عرض مشاركة واحدة
قديم 24-05-2006, 09:18 PM   #55
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية أمير سدير
 
تم شكره :  شكر 164 فى 141 موضوع
أمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura about

 

رد على: رحلتي الى النور !!


الحلقة الرابعة والخمسون


كون شيخنا مشرفا على الدعوة في صالة الحجاج وكذلك في الميناء
فقد توجهنا لجدة لزيارة الميناء والصالة ..
حيث عينت الوزارة عددا من المشائخ والدعاة يقومون بتوعية الحجيج
القادمين من البحر والجو ..
في أحكام الحج والدين والعقيدة وغير ذلك ..
ويوزعون عليهم آلاف بل ملايين المناشير والكتب والمصاحف والأشرطة..
من الدعاة في صالة التفويج في الميناء صاحب الفضيلة الشيخ
عبد الله القصير وأكرم به وانعم من عالم جليل
لقد تعجبت والله حينما رأيته يقف بنفسه يوزع على الحجيج الكتب
ويجيب على أسئلتهم ..
رغم شدة الحر والزحام الخانق وانبعاث الروائح الكريهة بسبب القرب من
أحواض السفن ...
جاءه رجل من السودان يعترض عليه في مسألة عقدية ذكرت في كتاب قرأه
تتعلق بالقبور والزيارة ونحو ذلك..
فوقف له الشيخ عبد الله يحاوره بهدوء وأدب ويستمع لاعتراضاته ..
دون أن يضجر من كلامه وخزعبلاته!!
فلله در دعاتنا فما أحسن ما يقدمونه للأمة ..
ثم حظهم من البعض النيل من أعراضهم والقدح فيهم!!
يذكرني هو وأمثاله من الرجال بقول الشاعر :
وليس أخو الحاجات من بات نائما ولكن أخوها من يبيت على رحل!!
جعل الله ذلك في موازين حسناته هو وعشرات الجنود المجهولين
الذين يعملون تحت إشرافه..
أطمأن شيخنا على أحوالهم وتشاور مع المشائخ فيما يقترحون من برامج
ومناشط وكتب ونحو ذلك ..
ثم انطلقنا لزيارة صالة الحجاج في المطار..
كانت في تلك الأيام معرفتي بالطرق في جدة ليست بذاك..
ولقد تهنا في الوصول للصالات لأكثر من ساعتين..
أستغرقها شيخنا بقراءة ورده حتى تعب ونام !!
وصلنا لمدينة الحجاج أخيرا وقد بلغ بنا التعب مبلغه ..
وهي مدينة بما تعنيه الكلمة من معنى..
تقوم لعدة أسابيع ثم تختفي بين عشية وضحاها.. كما قامت!!
فيها أسواق وبنوك ومحال تجارية ومستشفيات وجوامع
وكل الخدمات العامة التي يحتاجها حجاج بيت الله ..
وصلنا هناك .. وكان ذلك بعد صلاة الظهر ..
وقد خرج الناس من المسجد الكبير في وسط الصالات..
حيث كان اللقاء متفق عليه في الجامع وسيلقي شيخنا كلمة للحجيج ..
ولكن لتأخرنا فقد خرج الناس وبقي المسجد شبه خال..
توضأنا ودخلنا للمسجد وصلينا الظهر ..
كان شيخنا مجهدا ومرهقا بسبب ضغط الأيام الماضية ..
كان الجو لطيفا في المسجد وبرودته معتدلة ..
فاستغل شيخنا تلك الدقائق ولف عمامته على وجهه وتوسد يده ونام..!!
فجاء المشائخ فأشرت لهم من بعيد !!
فأشاروا لي: هل هذا الشيخ ؟؟
فحنيت رأسي وقلت لهم : نعم ودعوه ينام قليلا..
فغط في نومة هنيئة حتى شخر ..!!
فسعدت بذلك.. واغتبطت ..
وجلست مع المشائخ في زاوية المسجد حتى لا نزعج الشيخ..
ذكر لي شيخنا رحمه الله ..
أنه كان في سنوات ماضية يلقي دروسا للحجاج من جميع الجنسيات
وغالبهم من أفر يقيا..
تقدم له رجل أفريقي ويتكلم العربية وقال للشيخ: أنت تعلم الناس مسائل
مهمة في العقيدة والأحكام ولكن يحول بينك وبينهم اللغة !!
فغالبهم لا يفهم العربية فما رأيك أن أترجم كلامكم بلغة قومي؟؟
فقال الشيخ : لا بأس ..
فترجم ذلك الرجل لشيخنا مدة من الزمن ..
وفي خلال كلام شيخنا سمع لغطا من خلف الصفوف ..
وقام رجل وقال: ياشيخ إن هذا المترجم رجل كذاب !!
فهو يحرف كلامكم ويبدله بعمد لفساد معتقده ..
فقام مجموعة من الناس وأكدوا كلام الرجل..
فالتفت شيخنا للمترجم وقال له: قم .. وسوف أتكلم بالعربية فمن يفهم
فليفهم وأمري على الله !!
روى لي احد طلبة العلم الثقات يقول: اجتمعت يوما في الحرم في شهر رمضان
بعدد من المسلمين الأفارقة من نيجيريا والذين تحلقوا لاستماع درس شيخن
محمد رحمه الله في الحرم..
وكان بعضهم يبكي بحرقة ويرفع يديه بالدعاء بكلام لا افهمه!!
فسألتهم : لماذا يبكون ؟؟
فقالوا : كنا مجموعة من النصارى أهدانا أحد طلبة العلم في نيجيريا شريطا
للشيخ محمد في العقيدة فأسلم بسبب ذلك الشريط ثمانية عشر شابا
ومنهم هؤلاء الفتية الذين يبكون فرحا لرؤيتهم للشيخ
ويدعون الله له فالفضل له بعد الله في إسلامهم !!
وأذكر مرة أنه زار شيخنا في الحج مجموعة من الأمريكان السود ..
وكانوا يتكلمون العربية بفصاحة مطلقة وكأنهم عرب أقحاح؟؟
قالوا للشيخ : نحن تلاميذك!!
فقال: لا أذكر أنكم درستم عندي!!
فقالوا : ياشيخ لقد سمعنا شروحك من الأشرطة في الواسطية وكتاب التوحيد
وغيرها فنحن نعتبر أنفسنا تتلمذنا عليك!!
ذات ليلة قال لي الشيخ مازحا : لدي درس الليلة الساعة التاسعة في أمريكا!!
فقلت له ضاحكا ومتعجبا: أتسخر مني؟؟
فقال: هل تريد ترى هذا بنفسك؟؟
فدخلت معه لملحق بيته ، واتصل عليه شخص من أمريكا على هاتفه
وقال ياشيخ : نحن جاهزون ؟؟
فإذا هي محاضرة عبر الهاتف يلقيها شيخنا و يستمع لها في أكثر من خمسين
مركزا إسلاميا في الولايات المتحدة !!
استيقظ شيخنا من نومه وتلفت حوله ومسح بيديه على وجهه
فلما رآه المشائخ قاموا إليه..
وسلموا عليه وتحلقوا حوله واستمع لهم ولبرامجهم وحصروا بعض النواقص
والاحتياجات من كتب وغيرها ..
ثم رجعنا لمكة لكي نستعد لأداء مناسك الحج..
تكفل الشيخ إبراهيم آل الشيخ بتنظيم كل ما يتعلق بحجنا
من تنقل وسكن وخدمات وتغذية فجزاه الله خير الجزاء.
حيث أن لديه فريقا كبيرا من الرجال المخلصين كل قد حدد له عمله ووظيفته
أمرني الشيخ ذلك اليوم بالاغتسال للباس الإحرام كما هي السنة
واغتسل الشيخ ولبس إحرامه وتدهن بقارورة كاملة من الطيب
دهن بها شعر رأسه ولحيته
حتى رأيت الطيب يتقاطر من لحيته..
ولقد فعل شيخنا ذلك تعبدا لله تعالى واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم
كما روت عائشة رضي الله عنها في إحرامه عليه السلام ..
ركبنا الباص الصغير المخصص لنا وبرفقتنا عائلة الشيخ إبراهيم في الخلف
كان شيخنا يلبي ويرفع صوته بالتلبية حتى بح صوته ..
كما كان يفعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم..
كان السائق محترفا وخبيرا بالطرق ..
فأوصلنا لمخيمنا في منى والملاصق لمخيم سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله
فأنعم بها من جيرة ..
يحتوي المخيم على عدد كثيرة من الخيام جزء منه مستقل للنساء
تتوسطه خيمة كبيرة للصلاة والدروس..
يلقي فيهنا الشيخ الدروس والكلمات بعد كل صلاة ..
ولا يجد شيخنا في تلك الأيام الفضيلة وقتا للراحة إلا ما ندر
فهو كما قال الشاعر:
فلو لم يجد في كفه غير روحه لجاد بها فليتق الله سائله..
فو الله لم ترى عيني ولا ادعي أنه لا يوجد!!
لم ترى عيني رجلا يبذل وقته للعلم والتعليم وتفقيه الناس مثل شيخنا
خلا شيخه وإمام الجميع الشيخ ابن باز رحمهما الله
كان الشيخ ابن باز رحمه الله يجل شيخنا ويحبه حبا جما
وكان شيخنا يبر بشيخه ويصله كما يفعل الولد مع أبيه ..
ويفرح الشيخ ابن باز حين يعلم بوجود تلميذه البار..
ذات مرة جئنا لمنزل سماحة الشيخ ابن باز في مكة
فسلم عليه شيخنا وقبل رأس شيخه ..
ثم جلس شيخنا في مكان بعيد عن الشيخ قليلا..
وكان بجوار الشيخ ابن باز يجلس أحد المشائخ الفضلاء..
فقال الشيخ ابن باز: وين الشيخ محمد ؟؟
وضرب بيده على الكرسي الذي بجواره ..
فقام الشيخ الذي عن يمينه من مكانه واستبدله بمكان شيخنا..
فلا تسل عن الأنس وفرح الشيخ ابن باز بأن يوضع شيخنا في موضعه الذي
يستحقه ويقدر التقدير الذي يليق به..
لا اعلم أن شيخنا ذهب لمدينة يعلم أن شيخه ابن باز فيه
إلا وابتدأ بزيارته والسلام عليه قبل أي شيء آخر..
أذكر مرة ذهبنا لمكتب الشيخ ابن باز في الرياض..
فقيل لشيخنا : هو في اجتماع مع اللجنة الدائمة ..
فيهم سماحة الشيخ وكذلك الشيخ عبد العزيز آل الشيخ المفتي الحالي
والشيخ ابن غديان والشيخ الفوزان والشيخ بكر أبو زيد..
حينما دخلنا عليهم ..
رأيت الشيخ ابن باز مادا رجليه على طاولة وضعت أمامه
و حاسر الرأس..
فأراد المرافق أن يلبسه شماغه فقال الشيخ ابن باز:
لا .. لم يدخل علينا غريب!!
كما قلت كان التلميذ بجوار شيخه في المخيم..
وتحابا في القلوب وتجاورا في قبريهما بمكة في مقبرة العدل..
وأرجو المولى سبحانه أن يتجاورا في القصور في الفردوس الأعلى

التوقيع
أمير سدير غير متصل   رد مع اقتباس