عرض مشاركة واحدة
قديم 24-05-2006, 09:37 PM   #65
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية أمير سدير
 
تم شكره :  شكر 164 فى 141 موضوع
أمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura about

 

رد على: رحلتي الى النور !!

الحلقة الثالثة والستون

كان منزلنا في ذلك العام قريبا من منطقة البلد ..
في وسط الطائف وأظن أن المنزل كان مستأجرا من عائلة نسيب الشيخ
الشيخ خالد المصلح ..
مكث الأخ علي معنا طوال الأيام تلك وغادرنا ابنه وأخوه الأستاذ عبد
الرحمن....
كنت في الغالب أنا من يتولى قيادة الشيخ في مشاويره..
فأنا ابن الطائف..
تعجب الناس والأصحاب من هذه الإنتقالة الهائلة في وضعي من الشيخ..
ومن قرأ منهم ما سطرته هنا سيفهم تماما ما الذي حدث !!
فالحمد لله الذي كفاني مئونة تفسير ذلك؟؟
على كل تقبل الناس سريعا هذه الوضعية الجديدة..
أذكر أنه في إحدى زيارات الشيخ لبيتنا حضر حوالي الخمسين شخصا..
تلون وجه أبي وتلبدت على وجهه غيمة حياء فمن سيضيف هؤلاء ..
وأين سيجمعهم..
أصعدناهم للمجلس ولا تسل عن عناءنا وحرجنا ..
ويعلم المولى سبحانه أننا ما ضقنا بعددهم ولا بوجودهم فهذه ضريبة
صحبة العلماء ولكن لم نكن مقدرين لتلك الزيارة المفاجئة..
ولذلك فهمت ما لذي كان يعنيه شيخنا من إصراره على عدم السكنى في
منزلنا أو غيره وفضل المكوث قريبا من أحد الجوامع الكبيرة ..
ليتمكن مريدوه من إيجاده والاستفادة من علمه ..
وأفضل مكان لا شك هو الجامع..
كنا نصلي في الجامع الواقع شمال مواقف التكاسي المسماة مواقف مكة..
ويلقي شيخنا هناك دروسه بعد العصر..
وكان إمام الجامع من إخواننا اليمنيين ويظهر أن شيخنا يعرفه حيث اعتاد
إلقاء الدروس في مسجده في السنوات الماضية..
لم يكن بالجامع الفسيح واقترحت على شيخنا أن يجعل درسه في جامع
آخر..
قال الشيخ : بعد العصر سأستمر بالتدريس في هذا الجامع للعامة ..
أما الدروس اليومية بين العشاوين ( أي المغرب والعشاء)
فقال لي وللأخ علي أنتما اختارا الجامع المناسب وعجلا علي..
ذكر لي الأخ علي جامع ابن سند ..
قلت له إن طلبة العلم في الطائف اعتادوا على الدروس لكبار المشائخ
في جامعين معروفين بكثرة مرتاديه الأول جامع ابن عباس الكبير
والثاني جامع الأمير احمد..
والأخير فيه دروس شيخنا احمد السهلي ويحضر فيه عدد كبير من طلبة العلم ..
أستقر رأينا أخيرا ذلك العام أن تكون دروس شيخنا في جامع الأمير احمد
وحينما رأى الشيخ كثرة الحضور وامتلاؤه بالحضور فرح بذلك وأثنى
على رأيي فالحمد لله ..
تسائل الناس عن ذلك الشاب الصغير والذي هو مالك!!
يجلس بين يدي شيخنا
ويقرأ عليه أسئلة المستفتين !!
يا للعجب!!
لا تسل عن حيائي وعن ضعفي أمام نظرات الناس التي لم اعتد عليها إلا
بعد حين..
قائل يقول : هذا من أبناء الشيخ!!
وقائل يقول : هو نسيبه!!
وقائل يقول : هو من اليمن !!
ولم يصل للحقيقة سوى من قرأ كلامي هذا كله !!
كلمات سمعتها من هنا وهناك ولكن مع الزمن لم اعد أعيرها أي انتباه..
في تلك السنة انتشرت حمى الدشوش أو ما يسمى الأجهزة اللاقطة..
والتي تكلم عنها الشيخ ناصر العمر بارك الله فيها قبل سنوات في شريطة
المشهور البث المباشر والذي طبع لاحقا في كتاب وانتشر..
حذر شيخنا منها كما حذر غيره وناصح الناس والمسئولين وراسلهم
ولقد رايته مهموما بهذا الشأن وكأنه رحمه الله ثكل من كثرة ما يتكلم
وينصح من هذا الشر المستطير..
استأذنته مرة ونحن في السيارة لأسمعه مقطعا من شريط للشيخ
عبد الوهاب الطريري حول موضوع الدشوش..
فقال اسمعني: كان اجتماعا بين الطريري وعدد من المثقفين أو الأكاديميين
قال أحد المتفيقهين !!
يا إخوان أنتم كبرتم المسالة وأعطيتموها اكبر من حجمها !!
إن مجتمعنا متماسك وعقيدتنا صلبه ولا يمكن أن تهتز بمثل هذه اللواقط
وثوابتنا راسخة الخ كلامه ..
فرد عليه الطريري بكلام معناه : إذا ليكن الانفتاح شاملا !!
قال كيف ؟؟
قال ليشمل الانفتاح في الأمور التي تهدم الدين وتهدم سياسات الدول
فأنت تعرف أن المتربصين بالدولة والحكومة وخاصة حكومتنا كثير فهل
