عرض مشاركة واحدة
قديم 24-05-2006, 09:19 PM   #57
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية أمير سدير
 
تم شكره :  شكر 164 فى 141 موضوع
أمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura about

 

رد على: رحلتي الى النور !!

الحلقة السادسة والخمسون

لم يطل شيخنا الغياب عند الملك ..
قال لي الشيخ ذلك اليوم: أنه فقد السائق الذي يوصله للمخيم فبقي واقفا محتارا ولا يدري ما يفعل ..
فلمحه الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية وهو ذو علاقة ومعرفة عميقة بشيخنا ..
فسلم عليه وقال : هل تنتظر أحدا ؟؟
لاحظتك واقفا لوحدك؟؟
فقال شيخنا : سائقنا تأخر..
فنادى الأمير سعود الفيصل على سيارته الخاصة وأمر سائقه بتوصيل الشيخ فحمده شيخنا على ذلك وأكبرها منه ..
كنا في أغلب الأوقات نبقى في المسجد لاستماع الدروس والفتاوى ..
وهذا هو غالب أمرنا ..
وأما في الأوقات الأخرى فنجتمع بالشيخ في خيمة كبيرة عبارة عن مجلس للضيوف ويستقبل فيها الوفود الزائرة من داخل وخارج المملكة..
جاء رجل في تلك الأيام وزعم للشيخ أن المسالخ التابعة للبنك الإسلامي للتنمية في منى لا تقوم بنحر الإبل كما هي السنة وكذلك ذكر ملاحظات حول التذكية الشرعية للأغنام..
فلم يرد شيخنا أن يجيبه على زعمه حتى يتأكد مما نقله له..
فكلفني أنا وشخصين اثنين بالذهاب لزيارة المسالخ والإدارة المشرفة
للتأكد من صحة تلك المعلومات خاصة وأن البنك يشرف سنويا على مئات الألوف من الأضاحي والهدي ذبحا وتخزينا وتوزيعا حول العالم..
وصلنا للمسلخ بعد معاناة وبحثنا عن موقع نحر الإبل فقالوا لقد انتهوا من ذلك
فلما نتمكن من رؤيتها على الطبيعة ..
توجهنا للإدارة فأحالونا لشخص وقالوا : هو مدير هذا القسم ..
فدخلنا عليه مكتبه فاستقبلنا ببرود ولم يعرنا أي أهمية وكان يدخن بشراهة
طوال جلستنا معه..
شرحنا له هدفنا من الزيارة ومن كلفنا بذلك فازداد تجاهلا لنا!!
ولم يفدنا بشيء ولم يرد إعطائنا أي معلومات ..
فخرجنا من عنده وقد بلغ الحنق بالأخوين الآخرين مداه..
رجعنا للشيخ وشرحنا له ما حصل ..
فاسترجع وقال : خيرا إن شاء الله !!
في اليوم الثاني وهو الأول من أيام التشريق ..
زارنا في المخيم الدكتور محمد علي مدير عام البنك الإسلامي بنفسه!!
وقدم اعتذاره للشيخ عما حصل ولا ادري كيف بلغه الموضوع..
وأصر على شيخنا أن يرافقه بنفسه للمسالخ لرؤية الموضوع على الطبيعة
والدكتور محمد علي رجل مؤدب ومتواضع وخلقه وبشاشته تأسر القلوب
وهكذا كان!!
انطلقنا بسيارته وأصر على الشيخ أن يركب هو في الخلف وشيخنا بجوار
السائق وكانت لفتة كريمة منه ..
قبل دخولنا للمسالخ مر بنا الدكتور على مكان الذبح العام حيث يقوم الحجاج
بذبح هديهم وهذا خارج إشراف البنك ..
ويا للعجب!!
رأينا ذلك اليوم منظرا لا أنساه ما حييت ..
حيث تكدست عشرات الألوف من الأغنام المذبوحة على مد البصر
والملقاة بعضها على بعض وقد تعفنت وتجمعت عليها الحشرات وصدرت منها
