العودة   منتديات سدير > `·• آفاق رحبة •·´ > ¨° الإسلامي °¨

¨° الإسلامي °¨ جميع ما يتعلق بالشريعة علماً و فكراً و منهجاً . قضايا معاصرة - أحكام - فتاوى - نصائح - بحوث شرعية - مقالات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-01-2011, 01:55 PM   #16
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: في رحآب الحديث

الحديث التاسع

من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه



بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
قال المؤلف حفظه الله تعالى:

عن أبي سعيد الخدري - رضي الله تعالى عنه - قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه،
فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " أخرجه مسلم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على رسول الله أما بعد:
أولًا قرأ الشيخ فهد فقال: قال المؤلف، وهنا فائدة يفرّقون بين المصنف والمؤلف
فيقولون: المؤلف هو الذي يجمع،
والمصنف هو الذي ينحت من ذهنه،

فإذا كان الكتاب عبارة عن جمع لأحاديث أو لنقولات فالأحسن أن يقال قال المؤلف؛
لأن التأليف هو الجمع:
( لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) يعني ماذا؟ جمع،
وفي البخاري قال، بابٌ، تأليف القرآن، يعني ماذا؟ يعني جمع القرآن،
أما التصنيف فهو أن يكتب الكاتب من ذهنه، ولا مشاحة في الاصطلاح، والأمر في ذلك سهل.

هذا الحديث من أعظم الأحاديث،
بل قال: قد قال بعضهم: هذا الحديث جمع الإسلام كله؛
لأن الإسلام أمر بمعروف ونهي عن منكر، فكل أحكام الإسلام تدل على الفضائل،
وفي المقابل تنهى عن الرذائل.

قوله: "من رأى" فيه أن ذلك يشمل من رأى سواء رأى بعينه الباصرة، أم بلغه الخبر علمًا،
فكل من رأى أو سمع منكرًا وعنده قدرة، فعليه أن يسعى في تغيير ذلك المنكر،
وفيه أن المنكر يختلف بحسب المغير له، فمن الناس من يقدر على تغيير المنكر بيده،
شريطة أن يكون في ذلك أمران: القدرة على ذلك، وعدم حصول المفسدة الكبرى في ذلك،
من الناس من يستطيع أن يغير بلسانه بحسب المنكر، ومن الناس من يعجز فلا يستطيع التغيير لا بلسانه،
ومن باب أولى لا يستطيع بيده، وهنا قاعدة أو هنا ضابط ذكره بعض أهل العلم،
قال: عند تغيير المنكر أو أحوال تغيير المنكر على أربعة أقسام:
إما أن يغير المنكر ويحل محله منكر أكبر منه، وهذا لا يجوز؛
لأن هذا إزالة مفسدة ترتب على إزالة تلك المفسدة الصغرى مفسدة ماذا؟ مفسدة كبرى، هذا لا يجوز،
يبقى المنكر على هيئته إذا ترتب على تغييره منكر أكبر فليبقَ على هيئته؛
ولذا يذكر أن شيخ الإسلام ابن تيمية لما دخل جنود التتار دمشق أو الشام كانوا يشربون الخمر فيتساقطون أو ينتشون، ويتركون القتال،
فكأن بعض تلاميذ شيخ الإسلام أو بعض المسلمين يريد أن يكسر دنان الخمر
أن يريق الخمر فكان يقول لهم دعوهم، إذا شربوا سكروا وغفلوا عنا، فإذا أفاقوا قتلوا المسلمين.
إذن:
الحال الأولى: أن يترتب على تغيير المنكر منكر أكبر وهذا لا يجوز.

الحالة الثانية: أن يترتب على تغيير المنكر منكر أصغر،
يعني يخِفّ شيء من المنكر وهذا يجب على من قدر عليه.

الحال الثالثة: أن يزول المنكر بالكلية، ولا يترتب في ذلك شيء، وهذا أوجب.

الحال الرابعة: أن يزول المنكر ويترتب في مكانه منكر مساوٍ له،
يقولون: وهذه بحسب حال المحتسب المغيِّر،
أحيانًا على سبيل المثال مثل بعض المعاصرين بأن ترى قومًا يرون مجلات مثلًا،
هذه المجلات فيها شُبَه عقدية تشكك في الصحابة، وتقدح في عدالة الصحابة الأطهار،
وترمي أمهات المؤمنين وتشكك في مسلمات الإسلام عمومًا وثوابته،
وهناك مجلات فيها قصص، إما قصص خرافات وماجنة وغزل، ولا بد من بقاء إحدى المجلتين،
من أخطر على القراء الأولى ولّا الثانية؟
الأولى لا شك ولا ريب؛ لأنها فتن شبهات، أما الأخرى فتن ماذا؟ شهوات،
تدرأ شر الأولى وتبقى الثانية ليس لأن فيها خير لكن لأنها أقل شرًّا،
والعرب إذا فرقت بين الشرين، ما تقول هذا أحسن من هذا، تقول هذا أقل شرا من هذا.

وفي الحديث أيضًا أن براءة الذمة لا تستلزم إزالة المنكر، بل ذلك مرهون بالاستطاعة،
ومن هنا يظهر خطأ بعض الناس، يوجب على الناس أن يسعوا في تغيير المنكر،
ويلزم نفسه بذلك مع علمه بأنه لا يستطيع، مع علمه بأنه سيترتب مضرات أو ضرر أكبر ومضرات كبرى،
هذا لا يجب عليه أن يأمر الناس بما لم يستطيعوا:
" لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا " ؛
ولهذا من ضعف الفقه والسياسة الشرعية أن بعض الناس يرى أنه من لازم الأمر
أن يتغير المنكر ولو ترتب ما ترتب، وهذا من الجهل:
"وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ" ماذا؟ "عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ" .

وفيه أيضًا كمال الشريعة وسماحتها حيث لم تكلف المسلم بما لا يستطيع،
وفي الحديث أيضًا أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، كما قرر ذلك أهل السنة والجماعة،
فالقول من أين نأخذه، من قوله: بلسانه،
والعمل من قوله: بيده،
والاعتقاد عمل القلب من قوله ماذا؟ فبقلبه،
وفي الحديث أيضًا أن الإيمان يزيد وينقص بحسب حال الشخص.

وهنا مسائل أذكرها باختصار:
المسألة الأولى:
لا يجوز إنكار الشيء أو الأمر إلا بأمرين:

الأمر الأول: أن يتحقق المغير أن ذلك الأمر منكر.

والأمر الثاني: أن يكون ذلك الأمر منكرًا في حق الفاعل.