ستسمح لك انفتاحك بفتح المجال في كل شيء؟؟
فأسقط في يد الرجل وصمت ..
وأعجب شيخنا بجواب الطريري وفي اليوم التالي حث الناس على سماع
شريطه ذاك وأثنى عليه!!
لا شك أن الأمور تغيرت الآن وبعد دخول الانترنت وامتلاء فضائنا بمآت
القنوات الفضائية قد لا يتصور بعضكم وقع المصيبة حينما بدأت بما
يقارنه الآن من حال..
في تلك الليالي حصل لنا موقف طريف..
حيث نسينا مفتاح شقتنا في داخل المنزل ..
ولم يكن سوى شيخنا للأسف يحمل مفتاحا للباب رغم حرصه الشديد
وتيقظه في مثل هذه الأمور..
فهو يحمل در زانة من المفاتيح ويضعها في جيبه ومرتبة بنسق عجيب
قلت لعلي لا بد أن نحضر شخصا ليفتح الباب..
رافقنا الشيخ بالطبع !!
توجهنا بسيارتنا الكراسيدا وتوقفنا أمام محلات المفاتيح ..
توسمت في وجوه الناس..
فرأيت شابا قصيرا عليه مرآه يظهر عليه أنه هاديء الطباع ..
فوقفت بين يديه ولم يكن عنده أحد وقلت له الحاصل ..
فقال لي : وما يدريني أن هذا منزلكم؟؟
نظرت للأخ علي وقلت له: يا أخي نحن ثلاثة أشخاص نقيم في منزل
مضيفنا ..
قال : دع مضيفكم يأتي !!
لاطفناه بالعبارة وقلنا سنصور لك هوياتنا إن شئت ..
وبعد تردد حمل حقيبته وركب في سيارتنا ..
حينما رأى ذلك الشاب شيخنا كأنه ارتاح واطمأنت نفسه ..!!
ولكنه لم يعرف من يرافق على كل حال..
أخذ شيخنا يسأله عن نفسه ..
ويسأله عن أحواله ..
أذكر انه قال أنه من قبيلة بني مالك وأظن اسمه نايف أو شيئا من هذا
القبيل..
وصلنا للشقة ثم نظر إلي كأنه يريد مني شيئا فوضعت بطاقة أحوالي في
يده فنظر فيها ..
ثم أرجعها لي ..
كان اختياره موفقا فما عن وضع يده على الباب حتى فتحه باحترافية
عجيبة ..
أرجعته لدكانه فسألني من هذا الرجل الذي وجهه يشع نورا ؟؟
قلت له هذا الشيخ ابن عثيمين!!
قال لي : حرام عليك يارجل هلا أخبرتني من قبل
والله لن آخذ منك ريالا مقابل ذلك!!
كانت للشيخ محاضرات ودروس في الأقاليم المحيطة بالطائف ..
في الحوية والهدى والشفا وجمعيات التحفيظ والمراكز الصيفية والمعاهد
ويجتمع في مدينة الطائف سنويا في تلك الفترة كوكبة كبيرة من العلماء
والمشائخ ممن لا يكاد يحصرهم عاد..
كنا في الجمع ننزل للصلاة في الحرم وكان شيخنا يتعجب من الناس ويقول
لو كنت مقيما في جده أو الطائف لما فاتت علي مائة ألف جمعة في
الحرم!!
نسقنا مرة محاضرة للشيخ في جامع الملك فهد في الهدى وكان يوم جمعة ..
وانطلقنا من مكة بعد صلاة العصر حيث لا يستغرق وصولنا للهدى سوى
ساعة وربع تقريبا ..
ولكن حدث مالم يكن في الحسبان ..
حيث نزلت الأمطار على الهدى وحين وصولنا لجبل الكر..
أوقفت الدوريات السيارات وإمرتها بالرجوع لمكة والذهاب للطائف من
طريق المسيل..
وقال الطريق خطر ولا يمكن السماح للسيارات بالعبور..
فاسقط في يد الشيخ وتحرج وكان من أصعب الأمور على نفسه أن يفوت
وعدا وخاصة أنها محاضرة عامة ..
ولم يكن لدينا وسيلة اتصال..
قال لي : لا ترجع ودعنا نمكث لعل وعسى الطريق يفتح..
هممت أن انزل للجندي واستأذنه واشرح له الوضع ..
ولكن هيهات فلو سمح لنا بالعبور لثارت عليه مئات السيارة من حولنا
فدوني نجوم السماء !!
بقيت والشيخ حتى قريبا من العشاء..
حتى اطمأنت نفسه وعرف انه لا حيلة لنا ..
وبعد وقت يسير سمح لنا بالعبور..
فلم يكن هم الشيخ إلا أن نذهب للجامع ونبلغ الناس بما حصل..
وصلنا للجامع وقد خرج الناس من الصلاة ..
توجهنا للإمام ..
فلما رأى الشيخ انكب عليه واحتضنه وقال والله لقد قلقنا عليك والناس
تساءلت ما لذي حصل لكم ..
وبعضهم ذهب للشيخ ابن باز يسأل عنك..
وأجرينا اتصالات عديدة بالمسئولين !!
بلغه الشيخ بما حصل ..
وكان الرجل نبيها!!
قال يا شيخ محمد: لا يعوضنا منك سوى أن تشرف أهل المنطقة
بعشاء!!
فقال يا ولدي : أنا متعب لو تعفيني!!
أصر الرجل ورتب عشاء في إحدى مزارع منطقة الهدى الجميلة
وحضرها جمع كبير من الناس يكادون يبلغون المئة!!
ولا تسل عن فرح الشيخ باجتماعهم حيث
شعر انه عوضهم بتلك المحاضرة لتطيب نفوسهم بتلك الجلسة التي لم تخل
من فوائد وتوجيهات..

التوقيع
أمير سدير غير متصل   رد مع اقتباس