روائح قاتلة ..
وكان غاية الدكتور أن يري الشيخ دور البنك في محاولة القضاء على تلك المشكلة
المزمنة ..
حيث رفع عن الناس حرجا شديدا واوجد لهم بديلا ملتزما بالضوابط
الشرعية ويبرئ الذمة ..
قال لنا الشيخ ذلك اليوم : قبل سنوات بعيدة في شبابي
اشتريت أنا وعدد من الإخوة والأصحاب جملا لكي نهديه عنا جميع
وكنا سبعة..
وكان عدد الأضاحي ليس بالكثرة الآن والحجاج اقل..
يقول شيخنا نظرا لوجود عدد كبير من الفقراء حولنا وكل واحد منهم احضر
سكينه وساطوره بيده!!
فقد حاولنا الابتعاد عنهم حتى يسهل علينا النحر والسلخ وتقطيع الذبيحة..
قال الشيخ : ما إن سقط جملنا حتى تساقط الناس علينا من كل مكان
فقطعوا البعير وجزءوه في دقائق معدودة !!
أما الحال ألان فهذا الذي نراه والله مأساوي !!
تجولنا في المسالخ وتأكد الشيخ بنفسه من سلامة طريقة الذبح والنحر وأن
العتب على الناقل سامحه الله..
ونحن نتجول في المسلخ جاءنا رجل وعيونه غارقة بالدموع ..
فتأملت وجهه فإذا هو صاحبنا الذي دخلنا عليه بالأمس وتجاهلنا
وقد كان كسيرا حزينا فسلم على شيخنا واعتذر منه واعتذر منا جميعا
أخذه شيخنا على انفراد ..
وتحدث معه وابتسم في وجهه وتهلل وجه الرجل وضحك ..!!
وأخبرني الشيخ لا حقا انه نصحه بترك الدخان فوعده بذلك
ولعل الله تعالى عافاه..
مرت تلك الأيام بوتيرة واحدة ..
كنا نذهب لرمي الجمرات مشيا على الأقدام ..
حيث أن مخيمنا ليس ببعيد عنها..
وفي الطريق يجيب شيخنا عن أسئلة الناس ..
أذكر أننا في عودتنا ذات مرة من الرمي وكان ذلك قبل الغروب بدقائق..
وكانت منى شبه خالية حيث عجل كثير من الحجاج كما هي العادة..
فمررنا على رجال يشدون أمتعتهم على سياراتهم..
فلما رأى أحدهم شيخنا وكان في أعلى السيارة الجيب يربط متاعه
نادى على الشيخ مستفتيا ويشير بيده: ياشيخ محمد إحنا معجلين
ومثل ما ترى قد يؤذن علينا وما أكملنا متاعنا هل يجوز لنا التعجيل ؟؟
فقال الشيخ : لا باس عليكم إن شاء الله ..
فهذا رجل استفتاه وهو على سيارته دون أن يتكلف عناء النزول!!
ولا أدري هل سألهم هل طافوا للوداع أم لا ؟؟
روى لي أحد الطلبة الثقات يقول : مرة كنا نسير مع الشيخ بعد الصلاة
من مسجده لبيته .. فنادى رجل من سيارته على الشيخ :
ياشيخ محمد ياشيخ محمد أريد أن أسألكم ؟؟
فقال الشيخ له : تعال أنت وسأل فالعلم يؤتى إليه وحق عليك إكرام العلم وأهله..
ولم يرد الرجل على الشيخ حياء من جوابه ..
ولكن شيخنا لمح في خلف سيارة الرجل عكازا فعرف أنه مبتلى..
فرجع للرجل ودنا منه واستمع لأسئلته حتى انتهى ..
لم نعجل كما هو المتبع من شيخنا في كل عام وخلى المخيم وحوله تقريبا
جاءنا ذلك اليوم ضيف كريم وهو الأمير ممدوح بن عبد العزيز وفقه الله
كنت أنه وهو مع الشيخ ثلاتنا لا رابع لنا في السيارة وقال لشيخنا كلمة
أراد منها أن يشد من عضد الشيخ قال له في كلام طويل أذكر بعضه :
(ياشيخ محمد أنت وشيخنا ابن باز أقدما ولا تترددا فوا لله إن إخوتي الكبار
