العودة   منتديات سدير > `·• آفاق رحبة •·´ > ¨° الإسلامي °¨

¨° الإسلامي °¨ جميع ما يتعلق بالشريعة علماً و فكراً و منهجاً . قضايا معاصرة - أحكام - فتاوى - نصائح - بحوث شرعية - مقالات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-06-2002, 09:55 PM   #1
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الجريوي
 
تم شكره :  شكر 19 فى 18 موضوع
الجريوي is an unknown quantity at this point

 

حول كشمير المسلمة >>>

أولاً : لمحة تاريخية >>>

العهد الإسلامي في الولاية :
دخل الإسلام إلى كشمير خلال القرن الرابع عشر الميلادي، حيث اعتنق رينجن شاه -وهو حاكم كشميري بوذي- الإسلام في 1320م على يدي سيد بلال شاه (المعروف كذلك باسم بلبل شاه) وهو رحالة مسلم من تركستان، وقويت شوكة الإسلام خلال حكم شاه مير (1338-1344) وقد انخرط العلماء في صفوف الجماهير لتبليغ دين الله، ومعظم هؤلاء العلماء قدموا من وسط آسيا، ومن بينهم سيد بلال شاه، سيد جلال الدين بخاري، سيد علي الهمداني وابنه سيد محمد الهمداني إلخ، ورغم الجهود التي بذلها كل هؤلاء العلماء، إلا أن جهود سيد علي الهمداني (المعروف باسم شاه همدان) قد تميزت عن غيرها. فقد ولد في منطقة همدان بإيران في سنة 1314م واضطره غزو قوات تيمورلنك لوسط آسيا إلى الهجرة إلى كشمير التي خصها بثلاث زيارات في السنوات 1372م، و1379م و1383م على التوالي برفقة 700 شخص من أتباعه، حيث وفق في نشر الإسلام بين الآلاف من الكشميريين، وقد تعقب ابنه سيد محمد الهمداني خطاه وأقنع الحاكم المسلم آنذاك سلطان إسكندر (1389-1413) بتطبيق الشريعة، فقد تميز الحاكم المسلم سلطان زين العابدين بن إسكندر (1420-1470) بتسامح كبير تجاه الهندوس، وفي نهاية القرن الخامس عشر الميلادي كان أغلبية سكان كشمير قد اعتنقوا الإسلام .

ومن الأمور الملفتة أن انتشار الإسلام في كشمير وتكاثر أتباعه، كان يتم عن اقتناع كامل وليس قسراً أو إكراهاً، حيث مهدت ظروف عديدة الطريق نحو هذا الانتشار الواسع للإسلام ومن أهمها: رغبة الطبقة الدنيا من الهندوس في إحراز المساواة الاجتماعية والفرص العادلة للازدهار، مما جعلها ترى في الإسلام أفضل بديل عن الحياة التي كانت تحياها .

وقد استمر الحكم الإسلامي في كشمير قرابة خمسة قرون من 1320م إلى 1819م، ويعتبر هذا الدور "العصر الذهبي" لتاريخ الولاية، وذلك لما كان الشعب الكشميري يتمتع به من الرفاهية والحرية والأمن والسلام تحت رعاية حكومة هؤلاء الحكام المسلمين .

وفي سنة 1819م قام حاكم البنجاب السيخي "رانجيت سينغ" بغزو كشمير، وحكمها حتى سنة 1846م وأذاق شعبها الويلات، ففرض الضرائب الباهظة وأجبر الناس على العمل دون أجر، وسن قوانين عنصرية ضد المسلمين، وأغلق العديد من المساجد ومنع إقامة الصلوات فيها، وكان دم المسلم أرخص من سواه، في حين كان القانون يعتبر ذبح بقرة جريمة عقوبتها الموت .

حكم عائلة ( دوغرا ) الهندوسية :
ترجع وضعية جامو وكشمير الحالية إلى سنة 1846م حينما باعها البريطانيون لـ"غلاب سينغ" بمبلغ 5.7 مليون روبية بموجب "اتفاقية أمريتسار" (مارس 1846م) وذلك غداة الحرب الأولى التي نشبت بين الإنجليز والسيخ، وقد علّق "بريم ناث بزاز" على هذه الصفقة، وهو أحد الوجوه السياسية المعروفة في كشمير بقوله: "مليونان من البشر في وادي كشمير وجلجت بيعوا كما تباع الشياه والأغنام لمقامر غريب، دون أن يكون لهم أدنى رأي في الموضوع" .

وقد استطاع غلاب سينغ بمزيج من الغزو والدبلوماسية أن يسيطر على جامو وكشمير بما في ذلك مناطق لاداخ وبلتستان وجلجت، وأنشأ نظام حكم لعائلة "دوغرا" التي حكمت كشمير حتى سنة 1947م. وقد أعقب غلاب سينغ ثلاثة حكام هم رانبير سينغ (1858م) وبارتاب سينغ (1885م) وهاري سينغ (1925م) الذي كان آخر حكام هذا النظام إلى تاريخ انقسام شبه القارة في 1947م .

ولقد كانت عائلة "دوغرا" شبيهة بالحكم السيخي من حيث إلحاق الأذى بالمسلمين عن طريق فرض الضرائب الباهظة وسن القوانين التمييزية وسد سبل التعليم في وجوههم، ومن مظاهر هذا الاضطهاد كذلك نظام الجباية الذي كان قاسياً، فبالإضافة إلى أخذ 50% من المحاصيل، كان المسؤولون يأخذون ضرائب على النوافذ والمواقد وحفلات الزواج، وعلى قطعان الماشية بل وحتى على مداخن بيوت المسلمين، وكان ذبح الأبقار ممنوعاً بموجب القانون وتوقع على فاعله عقوبة الإعدام، وكانت المساجد تابعة للحكومة، كما أن جريمة قتل المسلم كانت تعدُّ أهون شأناً من قتل غير المسلم، إضافة إلى سحق أي مظهر من مظاهر الاحتجاج السياسي بوحشية. ولذا فقد شهدت المنطقة حوادث عديدة تم فيها حرق عائلات مسلمة بأكملها بحجة انتهاك القوانين المذكورة، كما أن عمال مصنع الحرير التابع للحكومة الذين احتجوا على الأجور المنخفضة في سنة 1924م، أغرقوا في النهر بأمر من المهراجا .

اندلاع حركة تحرير كشمير :
اندلعت الحركة الشعبية الكشميرية في 1931م حينما قام ضابط شرطة بمنع إمام المسجد من إلقاء خطبة الجمعة، وهو الأمر الذي دفع أحد الأشخاص ويدعى عبدالقدير بإلقاء خطاب حماسي حول القرارات التي يصدرها الملك الهندوسي ضد المسلمين .

وفي حادثة تناقلتها الكتب التي أولت التاريخ الكشميري اهتماماً بالغاً وهي حادثة لها مدلولها الخاص، واستقت غرابتها من غرابة الحدث ففي 13/7/1931م حينما اجتمع عدد كبير من المسلمين الكشميريين لإعلان التضامن مع عبدالقدير خان وذلك في فناء السجن وحين حان وقت صلاة الظهر، قام أحد منهم يرفع الأذان وأثناءه أطلقت عليه القوات الأمنية النار فأُردي شهيداً، الأمر الذي دفع شخص آخر متواجد في الحضور لإكمال الأذان، وأطلقت عليه النار ليلقى ربه شهيداً، وقام آخر بما قام به إخوته في الدين، ولقي نفس المصير، والعجيب أن الذين استشهدوا في هذه الحادثة 22 شخصاً حتى تم الأذان بالكامل، وهذه الحادثة الغريبة والتي هي أشهر من نار على علم في كشمير تعرف بمعركة مؤتة حيث استشهد زيد بن حارثة -رضي الله عنه- حامل راية المسلمين فأخذها عنه جعفر الطيار -رضي الله عنه- ثم عبدالله بن رواحة -رضي الله عنه- ثم استلم الراية خالد بن الوليد رضي الله عنه حتى نهاية المعركة .

حركة تحرير كشمير إسلامية :
يتبين من ذلك بأن حركة تحرير كشمير كانت حركة إسلامية حيث كانت تستهدف تحرير ولاية جامو وكشمير المسلمة من حكم عائلة دوغرا الهندوسية وإقامة الحكم الإسلامي فيها غير أن هذه الحركة قد انقسمت إلى قسمين وذلك حينما مال شيخ عبدالله أحد قادة هذه الحركة إلى تبني النظرة العلمانية القومية التي ينطلق منها الكونجرس الوطني الهندي، مما دعاه إلى تغيير اسم مؤتمر مسلمي جامو وكشمير فسماه مؤتمر كشمير القومي، إلا أن مخاوف قائد آخر للحركة وهو تشودري غلام عباس من أن يصبح هذا المؤتمر امتداداً للكونجرس الوطني الهندي، دفعته في أكتوبر 1941م إلى بعث الحياة في مؤتمر مسلمي كشمير، والذي استطاع من خلال الأغلبية التي يتمتع بها في المجلس التشريعي للولاية تمرير قرار يقضي بانضمام كشمير إلى باكستان وذلك بتاريخ 19/7/1947م .

وجدير بالذكر أن مؤتمر مسلمي كشمير في ذلك الوقت كان يعتبر الممثل الشرعي الوحيد للشعب الكشميري المسلم، وذلك لأنه في الانتخابات البرلمانية للولاية التي عقدت في يناير عام 1947م قد تمكن مؤتمر مسلمي كشمير من الحصول على (16) مقعداً من أصل (21) مقعد خاص للمسلمين في برلمان الولاية. وكما ذكرنا قبل ذلك أن المسلمين في الولاية في ذلك الوقت كانوا أكثر من 85% من السكان، فلذلك فإن قرار مؤتمر مسلمي كشمير للإنضمام إلى باكستان يعتبر قرار الأغلبية لسكان الولاية .

ولكن رغم ذلك فإن الهند قامت بالمؤامرة للضم الإجباري للولاية مخالفة بذلك قرار تقسيم شبه قارة جنوب آسيا من ناحية، وإرادة الشعب الكشميري المسلم من الناحية الثانية، وذلك لتحقيق أهدافها الخاصة .

هدف الهند من احتلال كشمير :
إيجاد قاعدة لتحقيق أهدافها ضد العالم الإسلامي ومقدساته .

لم تحتل الهند كشمير لتمتعها بثروات ضخمة، حيث إن الأخيرة لا تملك ما تملكه بعض الدول من الثروات الضخمة، غير أن هدفها الأساسي من احتلالها للولاية الإسلامية استخدامها كقاعدة لمخططاتها الهدّامة وتحقيق مطامعها العدوانية ضد العالم الإسلامي ومقدساته بما فيها الكعبة المشرفة -أقدس أرض الله- ويبدو ذلك واضحاً من خلال تصريحات كثير من القادة الهندوس التي نذكر على سبيل المثال أهمها، إذ تقول الأساطير الهندية إن الإمبراطورية الهندية كانت تمتد -في يومٍ من الأيام- من سنغافورة شرقاً إلى نهر النيل غرباً، ومروراً بالجزيرة العربية، ولذلك فإن المطامع الهندوسية منذ اليوم الأول تستهدف إقامة "الإمبراطورية الهندوسية العظمى" لتستعيد مكانتها المزعومة .

وفي هذا السياق قال البانديت جواهر لال نهرو أول رئيس وزراء للهند في كتابه "اكتشاف الهند Discovery of India": "إن الهند كما صنعتها الطبيعة لا يمكنها أن تلعب دوراً ثانوياً في شؤون العالم، فإما أن تعتبر من القوى العظمى أو أن لا يكون لها وجود". (راجع كتاب Discovery of India للبانديت جواهر لال نهرو ص50) .

ويقول الدبلوماسي الهندوسي الكبير الدكتور (إس.آر.باتيل) في كتابه (السياسة الخارجية للهند) في إطار شرحه لكلمة البانديت جواهر لال نهرو: "ومن الضروري جداً سيطرة الهند على سنغافورة والسويس اللذان يشكلان البوابة الرئيسية لها، وإذا ما سيطرت عليها قوة أخرى معادية فإنها تهدد استقلالها.. وكذلك حاجة الهند للبترول تجعلها تهتم بالبلاد العربية أيضاً"، ويختم الخبير السياسي الهندوسي حديثه عن مطامع الهند الإستعمارية قائلاً: "يسود فراغ سياسي هائل في المنطقة بعد مغادرة الإنجليز ويجب سد هذا الفراغ، وبما أن للهند قوة بحرية عظيمة فمن الضروري أن يتحول المحيط الهندي من سنغافورة إلى السويس خليجاً تملكه الهند". (راجع كتاب Foriegn Policy of India للمؤلف الدكتور إس.آر. باتيل ص22) .

والأدهى من ذلك أن بعض قادة الهندوس إعتبر الجزيرة العربية بما حوته من أراضي إسلامية مقدسة إنما هي أراضي هندوسية بحتة، وذكر المفكر والفيلسوف الهندوسي (بي.إن.أوك) في كتابه (أخطاء في تحقيق تاريخ الهند) تحت فصل بعنوان:"تجاهل الأصل الحقيقي للكعبة كمعبد هندوسي" حيث يقول: "هناك كثير من الأدلة تدل على أن الجزيرة العربية خضعت لسلطان الملك الهندوسي (فيكراماديتا) والذي كانت تمتد مملكته في الشرق والغرب"، ثم يقول: "هناك أدلة كثيرة تؤكد أن هذا المعبد الهندوسي (الكعبة) يعود بناؤه إلى عام 58 قبل الميلاد على يد الملك الهندوسي (فيكراماديتا) وهو أحد عظماء الملوك الهندوس في القديم". (راجع كتاب Some Blanders of Indian Historical Research للمؤلف بي.إن. أوك ص231) .

فهذه بعض التصريحات التي تدل على الأطماع الهندوسية في العالم الإسلامي ومقدساته. ولكن للأسف الشديد أن بعض إخواننا من العالم العربي والإسلامي يعتقدون أن هذه التصريحات آنفة الذكر وغيرها ما هي إلا تصريحات لبعض المتطرفين، بينما الحقيقة أن هؤلاء هم واضعوا السياسة الداخلية والخارجية للهند، وهم قادتها ومفكروها، ولعل أكبر دليل على الأطماع الهندية أن صواريخها النووية يصل مداها إلى أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر، في الوقت الذي تبعد فيه أقصى نقطة في باكستان من الحدود الهندية حوالي ألف كيلومتر، وهذا يعني أن الصواريخ النووية لم تُعَدّ لباكستان الجارة، إنما أُعدت للعالم العربي والإسلامي والمقدسات الإسلامية؟! .

قرار الهند بضم الولاية ومكانته :
قرار تقسيم شبه قارة جنوب آسيا الشهير لعام 1947م الذي كان ينص على إنضمام المناطق الإسلامية إلى باكستان والمناطق ذات الأغلبية الهندوسية إلى الهند، كما كان هناك في ذلك الوقت 584 ولاية شبه مستقلة حيث كانت تتمتع بنوع من الحكم الذاتي وكانت حكومة بريطانيا تشرف على الدفاع والعلاقات الخارجية بها، وقد أشارت بريطانيا عشية التقسيم على هذه الولايات أن تنضم إلى الهند أو باكستان وفقاً لرغبة الجماهير في كل ولاية .

وفيما يلي نذكر بعضاً من الشهادات والوقائع التاريخية في ذلك الصدد :

أكدت البعثة الوزارية البريطانية في مذكرتها المؤرخة في 12 مايو 1946م والموجهة إلى حكام الولايات الـ565 الهندية بالالتزام برغبات شعوبها في قرار انضمام ولاياتهم إلى إحدى الدولتين؛ الهند أو باكستان .

وهو الأمر الذي أكد عليه النائب البريطاني في الهند آنذاك اللورد ماونت باتن في كلمته في جلسة أمراء الولايات الهندية Chamber Of Princes في 25 من يوليو عام 1947م التي قال فيها: "إن الأقاليم الواقعة في شبه القارة لها مطلق الحرية في تقرير مصيرها، وإنها قادرة على إعلان الانضمام لأي دولة ترغب في الالتحاق بها، ولكن لا بد من مراعاة ظروفها الاجتماعية والجغرافية ورغبات شعبها، حيث سيعتمد النظر إلى الموقع الجغرافي من حيث البعد والقرب" .

جدير بالذكر أنه وفقاً لهذه المبادئ لإنضمام هذه الولايات إلى إحدى الدولتين قررت بعضها الانضمام إلى الهند بينما قررت بعضها الإنضمام إلى باكستان، غير أن ثلاث ولايات لم تتخذ قراراً بهذا الشأن في 15/8/1947م وهي: (حيدر أباد، جوناغر، وكشمير). فولاية حيدر أباد وولاية جوناغره كانتا ذاتا أغلبية هندوسية ولكن حاكم كلٍ منهما كان مسلماً بينما ولاية جامو وكشمير كانت ذات أغلبية مسلمة، ولكن حاكمها كان هندوسياً .

وكان حاكم جوناغر المسلم يريد أن ينضم إلى باكستان رغم وجود أغلبية هندوسية في الإمارة، وقد أعلن عن قراره بشأن الانضمام، غير أن الهند لم تعترف بذلك القرار لكونه -كما ادعت- مخالفاً لقرار تقسيم شبه القارة ولمبادئ إنضمام الولايات إلى الهند أو إلى باكستان وقامت بإدخال قواتها فيها وضمها إجبارياً .

وهكذا الملك المسلم لولاية (حيدر أباد) ذات الأغلبية الهندوسية قد أعلن عن استقلال الولاية، ولكن الهند لم تعترف بذلك القرار أيضاً لكونه مخالفاً لقرار تقسيم شبه القارة ولمبادئ إنضمام الولايات إلى إحدى الدولتين وقامت بإرسال قواتها فيها وضم الولاية ضماً إجبارياً. (راجع الوثيقة الهندية White Paper on Hyderabad DATED 10TH OF AUGUST 1948 الصادرة من قبل الحكومة الهندية المركزية) .

وقد كانت وضعية كشمير مخالفة تماماً لوضعية الإمارتين السابقتين، حيث إن حاكمها كان هندوسياً ولكن الأغلبية الساحقة للولاية كانت من المسلمين، وقد سبق أن اتخذوا قرار الانضمام إلى باكستان. وكانت الهند قد رفضت انضمام الإمارتين السابقتين إلى باكستان بناءً على رأي الحاكمين بهما، وذلك بمبرر أن رأيهما كان يخالف قرار التقسيم الذي ينص على انضمام هاتين الولايتين الهندوسيتين إلى الهند. ولكن هذا الموقف للحكومة الهندية قد تغير تماماً في موضوع انضمام ولاية جامو وكشمير المسلمة حيث إنها فبركت القصة وزورت وثيقة باسم الملك الهندوسي للولاية وجعلتها مبرراً لإدخال قواتها في الولاية وضمها إجبارياً، وفيما يلي نذكر بعض جوانب المؤامرة الهندية في ذلك الصدد:

كان الحاكم الهندوسي في ولاية جامو وكشمير المسلمة الملك هري سينغ يريد كسب الوقت لإيجاد الأوضاع المناسبة قبل اتخاذ القرار للإنضمام إلى الهند، وذلك لأنه كان يخاف من أن الشعب المسلم للولاية لن يوافق على ذلك. فقام بإعداد استراتيجية خاصة بالتنسيق مع الحكومة الهندية لإتمام عملية الإنضمام، وتماشياً مع تلك الإستراتيجية عرض على كل من باكستان والهند المعاهدة لإبقاء الأوضاع كما كانت عليه وللمحافظة على الدفاع والعلاقات الخارجية والاتصالات والإمدادات، فقبلت باكستان المعاهدة، في حين رفضتها الهند وفقاً لمقتضيات الخطة الاستراتيجية فيما بينهما، ثم في اتباع نفس السياسة المدروسة، وبالتنسيق مع الحكومة الهندية والحكام الهندوس في بعض الولايات قام بحملة إبادة منظمة ضد المسلمين المدنيين في الولاية بصفة عامة، وفي إقليم جامو للولاية بصفة خاصة .

ويمكن معرفة مقدار المجازر التي أُقيمت للمسلمين المدنيين في إقليم جامو وحدها، حيث قامت القوات الهندوسية بقتل أكثر من (300) ألف مسلم كما قامت بإجبار حوالي (500) ألف مسلم آخر على الهجرة إلى باكستان، محولة جامو من مقاطعة ذات أغلبية مسلمة إلى مقاطعة ذات أقلية مسلمة. (راجع كتاب TOW NATIONS & KASHMIR للكاتب البريطاني Lord Birdwood ص51) .

وكان من الطبيعي أن تدفع هذه الأجواء المشحونة أفراد بعض القبائل المسلمة من المناطق الحرة الواقعة على شمال غرب باكستان إلى الدخول في كشمير لمساعدة إخوانهم في العقيدة الذين كانوا يتعرضون للمذابح على أيدي الجنود الهندوس. (راجع المصدر السابق ص122) .

ومن ناحية أخرى كان المسلمون من مناطق بونش ومظفرأباد وميربور في الولاية قد قرروا أن يرفعوا راية الجهاد لتحرير الولاية وتمكنوا من تحرير هذه المناطق. بل كادوا يحصلون على ما هو أكثر من ذلك إذ أوشك المجاهدون على الوصول إلى عاصمة الولاية "سرينجر" وقد أعلنوا عن إقامة حكومة ولاية جامو وكشمير الحرة، وذلك في 24 من أكتوبر عام 1947م، فكانت هذه هي الأوضاع حينما قرر الملك الهندوسي للولاية "هري سينغ" أن يهرب من عاصمة الولاية سرينجر إلى مدينة جامو التي قد تحولت إلى مدينة ذات أغلبية هندوسية بعد المجازر الدامية التي تعرض لها المسلمون هناك وذلك في 26 أكتوبر عام 1947م. كما تزامنت هذه الأوضاع مع تزوير الحكومة الهندية وثيقة باسم الملك الهندوسي للولاية (هري سينغ) وجعلتها مبرراً لإدخال قواتها في الولاية في 27 أكتوبر من عام 1947م .

ومع الأسف الشديد فإن هذه الاتفاقية المزورة قد اتخذها الاستعمار الهندوسي الغاشم وسيلة لإرسال جيشه للسيطرة على الولاية، والتحق هذا الجيش مع جيش الملك الهندوسي في الولاية ليشترك معه في مهمة قتل المسلمين وهتك أعراضهم، كما أعلنت الحكومة الهندية بأن الذين يرغبون في الهجرة إلى باكستان ستقوم الحكومة بمساعدتهم بتسهيل سفرهم إلى باكستان وتزويدهم بالسيارات الحكومية، ولهذا عليهم أن يجتمعوا في مكان واحد، ولكنهم عندما اجتمعوا في المكان المحدد، أطلق عليهم النار فاستشهد حوالى نصف مليون من المسلمين، أما الذين تمكنوا من الوصول إلى باكستان فقد بلغ عددهم حوالى نصف مليون أيضاً، وجدير بالذكر أنه قبل بداية إطلاق النار تم القبض على آلاف من النساء المسلمات الشابات لهتك أعراضهن، وكان ضمن هؤلاء الشابات المسلمات ابنة القائد المؤسس لحركة تحرير كشمير/ شودري غلام عباس .

يتبع ... ( كشمير ونصف قرن ٍ من الصراع ) >>>

الجريوي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-06-2002, 05:26 PM   #2
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الجريوي
 
تم شكره :  شكر 19 فى 18 موضوع
الجريوي is an unknown quantity at this point

 

ثانياً : كشمير ونصف قرن ٍ من الصراع >>>



على مدى أكثر من نصف قرن كانت ولا تزال القضية الكشميرية بؤرة للتوتر الإقليمي في جنوبي آسيا، وقد ازدادت أهمية هذه القضية في السنوات الأخيرة بعد امتلاك باكستان للسلاح النووي، في منطقة تضم تكتلا بشريا تجاوز تعداده خمس سكان العالم .
يجيب التقرير على العديد من الأسئلة مثل: كيف نشأ وتطور الصراع على كشمير ؟ ولماذا فشلت الجهود الدبلوماسية الدولية والإقليمية في احتوائه ؟ وغيرها من الأسئلة .

O الموقع والمساحة :

تحتل كشمير موقعا جغرافيا إستراتيجيا بين وسط وجنوب آسيا حيث تشترك في الحدود مع أربع دول هي الهند وباكستان وأفغانستان والصين. وتبلغ مساحتها الكلية 86023 ميلا مربعا، يقسمها خط وقف إطلاق النار منذ عام 1949، ويعرف منذ اتفاقية شملا الموقع عليها عام 1972 بخط الهدنة. وتبلغ مساحة الجزء الهندي 53665 ميلا مربعا ويسمى جامو وكشمير، في حين تسيطر باكستان بطريقة غير مباشرة على 32358 ميلا مربعا يعرف باسم ولاية كشمير الحرة (آزاد كشمير) ، وهناك مساحة صغيرة خاضعة للصين منذ عام 1962 تسمى أكساي تشين .


O التقسيم الإداري :

كانت كشمير وقت تقسيم شبه القارة الهندية تتكون من خمس مناطق هي وادي كشمير، جامو، لاداخ، بونش، وبلتستان وجلجت. وبعد عام 1947 سيطرت الهند على جامو ومنطقة لاداخ، وبعض الأجزاء من مقاطعتي بونش وميربور ووادي كشمير –أخصب المناطق وأغناها، في حين بسطت باكستان سيطرتها على ما يسمى الآن بكشمير الحرة وهي مناطق بونش الغربية ومظفر آباد وأجزاء من ميربور وبلتستان .
واتخذت الهند من مدينة سرينغار عاصمة صيفية للإقليم ومن مدينة جامو عاصمة شتوية له، في حين أطلقت باكستان على المناطق التي تسيطر عليها آزادي كشمير أي كشمير الحرة وعاصمتها مظفر آباد .

O عدد السكان :

اختلفت المصادر التي تتحدث عن تعداد السكان في كشمير ما بين المصادر الباكستانية والهندية. فطبقا لإحصائية هندية أجريت عام 1981 بلغ عدد سكان الولاية 6 ملايين نسمة تقريبا، شكل المسلمون منهم 64.2% والهندوس 32.25% والسيخ 2.23% والبقية ما بين بوذيين ومسيحيين وأقليات أخرى. وتذكر بعض المصادر أن تعداد السكان قبل السيطرة الهندية كان 4 ملايين نسمة تقريبا، بلغت نسبة المسلمين فيهم 77% والهندوس 20% والسيخ والأقليات الأخرى 3% .
أما المصادر الكشميرية شبه المستقلة فتقدر تعداد الكشميريين في الجانبين الهندي والباكستاني وفي الدول الأخرى بـ13.5 مليون نسمة، بواقع 8.5 ملايين نسمة في جامو وكشمير، و2.5 مليون نسمة في كشمير الحرة، ومليون نسمة في جلجت وبلتستان و1.5 مليون نسمة موزعين في الهند وباكستان ودول الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية. غير أن الحقيقة المتفق عليها هي وجود أغلبية مسلمة في الإقليم .

O التكوين العرقي :

يتكون الشعب الكشميري من أجناس مختلفة أهمها الآريون والمغول والأتراك والأفغان، وينقسمون إلى أعراق متعددة أهمها كوشر ودوغري وباهاري، ويتحدثون عدة لغات أهمها الكشميرية والهندية والأوردو ويستخدمون الحروف العربية في كتابتهم .


O الوضع السياسي للإقليم :

يعتبر إقليم جامو وكشمير من الناحية السياسية منطقة متنازعا عليها بتعريف القانون الدولي، وقد قامت الهند بضم الإقليم لها في 27 أكتوبر/ تشرين الأول 1947 وفرضت عليه حماية مؤقتة بعد أن تعهدت للشعب الكشميري وللأمم المتحدة بمنح الكشميريين حق تقرير المصير .
قد تضمن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 47 الصادر في عام 1948 النص على إعطاء الشعب الكشميري الحق في تقرير المصير عبر استفتاء عام حر ونزيه يتم إجراؤه تحت إشراف الأمم المتحدة، وهو ما لم يتم حتى الآن .

O خلفيات تاريخية :

شهدت كشمير فترات تاريخية متعددة كانت مليئة بالصراعات السياسية والفتن الطائفية خاصة بين البوذيين والبراهمة، وتعددت عوامل اشتعال هذه الصراعات ما بين دينية واجتماعية وسياسية، ثم حل هدوء نسبي من القرن التاسع إلى الثاني عشر الميلادي وازدهرت الثقافة الهندوسية بها ، كما حكمها الإسلام قرابة خمسة قرون من 1320 إلى 1819 على ثلاث فترات هي :
* فترة حكم السلاطين المستقلين (1320 - 1586)
* فترة حكم المغول (1586 - 1753)
* فترة حكم الأفغان (1753 - 1819)
وبدءا من القرن الرابع عشر الميلادي حدثت فيها تغيرات جوهرية، فقد أسلم حاكمها البوذي رينشان وأسلم معه عدد غفير من الكشميريين، وعلى مدى خمسة قرون (1320 - 1819) انتشر الإسلام حتى أصبح أغلب سكان الولاية مسلمين. ونعمت البلاد بنوع من الاستقرار، وأثر مفهوم المساواة في الإسلام في خلق نوع من التعايش بين جميع الأقليات الدينية والعرقية ، وازدهرت خلال هذه القرون العديد من الصناعات والحرف اليدوية كصناعة الغزل والنسيج .

O حكم عائلة الدوغرا الهندوسية (1846 - 1947) :

باع البريطانيون عام 1846 ولاية جامو وكشمير إلى عائلة الدوغرا التي كان يتزعمها غلاب سينغ بمبلغ 7.5 ملايين روبية بموجب اتفاقيتي لاهور وأمرتسار، واستطاع غلاب سينغ الاحتفاظ بسيطرته على الولاية وبقيت عائلته من بعده في الحكم حتى عام 1947 .

O بداية الصراع :

أصدر البرلمان البريطاني في 17 يوليو/ تموز 1947 قانون استقلال الهند الذي أنهى الحكم البريطاني لها، وتم تنفيذ القرار في 15 أغسطس/ آب من العام نفسه .
وأوعزت بريطانيا بعد انسحابها إلى تلك الإمارات التي كانت تحكمها في الهند بأن تنضم إما إلى الهند أو باكستان وفقا لرغبة سكانها مع الأخذ بعين الاعتبار التقسيمات الجغرافية في كل إمارة، وتكونت تبعا لذلك دولتا الهند وباكستان، غير أن ثلاث إمارات لم تتخذ قرارا بهذا الشأن هي حيدر آباد وجوناغاد وكشمير، ثم قرر حاكم إمارة جوناغاد المسلم أن ينضم إلى باكستان رغم وجود أغلبية هندوسية في الإمارة، وأمام معارضة هذه الأغلبية لقرار الحاكم دخلت القوات الهندية وأجرت استفتاء انتهى بانضمامها إلى الهند، وحدث الشيء نفسه في ولاية حيدر آباد حيث أراد حاكمها المسلم أن يظل مستقلا بإمارته ولم تقره الأغلبية الهندوسية في الولاية على هذا الاتجاه فتدخلت القوات الهندية في 13 سبتمبر/ أيلول 1948 مما جعلها ترضخ للانضمام إلى الهند .
أما كشمير فقد كان وضعها مختلفا عن الإمارتين السابقتين، فقد قرر حاكمها الهندوسي هاري سينغ -بعد أن فشل في أن يظل مستقلا- الانضمام إلى الهند متجاهلا رغبة الأغلبية المسلمة بالانضمام إلى باكستان ومتجاهلا القواعد البريطانية السابقة في التقسيم .
وقد قبلت الهند انضمام كشمير إليها في حين رفضت انضمام الإمارتين السابقتين إلى باكستان بناء على رأي الحاكمين بهما، وخاف من رد فعل الأغلبية المسلمة في إمارته فعرض معاهدتين على كل من الهند وباكستان لإبقاء الأوضاع كما كانت عليه وللمحافظة على الاتصالات والإمدادات، فقبلت باكستان بالمعاهدة في حين رفضتها الهند ومن ثم راحت الأمور تتطور سريعا باتجاه الحرب .

O حرب 47 - 1948 :

تطورت الأحداث بعد ذلك سريعاً، فاندلع قتال مسلح بين الكشميريين والقوات الهندية عام 1947 أسفر عن احتلال الهند لثلثي الولاية، ثم تدخلت الأمم المتحدة في النزاع وأصدر مجلس الأمن قرارا في 13/8/1948 ينص على وقف إطلاق النار وإجراء استفتاء لتقرير مصير الإقليم .
وبدأ يسود المجتمع الدولي منذ ذلك الحين اقتناع بأن حل القضية الكشميرية يأتي عن طريق اقتسام الأرض بين الهند وباكستان، فاقترحت الأمم المتحدة أن تنضم الأجزاء التي بها أغلبية مسلمة وتشترك مع باكستان في حدود واحدة (تقدر بحوالي 1000 كم) لباكستان، وأن تنضم الأجزاء الأخرى ذات الغالبية الهندوسية ولها حدود مشتركة مع الهند (300 كم) للسيادة الهندية، لكن هذا القرار ظل حبرا على الورق ولم يجد طريقه للتنفيذ على أرض الواقع حتى الآن .

O حرب 1965 :

عاد التوتر بين الجانبين، وحاول الرئيس الباكستاني دعم المقاتلين الكشميريين لكن الأحداث خرجت عن نطاق السيطرة وتتابعت بصورة درامية لتأخذ شكل قتال مسلح بين الجيشين النظاميين الهندي والباكستاني في سبتمبر/ أيلول 1965 على طول الحدود بينهما في لاهور وسيالكوت وكشمير وراجستان واستمر الصراع العسكري 17 يوما لم يتحقق فيه نصر حاسم لأي من الدولتين، وانتهت الجهود الدولية بعقد معاهدة وقف إطلاق النار بين الجانبين في الثالث والعشرين من الشهر نفسه .

O مؤتمر طشقند 1966 :

كانت الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية على أشدها في منتصف الستينيات وخشيت موسكو من استغلال الاضطرابات الإقليمية في آسيا الوسطى لصالح المعسكر الغربي أو لصالح الصين التي لم تكن على وفاق متكامل معها آنذاك، فحاولت التدخل بقوة في الصراع الدائر بين الهند وباكستان بشأن كشمير ورتبت لمؤتمر مصالحة بينهما عقد في يناير/ كانون الثاني 1966 بطشقند، وبعد مفاوضات مضنية بينهما توصل الطرفان إلى تأجيل بحث ومناقشة قضية كشمير إلى وقت آخر، وبوفاة رئيس الوزراء الهندي شاستري المفاجئة إثر نوبة قلبية انتهى المؤتمر إلى الفشل .

O حرب 1971 :

عاد القتال بين الجارتين ليتجدد مع مطلع السبعينيات إثر اتهامات باكستان للهند بدعم باكستان الشرقية (بنغلاديش) في محاولتها الانفصالية ، وكان الميزان العسكري هذه المرة لصالح الهند الأمر الذي مكنها من تحقيق انتصارات عسكرية على الأرض غيرت من التفكير الإستراتيجي العسكري الباكستاني وأدخل البلدين في دوامة من سباق التسلح كان الإعلان عن امتلاك كل منهما للسلاح النووي أهم محطاته. وأسفر قتال 1971 عن انفصال باكستان الشرقية عن باكستان لتشكل جمهورية بنغلاديش .

O اتفاقية شملا 1972 :

دخل البلدان في مفاوضات سلمية أسفرت عن توقيع اتفاقية أطلق عليها اتفاقية شِملا عام 1972، وتنص على اعتبار خط وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين في 17 ديسمبر/ كانون الأول 1971 هو خط هدنة بين الدولتين . وبموجب هذا الاتفاق احتفظت الهند ببعض الأراضي الباكستانية التي سيطرت عليها بعد حرب 1971 في كارغيل تيثوال وبونش في كشمير الحرة في حين احتفظت باكستان بالأراضي التي سيطرت عليها في منطقة تشامب في كشمير المحتلة .

O أهمية كشمير بالنسبة للهند :

تمثل كشمير أهمية إستراتيجية للهند جعلها شديدة التمسك بها على مدى أكثر من خمسين عاما رغم الأغلبية المسلمة بها ورغم الحروب التي خاضتها واستنزفت من مواردها البشرية والاقتصادية الكثير، وتتلخص هذه الأهمية فيما يلي :
1- تعتبرها الهند عمقا أمنيا إستراتيجيا لها أمام الصين وباكستان .
2- تنظر إليها على أنها امتداد جغرافي وحاجز طبيعي مهم أمام فلسفة الحكم الباكستاني التي تعتبرها قائمة على أسس دينية مما يهدد الأوضاع الداخلية في الهند ذات الأقلية المسلمة الكبيرة العدد .
3- تخشى الهند إذا سمحت لكشمير بالاستقلال على أسس دينية أو عرقية أن تفتح بابا لا تستطيع أن تغلقه أمام الكثير من الولايات الهندية التي تغلب فيها عرقية معينة أو يكثر فيها معتنقو ديانة معينة .

O أهمية كشمير بالنسبة لباكستان :

أما أهمية إقليم كشمير بالنسبة لباكستان التي تعتبرها خطا أحمر لا يمكن تجاوزه أو التفريط فيه ، فيمكن تلخيصها فيما يلي :
1- تعتبرها باكستان منطقة حيوية لأمنها وذلك لوجود طريقين رئيسيين وشبكة للسكة الحديد في سرحد وشمالي شرقي البنجاب تجري بمحاذاة كشمير .
2- ينبع من الأراضي الكشميرية ثلاثة أنهار رئيسية للزراعة في باكستان مما يجعل احتلال الهند لها تهديدا مباشرا للأمن المائي الباكستاني .

O حقوق الإنسان :

تعرضت حقوق الإنسان في كشمير لانتهاكات نتيجة للصراع الهندي الباكستاني، ولم تأخذ هذه المسألة حظها من النقاش المستفيض نتيجة لسياسة التعتيم الإعلامي الذي حرص الجانب الهندي عليه طوال السنوات الماضية، غير أن منظمات حقوق الإنسان المعنية بهذا الأمر استطاعت توثيق بعض الحالات، فعلى سبيل المثال في تقرير مشترك صدر عام 1993 عن مرصد آسيا وأطباء لحقوق الإنسان قدر عدد الضحايا الكشميريين الذي قتلوا منذ عام 1990 بستة آلاف شخص، في حين يؤكد فريق حقوق الإنسان التابع للبرلمان البريطاني أن العدد يتراوح بين 10 و25 ألفا، وبحسب التقديرات الباكستانية فإن العدد يصل إلى 62 ألفا، أما تقديرات بعض الباحثين غير المحسوبين على أي من الهند أو باكستان فتقدر العدد بـ30 ألف قتيل و60 ألف سجين تعرض معظمهم لعاهات مستديمة أثناء تعذيبهم .

O حركات المقاومة الكشميرية :

عانى الكشميريون خلال سنوات حكم عائلة الدوغرا ألوانا من القهر السياسي والاضطهاد الديني والتعسف الاقتصادي، الأمر الذي شجع حركات المقاومة على البروز وكان أهمها وأقدمها حزب اتحاد الشباب المسلم في جامو برئاسة تشودري غلام عباس عام 1922، ومؤتمر مسلمي جامو وكشمير بقيادة الشيخ محمد عبد الله عام 1932 .
وقد تأثرت حركات المقاومة الكشميرية أواخر الثلاثينيات بنظرية حزب المؤتمر الوطني الهندي المعروفة بنظرية "الشعب الواحد" أي أن شبه القارة الهندية شعب واحد رغم تعدد الطوائف والأعراق، في حين يعتبر المسلمون والهندوس في كشمير أنفسهم شعبين مختلفين .
وقد انقسمت الحركة الوطنية في كشمير بسبب هذه النظرية، فالبعض تبنى النظرة العلمانية القومية الهندية وإمكانية التعايش كشعب واحد ومثل هذا التيار الشيخ عبد الله رئيس مؤتمر مسلمي جامو وكشمير الذي غير اسمه إلى المؤتمر الوطني، في حين رفض تشودري غلام عباس زعيم حزب اتحاد الشباب المسلم الفكرة ونشط في دعم مؤتمر مسلمي كشمير ونجح بالفعل في تمرير قرار من المؤتمر في 19يوليو/ تموز 1947 يقضي بانضمام كشمير إلى باكستان .
أما في السنوات الأخيرة وخاصة بعد انتخابات عام 1987 التي قالت عدة فصائل للمقاومة الكشميرية إنها مزورة فقد ظهر عدد من التنظيمات السياسية والعسكرية، فعلى الصعيد السياسي يوجد تنظيم الحركة من أجل حرية كشمير ووريثها الآن هو المؤتمر العام لأحزاب كشمير .
وفي الوقت الراهن يمكن تقسيم المقاومة الكشميرية إلى قسمين رئيسيين : مقاومة من داخل الأراضي الكشميرية ويغلب عليها الطابع السياسي ويمثلها مؤتمر عموم الأحزاب الكشميرية، ويضم أكثر من 13 فصيلا كشميريا يمثلون كافة الاتجاهات السياسية ويطالبون بالاستقلال .
أما القسم الثاني فهو المقاومة التي تنطلق من خارج الحدود الكشميرية وخاصة من باكستان وهي موزعة بين عسكرية وسياسية ودينية وعلمانية وتتوزعها خريطة حزبية معقدة ومتشابكة كتشابك الأعراق والقوميات والمذاهب الفكرية في باكستان .
وبصفة عامة يمكن القول إن معظم الجماعات والمدارس الدينية الباكستانية لها امتداد بشكل أو بآخر داخل كشمير، فالجماعة الإسلامية الباكستانية لها حزب المجاهدين والذي انشق عنه البدر، والسلفيون لهم جماعتا لشكر طيبة وتحريك المجاهدين، والمدارس الدينية التقليدية لهم حركة المجاهدين بزعامة فاروق كشميري التي انشق عنها جيش محمد مؤخرا، وهناك الصوفيون الذين بدؤوا لأول مرة تأسيس حركة انقلابي إسلامي في كشمير .

O جهود التسوية السلمية :

شهدت القضية الكشميرية محاولات للتسوية بالوسائل السلمية بعد أن فشلت المحاولات العسكرية في تحقيق ذلك .
وأبرز هذه المحاولات في بداية الأزمة من الأمم المتحدة التي عرض مجلس الأمن الدولي فيها عبر القرارات التي صدرت عنه في 12أبريل/ نيسان 1948 و13 أغسطس/ آب 1948 و5 يناير/ كانون الثاني 1949 توصيات حاول من خلالها أن يتخذ موقفا سياسيا وسطا للتقريب بين الفرقاء، فعرض خطته للحل والتي اشتملت على ثلاث نقاط :
* انسحاب القوات العسكرية من كشمير .
* إجراء استفتاء شعبي .
* تنصيب حكومة انتقالية في كشمير للإشراف على الوضع .
رفضت الدولتان العديد من بنود خطة المجلس ونظرت كل منهما إلى هذه الخطة على النحو التالي:
1- اعتبرت الهند قضية انضمام كشمير إليها أمرا يخصها هي وحدها والشعب الكشميري فقط دون الحاجة إلى تدخل طرف ثالث، وكانت باكستان تعتبر نفسها على قدم المساواة مع الهند فيما يتعلق بهذا الموضوع .
2- رأت باكستان أن يعهد للأمم المتحدة كل ما يتعلق بتنظيم ومراقبة الاستفتاء الشعبي المقترح إجراؤه في حين رفضت الهند هذا الأمر .
3- رفضت الهند انسحاب جيشها من كشمير في حين وافقت باكستان على ذلك شريطة أن يتم بالتزامن مع الانسحاب الهندي .
4- اختلفت الدولتان على الإدارة التي ستتولى تنظيم شؤون الإقليم أثناء تنظيم الاستفتاء، فقد اقترحت الهند اسم الشيخ عبد الله في حين اعترضت باكستان وشككت في ولائه واقترحت أن تتولى ذلك الأمم المتحدة .
وبسبب هذه الخلافات أصبحت معظم جهود التسوية السلمية سواء داخل أروقة الأمم المتحدة أو عبر الوساطات الدولية غير ذات جدوى تماما كما كان الحال في المفاوضات الثنائية التي جرت بين البلدين في الأعوام 1953 و1955 و1960 و1962 و1962/1963 و1972.. إلخ .
وقد عاد التوتر إلى الأجواء بعد اتهام الهند لبعض الجماعات الكشميرية التي تتخذ من باكستان مقرا لها بالضلوع في الهجوم الذي تعرض له البرلمان الهندي في ديسمبر/ كانون الأول 2001 والذي أدى إلى مقتل 13 شخصا منهم المهاجمون الستة، وطالبت بتفكيك بعض جماعات المقاومة الكشميرية التي تعتبرها الهند إرهابية خاصة جماعتي لشكر طيبة وجيش محمد، ثم تطورت الأحداث وحشدت الدولتان بعض وحداتهما العسكرية على الحدود الأمر الذي خشيت الولايات المتحدة من أن يؤدي إلى انشغال الجيش الباكستاني بتلك الأزمة عن الدور الذي يقوم به ضمن المخطط الأميركي للقضاء على تنظيم القاعدة والقبض على أسامة بن لادن ومراقبته للحدود الأفغانية الباكستانية الطويلة، وهو ما يجعل بعض المراقبين يتوقعون -على الأقل في الوقت الراهن- ألا تنزلق الأحداث بين الجارتين إلى حرب شاملة .

O المصادر :

1- المقاومة الشعبية في كشمير ( الجذور، التطور، الخيارات ) : د. طاهر أمين، معهد الدراسات السياسية، إسلام آباد، باكستان، الطبعة الأولى 1996 .
2- السياسة الهندية في كشمير : د. طاهر أمين، مجلة قضايا دولية، معهد الدراسات السياسية، إسلام آباد، باكستان، العدد 237، السنة الخامسة، 18 يوليو/ تموز 1994، ص 16 و17 .
3- النزاع الهندي الباكستاني حول إقليم كشمير : باهر السعيد، مجلة السياسة الدولية، العدد 107، يناير/ كانون الثاني 1992، ص 203-206 .
4- الموسوعة العسكرية ( الحرب الهندية الباكستانية 1971 ) : المؤسسة العربية للدراسات والنشر، طبعة 1981، المجلد الأول، ص 767 -771 .
5- قضية كشمير ( المبادئ الأساسية والحقائق الثابتة ) : المركز الإعلامي لكشمير المسلمة .

يتبع إن شاء الله : ( كشمير ... هل تدفع باكستان والهند للحرب مجددا ؟ ) >>>

الجريوي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 30-06-2002, 08:06 PM   #3
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية محب المحترمين
 
تم شكره :  شكر 1 فى 1 موضوع
محب المحترمين is an unknown quantity at this point

 

جزاك الله خيراً على حديثك المستفيض عن جرحنا الدامي( كشمير الحبيبة ) .

محب المحترمين غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01-07-2002, 10:05 PM   #4
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الجريوي
 
تم شكره :  شكر 19 فى 18 موضوع
الجريوي is an unknown quantity at this point

 

كشمير ... هل تدفع باكستان والهند للحرب مجدداً ؟ >>>

قليل من الشعوب تشارك بعضها ثقافيا ولغويا وحضاريا وتاريخيا كما هو حال الهند وباكستان وقليل منها يشعر بحدة العداء المتبادل الذي يسود على جانبي الحدود الهندية الباكستانية ! .
فما الجذور التاريخية للصراع الباكستاني الهندي وما أهم ملامحه ؟ وما قضية كشمير وكيف دفعت البلدين لأن يصبحا نوويين ؟ وكيف أثرت أحداث 11 سبتمبر/ أيلول في شبه القارة الهندية ؟ وهل يمكن أن تؤدي تداعيات الهجوم على البرلمان الهندي الشهر الماضي لاندلاع حرب حقيقية بين البلدين .

# جذور الصراع الباكستاني الهندي :

تعود معظم المشكلات العالقة بين الهند وباكستان إلى فجر الاستقلال في صيف عام 1947 حين ظهرت الدولتان من بطن دولة الهند البريطانية ، وهذه مشكلات ناجمة عن تقسيم البلاد على أساس ديني وبصورة متسرعة . وأخذت هذه المشكلات بعدا شائكا بسبب عوامل أخرى برزت في السنوات التالية وأهمها كشمير ثم دور الهند في تقسيم باكستان بالتدخل العسكري لصالح الانفصاليين في بنغلاديش، ومن هذه المشكلات :
× هجرة على نطاق واسع لمسلمي الهند إلى باكستان ولهندوس باكستان إلى الهند وسط المواجهات الطائفية .
× مشكلة كشمير المزمنة .
× حرب " بنغلاديش " عام 1971 التي جزّأت باكستان إلى دولتين فخلقت رغبة الانتقام العارمة في الجيش الباكستاني بسبب تدخل الهند النشط إلى جانب القوميين البنغال الذين حملوا السلاح للانفصال عن باكستان الغربية .

# التأييد المتبادل للعنف الانفصالي الداخلي :

ثم جاء سباق التسلح بين الدولتين أولا في صورة إنتاج الصواريخ ثم التفجير النووي الهندي في مايو/ أيار 1998 الذي أجبر باكستان على أن تقوم هي الأخرى بتفجيرها النووي بعد أيام وذلك لأجل تحقيق " الردع المتبادل " . ومما زاد من حنق الهند أنها فقدت تفوقها العسكري على باكستان نتيجة حماقة التفجير النووي الذي كانت تريد به حسم الموقف نهائيا لصالحها ، ولكن الذي حدث هو أن باكستان هي الأخرى قامت بتفجيراتها النووية في الوقت الذي كانت فيه المخابرات الهندية تؤكد لحكومتها طوال الوقت أن البرنامج النووي الباكستاني بدائي للغاية ... بل واستمرت المخابرات الهندية تسول لنفسها حتى بعد التفجيرات الباكستانية أنها " وهمية " وأنه لم يقع شيء كهذا .

# كشمير صاعق التفجير الباكستاني الهندي :

تعود قضية كشمير إلى الأساس الذي تم به تقسيم شبه القارة الهندية في أغسطس/ آب 1947 بين الهند وباكستان ... فقد كان بداخل الهند البريطانية 580 إمارة لها استقلال ذاتي يحكمها الأمراء والمهراجات وما شابههم من حكام محليين تركهم الإنجليز يحكمون مناطقهم بعد نزع معظم سلطاتهم وتجريد أسلحتهم إلا ما يلزم للمحافظة على الأمن .
وكانت بعض هذه المناطق ذات غالبية هندوسية يحكمها أمراء مسلمون وهناك مناطق ذات أغلبية إسلامية يحكمها أمراء هندوس .
وكان هذا تدبيرا إداريا ممتازا في نظر المستعمر البريطاني لأن هؤلاء الحكام المحليين كانوا يحكمون مناطقهم بيد من حديد إذا كانوا من غير ديانتهم .

# الهند تخالف قانون الاستقلال :

نص قانون استقلال الهند على أن هذه الإمارات حرة في أن تنضم إلى أي من الهند أو باكستان أو أن تبقى مستقلة مع الأخذ في الاعتبار بعض العوامل مثل الوضع الجغرافي ورغبات الشعب .
ولكن الهند تجاهلت هذا المبدأ عند الاستقلال وخصوصا في ما يتعلق بإمارات جوناكره ( غرب الهند ) وحيدر آباد ( جنوب الهند ) وكشمير ( شمال ) .
وكان بالإمارتين الأوليين غالبية هندوسية يحكمها أميران مسلمان، أما في كشمير فكان الوضع على عكس ذلك إذ إن غالبية السكان كانوا مسلمين وحاكمها كان هندوسيا .
وقررت غالبية الإمارات المستقلة ذاتيا - حسب وضعها الجغرافي - أن تنضم إلى الهند أو باكستان بعد ظهورهما .
وقرر حاكم إمارة جوناكره أن ينضم إلى باكستان ولكن الهند على الفور أرسلت قواتها المسلحة لاحتلال الإمارة وقالت تبريرا لذلك إن سكان الإمارة هم من الهندوس بنسبة 81% وبالتالي لا يجوز لحاكمها الانضمام إلى باكستان طبقا لمبادئ التقسيم .
وتذرعت الهند بالحجة نفسها فيما يتعلق بحيدر آباد التي كان يحكمها أمير مسلم فأرسلت قواتها المسلحة لاحتلال الإمارة بالقوة .
ولكن الهند تجاهلت هذه الحجة حين تعلق الأمر بإمارة كشمير .
وحين تردد مهراجا كشمير في إعلان انضمام الإمارة إلى باكستان تمرد المسلمون الكشميريون الذين كانوا يمثلون نسبة 82% من السكان .
وقام جنود الحاكم الهندوسي بارتكاب المذابح في منطقة بونش وميربور في سبتمبر/ أيلول 1947 .
ويقال إنه قتل في هذه الاضطرابات ما لا يقل عن مائة ألف مسلم. وجرت هذه المجازر لإجهاض انتفاضة مسلمي كشمير ضد الحاكم الهندوسي .

# ثورة مسلمي كشمير :

هب رجال قبائل قندهارا المسلمة ( التي تقع في باكستان ) لنصرة إخوانهم المسلمين في كشمير ، وذلك بتحريض من السلطات الباكستانية وبمشاركة جنودها .
ومني جيش المهراجا بهزيمة منكرة وأقيمت " حكومة كشمير الحرة المؤقتة " بمدينة مظفر آباد في 24 أكتوبر/ تشرين الأول 1947 .
وأعلنت الحكومة الجديدة على الفور بدء الحرب لتخليص الولاية من ظلم المهراجا بتأييد من القبليين المسلمين وقدامى الجنود المسلمين الذين كانوا قد سرحوا من الخدمة عقب الحرب العالمية الثانية بمنطقة بونش وميربور . وتقدمت هذه القوات بسرعة نحو عاصمة كشمير الصيفية سرينغار .
وبينما كان المهراجا يقيم حفلا من حفلاته الماجنة ليلة 25 أكتوبر/ تشرين الأول تمكن المجاهدون من احتلال محطة الكهرباء التي كانت تغذي سرينغار، فهرب المهراجا من عاصمته إلى مدينة جامو حيث موطن قبيلته دوغرا وهناك قام بالتوقيع على وثيقة الانضمام إلى الهند لقاء المساعدة الهندية العسكرية العاجلة لدحر الانتفاضة المتمتعة بدعم عسكري باكستاني .
وفي ضوء هذه الخلفية قبل الحاكم العام الإنجليزي للهند اللورد مونتباتن بوثيقة الانضمام هذه - ولكن بصورة مشروطة - يوم 27 أكتوبر/ تشرين الأول 1947 ، وذلك لإدراكه الوضع الخاص بكشمير .
وقال مونتباتن " إن الوضع النهائي لجامو وكشمير سيتقرر باستفتاء شعبي بعد إعادة القانون والنظام إلى الإمارة " .
وأكد جواهر لال نهرو الذي كان رئيس وزراء الهند ببرقيته في 27 أكتوبر/ تشرين الأول 1947 إلى نظيره الباكستاني لياقت علي خان بأنه ستؤخذ رغبات الشعب الكشميري في الحسبان قبل تقرير مصير كشمير .
ولنهرو بيانات متعددة بهذا المعنى في السنوات القليلة اللاحقة .
ورفضت باكستان من جانبها قرار حاكم كشمير الهندوسي بالانضمام إلى الهند .

# مجلس الأمن يتدخل :

وبينما كانت المعارك تجري بين قوات القبائل والقوات الباكستانية من جهة والقوات الهندية من جهة أخرى بادرت الحكومة الهندية برفع قضية كشمير أمام مجلس الأمن بالأمم المتحدة في 1 يناير/ كانون الثاني 1948 وحاولت إقناع الدول الأعضاء بأن ضم كشمير إلى الهند قد جاء استجابة لقرار اتخذه شعب كشمير نفسه .
وقدمت الهند زعيم " المؤتمر القومي " الكشميري ( شيخ محمد عبد الله ) في اجتماعات مجلس الأمن باعتباره الناطق الوحيد باسم شعب كشمير .
وفى 5 يناير/ كانون الثاني 1949 أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا يتضمن وقف إطلاق النار والاتفاق بشأن سحب جيوش البلدين وتوطين اللاجئين وإجراء استفتاء عام محايد بشأن الانضمام إلى الهند أو باكستان .
وتم تنفيذ وقف إطلاق النار بتعيين خط لوقف إطلاق النار بصورة مؤقتة .
ولكن لم يتم تنفيذ قراري مجلس الأمن الخاصين بسحب القوات الهندية والباكستانية وإجراء الاستفتاء .
وفى سبتمبر/ أيلول 1951 أقيمت في كشمير " جمعية تأسيسية " بزعامة شيخ عبدالله يتزعمه .
وتحدت رغبات الناس فصادقت على قرار المهراجا هاري سينغ بالانضمام إلى الهند . ونصب شيخ عبد الله نفسه رئيسا لوزراء دولة جامو وكشمير .
وظل زعماء الهند يرددون حتى عام 1954 تمسكهم بمبدأ إجراء الاستفتاء العام إلا أنه اتضح على مر الزمن أنهم لم يكونوا يعنون ما يقولونه .
وحين تأكدت باكستان من فشلها في حل هذه القضية بالوسائل الدبلوماسية خططت لثورة شعبية مسلحة في كشمير بالتعاون مع الزعيمين (مولانا مسعودي) و(مولوي فاروق)، إلا أنهما وآخرين من زعماء كشمير خذلوا العناصر الموالية لباكستان لدى بدئها الحركة الشعبية في كشمير في أغسطس/ آب 1965 .
ونتيجة لهذا خاض البلدان غمار الحرب الثانية حول كشمير في سبتمبر/ أيلول 1965، إلا أن الحرب لم تؤد إلى نتائج ملموسة .
ثم جرت بين الهند وباكستان حرب 1971 التي تمخض عنها قيام بنغلاديش في باكستان الشرقية .
وتبع ذلك توقيع البلدين على اتفاقية شيملا في يوليو/ تموز 1972 .
واعترفت هذه الاتفاقية بأن "جامو وكشمير" منطقة متنازع عليها"، واتفقت الدولتان على احترام "خط التحكم" القائم على حدود جامو وكشمير إلى أن يتم التوصل إلى "تسوية نهائية" .
وقد تمسك الطرفان بمبادئهما من خلال هذه المعاهدة إلا أنهما اتفقا على تسوية الخلافات بينهما، ومنها مشكلة كشمير، بصورة سلمية ثنائية وبدون تدخل طرف ثالث .
وتعاقبت على سرينغار عدة حكومات كانت دلهي تختار كلا منها بكل عناية ودون أخذ رغبات الشعب الكشميري بعين الاعتبار .
وحاولت دلهي شراء ذمة الشعب الكشميري وممنونيته بتقديم دعم هائل للولاية (كانت قيمة الدعم السنوي حتى عام 1989 تبلغ ثمانية مليارات روبية أى ما كان يعادل آنذاك 516 مليون دولار أميركى)، ولكن الجزء الأكبر من هذا الدعم كان يتسرب إلى جيوب طبقة السياسيين السماسرة والمقاولين التجاريين .

# تزوير الانتخابات يشعل انتفاضة عسكرية :

اندلعت انتفاضة مسلحة في كشمير إثر التزييف المفضوح لانتخابات 1987 واللعب بنتائجها على نطاق واسع مما أفشل آمال "الجبهة الإسلامية المتحدة" التي كانت تتمتع بشعبية واضحة .
وكانت نتيجة ذلك التزوير أن فقد الناس ثقتهم تماما بالهند وبديمقراطيتها، وأدركوا ألا سبيل إلى تغيير الحكومة بالوسائل "الديمقراطية" .
وحين احتجوا على التزوير في الانتخابات جرى اعتقالهم فقرروا في اجتماع داخل سجن سرينغار في أبريل/ نيسان 1987 انتهاج سبيل الكفاح المسلح .
وأصبح كثيرون من هؤلاء زعماء حركات انفصالية مسلحة وعلى رأسهم (سيد صلاح الدين) زعيم حزب المجاهدين ورئيس مجلس الجهاد المتحد .
وأخذت المنظمات تلو المنظمات تظهر في وادي كشمير الذي لا يتجاوز عدد سكانه ثلاثة ملايين ونصف مليون نسمة .

# عودة إلى الحوار :

بعد عدة محاولات لكسر الجليد بين البلدين خلال التسعينيات تغيرت الحكومة في الهند بصورة جذرية فجاء إلى الحكم في أوائل عام 1998 حزب الشعب الهندي (بهارتيا جاناتا) الهندوسي المعروف بتطرفه وتعصبه وموقفه المتشدد إزاء باكستان ، وكان هذا الحزب قد أعلن في برنامجه الانتخابي أنه يفضل تحول الهند إلى قوة نووية . وهكذا جرى التفجير النووي الهندي في مايو/ أيار 1998 وتبعه التفجير النووي المضاد وأخذت العلاقات تتدهور بين البلدين إلى أن جمعت بينهما العزلة والمشكلات الاقتصادية التي يعاني منها البلدان معا مع الضغط الدولي على كليهما لحل المشكلات بينهما لدرء مخاطر حرب نووية تدمرهما معا .
وهكذا توصل رئيسا وزارة البلدين خلال اجتماعهما في نيويورك في 23 سبتمبر/ أيلول 1998 إلى إحياء المباحثات بينهما .
ورضخت الهند لتناول القضية الكشميرية منذ البداية بينما كانت تصر فيما مضى على تناولها في نهاية الأمر بعد حل القضايا الأخرى .
وهكذا عقدت المباحثات على مستوى وكيلي الخارجية بين البلدين في أواخر عام 1998 وأدت إلى عدد من الخطوات كعلامة على الانفراج وعلى رأسها إعادة خط الأوتوبيس بين البلدين وإعادة تشغيل الخط التليفوني الساخن بين رئاستي الوزارة بالبلدين .
وهذه الاتصالات دفعت برئيس وزراء الهند أتال بيهاري فاجبايي إلى أن يقوم بزيارة باكستان على متن أول رحلة للأوتوبيس، الذي سمي بـ"نداء الحدود"، في 20 فبراير/ شباط 1999 وتم التوقيع في اليوم التالي على "إعلان لاهور" بين رئيسي الوزراء فاجباي ونواز شريف واتفق البلدان بمقتضى هذا الإعلان على تسوية كل القضايا العالقة بما فيها كشمير .

# كارغيل تفجر الأوضاع :

ولكن سرعان ما فوجئت الهند بمتسللين يحتلون قمم كارغيل في الجزء الهندي من كشمير في يوليو/ تموز 1999 واعتبرتها الهند - وبحق - طعنة في الظهر ومعارضة صريحة لخط الانفراج والتسوية الذي كان البلدان يسلكانه منذ إعلان لاهور ، فتعطلت كل الخطوات والاتصالات مرة أخرى نظرا لما وصفته الهند بـ"خدعة باكستانية" أوصلت "أوتوبيس لاهور" إلى كارغيل ! .
وحين هدأ غضب الهند من واقعة كارغيل، وبعد شهور طويلة من الرفض القاطع لأي حوار مع باكستان وخصوصا بعد الانقلاب العسكري بها وافقت الهند على قمة آغرا مع الرئيس الباكستاني برويز مشرف من 14-15 يوليو/ تموز 2001 .
وجرت اجتماعات قمة آغرا في جو مشجع للغاية إلا أن الرئيس مشرف أعطى الفرصة لمعارضي أي اتفاق مع باكستان، حين التقى برؤساء الصحف الهندية وقال بصراحة تامة: "لن يكون هناك أي تقدم فى المباحثات ما لم يتم قبول أن كشمير هي القضية الرئيسية بين البلدين" ، فلم يصدر بيان ختامي عن القمة .

# هجمات 11 سبتمبر ومشكلة كشمير :

إثر ظهور أزمة أفغانستان بعد هجمات نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول الماضي وإصرار أميركا على محاربة ما تسميه بالإرهاب "بكل صوره وفى كل مكان في العالم"، حاولت الهند توظيف الأزمة لصالحها لأجل وضع باكستان في قفص الاتهام وذلك بترديد مستمر أن باكستان شريكة مع نظام طالبان في الإرهاب وبالتالي يجب محاربة باكستان أيضا ! .
وزاد حنق الهند حين رأت أن الميل الأميركي الجديد نحو باكستان سيكون على حساب العلاقات الممتازة التي تمكنت الهند من التوصل إليها مع الولايات المتحدة منذ مجيء حكومة فاجبايي قبل ثلاث سنوات وأن هذا التطور الجديد سينعكس على الموقف الأميركي من كشمير .
وقد تعزز هذا الاستنتاج بأنباء تقول إن هناك اتفاقا سريا بين باكستان وأميركا على حل القضية الكشميرية وفق المطالب الباكستانية وأن ذلك سيتبع الانتهاء من الحملة الأميركية على افغانستان ، فأخذت الهند تبذل المحاولات للمشاركة في التحالف الغربي وخرجت عن الأسلوب المعتاد في التلهف للمشاركة والإعلان عن استعدادها لإعطاء أميركا كل التسهيلات العسكرية الممكنة إلا أن واشنطن فضلت باكستان نظرا لعوامل جغرافية ودينية، إذ إن باكستان ملاصقة لأفغانستان من جهة وكونها "مسلمة" يساعد واشنطن على محاربة بلد "مسلم" هي أفغانستان بينما الهند - وخصوصا بسبب علاقاتها الوطيدة مع إسرائيل - أصبحت محل ريبة في نظر كثير من الدول العربية والإسلامية ، إلا أن هذه المحاولات الهندية باءت بالفشل .

# تداعيات الهجوم على البرلمان الهندي تنذر بالحرب :

حين وقع الهجوم على البرلمان الهندي في 13 ديسمبر/ كانون الأول الماضي وجدت الهند الفرصة المناسبة لرفع التوتر والتصعيد العسكري إلى حد مواجهة شاملة مع باكستان بحجة القضاء على القواعد "الإرهابية" في كشمير الباكستانية واستفادت الهند في ذلك من المناخ العالمي الحالي ضد "الإرهاب" ومن سابقة أميركا في مواجهة أفغانستان .
ويبدو أن دلهي قد اتخذت بالفعل قرار دخول الحرب ضد باكستان ، وغالبية أعضاء حزب الشعب الهندي (بهارتيا جاناتا) الهندوسي المتعصب الذي يقود التحالف الحاكم على مستوى الحكومة المركزية حاليا تفضل خيار الحرب في المواجهة الحالية ، وعلى رأس مؤيدي الحرب السيد لال كريشنا أدفاني وزير الداخلية المعروف بتشدده وتعصبه وعدائه الشديد لباكستان ورئيس الوزراء أتال بيهاري فاجبايي ووزير الدفاع جورج فرنانديز الذي يقود حزب "سامتا" الاشتراكي .

# توقعات بحرب محدودة :

وتقول معلومات مؤكدة إن الحكومة الهندية تخطط لحرب (محدودة) تمتد بين ثلاثة أيام إلى نحو أسبوع وهي ستأخذ شكل هجوم بري وجوي على قواعد المسلحين الانفصاليين الكشميريين في "كشمير الحرة" التي تسميها الهند "كشمير المحتلة من قبل باكستان" وذلك لتدميرها وإرسال رسالة واضحة إلى باكستان والعالم بأن الهند لن تقبل بوجود مثل هذه التسهيلات على الأراضي الباكستانية .
وقد تم بحث هذه الأفكار في اللجنة الوزارية للأمن والتي عقدت عدة اجتماعات لها منذ الهجوم المسلح على البرلمان الهندي. ويقول السيناريو الهندي إنها ستكون حربا محدودة في كشمير الباكستانية وستقوم الهند بإيقافها عندما تطلق الأمم المتحدة والولايات المتحدة نداءاتها لوقف إطلاق النار .
وترى الهند أن الأسلحة النووية لن تستخدم في هذه المواجهة إلا أن بإمكان الهند الاستيلاء على بعض الأراضي في كشمير حيث جرى العرف أن يحتفظ أي من الدولتين بأي أرض يستولي عليها في "كشمير" خلال الحروب الثلاث التي جرت بين البلدين .
ولكن الأمر سينفلت من أيدي الهند بعد توجيه الضربة الأولى ولا يمكن التكهن كيف ستتصرف باكستان وهل ستلجأ إلى استخدام القنبلة النووية لو واجهت هزيمة صريحة ؟ وقد أجرى خبراء البنتاغون -وزارة الدفاع الأميركية- ألعابا حربية وهمية خمس مرات لمعرفة كيف ستكون الحرب القادمة بين الهند وباكستان ووصلوا فى كل مرة، حسب نشرة جينز للدفاع، إلى وقوع حرب نووية .

# حملة دبلوماسية هندية :

وتمهيدا للدخول في الحرب الفعلية تقوم الهند حاليا بحملة سياسية دبلوماسية عالمية مشفوعة بخطوات سياسية لإظهار أن باكستان هي الطرف المعتدي وقد اتخذ هذا حتى الآن شكل استدعاء السفير الهندي من باكستان وإيقاف خطي (القطار) و(الأوتوبيس) بين البلدين ووقف رحلات الخطوط الباكستانية إلى الهند ومنعها من التحليق فوق الأجواء الهندية وتخفيض عدد موظفي السفارة الباكستانية بالهند إلى 50% من وضعها الحالي وإلغاء وضع "الدولة المفضلة" التي أعطتها الهند لباكستان من جانب واحد .
وقد قابلت إسلام آباد كل هذه الخطوات بالمثل، وهناك حديث حول خطوات هندية قادمة في الطريق مثل إلغاء معاهدة المياه بين البلدين (المعقودة سنة 1960) وقيام الهند بإغراق أراض باكستانية على الحدود وذلك بفتح المياه من السدود على الأنهار على الجانب الهندي وهذا سيدمر مئات القرى الباكستانية وسيفسد المزروعات القائمة في الحقول على آلاف الهكتارات وهذه الخطوات هي محاكاة للخطوات التي اتخذتها إنديرا غاندي عام 1971 قبل أن تهاجم باكستان الشرقية تمهيدا لإنشاء بنغلاديش. وضمن هذه الخطة سينطلق عدد من كبار الوزراء والشخصيات الهندية في الأيام القليلة القادمة لشرح الموقف الهندي وإقناع الرأي العام العالمي بأحقيته .
ويعود تفضيل السلطات الهندية لخيار الحرب إلى أن الحزب الحاكم يحتوي أصلا على عناصر متشددة تفسر حبها للهند في ضوء كراهيتها لباكستان لدرجة المزايدة، وباكستان بنظرهم تمثل عكس كل ما تمثله الهند ، وهناك عناصر مماثلة في باكستان تفسر حبها لباكستان في ضوء كراهيتها للهند .

# الانتخابات أوتار براديش ترجح خيار الحرب :

ومن الأسباب المباشرة لتفضيل قرار الحرب أن الحزب الحاكم يواجه انتخابات حاسمة في ولاية أوتار براديش وهي كبرى الولايات الهندية وسوف تجرى فيها الانتخابات في منتصف فبراير/ شباط القادم وحزب الشعب الهندي يحكم هذه الولاية في الوقت الحالي على رأس تحالف حزبي مماثل للوضع على مستوى الحكومة المركزية وهذه الانتخابات مصيرية حيث إن الحزب الذي يتحكم في هذه الولاية هو الذي يتحكم في الحكومة المركزية أيضاً ، ولو انهزم الحزب في ولاية أوتار براديش فإن أيامه ستصبح معدودة على مستوى الحكومة المركزية .
يوازي كل ذلك ضغط دولي وخصوصا من أميركا على البلدين بألا يدعا الأمور تنفلت إلى حرب ، وتخاف الولايات المتحدة خاصة من أن المواجهة العسكرية بين البلدين سوف تهدد أمن جنودها وعتادها في باكستان، كما أنها سوف تنال من حملتها الحالية ضد "الإرهاب" في أفغانستان وغيرها من الأماكن والتي ستستمر فيها باكستان شريكا أصيلا إلى جانب أميركا، حيث إن كل الدول والمنظمات المستهدفة هي "إسلامية" وبالتالي تحتاج أميركا إلى غطاء "إسلامي" قوي لتثبت أنها ليست ضد الإسلام والمسلمين .


التعديل الأخير تم بواسطة الجريوي ; 01-07-2002 الساعة 10:25 PM.
الجريوي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01-07-2002, 10:16 PM   #5
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الجريوي
 
تم شكره :  شكر 19 فى 18 موضوع
الجريوي is an unknown quantity at this point

 

حرب أم سلام بين باكستان والهند >>>

مواقف متناقضة وحوادث مستفزة تقع على الحدود بين الهند وباكستان ، و وساطات دولية غير فاعلة بينهما ، وموقف أمريكي ودولي ما زال متباطئاً في بذل مجهود جاد ومؤثر لتخفيف حدة التوتر وإبعاد شبح الحرب الذي يزداد يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة .
ففي الوقت الذي تُظهر فيه تصريحات المسئولين في البلدين قدراً لا يستهان به من التفاؤل نحو التغلب على الأزمة التي نشبت اثر حادث الاعتداء على مبنى البرلمان الهندي ، نجد أن الموقف على الأرض يؤكد في كل لحظة أن الاستعدادات الحربية على الحدود بين البلدين ما زالت تتواصل بشكل لا ينبئ باحتمال التوصل لتسوية سلمية ، تكون مقبولة من كلا الطرفين .
فما زالت الأنباء تتوارد عن قيام الهند بحشود كثيفة على طول الحدود مع باكستان بما في ذلك الخط الفاصل في كشمير ، والتي لم تقتصر على القوات المرابطة في المنطقة الغربية المتاخمة للحدود فحسب ، وإنما طالت القوات المرابطة شرقي البلاد ، ما يعطي الانطباع بأنها لا تتم لمجرد الضغط على باكستان لتقوم فقط باعتقال المسئولين الذين قاموا بتدبير الهجوم على البرلمان الهندي وتسليمهم للسلطات الهنديـة ، وإنما تستهدف- في أغلب الظن - القيام بأعمال عسكرية تحاول الهند من خلالـها تحقيق خطوة عملية وحاسمة باتجاه حل مشكلـة كشمير على النحو الذي تريده وتتمناه .
ومن ناحية أخرى ، فإن الهجوم العسكري الذي شن مؤخرا علي مبني البرلمان الخاص بالقطاع الهندي من كشمير ، من شأنه أن يزيد الموقف اشتعالاً ويحد من التفاؤل الذي بدأ يداعب أحلام المراقبين للأحداث مؤخراً ، كما يستهدف _ وبكل المقاييس _ إحباط المساعي السلمية التي تبذل على الصعيدين الإقليمي والدولي لاحتواء الأزمة المشتعلة ، فضلاً عن إحراج الحكومة الباكستانية التي تسعى جادةً للتخفيف من حدة التوتر ونزع فتيل الأزمة المتصاعدة على الحدود بين البلدين .
وهنا يقف المراقب في حيرة ليتساءل : هل تعتبر هذه المواقف المتناقضة والحوادث الاستفزازية _ إذا صح التعبير _ دلالة قاطعة على حتمية نشوب حرب بين الهند وباكستان ؟ ، وإذا ما قامت هذه الحرب فهل ستكون حرباً شاملة أم محدودة ، وما الأهداف التي تتوخاها الهند بالذات من شن حرب كهذه باعتبار أنها حريصة- على ما يبدو - على استمرار الأزمة الراهنة ، بل وتصر على تصعيدها ؟ ، وما موقف القوى العالمية الفاعلة من هذه الأزمة وهل ستتدخل لنزع فتيلها ؟ ، وأخيراً ما احتمالات استخدام البلدين للأسلحة النووية إذا ما قامت هذه الحرب ؟ .
من المعروف أن ثلاثة حروب طاحنة وقعت بين البلدين منذ استقلالهما عام 1947م ، كانت اثنتان منها بسبب مشكلة كشمير ، وكانت حكومات البلدين المتوالية تواجه دائماً مواقف صعبة في معالجتها ، وبخاصة أنها أصبحت بالنسبة لكليهما قضية قومية ليس من المسموح المساس بها .
وكان الموقف بالنسبة للهند دائماً أكثر تعقيداً ومصدراً للإحراج المتواصل أمام المجتمع الدولي ، حيث صدرت قرارات دوليـة صريحة تعطي الكشميريين حق تقرير المصير ، كما أن اتفاقاً وقعـه البلدان يلزم الهند صراحـة بوجوب تنفيذ هذا الحـق ، ما يدفع المرء للتساؤل عمـا إذا كانت قراءة المسئولين الهنود للأوضاع الدوليـة الراهنة قـد أقنعتهم : بأن استغلال الهجوم الذي وقـع على البرلمان الهندي في شن حرب رابعـة على باكستان من شأنـه أن يخلـص الهند نهائياً من المعانـاة التي تلازمها منذ الاستقلال وحتى اللحظـة الراهنـة ، وعما إذا كانت حسابات الربح والخسارة التي توصلوا إليها تدفعهم لمواصلـة هذا التصعيد المحموم للموقف على النحو الذي نراه الآن .
لنحاول بدايةً استقراء ما توصل إليه البلدان حول تقـويم الموقف ، وعما إذا كان هذا التقـويم يفرض على أي منهما أو كليهما الدخول في هذه الحرب ، ثم نستتبع ذلك بتحليل الأوضاع الدوليـة ، ومعرفة ما إذا كانت القوى العالميـة الفاعلة وبخاصة الولايات المتحـدة والصين وروسيا ودول الاتحـاد الأوروبي يمكن أن تسمح بوقوعها ، أو تعمل جدّياً على إيقافها وممارسـة الضغوط على البلدين لحل نزاعاتهما بالطرق السلمية .

# مبررات الحرب كما تراها الهند :

فور وقوع الهجوم على مبنى البرلمان الهندي ، استنفرت الحكومة الهندية مؤسساتها السياسية والعسكرية والحزبية لمجابهة هذا الموقف الذي اعتبرته سابقة خطيرة في صراعها الدائر مع المنظمات الكشميرية من ناحية ، ومع باكستان التي تلقي عليها المسئولية الكاملة عن هذا الهجوم بدعوى أنها ترعى المنظمتين الكشميريتين اللتين قامتا بتنفيذه من ناحية أخرى ، كما تعتبر الهجوم بمثابة طعنة لكرامة الهند واستهانة بهيبتها، ما يبرر - من وجهة نظرها - استنفار القوات الهندية على النحو الذي نراه الآن .
ويبدو أن المسؤولين الهنود قد استندوا في اتخاذ هذا القرار إلى عدد من المبررات والقناعات من أظهرها :

أولاً : إن الحرب التي أعلنتها أمريكا على الإرهاب أوجدت قدراً كبيراً من الخلط بين المقاومة المشروعة وبين الإرهاب . وتعتبر الهند أن هذا الخلط يمكن أن يجيّر لصالحها في نزاعها المزمن مع باكستان حول قضية كشمير ، وبخاصة أن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي اعتبرت منظمات مشابهة كفصائل لمقاومة الفلسطينية واللبنانية وغيرها منظمات إرهابية يجب تفكيكها وملاحقة عناصرها وتقديمهم للمحاكمة . وهذا ما يفسر مطالبة الهند بأن تقوم باكستان بملاحقة المسئولين عن تنظيمي "لشكر طيبه" و "جيش محمد" واعتقالهم وتسليمهم للسلطات الهندية قبل أن تقدم الأدلة الكافية لباكستان على إدانتهم ، مقتديةً في ذلك بالنهج الذي اتبعته أمريكا في ملاحقة أسامه بن لادن وتنظيم القاعدة الذي يتزعمه وحركة طالبان التي تؤيده .

ثانياً : شعور الهند بأن الميزان العسكري بين الدولتين الذي يقدره الخبراء بنسبة 5:1 يميل لصالح الهند ، ربما يشكل دافعاً قوياً للجوئها إلى الحل العسكري ، وبخاصة أن الظروف الدولية الراهنة تعتبر - في نظرها- مواتية تماماً لشن مثل هذه الحرب .

ثالثاً : التناقض القائم بين الرئيس الباكستاني برفيز مشرف وبين الشارع الباكستاني الناجم عن تعاونه المطلق مع الولايات المتحدة في حربها ضد طالبان وأسامه بن لادن من ناحية ، وبسبب الإجراءات التي اتخذها مؤخراً وما زال يتخذها بحق الجماعات الإسلامية المناهضة لتلك الحرب من ملاحقات واعتقالات لأقطابها وعناصرها ، ربما يكون حافزاً مشجعاً لإقدام الهند على تبني الخيار العسكري لحل مشكلة كشمير والعلاقات الهندية الباكستانية دفعة واحدة .

رابعاً : ملاحقة النظام الباكستاني غير المسبوقة للحركات الإسلامية الباكستانية التي تناصر صراحة المنظمات الكشميرية المسلحة التي تقاوم الوجود الهندي في الجزء الخاضع للهند من كشمير ، ربما يكون من الأهداف التي تسعى الهند لتحقيقها من هذا التصعيد المستمر للأزمة .
فهذه الجماعات مستهدفة أصلاً للقوى العالمية الفاعلة وبخاصة الولايات المتحدة وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي ، وتشكل بالنسبة لها هدفاً غائياً ينبغي العمل على تحقيقـه إن آجلاً أو عاجـلاً ، باعتبار أنها جزء من منابع الإرهاب الدولي الذي لا يتواجد - في نظر تلك الدول - إلاّ في المجتمعات العربية والإسلامية ، بالرغم من تصريحاتها المتكررة بأن الإسلام بعيد تماماً عن الإرهاب .

خامساً : الموقف السياسي لرئيس وزراء الهند إتال بيهاري فاجبايي أمام الائتلاف الحاكم الذي يتزعمه من جانب وأمام المعارضة الهندية من جانب آخر ، يعتبر دافعاً قوياً لمواصلته تصعيد الموقف والدخول في حرب مع باكستان إذا لزم الأمر حتى يتحقق الهدف المعلن من تلك الحشود .
ذلك أن فاجبايي سيصبح مطالبا بتقديم مبررات كافية ومقنعة للحشود الضخمة التي قام باستقدامها من شرق الهند وغربها وتجميعها على الحدود ، إذا ما قرر عدم الدخـول في حرب مع باكستان دون أن تتحقق تلك الأهداف ، وأبرزها القضـاء على ما تعتبره الهند بالنشـاط الإرهابي الذي يجري عبر الحدود الباكستانيـة ضد السلطات الهندية في جامـو وكشمير ، والذي يلاقي دعما واضحاً وصريحا من إسلام أباد .
وهذا أمر وارد ، ذلك أن باكستان أعلنت أكثر من مرة أن من غير الممكن تسليم من تتهمهم الهند بالمسئولية عن تنفيذ الهجوم على البرلمان الهندي إليها دون تقديم أدلة كافية تدينهم .

سادساً : إعلان باكستان عن دعمها السياسي والدبلوماسي والمعنوي المستمر للجماعات الكشميرية التي تعمل على استعادة كشمير من السيطرة الهندية ، والذي يمكن للهند وحتى المجتمع الدولي - في ظل الظروف الراهنة - أن ينظر إليه باعتباره دعماً للإرهاب الدولي الذي تستهدفه الولايات المتحدة من حربها الحالية ، لا بد أن يكون سبباً هاماً دفع بالهند لاتخاذ هذا الموقف المتصلب من الأزمة الراهنة .
فلطالما طالبت الإدارة الأمريكية وكذلك الهند إسلام أباد بتقييد نشاط هذه الجماعات حتى قبل نشوب الأزمة الراهنة ، انطلاقاً من اعتقادهما بأنها تنظيمات إرهابية تتعاون مع أسامه بن لادن وتنظيم القاعدة وحركة طالبان وغيرها من المنظمات الإسلامية التي تصنف بذات الإطار .

سابعاً : إدراك الهند أن الولايات المتحدة تعمل بكل جد على استحواذها لجانبها ، وذلك دعماً لمخططاتها في منطقتي جنوب آسيا ودول آسيا الوسطى التي تستهدف السيطرة على منابع البترول في بحر قزوين ، ودرءاً للمنافسة الخطرة القادمة إليها من الصين وروسيا الاتحادية ، فضلا عن رغبة أمريكا الثابتة في احتواء قدرات باكستان النووية والسيطرة عليها ، وكبح جماح الطموحات الإيرانية التي تطل على منابع النفط في الخليج العربي من التحول إلى قوة نووية إسلامية أخرى يمكن أن تهدد السيطرة الأمريكية الحالية على تلك المنابع .

ثامناً : تيقن الهند من أن التعاون الاستراتيجي القائم بين واشنطن وتل أبيب والذي يخدم في المقام الأول الأهداف الإسرائيلية ، يصب باتجاه تأييد نيودلهي في اتخاذ إجراء عسكري يؤدي للقضاء على المنظمات والجماعات الإسلامية سواء الكشميرية منها أو الباكستانية ، أو الحد من فعاليتها وخطورة نموها وانتشارها من ناحية ، واحتواء قدرات باكستان النووية باعتبارها قدرات إسلامية ينبغي لجمها وتحجيمها والسيطرة عليها من ناحية أخرى _ ربما يعتبر أيضاً من العوامل التي شجعت الهند على اتخاذ هذا الموقف المتشدد . ولا يقلل من هذا اليقين تلك الدعاوى التي يسوقها المحللون السياسيون من أنه ليس من مصلحة الولايات المتحدة إشعال هذه الحرب ، في الوقت الذي تستعين فيه بباكستان في حربها المستمرة ضد جيوب تنظيم القاعدة وحركة طالبان في أفغانستان .

تاسعاً : إدراك الهنـد بأن مشروع التحالـف غير المعلن أو- على الأقل -التعاون القائم حالياً بينها وبين روسيا الاتحاديـة ، يعتبر ورقة فاعلـة باتجاه تأييدها في القيام بعمل عسكري ضـد باكستان التي كانت دوما خارج نطاق النفوذ الروسي ، سواء أكان هذا العمل حرباً شاملة أو عملاً عسكرياً محدوداً .

عاشراً : إدراك الهند أن استخدام الأسلحة النووية في هذه الحرب أو ضرب المواقع النووية في كلا البلدين أمر غير وارد في حساباتهما ، لأن ما تسعى إليه الهند أولاً وأخيراً هو تدمير المنظمات والجماعات الكشميرية التي تنطلق من باكستان باتجاه القطاع الهندي من كشمير ، وإجبار باكستان على تفكيكها والامتناع عن تقديم الدعم المادي واللوجستي والسياسي والدبلوماسي لها ، وصولاً إلى إلغاء ما يسمى بقضية كشمير من ملف العلاقات الهندية الباكستانية إلى الأبد .

كذلك ؛ فإن القوى العالمية الفاعلة بخاصة والمجتمع الدولي بعامة لن تسمح بقيام عمل من هذا القبيل ، كما أن النتائج المدمرة لوقوع حرب نووية في هذه المنطقة لن تقتصر على الهند وباكستان فقط ، وإنما ستشمل بلداناً مجاورة عديدة ، فضلاً عن أنهما لصيقتان بتواجد سياسي واقتصادي وعسكري قوي للولايات المتحدة في البلدان والمناطق المجاورة لهما ، وبخاصة في منطقة الخليج وأفغانستان وباكستان ذاتها .

# الموقف الدولي من الأزمة :

ليس من المبالغة في شيء إذا قلنا أن الموقف الدولي من هذه الأزمة يتصف بذات القدر من الغموض الذي يحيط بموقف حكومة نيو دلهي . فجميع القوى الفاعلة في العالم تطلب من طرفي النزاع الالتزام بضبط النفس ، أما الكيفية التي ينبغي أن تتم بها فأمر متروك لتقدير الطرفين المتصارعين . وكل ما فعلته تلك القوى يتراوح ما بين إطلاق التصريح تلو الآخر نحو ضرورة ضبط النفس مثلما فعلت الصين وروسيا الاتحادية ، وبين الوعد بإرسال مبعوثين لحث الطرفين على تخفيف حدة التوتر بينهما كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية .
أما رئيس وزراء بريطانيا توني بلير ، فقد بادر يوم الجمعة الماضي بزيارة للهند يلتقي خلالها مع فاجبايي والمسئولين الهنود والتباحث معهم حول الشروط التي تراها الهند كافية لنزع فتيل الأزمة الراهنة ، يعقبها بزيارة مشابهة لباكستان يعرض بلير خلالها الشروط التي يطالب بها فاجبايي لإنهاء الأزمة ويتعرف على رأي الحكومة الباكستانية فيها ، ثم يعود بها للندن ليودعها المعامل السياسية البريطانية التي سوف تجير تحليلها لصالح السياسات الأمريكية والغربية في المنطقة ليس إلاّ .
وفي تقديرنا أن بلير سوف يوجه كل جهوده نحو تحقيق هدف واحد وحيد ، وهو تضييق الخناق على الجماعات الكشميرية التي تكافح من أجل التحرير من السيطرة الهندية على بلادها ، باعتبارها - من وجهة نظر بلير وبوش معاً - منظمات إرهابية ينبغي تفكيكها وملاحقة عناصرها والقضاء عليها ، وسوف يحاول أن يقنع رئيس باكستان بأن القضاء على هذه الجماعات هو إسهام جليل في الحملة التي تشنها أمريكا والغرب على الإرهاب الذي بات - في نظره - يهدد الحضارة الإنسانية بالويل والثبور وعظائم الأمور !!! .

يتبع : بين بروتوكولات هندوس وبروتوكولات صهيون >>>


التعديل الأخير تم بواسطة الجريوي ; 01-07-2002 الساعة 10:30 PM.
الجريوي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:49 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. موقع و منتديات سدير 1432 هـ - 1435 هـ

جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه