عرض مشاركة واحدة
قديم 05-10-2011, 11:37 PM   #9
عضو مميز جداً
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز العمران
 
تم شكره :  شكر 16200 فى 3359 موضوع
عبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضو

 

رد: ديوان قديم القصيد .. يرجى المشاركة






ياليتنا من حجنا سالمين .. !

بعد أن تقدم العمر بشاعر الغزل الشهير بصري الوضيحي أصبح أكثر قلقاً على خاتمة حياته فانشغل فكره كثيراً

بالبحث عن طريقة يضع بها حداً لهذا الشعر الذي ينساب من وجدانه بغزارةً في أي لحظة تتعرض فيها مشاعره

لأي استفزاز من أنثى هنا أو هناك حتى ولو من بعيد ،وفي أحد الأيام أخذ مجلسه بجانب أكبر أبنائه وعلى ضوء

نار هادئة ركن على جانبها (دلة ) قهوة أجاد صنعها ابنه راح في تفكير عميق قطعه عليه ابنه وهو يناوله فنجان

القهوة السمراء برائحة الهيل والزعفران .. وهنا انتبه بصري وحدق في وجه ابنه ، الذي أدرك بفطنته وبحكم

معرفته بتفاصيل والده أن لديه ما يقلقه ويود أن يبوح به .. ابتسم الابن .. وسأل والده .. ( وش عندك يا ابوي؟)

وهنا أعتدل بصري في جلسته وتنهد وقال بلهجة يغلب عليها الندم : ( والله ان ودي أحج وأترك دروب العلوم

الردية وأشعارها وماعاد بقى بالعمر شيء ) .. فرح الابن وتهللت أساريره .. وقال ( أبشر والله وهذي الساعة

المباركة .. الله يبشرك بالخير ) .. انتشر خبره بين أهله وجماعته في الشمال وفرح البعض .. فيما تكدر آخرون

كونهم ربما يحرمون من الاستمتاع بقصائده الجميلة المغرقة في الغزل .. جاء موسم الحج وشد بصري وجماعته

الرحال إلى مكة المكرمة وكان الطريق طويل جداً استقرق من بصري وجماعته كثير من الوقت والجهد والعناء

ولكنه كان بالنسبة له مقبولاً .. كونه سيؤدي فريضة مهمة تعقبها توبة نصوحاً عن شعر الغزل وفنونه .. وصل

بصري إلى مكة واتجه به ابنه إلى الحرم الشريف وهناك بدأ بالطواف حول الكعبة المشرفة بخطوات بطيئة

متقاربة تتوافق مع تقدمه في العمر ، وكان كثير الالتفات والتحديق في وجوه الناس حوله خاصة النساء اللائي

ربما وجد في تنوع أشكالهن ما يلفت نظره ، وعندما اقترب من الحجر الأسود ليقبله تفاجأ بامرأة حسناء رائعة

الجمال ممشوقة القوام تسبقه إلى الحجر لتقبله فاعترض خدها الأبيض بينه وبين الحجر فـ ( ........ ) .. وهنا

انتفضت في وجهه غاضبة عليه ونهرته بقولها ( حج ياشايب ) ، وتدخل ولد بصري ليهون الأمر فقال موجهاً

كلامه للمرأة ( شايب تايه مهذري ) ، سمع بصري كلام ابنه وتنحى جانباً وجلس على الأرض وأطرق برأسه

ثم قال لابنه .. اسمع :


التايـه اللـي جـاب بصـري يقنّـه
جدد جروح العـود والعـود قاضـي

جينـا نحـب ونطـلـب الله جـنّـه
جنّـة نعيـم ويـوم يابـس لحاضـي

ياليـت كانـت حبتـي فـي معـنّـه
يوم العيون عـن الخوامـل غواضـي

يا من يعاونـي علـى وصـف كنّـه
اشقـح شقـاح ولاهـق بالبيـاضـي

لا ريحـة قشـرا ولا هـي مصنّـه
ريـح النفـل بطمطمـات الفياضـي

ونهودهـا للثـوب الحمـر شولعنّـه
حمـرٍ ثمرهـن واقفـات غضاضـي

والخـد ذبّـاح القـلـوب المـرنّـه
بـرّاق مـزن لاعـج اللـون ياضـي

ياليـت سنـي علـى وقــم سـنّـه
بايـام مـا بينـي وبينـه بغـاضـي

أيـام جلـد الذيـب عنـدي محـنّـه
صبح وزرق الريش لهـن انتفاضـي

واجـرح قلبـي جـرح واد وطـنّـه
غر المـزون اللـي وطنـه وفاضـي

والبيـض قبلـي محـسـن عذبـنـه
ونمر على وضحى جرى له عراضي

والبـيـض كــم واحــد يبسـنّـه
يبسـة شماشيـل العـذوق النفاضـي

عـزي لمـن غـر الثنـايـا كـونّـه
واركن على كبـده كـوي عراضـي

شوفـي بعينـي والـخـدم يركبـنّـه
بنـتالشيـوخ مخدميـن الفياضـي

على اشقح من زمـل ابوهـا مظنّـه
ركبـت عليـه اتشنطـح باعتراضـي

بمشجـرٍ مـن سـوق هجـر مغنّـه
على خياطة نـاب الارداف راضـي

وين أنت يا مشفـي علـى طردهنّـه
أنا طويت رشـاي واقفيـت قاضـي

أحـدٍ يطيـح بنـار واحــد بجـنّـه
وترى الحضيض اللي له الرب راضي

استمع الولد إلى القصيدة وغشته حالة من الوجوم وتأكد أن والده بصري لن يترك شعر الغزل على كل حال

ولكنه أشار على والده بإكمال حجهم وتجاوب معه بصري وحين أنهوا حجهم وعادوا إلى ديارهم توافد عليه

جماعته للسلام عليه وتهنئته بأداء فريضة الحجة وسلامة الوصول وهنا سأله أحدهم ( هاه يابصري وشلون

حجكم ؟) .. فرد عليه بصري ببيتين من الشعر اشتهر منها الشطر الأول من البيت الأول وذهب مضرب مثل :

ياليتنـا مـن حجنـا سالميـنـا
كان الذنوب اللي علينا خفيفـات

رحنا نبي نخفف ذنـوب علينـا
وجينا وعليها كثرها عشر مرات

ولكن بصري أصر على ترك شعر الغزل والغناء على الربابة .. وكان حين يسأله جماعته عن الجديد يلتزم

الصمت وانتشر بين الناس خبر توبته عن شعر الغزل مما ضايق بعضهم .. فقالت إحداهن لشقيقها ( وش لي

وأخليه يرجع يغني؟ ) فرد عليها شقيقها (لك مني كسوة جديدة) فقالت ( قم هاتها ) فنهض على عجل وبحث هنا

وهناك حتى وجد كسوة جديدة فاخرة في ذاك الزمان فأحضرها إلى شقيقته ولبستها وخرجت إلى حيث كان يجلس

بصري منفرداً بعد صلاة العصر في ظلال الرواق الخلفي لسكنه واقتربت منه وحيته وتحدثت إليه بهدوء وسألته

عن بعض قصائده وذكرته ببعض كلماتها فتجاوب معها وخفق قلبه وتسارع نبضه وأسمعها بعض قصائده

فأظهرت طرباً لما سمعت وزادت على ذلك بأن واعدته في مكان قصي من بيوت العرب ثم غادرت وهو يتابعها

بنظراته الوالهة واتجهت صوب شقيقها وأخبرته بالتفاصيل .. وحين حل الموعد ذهب بصري إلى المكان المتفق

عليه يمشي حسب قدرته ويتوكأ على عصاه وجلس وهو في حالة انتظار وترقب لقدوم الفتاة ولكن الوقت مر وبدأ

قرص الشمس يتجه بتسارع نحو المغيب وحينها تأكد أنه سيكون وحيداً في هذا المكان مهما طال به المقام فنهض

وعاد أدراجه خائب الآمال وأدرك أنه وقع ضحية خدعة من جماعته اللذين كانوا يترقبون ردة فعله على هذا

الموقف .. وبالفعل حين وصل إليهم شعر بالحرج وأنشد قائلاً :

والقلب من كثر الهواجيس مرتاح
متلوعٍ والحـب دربـه بـلاوي

ياعلي يااللي للمواجيـب نطـاح
حَماي بالضيقات شقحٍ مهـاوي

راعي الولع لوقالو الشيب به لاح
يبي الامور الاوله لـه يخـاوي

لو قيل حج وحط بالكف مسبـاح
الذيب ماخلا إمتـال الشـواوي

توفي الشاعر الكبير بصري الوضيجي في عام 1250هـ عفا لله عنه وغفر له ورحمه الله وأسكنه فسيح جناته

وأمواتت المسلمين .

شكراً لكم .. وعلى دروب الود نلتقي .
التوقيع
عبدالعزيز العمران غير متصل   رد مع اقتباس