الدرس الأول - الشكر معناه ومقتضاه
.
.
.
.
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه اٍخواني أخواتي لكم من السلام أزكاه فسلام عليكم ورحمة الله أقول بعد ذلك مستعينة بالله راجية أن يجد كلامي في القلوب صداه ..
اٍن الله سبحانه وتعالى قد من الله علينا بنعم كثيرة والآء جسيمة يعجز أي إنسان عن حصرها وعدها ؛ نعم وهبها الله لنا ورزقناها لا يريد بها منا شيئا سوى أن نشكره عليها شكرا يليق بجلال وجهه الكريم وسلطانه العظيم شكر يلازمه عمل فلا يكفي قول باللسان بل لابد أن يصدقه يقين وإيمان بالقلب وعمل بالجوارح فقول بدون إيمان ويقين وفعل لا يعد شكرا وهو منافي لمعناه تماما!!
إذ كيف بنا أن نشكره على نعمه قولا ولفظا وقلوبنا وجوارحنا كافرة بها؟؟!!
ومعنى أن نكفر بها أن نستهين بها أن لا نكرمها كإكرام الله لنا بها فنسخرها ونستخدمها في كل حرام ونعرضها لكل ما يشوبها فيغير مسارها فتصبح نقمة من بعد ما كانت نعمة!!
فتجد مثلا سامع الغناء لا يصون نعمة السمع عن ما حرم الله من غناء وموسيقى وسماع لمنكر القول والناظر إلى ما حرم الله من مسلسلات وبرامج لا تخلو من المنكرات بل تدعوا إلى الفساد والاختلاط أيضا لم يعرف نعمة الله عليه وواجبه تجاهها فقد استخدمها في الحرام وأيضا المتلذذ بأكل لحوم البشر فهو يدخل في زمرة هؤلاء الذين ما شكروا الله حق شكره
إذا فالله قد أنعم علينا وتفضل بنعم كثيرة تقتضي منا شكرها فقد جاء خطابه موجها مذكرا ببعض نعمه في هذه الآية : أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعـٰماً فَهُمْ لَهَا مَـٰلِكُونَ وَذَلَّلْنَـٰهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ وَلَهُمْ فِيهَا مَنَـٰفِعُ وَمَشَـٰرِبُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ
ويقول تعالى : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار )
فـ يا من أراد دوام النعم واٍستقرارها وزيادتها وعدم زوالها وحصول البركة بها عليك بالشكر قيدها بشكر الله وحمده وثنائه اٍجعله عز جلاله يرى أثر نعمته عليك اٍجعل لسانك لاهجا مرددا بشكره ذاكرا محدثا بنعمه وقلبك منشغلا بطاعته فينعكس قول اللسان على عمل القلب
فمن مقتضيات الشكر أيضا التحدث بنعمه وذكر فضله والاعتراف بمنه وجوده
لا من باب الفخر والتكبر والمباهاة والخيلاء وإغاظة من حرم منها بل أن تجعل نيتك أن تعبد الله بها وتحقق مراده وتتبع أمره في قوله تعالى : ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ )
والحديث هنا يأخذ معنيين معنوي ولفظي ومادي وحسي
معنوي وهو شيء غير ملموس مجرد أنك تتحدث فقط وتعترف بفضل الله وكرمه وتفضله عليك ورحمته الواسعة التي وسعت كل شيء كلمات لا تخلو من عبارات الحمد والشكر والثناء
وحسي ومادي وذلك بأن يعرف الناس ويلمسون فضل الله عليك وذلك بتقديم أعمال الخير والبر
تجاههم وتقديم المساعدة لمن هو محتاج لها بما من الله به عليك ورزقك وأعطاك
فمثلا لمن يملك نعمة من الأموال والثروات الطائلة أمامه الكثير من أعمال الخير المتاحة التي متى ما عملها وقام بها كسب بها الأجر الكبير والثواب العظيم مراعيا فيها اٍخلاص النية لله عز وجل وإنفاقها وصرفها لمن يستحقونها مبتدئا بالأقرب فالأقرب فهم أولى بالمعروف
فله أن يساهم بها في أعمال الخير – فيدعم مؤسسات خيرية – ويسد جوعة فقير – ويتكفل بعلاج مريض ويعتق به رقبة – ويمسح دمعة يتيم –ويوفر بها سكن لمن لايملكون ذلك – ويقضي بها دين عن مديون – ويزيح بها هم عن مهموم – اٍلى غير ذلك من وجوه الخير فهي كثيرة بحمد الله لمن أراد الخير والأجر العظيم وشكر الله شكر يوازي نعمه علينا
آيات من كتاب الله الكريم احفظها واجعلها دائما في قلبك ورددها بلسانك كي لا تغفل عن مرادها
( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ )
( وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ )
( وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ )
نسال الله أن يجعلنا من الشاكرين الذاكرين الله كثيرا المنفقين المتصدقين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين