العودة   منتديات سدير > `·• أفياء أدبية •·´ > ¨° مِحبرةُ كتاباتك °¨

¨° مِحبرةُ كتاباتك °¨ خاص بنتاج الأعضاء من خواطر وقصص ومقالات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-03-2011, 02:54 PM   #1
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

ico5 رحـلـة مـع مـفّكر

رحـلـة مـع مفّكر

هذا موضوع متجدد
وفي كل حلقة سأخذكم في رحلة نستكشف فيها أغوار شخصية أحد المفّكرين العرب ...
آمل أن يحوز نقلي على إعجابكم



( 1 )



عبد الله القصيمي

(1907-9يناير 1996)
مفّكر سعودي
يُعتبر من أكثر المفكرين العرب إثارة للجدل بسبب انقلابه من موقع النصير والمدافع عن السلفية إلى الإحاد ،
وبسبب مؤلفاته المثير للجدل ومن أشهرها العرب ظاهرة صوتية.
وقد قيل أنه في آخر عمره عاد إلى ربه

ولادته

ولد الشيخ والمفكر عبدالله القصيمي في عام 1907م تقريباً في " خب الحلوة"
الواقع إلى الغرب من مدينة بريدة النجدية في المملكة العربية السعودية.
والخبوب: "جمع خب " وتعني تلك القرى القابعة داخل الرمال والمنتشرة حول مدينة بريدة
التي كانت ولا تزال تمثل أهم وأبرز معاقل التعليم الديني المتشدد،
إذ لا يزال العديد من أبنائها من طلبة العلم الشرعي من يرفض إلى وقتنا الحاضر كثيراً من المتغيرات الأجتماعية،
كما أنه يرفض الأخذ بمظاهر الحضارة والتمدن .
جاء مولد عبدالله القصيمي في " خب الحلوة" ليمثل نقطة انعطاف مهمة في تاريخ تلك القرية الغافية لقرون
والتي كانت مجهولة حتى من أبناء المدن المجاورة،
شأنها بذلك شأن العشرات من الخبوب والقرى المحيطة بمدينة بريدة والتي لا تزال مجهولة وغير معروفة إلى اليوم هذا،
لذلك نقل ميلاد القصيمي تلك القرية لتحتل مكانةً بارزة في كثير من الحوارات الفكرية
التي أشعلها القصيمي على امتداد وطننا العربي،
كما أنها حظيت بزيارات عدد من المثقفين والمفكرين الذين وقفوا على أطلالها،
التي قد خرج القصيمي من معطفها،
ووقف تحت ظلال نخيلها الباسقات التي تكاد تغطي تلك القرية.

والد عبدالله القصيمي هو الشيخ علي الصعيدي، الذي قدم من حائل واستوطن خب الحلوة والذي عرف عنه تشدده الديني الصارم،
والذي انتقل إلى الشارقة للاستزادة من العلوم الشرعية وللتجارة،
أما والدة الشيخ عبدالله القصيمي فهي وفقاً لرواية الدكتور فيصل بن عبدالله القصيمي السيدة موضي الرميح ،
التي أنفصل عنها زوجها بعد ميلاد أبنه عبدالله بأربع سنوات تقريباً، ليدعها وطفلها مهاجراً إلى الشارقة،
ولكنها سرعان ما ارتبطت برجل آخر من عائلة " الحصيني " المقيمة في قرية "الشقة " المجاورة لخب الحلوة،
ويذكر الدكتور فيصل القصيمي أن لديه ثلاثة أعمام من أسرة الحصيني، قدموا إلى مدينة الرياض، واستوطنوها،
ولا يوجد منهم أحد اليوم، ولهم أولاد وأحفاد،
ويرتبط الشيخ عبدالله القصيمي بروابط أسرية مع عدد من الأسر النجدية كأسرة المزيني والمسلم والحصيني والجميعة،
وقد ذكر المؤرخ السعودي عبدالرحمن الرويشد أن الشيخ ابن جميعة
الذي يعمل لدى الملك عبدالعزيز هو عم الشيخ عبدالله القصيمي،
وقد أجاب المؤرخ إبراهيم المسلم عند سؤاله عن مدى الصلة والقرابة بين الأسرتين الكريمتين فقال:
تجمعنا قرابة وصلة وخؤولة!
وهذه المعلومات تنشر لأول مرة لأنها معلومات لم يكن القصيمي يفصح بها لكل من التقاه من أدباء وصحافيين وباحثين،
كما يقول بذلك أصدقاؤه من أنه لم يكن يتحدث بشؤون الخاصة إطلاقاً،
كما أن الشيخ علي الصعيدي قد تزوج بامرأة من الشارقة ومن عمان وأنجب أولاداً هناك،
ويذكر الدكتور فيصل القصيمي أنه على اتصال دائم بأبناء عمه في الشارقة ويزورونه بالرياض باستمرار.

أصول أسرة القصيمي : من المسلم به أن القصيمي ينتمي إلى أسرة "الصعيدي" وهي أسرة ضاربة بعمق في نجد ومنتشرة بين منطقتي حائل والقصيم،

ولكن من أين جاءت التسمية بالصعيدي؟

في الوقت الذي يرى فيه الأستاذ عبدالرحمن البطحي "مؤرخ مقيم في عنيزة بالقصيم"
أن أحد أجداد الأسرة كان يعمل بالعقيلات بين مصر ونجد قبل قرون، فنسب إلى المنطقة التي كان يذهب إليها متاجراً،
وهذه عادة منتشرة في العديد من المدن النجدية،
ويؤيده في ذلك الأستاذ الباحث يعقوب الرشيد والمؤرخ إبراهيم المسلم،

أما الشيخ حمد الجاسر فقد بحث المسألة وتوصل إلى نتيجة وهي أن أصول القصيمي من نجد
وأن أحد أجداده قد سافر إلى مصر وعاد مرةً ثانية إلى نجد فعرف بلقب الصعيدي!.

نشأ القصيمي فيما بين " خب الحلوة" و " الشقة" في ظروف سيئة للغاية،
فإضافةً إلى فقده لحنان والديه، فقد كانت الأحوال المعيشية سيئة جداً،
الأمر الذي دعاه أن يغادر قريته إلى الأبد!! وهو في سن العاشرة من عمره،
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن قرار المغادرة قد أتخذه الفتى بنفسه هروباً من تلك الأوضاع الصعبة
يرى الدكتور فيصل القصيمي أن أخوال الشيخ عبدالله هم الذين دفعوه إلى الهجرة بحثاً عن الرزق،
وأصروا على مغادرته أمام إصرار والدته،
وكانت حجتهم أن يبحث عن أبيه ليطعمه ويكسوه بعد أن ضاقت بهم السبل في تلك الظروف المعيشية السيئة!

ركب الفتى عبدالله القصيمي المخاطر مع أول قافلة اتجهت إلى الرياض بعد اتخاذه للقرار الخطير، الذي قاده إلى رحلة طويلة تنقل فيها بين العديد من الأقطار العربية، فما بين مولده في " خب الحلوة" إلى مدفنه في مقابر باب الوزير بالقاهرة
رحلة من البحث الطويل المعيشي بدايةً ثم الفكري، الذي أصبح واحداً من أبرز فاعليه على مستوى الوطن العربي .

في الرياض حيثُ درس القصيمي على الشيخ سعد بن عتيق، تعرف إلى وفد من الشارقة جاء لزيارة الرياض،
وكانت المصادفة أن رئيس الوفد صديق لوالده ويعرفه تمام المعرفة،
فلاحت في أفقه بوادر أمل في لقاء أبيه، وهذا ماتم على ساحل خليج عمان،
إلا أن الدهشة أصابت الفتى الذي كان يتطلع ليس إلى مقابلة والده فحسب،
بل إلى ذلك الحنان الذي حُرم منه عشر سنوات،
كانت المفاجأة أن والده الذي كان يعمل تاجراً في اللؤلؤ ومتشدداً في تفسيره لكثير من تعاليم الدين الإسلامي
قد قابله بشيء من الجفوة والقسوة وفرض عليه أسلوباً في التربية غاية في القسوة.
هذا اللقاء الجاف لا بد وان يكون له تأثيره اللاحق على حياة القصيمي،
يقول القصيمي واصفاً ذلك اللقاء في إحدى رسائله التي بعث بها إلى الأستاذ أحمد السباعي
( كانت صدمة قاسية لأكثر وأبعد من حساب، لقد وجدت والدي متديناً متعصباً بلا حدود،
لقد حوله الدين والتدين إلى فظاظة أو حول هو الدين والتدين إلى فظاظة ..
لقد جاء فظاً بالتفاسير والأسباب التي جاء بها الدين وحاول أن يبدو كذلك
ولا يراه رجل دين وداعية صادقاً إلا بقدر ما يجد فيه من العبوس والفظاظة .. ) .

التحق القصيمي في مدرسة الشيخ علي المحمود،
ثم توفي والده عام 1922م فتحرر من تلك القيود التي كبل بها وانطلق يواصل تعليمه،
فأعجب به التاجر عبدالعزيز الراشد الذي أخذه معه إلى العراق والهند وسوريا،
تعلم القصيمي بدايةً في مدرسة الشيخ أمين الشنقيطي في الزبير،
ويذكر الأستاذ يعقوب الرشيد أنه التحق بالمدرسة الرحمانية بالزبير،
ثم انتقل إلى الهند ومكث بها عامين تعلم في إحدى المدارس هناك اللغة العربية والأحاديث النبوية وأسس الشريعة الإسلامية،
ثم عاد إلى العراق والتحق بالمدرسة الكاظمية ثم انصرف عنها إلى دمشق ثم إلى القاهرة التي شهدت الميلاد الحقيقي للقصيمي.

حياته العلمية والفكرية

التحق بجامعة الأزهر في القاهرة عام 1927م
ولكنه سرعان ما فصل منها بسبب تأليفه لكتاب "البروق النجدية في اكتساح الظلمات الدجوية"
رداً على مقالة عالم الأزهر يوسف الدجوي "التوسل وجهالة الوهابيين" المنشورة في مجلة"نور الإسلام" عام 1931م.

بعدها قام عبد الله القصيمي بتأليف عدة كتب يهاجم فيها علماء الأزهر ويدافع عن السلفية
مثل " شيوخ الأزهر والزيادة في الإسلام"، "الفصل الحاسم بين الوهابيين ومخالفيهم" و"الثورة الوهابية".

بعد هذه المرحلة؛ تغير فكر القصيمي حتى وصل مرحلة وصفه فيها معارضوه بالملحد، و ألف بعض الكتب بعد انقلابه على الفكر السلفي .

في هذه المرحلة، وكنتيجة لكتاباته تعرض القصيمي لمحاولتي اغتيال في مصر ولبنان.
وسجن في مصر بضغط من الحكومة اليمنية بسبب تأثر طلاب البعثة اليمنية في مصر بفكر القصيمي لكثرة لقاءاته بهم.

ردد البعض أن القصيمي قد عاد إلى الإسلام آخر حياته، وعكف على تلاوة القرآن،

وفي مقابلة مع السيدة آمال عثمان المسؤولة الإدارية عن قسم كبار السن في مستشفى فلسطين في مصر الجديدة،
الذي كان يتعالج فيه المفكر القصيمي، وفيه قضى نحبه، قالت:
لقد كان العم عبد الله القصيمي "راجل زي العسل!"
وكان طيباً محترماً يخاطبنا نحن العاملون القائمون على خدمته بلغة راقية شاعرية،
وكان يكثر المزح معنا، ويداعبنا بألفاظه الرقيقة، وكان يقول لي، أنكِ إذا تمشين فإن الأرض تدعو لك!،
وكان يدعو لنا بالتوفيق، ونصحنا كثيراً بأن نعيش بسلام ووئام، وأن نترفع عن الصغائر والضغائن، وقال لنا:
أن الله يراقبنا من فوق، فعلينا أن نطهر قلوبنا من الحقد والحسد، وأضافت السيدة آمال تقول:
دخل الشيخ عبد الله المستشفى في يوم 12/12/1995م ولم يخرج إلا في يوم9/1/1996م يوم أن توفاه الله،
ورداً على سؤال عن الكيفية التي كان المفكر يقضي فيها وقته إذا لم يكن لديه زائرون، قالت:
كان يقضي وقته في قراءة القرآن الكريم، الذي كان بجانبه طيلة إقامته في المستشفى، وأضافت تقول:
أنه في بعض الأحيان يقرأ القرآن الكريم بصوت مرتفع ويرتله ترتيلاً!!
وأضافت أن الدكتورة نادية عبد الوهاب، رئيسة القسم، كانت تجلس إلى أحياناً وتحاوره في كثير من الأمور الفكرية.

أيضا يجب الإشارة لشهادة ولد المفكر القصيمي الدكتور محمد بن عبد الله القصيمي
التي أفادت أن والده قضى أيامه الأخيرة في مستشفى فلسطين يقرأ القرآن الكريم أغلب الوقت .

قيل عنه

قال في حقه الشيخ حسن القاباني" مجلة المقتطف - العدد 10 فبراير 1947م" :

"
معسكر الاصلاح في الشرق، قلبه هو السيد القصيمي نزيل القاهرة اليوم، نجدي في جبته وقبائه، وصمادته وعقاله، إذا اكتحلت به عيناك لأول التماحته،
قلت : زعيم من زعماء العشائر النجدية، تخلف عن عشيرته، لبعض طيته،
حتى إذا جلست إليه فأصغيت إلى حديثه الطيب أصغيت إلى عالم بحر يفهق بعلم ديني واجتماعي، تعرفت إلى العلم النجدي القصيمي،
فجلست إليه مرة ومرة، ثم شاهدته كرة، فناهيك منه داعية إصلاح، أكثر ما يلهج به الشرق وأدواؤه وجهله ودواؤه،
لم أقض العجب حين شهدت القصيمي من عربي في شمائله، ملتف في شملته، يروعك منه عالم في مدرسته،
كاد يحيلني شرقياً بغيرته الشرقية، وقد بنيت مصرياً، حيا الله السيد القصيمي، ما أصدق نظرته إلىالحياة وأبعد مرماه في الهداية.


