عرض مشاركة واحدة
قديم 24-05-2006, 09:44 PM   #69
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية أمير سدير
 
تم شكره :  شكر 164 فى 141 موضوع
أمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura aboutأمير سدير has a spectacular aura about

 

رد على: رحلتي الى النور !!

الحلقة السابعة والستون

لم يستنكف شيخنا رغم مشاغله أن ينظر في أمري سريعا..
ولكنه رجل متزن وهادي ويأخذ الأمور بتؤدة حتى ولو رآها الآخرون
هينة..
وهكذا العلماء في أمورهم وشئونهم كلها ..
رأى الشيخ أنه ليس من الإنصاف مع طلبته أن اسكن وحيدا يخصني من
دونهم وهذا غير وارد على الإطلاق في قاموس الشيخ رحمه الله..
والخيار الآخر هو الخروج من السكن وهذه كان الشيخ يستريب منها ..
وذلك أن الشيخ لاحظ أن كثيرا من طلبته حينما يخرجون من السكن يقل
مستواهم في الحرص على التحصيل و بعضهم يتغيب عن بعض الدروس
وبعضهم يلتحق بحلقات أخرى لعلماء آخرين فيكون في ذلك تشتيتا
لمصادر التلقي..
هذا لا شك لا ينطبق على الجميع ..
فهناك مجموعة كبيرة من خارج السكن هم أحلاس
الحلقة ونجومها فلا يعم ذلك الجميع
ولكنني أتكلم على الطلبة المستجدين أو الذين لم يمر على وجودهم فترة
طويلة كحالي ..
كل هذه الأسباب قد جعلت شيخنا يتردد بالسماح لي بالخروج من السكن ..
كان شيخنا يعرف ابن العمة أحمد ويرى منه الجد والاجتهاد..
وكذلك الأخ سعود الحربي ذو الأخلاق العالية والسماحة..
فكنت أذكره أنهما سيكونان رفيقاي خارج السكن ..
وأنني برفقتهما وحرصهما على العلم سنكون خير فريق وسنتعاون فيما
بيننا على التحصيل..
اتصل علي الشيخ يوما وقال : اذهب وقابل فلان في شارع السلسلة بجوار
منزلي القديم..
وصلت فوجدت الرجل المذكور فسلم علي ..
وبادر ..
وأدخلني عمارة متهالكة وقديمة تصدر من جنباتها روائح العزاب !!
صعدت معه للطابق الثاني في درج مكسر ووقف أمام باب شقة متهالك
ثم فتحة بعد معاناة وما إن رأيت المكان حتى أصابتني قشعريرة من
اتساخه والروائح الهائلة والغبار ...
كل ذلك وأنا لا ادري عن الحاصل !!
قلت للأخ : طيب !!
قال : أظن هذي بتكون شقتك !!
تلبد وجهي وقلت له : ومن يقوله ؟؟
قال : الشيخ هو اللي كلفني بالبحث لك عن سكن!!
بقيت انظر في وجهه وأنا صامت ..
وبقي ينظر إلي محتارا لا يدري ما يقول!!
تذكرت غرفتي في السكن في نفسي فحمدت الله على العافية ..
شكرت الرجل وقلت له جزاك الله خير وما قصرت ..
ناولني المفتاح!!
وقال : هذا مفتاحك استودعك الله !!
وغادر!!
تجولت في شقتي الجديدة !!
غرفة صغيرة عن يمين الداخل ثم حمام أجلكم الله ..
تنبعث منه روائح .. ظن شرا ولا تسأل عن الخبر!!
ثم بجوارها غرفة أخرى واسعة قليلا قد نبتت في جنباتها خيوط العناكب
فحولتها إلى غرفة أشباح ..
في زاويتها نافذة متهالكة حاولت فتحها فغمرني منها غبار لم أرى قط
مثله في حياتي ..
انتثر على ثيابي وشماغي ورأيت أثر ذلك حينما خرجت في وجوه الناس
وهي تضحك من منظري!!
هذا كل شيء ..
ولا يوجد مطبخ !!
جدرانها صفراء ..
أما الجيران فهم مجموعة من العمالة العربية والآسيوية ..
تفوح في جنبات العمارة روائح البهارات والطبخ منذ أن تمر بجوارها..
قابلت شيخنا ظهرا ..
وبادرني قائلا : هه!!
كيف رأيت السكن الجديد!!
قلت له : والله يا شيخ ودي تشوفه أنت أيش رأيك ؟
وصلنا بجوار العمارة وكانت على طريق منزل الشيخ ..
ثم استأذن من الناس ودخل معي ..
كان الشيخ وهو يصعد الدرج يقول : ما شاء الله .. ما شاء الله!!
فكنت أقول في نفسي : اصبر وسترى العجب!!
