عرض مشاركة واحدة
قديم 17-11-2014, 11:33 AM   #20
عضو مميز جداً
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز العمران
 
تم شكره :  شكر 16200 فى 3359 موضوع
عبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضو

 

رد: من قصص العشق في سدير .. (سحر العيون) ..!




سحر العيون

(الجزء الثاني)



دخل أحمد المزرعة واتجه إلى اللزا (بركة المياه) وحين اقترب منه وأصبح في

مرمى نظره لمح البدوية الحسناء تتحرك حول (اللزا ) بخفة وحيوية ..

نعم هي وضحى جاءت ومعها بعض الآنية لجلب الماء .. وحين لمحته مقبلاً

تظاهرت بعدم معرفتها بمقدمه وكشفت عن وجه جميل حلو الملامح .. وجه لم

تكن العيون وحدها هي عنوان سحره .. ولا يمكن لصاحبته أن تكون ابنة

لجفاف الصحراء بل ابنة لاخضرار المروج والرياحين الزهور .

اقترب منها أحمد على خجل فيما كانت تحاول تغطية وجهها بهدوء وعرض


عليها المساعدة قائلاً :

أعاونك يا....

فردت بما يشبه الهمس : وضحى

فرد وقلبه يكاد يفر من صدره : أنا أحمد

فقالت ما استغني .. بس خلك بعيد شوي علشان أهلي حولنا ..

تراقص قلب أحمد فرحاً حين لم يجد صدوداً من الفاتنة وضحى .. وابتعد

قليلاً وتشجع على (خزها ) بنظراته التي زادت مشاعر الوجد لديه مما زاد في

مساحة العاطفة على حساب العقل وأوامره ونواهيه .. فيما كانت وضحى

تتحرك حول (اللزا) بطريقة مثيرة .. وحملت أول آنية الماء واتجهت إلى

الخيمة وأحمد يتابع مشيتها بعيون مشفقة لا ترمش أبداً .. وبعد

قليل عادت مقبلة بنحر يشع بياضاً كالشمس في رابعة النهار تمشي بخطوات

متهادية تغيرت معها كل الأجواء الكئيبة في المزرعة وأعادت الألق للنخيل

وشجيرات الرمان والتين والخوخ والعنب وأعشاب الأرض ، والأهم من ذلك

لقلب أحمد الذي بدا وكأنه يخلق من جديد ..

حملت إناء الماء الأخيروعادت إلى حيثالخيام واختفت هناك .. وبقي أحمد في

حالة من الشرود والانتظارلأمر مجهول .. حل وقت صلاة العصر فاتجه إلى

المسجد وأم الجماعة ثم عاد فور انقضاء الصلاة إلى المزرعة ..

كانت شمس العصر تتسلل بين جذوع النخيل بلونها الأصفر .. والوقت يمر

على أحمد وهو في حالة من التأمل والتفكير المغرق في العاطفة يتخللها زفرات

تعلو وتهبط بصدره ، مُطرق بوجهه إلى الأرض وكأنما يبحث عن شيْ ما .. وما

هي إلالحظات وإذا به يرفع رأسه ويصوب نظره إلى الأفق وكأنما عثر على شيء

وبالفعل فقد جادت عليه شاعريته العذبة التي اشتهر بها بأبيات تترجم بعض


ما يسكن قلبه المرهف من عاطفة جياشة .. ومنها :


ياغزال نطحني ما لزينه تهايا
واحلالاه يا لاماه والعمر فاني

كن في عينه اليمنى غروس الروايا
كاثر عليها الماء فوق حيل سمان

وكن في عينه اليسرى جموع وسرايا
نهضت بالبيارق شافت الليل داني

تورد العابد الزاهد حياض المنايا
يا صلاة النبي يا هرجته باللسان


وقد غناها بصوته الشجي المتناغم مع ذاته مما أحال أجواء ( النخل) إلى

فضاءات حالمة من الطرب العذب الجميل وصل صداها إلى حبيبته وأهلها في

الجوار ..

وما هي إلا لحظات وإذا بالجميلة وضحى قد أقبلت مع شقيقتها الصغرى

بزعم أنهن يردن الماء .. شيعهن بنظره إلى أن استقر بهن المقام عند(اللزا)

ثم أعاد ما غناه ليرى أثره على وضحى التي كانت في غايةالسعادة وهي

ترهف السمع لأحمد وهو رافعاً صوته الشجي بغنائه المبهر الجميل و تتمايل

على استحياء وكأنها تستزيده .. استمر أحمد في غنائه وكأن الكون كله

يسمعه.. ومن يلومه ؟ .. يكفيه حضور وتفاعل فاتنة الصحراء وضحى .. !

مسكين أحمد هذاالرجل الوسيم الذي سلم قلبه وهو أعز ما يملك لمن يرى

بعين عاطفته أنها الأحق به في هذه الدنيا ولم يعد يمتلك من أمره شيئاً ..

مر الوقت سريعاً .. ومال قرص الشمس إلى الاختفاء خلف أسطر النخيل

الغربية .. نهضت وضحى وشقيقتهاالصغرى ومشين في طريق العودة إلى حيث

الخيام .. ولكنها رأت أنه لا بدمن تحية أحمد فمرت بالقرب منه وهمست في

استحياء بكلمات كشفت بها عن حس مرهف عميق قائلة :

( أحمد يا والله إني فدا ها الطخمة اللي محليها ربي .. يا ويلي على
قصيدك يا المطوع .. والله إني ما سمعت حلياه .. )

احمد في تلك اللحظة كان يستمع لأعذب جملة تتحدث عن ذاته .. وهذا

تقييم مهم لشخصه من آخر مهم جداً بالنسبة له .. ويعني له الشيء

الكثير .. حيث يمثل البداية الفعلية لغرام له أول والله وحده يعلم مداه ..

خاصة وأن كل الأجواء والظروف مهيأة ليشتعل هذا الغرام أكثر وأكثر ..

فابن القرية أحمد رجل يحمل كل سمات الجاذبية اسماً ورسماً وإحساساً

وصوتاً وشعراً مع قلب واله أضناه العطش والطرف الآخر وضحى فتاة في ريعان

الشباب ، غضة ، بضة ، آية في الجمال والجاذبية ، عنوانها عينان ساحرتان

سكن بها نصف جمال البشر والنصف الآخر توزع في تناغم أخاذ على باقي

جسدها .. كما قال الشاعر المعاصر خالد :

نصف زين الخلايق في عيونه
وباقي الزين في باقيه كله

أنايوم أرسل عيونه لقلبي
عطيته مهجتي والمعطي الله


ودع أحمد وضحى ولم يبرح مكانه حتى اختفت عن نظره .. ثم توجه ماشياً

إلى القرية وهو في حالة غريبة تجمع النشوة والأنس و القلق والخوف من

المجهول .. ولم يشعر بنفسه إلا على صوت الجماعة في المسجد وهم يعاتبونه

على التأخر .. فاكتفى بالابتسام وصلى بهم .. ثم توجه إلى بيته حيث وجد

زوجته فوزية في انتظاره (بالقهوة ) .. جلس أمامها وهو يشعر بالخجل وتأنيب

الضمير وهذا أمر طبيعي فمهما كان هي زوجته وأم أطفاله وهي من بيت

يسب له حساب لدى أهل جلاجل وهي أيضاً تتصف بصفات مثاليةحتى وإن لم

تستطع السيطرة على قلب أحمد .. كان أحمد يتحاشى النظر إلى فوزية ..

وقد لاحظت فوزية هذا الأمر وأدركت أن أمر ما يحدث حول حبيبها أحمد ..

لم يستطع أحمد الصمود أمام نظرات التساؤل من فوزية فقرر الانسحاب من

المواجهة وترك البيت بحجة زيارة أحد الجماعة قبل صلاة العشاء .. مما أكد

الشكوك لدى فوزية .. غادر أحمد البيت وخرج ماشياً إلى مكان يضمن له

البقاء وحيداً حتى يحين موعد صلاة العشاء .. عادأحمد بعد الصلاة إلى

البيت وتحجج بأنه مرهق ويود النوم مبكراً .. وبالفعل اتجه أحمد إلى فراشه

في سطح الدار .. ولكن هيهات أين النوم؟ .. انتصف الليل وأخذ أحمد غفوة

تخللها حلم جمعه مع وضحى وهنا تمتم ببعض الكلمات ومنها اسم وضحى ..

وكان هذا على مسمع من فوزية .. استيقظ أحمد من غفوته فوجد فوزية

تبكي .. فسألها ( وش فيك تبكين ؟) فردت : ( أبد ، مافي شيء ، بس تذكرت

أمي الله يرحمها ! ) .. وفي الصباح اتجه أحمد إلى (النخل) كالمعتاد ولكن هذه

المرة على أمل أن يكحل عينيه برؤية وضحى .. وبالفعل فقد كانت وضحى

تراقب من خيمتها الطريق إلى ( النخل) وحين رأت أحمد على وشك الدخول

إلى (النخل) قامت هي من الجهة الأخرى ودخلت النخل ثم اتجهت مباشرة إلى

حيث يقف أحمد ووقفت أمامه وجها لوجه ..

فوزية كانت قد قررت الذهاب إلى (النخل) لعلها تضع يدها على أي سبب من

الأسباب التي غيرت أحمد .. وحين وصلت إلى النخل دخلته في مفاجأة مذهلة

وغير متوقعة لأحمد ...




نكمل ....

-
التوقيع
عبدالعزيز العمران غير متصل   رد مع اقتباس