"وقال أيضاً في مدح القصيمي الشيخ عبدالظاهر أبوالسمح أمام المسجد الحرام وخطيبه ومدير دار الحديث بمكة
قبل أن يتحول عن تدينه وبعد تأليفه كتاب الصراع :

ألا في الله ماخط اليراع
لنصر الدين واحتدم الصراع

صراع لا يماثله صراع
تميد به الأباطح والتلاع

صراع بين إسلام وكفر
يقوم به القصيمي الشجاع

خبير بالبطولة عبقري
له في العلم والبرهان باع

يقول الحق لا يخشى ملاماً
وذلك عنده نعم المتاع

يريك صراعه أسداً هصوراً
له في خصمه أمر مطاع

كأن بيانه سيل أتيّ
تفيض به المسالك والبقاع

لقد أحسنت في رد عليهم
وجئتهم بمالا يستطاع
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 30-03-2011, 04:40 PM   #2
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: رحـلـة مـع مـفّكر

البروق النجدية
في
اكتساح الظلمات الدجوية

في الغلاف الخارجي الأخير لهذا الكتاب
طبعة 1350هـ

كتب المؤلف عبدالله بن علي النجدي القصيمي

نحن في زمان هرم خيره ، شبابه شره، صاح فساده ، قليل منصفه ، كثير متعسفه.
أفلت فيه شمس الهدى ونجمه ، ودجا فيه ظلام الغي وظلمه ، فتقدم متأخره ، وتأخر متقدمه.
تلاعبت بأهله الأهواء ، ومزّقت جماعتهم الآراء.
تسابقوا إلى المنكرات ، وتنافسوا في المخزيات .
ملكت قلوبهم الأنانية وأعمت أبصارهم وبصائرهم الحمية.
ركب كل هواه ، وكافح عما يحبه ويرضاه وإن طرده القرآن وقلاه، وصادمه العقل وأباه.
يفاخر بما يبرز من الضلال ويبدع من الزيغ ،وصار الشجاع العاقل هو المجاهد بالغرائب والمصائب،
والأديب الملهم هو الداعي إلى البدع المضّلة والعجائب الأثيمة.
فعظم الويل ، واشتدّ الكرب واتسع الخرق، واغتلم الداء ، وأعوزّ الدواء .
حتى كأنا في الجاهلية الأولى ،قبل الهداية المحمدية ، والأنوار القرآنية.
بل هم أسوأ حالا ، وأعظم ضلالا" ، وأكثر طغيانا" ، وأقل إحسانا" . إنتهى

أقول يا سبحان الله
هذا الكلام كُتب قبل 81 سنة
فماذا نقول عن وضعنا الحالي
الله يرحمنا برحمته ولا يكلنا لأنفسنا



أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14-04-2011, 09:05 AM   #3
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: رحـلـة مـع مـفّكر

(2)

مصطفى محمود




هو مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ، من الأشراف، ينتهي نسبه إلى عليّ زين العابدين –- ولد عام 1921،

وكان توأما لأخ توفي في نفس العام، مفكر وطبيب وكاتب وأديب مصري من مواليد شبين الكوم -المنوفية مصر 1921)

توفي والده عام 1939 بعد سنوات من الشلل ،درس الطب وتخرج عام1953 و لكنه تفرغ للكتابة و البحث عام 1960

تزوج عام 1961 و انتهى الزواج بالطلاق عام 1973 رزق بولدين "أمل" و "أدهم".
وتزوج ثانية عام 1983 وانتهى هذا الزواج أيضا بالطلاق عام 1987

وقد ألف 89 كتابا منها الكتب العلمية والدينية والفلسفية والاجتماعية والسياسية إضافة الحكايات والمسرحيات وقصص الرحلات،
ويتميز أسلوبه بالجاذبية مع العمق والبساطة .

قدم الدكتور مصطفى محمود 400 حلقة من برنامجه التلفزيوني الشهير (العلم والإيمان)

وأنشأ عام 1979 مسجده في القاهرة المعروف بـ "مسجد مصطفى محمود" ويتبع له ثلاثة ‏مراكز‏ ‏طبية
‏ تهتم بعلاج ذوي الدخل المحدود ويقصدها الكثير من أبناء مصر نظرا لسمعتها الطبية،
‏وشكل‏ ‏قوافل‏ ‏للرحمة‏ ‏من‏ ستة عشر ‏طبيبًا‏،
‏ويضم المركز‏ أربعة ‏مراصد‏ ‏فلكية‏ ، ‏ومتحفا ‏للجيولوجيا‏، يقوم عليه أساتذة متخصصون.
‏ويضم‏ ‏المتحف‏ ‏مجموعة‏ ‏من‏ ‏الصخور‏ ‏الجرانيتية،‏ ‏والفراشات‏ ‏المحنطة‏ ‏بأشكالها‏ ‏المتنوعة‏ ‏وبعض ‏الكائنات‏ ‏البحرية‏.

عاش مصطفى محمود في مدينة طنطا بجوار مسجد "السيد البدوي" الشهير الذي يعد أحد مزارات الصوفية الشهيرة في مصر؛
مما ترك أثره الواضح على أفكاره وتوجهاته.

بدأ حياته متفوقًا في الدراسة، حتى ضربه مدرس اللغة العربية؛
فغضب وانقطع عن الدراسة مدة ثلاث سنوات إلى أن انتقل هذا المدرس إلى مدرسة أخرى
فعاد مصطفى محمود لمتابعة الدراسة.

وفي منزل والده أنشأ معملاً صغيرًا يصنع فيه الصابون والمبيدات الحشرية ليقتل بها الحشرات، ثم يقوم بتشريحها،

وحين التحق بكلية الطب اشتُهر بـ"المشرحجي"، نظرًا لوقوفه طول اليوم أمام أجساد الموتى،
طارحًا التساؤلات حول سر الحياة والموت وما بعدهما.

يتزايد التيار المادي في الستينات وتظهر الفلسفة الوجودية،
لم يكن (مصطفى محمود) بعيدا عن ذلك التيار الذي أحاطه بقوة، يقول عن ذلك:
"احتاج الأمر إلى ثلاثين سنة من الغرق في الكتب، وآلاف الليالي من الخلوة والتأمل مع النفس،
وتقليب الفكر على كل وجه لأقطع الطرق الشائكة، من الله والإنسان إلى لغز الحياة والموت،
إلى ما أكتب اليوم على درب اليقين" ثلاثون عاما من المعاناة والشك والنفي والإثبات،
ثلاثون عاما من البحث عن الله!،
قرأ وقتها عن البوذية والبراهمية والزرادشيتة ومارس تصوف الهندوس القائم عن وحدة الوجود حيث الخالق هو المخلوق
والرب هو الكون في حد ذاته وهو الطاقة الباطنة في جميع المخلوقات, تلك النظرية التي تركت ظلالا على التصوف الإسلامي,

الثابت أنه في فترة شكه لم يلحد فهو لم ينفِ وجود الله بشكل مطلق؛
ولكنه كان عاجزا عن إدراكه، كان عاجزا عن التعرف على التصور الصحيح لله, هل هو الأقانيم الثلاثة أم يهوه أو ( كالي) أم أم أم.... !

لاشك أن هذه التجربة صهرته بقوة وصنعت منه مفكرا دينيا خلاقا, لم يكن (مصطفى محمود) هو أول من دخل في هذه التجربة,
فعلها الجاحظ قبل ذلك, فعلها حجة الإسلام أبو حامد الغزالي,
فعلها ديكارت تلك المحنة الروحية التي يمر بها كل مفكر باحث عن الحقيقة,

ان كان الغزالي ظل في محنته 6 أشهر فان مصطفى محمود قضى ثلاثين عاما !
ثلاثون عاما أنهاها بأروع كتبه وأعمقها (حوار مع صديقي الملحد),
(رحلتي من الشك إلى الإيمان),
(التوراة),
(لغز الموت),
(لغز الحياة),
وغيرها من الكتب شديدة العمق في هذه المنطقة الشائكة..
المراهنة الكبرى التي خاضها لا تزال تلقى بآثارها عليه حتى الآن كما سنرى لاحقا.

ومثلما كان الغزالي كان مصطفى محمود؛
الغزالي حكى عن الإلهام الباطنى الذي أنقذه بينما صاحبنا اعتمد على الفطرة، حيث الله فطرة في كل بشري وبديهة لا تنكر,
يقترب في تلك النظرية كثيرا من نظرية (الوعي الكوني) للعقاد.

اشترى قطعة أرض من عائد أول كتبه (المستحيل)، وأنشأ به جامع مصطفى محمود
به 3 مراكز طبية ومستشفى وأربع مراصد فلكية وصخورا جرانيتية!.

نصل إلى الأزمة الشهيرة..
أزمة كتاب الشفاعة,
عندما قال إن الشفاعة الحقيقية غير التي يروج لها علماء الحديث..
وقتها هوجم الرجل بألسنة حداد وصدر 14 كتابا للرد عليه على رأسها كتاب الدكتور محمد فؤاد شاكر أستاذ الشريعة الإسلامية..
كان ردا قاسيا للغاية دون أي مبرر.. واتهموه بأنه مجرد طبيب لا علاقة له بالعلم!

وكانت محنة شديدة أدت به إلى أن يعتزل الكتابة إلا قليلا وينقطع عن الناس
حتى أصابته جلطة مخيه عام 2003 ويعيش منعزلا وحيدا.

وقد برع الدكتور مصطفى محمود في فنون عديدة منها الفكر والأدب، والفلسفة والتصوف،
وأحيانا ما تثير أفكاره ومقالاته جدلا واسعا عبر الصحف ووسائل الإعلام.

قال عنه الشاعر الراحل "كامل الشناوي":
”إذا كان مصطفى محمود قد ألحد فهو يلحد على سجادة الصلاة،
كان يتصور أن العلم يمكن أن يجيب على كل شيء،
وعندما خاب ظنه مع العلم أخذ يبحث في الأديان بدء بالديانات السماوية وانتهاء بالأديان الأرضية
ولم يجد في النهاية سوى القرآن الكريم“.

أهم كتبه :

الإسلام في خندق(أخبار اليوم)
زيارة للجنة و النار (أخبار اليوم)
عظماء الدنيا و عظماء الآخرة(أخبار اليوم)
علم نفس قرآني جديد(أخبار اليوم)
الإسلام السياسي و المعركة القادمة(أخبار اليوم)
المؤامرة الكبرى(أخبار اليوم)
عالم الأسرار(أخبار اليوم)
على حافة الانتحار(أخبار اليوم)
الله و الإنسان(دار المعارف)
أكل العيش(دار المعارف) قصص
عنبر 7(دار المعارف) قصص
شلة الأنس(دار المعارف) قصص
رائحة الدم(دار المعارف) قصص
إبليس(دار المعارف)
لغز الموت(دار المعارف)
لغز الحياة(دار المعارف)
الأحلام(دار المعارف)
أينشتين و النسبية(دار المعارف)
في الحب و الحياة(دار المعارف)
يوميات نص الليل(دار المعارف)
المستحيل (دار المعارف)قصة
الأفيون..(سيناريو)(دار المعارف)
العنكبوت(دار المعارف)
الخروج من التابوت(دار المعارف)
رجل تحت الصفر (دار المعارف)قصة
الإسكندر الأكبر(دار المعارف)
الزلزال(دار المعارف)
الإنسان و الظل(دار المعارف)
غوما(دار المعارف)
الشيطان يسكن في بيتنا(دار المعارف)
الغابة(دار المعارف)
مغامرات في الصحراء (دار المعارف)
المدينة (أو حكاية مسافر)(دار المعارف)
اعترفوا لي(دار المعارف)
55 مشكلة حب(دار المعارف)
اعترافات عشاق(دار المعارف)
القرآن محاولة لفهم عصري(دار المعارف)
رحلتي من الشك إلى الإيمان(دار المعارف)
الطريق إلى الكعبة(دار المعارف)
الله(دار المعارف)
التوراة(دار المعارف)
الشيطان يحكم(دار المعارف)
رأيت الله(دار المعارف)
الروح و الجسد(دار المعارف)
حوار مع صديقي الملحد (دار المعارف)
محمد(دار المعارف)
السر الأعظم(دار المعارف)
الطوفان(دار المعارف)
الأفيون..(رواية)(دار المعارف)
الوجود و العدم(دار المعارف)
من أسرار القرآن(دار المعارف)
لماذا رفضت الماركسية (دار المعارف)
نقطة الغليان(دار المعارف)
عصر القرود(دار المعارف)
القرآن كائن حي(دار المعارف)
أكذوبة اليسار الإسلامي (دار المعارف)
نار تحت الرماد(دار المعارف)
أناشيد الإثم و البراءة(دار المعارف)
جهنم الصغرى(دار المعارف)
من أمريكا إلى الشاطئ الآخر(دار المعارف)
أيها السادة اخلعوا الأقنعة(دار المعارف)
الإسلام..ما هو؟(دار المعارف)
هل هو عصر الجنون؟ (دار المعارف).
و بدأ العد التنازلي(دار المعارف).
حقيقة البهائية(دار المعارف).
السؤال الحائر(دار المعارف).
سقوط اليسار(دار المعارف).
قراءة للمستقبل(أخبار اليوم).
ألعاب السيرك السياسي (أخبار اليوم).
على خط النار(دار المعارف).
كلمة السر(أخبار اليوم).
الشفاعة(أخبار اليوم).
الطريق إلى جهنم (أخبار اليوم).
الذين ضحكوا حتى البكاء (أخبار اليوم).
حياتي و فكري .. آرائي و مواقفي(دار المعارف).
المسيخ الدجال(دار المعارف).
سواح في دنيا الله (أخبار اليوم).
إسرائيل البداية والنهاية(أخبار اليوم).
ماذا وراء بوابة الموت (أخبار اليوم).
الغد المشتعل(أخبار اليوم).