من الملك وإخوانه الكرام الآخرين يقولان دائما للوزراء والمسئولين
أطيعوا العلماء ولا تعصوهم وخصوصا هذين العالمين الجليلين ابن باز والعثيمين
فنحن بالله قمنا ثم بهما !!)
جزى الله الأمير ممدوح خير الجزاء فهو صادق النصح إن شاء الله ولا يبتغي من
ذاك شيئا بارك الله فيه
شهدت منه موقفا أكبرته منه ..
حيث أذكر مرة أنه بعث رجلا لشيخنا يستفتيه في أمر وهو:
أن هناك مشروع يدر على الأمير مدخولا كبيرا ولكنه يحتاج لهذا المشروع
لرخصة وكونه أميرا ومن أبناء الملك عبد العزيز فلن يعسر عليه الحصول على
تلك الرخصة .. ولكنه تحرج من ذلك خوفا من أن يجامل كونه أميرا !!
وهذا بلا شك سيكون!!
فقال شيخنا للوسيط : سلم على الأمير وبلغه أن الورع أن يتركه والله يخلف
عليه بخير
فتركه رغم أن ربحه مضمون وأرباحه كبيرة للغاية والله يخلف عليه خيرا منه
في ماله وولده وأهله ..
زار الأمير ممدوح القصيم في سنة من السنوات
وكان في اغلب بقاءه في القصيم تلك الأيام يكون في عنيزة
إما في بيت الشيخ أو في جامعه أو عند أحد المضيفين له من عنيزة..
طلب الأمير ممدوح من شيخنا أن يزور بيته الطين والذي حتى تلك السنوات
لم يهد وبقي شامخا في المكان المعروف ألان .. شمال مسجد الجعيفري
على شارع الشريمية ..
التقينا شيخنا والأمير وأنا وجمع من الإخوة أمام باب المنزل ضحى ..
وفتح شيخنا باب بيته القديم ..
وأخذ يشرح لنا تفاصيل البيت وتقسيماته ..
حينما تدخل من باب المنزل تواجهك ساحة في وسطها نخلة طويلة ..
وعليها حبل للتسلق ..
وذكر الشيخ انه كان يصعد لأعلى تلك النخلة فيلقحها أو يحصد تمره
فقال لي الأمير مازحا: هل تستطيع الصعود لأعلاها يافلان؟؟
فحاولت الصعود وما عرفت طريقة شد الحبل خلف الظهر وهي تسهل كثير ا
الصعود..
فقام شيخنا بنفسه وشده وصعد حتى وصل قريبا من وسطها ونزل..
صعدنا من الدرج ليرينا مكتبته ..
فدخلناها فإذا هي غرفة متوسطة الحجم وفيها رفوف قديمة وشبه بالية
مكتوب عليها 1381 للهجرة ولعله تاريخ التركيب!!
وجدنا في زاويتها سلكا كهربائيا قويا قد عقف أعلاه على شكل عصى
وهو متماسك ومغلف ببلاستيك اسود قال الشيخ : هذه عصاي كنت استعملها
وأنا أسير في الظلام إلى المسجد قبل انتشار الكهرباء..
فحملها الأمير وكانت ثقيلة ..
واستأذن من شيخنا أن يهبه إياها ففعل..
وكذلك رأى الأمير سجادة صلاة قديمة قد حفر مقدمها من اثر السجود عليه
فقال للشيخ : هل هذه سجادكم ؟؟
قال: نعم ..
فاستو هبه إياها ففعل!!
خشيت أن يستو هب الأمير الشيخ كل شيء فهمست في أذنه وقلت :
أريد دواليب الكتب إن كنت لست في حاجتها !!
فقال: هي بالية !!
فقلت : حتى!!
فوافق..
فنقلتها لبيتي واحتفظت بها سنوات عديدة حتى سرقت مني!!
ولقد أعطاني الشيخ بناء على طلبي عددا من عباءاته القديمة جدا وما زالت
عندي حتى الآن ..
واحتفظ بها للذكرى لا للتبرك أو شيء آخر والحمد لله ..

التوقيع
أمير سدير غير متصل   رد مع اقتباس