عرض مشاركة واحدة
قديم 22-05-2009, 08:00 PM   #51
عضو
 
الصورة الرمزية أبو حمـد
 
تم شكره :  شكر 6319 فى 2308 موضوع
أبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضو

 

رد: تواريخ الحوادث .. سنة الجوع / سنة البرد / سنة الرحمة / سنة الجراد

12– الدخول إلى المدينة :

أذن الملك عبد العزيز بالزحف إلى جدة يوم السبت 7 جمادى الآخرة 1343هـ الموافق 3 يناير 1925م ، فبادرت قواته بالمناوشات ثم الحصار .

فيما كان الملك عبد العزيز حذراً من إصابة أحد رعايا الدول الأجنبية بسوء ملتزماً بالحصار معتصماً بالصبر معرضاً عن الاقتحام كانت الإمدادات العسكرية تتوالى على القوات الهاشمية قادمة من العقبة عن طريق البحر .

كان الأمير عبد الله بن الحسين في الأردن يجمع المتطوعين ، وكان الملك حسين يبعثهم من العقبة ،مما حدا بالملك عبد العزيز إلى العزم على إرسال قوة في اتجاه العقبة لضرب الإمدادات ، وقد أمرت بالزحف (7) ، فطلب الإنجليز من الأمير عبد الله إسداء النصح لأبيه بالمغادرة إلى قبرص وإيقاف الإمدادات ، فغادرها الحسين في أواخر ذي القعدة من عام 1343هـ / 1925م.

كانت قوات الملك عبد العزيز تقدر بستة آلاف مقاتل ، على حين كانت القوات الهاشمية لا تتجاوز الثلاثة آلاف تقريباً .

أ- حصار المدينة :

فيما كان الملك عبد العزيز يحاصر جدة كانت قواته المكونة من ألفين وخمسمائة مقاتل تحاصر المدينة المنورة ، أما القوات الهاشمية المحاصرة داخل سور المدينة فلا تتجاوز أربعمائة مقاتل ، كانت المدينة المنورة تتمتع بالمكانة نفسها التي لمكة المكرمة في نفوس المقاتلين من قوات الملك عبد العزيز ، فكانت أوامره ألاّ يتعرضوا للأماكن المقدسة بسوء ، وألا يقتحموها عنوة ، خصوصاً أن زعماء الدول الإسلامية يضغطون بشدة على الملك عبد العزيز في هذا الصدد .

كان الشريف علي بن الحسين قد غادر المدينة إلى مكة مخلفاً عليها وكيله الشريف أحمد بن منصور والقائم مقام الشريف شحات بن علي والقائد العسكري عبد المجيد أحمد باشا ومدير السكة الحديدية عزت عمير بك .

لقد كان حصار الملك عبد العزيز للمدينة ينم عن إدراك الأمور بعمق عسكري؛ إذ المدينة هي المستودع الإستراتيجي للسلاح والذخيرة للأتراك والأشراف ، ويتركز المخزون في القلاع التركية ، وبخاصة قلعة باب الشامي وجبل سلع اللتين أعدتا إعداداً جيداً لذلك ، لهذا كان سقوط المدينة سوف يعجل في سقوط جدة .

ب- تنظيم الدفاع عن المدينة :

كان عبد المجيد باشا من الكفاءات العسكرية العالية ، فحصن المدينة تحصيناً دقيقاً؛ إذ وزع قواته على منافذها ، وحفر الخنادق ، وأقام الكمائن ، وأشرك الشعب في الرأي ، فتدارس الدفاع مع وجهاء المدينة ، فتضامن معه الأهالي ، وفيهم من أهل القصيم مثل آل القاضي وآل الخريجي وآل الأطرم ، وقسم المدينة إلى ست مناطق دفاعية :

كانت المنطقة الأولى : شرقي المدينة عند شارع أبي ذر حالياً ، والمنطقة الثانية : ومركزها باب العوالي ، والمنطقة الثالثة : ومركزها بستان الماجشونية وتشمل قربان ، والمنطقة الرابعة : ومركزها باب قباء ، والمنطقة الخامسة : ومركزها باب الكومة ، والمنطقة السادسة : ومركزها المساجد السبعة ، وتمتد حتى المنطقة الأولى شرقاً ، واتخذ من قصر الخالدية مركزاً قيادياً .

ج- توزيع القوات السعودية :


تركزت قوات الملك عبد العزيز بقيادة صالح بن عذل شرق المدينة ؛ لتقطع الطريق على أي إمدادات قد تأتيها من الأردن (8) ، واستطاع أن يطوع القبائل هناك ، ثم كلف الملك عبد العزيز إبراهيم النشمي بحصار المدينة من شمالها ، فعسكر في بستان الزهرة ، وبقي الأخوان في جنوبها في العوالي بقيادة الدويش ، لقد وصل فيصل الدويش بعد حج 1343هـ ، فاشتد الحصار على أهل المدينة ، وكان إبراهيم النشمي رحيماً على أهلها، فكان يكرم من يتسلل إليه من أهل المدينة ، حتى سكن بعضهم قريباً من مواقع المقاتلين ، ومع هذا فإن الإمدادات كانت مقطوعة عن المدينة .

وفي سبيل الحصول على المال باعت القيادة العسكرية بالمدينة السلاح على الأهالي الذين باعوها على القوات السعودية ، أما الدويش فقد كان شديداً في مواقفه، ففي صباح 23 محرم من عام 1344هـ هاجمت قوات الدويش ( مخفر العيارية ) بجوار المدينة، فأصلتهم حامية المدينة غلالة من النيران ، فأرغمتهم على التراجع .

ثم كررت قوات الدويش المحاولة من شمال المدينة ، فردتها نيران الحامية ، لكن القيادة السياسية للأشراف (9) في جدة هولوا الموقف ، وصاغوا خبراً وصفوا فيه الحدث بأنه معارك ضارية ، وأن القصف كان على بيوت المدينة والمقدسات ، وأن القبة الخضراء في المسجد النبوي أصيبت بأضرار ، فأثار الخبر العالم الإسلامي ، وتحرك الزعماء من العرب والمسلمين ، لكنه تبين عدم صحة ما نشر .

فأمر الملك عبد العزيز الدويش بالتوجه إلى نجد ، وأمر قوة سعودية أخرى بقيادة (عبد المحسن الفرم ) لتحل محل قوات الدويش .

والفرم من قبائل العوالي من بني علي من قبيلة حرب ، بايع الملك عبد العزيز ، وقاتل معه ، فسكنت الأحوال بوصول الفرم، كما أرسل الملك عبد العزيز الشيخ (عمر بن سليم )؛ ليعظ المقاتلين ، ويذكرهم بفضائل المدينة المنورة .

د- تسليم المدينة :

اشتد الحصار على أهل المدينة ، ونفدت المؤونة ، ولم يبق منها ما يكفي إلا لثلاثة أيام ، كان الشريف علي بن الحسين يأمرهم من جدة بالصمود ، ويماطل في إرسال المؤونة ، عندئذ بدأ الشريفان أحمد وشحات يتداولان الأمر مع عبد المجيد أحمد باشا القائد العسكري وضباطه ، واتفقوا على التفاوض مع القوات السعودية ، وعزز ذلك رغبة الأهالي في التسليم ، ورفع الحصار ، واستقر الرأي على أن يرسل أحد تجار المدينة هو ( مصطفى عبد العال ) برسالة إلى الملك عبد العزيز في بحرة بطلب الصلح ، فكتبها الشريف شحات ، وتسلل المرسول من الحصار .

كانت شروط الصلح تقضي بتأمين أهل المدينة على أرواحهم وممتلكاتهم ، وكذلك المقيمون والموظفون والعسكريون ، وألا يُعاقب أحد بسبب المعارك ، وأن يتسلم المدينة أحد أبناء الملك عبد العزيز .

أمر الملك عبد العزيز ابنه الأمير محمداً ، فسار بصحبة مصطفى عبد العال في 23 ربيع الآخر عام 1344هـ مع رهط من الحاشية بلغوا مائتين ، لكن الشريف علياً أرسل برقية في 5 جمادى الأولى 1344هـ ، ووعد بإرسال طائرة بالمؤونة ، ولم تصل الطائرة؛ لأن الإنجليز تراخوا في إمدادها بالوقود ، فتأخر التسليم عشرة أيام .

عرضت القيادة في المدينة إرسال اثنين من الضباط للتفاوض ، فخرج عبد المجيد باشا قائد الحامية ونائبه عزت بك ، وتم الاتفاق على خطوات التسليم ، وبدأ العمل على تنفيذ ذلك ، في اليوم الأول سلمت المدينة ومرافقها بمراسيم معينة وتنظيم دقيق ، فدخلها الأمير ناصر بن سعود وعبد الله بن الفضل ، فكان كلما استلم السعوديون موقعاً انسحب رجال عبد المجيد من الموقع ، ولم يحدث ما يعكر صفو الأمن ، وكأنهم أصدقاء يتبادلون المواقع ، ثم كتبت وثيقة الصلح ، كتبها أهل المدينة ، وكان ذلك في 18/5/ 1344هـ الموافق 3/12/1925م .

وفي اليوم التالي دخل الأمير محمد بن عبد العزيز وحاشيته ، وكان في استقبالهم الشريفان أحمد وشحات وقائد الحامية ومعاونه وكبار الضباط ، وأعلنوا ولاءهم للأمير محمد ووالده ، ثم توجه الركب إلى المسجد النبوي ، بعدها توجه الأمير محمد إلى مقر الإمارة ، فاستقبل الأهالي ، وظل الشريفان والقادة في معيته ، وتناولوا جميعاً طعام الغذاء ، واستبقى كل موظف على وظيفته ، وكل قائد على قيادته ، وخير من أراد الرحيل دون اعتراض ، واستأذنه الشريف أحمد في السفر إلى وادي فاطمة ، وكذلك رئيس ديوانه الخاص عبد الله بن عمير وعمر كردي وعبد المجيد باشا .

هـ - الدروس المستفادة :

1- كان فتح المدينة يمثل قمة الأخلاق الإسلامية في الحرب والسلام .

2- بيَّن حصار المدينة أهمية تضامن القيادة العسكرية والقيادة السياسية والأهالي ، فكانوا في المدينة المنورة يداً واحدة في اتخاذ القرار ، فكان من ثماره تسليم المدينة دون نهب أو سلب أو اشتباك .

3- اهتمام الملك عبد العزيز بعدم الإساءة إلى المحاصرين ، وذلك بإرسال واعظ يؤكد على قدسية المدينة وفضائلها ، ويشرح لأفراد القوات السعودية .


يتبع ،،

أبو حمـد غير متصل   رد مع اقتباس