و سأعرض لكم في هذا الموضوع مقتطفات من كتابات هذا المفكر الرائع ....


يتبع

أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15-04-2011, 03:24 PM   #4
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: رحـلـة مـع مـفّكر

كتاب : (( حوار مع صديقي الملحد ))



مقدمة

لأن الله غيب .. ولأن المستقبل غيب .. ولأن الآخرة غيب .. ولأن من يذهب إلى القبر لا يعود .. راجت بضاعة الإلحاد .. وسادت الأفكار المادية .. وعبد الناس أنفسهم واستسلموا لشهواتهم وانكبوا على الدنيا يتقاتلون على منافعها .. وظن أكثرهم أن ليس وراء الدنيا شيء وليس بعد الحياة شيء .. وتقاتلت الدول الكبرى على ذهب الأرض وخيراتها .. وأصبح للكفر نظريات وللمادية فلسفات وللإنكار محاريب وسدنة وللمنكرين كعبة يتعلقون بأهدابها ويحجون إليها في حلهم وترحالهم .. كعبة مهيبة يسمونها "العلم"..

وحينما ظهر أمر "الجينوم البشري" ذلك الكتيب الصغير من خمسة ملايين صفحة في خلايا كل منا والمدون في حيز خلوي ميكروسكوبي في ثلاثة مليارات من الحروف الكيميائية عن قدر كل منا ومواطن قوته ومواطن ضعفه وصحته وأمراضه .. أفاق العالم كله كأنما بصدمة كهرباية .. كيف ؟ .. ومتى ؟ .. وبأي قلم غير مرئي كتب هذا "السفر" الدقيق عن مستقبل لم يأت بعد .. ومن الذي كتب كل تلك المعلومات .. وبأي وسيلة .. ومن الذي يستطيع أن يدون مثل تلك المدونات .

ورأينا كلينتون رئيس أكبر دولة في العالم يطالعنا في التلفزيون ليقول في نبرات خاشعة : أخيراً أمكن جمع المعلومات الكاملة عن الجينوم البشري وأوشك العلماء أن يفضوا الشفرة التي كتب الله بها أقدارنا..
هكذا ذكر " الله " بالاسم في بيانه..
نعم.. كانت صحوة مؤقتة .. أعقبها جدل .. وضجيج .. وعجيج .. وتكلم الكثير .. باسم الدين .. وباسم العلم .. واختلفوا ..
وعادت الأسئلة القديمة عن حرية الإنسان .. وهل هو مسيَّر أم مخيَّر ..
وإذا كان الله قدّر علينا أفعالنا فلماذا يحاسبنا ؟!
ولماذا خلق الله الشر ..
وما ذنب الذي لم يصله قرآن..
وما موقف الدين من التطور.. ولماذا نقول باستحالة أن يكون القرآن مؤلفا ..

وعاد ذلك الحوار القديم مع صديقي الملحد ليتردد .. وعادت موضوعاته .. عن الجبر والاختيار .. والبعث .. والمصير .. والحساب .. لتصبح مواضيع الساعة ..

وتعود هذه الطبعة الجديدة في وقتها وميعادها .. لتشارك في حل هذا اللغز .. ولتعود لتثير الموضوع من منطلق العلم الثابت والإشارات القرآنية .. واليقين الإلهي الذي لا يتزلزل .
جاء كتابنا مرة أخرى .. في ميعاده ..
ومرحبا مرة أخرى بالحوار الهادئ البناء .


مصطفى محمود
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15-04-2011, 10:47 PM   #5
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: رحـلـة مـع مـفّكر

لم يلـد ولم يولـد

(1)

صديقي رجل يحب الجدل ويهوى الكلام.. وهو يعتقد أننا – نحن المؤمنين السذج – نقتات بالأوهام ونضحك على أنفسنا بالجنة والحور العين وتفوتنا لذات الدنيا ومفاتنها .. وصديقي بهذه المناسبة تخرج في فرنسا وحصل على دكتوراه .. وعاش مع الهيبز وأصبح ينكر كل شيء.

قال لي ساخراً:
أنتم تقولون : إن الله موجود .. وعمدة براهينكم هو قانون "السببية" الذي ينص على أن لكل صنعة صانعاً.. ولكل خلق خالقاً .. ولكل وجود موجدا .. النسيج يدل على النسّاج .. والرسم يدل على الرسّام .. والنقش يدل على النقّاش .. والكون بهذا المنطق أبلغ دليل على الإله القدير الذي خلقه ..
صدّقنا وآمنّا بهذا الخالق .. ألا يحق لنا بنفس المنطق أن نسأل .. ومن خلق الخالق .. من خلق الله الذي تحدثوننا عنه .. ألا تقودنا نفس استدلالاتكم إلى هذا .. وتبعاً لنفس قانون السببية .. ما رأيكم في هذا المطب دام فضلكم ؟

ونحن نقول له : سؤالك فاسد .. ولا مطب ولا حاجة فأنت تسلّم بأن الله خالق ثم تقول مَن خلقه ؟! فتجعل منه خالقاً ومخلوقا ًفي نفس الجملة وهذا تناقض..
والوجه الآخر لفساد السؤال أنك تتصور خضوع الخالق لقوانين مخلوقاته .. فالسببية قانوننا نحن أبناء الزمان والمكان .
والله الذي خلق الزمان والمكان هو بالضرورة فوق الزمان والمكان ولا يصح لنا أن نتصوره مقيداً بالزمان والمكان .. ولا بقوانين الزمان والمكان .
والله هو الذي خلق قانون السببية .. فلا يجوز أن نتصوره خاضعاً لقانون السببية الذي خلقه .
وأنت بهذه السفسطة أشبه بالعرائس التي تتحرك بزمبلك .. وتتصور أن الإنسان الذي صنعها لا بد هو الآخر يتحرك بزمبلك .. فإذا قلنا لها بل هو يتحرك من تلقاء نفسه .. قالت : مستحيل أن يتحرك شيء من تلقاء نفسه .. إني أرى في عالمي كل شيء يتحرك بزمبلك .
وأنت بالمثل لا تتصور أن الله موجود بذاته بدون موجد .. لمجرد أنك ترى كل شيء حولك في حاجة إلى موجد .
وأنت كمن يظن أن الله محتاج إلى براشوت لينزل على البشر ومحتاج إلى أتوبيس سريع ليصل إلى أنبيائه.. سبحانه وتعالى عن هذه الأوصاف علوّاً كبيراً ..

"وعمانويل كانت" الفيلسوف الألماني في كتابه "نقد العقل الخالص" أدرك أن العقل لا يستطيع أن يحيط بكنه الأشياء وأنه مُهيّأ بطبيعته لإدراك الجزئيات والظواهر فقط .. في حين أنه عاجز عن إدراك الماهيات المجردة مثل الوجود الإلهي .. وإنما عرفنا الله بالضمير وليس بالعقل .. شوقنا إلى العدل كان دليلنا على وجود العادل .. كما أن ظمأنا إلى الماء هو دليلنا على وجود الماء ..

أما أرسطو فقد استطرد في تسلسل الأسباب قائلاً : إن الكرسي من الخشب والخشب من الشجرة .. والشجرة من البذرة .. والبذرة من الزارع .. واضطر إلى القول بأن هذا الاستطراد المتسلسل في الزمن اللانهائي لابد أن ينتهي بنا في البدء الأول إلى سبب في غير حاجة إلى سبب .. سبب أول أو محرك أول في غير حاجة إلى من يحركه .. خالق في غير حاجة إلى خالق .. وهو نفس ما نقوله عن الله ..

أما ابن عربي فكان رده على هذا السؤال "سؤال مَنْ خلق الخالق".. بأنه سؤال لا يرد إلا على عقل فاسد.. فالله هو الذي يبرهن على الوجود ولا يصح أن نتخذ من الوجود برهاناً على الله.. تماماً كما نقول إن النور يبرهن على النهار .. ونعكس الآية لو قلنا إن النهار يبرهن على النور ..

يقول الله في حديث قدسي :
( أنا يُستدل بي .. أنا لا يُستدل عليّ ) ..
فالله هو الدليل الذي لا يحتاج إلى دليل .. لأنه الله الحق الواضح بذاته .. وهو الحجة على كل شيء .. الله ظاهر في النظام والدقة والجمال والإحكام .. في ورقة الشجر .. في ريشة الطاووس .. في جناح الفراش .. في عطر الورد .. في صدح البلبل .. في ترابط النجوم والكواكب.. في هذا القصيد السيمفوني الذي اسمه الكون ..
لو قلنا إن كل هذا جاء مصادفة .. لكنا كمن يتصور أن إلقاء حروف مطبعة في الهواء يمكن أن يؤدي إلى تجمعها تلقائياً على شكل قصيدة شعر لشكسبير بدون شاعر وبدون مؤلف.

والقرآن يغنينا عن هذه المجادلات بكلمات قليلة وبليغة فيقول بوضوح قاطع ودون تفلسف:
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفواً أحد****** سورة الإخلاص:1

ويسألنا صاحبنا ساخراً : ولماذا تقولون إن الله واحد ..؟ لماذا لا يكون الآلهة متعددين ..؟ يتوزعون بينهم الاختصاصات ؟

وسوف نرد عليه بالمنطق الذي يعترف به .. بالعلم وليس بالقرآن ..
سوف نقول له إن الخالق واحد ، لأن الكون كله مبني من خامة واحدة وبخطة واحدة .. فمن الأيدروجين تألفت العناصر الاثنان والتسعون التي في جدول "مندليف" بنفس الطريقة .. "بالادماج" وإطلاق الطاقة الذرية التي تتأجج بها النجوم وتشتعل الشموس في فضاء الكون .
كما أن الحياة كلها بنيت من مركبات الكربون "جميع صنوف الحياة تتفحم بالاحتراق" وعلى مقتضى خطة تشريحية واحدة .. تشريح الضفدعة ، والأرنب ، والحمامة ، والتمساح ، والزرافة ، والحوت ، يكشف عن خطة تشريحية واحدة ، نفس الشرايين والأوردة وغرفات القلب ، ونفس العظام ، كل عظمة لها نظيرتها .. الجناح في الحمامة هو الذراع في الضفدعة .. نفس العظام مع تحور طفيف ..والعنق في الزرافة على طوله نجد فيه نفس الفقرات السبع التي تجدها في عنق القنفذ .. والجهاز العصبي هو هو في الجميع ، يتألف من مخ وحبل شوكي وأعصاب حس وأعصاب حركة .. والجهاز الهضمي من معدة واثني عشر ، وأمعاء دقيقة وأمعاء غليظة والجهاز التناسلي نفس المبيض والرحم والخصية وقنواتها .. والجهاز البولي الكلية والحالب ، وحويصلة البول .. ثم الوحدة التشريحية في الجميع هي الخلية .. وهي في النبات كما في الحيوان كما في الإنسان، بنفس المواصفات، تتنفس وتتكاثر وتموت وتولد بنفس الطريقة ..
فأية غرابة بعد هذا أن نقول إن الخالق واحد ؟ .. ألا تدل على ذلك وحدة الأساليب .
ولماذا يتعدد الكامل ..؟ وهل به نقص ليحتاج إلى من يكمله ؟ .. إنما يتعدد الناقصون .
ولو تعدد الآلهة لاختلفوا ، ولذهب كل إله بما خلق ، ولفسدت السماوات والأرض , والله له الكبرياء والجبروت وهذه صفات لا تحتمل الشركة ..

ويسخر صاحبنا من معنى الربوبية كما نفهمه .. ويقول أليس عجيباً ذلك الرب الذي يتدخل في كل صغيرة وكبيرة ، فيأخذ بناصية الدابة ، ويوحي إلى النحل أن تتخذ من الجبال بيوتاً ، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ، وما تخرج من ثمرات من أكمامها إلاّ أحصاها عدداً ، وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه .. وإذا عثرت قدم في حفرة فهو الذي أعثرها.. وإذا سقطت ذبابة في طعام فهو الذي أسقطها .. وإذا تعطلت الحرارة في تليفون فهو الذي عطلها .. وإذا امتنع المطر فهو الذي منعه ، وإذا هطل فهو الذي أهطله .. ألا تشغلون إلهكم بالكثير التافه من الأمور بهذا الفهم ..