فتحت الباب ..وكنت أراقب تقاسيم وجه الشيخ !!
فرأيته معجبا مما يرى !!
تجول فيها ونظر هنا وهناك .. وتجول في غرفها ..
قال : أبد استعن بالله وانزل فيها !!
قلت له : هل أعجبتك يا شيخنا ؟؟
قال : ممتازة !!
شكرت شيخنا وقلت له : جزاك الله عني خير الجزاء ..
ونزلنا وشيعته حتى بيته ..
عدت للسكن وأنا حائر ..
أفكر كيف سأنتقل لهذه المرحلة الجديدة ..
دخلت غرفة سكني ..
تذكرت مراحل وصولي لعنيزة ..
آه كيف سيكون حالي في السكن الجديد..؟؟
لا شك أن الإنسان يرغب أن يكون الجو المحيط به مثاليا ..
أنا اعتدت على حياة كما هم أبناء بلدي ..
صحيح أنني عانيت حتى وصلت على ما وصلت إليه ..
ولكن العيش في مثل ذلك المكان شيء صعب للغاية لم أجربه من قبل..
هل تريدون أكمل مالذي حصل ؟؟
كانت نفقتي ليست بالكبيرة ..
وقلت للشيخ رحمه الله ..
المكان يحتاج لتنظيف وشراء أثاث ووو..
فقال لي : صاحب العمارة سوف يفعل لها صيانة!!
كان خبرا سعيدا ..
وقلت متى سينتهي !!
قال :خلال أيام ..
مررت على السكن بعد أيام لكي أرى الصيانة الجديدة ..
فلما وصلت باب الشقة شممت رائحة الطلاء من الخارج..
فاستأنست وأملت شيئا كبيرا ..
فتحت الباب فوجدتها قد طليت ولكن أي طلاء!!
ترقيع !!
هنا وهناك وغالبها بالمعجون وليس بالطلاء..
هذا كل ما فعل!!
اتصلت على صاحب العمارة وقلت له : هل انتهيتم؟؟
قال : خلاص انتهينا ويمكنك النزول الآن!!
استحييت أن ابلغ الشيخ بالحاصل ..
واعتبرت الموضوع انتهى..
سأفتقد جو العمارة والمكتبة والبحوث والطلبة الأفاضل لأنزل في مكان
مختلف الله اعلم كيف سيكون الحال فيه ..
أرجو أن لا أكون أثقلت على إخوتي بمثل هذه التفاصيل ولكنني أريد أن
اشعر إخوتي القراء بالجو الذي يعيشه طلبة العلم ..
أنا اعلم أن هناك من طلبة الشيخ ممن اعرفهم أو لا أعرفهم ..
وقد يكون بعضهم يقرأ كلامي هذا ..
قد وجدوا من العنت والظنك والمعاناة شيئا تعجز عن تصديقه ..
أعرف من ينام طاويا كل ليلة ..
اعرف من نام أسابيع في الجامع ولا يجد مأوى يأوي إليه ..
رأيت احدهم لا يجد مقصا يقص به أظافره ..
منعهم الحياء والعفاف عن سؤال الناس ..
يحضرون الدرس ويخرجون لا يعلم عنهم احد إلا الله سبحانه ..
ولكنهم يحملون في نفوسهم همة ورغبة في العلم تفوق الجبال ..
أولئك حصلوا خيرا عظيما وأعرف عددا منهم الآن في بلدانهم
هم شامة قد أحيا الله على يديهم قلوب الآلاف ..
اتصلت على سعود واحمد ودعوتهما لرؤية السكن الجديد..
اتفقنا جميعا على أن المكان يحتاج لإعداد وتجهيز !!
جمعنا ما لدينا من مال يسير ..
وأخذنا في تنظيفها وترقيعها كيفما تيسر ..
اخترت أنا الغرفة الأولى على الباب مباشرة ..
وسيكون الأخ سعود واحمد سويا في الغرفة الكبيرة ..
وهذا ما تم بيننا ..
نقلت مكتبتي..
ونقل سعود واحمد ما لديهم من كتب وكانت قليلة فيما اذكر..
اظننا وضعناها في مكان واحد لا أذكر والله..
كانت مشكلة الطعام ..!!
ولا أظن واحدا منا يطبخ !!
وأين سنطبخ؟؟
قال شيخنا : تأكلون في السكن مع الطلاب!!
وهذا ما حصل ..
كان التأقلم مع الحياة الجديدة صعبا للغاية ..
تعودنا على أذان الجامع ..
وعلى الجو العلمي المحيط بنا
كانت النقلة هائلة على النفس والله ..
وأظن الأخوان شعرا بما شعرت به..
أما أنا فقد صرت يوميا انزل لباب العمارة ..
وانتظر قدوم الشيخ فأرافقه للمسجد ..
وهذه ميزة جديدة حصلت عليها ..!!
ولم أكن اشغله عن حزبه حيث يقرأ القرءان في الطريق..
ولكنني كنت أرافقه على كل حال ..

التوقيع
أمير سدير غير متصل   رد مع اقتباس