عرض مشاركة واحدة
قديم 22-05-2009, 07:03 PM   #38
عضو
 
الصورة الرمزية أبو حمـد
 
تم شكره :  شكر 6319 فى 2308 موضوع
أبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضوأبو حمـد نسبة التقييم للعضو

 

رد: تواريخ الحوادث .. سنة الجوع / سنة البرد / سنة الرحمة / سنة الجراد

2– تأمين الجبهة الجنوبية :

لقد بنى الملك عبد العزيز خطته الإستراتيجية على حصر العدو ومواجهته في جبهة واحدة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ،، عندما أراد الخلاص من التهديد الشمالي المتمثل في قاعدة خيبر إثر غزوة الأحزاب .

كانت جبهة الملك عبد العزيز الشرقية مأمونة إلى حد ما ، كما كانت جبهته الغربية حافلة بالمؤيدين الذين لم يتمكن ابن رشيد من كسب ولائهم ، وإن كان قد سيطر عليهم ، لهذا تحرك – رحمه الله – لتأمين الجبهة من أجل حشد التأييد وتأمين العمق الإستراتيجي ، واستدرج ابن رشيد إلى مواقع يصطاده فيها ، ومساحات تذيبه في الصحراء ، فتصرفه عن أهدافه الإستراتيجية .

انتهى الملك عبد العزيز من تعزيز مواقعه في مدينة الرياض ، فأعاد بناء سورها ، كما قام بتوزيـــع الســــلاح من مخازن آل رشيد على المؤيدين ، ثم حضر والده الإمام عبد الرحمن من الكويت ، عندئذ أصبح – رحمه الله – قادراً على مواجهة ابن رشيد، وقتها اتجه إلى الجبهة الجنوبية المتمثلة في الخرج والأفلاج وحوطة بني تميم ووادي الدواسر .

اتجه الملك عبدالعزيز إلى الجنوب ، وبهذا وضع ابن رشيد أمام خيارين :

الخيار الأول : أن يهاجم ابن رشيد الرياض ، فإن هاجمهم دون أن يكون قد أعد للأمر عدته فسوف يواجه بتحصينات قوية ، تفتت هجماته ، وسيتعرض لقوات الملك عبد العزيز تطوقه من الخارج فتقضي عليه .

وهذه النظرية الإستراتيجية أشار إليها القائد الصيني الشهير ( سان نزو ) قبل الميلاد في كتابه عن الإستراتيجية ؛ إذ قال : ( إذا هاجمت قوة معادية مدينة محصنة وطوقتها قوة صديقة فإن القوة المعادية سوف تتعرض للتدمير الكامل ) .

الخيار الثاني : أن يتجه ابن رشيد إلى الجنوب حيث الملك عبد العزيز ، فيذوب في الصحراء بين قسوة الطبيعة وحرارة الأجواء وشح المياه ، كما يتعرض للضربات المفاجئة كلما رغب في الراحة والاستقرار ، وتصبح خطوط إمدادته طويلة ، كما يبعد عن أنصاره ومؤيديه .

لقد كانت إستراتيجية الملك عبد العزيز جنوب الرياض أشبه بإستراتيجية حرب الأنصار التي تبناها ( ماوتس تونج ) الزعيم الصيني الراحل ونظرها ، وخطة الملك عبدالعزيز أشد الشبه بإستراتيجية ( الوسادة الناعمة ) التي تعامل بها الروس في مواجهة المهاجمين ، فواجهوا بها نابليون بونابرت مع بداية القرن الثاني عشر ، كما واجهوا بها هتلر في منتصف القرن العشرين ، فتسببت في هزيمة الاثنين .

أ‌- الموقف العام :

1- في حائل : كان عبد العزيز بن متعب بن رشيد يعسكر بقواته في الحفر ، ويستعد للهجوم على الكويت لاحتلالها دون مبالاة بالأوضاع والتوازنات الدولية ودون حسبان لما يقوم به الملك عبد العزيز في الرياض وجنوبها ، لكنه كان ضائقاً بالتلكؤ التركي في تقديم المساعدات له .

2- في الكويت : اعتمد الشيخ مبارك الصباح سياسة دفاعية مستنداً على حماية الإنجليز لأراضيه دون القيام بأعمال تعرضية .

3- في الرياض : استكمل الملك عبد العزيز تحصينات الرياض ، وقام بتخزين المواد التموينية ، كما قام بتوزيع الأسلحة على أنصاره ومؤيديه ، واعتمد بذلك أسلوب ( الدفاع المتحرك ) ، وذلك بالاستعداد للحصار في مواجهة القوات المهاجمة وصدها وتدميرها ، كما عمد إلى إعداد القوات جنوب الرياض للتدخل لتطويق ابن رشيد والقضاء عليه إذا غامر بحصار الرياض .

ب‌- الموقف الخاص :

لقد بنى الملك عبد العزيز خطته على الآتي :

1- تأمين الرياض : وذلك بضم جنوبها وجنوبها الغربي ، حتى يستكمل كيانه الإستراتيجي .

2- التوجه نحو جنوب الرياض : لتوفير الحماية لقاعدته ، ومد عمقه الإستراتيجي ، وجر ابن رشيد لمواقع اختارها هو ؛ لهذا فتح المدن في الجنوب وحصنها .

3- أودع – رحمه الله – مفرزة من جنده في كل قرية لتنظيم المقاومة ولصد ابن رشيد إذا ما تقدم نحوها .

4- اعتمد مواكبة التحرك الديني للتحرك العسكري في خطته لفتح المدن والقرى جنوب الرياض ، فاعتمد مبدأ الدعوة والنصح دون الحرب والإكراه .

5- حافظ – رحمه الله – على الاتصال بالرياض لتقديم الدعم والمساعدة والتدخل لضرب القوة المهاجمة إذا ما فرضت حصاراً حول الرياض .

ج – عوامل النجاح :

1– اعتمد الملك عبد العزيز – رحمه الله – على الجانب المعنوي إلى أقصى حد ، كما وظف قدراته الشخصية في كسب الولاء من القبائل والأفراد ، كما اعتمد على الجانب العسكري في ضرب الفئات المعادية وتدميرها إذا اقتضى الحزم ذلك .

2– قام – رحمه الله – بتهيئة الكوادر من أنصاره للحكم ، فأمَّرهم على القرى ، وحكمهم في القبائل ، وشكل بهم عناصر المقاومة الشعبية ضد قوات ابن رشيد .

3– اعتمد – رحمه الله – المذهب السلفي منهجاً وعقيدة ، فبثها بين القبائل والقرى؛ لأنها تقضي بالسير على ما جاء به النبي e من غير تحريف ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تجسيد ولا ابتداع ، فانتشرت الدعوة من جديد في أرجاء الجزيرة العربية المتقدمة على الفتوحات العسكرية ، لقد كان للدعوة السلفية أكبر الأثر في كسب المؤيدين ؛ لأنها تقضي بأن الولاء لله ، والطاعة لأولي الأمر .

د– سير العملية القتالية :

بدأ عبد العزيز أولى خطواته بأن نزل ضيفاً على بني تميم في الحوطة ، فجاءته القبائل مؤيدة ومبايعة ، لقد انضمت إليه الخرج والدلم والحوطة والحريق والأفلاج ووادي الدواسر وما حولها .



نجحت دعوته الدينية والسياسية والحربية ، فأصبح أميراً على نجد وناصراً للدعوة، كما نظّم جيشه ؛ بأن تتولى كل قرية جمع المناصرين والمؤيدين ، وتكوين قوات برئاسة واحد من أتباعه ، ومؤازرة قليل من رجال الملك عبد العزيز ، وبهذا يكون قد درب أتباعه على ممارسة الحكم والإدارة وتحمل المسؤولية ، فأصبح من واجب كل قوة الدفاع عن نفسها حتى يصلها العون من القوة الرئيسة .

وبهذا يكون الملك عبد العزيز – رحمه الله – قد سن تنظيماً في الإدارة العامة والمحلية لم تعهده الجزيرة العربية من قبل منذ عهد الخلفاء الراشدين ؛ إذ كان المتعارف عليه أن يعيَّن أمير على أكبر مدينة ، فيتولى السيطرة على باقي القرى والمدن ، فإذا سقط الوالي سقط الجميع ، وهو ما حدث لعجلان والي الرياض .


يتبع ،،

أبو حمـد غير متصل   رد مع اقتباس