رسائل جوال سيرة المصطفى

[بين السطور]

كانت إصابة النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد أبلغ من أصابته يوم الطائف من الناحية الجسمية ، أما أصابته يوم الطائف فكانت أبلغ من الناحية النفسية ، لأن فيها معاناة ذهنية شديدة جعلته يستغرق في التفكير من الطائف إلى قرن المنازل حيث قال : ( ولم أفق إلا وأنا بقرن الثعالب ) ، فمشى هذه المسافة الطويلة مهموما مظلوما شريدا بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم .

[بين السطور]

نلحظ من قول النبي صلى الله عليه وسلم لملك الجبال : ( لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا ) تفاؤل النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يكن موقف أهل مكة أو أهل الطائف يومئذ يدعو للتفاؤل ، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام كان ينظر إلى المستقبل بعين ملؤها الفأل والرجاء الحسن .

[بين السطور]

وبعد أن أفاق النبي صلى الله عليه وسلم مما أصابه في الطائف ، سار حتى أتى وادي نخلة فأقام فيه أياما قبل أن يرحل عنه ، وهذا من حكمة النبي صلى الله عليه وسلم ، فالمرء بعد المصيبة يحتاج إلى فترة استرواح واستجمام ، ليقبل على الحياة بروح جديدة خالية من أكدار الأحزان والآلام .

[بين السطور]

خلال إقامة النبي صلى الله عليه وسلم في وادي نخلة بعث الله إليه نفرا من الجن فاستمعوا إليه وهو يقرأ القرآن ، فآمنوا به ورجعوا إلى قومهم منذرين قال الله تعالى : ( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين ) .

[بين السطور]

يدل سياق الآيات التي وردت في حضور الجن واستماعهم لقراءة النبي صلى الله عليه وسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بحضورهم حين حضروا ، وأن حضورهم ذاك كان لأول مرة ، واللافت للنظر حملهم أمانة التبليغ بمجرد معرفتهم للحق ، فأنذروا قومهم ودعوهم إلى الصراط المستقيم .

[بين السطور]

الآيات في سياق قصة حضور الجن تحمل بشائر النصر وأن أي قوة مهما كانت لن تستطيع أن تقف في وجه الإسلام ، فقد قالت الجن لقومهم كما جاء في سورة الأحقاف ( ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء ) ، وقالوا كما أخبر الله في سورة الجن عنهم ( وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا ) .

[بين السطور]

على المسلم أن يؤمن بوجود الجن وأنهم كائنات حية كلفها الله تعالى بعبادته كما كلفنا ، ولئن كانت حواسنا ومداركنا لا تشعر بهم ، فذلك لأن الله عز وجل جعل وجودهم غير خاضع للطاقة البصرية التي بثها في أعيننا ، ومعلوم أن أعيننا إنما تبصر نوعا معين من الموجودات بقدر معين .

[@ولدسدير@]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

يعطيك العافـــــــــــــــــيـــــــــــــــــــــة

[بين السطور]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة @ولدسدير@   السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة يعطيك العافـــــــــــــــــيـــــــــــــــــــــة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


الله يعافيك اخوي

[بين السطور]

لا ينبغي للعاقل أن يتبجح بأنه لا يؤمن إلا بما يتفق مع العلم فينكر وجود الجن بحجة أنه لم ير الجن ولم يحس بهم فهذا الزعم يستدعي إنكار كثير من الموجودات ، لعدم إمكان رؤيتها ، والقاعدة العلمية المشهورة تقول : " عدم الوجدان لا يستلزم عدم الوجود " ، أي : عدم رؤيتك لشيء تبحث عنه لا يعني أنه غير موجود .

[بين السطور]

عزم النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذه البشارات الواردة في قصة الجن وغيرها بالعودة إلى مكة لاستئناف مشوار الدعوة ، فقال له زيد رضي الله عنه: كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك ؟ يعني قريشا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا زيد إن الله جاعل لما ترى فرجا ومخرجا ، وإن الله ناصر دينه ومظهر نبيه .

[بين السطور]

كان الجوار من أخلاق العرب الحسنة وهو يشبه حق اللجوء السياسي في عصرنا الحاضر ، فالمجار يدخل في حماية المجير ، وقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم لما اقترب من مكة إلى الأخنس بن شريق وإلى سهيل بن عمرو ، فتعللوا ولم يمنحوه الجوار .

[بين السطور]

أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المطعم بن عدي ، وكان من أهل المروءة ، فأجار النبي صلى الله عليه وسلم وتهيأ هو وبنوه لحماية النبي صلى الله عليه وسلم ، وسأل أبو جهل المطعم : هل أنت مجير له أم متابع لدينه فقال المطعم : مجير ، فقال أبو جهل : قد أجرنا من أجرت .

[بين السطور]

لقد فاقت حنكة النبي صلى الله عليه وسلم السياسية كل أساطين السياسة الذين عرفهم التاريخ ، فبعد ما أصابه في الطائف كانت الخيارات المتاحة ضيقة أمامه ، ولم يكن له من سبيل إلا أن يدخل مكة منهزما ، ولكنه بهذا الجوار من المطعم بن عدي ، دخلها قويا مهابا يحرسه السلاح من كل جانب .

[بين السطور]

أشاد حسان رضي الله عنه بالموقف النبيل للمطعم في حمايته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال شعرا :
أجرت رسول الله منهم فأصبحوا *** عبيدك ما لبى مهل وأحرما
فلو سئلت عنه معد بأسرها *** وقحطان أو باقي بقية جرهما
لقالوا هو الموفي بخفرة جاره *** وذمته يوما إذا ما تذمما