ابتسامة طفلة في الحرم المكي ..

[صـــويب]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا أجيد فن الكتابة ، ولكني سأسمح لنفسي التطاول على مقامه ، وسرد هذا الموقف الطريف الذي حدث لي في الحرم المكي الشريف أثناء طوافي بالبيت العتيق قبل فترة ..

كان معي صاحبي عندما اقتربنا من ساحة الحرم المكي عصر يوم الخميس ، قلت له ما رأيك أن نتجه لمحل عطور شهير اعرفه في برج وقف الملك عبدالعزيز .. ووافقني الرأي إذ لا يزال هناك متسع من الوقت قبل صلاة المغرب

صعدنا للدور الثاني واتجهنا للمحل ، وهناك اقتنيت زجاجتين نصف تولة من عطر أحب رائحته الشذية ، ووضعها صاحب المحل في علب جميلة ، وناولت صاحبي احداها والأخرى ظلت معي

بعد ذاك اتجهنا للحرم وصلينا المغرب ثم بعدها قال لي صاحبي هيا بنا نطوف بالبيت (سبيع)

كان الازدحام على أشده لجموع المعتمرين ، واستغرق الطواف كل الوقت من بعد صلاة المغرب وحتى اقترب وقت أذان العشاء

لم يكن ذاك بالأهمية لكي اذكره ، ولكنه تمهيد للموقف الطريف الذي حدث أثناء الطواف

إذ .. وبينما كنا نطوف في الشوط الخامس وقد اقتربنا من نهاية الشوط (بين الركن اليماني والحجر الأسود) حانت مني التفاتة ، وإذا بي أرى طفلة عمرها ربما 10 سنوات وعائلتها يطوفون تطوع ، كانت تطوف خلف والدتها وهي متمسكة جيداً فيها لدرجة كانت تسند وجهها الطفولي على ظهرها من شدة التصاقها بها مخافة فقدها في الازدحام ، وكان يسير بجوارها اخيها الاكبر منها وووالدهم ووالدتهم أمامهم، وخمنت أنهم من الهند من هيئة لباسهم ..

كانت الطفلة ملتفتة لجهة اليمين ، وهي ساندة رأسها على ظهر أمها ، مما سمح لي برؤية وجهها البريء وتلك النظرة في عينيها..

تراءت لي عدة تخيلات لتفسير نظرة القلق ، تلك النظرة التي رأيتها في عينيها .. اتراها نظرة مبعثها الخوف لئلا تفقد امها ، يفسرها هذا التشبث الشديد فيها ، أو تراها نظرة رعب من شدة الازدحام الذي لم تألفه من قبل ..

لحظتها تذكرت علبة العطر في جيبي ومددت يدي بسرعة ، وناولتها العلبة لكي اهدّئ من روعها الذي رأيته على محياها ..

لبرهة ترددت الطفلة في أخذ العلبة ثم اشار إليها أخيها لقبولها

مدت الطفلة يدها وفي عينيها نظرة حائرة ، وتناولت العلبة وافترقنا مع شدة الازدحام

بعد أن أنتهينا من الطواف اتجهنا نصلي خلف المقام ، وأثناء سيرنا حكيت لصاحبي الموقف وقلت له اتذكر علبة العطر التي معي ، لقد اهديتها للتو لطفلة ..

قال لي رأيتك وانت تمد يدك نحوها ، إذ كان يسير بجواري

في تلك اللحظة مرت عائلة الطفلة بجوارنا ، وكانت لا تزال متشبثة بأمها ، وأشرت لصاحبي هي تلك الطفلة ..

كانت الطفلة تنظر إلينا وهي تبتسم .. اتراها كانت تتابعنا بنظراتها من بعيد ..!

يا لله يا لله ما اجمل تلك النظرة و الابتسامة البريئة العذبة التي ارتسمت على وجهها الطفولي

لقد تبدلت نظرة القلق في عينيها إلى نظرة ابتسامة تشع فرحاً

وربما يمر وقت طويل قبل أن أنسى تلك الابتسامة



تحيتي