عرض مشاركة واحدة
قديم 15-06-2014, 01:34 PM   #96
سليمان الزيادي
 
تم شكره :  شكر 19067 فى 3938 موضوع
رحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضو

 

Icon6 السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

أميركا الخصم والحكم

عرض/ إبراهيم غرايبة

يقدم هذا الكتاب دراسة لعملية السلام التي ترعاها الولايات المتحدة الأميركية وتتلاعب بها منذ 1967، ويجد المؤلف أن سياسة الولايات المتحدة تطورت من سياسة رفضية تتنكر لأي مشاركة فلسطينية ولا تعترف للفلسطينيين بأي حقوق سياسية إلى تجديد متاهات وعثرات عملية السلام وليس على السلام.
ولعل أعظم إدانة لها هو هذا المدى المتطاول المضجر من السنوات الذي بلغت معه عملية السلام أرذل العمر من دون أن تتقدم خطوة واحدة نحو السلام.


إعاقة السلام

في عرضه لمسار السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية يجد المؤلف أن الولايات المتحدة في احتكارها وتفردها بالمسألة الفلسطينية كانت مشغولة بإعاقة عملية السلام والدور الدولي في رعاية التسوية السياسية للنزاع العربي الإسرائيلي أكثر من أي شيء آخر.
فقد أجهضت الولايات المتحدة كل مسعى دولي للتسوية، كما أنها حمت إسرائيل من الرقابة والمحاسبة الدولية، وبذلك سمحت لها أن تكرس احتلال الأراضي الفلسطينية والعربية.
ويقول المؤلف إن الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول كان يأمل الكثير من مفاوضات الدول الكبار لقيادة الرعاية الدولية للتسوية السياسية، ولكن الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون وهنري كيسنجر أحبطا كل أمل في نجاح هذه المفاوضات.
وقد كشف نيكسون في مذكراته كيف أنه أراد أن تكون التسوية من صنع الولايات المتحدة، لا الأمم المتحدة، ويبين سيمور هيرش في كتابه عن كيسنجر في البيت الأبيض معارضة نيكسون وكيسنجر للانسحاب الإسرائيلي الذي طالبت به الأمم المتحدة والأربعة الكبار بحجة أنها ستبدو انتصارا للاتحاد السوفياتي واليساريين العرب.
وأكدت مذكرات موشيه دايان وإسحق رابين ما ذهب إليه هيرش، وأضافت أن نيكسون وكسنجر شجعا إسرائيل على تصعيد الحرب في منطقة قناة السويس وعلى مهاجمة الصواريخ السوفياتية المضادة للطائرات التي نصبت هناك عام 1970 بعد القصف الإسرائيلي في العمق.
ولم يتوان كيسنجر ونيكسون في بذل ما يستطيعان لإحباط كل مسعى دولي من أجل التسوية حتى حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.
وفي الفترة ما بين حرب أكتوبر/تشرين الأول ووصول كارتر إلى البيت الأبيض (1977) كانت دبلوماسية الولايات المتحدة الرامية إلى تحقيق تسويات ثنائية خارج إطار الأمم المتحدة تشهد انتصارا بعد انتصار، ولم يتوصل مؤتمر جنيف الذي عقد في ديسمير/كانون الأول 1973 إلى نتيجة تذكر.
فقد غاب عن المؤتمر كل من فرنسا وبريطانيا والصين برغم عضويتها الدائمة في مجلس الأمن، وامتنعت سورية عن الحضور لأسباب سياسية، وأما منظمة التحرير الفلسطينية فإنها لم تدع أصلا.
فقد طوعت واشنطن بتنسيق من كيسنجر المؤتمر للابتعاد عن تحقيق السلام الشامل، وبرأي المؤلف فإن هوس السادات بالحلول المنفصلة ومحاولات كيسنجر عقد اجتماع عاجل من دون صيغة تلزم إسرائيل بإحدى القضايا الجوهرية أفرغت المؤتمر من معناه وهدفه المنشود، وهكذا تحولت جنيف إلى ستارة لدبلوماسية كيسنجر المكوكية وعقد اتفاق فك اشتباك بين مصر وإسرائيل في العام 1974.
وبالطبع فقد كان ثمة مبادرات عربية وسوفياتية ودولية عدة لكنها لم تغير جميعها في الموقف الأميركي، ولم تتوان الولايات المتحدة عن إعاقة عملية السلام طوال العقود الماضية بل إنها ثابرت على ذلك إلى أن وافق العالم أخيرا على مؤتمر مدريد (1991) الذي جعلته واشنطن بديلا عن المفهوم الدولي للتسوية.
وقد شهدت العقود الثلاثة التالية لحرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 تطويب الولايات المتحدة الأميركية قوة عظمى في المنطقة، وذلك بحكم الواقع والممارسة، كما أكدت بأنها سيدة المنطقة والقيم عليها، وحكم السلام الوحيد فيها.
وهذا ما سمح لإسرائيل بأن تستهتر بالإجماع الدولي وأن تفلت من محاسبة المجتمع الدولي، وأن تفرض الإطار الذي يناسبها للاتفاقيات الثنائية بديلا عن الرؤية المتعددة الأطراف.
ويختم المؤلف هذا الجزء من الكتاب بالقول إن الولايات المتحدة الأميركية هي المسؤولة عن عدم تحقق السلام في الشرق الأوسط، فغياب السلام وعربدة الاحتلال هما الثمن الحقيقي لتفردها.

