عرض مشاركة واحدة
قديم 19-09-2011, 11:55 AM   #69
عضو
 
الصورة الرمزية أبو حمـد
 
تم شكره :  شكر 6319 فى 2308 موضوع
أبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضو

 

رد: [| تَـأمُـلاَتْ قُـرْأنـيّـةْ |]

بسم الله الرحمن الرحيم ،،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،


قال الله تعالى: "يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْب سَلِيم " .(الشُّعراء / 88 ـ 89) ..

وقال الله تعالى :" قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً ".(الاسراء / 84).

تعريف النية:
النية: لغة القصد.
واصطلاحاً – النية عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقاً لغرض من جلب نفع أو دفع ضرر حالاً أو مالاً – والشرع خصصه بالإرادة المتوجهة نحو الفعل لابتغاء رضا الله تعالى وامتثال حكمه.

فالمقاصد والنيات هي محل نظر الله جل وعلا , وهي من الأعمال بمثابة الروح من الجسد , فكيف يكون حال الجسد إذا نزعت منه الروح , وكيف يكون حال شجرة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار , وكل عبادة لم تقم على نية صالحة ومقصد شرعي صحيح , فإنها في ميزان الله هباء تذروه الرياح , وسراب إذا طلبه صاحبه لم يجده شيئا


أهمية النية في الإسلام:
عندما يضع الاسلام موازينه ليزن الفعل ، ويقوِّم الفاعل ، يتّخذ النيّة أساساً في الوزن والتقويم .. فإن لم تكن النيّة خالصة لله تعالى ، كان هذا الفعل باطلاً؛ لا قيمة له ، وخاسراً لا أجر لصاحبه .. لان فاعله لم يقصد القربة إلى الله ، ولم يتوجّه إليه؛ بل قصد التمركز الذاتي ، والتأكيد على ذاتيته لاظهارها بمظهر الصّلاح، والمقبولية لدى الآخرين.

لذا اهتمّت الشريعة الاسلاميّة بالتأكيد على أهميّة النيّة في تحديد قيمة الفعل ، وهل يُراد به وجه الله تعالى أو سوى ذلك .

وقد دلت النصوص الكثيرة على أهمية النية وبيان مكانتها فى الإسلام ، وعظم شأنها عند الله تعالى فى محاسبة العباد على أعمالهم فى الآخرة.

فقد روى البخاري بسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان على المنبر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنما الأعمال بالنيات , وإنما لكل امرئ ما نوى , فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله , فهجرته إلى الله ورسوله , ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها , فهجرته إلى ما هاجر إليه " ،

فهذا الحديث أحد الأحاديث التي يدور عليها الدين , ولذلك صدر به أهل العلم كتبهم , وابتدؤوا به مصنفاتهم , قال الإمام الشافعي رحمه الله : (هذا الحديث ثلث العلم , ويدخل في سبعين بابا من أبواب الفقه , وما ترك لمبطل ولا مضار ولا محتال حجة إلى لقاء الله تعالى ) .

والنية هي القصد الباعث على العمل , ومقاصد العباد تختلف اختلافا عظيما بحسب ما يقوم في القلب .

فقوله صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات ".. يعني أحد أمرين الأول : أن وقوعها واعتبارها شرعا لا يكون إلا بالنية , فكل عمل اختياري يفعله العبد لا بد له من نية باعثة على هذا العمل , والثاني أن صحة هذه الأعمال وفسادها , وقبولَها وردَّها , والثواب عليها وعدمه لا يكون إلا بالنية .

فالعبادات والأعمال الصالحة بأنواعها , من طهارة وصلاة وزكاة وصوم وحج وغيرها لا تصح ولا تعتبر شرعا إلا بقصدها ونيتها ، بمعنى أن ينوي تلك العبادة المعينة دون غيرها , فلا بد من النية لتمييز صلاة الظهر عن صلاة العصر مثلا , ولا بد منها لتمييز صيام الفريضة عن صيام النافلة , وهكذا .

