[align=center]عن أبي عبيدة سعيد بن رزين قال : سمعت الحسن يعظ أصحابه يقول : إن الدنيا دار عمل , من صحبها بالنقص لها و الزهادة فيها
سعد بها و نفعته صحبتها , و من صحبها على الرغبة فيها و المحبة لها , شقي بها و أجحف بحظه من الله عز و جل , ثم أسلمته
إلى ما لا صبر له عليه , و لا طاقة له به من عذاب الله , فأمرها صغير , و متاعها قليل , و الفناء عليها مكتوب , و الله تعالى ولي ميراثها
و أهلها محولون , فاحذروا ــ و لا قوة إلا بالله ــ ذلك الموطن , و أكثروا ذكر ذلك المنقلب , و اقطع يا ابن آدم من الدنيا أكثر همك
أو لتقطعن حبالها بك فينقطع ذكر ما خلقت له من نفسك , و يزيغ عن الحق قلبك , و تميل إلى الدنيا فترديك , و تلك منازل سوء بيٍّنٌ ضرها
منقطع نفعها , مفضية و الله بأهلها إلى ندامة طويلة و عذاب شديد , فلا تكونن يا ابن آدم مغترا , و لا تأمن ما لم يأتك الأمان منه
فإن الهول الأعظم و مفضعات الأمور أمامك لم تخلص منها حتى الآن , و لا بدّ من ذلك المسلك و حضور تلك الأمور إما يعافيك من شرها
و ينجيك من أهوالها , و إما الهلكة , و هي منازل شديدة مخوفة محذورة مفزعة للقلوب , فلذلك فأعدد , و من شرها فاهرب
و لا يلهينك المتاع القليل الفاني , و لا تربص بنفسك فهي سريعة الإنتقاص من عمرك فبادر أجلك , و لا تقل غذا , فإنك لا تدري متى إلى الله تصير .[/align]