ولا أفهم أيكون الرب في نظر السائل أجدر بالربوبية لو أنه أعفى نفسه من هذه المسئوليات وأخذ إجازة وأدار ظهره للكون الذي خلقه وتركه يأكل بعضه بعضاً !
هل الرب الجدير في نظره هو رب عاطل مغمى عليه لا يسمع ولا يرى ولا يستجيب ولا يعتني بمخلوقاته ؟ .. ثم من أين للسائل بالعلم بأن موضوعاً ما تافه لا يستحق تدخل الإله، وموضوعاً آخر مهماً وخطير الشأن ؟
إن الذبابة التي تبدو تافهة في نظر السائل لا يهم في نظره أن تسقط في الطعام أو لا تسقط، هذه الذبابة يمكن أن تغيّر التاريخ بسقوطها التافه ذلك .. فإنها يمكن أن تنقل الكوليرا إلى جيش وتكسب معركة لطرف آخر، تتغير بعدها موازين التاريخ كله.
ألم تقتل الإسكندر الأكبر بعوضة ؟
إن أتفه المقدمات ممكن أن تؤدي إلى أخطر النتائج .. وأخطر المقدمات ممكن أن تنتهي إلى لا شيء .. وعالم الغيب وحده هو الذي يعلم قيمة كل شيء .
وهل تصور السائل نفسه وصيّاً على الله يحدد له اختصاصاته .. تقدّس وتنزّه ربنا عن هذا التصور الساذج .
إنما الإله الجدير بالألوهية هنا هو الإله الذي أحاط بكل شيء علماً .. لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء .
الإله السميع المجيب ، المعتني بمخلوقاته .
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19-04-2011, 04:28 PM   #6
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: رحـلـة مـع مـفّكر


2

إذا كان الله قدَّر عليّ أفعالي فلماذا يحاسبني؟

قال صديقي في شماتة وقد تصوّر أنه أمسكني من عنقي وأنه لا مهرب لي هذه المرة :
أنتم تقولون إن الله يُجري كل شيء في مملكته بقضاء وقدر، وإن الله قدَّر علينا أفعالنا ، فإذا كان هذا هو حالي ، وأن أفعالي كلها مقدّرة عنده فلماذا يحاسبني عليها ؟
لا تقل لي كعادتك .. أنا مخيـَّر .. فليس هناك فرية أكبر من هذه الفرية ودعني أسألك :
هل خُـيّرتُ في ميلادي وجنسي وطولي وعرضي ولوني ووطني ؟
هل باختياري تشرق الشمس ويغرب القمر ؟
هل باختياري ينزل عليَّ القضاء ويفاجئني الموت وأقع في المأساة فلا أجد مخرجاً إلا الجريمة ..
لماذا يُكرهني الله على فعل ثم يؤاخذني عليه ؟
وإذا قلت إنك حر ، وإن لك مشيئة إلى جوار مشيئة الله ألا تشرك بهذا الكلام وتقع في القول بتعدد المشيئات ؟
ثم ما قولك في حكم البيئة والظروف ، وفي الحتميات التي يقول بها الماديون التاريخيون ؟

أطلق صاحبي هذه الرصاصات ثم راح يتنفس الصعداء في راحة وقد تصوَّر أني توفيت وانتهيت ، ولم يبق أمامه إلا استحضار الكفن..
قلت له في هدوء :
أنت واقع في عدة مغالطات .. فأفعالك معلومة عند الله في كتابه ، ولكنها ليست مقدورة عليك بالإكراه .. إنها مقدَّرة في علمه فقط .. كما تقدِّر أنت بعلمك أن ابنك سوف يزني .. ثم يحدث أن يزني بالفعل .. فهل أكرهته .. أو كان هذا تقديراً في العلم وقد أصاب علمك ..

أما كلامك عن الحرية بأنها فرية ، وتدليلك على ذلك بأنك لم تخيَّر في ميلادك ولا في جنسك ولا في طولك ولا في لونك ولا في موطنك ، وأنك لا تملك نقل الشمس من مكانها .. هو تخليط آخر ..
وسبب التخليط هذه المرة أنك تتصوَّر الحرية بالطريقة غير تلك التي نتصورها نحن المؤمنين ..
أنت تتكلم عن حرية مطلقة .. فتقول .. أكنت أستطيع أن أخلق نفسي أبيض أو أسود أو طويلا أو قصيراً .. هل بإمكاني أن أنقل الشمس من مكانها أو أوقفها في مدارها .. أين حريتي ؟

ونحن نقول له : أنت تسأل عن حرية مطلقة .. حرية التصرف في الكون وهذه ملك لله وحده .. نحن أيضاً لا نقول بهذه الحرية { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ )68 سورة القصص
ليس لأحد الخيرة في مسألة الخلق ، لأن الله هو الذي يخلق ما يشاء ويختار ..
ولن يحاسبك الله على قِصَرك ولن يعاتبك على طولك ولن يعاقبك لأنك لم توقف الشمس في مدارها،
ولكن مجال المساءلة هو مجال التكليف .. وأنت في هذا المجال حر .. وهذه هي الحدود التي نتكلم فيها ..
أنت حر في أن تقمع شهوتك وتلجم غضبك وتقاوم نفسك وتزجر نياتك الشريرة وتشجع ميولك الخيرة..
أنت تستطيع أن تجود بمالك ونفسك ..
أنت تستطيع أن تصدق وأن تكذب ..
وتستطيع أن تكف يدك عن المال الحرام ..
وتستطيع أن تكف بصرك عن عورات الآخرين ..
وتستطيع أن تمسك لسانك عن السباب والغيبة والنميمة ..
في هذا المجال نحن أحرار ..
وفي هذا المجال نُحاسَب ونُسأل ..
الحرية التي يدور حولها البحث هي الحرية النسبية وليست الحرية المطلقة حرية الإنسان في مجال التكليف..
وهذه الحرية حقيقة ودليلنا عليها هو شعورنا الفطري بها في داخلنا فنحن نشعر بالمسئولية وبالندم على الخطأ ، وبالراحة للعمل الطيب .. ونحن نشعر في كل لحظة أننا نختار ونوازن بين احتمالات متعددة ، بل إن وظيفة عقلنا الأولى هي الترجيح والاختيار بين البديلات ..
ونحن نفرق بشكل واضح وحاسم بين يدنا وهي ترتعش بالحمى ، ويدنا وهي تكتب خطاباً .. فنقول إن حركة الأولى جبرية قهرية ، والحركة الثانية حرة اختيارية .. ولو كنا مسيرين في الحالتين لما استطعنا التفرقة ..
ويؤكد هذه الحرية ما نشعر به من استحالة إكراه القلب على شيء لا يرضاه تحت أي ضغط .. فيمكنك أن تُكره امرأة بالتهديد والضرب على أن تخلع ثيابها .. ولكنك لا تستطيع بأي ضغط أو تهديد أن تجعلها تحبك من قلبها ومعنى هذا أن الله أعتق قلوبنا من كل صنوف الإكراه والإجبار ، وأنه فطرها حرة ..
ولهذا جعل الله القلب والنية عمدة الأحكام ، فالمؤمن الذي ينطق بعبارة الشرك والكفر تحت التهديد والتعذيب لا يحاسب على ذلك طالما أن قلبه من الداخل مطمئن بالإيمان ، وقد استثناه الله من المؤاخذة في قوله تعالى: { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ٌ)106 سورة النحل

والوجه الآخر من الخلط في هذه المسألة أن بعض الناس يفهم حرية الإنسان بأنها علو على المشيئة ، وانفراد بالأمر ، فيتهم القائلين بالحرية بأنهم أشركوا بالله وجعلوا له أنداداً يأمرون كأمره ، ويحكمون كحكمه ، وهذا ما فهمته أنت أيضاً .. فقلت بتعدد المشيئات .. وهو فهم خاطئ .. فالحرية الإنسانية لاتعلو على المشيئة الإلهية ..
إن الإنسان قد يفعل بحريته ما ينافي الرضا الإلهي ولكنه لا يستطيع أن يفعل ما ينافي المشيئة ..
الله أعطانا الحرية أن نعلو على رضاه "فنعصيه" ، ولكن لم يعط أحداً الحرية في أن يعلو على مشيئته .. وهنا وجه آخر من وجوه نسبية الحرية الإنسانية ..
وكل ما يحدث منا داخل في المشيئة الإلهية وضمنها ، وإن خالف الرضا الإلهي وجانب الشريعة ..
وحريتنا ذاتها كانت منحة إلهية وهبة منحها لنا الخالق باختياره .. ولم نأخذها منه كرهاً ولا غصباً ..
إن حريتنا كانت عين مشيئته ..
ومن هنا معنى الآية : {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَن يَشَاء اللَّهُ )30 سورة الإنسان
لأن مشيئتنا ضمن مشيئته ، ومنحة منه ، وهبة من كرمه وفضله ، فهي ضمن إرادته لا ثنائية ولا تناقض ، ولا منافسة منا لأمر الله وحكمه ..
والقول بالحرية بهذا المعنى لا ينافي التوحيد ، ولا يجعل لله أنداداً يحكمون كحكمه ويأمرون كأمره .. فإن حرياتنا كانت عين أمره ومشيئته وحكمه ..

والوجه الثالث للخلط أن بعض من تناولوا مسألة القضاء والقدر والتسيير والتخيير .. فهموا القضاء والقدر بأنه إكراه للإنسان على غير طبعه وطبيعته وهذا خطأ وقعت فيه أنت أيضاً .. وقد نفى الله عن نفسه الإكراه بآيات صريحة :
{إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ)4 سورة الشعراء
والمعنى واضح .. أنه كان من الممكن أن نُكره الناس على الإيمان بالآيات الملزمة ، ولكننا لم نفعل .. لأنه ليس في سنتنا الإكراه ..
{ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ )256 سورة البقرة
{ وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ )99 سورة يونس
ليس في سُنة الله الإكراه ..
والقضاء والقدر لا يصح أن يُفهم على أنه إكراه للناس على غير طبائعهم .. وإنما على العكس ..
الله يقضي على كل إنسان من جنس نيته .. ويشاء له من جنس مشيئته ، ويريد له من جنس إرادته ، لا ثنائية ... تسيير الله هو عين تخيير العبد ، لأنه الله يسيِّر كل امرئ على هوى قلبه وعلى مقتضى نياته ..
{ مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا )20 سورة الشورى
{ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً )10 سورة البقرة
{ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى )17 سورة محمد
وهو يخاطب الأسرى في القرآن :
{ إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ )70 سورة الأنفال
الله يقضي ويقدِّر ، ويجري قضاءه وقدره على مقتضى النية والقلب .. إن شراً فشر وإن خيراً فخير..
ومعنى هذا أنه لا ثنائية .. التسيير هو عين التخيير .. ولا ثنائية ولا تناقض ..
الله يسيِّرنا إلى ما اخترناه بقلوبنا ونياتنا، فلا ظلم ولا إكراه ولا جبر ، ولا قهر لنا على غير طبائعنا ..
{ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى . وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى . وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى . وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى )5 سورة الليل
{ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى )17 سورة الأنفال
هنا تلتقي رمية العبد والرمية المقدَّرة من الرب ، فتكون رمية واحدة.. وهذا مفتاح لغز القضاء والقدر .. على العبد النية، وعلى الله التمكين، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر..
والحرية الإنسانية ليست مقداراً ثابتاً ، ولكنها قدرة نسبية قابلة للزيادة ..

الإنسان يستطيع أن يزيد من حريته بالعلم .. باختراع الوسائل والأدوات والمواصلات استطاع الإنسان أن يطوي الأرض ، ويهزم المسافات ، ويخترق قيود الزمان والمكان .. وبدراسة قوانين البيئة استطاع أن يتحكم فيها ويسخرها لخدمته، وعرف كيف يهزم الحر والبرد والظلام ، وبذلك يضاعف من حرياته في مجال الفعل ..
العلم كان وسيلة إلى كسر القيود والأغلال وإطلاق الحرية ..

أما الوسيلة الثانية فكانت الدين .. الاستمداد من الله بالتقرب منه .. والأخذ عنه بالوحي والتلقي والتأييد .. وهذه وسيلة الأنبياء ومن في دربهم ..
سخّر سليمان الجن وركب الريح وكلّم الطير بمعونة الله ومدده ..
وشق موسى البحر .. وأحيا المسيح الموتى .. ومشى على الماء .. وأبرأ الأكمه والأبرص والأعمى ..
ونقرأ عن الأولياء أصحاب الكرامات الذين تُطوى لهم الأرض وتكشف لهم المغيبات ..
وهي درجات من الحرية اكتسبوها بالاجتهاد في العبادة والتقرب إلى الله والتحبب إليه .. فأفاض عليهم من علمه المكنون ..
إنه العلم مرة أخرى ..
ولكنه هذه المرة العلم "اللدني" ..
ولهذا يُلخص أبو حامد الغزالي مشكلة المخيَّر والمسيَّر قائلاً في كلمتين :
الإنسان مخيَّر فيما يعلم ..
مسيَّر فيما لا يعلم ..
وهو يعني بهذا أنه كلما اتسع علمه اتسع مجال حريته .. سواء كان العلم المقصود هو العلم الموضوعي أو العلم اللدنِّي ..

ويخطئ المفكرون الماديون أشد الخطأ حينما يتصورون الإنسان أسير الحتميات التاريخية والطبقية .. ويجعلون منه حلقة في سلسلة من الحلقات لا فكاك له ، ولا مهرب من الخضوع لقوانين الاقتصاد وحركة المجتمع ، كأنما هو قشة في تيار بلا ذراعين وبلا إرادة ..
والكلمة التي يرددونها ولا يتعبون من ترديدها وكأنها قانون : "حتمية الصراع الطبقي" وهي كلمة خاطئة في التحليل العلمي ، لأنه لا حتميات في المجال الإنساني ، وإنما على الأكثر ترجيحات واحتمالات .. وهذا هو الفرق بين الإنسان ، وبين التروس ، والآلات والأجسام المادية .. فيمكن التنبوء بخسوف الشمس بالدقيقة والثانية ، ويمكن التنبؤ بحركاتها المستقبلة على مدى أيام وسنين .. أما الإنسان فلا يمكن أن يعلم أحد ماذا يُضمر وماذا يُخبئ في نياته ، وماذا يفعل غداً أو بعد غد .. ولا يمكن معرفة هذا إلا على سبيل الاحتمال والترجيح والتخمين ، وذلك على فرض توفر المعلومات الكافية للحكم ..
وقد أخطأت جميع تنبؤات كارل ماركس ، فلم تبدأ الشيوعية في بلد متقدم كما تنبأ ، بل في بلد متخلف ، ولم يتفاقم الصراع بين الرأسمالية والشيوعية ، بل تقارب الاثنان إلى حالة من التعايش السلمي ، وأكثر من هذا فتحت البلاد الشيوعية أبوابها لرأس المال الأمريكي .. ولم تتصاعد التناقضات في المجتمع الرأسمالي إلى الإفلاس الذي توقعه كارل ماركس ، بل على العكس ، ازدهر الاقتصاد الرأسمالي ووقع الشقاق والخلاف بين أطراف المعسكر الاشتراكي ذاته ..
أخطأت حسابات ماركس جميعها دالة بذلك على خطأ منهجه الحتمي .. ورأينا صراع العصر الذي يحرك التاريخ هو الصراع اللاطبقي بين الصين وروسيا ، وليس الصراع الطبقي الذي جعله ماركس عنوان منهجه .. وكلها شواهد على فشل الفكر المادي في فهم الإنسان والتاريخ ، وتخبطه في حساب المستقبل .. وجاء كل ذلك نتيجة خطأ جوهري ، هو أن الفكر المادي تصوَّر أن الإنسان ذبابة في شبكة من الحتميات .. ونسي تماماً أنّ الإنسان حر .. وأن حريته حقيقة ..