وكما أن النية مطلوبة لتمييز العبادات بعضها عن بعض , فهي مطلوبة أيضا لتمييز العادة عن العبادة , فالغسل مثلاً يقع للنظافة والتبريد ، ويقع عن الحدث الأكبر ، وعن الجمعة ، والنية هي التي تحدد ذلك , وهذا المعنى للنية هو الذي يذكره الفقهاء في كلامهم .

وأما المعنى الثاني , فهو تمييز المقصود بهذا العمل , هل هو الله وحده لا شريك له , أم غيره, ففيه دعوة للعبد إلى إخلاص العمل لله في كل ما يأتي وما يذر , وفي كل ما يقول ويفعل , فيحرص كل الحرص على تحقيق الإخلاص وتكميله ، ودفع كل ما يضاده من رياء أوسمعة ، أوقصد الحمد والثناء من الخلق ، وهذا المعنى هو الذي يرد ذكره كثيرا في كلام النبي صلى الله عليه وسلم وسلف الأمة ,

ولذلك قال صلى الله عليه وسلم بعد ذلك : " وإنما لكل امرئ ما نوى " .. أي أنه ليس للإنسان من عمله إلا ما نواه من خير أو شر , وأن أعمال الإنسان تابعة لنيته ، فمن نوى نية حسنة تقربه إلى الله , فله من الثواب والجزاء على قدر نيته , ومن نقصت نيته وقصده نقص ثوابه , ومن اتجهت نيته إلى غير ذلك من المقاصد الدنيئة فاته الأجر والثواب . ومن هذا الحديث يتبين أهمية النية في العمل.

وعلى المسلم أن يعلم .. أن كون الأعمال تابعة للنية فهذه ليست في المعصية .. بل في الطاعات والمباحات ،، إذ الطاعة تنقلب معصية بالقصد ، والمباح ينقلب معصية وطاعة بالقصد ،

فأما المعصية فلا تنقلب طاعة بالقصد أصلاً، بحسب النية الداخل فيها ، وهو أنه إذا أضيف إليها قصود خبيثة تضاعف وزرها وعظم وبالها.

إذ النيّة تعبير عن الموقف الداخلي ، وعن التوجّه الذاتي ، والحقيقة الباطنة للانسان .. وهي روح الفعل الحقيقيّة الّتي تملأ هيكله ،

لذلك فإنّ النيّة تعتبر أداة كشف عن حقيقة الباطن الانساني .. تلك الحقيقة الّتي ليس بإمكان الفعل أن يكشفها ، لأنّ الفعل يمكن أن يخضع لعملية تزوير مقصودة من قِبَل الانسان ،

ولأنّه صياغة طيِّعة لجهد ظاهر ، يمكن أن يخرجه الفرد بشكل ليس ضرورياً أن يتطابق مع حقيقة الانسان ومحتواه الباطني . فكثير من الناس يبذل المال ، ويُبدي حُسن الخلق ، ويصلِّي ويصوم ، ونحن نشاهد تلك الصور الظاهرة للافعال ، المتساوية في الظاهر عند جميع الممارسين لها ، فنحسبها سواء .. ولكن لتقويمها في نظر الاسلام وسيلة اُخرى ، ولوزنها ميزان آخر ، وهو (النيّة) .

فالّذي يبذل المال ، ويُبدي حُسن الخلق من أجل كسب السمعة والصيت ، والّذي يصلِّي ويصوم من غير توجّه وإخلاص لله سبحانه؛ فكل هؤلاء يجسِّدون في عُرف الاسلام حقيقتين منفصلتين ومتناقضتين في دنيا الانسان .. حقيقة باطنة ، وهي النيّة .. وحقيقة ظاهرة وهي الفعل بصيغته الهيكلية المنظورة .

وعندما يضع الاسلام موازينه ليزن الفعل ، ويقوِّم الفاعل ، يتّخذ النيّة أساساً في الوزن والتقويم .. فإن لم تكن النيّة خالصة لله تعالى ، كان هذا الفعل باطلاً ، لا قيمة له ، وخاسراً لا أجر لصاحبه .. لان فاعله لم يقصد القربة إلى الله ، ولم يتوجّه إليه؛ بل قصد التأكيد على ذاتيته لاظهارها بمظهر الصّلاح، والمقبولية لدى الآخرين.

وعلى أهمية النية أيضاً ما رواه البخاري أيضاً بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الفتح: " لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا.

ومعنى هذا الحديث كما نقل ابن حجر عن الطيبي وغيره: أن الهجرة التي هي مفارقة الوطن التي كانت مطلوبة على الأعيان إلى المدينة انقطعت، إلا أن المفارقة بسبب الجهاد باقية، وكذلك المفارقة بسبب نية صالحة كالفرار من دار الكفر والخروج في طلب العلم والفرار بالدين من الفتن.

وروى مسلم بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".

ومن خلال ذلك بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن القلب هو مكان النية أهم شئ بنظرة الله، إن كان تقياً مخلصاً صادقاً أحبه الله، وإن كان عكس ذلك أبغضه الله، وقد ين الرسول صلى الله عليه وسلم أن القلب إذا صلح صلح الجسد كله وإذا فسد، فسد الجسد كله، فقد روى البخاري وسنده عن النعمان بن بشير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء فيه قوله: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب".

ولما كان عمل الشخص نابعاً لنيته فلابد أن تكون نيته مطابقة لما يرضاه الله و إلا فسيكون عاقبة أمره خسارة ، ولابد أن يجدد النية دوما لله وفى الله وفى حب الله تعالى ،

فقد روى البخاري بسنده عن أبي بكره قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار" فقلت يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول، قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه"، هنا بين فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أن الشخص إذا كانت نيته سيئة كان في النار غالباً كان أو مغلوباً قاتلاً كان أم مقتولاً.

ولقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً أن الناس سيبعثون يوم القيامة على حسب نياتهم إن خيراً فخيراً وإن شراً فشر، فقد روى البخاري بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الارْضِ يُخْسَفُ بأولهم وأخرهم . قَالَتْ : قُلْتً : يَارَسُولَ اللَّهِ ، كَيْفَ يُخسَفُ بأولهم وأخرهم وَفِيهِمْ أسواقهم وَمَنْ لَيْسَ مِنْهًمْ ؟ قَالَ : يُخْسَفُ بأولهم وأخرهم ، ثًمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ ".

من هذا الحديث تتبين أهمية النية ، بها يفرق بين الناس صالح النية وقبيحها، وبين من كانت نيته فى الله تعالى ولإعلاء كلمة الله ومن كانت نيته لغرض دنيوى أو مأرب شخصى .

فضائل النية:
دلت العديد من الأحاديث على فضيلة النية الصادقة المخلصة التى تتبع مرضاة الله تعالى ، منها:

1- أنها تجعل من لا يستطيع أن يعمل خيراً لعذر وقع عليه، كان له أجر من عمل.
فقد روى البخاري بسنده عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزاة، فقال: "إن أقواماً بالمدينة خلفنا ما ملكنا شعباً ولا وادياً إلا وهم معنا فيه ، حبسهم العذر"، وفي رواية مسلم "إلا شركوكم في الأجر" وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن أناساً في المدينة لم يستطيعوا الجهاد لعذر وقع عليهم مع أنهم صادقوا النية فيه ، لهذا كانت قلوبهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه المجاهدين.

وبين الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم شركاء في الأجر، فالنية الصادقة المخلصة تجعل الذي لا يستطيع أن يعمل لعذر، له ثواب العامل، روى البخاري بسنده، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "إنما تغيب عثمان عن بدر فإنه كان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت مريضة فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن لك أجر رجل ممن شهد بدراً وسهمه".

وقد أوضح هذا الحديث أيضاً بيان من الرسول صلى الله عليه وسلم أن من صدق نيته لحمل خير ثم لا يستطيع أن يعمله لعذر، كان له أجر من عمل به والعذر هنا القيام بتحريض الزوجة المريضة،

و روى الترمذي بسنده عن أبي كبشة الأنصاري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ثلاثة أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه قال: ما نقص مال عبد من صدقة ،، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا ،، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر أو كلمة نحوها ،، وأحدثكم حديثا فاحفظوه قال: إنما الدنيا لأربعة نفر، عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا ، فهذا بأفضل المنازل ، وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا ، فهو صادق النية يقول لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان ، فهو بنيته ، فأجرهما سواء ، وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما ، فهو يخبط في ماله بغير علم ، لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقا ، فهذا بأخبث المنازل ، وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان ، فهو بنيته ، فوزرهما سواء". أخرجه أحمد وابن ماجه.

فبيّن الرسول صلى الله عليه وسلم فى هذا الحديث أن صادق النية يحصل الثواب كما حصل عليه العامل، هذا لأن الناوي قد فعل ما يقدر عليه ، لذلك فكلاهما في أعلى المنازل / وقوله صلى الله عليه وسلم " فهو بنيته ، ‏أَيْ فَهُوَ مُجْزَى بِنِيَّتِهِ .

2- أنها تجعل المرء مثاباً على ما فعله من الخير وإن كان على من لا يقصده.
فقد روى البخاري بسنده عن أبي الجويرية أن معن بن يزيد رضي الله عنه حدثه قال: "بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن وأبي وجدي، وخطب على فانكحني، وخاصمت إليه، وكان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها فأتيته بها، فقال: والله ما أياك أردت، فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن" .

فقول الرسول: لك ما نويت يا زيد، ولك ما أخذت يا معن، يدل على أن المرء مثاب على صدقته ولو إلى شخص لا يقصده لأنه تحت يده، وهذا لأن الشرع ينظر إلى النية ما دامت النية صادقة ومخلصة فلا يبالي إلى من وقعت صدقته، فهذا يحمل على صدقة المندوب.

3- أنها تجعل من سأل الله الشهادة بصدق بلغ منازل الشهداء.
فقد روى مسلم بسنده عن أبي إمامة بن سهل بن حنيف عن ابيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه" .

فهذا الحديث بين فيه الرسول صلى الله عليه وسلم فضيلة النية الصادقة وأنها تبلغ المحاربين في سبيل الله منازل الشهداء وإن ماتوا على الفراش لا فى أرض المعركة ، وذلك لأن كلا الفريقين أي الذين ماتوا في ساحة الحرب، أو الذين ماتوا على الفراش، قد نويا خيراً وفعلا ما يقدران عليهما فاستويا في أصل الأجر،

ومن خلال ذلك يتضح أهمية النية عند الله تعالى ومحاسبته لعباده عليها فبها يثاب المرء أو يعاقب .

وتصحيح النيّة يحصل بأمور، من أهمها:
1- أن تستشعر أنه لا راحة للقلب ولا طمأنينة ولا حياة إلا بالإخلاص لله، فإن هذا الشعور يورث في القلب تجديد النية في كل حين. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وإذا لم يكن العبد مخلصاً لله استعبدته الكائنات، واستولت على قلبه الشياطين. أ.هـ بتصرف.

2- أن يسأل المرء نفسه عند قيامه بكل عمل: هل هو لله أم أراد به محمدة الناس وثناءهم عليه، فإن كان لله تقدم، وإن كان لغيره تأخر، ولا يقبل الله من العمل إلا ما كان خالصاً وأريد به وجهه.

3- شعورك أن الله مطلع على ما في قلبك، وما يمر في خاطرك يدفعك إلى تصحيح النية، وهذه من سمات صفوة الخلق، كما جاء في حديث جبريل عليه السلام: \"الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك\". أخرجه البخاري (50)، ومسلم (9).

4- الدعاء: وقد جاء في الحديث الثابت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: \"أيها الناس اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل \"فقيل له: وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال: قولوا: \"اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلم\" رواه أحمد (19606) وصححه الألباني.

ويجب التنبه .. أن الشكل لفعل المرء لا يعبِّر عن إيمان صاحبه ، حتّى وإن توافق مع المطلوب الخارجي ، والوجود الظاهري للعبادات .. إلاّ إذا كان صادراً عن نيّة صادقة مخلصة . لأنّ تناقض النيّة مع الفعل العبادي يفقده قيمته الحقيقية ويبطله ، فلا يجني صاحبه إلاّ الجهد والعناء .

ولذا .. فإنّ الاجر والثواب لا يتحققان حسب المقدار المؤدّى من الافعال ، ولكن بقدر اخلاص النيّة المتركزة في هذا الفعل، وبمدى تطابقه مع إرادة الله سبحانه ، إرادة الحق والخير .

ومن هنا جاء في الحديث الشريف : " إذا أحسن أحدكم إسلامه فكلّ حسنة يفعلها تُكتَب له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، وكلّ سيِّئة يفعلها تُكتَب بمثلها " . وجاء أيضاً في حديث آخر : "أخْلِص النيّة يكفكَ العمل القليل " .

وقد روت كتب السيرة قصة الأصيرم واسمه عمرو بن ثابت بن وقش، الذي كان يأبى الإسلام على قومه، فجاء ذات يوم ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بأُحد فقال: أين سعد بن معاذ؟ فقيل: بأحد، فقال: أين بنو أخيه؟ قيل: بأحد: فسأل عن قومه فقيل: بأحد, فبدا له الإسلام فأسلم، وأخذ سيفه، ورمحه، وأخذ لأمته، وركب فرسه فعدا حتى دخل في عرض الناس، فلما رآه المسلمون قالوا: إليك عنا يا عمرو، قال: إني قد آمنت، فقاتل حتى أثخنته الجراحة، فبينما رجال من بني عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذ هم به، فقالوا: والله إن هذا الأصيرم، ما جاء به؟ لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الحديث، فسألوه: ما جاء بك؟ أحدب على قومك أم رغبة في الإسلام؟ فقال: بل رغبة في الإسلام، آمنت بالله تعالى ورسوله، وأسلمت ثم أخذت سيفي فغدوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قاتلت حتى أصابني ما أصابني، وإن مت فأموالي إلى محمد يضعها حيث شاء، فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: « إنه من أهل الجنة ». وقيل: مات فدخل الجنة وما صلى من صلاة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « عَمِل قليلاً وأُجر » وكان أبو هريرة يقول: حدثوني عن رجل دخل الجنة ولم يصل قط، فإذا لم يعرفه الناس سألوه من هو؟ قال: هو أصيرم بن عبد الأشهل..

وقد كان السلف رحمهم الله تعالى حريصين أشد الحرص على تصحيح النية وأن لا تكون إلا لله تعالى ، فكانوا لا يقولون قولاً ولا يعملون عملاً إلا بعد استحضار نيته فجعلت البركة في أقوالهم وأعمالهم وأعمارهم ، فغدت أقوالهم نوراً يستضاء بها في الظلمات وحكماً تسير بها الركبان وتأنس بها القلوب والأرواح ، وصارت أعمالهم مثلاُ يقتدى بها من بعدهم ، فضربوا أروع الأمثلة في الأعمال لأنهم قبل ذلك ضربوا أروع الأمثلة في تحقيق نياتها وتصحيحها ، فلم يكن السلف يوقعون العمل كيفما اتفق ، لا ، وإنما كانت أعمالهم صادرة عن نيات تنبعث من القلوب الزكية الصافية ، التي امتلأت خشية وإيماناً وتقوى.

وأختتم هذه المقالة في : أن ربّ عمل صغير يستهين به صاحبه ولكن تعظمه النيّة الخالصة لله تعالى .. وربّ عمل كبير يقترن بنيّة مشوبة غير مجرّدة لله تعالى فيسقط من الاعتبار والثواب .

وهكذا .. يستطيع المرء المسلم أن يكون في عبادة دائمة ، وهو يقوم بأعماله كلها، كأنه في معبد متحرك دائم ، مادام يستحضر في نيته أنه يقوم بذلك امتثالا لأمر الله ، وبنية عبادته أياه .


جعلنا الله وأياكم ممن يخلصون النية في اعمالهم لله سبحانه وتعالى ،، فيثابون عليها ،،


م . من مصادر عدة ،، وشكراً لكم ،،
أبو حمـد غير متصل   رد مع اقتباس