، فتنقله إلى حياة الإيمان والعمل الصالح.


وصلَّى الله وسلَّم وبارك على نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،

وأسأل الله لنا ولكم الهداية وحسن الخاتمة ،،


شكراً لكم ،،
أبو حمـد غير متصل   رد مع اقتباس