أمّا كلام الماديين عن حكم البيئة والمجتمع والظروف ، وأن الإنسان لا يعيش وحده ولا تتحرك حريته في فراغ ..
نقول ردّاً على هذا الكلام : إن حكم البيئة والمجتمع والظروف كمقاومات للحرية الفردية إنما يؤكد المعنى الجدلي لهذه الحرية ولا ينفيه .. فالحرية الفردية .. لا تؤكد ذاتها إلا ّ في وجه مقاومة تزحزحها..
أما إذا كان الإنسان يتحرك في فراغ بلا مقاومة من أي نوع فإنه لا يكون حراً بالمعنى المفهوم للحرية، لأنه لن تكون هناك عقبة يتغلب عليها ويؤكد حريته من خلالها ..
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 20-04-2011, 07:52 PM   #7
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: رحـلـة مـع مـفّكر

(3)

لماذا خلق الله الشر؟


قال صاحبي ساخرًا:
كيف تزعمون أن إلهكم كامل ورحمن ورحيم وكريم ورءوف وهو قد خلق كل هذه الشرور في العالم .. المرض والشيخوخة والموت والزلزال والبركان والميكروب والسم والحر والزمهرير وآلام السرطان التي لا تعفى الطفل الوليد ولا الشيخ الطاعن.
إذا كان الله محبة وجمالا وخيرا فكيف يخلق الكراهية والقبح والشر .
والمشكلة التي أثارها صاحبي من المشاكل الأساسية في الفلسفة وقد انقسمت حولها مدارس الفكر واختلفت حولها الآراء.
ونحن نقول أن الله كله رحمة وكله خير وأنه لم يأمر بالشر ولكنه سمح به لحكمة.

( إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ (29) ) الأعراف-28.

الله لا يأمر إلا بالعدل والمحبة والإحسان والعفو والخير وهو لا يرضى إلا بالطيب.
فلماذا ترك الظالم يظلم والقاتل يقتل والسارق يسرق؟
لأن الله أرادنا أحرارا .. والحرية اقتضت الخطأ ولا معنى للحرية دون أن يكون لنا حق التجربة والخطأ والصواب .. والاختيار الحر بين المعصية والطاعة.
وكان في قدرة الله أن يجعلنا جميعًا أخيارا وذلك بأن يقهرنا على الطاعة قهرا وكان ذلك يقتضي أن يسلبنا حرية الاختيار.
وفي دستور الله وسنته أن الحرية مع الألم أكرم للإنسان من العبودية مع السعادة .. ولهذا تركنا نخطيء ونتألم ونتعلم وهذه هي الحكمة في سماحه بالشر.
ومع ذلك فإن النظر المنصف المحايد سوف يكشف لنا أن الخير في الوجود هو القاعدة وأن الشر هو الاستثناء ..
فالصحة هي القاعدة والمرض استثناء ونحن نقضي معظم سنوات عمرنا في صحة ولا يزورنا المرض إلا أياما قليلة .. وبالمثل الزلازل هي في مجملها بضع دقائق في عمر الكرة الأرضية الذي يحصى بملايين السنين وكذلك البراكين وكذلك الحروب هي تشنجات قصيرة في حياة الأمم بين فترات سلام طويلة ممتدة.

ثم أننا نرى لكل شيء وجه خير فالمرض يخلف وقاية والألم يربي الصلابة والجلد والتحمل والزلازل تنفس عن الضغط المكبوت في داخل الكرة الأرضية وتحمي القشرة الأرضية من الانفجار وتعيد الجبال إلى أماكنها كأحزمة وثقالات تثبت القشرة الأرضية في مكانها، والبراكين تنفث المعادن والثروات الخبيئة الباطنة وتكسو الأرض بتربة بركانية خصبة .. والحروب تدمج الأمم وتلقح بينها وتجمعها في كتل وأحلاف ثم في عصبة أمم ثم في مجلس أمن هو بمثابة محكمة عالمية للتشاكي والتصالح .. وأعظم الاختراعات خرجت أثناء الحروب .. البنسلين الذرة الصواريخ الطائرات النفاثة كلها خرجت من أتون الحروب.
ومن سم الثعبان يخرج الترياق.
ومن الميكروب نصنع اللقاح.
ولولا أن أجدادنا ماتوا لما كنا الآن في مناصبنا، والشر في الكون كالظل في الصورة إذا اقتربت منه خيل إليك أنه عيب ونقص في الصورة .. ولكن إذا ابتعدت ونظرت إلى الصورة ككل نظرة شاملة اكتشفت أنه ضروري ولا غنى عنه وأنه يؤدي وظيفة جمالية في البناء العام للصورة.
وهل كان يمكننا أن نعرف الصحة لولا المرض .. إن الصحة تظل تاجا على رؤوسنا لا نراه ولا نعرفه إلا حينما نمرض.
وبالمثل ما كان ممكنا أن نعرف الجمال لولا القبح ولا الوضع الطبيعي لولا االشاذ.
ولهذا يقول الفيلسوف أبو حامد الغزالي: إن نقص الكون هو عين كماله مثل اعوجاج القوس هو عين صلاحيته ولو أنه استقام لما رمى.
وظيفة أخرى للمشقات والآلام .. أنها هي التي تفرز الناس وتكشف معادنهم.

لولا المشقة ساد الناس كلهم ... الجود يفقر والإقدام قتال

إنها الامتحان الذي نعرف به أنفسنا .. والابتلاء الذي تتحدد به مراتبنا عند الله.

ثم إن الدنيا كلها ليست سوى فصل واحد من رواية سوف تتعدد فصولها فالموت ليس نهاية القصة ولكن بدايتها.

ولا يجوز أن نحكم على مسرحية من فصل واحد ولا أن نرفض كتابا لأن الصفحة الأولى لم تعجبنا.
الحكم هنا ناقص..
ولا يمكن استطلاع الحكمة كلها إلا في آخر المطاف .. ثم ما هو البديل الذي يتصوره السائل الذي يسخر منا؟!
هل يريد أن يعيش حياة بلا موت بلا مرض بلا شيخوخة بلا نقص بلا عجز بلا قيود بلا أحزان بلا آلام.
هل يطلب كمالا مطلقا؟!
ولكن الكمال المطلق لله.
والكامل واحد لا يتعدد .. ولماذا يتعدد .. وماذا ينقصه ليجده في واحد آخر غيره؟!
معنى هذا أن صاحبنا لن يرضيه إلا أن يكون هو الله ذاته وهو التطاول بعينه.
ودعونا نسخر منه بدورنا .. هو وأمثاله ممن لا يعجبهم شيء.
هؤلاء الذين يريدونها جنة ..
ماذا فعلوا ليستحقوها جنة؟
وماذا قدم صاحبنا للإنسانية ليجعل من نفسه الله الواحد القهار الذي يقول للشيء كن فيكون.
إن جدتي أكثر ذكاء من الأستاذ الدكتور المتخرج من فرنسا حينما تقول في بساطة:
"خير من الله شر من نفوسنا".
إنها كلمات قليلة ولكنها تلخيص أمين للمشكلة كلها ..
فالله أرسل الرياح وأجرى النهر ولكن ربان السفينة الجشع ملأ سفينته بالناس والبضائع بأكثر مما تحتمل فغرقت فمضى يسب الله والقدر .. وما ذنب الله؟! .. الله أرسل الرياح رخاء وأجرى النهر خيرا .. ولكن جشع النفوس وطمعها هو الذي قلب هذا الخير شرا.
ما أصدقها من كلمات جميلة طيبة.
"خير من الله شر من نفوسنا".
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 24-04-2011, 11:02 PM   #8
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: رحـلـة مـع مـفّكر

(4)

وما ذنب الذي لم يصله قرآن ؟


هرش صاحبنا الدكتور رأسه ..
كان من الواضح أنه يبحث لي في الدكتوراه عن حفرة أو مطب يدق عنقي فيه .. ثم قال في هدوء وهو يرتب كلماته:
- حسنًا .. وما رأيك في هذا الإنسان الذي لم يصله قرآن ولم ينزل عليه كتاب .. ولم يأته نبي .. ما ذنبه .. وما مصيره عندكم يوم الحساب .. مثل اسكيمو في أقاصي القطبين .. أو زنجي في الغابات .. ماذا يكون حظه بين يدي إلهكم يوم القيامة.
- قلت له:
- دعني أصحح معلوماتك أولا .. فقد بنيت أسئلتك على مقدمة خاطئة .. فالله أخبرنا بأنه لم يحرم أحدًا من رحمته ووحيه وكلماته وآياته.
(( وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ (24) )) فاطر.
(( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً (36) )) النحل.

والرسل الذين جاء ذكرهم في القرآن ليسوا كل الرسل..
وإنما هناك آلاف غيرهم لا نعلم عنهم شيئًا .. والله يقول لنبيه عن الرسل:
(( مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ (78))) غافر.
والله يوحي إلى كل شيء حتى النحل.
(( وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) )) النحل.
وقد يكون الوحي كتابًا يلقيه جبريل .. وقد يكون نورًا يلقيه الله في قلب العبد .. وقد يكون انشراحًا في الصدر .. وقد يكون حكمة وقد يكون حقيقة وقد يكون فهمًا وقد يكون خشوعًا ورهبة وتقوى.
وما من أحد يرهف قلبه ويرهف سمعه إلا ويتلقى من الله فضلاً.
أما الذين يصمون آذانهم وقلوبهم فلا تنفعهم كتب ولا رسل ولا معجزات ولو كثرت.
والله قال أنه يختص برحمته من يشاء .. وأنه لا يسأل عما يفعل.
وقد يريد الله لحكمة أن ينذر أحدًا وأن يعذر آخر فيقبل منه أهون الإيمان.
ومن يدرينا .. ربما كانت مجرد لفته من ذلك الزنجي البدائي إلى السماء في رهبة هي عند الله منجية ومقبولة أكثر من صلاتنا.
على أن القراءة المتأملة لأديان هؤلاء الزنوج البدائيين تدل على أنه كان لهم رسل ورسالات سماوية مثل رسالاتنا.
في قبيلة الماو ماو مثلاً نقرأ أنهم يؤمنون بإله يسمونه " موجايى " ويصفونه بأنه واحد أحد لم يلد ولم يولد وليس له كفو ولا شبيه .. وأنه لا يرى ولا يعرف إلا من آثاره وأفعاله .. وأنه خالق رازق وهاب رحيم يشفي المريض وينجد المأزوم وينزل المطر ويسمع الدعاء ويصفونه بأن البرق خنجره والرعد وقع خطاه.
أليس هذا الـ "موجايى " هو إلهنا بعينه .. ومن أين جاءهم هذا العلم إلا أن يكون في تاريخهم رسول ومبلغ جاء به .. ثم تقادم عليه العهد كالمعتاد فدخلت الخرافات والشعوذات فشوهت هذا النقاء الديني.
وفي قبيلة نيام نيام نقرأ أنهم يؤمنون بإله واحد يسمونه " مبولي" ويقولون أن كل شيء في الغابة يتحرك بإرادة " مبولي " وأنه يسلط الصواعق على الأشرار من البشر .. ويكافيء الأخيار بالرزق والبركة والأمان.
وفي قبيلة الشيلوك يؤمنون بإله واحد يسمونه " جوك " ويصفونه بأنه خفي وظاهر .. وأنه في السماء وفي كل مكان وأنه خالق كل شيء.
وفي قبيلة الدنكا يؤمنون بإله واحد يسمونه " نيالاك " وهي كلمة ترجمتها الحرفية .. الذي في السماء .. أو الأعلى.
ماذا نسمي هذه العقائد إلا أنها إسلام.
وماذا تكون إلا رسالات كان لها في تاريخ هؤلاء الأقوام رسل.
إن الدين لواحد.

(( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) )) البقرة.

