المعجزة الثامنة
تبت يدا أبي لهب وتب
لم يترك"أبو لهب" طريقاً يؤذي فيه الرسول 
وصحابته إلا سلكه . فقد قام بتعذيب المسلمين تعذيباً شديداً حتى يكفروا بمحمد ودينه وكانت تساعده في هذا التعذيب زوجته "أم جميل".0
لكن هؤلاء المعذبين لم يزدهم هذا التعذيب الشديد إلا تمسكاً بدينهم , لأنهم ذاقوا حلاوة الإيمان بالله , وامتلأت قلوبهم بحب الله ورسوله , فكيف يرجعون إلى الكفر والضلال مرة ثانية؟!
ولم يسلم حبيبنا وقدوتنا رسول الله من أذى"أبي لهب" و"أم جميل" وشرهما أيضا, فقد كان "أبو لهب "يذهب إلى أهل "مكة" كل يوم ليحذرهم من رسولنا الكريم ودعوته , وكان يسير خلف رسول الله ويصيح بمن يجتمع حوله: أيها الناس , ابتعدوا عن هذا الرجل , انه من أهلي , وأنا أعرف الناس به...إنه مجنون وكذاب , انه يريدنا أن نترك دين أبائنا وأجدادنا.
أما زوجته "أم جميل" فكانت تذهب إلى الأماكن التي تجتمع فيها النساء فتجعل حديثها معهم في شتم , رسول الله , وشتم دعوته, وكانت تمشي بالنميمة فتنقل أحاديث النساء والرجال , حتى تزرع في قلوب الجميع العداوة والبغضاء.
ولم يكتف "أبو لهب" وزوجته "أم جميل" بسب رسول الله وشتمه بل كانا يسعيان إلى إيذائه بكل السبل , فكانا يضعان أمام بيته الشوك والأقذار والحجارة , حتى إذا رجع رسول الله إلى بيته آذته هذه الأوساخ ورائحتها , وكانت "أم جميل" تحمل على ظهرها الحطب والشوك فتضعهما أمام بيت رسول حتى تمزق ملابسه وتدمي قدميه.
ونزل القران الكريم مهدداً ومتوعداً "أبا لهب" وزوجته , بالويل والعذاب والخسران في الدنيا والآخرة:******تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عنه ماله وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وامرأته حمالة الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5){وثارت ثائرة "أبي لهب" و "أم جميل" عندما سمعا بنزول آيات القرآن فيهما , فراحت "أم جميل" تولول وتصيح : أين "محمد" الذي انزل فينا قرآناً يذمنا فيه؟
لن نتركه ينام في بيته هذه الليلة.
وتجمع حول هذه الذئبة الجريحة خلق كثيرون , وبدؤوا يسيرون خلفها ليروا ما ستفعل.
وعندما وصلت " أم جميل" إلى مكان رسول الله أسرعت إلى صخرة قريبة فحملتها وأسرعت إليه .
وفي هذه الأثناء رأها"الصديق" صاحب رسول الله فخاف أن تؤذي رسول الله هذه الحمقاء حبيبه , فأسرع إليه , وقال له محذراً: يا رسول الله , لقد أقبلت "أم جميل " والشر يملأ وجهها وقلبها, فأبتسم رسول الله وقال لصاحبه الصديق رضي الله عنه بهدوئه المعهود:" إنها لن تراني سيعمي الله عينيها عني" ثم راح يردد آيات من القرآن الكريم ليعصمه الله منها , ويعمي عينيها عنه.
وزال عن "أبي بكر الصديق"رضي الله عنه خوفه وعجبه عندما تذكر قول الله تعالى******وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْن َالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا{ووصلت الذئبة الجريحة إلى حيث رسول الله وهي تولول ,وأعين الناس تلاحقها بخوف , لكنها لم تره , فقد أعمى الله عينيها فلم تر رسول الله , فصاحت بالصديق: أين صاحبك يا "أبا بكر" إنه يهجوني وأنا أريد أن اقتله بهذه الصخرة الكبيرة ؟
وأدرك "الصديق" ومن حوله , أن الله أعمى عيني "أم جميل" فلم تر رسول الله بينما كان قاعداً في ظل الكعبة يقرأ آيات الله ويرتلها والجميع يرونه.
وأدرك الناس يومها أن "محمد" هو رسول الله حقاً وصدقاً, الله يرعاه ويحميه , من كيد الكائدين , ويمنع شرهم, وظلمهم, وأذاهم.
موعدنا مع معجزة جديدة من المعجزات التي منحها الله لرسوله الكريم