عرض مشاركة واحدة
قديم 24-05-2006, 09:15 PM   #52
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية أمير سدير
 
تم شكره :  شكر 164 فى 141 موضوع
أمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura about

 

رد على: رحلتي الى النور !!

الحلقة الواحدة والخمسون

حضر مجموعة من طلبة الشيخ درس الشيخ سليمان العلوان حفظه الله
في مدينة بريدة ..
الشيخ سليمان العلوان لمن لا يعرفه
كان في تلك السنين شابا في مقتبل عمره ..
آتاه الله من العلم الراسخ خاصة في علم الحديث ..
والفهم الثاقب وسعة الإطلاع ما يبهر الأبصار ويحير الألباب
تسامع به طلبة العلم فتقاطروا عليه من كل مكان ..
ولقد رأيت في درسه وحضرته مرة واحدة فقط
رأيت من يكبره مرة أو مرتين ويحمل أعلا الشهادات العلمية
وقد ثنى ركبتيه بين يديه..
وكان درسه بعد صلاة الفجر ..
حضره عدد من طلبة الشيخ وبعد رجوعهم من الدرس وكان ذلك يوم خميس
أعترضتهم فجأة سيارة يقودها رجل مسن ومعه مرافق مسن أيضا..
فاصطدموا به فتطاير الركاب من السيارتين ..
وضرب مقود السيارة على صدر محمد العباد فمات في الحال..
وتوفي أيضا قائد السيارة الأخرى رحمه الله..
وتهشمت السياراتان حتى تلفتا تماما ولم تعد تصلحان للانتفاع بتاتا..
كانت تلك الحادثة المروعة مجزرة بما تعنيه العبارة من معنى!!
فقد خطف الموت طالبا مجدا وهو الأخ محمد العباد رحمه الله وأصوله من اليمن
وفقد أحد الطلبة إحدى عينيه وكاد يعمى ومكث في الإنعاش أسابيع عديدة
وهو الأخ محمد الأمين السوداني
وكسر أللحي السفلي لأحدهم وكاد يتلف ويهلك..
وهو الأخ عبد الله حافظ الباكستاني
والآخر أوشك على الموت فقد تكسرت أضلاعه وشل شللا نصفيا
وهذا للأسف نسيت اسمه وهو من سكان جده ومن قبيلة حرب
وقد كان الأشد تضررا من الحادث أعانه الله وخلف الله عليه خير
حينما سمع شيخنا بالخبر ..
أراد الذهاب للمستشفى في عصر ذلك اليوم للاطمئنان عليهم بنفسه ..
وقال لي : جهز سيارتك سأذهب معك للمستشفى!!
سيارتي من نوع الجالنت اشتريتها من أخي الكبير بسعر زهيد
و هي سيارة شبه متهالكة!!
و وهيئتها وما وضع عليها من زخارف لا تليق بي أنا كطالب علم
فكيف بشيخنا !!
قد مضى على وجودها معي أياما معدودات ولم أتمكن
من تغيير ما عليها من زخارف وعبارات مخجله !!
حتى أن أخي سامحه الله قد هبط هيكل السيارة بحيث توشك أن تحتك بالطريق !!
تفهمون ما أعنيه جيدا !!
عندما قال لي الشيخ: سأذهب معك بسيارتك..
قلت له:
ياشيخي سأستعير سيارة من احد الزملاء ..
فقال: ولما ؟؟
أبي أشوف سيارتك ونجربها!!
توكل على الله وجهزها لي بعد الصلاة عند باب المسجد!!
وقعت في حرج شديد واستحييت أن أركب شيخنا على مثل هذه السيارة المريعة !!
بعد العصر سبقت الشيخ لخارج المسجد وجهزت له السيارة ..
فلما جاء واقترب مني وركب فيها قال لي: مبارك !!
هل هذه سيارتك؟؟
فقلت له : لا ،ياشيخ هذه ليست سيارتي هذه لأحد الزملاء!!
فقام شيخنا مغضبا من فوره وخرج من السيارة وأشار لطالب آخر
فركب معه وتركني!!
لحقتهم للمستشفى فوجدت سيارتي التي تركتها مع صاحب السيارة التي أقودها ..
فأرجعتها له وأخذت تلك العجوز المريعة..
فأوقفتها أمام باب المستشفى !!
فإذا كانت هذه رغبة الشيخ فليكن!!
لحقت بشيخنا وتجولت معه على المرضى ..
وكان في استقبال الشيخ الرجل الشهم والكريم المفضال الدكتور عبد الله البداح المشرف العام على المستشفى وعدد من الإداريين ..
حينما زرنا الأخ محمد الأمين وكان في غيبوبة تامة قال لنا الممرض:
هذا الرجل طوال الوقت في غرفة العمليات..
كان يقرأ القرءان ويسبح ويهلل وهو في غيبوبة تامة ..!!
وقف شيخنا على رأسه ودعا له وقرأ عليه ونفث..
ثم تنقلنا في غرف الإخوة الآخرين عبد الله والأخ الذي نسيت اسمه..
وكان وضع الأخير حرج للغاية مما استلزم نقله لجدة بعد عدة أسابيع
كانت حاله كما ذكرت خطرة للغاية وكانت معرضة للتطور في أي لحظة وكان في غيبوبة ..
وبعد فترة تحسنت حالته نوعا ما وصار يفتح عينيه ولكنه لا يعرف من حوله ولا يعقل ..
وفي إحدى الزيارات حيث كان شيخنا يزور المرضى دوم
حدث موقف عجيب وغريب ..
عندما وقف شيخنا على رأس أخينا الكريم
واقترب منه ودعا له وقرأ عليه كما يفعلها كل مرة..
حينها نظر الأخ في وجه الشيخ فتأمله وكأنه عرفه فابتسم وضحك !!
فقال الشيخ وهو ممسك بيده : هل يعرف من حوله ؟؟
فقال الطبيب: أبدا هو لم يفعل هذا من قبل !!
وكنا كلما زرناه مع الشيخ يكرر ما فعله دوما فيضحك ويتهلل وجهه ..
فسبحان من ملأ قلوب عباده حبا لهذا العلم الجليل وخصوصا تلاميذه الذين يرونه في مقام الوالد الرحيم بل اشد من ذلك!!
وليخسأ الخاسئون!!
همس أحد الطلاب في أذن الشيخ
وقال له: ياشيخ نريد رؤية الأخ محمد العباد
فقال الشيخ : هو ميت !!
فقال : ياشيخنا لا بأس للاعتبار!!
الشخص الذي همس في أذن الشيخ وقال له ما قال ..
حدث له حادث بعد سنوات على طريق المدينة القصيم وكانت معه زوجته
وأبناؤه فتوفي رحمه الله من فوره .. وسلمت زوجته وأبناؤه..
وقد بلغني الشيخ بموته حينما اتصلت عليه من البوسنة..
فقال لي: هل سمعت بفلان لقد صار عليه حادث وصلينا عليه اليوم..
حينها والله تذكرت كلمته حينما قال لشيخنا : نريد الاعتبار..
واسمه عبد الرحمن داود رحمه الله..
من خيرة الطلبة وأكثرهم حرصا على التحصيل والطلب
عفا الله عنه وجعل مثواه الجنة..
دخل الطلبة على جثة الأخ محمد وقد وضعت في داخل الثلاجة..
ولما رفع الغطاء عن وجهه تأمل الشيخ وجهه وسكت قليلا ..
وهز رأسه ثم دعا له و انصرف..
خرجنا من المستشفى وكان الشيخ قد رأى على وجهي كرها لما فعله معي
فقال لي: هل أحضرت سيارتك؟؟
فقلت بخجل وحياء: نعم..
استحييت والله من الطلبة ومن مدير المستشفى أن يروا دابتي!!
وصلنا للباب وخرج الشيخ .. وودع مرافقيه
وفتحت له باب السيارة..
وقال قبل أن يركب: هذه هي؟؟
قلت : هي والله !!
فدخل فيها وقرأ دعاء الركوب وأخذ يلمس مراتبها ويمسح على مقدمها ويقول:
مبارك يا أبا عبد الله لتهنأ لك وجعلها عونا على الطاعة!!
فخرجنا من المستشفى واعتذرت من شيخنا عما بدر مني
فقال : لا تخجل السيارات كلها سواء المهم توصلك لحاجتك..
ثم انشغل رحمه الله بتقليب المذياع والنظر في سقفها والتبريك والدعاء
وكأنني أقود أفخم وأرقى طراز ..
رحمه الله ما ابسطه وأكرمه وألطفه..
في اليوم التالي صلينا على الأخ محمد العباد بعد صلاة الجمعة..
وأمنا شيخنا رحمه الله ..
ثم خرج بنفسه وتقدم الجنازة راجلا ..
وقد حملت على الأكتاف حتى المقبرة والتي تقع في الجهة الشمالية من عنيزة
وكأن الإخوة الذين يحملون الجنازة استعجلوا في السير ليلحقوا الشيخ
فقال لهم معاتبا :
سيروا على مهل هل تريدون الجنازة أن تسقط؟؟
وصلنا للمقبرة وجلس شيخنا على التراب ..
حتى يصلي على الجنازة من لم يصل..
وحتى يحضر الميت ويدفن ..
وضع الأخ محمد رحمه الله في القبر ..
وكان والده موجودا ومتأثرا جدا من فقد ولده .. وقرة عينه ..
خلف الله عليه خيرا ..
وجعله فرطا له إلى الجنة..
بكى والده على قبره فأبكى من حوله ..
نظرت للقبور ذلك اليوم وكانت على مد البصر..
رأيت رجلا يسير بعيدا من بين القبور وكنت اعرفه ..
فسالت : أين يذهب؟؟
فقالوا: يزور قبر شيخه عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله
جاء والد الأخ محمد وسلم على شيخنا وقبل يده وبكى بكاء كما تبكي الثكلى
فصبره شيخنا ودعا له ولولده محمد وقال : يخلف المولى سبحانه عليك في
إخوان محمد.. فلا تتحسر فكلنا موتى وهذا آجال .. الخ كلامه رحمه الله
ولقد واساه شيخنا ودعاه في بيته واستضافه طوال بقاءه في عنيزة ..
مرت الأيام تترى وبوتيرة سريعة ..
وما أسرع ما جاء موسم الاستعداد للحج..
حيث أوقف شيخنا الدروس المعتادة ..
وشرع في دورة مركزة في القراءة من أبواب الحج من الزاد ومن كتب المناسك
وكذلك كتابه الصغير في حجمه الكبير في قدره المتعلق بالأضاحي ..
وقد قرأناه عليه وشرحه شرحا وافيا ..
فخرجت بفوائد عظيمة واستطعت الإحاطة بتوفيق المولى بجميع ما يتعلق
بالحج والمناسك والأضحية من تلك الدروس..
فجزى الله شيخنا خير الجزاء ورضي عنه وجعل قبره روضة من رياض الجنة
في الأيام الأخيرة من شهر ذي القعدة ..
وقبل رؤية هلال ذي الحجة توجهت مع شيخنا لأداء الحج..
وكان في استقبالنا الشيخ صالح الزامل والأخ علي السهلي وجمع كريم من الإخوة
المحبين..
توجهنا لمكة شرفها الله لأداء العمرة وتحللنا بعد ذلك ..
فقد كنا متمتعين كما هو معروف من أنواع النسك..
أرجعنا السيارة التي كانت معنا للشيخ صالح الزامل واستبدلناها
بسيارة جديدة تركت تحت تصرفنا ..!!
سألت شيخنا: ما هذه السيارة هل هي مهداة؟؟
فقال: كلا ، هذه السيارة تابعة لوزارة الشئون الإسلامية حيث أشرف سنوي
على الدعوة في صالة الحجاج والميناء !!

التوقيع
أمير سدير غير متصل   رد مع اقتباس