قراءة في أبيات رائقة
يا من جحدت عيناه دمي ... وعلى خـدّيه تـوّرده ..
خدّاكـَ قد اعترفا بـدمي ... فـعلام .. جفونك تجحده ..
في البدء ..
( قد ) الجميلة العذبة في سلاسة الكلام كانت وسط سلسلة بين الاعتراف والشاهد ، فموقعهـا يمطرُ خيراً .
من الأخير نبدأ في الربط الجميل – وهو المقصود دائماً ( فلابد من طلب بعد النداء ) – بين النداء الأول والاستفهـام ، حيثُ جاء بلفظة الشعر الجميلة ( علام ) ثم تعلّقتْ بشيء من ( ماضي ) فكانت الفاء !
رجوع ..
نداء أراده الشاعر مخفياً عن الأسماعِ والأبصارِ فكان أن استرجع صفته فيه عِتاباً لطيفاً ( جحدتْ عيناه دمي ) حيثُ نسب الجحود لجزء منه ( المسؤول عنه ) وهذا اللون الأكثر ظهوراً ونزقاً وجمالاً في توارد الإشارات ، وفي علامات ( الحب ) وفي مراتب مستقبلي الأحباب ... هو اللون الأجمل في تورّد الخدود .
يرى دمه قد تورّد في خدي محبوبه ( الذي جحد ذلك ولم يعترف ) – وهو يرى ذلك اعترافاً من الخدين بفعلته ووجود لون الدمّ في صفحتيهما أما الجفون تنكره !
محاكمة ..
الجاني من ؟
والشاهدُ من ؟
والأدلة هنا : اعترافات لونية قسراً أنكرتها العينان لكن ظهورها في الخدين كشف الحقيقة ( الربط الجميل بين لون الدم وخجل الخدود )
مكونـات ..
عينـان ، ودم ، وخدين ، جفون ( شكلتْ رموز المحبّ وحبيبه )
جحدتْ ، تورده ، اعترفـا ، فعلام ..( شكّلتْ آلة العتـاب الجميـل )
مما راق لي