عرض مشاركة واحدة
قديم 22-05-2009, 07:50 PM   #46
عضو
 
الصورة الرمزية أبو حمـد
 
تم شكره :  شكر 6319 فى 2308 موضوع
أبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضو

 

رد: تواريخ الحوادث .. سنة الجوع / سنة البرد / سنة الرحمة / سنة الجراد

مرحلة الانتشار الإستراتيجي في منطقتي عسير والحجاز :

بعد أن استكمل الملك عبد العزيز كيانه الإستراتيجي نظر إلى واقعه ( الجيوبو لوتيكي ) ، فوجده واقعاً معزولاً في الصحراء ، تحف به الرمال ، فتطمس العالم ، وهو لا يرضى لكيانه السياسي ولا لدعوته السامية أن تكون في عزلة عن الأمة ، ففكر في الانتشار الإستراتيجي؛ حتى يصل بكيانه إلى البحار شرقاً وغرباً .

لم يكن فكره – رحمه الله – قاصراً يبحث عن مكاسب ذاتية لنفسه وأسرته ، ولم يكن فكره – رحمه الله – فكراً مستقبلياً ذاتياً يبتغي من ورائه المجد الزائف ، بل كان فكراً إستراتيجياً عميقاً يدرك الأمور بأبعادها الحقيقية .

كان – رحمه الله – على يقين تام بأن دعوة التوحيد هي في هذه الأمة ، ويجب أن توظف لتحقيقها جميع الإمكانات العسكرية والسياسية والاقتصادية ، فكان – رحمه الله – يتحمل بدعوته معاناة الأمة .

كان – رحمه الله – يرى أن الدعوة إلى التوحيد ليست مجرد نداء إلى الناس بالعودة إلى الله وحده ، ولا بهدم القبور فقط ومحاربة البدع فحسب ، بل إن الدعوة إلى التوحيد بمفهومها العميق تتمثل في رفع المعاناة عن الأمة العربية بصفة خاصة ، والأمة الإسلامية بشكل عام ، هذا المعاناة تتمثل في الشرك والجهل والفقر والاستعمار .

لقد تأسى بفكر النبي e وبمفهومه العميق لدعوة التوحيد ، لقد قال عليه الصلاة والسلام لقريش وهو يبحثون عن الذات: ( كلمة تسودون بها العرب ، وتحكمون بها العجم ) ، فقالوا له : ( وعشر كلمات وأبيك ) ، قال : تقولون : ( لا إله إلا الله ) ، فقال أحدهم : ( والله لا نطيق ذلك ) ، لقد أدركت قريش عمق المعنى ، لكنها لم تصل إلى أبعاد الحقيقة .

إن الأمم لا تسمو إلا بفكرها ؛ فالملك عبد العزيز – رحمه الله – لم يكن مجرد قائد إداري أو قائد عسكري ، بل كان أيضاً قائداً فكرياً عرف كيف يتعامل مع الاستعمار ، وعرف كيف يتعامل مع التمزق الذي كان تعيشه الجزيرة العربية ، وعرف كيف يتعامل مع الفساد الذي ألمَّ بكثير من الشعوب الإسلامية ، فمن أين جاءه الفكر وهو صبي في فجر العشرينيات من العمر ؟

لقد خرج والد الملك عبد العزيز الإمام عبد الرحمن من نجد إلى الكويت بأهله وعشيرته الأقربين ، لقد أخلى الساحة في نجد لابن رشيد ، خرج – رحمه الله – بإرادته، لم يكن مطروداً ولا مهزوماً ، فالفرصة للقتال كانت متاحة ، والمؤيدون له ولآل سعود ينتشرون في نجد وباقي مدن الجزيرة العربية ، لكن الإمام عبد الرحمن خرج ليعود بعد أن يعد نفسه وأبناءه من جديد ، لقد خرج لإعداد الرجال لتحمل المسؤولية وحمل الأمانة ؛ لأن أمانة الدعوة وأمانة القيادة ليست بالأمر الهين ولا باليسير .

لقد عاد الملك عبد العزيز بهؤلاء الرجال الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل الدعوة، حملوا على أعناقهم أمانة التاريخ ، فما منهم أحد إلا وله بطولات تسجل ، وعمل مجيد يذكر ، يتلألأ في صفحات التاريخ وفي سيرة الملك عبد العزيز .

لقد وجد أمير الكويت الشيخ مبارك الصباح في الإمام عبد الرحمن الفكر الثاقب والإدراك العميق ، فكان لا يقطع أمراً دون مشورته ، فكان الإمام عبد الرحمن نعم الأمين ونعم الصاحب .

لقد أسهم الإمام عبد الرحمن في حماية الكيان السياسي للشيخ مبارك الصباح بنفسه وأبنائه ، فقد بعث بالملك عبد العزيز – رحمه الله – مع حشد من عشيرته وأتباعه ومؤيديه إلى الرياض عام 1318هـ / 1901م للهجوم عليها لتخفيف وطأة الهجوم الذي شنه ابن رشيد على القوات الكويتية في معركة ( الصريف ) .

كما أنجده الإمام عبد الرحمن حين طلب منه الشيخ مبارك المعونة لإيقاف ابن الرشيد الذي اتجه مهاجماً للكويت إثر هزيمته أمام الملك عبد العزيز في ( معركة الدلم ) ومطاردته ، فاتجه الملك عبد العزيز بعشرة آلاف مقاتل ، ما إن سمع بها ابن الرشيد حتى ترك الهجوم على الكويت ، وعاد إلى حائل .

أخيراً استطاع الملك عبد العزيز أن يكفي الشيخ مباركاً تهديد آل الرشيد المزمن عندما فتح حائل في 29 صفر سنة 1340هـ الموافق 2/11/1921م .

وأخيراً واصل أبناء عبدالعزيز الأمانة والوفاء للكويت عندما قادت المملكة العربية السعودية بعد قرن من الزمان تقريباً في عهد خادم الحرمين الشريفين القوات الدولية لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي .

أراد الملك عبد العزيز أن يحقق الانتشار الإستراتيجي ، ويستكمل منظومته الإستراتيجية، فيكون هذا الكيان العربي المسلم منتشراً في أرجاء الجزيرة العربية .

لقد نظر – رحمه الله – إلى منطقة ( عسير ) ، فوجد أن الدعوة السلفية قد استوطنت فيها منذ الدولة السعودية الأولى ، لكن الظلم خيم على عسير في عهد الأمير حسن بن عائض ، فاستنجدت القبائل وأهل المدن بالملك عبد العزيز لإنقاذهم ، فبادر – رحمه الله – إلى التحرك تجاه عسير لفتحها بادئاً بالنصح .

ونظر – رحمه الله – إلى الحجاز ، فوجد بعض الوافدين والحجاج ينتهكون حرمات المشاعر ببعض الممارسات البدعية التي لا تتفق مع أصول الشريعة الإسلامية ، حتى ضـــاق بهم علماء الحجاز ، وعندما بدأ الشريف حسين بن علي بالتحرشات بادر – رحمه الله – إلى تخليص الحجاز من هذه الممارسات ، وضمه إلى مواكب التوحيد .

أما بالنسبة للجنوب وشرق الجزيرة فقد كانت واقعة تحت هيمنة الاستعمار البريطاني الذي كان يسيطر على الممرات البحرية ، ومن غير الحكمة الدخول في مواجهة مع بريطانيا قبل أن تتأهل الأمة لذلك .

لقد عايش الملك عبد العزيز انتزاع الشيخ مبارك الصباح الحكم من أخيه محمد عام 1897م ، وكان في الكويت عندما عرض القيصر الألماني على الشيخ مبارك فتح منفذ لخط برلين بغداد ، فرفض الأمير ، فعرض الأمر على السلطان العثماني الذي أمر بعزل الشيخ مبارك .

انتهزت بريطانيا الفرصة ، وتقدمت تعرض الحماية على الكويت ، فتم الاتفاق بينهما ، عندئذ عمدت تركيا إلى تحريض ابن رشيد على احتلال الكويت ، وبعد الحرب العالمية الثانية دخلت العراق تحت السيطرة البريطانية .

لقد بدأت فكرة الانتشار الإستراتيجي عند الملك عبد العزيز إثر سقوط حائل عام 1340هـ / 1921م ، واستغرقت عملية الانتشار ست سنوات ضم خلالها منطقتي عسير والحجاز .


يتبع ،،

أبو حمـد غير متصل   رد مع اقتباس