والثالث: ألا يترتب على ذلك مضرة أكبر، مثال ذلك: رأيت رجلًا يأكل في رمضان هذا منكر،
لكن قد يكون هذا المنكر ليس منكرًا في حق الفاعل كيف ذلك؟ قد يكون الآكل ماذا؟
مسافرًا، قد يكون مريضًا، قد يكون ناسيا، فالمرض والسفر له ذلك، لكن النسيان لا،
هو منكر في حقه أنه لا يجوز، لكن كون أن الآكل مسافر أو مريض يحق له ذلك،
لكن إذا كان يأكل أمام الناس في مجتمع جميع أهله صيام، فهنا يقال:
ينبغي احترامًا لمشاعر الناس عدم الأكل، وأن لا يترتب منكر أكبر،
ترى رجلًا يفعل منكرًا إما بكذب أو بسب وتعلم أنك لو نهيته في هذا الحال سيترتب عليك أمر أكبر،
إما أن يسب دينك، أو أن يسب نبيك، أو أن يسب الصحابة، أو أن يسب أهل السنة،
المهم سيترتب منكر أكبر، فمن السياسة الشرعية فقه هذه المسائل؛
لأن الغرض تغيير المنكر لا إحداث منكر أكبر.

أيضًا من مسائل تغيير المنكر لم يستطع تغيير المنكر لا بيده ولا بلسانه ولا بقلبه،
هناك مرتبة رابعة جاءت في القرآن والسنة، والسنة يفسر بعضها بعضا، في قوله جل وعلا:
" وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا ماذا؟ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى "
قال صلى الله عليه وسلم:
"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر"

ماذا نستفيد من هذه النصوص؟ أن بعد تغيير المنكر بالقلب يستلزم ماذا؟ المفارقة،
أما قول بعض الناس: أنا كاره بقلبي لكني أجلس فأسمع هذا المنكر وأرى هذا المنكر،
هذا لا يسوغ له الجلوس، بل هو مشارك له في ذلك.

ثم يقال: أعظم المنكرات التي يجب تغييرها، ما تعلق بأمور الشبهات من البدع،
وما يقدح في جناب التوحيد، وما يتبع ذلك،
وشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قام بها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كلهم،
وكانت تلك الشعيرة أساس دعوتهم.

ودعاة الخير أولى الناس بإحياء هذه الشعيرة، أعني الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
وما ضعفت مجتمعات المسلمين إلا بتفريط كثير من دعاة الإصلاح في هذه الشعيرة،
نعم يعنون بمنكرات، لكن هناك ما هو أولى منها.

في بعض مجتمعات المسلمين، الشرك قد ضرب أطنابه، وقد رفع راياته،
والتوحيد قد يكون غريبًا، التوحيد الصافي، ومما أعان على غربته بعض من يتولى دعوة الإصلاح،
بعضهم يغلب جانب الشهوات، ولا يلقي بالًا لجانب الشبهات،
بل يزعم أن تغيير المنكرات العقدية فيها تفريق للأمة، وما علم هذا المسكين أنه بقوله هذا يفرق الأمة،
المسلمون فيهم خير كثير، وفِطَرهم تحب الخير وتبحث عن الخير،
لكن إذا بلوا بمن حجب عنهم الخير بزعم الإصلاح هنا تكون المصيبة،
فيا دعاة الخير أنتم من بلاد شتى، وقد تحملتم أمانة العلم، ومجتمعاتكم وأمتكم تنتظر منكم.

ذهبت إلى غير بلدك ورأيت في بعض البلاد أنك قد لا تصلي في الغالب في مسجد
بل تصلي في الحدائق أو في الفنادق لكثرة الأضرحة، وكثرة الشركيات والبدع العقدية،
وإذا جالست هؤلاء العامة، وجدت أن قلوبهم طيبة، وأنهم يحبون الخير، ويتقبلون،
لكن علماء السوء فرطوا أو تعمدوا صرفهم،
إذن فأولى الناس بإصلاح الناس بعد توفيق الله أنتم، يا من تتحملون أمانة العلم..
دخلت في بلد، في قرية يظهر عليها آثار الفقر والمرض، وإذا بمبنى شاهق،
مبنى رفيع بالنسبة لبيوت القرية، وعليه أثر الاعتناء، فدخلت مع -الصاحب- أو مع صاحبي،
وإذا بضريح، والرمل منتقى ومصفى، والرائحة الزكية على ستار الضريح،
وإذا برجل ساجد، سجود في الضريح، فقلت له: يا هذا قم، هذا الميت لا ينفع نفسه فضلا عن أن ينفع غيره،
فقام المسكين ونظر إلي واستغرب ورجع،
فسألت صاحبي -وهو من أهل البلد-: لماذا الرجل خائف ورجع هناك؟
قال: لأنه رُبي ونُشئ على أن من أهان هذا الولي أو شكك في قدرة منفعته للناس
أنه تنزل صاعقة عليه، فهو يبتعد حتى ما تصيبه الصاعقة منك.
مسكين، لو وجه هذا للتوحيد الصافي لرأيته من أحرص الناس، ومن أحب الناس للتوحيد.

إذن ما قامت تلك البدعة العقدية إلا بتفريط كثير من دعاة الإصلاح، لا نتشاءم، حاشا وكلا،
ولكن على المسلم أن يسعى إلى الخير جهده كما قال:
على المرء أن يسعى إلى الخير جهده
وليس عليــه أن تتـم المقــاصد


التغيير لمنكرات الشبهات أولى وأوجب وأجدر، لكن بالعلم،
بالإخلاص لله تعالى وبالعلم في طريقة الإنكار.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-01-2011, 08:14 PM   #17
عضو نشيط جداً
 
الصورة الرمزية النابغة
 
تم شكره :  شكر 104 فى 84 موضوع
النابغة will become famous soon enoughالنابغة will become famous soon enoughالنابغة will become famous soon enough

 

رد: في رحآب الحديث

جزاكم الله خير الجزاء

النابغة غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 30-01-2011, 12:46 AM   #18
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: في رحآب الحديث

الحديث العاشر

إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله


وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: استأذن رهط من اليهود على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا:
السام عليكم، فقلت: بل عليكم السام واللعنة، فقال يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله،
قلت: أولم تسمع ما قالوا ! قال: قلت: وعليكم أخرجه البخاري.

وعنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق،
ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه أخرجه مسلم.

قول اليهود: السام عليك فيه أن حقد اليهود عظيم، وفيه أن اليهود قوم بهت،
وفيه عظيم بغض اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم، ولدينه، ولأمته عموما،
وفيه أنه إذا كان أعداء الإسلام يقدحون في النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته
بل وبمحضره فليس غريبا عليهم أن يقدحوا فيه بعد مماته؛
ولهذا ما حصل من قدح في النبي -عليه الصلاة والسلام- على تقادم الأزمان ليس غريبا،
فقد قدحوا فيه بمحضره صلى الله عليه وسلم، وهذا دليل على عظم دينه،
وعظم شأن النبي صلى الله عليه وسلم،
وفيه أيضا أن شانئ النبي -عليه الصلاة والسلام- وأن القادح فيه والذامّ له أنه هو الخاسر،
وليس هذا مقصورا على النبي عليه الصلاة والسلام، بل وفي حقه آكد،
ثم أيضا في حق من نصر سنته واتبع هديه: "وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ"
كل من آمن وسلك السبيل السوي.

وفيه أيضا عظيم كيد أهل الضلال، وأنهم قد يؤذون داعية الخير، ولو في عقر داره،
انظر: جاءوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- في بيته، أضيافا عليه، وكان -عليه السلام- أكرم الناس،
فأدخلهم في داره، ومع هذا آذوه بالقول، كما آذوه من قبل ومن بعد بالفعل،
وعلى داعي الخير أن يوطن نفسه، قد يؤذى في بيته، يهان في شخصه، في سمعته،
فإذا كان على خير فلا ضير، وفيه أيضا في قوله عليه الصلاة والسلام:
إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله
فيه أن من أسماء الله الرفيق:
إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله
وفيه فضل الرفق، والتأني في الأمر قبل القطع فيه،
وبخاصة في دعاة الخير، تأنَّ قبل أن تدعو، تبصَّر فيما ستقول وفيما ستعمل،
كم من إشاعة بنى عليها بعض الناس أمورا فزادوا الفساد فسادا،
ولو أنهم ترفقوا وترووا وتأنوا لصلح العطب وزال الشر والفساد:

قـد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلـل

وخير من قول الشاعر قول نبي الله صلى الله عليه وسلم:
إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله وكذا قوله صلى الله عليه وسلم:
إذا أراد الله بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق
وكذا قوله صلى الله عليه وسلم:
من يحرم الرفق يحرم الخير في الأمر كله
وكذا قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث قاله ابن القيم في إعلام الموقعين إسناده جيد:
التأني من الله، والعجلة من الشيطان
وكذا قوله صلى الله عليه وسلم:
التؤدة في كل شيء خير، إلا في أمر الآخرة التؤدة الترفق،
وليس المراد أن تأخذ الأمور جزافا، ولكن تبادر وتسارع إلى فعل الخير ببصيرة، بعلم وبصيرة،
وفيه إثبات صفة الرفق لله تعالى، والمحبة؛ إثبات صفة المحبة لله تعالى، يحب الرفق في الأمر كله،
وفيه أن في الرفق حصول الخير للداعي والمدعوين، كما أن في العنف حصول الضرر للداعي والمدعوين،
فعلى داعية الخير أن يترفق، وليس المراد أن يتقاعس وأن يتكاسل،
لا، الترفق أن يأخذ الأمر بروية، وأن لا يتسرع فيندم ويعض أصابع الندم.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 30-01-2011, 09:55 PM   #19
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: في رحآب الحديث

  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النابغة مشاهدة المشاركة  

جزاكم الله خير الجزاء

 
ولك بمثله أخي الكريم

أشكر لك تشريفك
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01-02-2011, 10:33 PM   #20
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: في رحآب الحديث

الحديث الحادي عشر

لا تلعنوه، فوالله ما علمت إنه يحب الله ورسوله


وعن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-: أن رجلا على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-
كان اسمه عبد الله وكان يلقب حمارا، وكان يُضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد جلده في الشراب، فأتي به يوما فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم :
اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تلعنوه؛ فوالله ما علمت إنه يحب الله ورسوله أخرجه البخاري.

والله ما علمت أيش عندك؟ إنه يحب الله ورسوله،
أي : والله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله. الشاهد في قوله : كان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فيه سماحة خلق النبي صلى الله عليه وسلم، رءوف رحيم ومن رأفته أنه يضحك مع أصحابه،
ويتبسم معهم ويتبسط التبسط المحمود، أيضا وفيه الرد على من زعم أن الضحك والتبسم لا يليق بأهل العلم والوقار ودعاة الخير،
بعض الناس يمنع أو يتحرج من الضحك ديانة، بل وينكر على من ضحك،
ويرى أن ذلك مما ينقص الهيبة، وما يخرم المروءة، وهذا من الجهل؛
فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يضحك ويتبسم ويتبسط مع أصحابه -رضي الله تعالى عنهم-
لكن ذكر أهل العلم أن الضحك والتبسم على قسمين :
قسم مذموم :
وهو الذي يخرج به الإنسان عن حد المروءة، لا تراه إلا ضاحكا متمسخرا،
كثير الضحك في كل مجلس، لا يفرق في جميع الأحوال، فهذا مذموم،
إياك وكثرة الضحك؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.

أما الضحك المحمود :
هو الضحك بقدر، فيه إدخال السرور من غير تمسخر أو تنقص،
ومما يأتي في بعض السير، بعض التراجم، قولهم عن بعض المترجمين :
لم يُرَ ضاحكا أو لم ير يتبسم قط، في الغالب أن أهل العلم ينتقدون هذا الأمر،
فيقولون: النبي -عليه الصلاة والسلام- أكمل المؤمنين أخلاقا، وأعظمهم هيبة ومهابة، ومع هذا لم يكن على هذا الهدي،
أو على هذا النهج من عدم الضحك والتبسم؛ ولهذا كان من شمائله -عليه الصلاة والسلام- التنوع بحسب حال المخاطبين والمجالس،
ومن قرأ في شمائل الترمذي أو في غيرها رأى تنوع أحوال النبي عليه الصلاة والسلام، ودعاة الخير أولى الناس بهذا،
في مجلس يتبسطون، فيه دعابة، مجلس فيه حزم، مجلس فيه نوع من الترويح، مجلس فيه علم وجد وإنكار وأمر؛
ولهذا تقرأ في فهارس شمائل الترمذي باب في ضحكه صلى الله عليه وسلم،
باب في تبسمه صلى الله عليه وسلم،
باب في بكائه صلى الله عليه وسلم،
باب في غضبه صلى الله عليه وسلم،
باب في فرحه صلى الله عليه وسلم، وهكذا، والحكيم هو الذي يضع الأمور مواضعها، الضحك موطن الضحك، والغضب موطن الغضب.
أما التقطيب والعبوس والنفور من الأنس والترويح فهذا يأباه الإسلام وهدي الإسلام،
وفيه أيضا أن غلبة الدعابة على رجل لا تنقص من شخصه،
فهنا قال: كان يُضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتمايز الناس يتفاوتون، فقد يغلب على بعضهم الدعابة،
كما يغلب على بعضهم الغضب، يغلب على بعضهم الصمت، يغلب على بعضهم الوقار، فالناس أجناس،
ونحن نعلم في مجالسنا وفي مجتمعاتنا أناس تغلب عليهم الدعابة،
لكن شريطة أن لا تخرج تلك الدعابة إلى محظور شرعي، فهذا الرجل كان يضحك النبي عليه الصلاة والسلام.
من المعلوم أن إقرار النبي عليه السلام له دليل على أنه لم يكن في ضحكه يرتكب محظورا، يعني تهكما بأحد،
أو قدحا في أحد، لهذا بعض الناس إذا غلب عليه الدعابة فلا ينكر عليه إذا كان بقدر، ولم يجرح أو لم يجرح دعابته بمحظور شرعي،
وقوله : كان يلقب في الأول حمارا، جواز تلقيب الرجل باسم الحيوان، أو بأي اسم إذا كان يؤثر فيه،
ولم يكن في الاسم محظور شرعي، فبعض الناس يحب هذا اللقب الذي اشتهر به، بل بعض الناس لم يعرف إلا بلقبه، وغاب اسمه،
وهنا أذكر أمرا، نَقَدَ بعض الناس من دعاة الشعوبية إطلاق أسماء الحيوانات على العرب، أو تسمي العرب،
ليس هذا من دعوة القومية حاش وكلا، لكن فائدة علمية، ذكر ابن قتيبة وغيره، أن العرب لما سمت بهذه الأسماء أخذت أفضل
أوصافها فسمت بجحش وبحمار، وبجمل، وبذئب، لقوته، لتحمله، وما شاكل ذلك، كما أن الغراب اسم مشهور في الرواة،

أيضا فيه في الحديث قوله :
لا تلعنوه، فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله،
فيه الإنكار على من خالف منهج الإنكار، قد يكون المنكر المعروف ارتكب خطأ فينكر عليه،
ولهذا قد يخطئ الناصح، قد يخطئ المنكر،
الرجل الذي كان ينصح أخاه في الحياء، يعظ أخاه في الحياء، هل أقره النبي عليه الصلاة والسلام، أم أنكر عليه،
أنكر عليه، قال : دعه، هو ينصح أخاه، قصده سليم، قال: دعه، فإن الحياء لا يأتي إلا بخير
كذلك هنا أخطئوا في الإنكار عليه، لعنوه، ولو كان قصدهم الإنكار فقد يقع صاحب تغيير المنكر في منكر آخر،
لا تلعنوه، أيضا في الحديث الترفق بالمنكر عليه، ولو تكرر المنكر، إذا عُلِمَ منه أنه يحب الخير.
بعض المنكرين إذا رأى الشخص قد تكرر منه المنكر قد يتغير، يفرق بين الأشخاص، بعض الناس تغلبه نفسه،
ويُعلم أنه يحب الخير، لكن النفس أمارة بالسوء، بعض الناس لا، تعلم أنه لا يحب الخير، ويتعمد تكرار المنكر،
مطاوعة لشيطانه وهواه، ولم يُعرف بحب الخير، فينبغي أن نفرق، ثم أيضا ينبغي على دعاة الخير،
أن ينظروا للمنْكَرِ عليهم بنظرة النصح والشفقة، تختلف المنكرات حتى في المنكر العقدي، يقول شيخ الإسلام رحمه الله :
ننظر إلى هؤلاء المخالفين بمنهج أهل السنة والجماعة بمنظارين : بعين القدر نرحمهم، بعين الشرع نبغضهم،
نبغضهم لأعمالهم، لكن نحمد الله أن عافانا مما ابتلاهم به، وندعو لهم بالتوفيق والهداية، أيضا فيه النهي عن اللعن بغير حق.
وفي الحديث أيضا فيه ذكر ما في صاحب المعصية من خصال الخير، لعل ذلك يكون دافعا له لترك الشر،
وأيضا لتذكير المنكرين بالترفق مع المنكر عليه، يشرب الخمر مرارا ويجلد، ثم لما لعن،
نهاهم عن اللعن -عليه الصلاة والسلام- وقال :
والله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله
وفيه أيضا أن مرتكب الكبيرة لا يَكفُر،
خلافا لمن كفر كالخوارج ومن سار على نهجهم، لا يكفر، الخمر من كبائر الذنوب، وتكرر شربه، ومع هذا لم يكفر،
بل يحب الله ورسوله، فعلى دعاة الخير أن يعلموا هذه الأصول وتلك الفروع في مسائل الإنكار،
كم من محب للخير جلب على نفسه شرا، وجلب على المدعوين شرا، لعدم فقهه بهذه المسائل الشرعية العظيمة .
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-02-2011, 10:37 AM   #21
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: في رحآب الحديث

الحديث الثاني عشر

تبسمك في وجه أخيك لك صدقة

وعن أبي ذر -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة،
وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة،
وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة" أخرجه البخاري في الأدب المفرد والترمذي وابن حبان.

أخرجه البخاري في الأدب المفرد، الأدب المفرد كتاب للإمام البخاري يختلف عن الصحيح،
فإذا أطلق البخاري رواه البخاري فينصرف إلى ماذا؟ إلى الصحيح،
وإذا أرادوا غيره قيدوه، كرواه البخاري في الأدب المفرد، رواه البخاري في التاريخ الكبير،
التاريخ الصغير، التاريخ الأوسط، في جزء القراءة خلف الإمام، وهلم جرا.
قد ذكر ابن حجر فروقا ثلاثة، أو خصائص ثلاث للأدب المفرد، أن فيه أحاديث كثيرة ليست في الصحيح،
وذكر أيضا قلة معلقاته فيه، ولا أذكر الأمر الثالث،
شاهد القول : في الحديث كثرة أبواب الخير، التبسم صدقة، وتهدي الرجل الكفيف إلى مقصده صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة،
وتأمر بالمعروف صدقة، وتفرغ من دلوك في دلو أخيك صدقة، الشاهد كثرة أبواب الخير،
وفي الحديث أيضا أن النية تجعل العادة عبادة، فأنت إذا أزلت هذا الأذى بقصد التقرب والحصول على الأجر فأنت مأجور.
وفي الحديث أيضا عظيم عناية الإسلام بتحقيق مبدأ التعاون والتكاتف، كل هذه الخصال فيها ذلك،
التبسم يجمع الشمل، التعاون في إفراغك من دلوك في دلو أخيك يجمع الشمل، إماطة الأذى تجمع الشمل،
دليل على المحبة والتكاتف، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجمع الشمل، ففي ذلك عظيم عناية الإسلام بمبدأ الترابط والتعاون،
ودعاة الخير أولى الناس بإبراز هذا المبدأ، وفي الحديث أيضا عدم احتقار الخير ولو كان يسيرا:
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: لا تحقرن من المعروف شيئا "شيئا" نكرة تشمل أي شيء،
لا تحقر أي شيء من المعروف، رب كلمة تفتح لك أبوابا من الخير، رب عمل يسير كما قال ابن المبارك :
رب عمل يسير تكبره النية.
لا تحقر شيئا من المعروف. أوصى الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- أحد أبنائه فقال :
ما قدرت عليه من الخير فاعمله، فربما لا تدركه في الغد، ولا ترجئ عمل اليوم إلى غد، لعل غدا يأتي وأنت فقيد.
فرُبّ كلمة من الخير تشجع بها طالب علم، صدقة تدفعها في فم مسكين، تبسم في وجه مغموم،
أمر بالمعروف لمن تلوث في معصية، هدايتك للرجل الكفيف، تحصل أو تحظى بدعوة، كل هذا خير،
وأضرب لكم مثالا واحدا أو مثالين: الإمام الذهبي -رحمه الله تعالى- كان في أول أمره كما قرأت قصر همته على التاريخ،
فكتب أو أطلع أحد أشياخه على ورقة، على بحث له أو على كتابة له، فشيخ الذهبي أخذ الكتاب ينظر فيه،
وكان بجانبه الإمام البرزالي، فلما رأى خط الذهبي قال له: يا بني، خطك هذا يشبه خط المحدثين، شجعه،
قال الذهبي: فحبب الله إليّ علم الحديث، حتى قال السبكي: لو قام الذهبي على ثنية -على جبل صغير-
وأُتي بالرواة من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، إلى عهده، لقال: هذا فلان ابن فلان روى عن فلان عن فلان.
والبخاري، مر إسحاق وهم في مجلس مذاكرة، مجلس التحديث كان مجلسا،
والمذاكرة مجلس يتذاكر فيه عشرة من الطلاب سويا وخمسة سويا،
بعد ما يتفرقون من الدرس يجتمع كل ثلة مع بعضهم، فمر إسحاق على ثلة فيها البخاري مع بعض الشبيبة،
فقال: لو أن أحدكم صنف مصنفا يجمع فيه ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال البخاري، فوقع ذلك في نفسي وحبب الله إلي ذلك: فلا تحقرن من المعروف شيئا قوله:
تبسمك في وجه أخيك لك صدقة أولى الناس دعاة الخير؛ لأن تبسمهم دعوة فعلية:
بشاشة وجه المرء خير من القرى