حتى الصابئين الذين عبدوا الشمس على أنها آية من آيات الله وآمنوا بالله الواحد وبالآخرة والبعث والحساب وعملوا الصالحات فلهم أجرهم عند ربهم.
ومعلوم أن رحمة الله تتفاوت.
وهناك من يولد أعمى وهناك من يولد مبصرا وهناك من عاش أيام موسى ورآه رأي العين وهو يشق البحر بعصاه .. وهناك من عاش أيام المسيح ورآه يحيى الموتى .. أما نحن فلا نعلم عن هذه الآيات إلا سمعًا .. وليس الخبر كالعيان .. وليس من رأى كمن سمع.
ومع ذلك فالإيمان وعدمه ليس رهنًا بالمعجزات.
والمكابرون المعاندون يرون العجب من أنبيائهم فلا يزيد قولهم على أن هذا " سحر مفترى ".
ولا شك أن صاحبنا الدكتور القادم من فرنسا قد بلغه من الكتب ثلاثة .. توراة وإنجيل وقرآن وبلغته .. فلم تزده هذه الكتب إلا إغراقًا في الجدل .. وحتى يهرب من الموقف كله أحاله على شخص مجهول في الغابات لم ينزل عليه كتاب .. وراح يسألنا .. وما بالكم بهذا الرجل الذي لم يصله قرآن ولم ينزل عليه كتاب .. ملتمسًا بذلك ثغرة في العدل الإلهي أو موهمًا نفسه بأن المسألة كلها عبث.
وهو لذلك يسألنا " ولماذا تتفاوت رحمة الله " .. لماذا يشهد الله واحدًا على آياته .. ولا يدري آخر بتلك الآيات إلا سمعًا.
ونحن نقول أنها قد لا تكون رحمة بل نقمة ألم يقل الله لأتباع المسيح الذين طلبوا نزول مائدة من السماء محذرًا:
(( إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ (115) )) المائدة.
ذلك لأنه مع نزول المعجزات يأتي دائمًا تشديد العذاب لمن يكفر.
وطوبى لمن آمن بالسماع ودون أن يرى معجزة.
والويل للذين شاهدوا ولم يؤمنوا.
فالقرآن في يدك حجة عليك ونذير .. ويوم الحساب يصبح نقمة لا رحمة.
وعدم إقامة هذه الحجة البينة على الاسكيمو ساكن القطبين قد يكون إعفاء وتخفيفًا ورحمة ومغفرة يوم الحساب .. وقد تكون لفتة إلى السماء من هذا الاسكيمو الجاهل ذات ساعة في عمره .. عند الله كافية لقبوله مؤمنًا مخلصًا.
أما لماذا يرحم الله واحدًا أكثر مما يرحم آخر فهو أمر يؤسسه الله على علمه بالقلوب.
(( فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) )) الفتح.
وعلم الله بنا وبقلوبنا يمتد إلى ما قبل نزولنا في الأرحام حينما كنا عنده أرواحًا حول عرشه .. فمنا من التف حول نوره .. ومنا من انصرف عنه مستمتعًا بالملكوت وغافلاً عن جمال خالقه .. فاستحق الرتبة الدنيا من ذلك اليوم وسبق عليه القول .. هذا كلام أهل المشاهدة.
وما نراه من تاريخنا القصير في الدنيا ليس كل شيء ..
ومعرفة الحكمة من كل ألم وحرمان أمر لا يعلمه إلا العليم.
والذي يسألني .. لماذا خلق الله الخنزير خنزيرًا .. لا أملك إلا أن أجيبه بأن الله اختار له ثوبًا خنزيريًا لأن نفسه خنزيرية وأن خلقه هكذا حق وعدل.
وكل ما نرى حولنا من استحقاقات هي عدل لكن معرفة الحكمة الكلية وإماطة اللثام عن هذا العدل أمر ليس في مقدور كل واحد.
ولعل لهذا السبب هناك آخرة .. ويوم تنصب فيه الموازين وينبئنا العليم بكل ما اختلفنا فيه.
ومع هذا فسوف أريحك بالكلمة الفصل .. فقد قال الله في كتابه أنه لن يعذب إلا من أنذرهم بالرسل.
((وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (15) )) الإسراء.
هل أرحت واسترحت.
ثم دعني أقول لك يا صاحبي ..
إن أعجب ما في سؤالك أن ظاهره يوهم بالإيمان والإشفاق على الزنجي المسكين الذي فاته ما في القرآن من نور ورحمة وهدى .. مع أن حقيقتك هي الكفر بالقرآن وبنوره ورحمته وهداه .. فسؤالك أقرب ما يكون إلى الاستدراج والمخادعة وفيه مناقضة للنفس هي " اللكاعة " بعينها .. فأنت تحاول أن تقيم علينا حجة هي عندك ليس لها أي حجة.
ألا ترى معي يا صاحبي أن جهاز المنطق عندك في حاجة إلى إصلاح.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-09-2011, 12:08 PM   #9
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: رحـلـة مـع مـفّكر



مصطفى لطفي المنفلوطي

هو مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي أديب مصري من أم تركية قام بالكثير من الترجمة والاقتباس من بعض روايات الأدب الفرنسي الشهيرة بأسلوب أدبي فذ ,و صياغة عربية في غاية الجمال و الروعة.لم يحظى بإجادة اللغة الفرنسية لذلك أستعان بصاحب له كان يترجم الروايات و من ثم يقوم هو بصيغتها و صقلها في قالب أدبي رائع . كتاباه النظرات والعبرات يعتبران من أبلغ ما كتب بالعربية في العصر الحديث.
ولد مصطفى لطفي المنفلوطي في منفلوط إحدى مدن محافظة أسيوط في سنة 1289 هـ الموافق 1876م ونشأ في بيت كريم توارث اهله قضاء الشريعة ونقابة الصوفية قرابة مائتى عام ونهج المنفلوطى سبيل آبائه في الثقافة والتحق بكتاب القرية كالعادة المتبعة في البلاد آنذاك فحفظ القرآن الكريم كله وهو دون الحادية عشرة ثم أرسله ابوه إلى الأزهر بالقاهرة تحت رعاية رفاق له من أهل بلده وقد اتيحت له فرصة الدراسة على يد الشيخ محمد عبده وبعد وفاه أستاذه رجع المنفلوطى إلى بلده حيث مكث عامين متفرغا لدراسة كتب الادب القديم فقرأ لابن المقفع والجاحظ والمتنبي و أبى العلاء المعري وكون لنفسه أسلوبا خاصا يعتمد على شعوره وحساسية نفسه.
المنفلوطي من الأدباء الذين كان لطريقتهم الإنشائية أثر في الجيل الحاضر، كان يميل إلى مطالعة الكتب الأدبية كثيراً، ولزم الشيخ محمد عبده فأفاد منه. وسجن بسببه ستة أشهر لقصيدة قالها تعريضاً بالخديوي عباس حلمي وكان على خلاف مع محمد عبده، ونشر في جريدة المؤيد عدة مقالات تحت عنوان النظرات، وولي أعمالاً كتابية في وزارة المعارف ووزارة الحقانية وأمانة سر الجمعية التشريعية، وأخيراً في أمانة سر المجلس النيابي.
للمنفلوطى أعمال أدبية كثيرة اختلف فيها الرأى وتدابر حولها القول وقد بدأت أعمال المنفلوطى تتبدى للناس من خلال ما كان ينشره في بعض المجلات الإقليمية كمجلة الفلاح والهلال والجامعة والعمدة وغيرها ثم انتقل إلى أكبر الصحف وهي المؤيد وكتب مقالات بعنوان نظرات جمعت في كتاب تحت نفس الاسم على ثلاثة أجزاء.
من أهم كتبه ورواياته:
النظرات (ثلاث جزاء). يضم مجموعة من مقالات في الأدب الاجتماعي، والنقد، والسياسة، والإسلاميات، وأيضا مجموعة من القصص القصيرة الموضوعة أو المنقولة، جميعها كانت قد نشرت في جرائد، وقد بدأ كتبات بها منذ العام 1907.
العبرات. يضم تسع قصص، ثلاثة وضعها المنفلوطي وهي: اليتيم، الحجاب، الهاوية. وواحدة مقتبسة من قصة أمريكية اسمها صراخ القبور، وجعلها بعنوان: العقاب. وخمس قصص ترجمها المنفلوطي وهي: الشهداء، الذكرى، الجزاء، الضحية، الإنتقام. وقد طبع في عام 1916.
رواية في سبيل التاج ترجمها المنفلوطي من الفرنسية


من أقواله المأثورة

"الحريه شمس يجب ان تشرق فى كل نفس فمن عاش محروما منها عاش فى ظلمه حالكه يتصل اولها بظلمه الرحم واخرها بظلمه القبر"



--------

"يجب الا ينفتح قلب الفتاه لاحد من الناس قبل ان ينفتح لزوجها لتستطيع ان تعيش معه سعيده هادئه لا ينغصها ذكر الماضى وانخلاط فى مخيلتها الصور والالوان"




---------

"إن الفقير يعيش في دنياه في أرض شائكة قد ألفها واعتادها ، فهو لا يتألم لوخزاتها ولذعاتها ، ولكنه إذا وجد يوما من الأيام بين هذه الأشواك وردة ناضرة طار بها فرحا وسرورا وأن الغني يعيش منها في روضة مملوءة بالورود والأزهار قد سئمها وبرم بها ، فهو لا يشعر بجمالها ولا يتلذذ بطيب رائحتها ، ولكنه عثر في طريقه بشوكة تألم لها ألما شديدا لا يشعر بمثله سواه ، وخير للمرء أن يعيش فقيرا مؤملا كل شيء ، من أن يعيش غنيا خائفا من كل شيء ."

-------

"أكثر الناس يعيشون في نفوس الناس أكثر مما يعيشون في نفوس أنفسهم أي أنهم لا يتحركون ولا يسكنون , ولا يأخذون ولا يدعون إلا لأن الناس هكذا يريدون"






"ما المرأة إلا الأفق الذي تشرق منه شمس السعادة على هذا الكون فتنير ظلمته ، والبريد الذي يحمل على يده نعمة الخالق إلى المخلوق ، والهواء المتردد الذي يهب الإنسان حياته وقوّته ، والمعراج الذي تعرج عليه النفوس من الملأ الأدنى إلى الملأ الأعلى ، والرسول الإلهي الذي يطالع المؤمن في وجهه جمال الله وجلاله "






"إن الذين يعرفون أسباب آلامهم وأحزانهم غير أشقياء .يعيشون بالأمل ويحيون بالرجاء , أما أنا فشقية لأني لا أعرف لي داء فأعالجه , ولا يوم شفاء فأرجوه"






"حسبك من السعادة , ضمير نقي , ونفس هادئة , وقلب شريف ."






"اطلب السعادة في الحقول والغابات ، والسهول والغابات ، والسهول والجبال ، والأغراس والأشجار والأوراق والأثمار ، والبحيرات والأنهار ، وفي منظر الشمس طالعةً وغاربة ، والسحب مجتمعة ومتفرقة ، والطير غادية ورائحة ، والنجوم ثابتةُ وسارية ، واطلبها في تعهد حديقتك ، وتخطيط جداولها ، وغرس أغراسها ، وتشذيب أشجارها ، وتنسيق أزهارها ، وفي وقوفك على ضفاف الأنهار ، وصعودك إلى قمم الجبال ، وانحدارك إلى بطون الأودية والوهاد وفي إصغائك في سكون الليل وهدوئه إلى خرير المياه ، وصفير الرياح ، وحفيف الأوراق ، وصرير الجنادب ، ونقيق الضفادع ، واطلبها في مودة الإخوان وصداقة الأصدقاء ، وإسداء المعروف وتفريج كربة المكروب ، والأخذ بيد البائس المنكوب .. ففي كل منظر من هذه المناظر ، أو موقف من هذه المواقف ؛ جمال شريف طاهر يستوقف النظر ، ويستلهي الفكر ويستغرق الشعور ، ويحيي ميت النفس والوجدان ، ويملأ فضاء الحياة هناءً ورغداً ."






"نار الحب إن لم يتعهدها متعهدها بالتأريث والتأجيج فترت وانفثأت واستحالت جمرتها إلى رماد ، والحب كالطائر لا حياة له إلا في الغدو والرواح ، والتغريد والتنقير ، فإذا طال سجنه في قفص القلب تضعضع وتهالك ، وأحنى رأسه يائساً .. ثم قضى ."






"و كأنما كنت أري أن جمال العالم كله في الشعر"






"لاخير في حياة يحياها المرء بغير قلب ,ولاخير في قلب يخفق بغير حب"






"لا تأس على مافاتك
ف إنما كان [وديعة] من ودائع الدهر ، أعاركها برهة من الزمن
! ثم استردها"






"إن الله قد خلق لكل روح من الأرواح روحاً أخرى تماثلها وتقابلها .. وتسعد بلقائها .. وتشقى بفراقها .. ولكنه قدر أن تضل كل روح عن أختها في الحياة الأولى ، فذلك شفاء الدنيا .. وإن تهتدي إليها في الحياة الثانية ، فتلك سعادة الآخرة .."






"كتبت إليكِ كثيراً ، فلم تكتبي إليّ كثيراً ولا قليلاًَ ؛ لأنكِ تعتقدين ما يعتقده كثيرٌ من النساء من أن المرأة التي تكتب إلى حبيبها كتاب حب : آثمة أو غير شريفة ؛ أما انا فأعتقد أنها إن لم تفعل فهي مرائية مصانعة ، لأن المرأة التي وهبت قلبها هبة خالصة لا يخالطها شك وريبة ، لا ترى مانعاً يمنعها من أن تكتب لحبيبها في غيبته بمثل ما تحدثه به في حضرته ."






"لا سبيل إلى السعادة فى الحياة إلا إذا عاش الإنسان فيها حراً مطلقاَ
لا يسيطر على جسمه وعقله ونفسه ووجدانه وفكره مسيطر إلا أدب النفس"






"الناس لا يستطيعون أن يفهموا السعادة
من الطريق الذي ألفوه و اعتادوه
فهم لا يصدقون أن قوماً فقراء متقشفين
يعيشون في أرضٍ قفرةٍ جرداء منقطعة عن العالم
بأجمعه قد استطاعوا أن يكونوا سعداء
من طريقة الفضيلة و البساطة"






"من أي صخرة من الصخور, أو هضبة من الهضبات, نحتم هذه القلوب التي تنطوي عليها جوانحكم, والتي لا تروعها أنات الثكالى, ولا تحركها رنات الأيامى؟"






"لو جاز لكل انسان أن يقتل كل من يخالفه فى رأيه ومذهبه
لأقفرت البلاد من ساكنيها"






"ليست الفضيلة وسيلة من وسائل العيش او كسب المال وانما هى حالة من حالات النفس تسمو بها الى أرقي درجات الانسانية وتبلغ بها غاية الكمال"






"أكثرُ الناس يعيشون في نفوس الناس أكثَر مما يعيشون في نفوس أنفسهم
أي أنهم لايتحرَّكون ولا يسكنون، ولا يأخذون ولا يَدَعون إلا لأن الناس هكذا يريدون"






"لا تخضع النفس العالية للحوادث ولا تذل لها مهما كان شأنها، ولا تلين صدعتها أمام النكبات والأرزاء مهما عظم خطبها، وجل أمرها، بل يزيدها مرّ الحوادث وعضّ النوائب قوة ومراساً، وشدة ومراناً، وربما لذ لها هذا النضال الذي يقوم بينها وبين حوادث الدهر وأرزائه، وكأنما يأبى لها كبرياؤها وترفعها أن يوافيها حظها من العيش سهلاً سائغاً لا مشقة فيه ولا عناء، فهي تحارب وتجالد في سبيله، وتغالب الأيام عليه مغالبة حتى تناله من يدها قوة واغتصاباً، فمثلها بين النفوس كمثل الليث بين السباع لا تمتد عينه إلى فريسة غيره، ولا يهنأ له الطعام غير الذي تجمعه أنيابه ومخالبه"






"الغيبة رسول الشـرِّ بين البشر"






"أنت شاعر يا مولاي ، وقلب الشاعر مرآة تتراءى فيها صور الكائنات صغيرها وكبيرها ، ودقيقها وجليلها ، فإن أعوزتك السعادة ففتش عنها في أعمق قلبك ، فقلبك الصورة الصغرى للعالم الأكبر وما فيه .
السماء جميلة ، والشاعر هو الذي يستطيع أن يدرك سر جمالها ، ويخترق بنظراته أديمها الأزرق الصافي فيرى في ذلك العالم العلوي النائي ما لا تراه عين ، ولا يمتد إليه نظر .
والبحر عظيم ، والشاعر هو الذي يشعر بعظمته وجلاله ، ويرى في صفحته الرجراجة المترجحة صور الأمم التي طواها ، والمدن التي محاها ، والدول التي أبادها ، وهو باقٍ على صورته لا يتغير ولا يتبدل ، ولا يبلى على العصور والأيام .
والليل موحش ، والشاعر هو الذي يسمع في سكونه وهدوئه أنين الباكين ، وزفرات المتألمين ، وأصوات الدعاء المتصاعدة إلى آفاق السماء ، ويرى صور الأحلام الطائفة بمضاجع النائمين ، وخيالات السعادة والشقاء الهائمة في رءوس المجدودين والحدودين . "






"إنني شقيٌ مذ ولدت يا إدوار .. فأنا أحب الأشقياء وأعطف عليهم ؛ لأنني واحدٌ منهم ، ولا صداقة في الدنيا أمتن ولا أوثق من صداقة الفقر والفاقة ، ولا رابطة تجمع بين القلبين المختلفين مثل رابطة البؤس والشقاء ، فلو أنني خيرت بين صحبة رجلين أحدهما فقير يضم فاقته إلى فاقتي فيضاعفها ، وثانيهما غنيُ يمد يده لمعونتي فيرفه عني ما أنا فيه من شدة وبلاء ، لآثرت أولهما على ثانيهما ؛ لأن الفقير يتخذني صديقاً ، والغني يتخذني عبداً .. وأنا إلى الحرية أحوج مني إلى المال ."


--------


"فلا القرآن بملحون, ولا النحاة مقصرون, ولكن المبشرين جاهلون."






"الخلوق مَن إذا مدحته خجِل وإذا هجوته سكت"






"لأني أعلم كما تعلم انت وكما يعلم السّاسة الكاذبون جميعا ان الفاتحين من عهد آدم إلى اليوم وإلى أن تبدل الأرض غير الأرض والسموات ، لا يفتحون البلاد للبلاد ، بل لأنفسهم ولا يمتلكونها لرفع شأنها وإصلاح حالها والأخذ بيدها في طريق الرقي والكمال كما تقول ، بل لامتصاص دمها وأكل لحمها وعرق عظمها ، وقتل جميع موارد الحياة فيها ، والأمة إن لم تتولَّ إصلاح شأنها بنفسها لا تصلحها أمه أخرى"






"الآن عرفت أن الوجوه مرايا النفوس ، تضيء بضيائها وتظلم بظلامها .."






"وما كان استيفن عالما من علماء الموسيقى، ولا حافظا من كبار حفاظها، ولا كان نصيبه من الإلمام بقواعدها وأصولها أكثر من نصيب زملائه ولداته .. ولكنه كان ذا قلب، والقلب هو الينبوع الثجاج الذي ينفجر منه الشعر والموسيقى وسائر الفنون الأدبية.
وليس أشعر الشعراء أحفظهم لقواعد اللغة وقوانينها، بل أدقهم شعورا وألطفهم حسا .."






"إن صديقك الذي يبتسم لك في حالي رضاك وغضبك, وحلمك وجهلك, وصوابك وسقطك, ليس ممن يُغتبط بمودته أو يُوثق بصداقته لأنه لا يصلح أن يكون مرآتك"






"إنكم تأبون يا أهل المدن إلا أن تشتروا سعادة الحياة بدمائكم وأرواحكم ، والسعادة حاضرة بين أيديكم لا ثمن لها ولا قيمة ، ولكنكم تجهلونها وتعرضون عنها وتظنون ألا وجود لها إلا في أحضان النساء ، وبين أستارهن وأرائكهن ، فتبذلون في سبيلها من دموعكم وآلامكم ما لا قبل لكم باحتماله ، فلا تلبثون أن تذبل حياتكم ، وتضوى أجسامكم ، وتنطفيء جذوة نفوسكم قبل أوانها ، فتموتوا أضيع ميتة وأخسرها ، لا أملاً أفدتم ، ولا حياةً حفظتم ."






"يجب أن ينفس عن المرأة من ضائقة سجنها لتفهم أن لها كيانا مستقلا، وحياة ذاتية، وأنها مسؤولة عن ذنوبها وآثامها أمام نفسها وضميرها، لا أمام الرجل.
يجب أن تعيش في جو الحريّة الفسيح وتستروح رائحته الأريجة، ليستيقظ ضميرها الذي أخمده السجن والاعتقال من رقدته، ويتولى بنفسه محاسبتها على جميع أعمالها، ومراقبة حركاتها وسكناتها، فهو أعظم سلطانا، وأقوى يدا من جميع الوازعين المسيطرين."






"إن خبز الأشرار يملأ الفم حصى"






"فليذهب الماضي بخيره وشره , وليأتنا الحاضر بما نريد"."






"كثيراً ما يخطىء الناس في التفريق بين التواضع وصغر النفس، وبين الكبر وعلو الهمة..

فيحسبون المتذلل المتملق الدنيء متواضعاً ويسمون الرجل إذا ترفع بنفسة عن الدنايا وعرف حقيقة منزلته من المجتمع الإنساني متكبراً..


وما التواضع إلا الأدب، ولا الكبر إلا سوء الأدب.."







"وكذلكـ يعبث الدهر بالانسان ما يعبث، ويذيقه ما يذيقه من صنوف الشقاء وألوان الآلام حتى اذا علم انه قد أوحشه وأرابه وملأ قلبه غيظا وحنقا، أطلع له في تلكـ السماء المظلمة المدلهمه بارقة واحدة من بوارق الأمل الكاذب، فاسترده بها إلى حظيرته راضيا مغتبطاً كما تقاد السائمة (( الماشية المتروكة في المرعى )) البلهاء بأعواد الكلأ إلى مصرعها، فما أسعد الدهر بالانسان وما أشقى الانسان به.."





"النفس الإنسانية كالغدير الراكد الذي لا يزال رائقًا حتى يسقط فيه حجر فإذا هو مستنقع كدر، والعفة لون من ألوان النفس لا جوهر من جواهرها، وقلّما تثبت الألوان على أشعة الشمس المتساقطة"





"هذبوا رجالكم قبل أن تهذبوا نسائكم فإن عجزتم عن الرجال فأنتم عن النساء أعجز"




"أعجب ما أعجب له في شؤونكم أنكم تعلمتم كل شيء، إلا شيئاً واحداً هو أدنى إلى مدارككم أن تعلموه قبل كل شيء، وهو أن لكل تربة نباتاً ينبت فيها، ولكل نبات زمناً ينمو فيه.

رأيتم العلماء في أوروبا يشتغلون بكماليات العلوم بين أمم قد فرغت من ضرورياتها، فاشتغلتم بها مثلهم في أمة لا يزال سوادها الأعظم في حاجة إلى معرفة حروف الهجاء.


ورأيتم الفلاسفة فيها ينشرون فلسفة الكفر بين شعوب ملحدة، لها من عقولها وآدابها ما يغنيها بعض الغناء عن إيمانها، فاشتغلتم بنشرها بين أمة ضعيفة ساذجة لا يغنيها عن إيمانها شيء، إن كان هناك ما يغني عنه.


ورأيتم الرجل الأوروبي حراً مطلقاً يفعل ما يشاء ويعيش كما يريد، لأنه يستطيع أن يملك نفسه وخطواته في الساعة التي يعلم فيها أنه قد وصل إلى حدود الحرية التي رسمها لنفسه فلا يتخطاها، فأردتم أن تمنحوا هذه الحرية نفسها رجلاً ضعيف الإرادة والعزيمة، يعيش من حياته الأدبية في رأس مُنحدرٍ زَلقٍ إن زلّت به قدمُه مرة تدهور من حيث لا يستطيع أن يستمسك، حتى يبلغ الهوّة ويتردى في قرارتها.


ورأيتم الزوج الأوروبي الذي أطفأت البيئة غيرته.. وأزالت خشونة نفسه وحُرْشَتَهَا ، يستطيع أن يرى زوجته تخاصر من تشاء، وتصاحب من تشاء، وتخلو بمن تشاء، فيقف أمام ذلك المشهد موقف الجامد المتبلد. فأردتم الرجل الشرقي الغيور الملتهب أن يقف موقفه، ويستمسك استمساكه!..

إن كل نبات يزرع في أرض غير أرضه، أو في ساعة غير ساعته، إما أن تأباه الأرض فتلفظه، وإما أن ينشب فيها فيفسدها."



-------------

"السرور نهار الحياة ، والحزن ليلها ، ولا يلبث النهار الساطع أن يعقبه الليل القاتم."


-------------


"لا يظلم الله عبداً من عباده ، ولا يريد بأحدٍ من الناس في شأنٍ من الشؤون شراً ولا ضيراً، ولكن الناس يأبون إلا أن يقفوا على حافة الهوةَّ الضعيفة فتزلُّ بهم أقدامهم، ويمشوا تحت الصخرة البارزة المشرفة فتسقط على رؤسهم."




"تقفون غداً بين يدي الله يا ملوك الإسلام, وسيسألكم عن الإسلام الذي أضعتموه وهبطتم به من علياء مجده حتى ألصقتم أنفه بالرغام. وعن المسلمين الذين أسلمتوهم بأيديكم إلى أعدائهم ليعيشوا بينهم عيش البائسين المستضعفين، عن مدن الإسلام وأمصاره التي اشتراها آباؤكم بدمائهم وأرواحهم ثم تركوها في أيديكم لتذودوا عنها ، وتحموا ذمارها، فلم تحركوا في شأنها ساكناً حنى غلبكم أعداؤكم عليها، فأصبحتم تعيشون فيها عيش الإذلاّء، وتُطردون منها كمل يُطرد الغرباء، فماذا يكون جوابكم إن سئلتم عن هذا كلِّه غداّ؟."




"الْخُلُق: هو الصرخة التي يصرخها الشجاع في وجه من يجتريء على إهانة وطنه، أو العبث بكرامة قومه."





أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-09-2011, 02:03 PM   #10
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: رحـلـة مـع مـفّكر




عباس محمود العقاد





حياته

ولد العقاد في أسوان في 29 شوال 1306 هـ - 28 يونيو 1889، لأم من أصول كردية [1][2][3]. ومن ذرية الصحابي خالد بن الوليد الذين سكنو كردستان العراق.[بحاجة لمصدر] وجده لأمه هو محمد أغا الشريف ويعزى نسبه إلى النبي محمد في بعض المراجع بينما يعزوه أحد المراجع إلى العباس بن عبدالمطلب[4]. وتخرج من المدرسة الابتدائية سنة 1903.

أسس بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري "مدرسة الديوان"، وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن القالب التقليدي العتيق. عمل العقاد بمصنع للحرير في مدينة دمياط، وعمل بالسكك الحديدية لأنه لم ينل من التعليم حظا وافرا حيث حصل على الشهادة الابتدائية فقط، لكنه في الوقت نفسه كان مولعا بالقراءة في مختلف المجالات، وقد أنفق معظم نقوده على شراء الكتب، والتحق بعمل كتابي بمحافظة قنا، ثم نقل إلى محافظة الشرقية.


وظائف الحكومة


« إن نفوري من الوظيفة الحكومية في مثل ذلك العهد الذي يقدسها كان من السوابق التي أغتبط بها وأحمد الله عليها.. فلا أنسى حتى اليوم أنني تلقيت خبر قبولي في الوظيفة الأولى التي أكرهتني الظروف على طلبها كأنني أتلقى خبر الحكم بالسجن أو الأسر والعبودية.. إذ كنت أومن كل الإيمان بأن الموظف رقيق القرن العشرين »
إشتغل العقاد بوظائف كثيرة في المديريات ومصلحة التلغراف ومصلحة السكة الحديد وديوان الأوقاف وإستقال منها واحدة بعد واحدة ويذكر تجربة من "مهازلها ومآسيها" فيقول: « كنا نعمل بقسم الككلفات أي تدوين الملكيات الزراعية أيام فك الزمام، وليس أكثر في هذه الأيام من العقود الواردة من المحاكم ومن الأقاليم فلا طاقة للموظف بإنجاز العمل مرة واحدة فضلا عن إنجازه مرتين وأقرر.. نعم أقرر، وأقولها الآن وأنا أضحك كما يضحك القارئ وهو يتضفحها.. أقرر عددا من العقود أنجزه كل يوم ولا أزيد عليه ولو تراكمت الأوراق على المكتب كالتلال ومن هذه العقود عقد أذكره تماما.. إنه كان لأمين الشمسي باشا والد السيد علي الشمسي الوزير السابق المعروف، مضت عليه أشهر وهو بانتظار التنفيذ في الموعد الذي قررته لنفسي
وجاء الباشا يسأل عنه فرأيته لأول مرة، ورأيته لا يغضب ولا يلوم حين تبينت له الأعذار التي استوجبت ذلك القرار ».

ولما كتب أن "الاستخدام رق القرن العشرين" كان على أهبة الإستعفاء منها للاشتغال بالصحافة، يقول: « ومن السوابق التي أغتبط بها وأحمد الله
عليها



أنني كنت فيما أرجح أول موظف مصري استقال من وظيفة حكومية بمحض اختياره، يوم كانت الاستقالة من الوظيفة والانتحار في طبقة واحدة من الغرابة وخطل الرأي عند الأكثرين، بل ربما كانت حوادث الاستقالة أندر من حوادث الانتحار... وليس في الوظيفة الحكومية لذاتها معابة على أحد، بل هي واجب بؤديه من يستطيع، ولكنها إذا كانت باب المستقبل الوحيد أمام الشاب المتعلم فهذه هي المعابة على المجتمع بأسره، وتزداد هذه المعابة حين تكون الوظيفة ــ كما كانت يومئذ ــ عملا آليا لا نصيب فيه للموظف الصغير والكبير غير الطاعة وقبول التسخير، وأما المسخر المطاع فهو الحاكم الأجنبي الذي يستولي على أداة الحكم كلها، ولا يدع فيها لأبناء البلاد عملا إلا كعمل المسامير في تلك الأداة ».

مل العقاد العمل الروتيني، فعمل بمصلحة البرق، ولكنه لم يعمر فيها كسابقتها، فاتجه إلى العمل بالصحافة مستعينا بثقافته وسعة إطلاعه، فاشترك مع محمد فريد وجدي في إصدار صحيفة الدستور، وكان إصدار هذه الصحيفة فرصة لكي يتعرف العقاد بسعد زغلول ويؤمن بمبادئه. وتوقفت الصحيفة بعد فترة، وهو ماجعل العقاد يبحث عن عمل يقتات منه، فاضطر إلى إعطاء بعض الدروس ليحصل على قوت يومه [5]جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية في الآداب غير أنه رفض تسلمها، كما رفض الدكتوراة الفخرية من جامعة القاهرة.

اشتهر بمعاركه الفكرية مع الدكتور زكي مبارك والأديب الفذ مصطفى صادق الرافعي والدكتور العراقي مصطفى جواد والدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ)، وكان الأستاذ سيد قطب يقف في صف العقاد.

توفي العقاد في 26 شوال 1383 هـ - 12 مارس 1964 ولم يتزوج حتى وفاته.
لم يتوقف إنتاجه الأدبي أبدا، رغم ما مر به من ظروف قاسية؛ حيث كان يكتب المقالات ويرسلها إلى مجلة فصول، كما كان يترجم لها بعض الموضوعات. منحه الرئيس المصري


شعره


لو صدق العقاد في صنوف العلم مرة فهو صادق ألف مرة إذا ما كان الموضوع المثار خاصاً باللغة العربية وآدابها لقد كتب
العقاد تسعة دواوين بين 1916 و1950[6].

في عام 1934 نظم العقاد نشيد "العلم" وكان وقتها يكتب في البلاغ،
قد رفعنا العلم......للعلا والفدا في عنان السماء حي أرض الهرم......حى مهد الهدى حي أم البقاء كم بنت للبنين......مصر أم البناة
من عريق الجدود أمة الخالدين......من يهبها الحياة وهبته الخلود فارخصي يا نفوس......كل غال يهون
وهبته الخلود إن رفعنا الرؤوس......فليكن ما يكون ولتعيش يا وطن ولتعيش يا وطن

وعلى إثر هذا النشيد اجتمع طائفة من كبار أدباء مصر ومفكريها وأقاموا له حفل تكريم في مسرح حديقة الأزبكية، حضرها جمهور كبير من الأعلام والوزراء، وكان في مقدمة المتكلمين الدكتور طه حسين فألقى خطبة قال فيها: « تسألونني لماذا أومن بالعقاد في الشعر الحديث وأومن به وحده، وجوابي يسير جدا، لماذا؟ لأنني أجد عند العقاد مالا أجده عند غيره من الشعراء... لأني حين أسمع شعر العقاد أو حين أخلوا إلى شعر العقاد فإنما أسمع نفسي وأخلو إلى نفسي. وحين اسمع شعر العقاد إنما اسمع الحياة المصرية الحديثة وأتبين المستقبل الرائع للأدب العربي الحديث » ثم يشيد بقصائده ولا سيما قصيدة ترجمة شيطان التي يقول إنه لم يقرأ مثلها لشاعر في أوروبا القديمة وأوربا الحديثة. ثم قال في النهاية: « ضعوا لواء الشعر في يد العقاد وقولوا للأدباء والشعراء أسرعوا واستظلوا بهذا اللواء فقد رفعه لكم صاحبه »

من قول جابر عصفور عن العقاد: « فهو لم يكن من شعراء الوجدان الذين يؤمنون بأن الشعر تدفق تلقائي للانفعالات... بل هو واحد من الأدباء الذين يفكرون فيما يكتبون، وقبل أن يكتبوه، ولذلك كانت كتاباته الأدبية "فيض العقول"... وكانت قصائده عملا عقلانيا صارما في بنائها الذي يكبح الوجدان ولا يطلق سراحه ليفيض على اللغة بلا ضابط أو إحكام، وكانت صفة الفيلسوف فيه ممتزجة بصفة الشاعر، فهو مبدع يفكر حين ينفعل، ويجعل انفعاله موضوعا لفكره، وهو يشعر بفكره ويجعل من شعره ميدانا للتأمل والتفكير في الحياة والأحياء. ».

ويقول زكي نجيب محمود في وصف شعر العقاد: « إن شعر العقاد هو البصر الموحي إلى البصيرة، والحسد المحرك لقوة الخيال، والمحدود الذي ينتهي إلى اللا محدود، هذا هو شعر العقاد وهو الشعر العظيم كائنا من كان كاتبه... من حيث الشكل، شعر العقاد أقرب شيء إلى فن العمارة والنحت، فالقصيدة الكبرى من قصائده أقرب إلى هرم الجيزة أو معبدالكرنك منها إلى الزهرة أو جدول الماء، وتلك صفة الفن المصري الخالدة، فلو عرفت أن مصر قد تميزت في عالم الفن طوال عصور التاريخ بالنحت والعمارة عرفت أن في شعر العقاد الصلب القوي المتين جانبا يتصل اتصالا مباشرا بجذور الفن الأصيل في مصر. »[7].

وقد قام طه حسين بمبايعة العقاد بإمارة الشعر سنة ‏1934 بعد سنتين من وفاة أمير الشعراء أحمد شوقي سنة ‏1932 « لكن مبايعة طه حسين للعقاد بالإمارة كانت عملا من أعمال السياسة أكثر منها عملا من أعمال الأدب والنقد‏ وفي ذلك العصر‏‏ في الثلاثينات كانت عين السياسة والسياسيين مركزة علي الأدب والأدباء‏ فالقصر الملكي يريد أن يكون له أدباؤه وشعراؤه »[8].


مؤلفاته


منذ تعطلت جريدة الضياء في 1936 وكان فيها مديرا سياسيا انصرف جهده الأكبر إلى التأليف والتحرير في المجلات فكانت أخصب فترة إنتاجا فقد ألف فيها 75 كتابا من أصل نحو 100 كتاب ونيف ألفها. هذا عدا نحو 15 ألف مقال أو تزيد مما يملأ مئات الكتب الأخرى.

مؤلفات العقاد مؤرخة

أصدرت دار الهلال للعقاد أول كتبه خلاصة اليومية (1912)
والشذور والإنسان الثاني (1913)
ساعات بين الكتب (1914)
خرج أول دواوينه يقظة الصباح (1916) وقد احتوى الديوان على قصائد عديدة منها «فينوس على جثة أدونيس» وهي مترجمة عن شكسبير وقصيدة «الشاعر الأعمى» و«العقاب الهرم» و«خمارويه وحارسه» و«رثاء أخ» و«ترجمة لقصيدة الوداع» للشاعر الاسكتلندي برنز.
ديوان وهج الظهيرة (1917)
ديوان أشباح الأصيل (1921)
الديوان في النقد والأدب، بالاشتراك مع إبراهيم عبدالقادر المازني، وقد خصص لنقد أعلام الجيل الأدبي السابق عليهما مثل شوقي والمنفلوطي والرافعي (1921)
الحكم المطلق في القرن العشرين (1928)، كانت مصر في ذلك الوقت امتحنت بالحكم الدكتاتوري، وكان موسوليني قد ظهر في إيطاليا، فألف كتابه هذا وحمل فيه على هذا الحكم الاستبدادي حملة شعواء وأبان فساده. ثم أصدر كتابه اليد القوية في مصر (1928)
ديوان أشجان الليل (1928)
الفصول، مجمع الأحياء (1929)
ديوان هدية الكروان (1933)
سعد زغلول (1936)
ديوان عابر سبيل، شعراء مصر وبيانهم في الجيل الماضي، إضافة على ساعات بين الكتب وإعادة طبعه (1937)
بعد خروجه من السجن ببضعة أعوام كتب لمجلة "كل شيء" في "حياة السجن" عدة مقالات جمعها في كتاب بعنوان في عالم السدود والقيود (1937)
سارة (1938)، سلسلة مقالات بعنوان "مواقف في الحب" كتبها لمجلة الدنيا الصادرة عن دار الهلال، والتي جمعها فيما بعد في هذا الكتاب.
رجعة أبي العلاء (1939)
هتلر في الميزان، النازية والأديان (1940)
عبقرية محمد، عبقرية عمر (1941)
ديوان وحي الأربعين وديوان أعاصير مغرب (1942)
الصديقة بنت الصديق، دراسة عن عمر بن أبي ربيعة (1943)

ابن الرومي حياته من شعره
عمرو بن العاص، دراسة أدبية عن جميل وبثينة (1944)
هذه الشجرة، الحسين بن علي، بلال بن رباح، داعي السماء، عبقرية خالد بن الوليد، فرنسيس باكون، عرائس وشياطين، في بيتي (1945)
ابن سينا، أثر العرب في الحضارة الأوربية (1946)
الله، الفلسفة القرآنية (1947)
غاندي، عقائد المفكرين (1948)
عبقرية الإمام (1949)
ديوان بعد الأعاصير، برناردشو، فلاسفة الحكم، عبقرية الصديق (1950)
الديمقراطية في الإسلام، ضرب الإسكندرية في 11 يولية، محمد علي جناح، سن ياتسن، بين الكتب والناس (1952)
عبقرية المسيح، إبراهيم أبو الأنبياء، أبو نواس (1953)
عثمان بن عفان، ألوان من القصة القصيرة في الأدب الأمريكي، الإسلام في القرن العشرين (1954)
طوالع البعثة المحمدية، الشيوعية والإنسانية، الصهيونية العالمية، إبليس (1955)
معاوية في الميزان، جحا الضاحك المضحك، الشيوعية والوجودية (1956)
بنجامين فرانكلين، الإسلام والاستعمار، لا شيوعية ولا استعمار، حقائق الإسلام وأباطيل خصومه (1957)
التعريف بشكسبير (1958)
القرن العشرين، ما كان وسيكون، المرأة في القرآن، عبد الرحمن الكواكبي (1959)
الثقافة العربية أسبق من الثقافة اليونانية والعبرية، شاعر أندلسي وجائزة عالمية (1960)
الإنسان في القرآن، الشيخ محمد عبده (1961)
التفكير فريضة إسلامية (1962)
أشتات مجتمعات في اللغة والأدب (1963)
جوائز الأدب العالمية (1964)


السيرة الذاتية

أنا (196؟)، يذكر طاهر الطناحي: « في نحو السابعة والخمسين من عمره اقترحت عليه أن يكتب كتابا عن حياته فأجابني: "سأكتب هذا الكتاب وسيكون عنوانه عني وسيتناول حياتي من جانبين: الأول حياتي الشخصية... والجانب الثاني حياتي الأدبية والسياسية والاجتماعية أو بعبارة أخرى حياة قلمي" كان هذا الحديث في أواخر سنة 1946. وقد كتب لمجلة قبل ذلك مقالتين "بعد الأربعين" و"وحي الخمسين"... فاعتزمت أن استكتبه في الهلال سائر فصول هذا الجانب إلى نهايته ثم أجمعه له في كتاب منفرد كما فعلت في كتاب رجال عرفتهم... وكان أول ما كتبه بعد هذا الاتفاق مقال: إيماني في يناير 1947 ثم مقال أبي إلى آخر ما كتبه من الفصول التي قربت على الثلاثين فصلا... فأخذت في جمع هذه الفصول وضممت إليها خمسة فصول نشرتها مجلات... وما كدت أنتهي من جمعها حتى مرض وعاجلته المنية. فرأيت من الوفاء لأن أنشر هذا الكناب واخترت لع عنوان "أنا"... وقد كان يترك لي عنوان بعض مقالاته وكتبه في الهلال »
حياة قلم، وفيه حياة قلمه حتى ثورة 1919، وقد كان في عزمه أن يكمله ولأمر م وقف به هذا الموقف.


تقدير العقاد


تُرجمت بعض كتبه إلى اللغات الأخرى، فتُرجم كتابه المعروف "الله" إلى الفارسية، ونُقلت عبقرية محمد وعبقرية الإمام علي، وأبو الشهداء إلى الفارسية، والأردية، والملاوية، كما تُرجمت بعض كتبه إلى الألمانية والفرنسية والروسية. وأطلقت كلية اللغة العربية بالأزهر اسم العقاد على إحدى قاعات محاضراتها [9], وسمي باسمه أحد أشهر شوارع القاهرة وهو شارع عباس العقاد الذي يقع في مدينة نصر.


مصادر

^ « لقد كانت أسرة أمي من أبويها جميعا كردية قريبة عهد بالقدوم من ديار بكر، وقد رأيت أحدهم لا تميزه من أمم الشمال في لونه وقامته » ـ عن مقاله "أمي"
^ محمد علي الصويركي، موقع كردي
^ في شبكة بيور، منتدى كردي
^ طاهر تونسي
^ ماهر حسن، المصري اليوم
^ الهيئة العامة للاستعلامات، "وأثناء الفترة من 1916 وحتى 1958 قام بتأليف 11 جزءاً من الشعر"
^ في الفصل الأول من كتابه مع الشعراء
^ رجاء النقاش، ناقد لبناني يستغيث من شعر العقاد‏!‏
^ أحمد تمام، إسلام أون لاين


ويكيبيديا



أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:59 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. موقع و منتديات سدير 1432 هـ - 1435 هـ

جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه