عرض مشاركة واحدة
قديم 22-05-2006, 11:24 AM   #37
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية أمير سدير
 
تم شكره :  شكر 164 فى 141 موضوع
أمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura about

 

رد على: رحلتي الى النور !!

الحلقة السادسة والثلاثون
بقينا في انتظار قدوم الشيخ ولم يطل الغياب ..
دلف شيخنا للمجلس فوقف إزاء الوالد فصافحه ورحب به وصافح رفيقه ثم جلسو
كنت أراقب وجه الشيخ ووجه الوالد ..
كان وجه شيخنا كما سبق وذكرت على محياه الهدوء والسكينة
أما وجه والدي فقد كان على وجهه علامات الحيرة والخجل !!
فهو محتار مما سيقول وخجل من الشيخ صاحب المقام الرفيع..
أما أنا فإنني لا يحق لي الكلام بعبارة واحدة!!
فمن رأسي البليد خرجت كل هذه المصائب!!
قرأت في كتاب الحيدة والذي يروي قصة المناظرة المشهورة بين أحد علماء السلف ( نسيت اسمه ) وبين بشر المريسي إمام الجهمية وذلك في مجلس أمير المؤمنين المأمون..
حيث وصف ذلك العالم كيف أنه أصابته هيبة الموقف بين يدي الخليفة بالقشعريرة والارتباك، فلاحظ ذلك المأمون وكان رجلا داهية .. فأخذ يتحدث مع الشيخ في أمور خارج الموضع الذي جاء
من أجله نحو أحوال المدينة التي قدم منها وكيف الغلاء والرخص في الأسواق وهل جاءهم غيث وما حال الزرع والضرع ونحو ذلك.... يريد من ذلك كله أن يلطف الجو
المشحون ويذهب الروع عنه ...
وهكذا فعل شيخنا ذلك اليوم ..
أخذ يتحدث مع الوالد ويسأله عن عمله وكيف أحوال الطائف وعن الأمطار ونحو ذلك
كنت أرقب في وجه والدي الابتهاج..
وأخذت أسارير وجهه بالانفراج رويدا رويدا حتى إذا ما شعر الشيخ بتهيئته بدأ شيخنا في الحديث في الموضوع الأهم!!
قال الشيخ : تعلمون أن الأخ فلان ( كنت أتمنى أن يناديني بالابن وأظن الشيخ تعمد ذلك لحكمة يقصدها فتأمل!!) قد جاء لعنيزة من أجل طلب العلم وقد لاحظت منه حرصا على العلم وصدقا في الطلب فقربته مني وصحبته معي في بعض أسفاري فرأيت منه ما أسرني وتأكدت من أمانته وحرصه على التحصيل العلمي..
غير انه قام أحد طلبتنا بالاتصال عليكم وتأكد من حاله وأنه هارب من بيته وجاء بغير إذن والديه فغضبت منه وحصل أن اتصلت عليكم مرارا فدار بيننا الحديث الذي تعلمه وحددنا هذا الزمان لكي نلتقي واحضر لكم ابنكم فلان لكي ترونه ونقرر في حاله ماهو الأصلح والأرشد له ..
سكت الشيخ ثم بدأ الوالد في الحديث ...
من عادة والدي إذا أراد الحديث الجاد أن يخلع شماغه ويضعها على حجره ويتكلمبصوت خافت وهادئ...
قال : فلان فعل فعلا لم يفعله أحد من الناس ، عصاني وعصى أمه وترك دراسته وهرب من المنزل ..
قاطعه الشيخ !!
وقال : يا أبا محمد لا داعي أن تذكر لي ما سبق أن سمعته منك ...خاصة وأن وقتي ضيق
للغاية ولدي محاضرة الليلة والناس تنتظرني في الخارج ..
سوف أعرض عليك أمرا وأنت قرر ما تراه في ابنك..!!
شيخنا رجل حازم ويحب الدخول في صلب الموضوع مباشرة ، ولا يحب الانشغال بتفاصيل قد تبعد عن الواقعة الحادثة لتنتقل نقدا وتمحيصا لما مضى وفات..
قال له :
أريدك أن تترك فلانا عندي في عنيزة وسوف أسجله في المدرسة الثانوية لكي يكمل دراسته ، ولك علي يا أبا محمد أن أراقبه وأربيه كما أراقب وأربي أحد أبناءي وثق تماما أنه سيكون تحت رعايتي ومسئوليتي بعد رعاية الله سبحانه فلا تمنعه من العلم وطلبه....
أيها الإخوة والأخوات يصيبني الخجل وأكاد أذوب من الحياء حينما سمعت هذه الكلمات من شيخنا رحمه الله ..
والله الذي لا إله سواه لم أتوقع أن يقول شيخنا ما قال ولا خطر في بالي ..
حينما تقرءون سيرة شيخنا وذلك حينما انتقلت عائلته للرياض وكان شيخنا من تلاميذ العلامة الشيخ عبد الرحمن الناصر السعدي فكان لزاما أن ينتقل التلميذ للرياض مع عائلته ولكن الشيخ ابن سعدي طلب من والد الشيخ محمد أن يبقيه في عنيزة حتى يستمر في الطلب ..
أنا لا أقارن نفسي والله بهذين العلمين الكبيرين ولكن أحكي ذلك الموقف النبيل من شيخنا عليه سحائب الرحمة والرضوان ...
لم يدر في خلدي أن شيخنا سيقول ذلك ولم يكن متوقعا ما قاله الوالد..
قال والدي وبكل ثقة واطمئنان....
مادام فلان هو في رعايتك وتحت مسئوليتك فأنا أوافق على بقاءه في عنيزة
بشرط أن يكمل دراسته ويجتهد فيها ويبتعد عن رفقة السوء ..
وله علي ياشيخ محمد أن أرسل له نفقة شهرية قدرها ألفين ريال ..

التوقيع
أمير سدير غير متصل   رد مع اقتباس