عرض مشاركة واحدة
قديم 29-08-2007, 02:39 AM   #1
مشرف سابق
 
تم شكره :  شكر 16 فى 12 موضوع
القاصف will become famous soon enough

 

الإسـتعارة في القـرآن الكـريم

[align=center]


[fot1][[ مِن روائع الإستَعارة في القـرآن الكريم ]][/fot1]




قال تعالى : ( وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ ) (يّـس:37)
أُستُعيرَ في الآية الكريمة : بكلَِمة " السلخ " وهو كشط
الجلد عن الشاةِ ونحوِها ، لإزالة ضوء النهار عن الكون قليلاً قليلاً ؛ بجامع ما يترتب
على كل مِنهُما مِن ظهور شيءٍ كانَ خافياً ، فبكشط الجِلد يظهَرُ لحْمَ الشاةِ ،
وبغروب الشمس تظهَر الظلمة التي هي الأصل والنورُ طاريءٌ عليها ، يسترها
بضوئه . و هذا التعبيرُ الفني يُسمّيهِ البُلَغـاءُ بـ" الاستعارة التصريحية التبعية " .
استعارة رائعة وجملية ، إنها بنظمها الفريد وبإيحائها وظلِها وجرسِها قد رسَمَت
منظراً بديعاً للضوءِ وهو ينحسِرُ عنِ الكونِ قليلاً قليلاً وللظلام وهو يدب إليه في بطء .
إنها قد خلَعَت على الضوء والظلام الحياة ، حتى صارا كأنهُما جيشان يقتتلان ؛
قد أنهَزَمَ أحدهما فولى هارباً ، وترَكَ مكانَهُ للآخَر !
تأمل اللفظة المستعارة وهي : " نسلخ " ؛ إنّ هذه الكلمة هي التي قد
استقلّت بالتصوير والتعبير داخل نظم الآية المعجز فهل يصلح مكانها غيرها ؟

قال تعالى : ( وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ) ( التكوير : 18 ) استعير في الآية الكريمة
خروج النفسِ شيئاً فشيئاً لخروجِ النور من المشرق عند انشقاق الفجر قليلاً قليلاً
بمعنى النفَس ، تنفّس بمعنى خرَجَ النـورُ مِنَ المشرقِ عندَ انشقاقِ الفجـر .
استعارة قد بلَغَت مِنَ الحُسْنِ أقصاه ، وترَبّعَت على عرش الجمال بنظمها
الفريد ، إنها قد خلعَت على الصبحِ الحياة حتى صار كائناً حَيّاً يتنفّس ،
بل إنساناً ذا عواطفٍ وخلَجاتٍ نفسِيّةٍ ، تشرُقُ الحياةُ بإشراقٍ مِن ثغره
المُنفرج عن ابتسامةٍ وديعة ، وهو يتنفس بهدوء ، فتتنفس معَهُ الحياة ،
ويدبُّ النشاطُ في الأحياءِ على وجه الأرضِ والسماء .
أرأيت أعجَبَ مِن هذا التصوير .. وأمتَع من هذا التعبير ؟!
ثم تأمل اللفظة المستعارة وهي : " تنفّـس " أنها بصوتِها الجميل وظلها
الظليل ، وجرسِها الساحِر قد رسَمَت هذه الصورة البديعة في إطار نَظْم الآيَة المعجزة .
فهل مِن ألفاظ اللغة العربية على كثرتها يؤدي ما أدّتهُ ، ويُصوِّرُ ما صَوّرَته ؟!!

قال تعالى : (إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ) (الحاقة:11) .
استعير في الآية الكريمة " الطُـغيان " للأكثر الماء بجامع الخروج عن
حَدِّ الاعتدال والإستِعارة المفرط في كل منها .
ثم اشتق مِن الطغيان : " طغى " بمعنى كثُرَ .
استعارة فريدة لا توجد في غير القرآن إنها تصوِّرُ لك الماءَ إذا كثُرَ وفارَ
واضطربَ بالطاغية الذي جاوَزَ حَدّه ، وأفرَطَ في استعلائه .
أرأيت أعجبَ مِن هذا التصوير الذي يخلَعُ على الماء صِفات الإنسان الآدمي ؟!!
ثم تأمّل اللفظة المُستَعارة : " طغى " .. إنها بصوتها وظلها وجرسها إيحائها قد
استقلّت برسم هذه الصورة الساحرة في إطار نظم الآية المُعجِز .

قال تعالى : ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) (الحجر:94) .
استعير في الآية الكريمة :" الصدع " وهو كسر الزجاج للتبليغ بجامع
التأثير في كل منهما أما في التبليغ فلأن المبلغ قد أثر في الأمور المبلغة
ببيانها بحيث لا تعود إلى حالتها الأولى من الخفاء ، وأما في الكسْر فلأنّ فيهِ
تأثيرٌ لا يعودُ المَكسورُ معَهُ إلى الإلتئام .
ثم اشتقَّ مِنَ الصدْع معنى التبليغ اصدع بمعنى بلغ ، استعارة رائعة وجميلة .
إنها تبرز لك ما أمَرَ بهِ الرسول عليه الصلاةُ والسلام في صورة مادة يشق بها
ويصدع . إنها تبرز لك المعنى المعقول في صورةٍ حِسِيّةٍ مُتحرِّكةٍ كأنكَ تراها
بعينك وتلمسُها بيدِك !
تأمل اللفظة المُستعارة " اصدَع " إنها بصورتها وجرسها وإيحائها قد
استقلّت برسم هذه الصورة الفرديّة المؤثرة ؛ إذ أنّ مَن يقرأها يُخَيَّلُ إليهِ أنهُ
يسمَعُ حركةَ هذهِ المادّةُ المصدوعةُ .
تخيّل لو استبدلت كلمة " اصدع " بكلمة " بلغ " ..
ألا تشعُر أن عنصر التأثير قد تضاءل وأنّ الصورةَ الحَيّةَ المُتحرِّكة قد
اختَفَت ، وأن المعنى قد أصبَحَ شاحِباً باهِتاً ؟!
إن اللفظة المستعارة هي التي رسمت هذه الصورة في إطار نظم الآية المعجزة .

قال تعالى : ( وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ
جَمْعاً )
(الكهف:99) .
أُستُعيرَ في الآيةِ الكريمة الموج " حركة الماء " للدفع الشديد بجامع سرعة الاضطراب
وتتابعه في الكثرة ثم اشتق من الموج بمعنى الدفع الشديد" يموج " بمعنى
يدفع بشدة . إنّ هذه الإستِعارة القرآنية الرائعة تُصَوِّر للخيال هذا الجمع الحاشد مِنَ
الناسِ احتشاداً لا تدرك العينُ مَداهُ ، حتى صارَ هذا الحشدُ الزاخِرُ كبحرٍ ترى العينُ
منهُ ما تراهُ مِنَ البحر الزاخر مِن حركةٍ وتَمَوُّجٍ واضطرابٍ .
تأمّل اللفظة المستعارة أنها في إطار نظم الآية المعجزة قد استقلّت برسم هذا
المشهد الفريد بصوتها وجرسها وإيحائها .

قال تعالى : ( الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ
إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ )
( ابراهيم : 1 ) .
استعير في الآية الكريمة الظلمات للضلال بجامع عدم الاهتداء في كل منها .
واستُعيرَ النورُ بجامِع الإهتداء في كل منها . وهذا المسلَكُ الأدَبِيُّ يُسمّيهِ عُلَماءُ
البلاغةِ بـ : " الإستعارة التصريحة الأصلية ".
هذه الإستعارة الفرديّة تجعَل الهُدى والضَلال يستحيلان نوراً وظلمة . إنها تُبرِزُ
المعاني المعقولة الخفيّة في صورةٍ مَحسوسةٍ حَيّةٍ مُتحرِّكةٍ كأن العينَ
تراها واليد تلمسها !
تأمّل كلِمة " الظلمات " إنها تُصوِّرُ لك بظلامِها الضلال
ليلاً دامِساً يطمس معالم الطريق أمام الضلال فلا يهتدي إلى الحق ثم تأمل الدقةَ
القرآنية في جمع " الظلمات " أنه يصوّر لك إلى أيِّ
مَدى ينبَهِمُ الطريقُ أمامَ الضَـلالِ ف، لا يهتَدونَ إلى الحَـقِّ وسط هذا الظلام المُتَراكِم .
ثم تأمل كلمة " النور " أنها بنورها تصور لك الهداية مصباحاً
منيراً ينير جوانب العقل والقلب ويوضح معالم الطريق أمام المهتدي فيصل في
سُهولةٍ ويُسرٍ إلى الحقِّ ؛ فينتفِعُ به فيطمئن قلبُه وتسكن نفسُه ويحظى

بالسعادة في دُنياهُ وآخِرتِه .




المصـدر : (( موسوعة الإعجاز العِلمي في القرآن و السنة ))





فـاصـــل إعجــازي :
------------------


قال تعالى :

( وإنْ كُنتم في رَيْبٍ مِمّا نَزّلْنَا على عَبْدِنَا فأتُوا بِسُورَةٍ مِن مِثلِهِ

وادْعُوا شُهَداءَكُمْ من دون الله إن كنتم صادقين )
سورة البقرة آية 23


صـدَقَ اللّهُ العظـيم .. والحَمـدُ للهِ رَبِّ العـالَمين
[/align]

التوقيع









احـترم خصمـك !

القاصف غير متصل   رد مع اقتباس