تهميش القضية الفلسطينية

يرى المؤلف أن تهميش القضية الفلسطينية كان نتيجة طبيعية لاختلال ميزان القوى لصالح التفرد الأميركي الذي سد السبل في وجه الحل الدولي، وأما اتفاقيات كامب ديفد فيعتقد أنها كانت قناعا لسلام انعزالي بين مصر وإسرائيل أطلق يد إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وكان الانسحاب الإسرائيلي من سيناء برأي إسرائيل هو استجابة للقرار 242، وجعل كامب ديفد من مسألة الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وغزة مسألة جدلية خاضعة للمفاوضات، كما منحتها الاتفاقية المصرية الإسرائيلية حق النقض على أي وضع نهائي لا ترضاه للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
وبعد رحيل جيمي كارتر الذي قاد عملية السلام المصرية الإسرائيلية ومجيء ريغان إلى رئاسة الولايات المتحدة الأميركية فقد أقحمت القضية الفلسطينية في المسألة اللبنانية.
وكان انسحاب منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان مقابل المفاوضات مع الولايات المتحدة، ولكنها مفاوضات أجهضت الحلول الدولية الجدية، واعترفت المنظمة بحق إسرائيل بالوجود وتخلت عن "الإرهاب" ودعت إلى حل على أساس الدولتين.
ويرى المؤلف أن الفلسطينيين قد دفعوا ثمنا باهظا لهذا الحوار حين وافقت منظمة التحرير على شروط كيسنجر وملاحق ريغان التي تتضمن الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود (وليس حقها في أن تعيش بسلام) والتخلي عن الإرهاب (وليس إدانته).
فقد كان هذا الموقف الجديد إدانة للتاريخ الفلسطيني على مدى العقود السابقة واعتباره اعتداء وإرهابا فلسطينيا، ولم تعد الحركة الصهيونية وفق هذا المنطق ظاهرة استعمارية استيطانية مسؤولة عن تشتيت وتهجير الشعب الفلسطيني، بل ظهرت وكأنها حركة تحرر وطني.
وحين وجدت إدارة بوش الأب أن الشرق الأوسط لا يحتمل مزيدا من الانتظار بدأت خطوات البحث عن البدائل بحذر وتؤدة.
ومن ذلك أنها رغبت شامير بتأييد خطة السلام التي تريد واشنطن أن ترعاها، ولكن أزمة في العلاقات الأميركية الإسرائيلية نشبت بسبب اعتقاد الليكوديين الجدد أن الولايات المتحدة تسعى في إقامة دولة فلسطينية.
وقد وجد النظام السياسي في مصر في المبادرة فرصة لتأكيد مشروع كامب ديفد ورد الاعتبار إليه بعد أن أجمع العرب على رفضه.
وأما منظمة التحرير فقد كانت الخاسر الأكبر ولكنها قررت أن تتجنب الظهور بمظهر المعطل، وهكذا فإن المنظمة قد أحرقت ورقة الاعتراف بإسرائيل وورقة الانتفاضة.

وردت إسرائيل برفضها بالمقابل مبادرة بيكر التي تقدم بها للمفاوضات، والذي اكتفى بالرد المشهور بأن نشر رقم هاتف وزارة الخارجية الأميركية على شاشة التلفزيون، وقال مخاطبا شامير: إذا كان السلام يعنيك فاتصل بنا.
وكانت حرب الخليج الثانية تكريسا لانسحاب عربي جماعي من القضية الفلسطينية، ولم تعد الولايات المتحدة بعد تدمير العراق تكترث حتى بأن تتظاهر بالإنصاف كما كانت تفعل سابقا.
وأصبح الرفض الأميركي أكثر صلابة وفجورا وصلفا، ووافقت مصر وسورية على مؤتمر إقليمي شكلي بدلا من المؤتمر الدولي الذي طالما ألحت عليه الدول العربية، وانهار الإجماع العربي حول فلسطين، وشهد العالم العربي انقساما لم يعرف له مثيلا منذ تأسيس الجامعة العربية، ثم كان أوسلو وما بعده من إمعان في تهميش القضية الفلسطينية.

ماذا يمكن أن نتوقع للمستقبل؟

بعد أوسلو تطور مسار القضية الفلسطينية إلى مجموعة من الأزمات الجديدة الكبرى التي توجت بالمقاومة الجديدة انطلاقا من الأراضي الفلسطينية ثم الانتفاضة الفلسطينية الشاملة عام 2000.
وبدأت الولايات المتحدة سلسلة جديدة من السياسات المعادية بدأتها بالحصار على المفاوضات واغتيال الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي من قادة حماس، حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين، والحصار الدبلوماسي على الفلسطينيين ومؤسساتهم الوطنية.
ومصادرة الوضع النهائي من قضايا الحدود واللاجئين والمستوطنات والقدس، وأصبحت هذه المسائل مهملة في السياسة والرؤية الأميركية، وأخيرا أقيم جدار الفصل العنصري في تعبير عن تحولات حادة في السياسة الأميركية.
وهنا يتساءل المؤلف ماذا يمكن أن نتوقع للمستقبل؟ هل سنشهد تغيرا بنيويا لدى اللاعبين الأساسيين، الولايات المتحدة الأميركية أو إسرائيل أو الفلسطينيين يضمن حدوث توقع ما في المرحلة القادمة؟ هل سنشهد تغيرا لدى اللاعبين الثلاثة على المدى القريب أو البعيد بحيث يؤدي إلى نتائج قابلة للحياة والتطبيق؟
يجيب المؤلف بأنه قد غاب عرفات عن الساحة وغاب كذلك شارون، وقد انتخب محمود عباس المقبول أميركيا وإسرائيليا رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية، وتعتمد إستراتيجيته بشكل عام على تسوية تقدمها واشنطن.
وهذا ما لم يحدث، وليس من المنتظر أن يحدث تغير في المستقبل المنظور، وبخاصة أن الزعماء الإسرائيليين على اختلاف أطيافهم متحدون في معارضة دولة فلسطينية مستقلة، أو قابلة للحياة، أو غير ممزقة جغرافيا، أو بحدود ما قبل 4 يونيو/حزيران 1967 أو عاصمتها القدس.

ومع الانتصار الانتخابي الذي حققته حماس في انتخابات المجلس التشريعي في 25 يناير/كانون الثاني 2006 تعرض المشهد الفلسطيني لما يشبه الزلزال، ومن المؤكد بتقدير المؤلف أن الفلسطينيين لم يصوتوا لدولة دينية بين النهر والبحر، ولكنهم كانوا يعبرون عن فقدانهم الثقة بقيادة الحزب الفتحاوي الحاكم، والذين تلطخت سمعتهم بالفساد والمحسوبية.
وعن رفضهم واستنكارهم للتسامح الأميركي في التعامل مع إسرائيل بعد أن تجاوز كل الحدود الأخلاقية والقانونية، وكان التصويت بالتأكيد تحديا خطيرا لإستراتيجية عباس في اعتمادها الكلي على واشنطن، فلم تف بوعد الدولة الفلسطينية، ولا أزاحت عن كاهل الفلسطينيين شيئا مما يعانونه في ظل حصار خانق واقتصاد معدم.
ولكن المشهد على المدى البعيد يبدو بتقدير المؤلف مختلفا جدا، يستوي في مستوى اللاعبين الثلاثة المتشبثين بأهدافهم الثابتة، فواشنطن تعرف تماما أن كل فرص النجاح لإستراتيجية الخروج من العراق وتخطيط مستقبل الشرق الأوسط يعتمد على قدرة إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية على تكوين مناخ من الاستقرار لمشروع إسرائيل الاستعماري الذي يتلطى متخفيا وراء عملية السلام.
وهذا ما عبر عنه جون بلجر بوضوح شديد بالقول: إن ما يجري في فلسطين ليس إلا حربا أميركية تشنها من قاعدتها العسكرية حتى الأسنان، إسرائيل، إننا في الغرب مبرمجون على ألا نفكر في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بهذه الاصطلاحات، مثلما أننا مبرمجون أيضا على أن نعتبر الإسرائيليين ضحايا، وليس باعتبارهم قوة احتلال غاشمة وغير قانونية.
ويختم المؤلف بالقول إن الفصل الأخير من عملية السلام التي تتعثر وتتقهقر منذ ثلاثة عقود يضع السلام في آخر اعتباراته ولا يعنى إلا بالإجراءات البيروقراطية المعدة سلفا لتفسير الماء بالماء والمحاطة بهالة من المزاعم والادعاءات حول المعجزات الدبلوماسية المنتظرة ولعل وهم السلام الذي زعمته الاتفاقيات أعظم خطرا من الوضع الحالي المتردي.
فهذه القوى التي تنشر الأوهام وتزين السراب لا تفتأ تحرّف جوهر الصراع، وتنسف كل مسعى طيب للوصول إلى حل حقيقي، وهي بذلك تطيل عمر الاحتلال، وتعيق فرص السلام العادل.
المصدر : الجزيرة



-الكتاب: أميركا الخصم والحكم (دراسة توثيقية في عملية السلام ومناورات واشنطن منذ 1967)
-المؤلف: نصير عاروري
-
ترجمة وتقديم: منير العكش
-الصفحات: 414
-الناشر:
مركز دراسات الوحدة العربية, بيروت
-
الطبعة: الأولى/2007
التوقيع


إن كنت تصدق كل ما تقرأ ،
رحّال غير متصل   رد مع اقتباس