فكيف الـذي يأتي به وهو ضاحك


لو دعاك إنسان إلى طعام، ووجهه باش هاش، لفرحت زيادة على فرحك بإكرامه لك،
أما لو كان معبسا مكفهرا، لم يطب لك طعم الطعام.
أيضا نصح الناس بالرفق، الترفق مع الناس، التبسم في المواضع التي ترى فيها مصلحة، لا تبخل على الناس،
قال جرير رضي الله تعالى عنه: ما حجبني النبي -عليه السلام- منذ أسلمت،
ولا رآني إلا تبسم في وجهي أيضا يقال على دعاة الخير أن يحفظوا مروءتهم أن تخرم من الضحك بلا قيد من غلبة جانب التمسخر،
بعض دعاة الخير لا تسمعه إلا ضاحكا أو متمسخرا، في مجالسه، في كلماته، في جميع شأنه،
هذا خروج عن المألوف بل ينشِّئ السامعين والرائين إلى النهج أو نهج هذا المسلك، فليحذر طالب العلم، أن يسن سنة سيئة.
وحفظ المروءة، كما قيل: المروءة والحياء يبعثان على فعل الجميل وترك القبيح.
فإياك أن تكون متمسخرا مضحاكا بزعم أن ذلك من ترغيب الناس، لا، الأمر بقدر،
النبي -عليه السلام- أرحم الناس بالناس، وأعلم الناس بأحوال الناس، وأحكم الناس وأفقه الناس، عليه الصلاة والسلام،
وكان يتبسم أحيانا في مواضع فيها مصلحة، ويغضب ويجد ويحزن، بحسب الحال.
أيضا في قوله : وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة فيه كمال دين الإسلام وعنايته بشئون الدنيا والدين،
عنايته بشئون الدنيا والدين جميعا، وفيه أن على دعاة الخير أن يكونون قدوة في جميع شئونهم،
ترى بعض دعاة الخير يقوم بأفعال يستقبحها الناس، كرمي الأذى في الطريق، رمي الأوراق أمام الناس،
أو يفعل ما يستقبح، هو يظن أن هذا شيء لا قيمة له، أمر يسير، لكن الناس إذا رأوا ذلك منه انتقصوه،
وترتب عليه ذلك نقده في المجالس، وقد يصل الأمر به إلى الغيبة كما يحصل،
لكن إذا كان داعي الخير محافظا على مروءته وأخلاقه أثر في الناس بقوله وفعله.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2011, 11:05 PM   #22
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: في رحآب الحديث

الحديث الثالث عشر

في كل ذات كبد رطبة أجر

عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئرا فنزل فيها فشرب،
ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل:
لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي، فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه،
فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرا؟
فقال: نعم، في كل ذات كبد رطبة أجر" متفق عليه.

في الحديث أن لداعي الخير أن يسوق الأخبار والقصص،
ولا يثرب على من ذكر الأخبار والقصص، بشرط أن تكون قصصا حقة،
وأن يفيد الناس بسوقه لها بذكر العبر والاعتبار،
وفي الحديث أيضا، عند قوله: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي فيه أن تذكر النعم يُعين على شكرها،
وبخاصة إذا رأى من حُرِمَها، ودعاة الخير أولى الناس بهذا، إذا أنعم الله عليك بالعلم،
ورأيت من جهل فاحمد الله، وبلغ العلم.
فإذا كان هذا الرجل لما شرب وارتوى سقى الكلب، وتذكر نعمة الله عليه،
فسقى حيوانا فأُجِر عليه، ما بالك بمن علَّم أو سقى الناس حياة القلوب،
الطعام حياة الأبدان، والعلم حياة القلوب، وحياة القلوب أعظم من حياة الأبدان،
كما أن موت القلوب أعظم من موت الأبدان.

وفي الحديث أيضا: " السعي في عمل الخير مع كل أحد " التقرب إلى الله في عمل الخير،
تقدم قبل قليل أن إماطتك الأذى صدقة، هنا مخلوق له كبد رطبة، روح، كلب تؤجر عليه،
فمن باب أولى أن لا يسترخص الإنسان عملا فيه شيء من الخير، هنا صدقت نية الرجل،
وأعطى الكلب لذاته، يعني لم يره أحد ولم ينتظر أجرا،
بل أعطاه لأنه شعر أن الكلب قد بلغ منه العطش والألم كما بلغ به،
فكان عاقبة أمره خيرا، وعاقبة أمره أجرا عظيما.

وفيه أن شكر الله تعالى يكون بالقول والفعل، وحتى تكون الفائدة كاملة، قالوا:
شكر الله -جل وعلا- على أربعة أقسام: بالقول باللسان، وبالقلب، وبالجوارح، وبالنعمة ذاتها.

فباللسان يلهج لسانك بشكر الله تعالى،
وبالقلب أن تعتقد أن كل ما تيسر لك من النعم فهو من فضل الله ورحمته،
وبالجوارح أن تسخر جوارحك في طاعة الله وأن تكفها عن معصية الله،
فهذا شكر لله بنعمة الجوارح، وبالنعمة ذاتها آتاك الله مالا أنفق في طاعة الله،
آتاك الله علما علم الناس كما علمك الله،
وفي قول الصحابة: يا رسول الله إن لنا في البهائم أجرا، فيه حرص الصحابة على جميع سبل الخير.

ومن ذلك أن على داعي الخير أن يحرص على كل سبيل يحصل به خيرا، وأن لا يسترخص شيئا من ذلك،

وفي الحديث الرد على جمعيات الرفق بالحيوان،
وطالب العلم ينبغي أن يكون على بينة فيما يُرمى به الإسلام من الشبهات والتضليل،
وبخاصة أن كثيرا من ضعفاء النفوس من المسلمين ينساق وراء هذه الشبهات جهلا أو مرضا، مرضا قلبيا.

ففي هذا الحديث رد بليغ على جمعيات الرفق بالحيوان الزاعمة بأن الإسلام ظلم الحيوان،

وهذه الجمعيات تنشط عند قدوم عيد ماذا؟ الأضحى، وبخاصة في البلاد التي فيها أقليات إسلامية،
والإسلام العظيم قد أعطى الحيوان حقوقه،
ولو تأملت في النصوص الشرعية لوجدت أن تلك الجمعيات قد ظلمت الإنسان والحيوان سويا.

أنفقت الأموال الطائلة على الحيوانات، وضيعت حقوق الإنسان، مساجد تهدم، وحيوانات تكرم،
أطفال ييتمون، ونساء ترمل، ومدارس تهدم، وكلاب وقطط يعقد لها حفلات، ويعقد لها اجتماعات،
بل أعجب ما قرأت وأستميحكم عذرا عن مصنع لعطر خاص للكلاب، فهنيئا للكلاب بالكلاب،
وعزاء لك أيتها العقول، كنت في دولة أوروبية، كنت أعبر الشارع كان ورائي امرأة تقود كلبا بسلسلة،
ومع الكلب صبي يمشي وراءه، المهم بعد ما عبرت الشارع سمعت صوت كوابح سيارة،
فالتفت فإذا بالمرأة تتكلم بشدة على سائق السيارة، أنا لا أفهم تلك اللغة، فسألت المترجم،
فقال: تقول له سأقيم عليك دعوى في المحكمة؛ لأنك عرضت حياة كلبي للموت.
قلت: والطفل؟ قال: لم تذكر طفلها في الكلام.

نحمد الله على نعمة العقل، نعمة الفطرة؛ ولهذا أذكر لكم بعض عناية الإسلام بالحيوان،
أذكر لكم بعضا من ذلك، قال صلى الله عليه وسلم:
دخلت النار امرأة في هرة لاحظ، رتب دخول النار أو جعل من أسباب دخول النار تعذيب ماذا؟ الحيوان،
بينما هنا غفر الله له بإكرامه أو بسقيه الحيوان،
ودخل النبي عليه الصلاة والسلام -فيما رواه مسلم- حائطا أي بستانا، سمي بالحائط لأنه محوط،
فإذا بجمل يأتي إلى النبي عليه السلام، ويبرك عند قدميه، وتذرف عينا الجمل،
فقال عليه الصلاة والسلام: من صاحب هذا الجمل أو البعير،
فجاء فتى للأنصار معه عصى غليظة، قال: أنا يا رسول الله، قال: اتق الله في بعيرك هذا،
فإنه قد شكا لي أنك تجيعه وتدئبه -تضربه- وفي المسند: أن النبي -عليه السلام-
كان في الصحراء مع بعض أصحابه جلوسا، فجاءت حمرة من طيور البر،
تحوم فوق رأس النبي عليه الصلاة والسلام، فقال عليه الصلاة والسلام: من فجع هذه بولدها،
قالوا أو قال بعض الصحابة: يا رسول الله، أنا أخذت بيضها، قال: رد عليها بيضها .

ورأى النبي -عليه الصلاة والسلام- رجلين يتكلمان وهم جالسان راكبان على حمارين،
فقال: لا تتخذوا هذه الدواب كراسي وقال عليه الصلاة والسلام: إذا قتلتم فأحسنوا القتلة،
وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته
وأوجب الفقهاء على من كان عنده بهيمة أن يطعمها، فإن كان عاجزا فليبعها أو ليذبحها،
بل ذكر بعضهم إذا لجأت إلى بيته قطة عمياء أن يطعمها،
وذكر بعض الشافعية أن على الطيان -الطيان من يطين الجدر- يجب عليه قبل أن يطين الشقوق
أن يتأكد هل فيها ماذا؟ طيور من عصافير أو غيرها.

ورفع إلى بعض أئمة المالكية، القابسي، أن رجلا أراد أن يذبح تيسا
فجرَّح مكان الذبح بالسكين يزيل الشعر، فقال: هذا يعزر ويذاق تعزيرا وجيعا حتى يتأدب،
بهيمة، فهذه الأمور شيء يسير مما جعله الإسلام لحق الحيوان،
فينبغي لطالب العلم أن يكون على بينة؛ لأن هذه الشبهات تثار في كل عام.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-02-2011, 01:02 AM   #23
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: في رحآب الحديث

===========

أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-02-2011, 01:08 AM   #24
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: في رحآب الحديث

الحديث الرابع عشر

كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية

عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- قال:
كنت أمشي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليه برد نجراني غليظ الحاشية،
فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة،
حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قد أثّرت بها حاشية البرد من شدة جبذته،
ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
ثم ضحك، ثم أمر له بعطاء متفق عليه.

قوله: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فيه تواضع النبي -صلى الله عليه وسلم- في مشيته مع الصغار، مع الشاب الصغير،
مع الخادم، ودعاة الخير أولى الناس بهذا، يترفع بعض الناس،
ويرى أنه إذا وقف مع صبي فإن ذلك من قلة هيبته ومن إنزاله عن منزلته، وهذا جهل،
دُعاة الخير أولى الناس بهذا الخلق، كما كان نبينا صلى الله عليه وسلم،

وقوله: برد نجراني غليظ الحاشية، البرد نوع من اللباس، ونجران المعروفة هذه،

فيه زهد النبي صلى الله عليه وسلم، في ترك الترفه في اللباس،
إن الله جميل يحب الجمال كما سيأتي.

لكن بعض الناس يُعنى، يغلب جانب الاهتمام بملابسه على أمور أخرى،

نعم، تجملْ في ملابسك، ولكن التجمل الذي لا يخرجك عن الحد،
المخالف للشرع من الإسراف والبذخ، وجعل هذا هو القصد الأكبر.

