بنيديكت السادس عشر: بابا بآراء لا تقبل الحلول الوسط
بقلم بيتر جولد
مراسل بي بي سي في الفاتيكان
في أنحاء العالم المختلفة يتساءل مليار كاثوليكي إلى أين سيقود البابا الجديد الكنيسة.
وبالنسبة للذين يؤمنون بالقيم المحافظة للكنيسة، فقد جاء انتخاب يوزيف راتسينجر بمثابة بركة كبيرة للكنيسة.
فهم يعرفون أن بإمكانهم الاعتماد عليه في الوقوف في وجه من يسعون لإدخال تغييرات لا يقبلون بها.
أما من يرون أن الكنيسة بحاجة لإصلاح فسيكونون أقل سعادة، إذ يرون أنه رجل يتبع نهج يوحنا بولس الثاني.
والبابا بنيديكت يعارض بقوة تنظيم النسل، ويؤيد البتولية (العزوف عن الزواج) بالنسبة للكهنة، ويرفض رسامة (اختيار) النساء كقسيسات.
وقد قال إن أي شخص يدعم "الخطايا الكبرى" للإجهاض وما يعرف بالقتل الرحيم ينبغي حرمانه من تناول العشاء الرباني.
من التقدمية للمحافظة
كما تحدث أيضا ضد الجنسية المثلية، ووصف موسيقى الروك يوما ما بأنها "أداة لمناهضة الدين".
في الواقع يندر أن تجد جدلا كاثوليكيا ثار في السنوات الأخيرة دون أن يعرب الكاردينال راتسينجر عن آرائه فيه بقوة.
وربما يبدو من الصعب الآن تصديق أن البابا الحالي كقس شاب كان يعتبر من التقدميين.
ولكن حينما أصبح أستاذا جامعيا خلال اضطرابات الطلبة في الستينات، صار راتسينجر محافظا بشكل متزايد.
وكان البابا السابق، يوحنا بولس الثاني، هو الذي أتى براتسينجر، الذي ينحدر من ولاية بافاريا الألمانية، إلى روما في عام 1981، وأصبح الاثنان صديقين حميمين.
وقد أدار الكاردينال راتسينجر مجمع عقيدة الإيمان بالكنيسة الكاثوليكية.
"حارس الإيمان"
ويقوم مجمع عقيدة الإيمان مقام مجمع محاكم التفتيش السابق، ويعمل على حماية عقيدة الكنيسة الأصلية.
وقد أطلق عليه بسبب هذا المنصب تسميات مثل "القائم بالتنفيذ البابوي" و"حارس الإيمان".
ولديه سمعة بأنه يقوم بخنق أي انشقاق في الرأي، وكانت إحدى حملاته المبكرة ضد "لاهوت التحرير" في أمريكا اللاتينية.
فقد انخرط بعض رجال الدين في مكافحة الفقر عبر العمل الاجتماعي، غير أن راتسينجر اشتم في ذلك رائحة الماركسية.
وكمساعد رئيسي ليوحنا بولس الثاني اكتسب راتسينجر سمعة تبعث على الرهبة، ولكن من يعرفونه يقولون إنه وديع، بل ويميل إلى الخجل.
الشمال والجنوب
ومن بين أولى البوادر التي يمكن منها استشفاف توجهات أي بابا، الاسم الذي يختار أن يسمى به.
لقد كان بإمكان الكاردينال راتسينجر أن يطلق على نفسه يوحنا بولس الثالث، بما قد يفسر على أنه إشارة لنيته مواصلة عمل البابا السابق.
ولكن بدلا من ذلك اختار راتسينجر بنيديكت، الكلمة المشتقة من "بركة" باللاتينية.
وكان آخر بابا يسمى بهذا الاسم قد رأس الكنيسة خلال الحرب العالمية الأولى، ويعزى إليه الفضل في تهدئة العداء بين التقليديين والمحدثين، والسعي للوحدة مع المسيحيين الأرثوذكس.
ويواجه البابا الجديد بنيديكت مجموعة متنوعة من التحديات، ليس أقلها تضاؤل الحضور الكنسي والنقص المزمن في من يتقدمون للسلك الكهنوتي في العديد من بقاع أوروبا.
وأمامه مهمة أخرى تتمثل في مواصلة السعي لعلاقات أفضل مع الإسلام، إذ تتنافس الديانتان على اجتذاب المعتنقين في أجزاء من العالم النامي.
وحينما انتخب البابا يوحنا بولس الثاني، كان التركيز على العلاقات بين الشرق والغرب، وأعزي للبابا البولندي الفضل في الإسهام في سقوط الشيوعية.
ومع بدء بابوية جديدة، فإن الحاجة الملحة الآن تتمثل في التوتر بين الشمال والجنوب، ومن المتوقع أن يتعين على البابا الجديد مواجهة قضايا العولمة وإسقاط الديون.
وهناك بعض الدهشة من أن عضوا بارزا في النظام الإداري للفاتيكان انتخب بابا.
فالكثير من الكرادلة يريدون كنيسة أقل مركزية، وبابا أقل نفوذا يكون مرشدا أكثر منه حاكما.
وربما سيتعين عليهم الآن الانتظار لوقت أطول، فالبابا بنيديكت السادس عشر لا يبدو كرجل سيتردد في استخدام سلطاته.
Bbc 14 / 3 / 1426
22-04-2005, 01:36 PM
العرض العادي
