أعزائي .. كل الأمهات على نفس المنوال من حيث الحب والعطاء والحنان .. فمن كانت
أمه متوفاة فليدعو لها في كل لحظة لترتاح وتهدأ نفسه وهذا خير ما يقدم لها من العطايا ..
أما من كانت أمه على قيد الحياة فليترك كل شيء خلف ظهره وليجلس في أقرب مكان إليها
ولا يفرط بأي دقيقة تمر دون أن يتأملها .. فلا شيء يستحق أن يشغله عنها إلا الصلاة فقط
قبل أن يأتي أحد الأعياد وتستحيل رؤيته لها كما هو حالنا هذا العيد بعد رحيل نورة .
***
أم عبدالعزيز .. !
يعتادها في آخر يوم من كل رمضان حالة من الحزن الشديد وتعيش هذا اليوم على أنه آخر يوم من
أيام رمضان تصومه في حياتها .. تبدأ يومها باكية ويزداد حزنها بمرور ساعات ذلك اليوم ويبلغ
ذروته عند موعد الإفطار لدرجة أني أحمل هم تلك اللحظات حين أراها رافعة كفيها مناجية ربها
ودموعها تتسابق لتبلل وجهها الطاهر وتسودنا حالة من الصمت والتأثر فيما يسترق والدي النظر
إليها بحنو المحب المعتز بأغلى البشر لديه ..
تصلي المغرب ثم تعود إلينا وقد عاد إليها الهدوء .. وعند تلقي خبر الرؤية تتمتم بالدعاء ثم تبدأ من
لحظتها في الاستعداد للعيد وتهيئة المنزل لاستقبال المهنئين .. كان كل شيء يتم بسلاسة وانتظام
فهي تعرف ما الذي يريد والدي ويرغبه خاصة عند إعداد وجبة العيد .. لم يكن أحد يتدخل في هذا
الشأن حيث تقوم بكل ما يلزم .
تخرج صباح العيد مبكراً إلى مصلى العيد وتحرص على ذهاب الجميع معها بما فيهم الأطفال ..
وبعد انقضاء الصلاة .. تعود إلى المنزل لنتسابق للسلام عليها في فرح غامر فيما هي حين تسلم
على أحدنا وكأنها لم تره منذ عشرات السنين ، تحيات ودعوات بصوت حنون تطرب الأذن لسماعه
ولا تمله أبداً ويسكن تجاويف القلب .... !
اللهم إن نورة في ذمتك وجوارك فقها من فتنة القبر وعذاب النار وأنت أهل
الوفاء والحق فاغفر لها وارحمها إنك أنت الغفور الرحيم .
اللهم انقلها من مواطن الدود وضيق اللحود إلى جنات الخلــــــود .
اللهم أغفر لها وارحمها وأعفو عنها وأكرم نزلها ووسع مدخلها واغسلها بالماء
والثلج والبرد ونقها من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس .
اللهم اجعل عن يمينها نورا وعن شمالها نوراً ومن أمامه نوراً ومن فوقه نوراً
حتى تبعثها آمنة مطمئنة في نور من نورك .
اللهم أسكنها فسيح جناتك ودار رضوانك وتغمدها بواسع رحمتك وكريم مغفرتك
اللهم اغفر لجميع موتي المسلمين اللذين شهدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة
وماتوا على ذلك .