وفي الحديث أيضا عناية الصحابة في نقل أخبار النبي عليه الصلاة والسلام،
أنس كان شابا صغيرا ، وهذا حدث وقع في حضوره هذا الأمر،
فمن باب أمانته في النقل نقل هذا الخبر، لعلمه بعظيم فائدته،

وفي الحديث أيضا توطين دعاة الخير على تحمل أذى الناس،
وبخاصة ممن قد يكون في خُلُقه غلظة أو جهالة، هنا يتميز طالب العلم وداعي الخير عن غيره،
تحمل دعوة الناس، تحمل أخلاق الناس؛ لأن ذلك ينعكس عليهم، وعليك أنت،
أنت مأجور، وهذا يهيئ نفوسهم لقبول دعوتك.

ولهذا قد يغلط عليك بعض الناس، فتحمل،
في البخاري نهج عمر هذا النهج، نهج النبي عليه الصلاة والسلام،

دخل على عمر رجل في خلافته، بل في مجلس خلافته، فقال: يا ابن الخطاب
والله ما تعطينا الجزل، وما تحكم بيننا بالعدل، قال الراوي -أظنه ابن عباس-

فقام عمر وهم أن يقع به، فقال الحر بن قيس: يا أمير المؤمنين،

إن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم:
(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) وإن هذا من الجاهلين،

قال ابن عباس: فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافا عند حدود الله.

أنت يا داعي الخير يا طالب العلم أولى الناس بهذه الأخلاق،

وقد رأينا من مشايخنا صبرا وتحملا لأمور لو حصلت لبعضنا قد يثور ويخرج من طوره،

لكن الحلم والتخلق بهذه الأخلاق العظيمة يزيدك عند الله رفعة ثم عند الناس،

وأيضا يهيئ الناس لقبول دعوتك.. أذكر أن رجلا في درس سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى-
في عام اثنين وتسعين للهجرة بعد المائة الثالثة والألف سأل الشيخ سؤالا
فكأن الشيخ ما سمع السؤال، أو أراد أن يستوضح عفوا من السائل،

فقاطع الشيخ السائل ليستوضحه، فقال السائل وكان رجلا كفيفا كبير السن: اصبر يا شيخ،
ثم أعاد السؤال فكأن الشيخ رحمه الله لبعد السائل عن الشيخ أراد الاستيضاح،
فأيضا الشيخ قاطعه ليطلب منه الاستيضاح، فقال: يا شيخ لا تعجل،

والثالثة أيضا أمر الشيخ بالاستيضاح،
فقال: يا شيخ لا تعجل أنت مفتٍ لا تخطئ في الفهم اسمع السؤال كاملا ثم أجب،

فقال الشيخ: خيرا إن شاء الله، لو قال هذا لبعضنا قد يكون ما لا تحمد عقباه.

في قوله: يا محمد، فيه ذم من كره أن ينادى باسمه العلم،
بعض الناس قد يخطئ أو قد يناديه بعض الناس بإسم، باسمه العلم، فيرى أن ذلك تنقص في حقه،

يعني مثلا يقول: أيها الشيخ، أيها كذا، انظر مَن المخاطب أولا، مَن المخاطب لك،
حتى ولو كان المخاطب لك ممن يعرف بالمشيخة، الأولى أن يعود الإنسان بخاصة داعي الخير نفسه.

يا محمد مر لي من مال الله، بعض الناس يكره إلا أن يلقب بألقاب التفخيم،
ينبغي أن تفرق بين المنادي لك، فإن كان من عامة الناس، أو ممن يجهل،
أو ممن في خلقه جفاء أن تتحمل ذلك، والنبي -عليه السلام- هنا تبسم،
في ذلك أن على دعاة الخير أن يفعلوا قبل إجابة السائل ما يُرغِّب السائل في قبول دعوتهم.

يلحظ في بعض مسائل أئمة الدعوة -عليهم رحمة الله-
وبخاصة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، اعلم علمني الله وإياك،

اعلم رحمك الله، اعلم أرشدك الله تعالى، هذا يهيئ النفس لقبول ما سيقال،
من أساليب العرب أنها تستفهم في أول الكلام لتشوق السامع للكلام،

كذلك أيضا من الأساليب المشوقة لقبول الكلام الدعاء، إذا أتاك رجلا يسأل، أو أردت أن تنصح فتقول:
اسمع هداك الله، اسمع بارك الله فيك، جوابك رعاك الله كذا وكذا،
أقول لك: غفر الله لك ولوالديك، هذا الكلام مقدمة يعقبه نتيجة،

المقدمة هذه يعقبها التقبل والقبول من السامع لك.

أيضا فيه، الحديث، أن على داعي الخير أن يعطي السائل جواب سؤله ولو أساء الأدب،
يشفع لإساءته جهله، فلا تحرمه أو فلا تجعله يصاب بأمرين: أساء الأدب معك،
ولم يأخذ منك خيرا. ولكن إساءته الأدب هذا خطأ لكن أيضا حرمانه من الخير خطأ أكبر،
فإياك أن تغفل هذا الأمر، احتسب أذيته لك، وفي المقابل احتسب تعليمك له.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-02-2011, 06:42 PM   #25
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: في رحآب الحديث

الحديث الخامس عشر

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال: " أحي والداك "



وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-
فاستأذنه في الجهاد فقال: "أحي والداك؟ قال نعم، قال: ففيهما فجاهد" متفق عليه.


فيه حرص الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- على مراجعة النبي صلى الله عليه وسلم،
فهذا الصحابي أتى ليجاهد، ولكنه أراد أن يكون جهاده على علم وعلى بصيرة، فسأل النبي عليه الصلاة والسلام:
يا رسول الله ائذن لي بالجهاد، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: أحي والداك
فيه أيضا فضيلة الجهاد،
وفيه عظيم شأن منزلة الوالدين قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد
فيه حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على شأن الوالدين : أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟
قال: الجهاد في سبيل الله فما بالكم من يتذمر ويضيق ذرعا إذا قلت له قَدِّم والديك على ذهابك للجهاد،
قدم طاعة والديك على حبك للجهاد.
هنا الجهاد مشروع، وفي عهد النبي عليه الصلاة والسلام،
وأي شرف، وأي فخر، وأي منزلة في جهادٍ مع النبي عليه الصلاة والسلام، ومع هذا كله، ألك والدان؟
قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد. وفي الحديث أيضا أن دعاة الخير أولى الناس ببر والديهم، وأن عليهم أن يلزموا هذا الأمر،
فقد كان أنبياء الله -عليهم الصلاة والسلام- أحرص الناس على بر والديهم.
يضيق بعض طلبة العلم، وبعض المحبين للخير، إذا ذكرت طاعة والديه،
وسبق أن قلت لكم : ذاك الشاب الذي سأل الإمام أحمد رحمه الله، يا إمام، الرجل يرحل لطلب العلم فيمنعه والداه؟
قال: أما ما لا بد له فنعم، وأما ما سوى ذلك فأمر الوالدين أعظم وأجل شأنا..
أنبياء الله -عليهم الصلاة والسلام- كانوا أبر الناس بوالديهم، بل ذكر الله بر الوالدين حتى ولو كانا مشركين.
والبر أنواع : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) لاحظْ جاهداك، على الشرك :
(فَلَا تُطِعْهُمَا) هذا نهي، لكن جاء الأمر: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا)
جاهداك على الشرك لا تطعهما، لكن الأمر أن تصاحبهم.
ولهذا كان أنبياء الله أبر الناس، عليهم الصلاة والسلام بالوالدين، نوح عليه السلام :
( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا ) داود، سليمان:
(رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ) ذكر الوالدين بالخير،
إبراهيم كان بارا بوالديه أتم البر:
(يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ) يا أبتِ، للترفق،
يقول بعض المفسرين: استعمل الخليل -عليه السلام- أرق عبارات الخطاب، الأبوة،
وذكر والده بالخير الذي فوته، وبالشر الذي هو عليه.

عيسى عليه السلام: ( وَبَرًّا بِوَالِدَتِي)
يحيى عليه السلام: (وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ)
والنبي عليه السلام كان بارا بوالديه، قد تقول: كيف ذلك.
عم الرجل صنو أبيه، وكان عليه الصلاة والسلام يبر بعمه أبي طالب، وحاول فيه، يا عم قل:
لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله.
وقد ذكر أهل العلم عجائب في برهم بوالديهم. الإمام أبو حنيفة ذكر صاحب كتاب مناقب أبي حنيفة ابن مكي، قال:
رأيت الإمام أبا حنيفة قد أركب أمه على حمار،
وذهب بها إلى علقمة -علقمة كان إماما لمسجد في الحي الذي يسكن فيه أبو حنيفة- تسأل أم أبي حنيفة أبا حنيفة عن أمر من أمور النساء،
فلما أجابها، قالت: دع عنك هذا، اذهب بي إلى علقمة، وعلقمة من تلاميذ أبي حنيفة -كما أذكر الآن-
فلما جاء أبو حنيفة وقد أركب أمه على الحمار -رحمهم الله تعالى- قال أبو حنيفة:
يا علقمة هذه أمي تستفتيك، فخجل واضطرب -وهو تلميذ من أصاغر تلاميذ أبي حنيفة- فقال:
يا أماه هذا أبو حنيفة. قالت: أجبني، ما تفعل المرأة إذا حصل كذا وكذا؟ فأتذكر أن أبا حنيفة أشار له بالجواب،
فقال: افعلي كذا. قالت: هذا العلم والله لا علم أبي حنيفة. مع أن الجواب واحد لكن بره بأبيه.

حيوة بن شريح كان في مجلس العلم تأتيه أمه تقول: يا حيوة قم، قم أعط الدجاج الحب،
فيقوم وينزل ويعطيها الحب، وما منعه علمه ولا هيبته.
الإمام الذهبي -رحمه الله- ذكر عن نفسه في كتاب معرفة القراء الكبار، ذكر أحد القراء وقال:
إنني كنت أتحسر ولا أتجسر من والدي، فأذن لي بالرحلة لشهر واحد، فذهبت ولم أختم،
وقد وددت أن أجلس ولكنني وعدت الوالد. ولما سئل ابن عساكر:
لماذا لم يقدم ذكروا مدينة لا أذكرها الآن، قال: كانت الوالدة تمنعني من ذلك.

ولما قدم أحد المحدثين إلى بغداد جاء أحدهم إلى أحمد، فقال: يا أحمد، نعبر الشط، النهر -يروي عنه- قال:
إن أمي قد أخذت علي العهد أن لا أعبر إذا كان النهر قد فاض، فاذهب أنت.
والأمثلة كثيرة:
حجر بن الأدبر -رحمه الله- كان يتقلب على فراشه أو على فراشه أمه، فسئل لماذا؟ قال:
أخشى أن يكون حجر تحت فراشها.
والمعتمر بن سليمان يقول: بت أغمز قدمي أمي وبات أخي يصلي وما أحب أن ليلتي بليلته،
لأن النفع هناك متعدٍ لبره بأمه وهذا النفع قاصر. فطالب العلم أولى الناس ببر والديه.

بر الوالدين يفتح أبوابا من الخير ويغلق أبوابا من الشر، فاحرص يا رعاك الله على هذا الأمر ترى من الله تعالى ما يسرك ويشرح صدرك.
وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-02-2011, 12:29 AM   #26
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: في رحآب الحديث

الحديث السادس عشر

صل صلاة مودع، فإنك إن كنت لا تراه فإنه يراك


قال المؤلف حفظه الله تعالى:
عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال:
أتى رجل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، حدثني بحديث واجعله موجزا،

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "صل صلاة مودع فإنك إن كنت لا تراه فإنه يراك،
وايأس بما في أيدي الناس تكن غنيا، وإياك وما يعتذر منه" أخرجه الطبراني في الكبير.

هذا الحديث أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط، وأظنه في الكبير كذلك، وإسناده فيه مقال،
إلا أن له طرقا كثيرة، يرتقي بها الحديث عند بعض أهل العلم إلى درجة الحسن،
وهذا الحديث فيه أولا تواضع النبي -صلى الله عليه وسلم- لطلب ذلك السائل الذي اشترط في سؤاله شرطا،
"واجعله موجزا" إما لأن الصحابي علم من نفسه أن الكلام إذا كان طويلا قد يعجز عن حفظه وفهمه،
فطلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يوجز له في الحديث،
وهذه من السياسة الدعوية أن يراعي المسئول والداعي حال المدعوين وحال السائلين،
فقد يكون الكلام علميا، لكن فيه طول، فتذهب فائدته على السائل أو السامع،
ولكن إذا راعى المسئول والداعي حال السائل، ففي ذلك خير للمسئول والسائل؛
خير للمسئول لأنه قد أدى العلم وتحقق النفع والأجر، وخير للسائل لأنه قد حصل ما يريد.

ولهذا ينبغي لطالب العلم أن لا يجد في نفسه حرجا أو ضيقا إذا اشترط السائل في سؤاله شرطا،
السائل يرى أن ذلك من مصلحته.

أيضا، قد تكون الحاجة داعية إلى أن يزيد المسئول في جواب السؤال للمصلحة،
"باب من سئل فأجاب السائلَ بأكثر مما سئل"
يا رسول الله أنتوضأ من ماء البحر؟ فقط السؤال عن الوضوء،
فقال: هو الطهور ماؤه، الحل ميتته واكتبوا عندكم هذه الفائدة، "حال المسئول في جوابه مع السائل"
أنتم طلبة علم وتُسألون، وقبل ذكر الأحوال لا بد أن يكون المسئول على علم من جواب السؤال:

الحال الأولى: أن تجيب السائل على قدر سؤاله يا رسول الله، أي العمل أفضل؟
قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟
قال: الجهاد في سبيل الله، ولو استزدته لزادني .

الحال الثانية: أن يجيب المسئول السائل بأكثر مما سأل إذا كان هناك مصلحة،
ومثاله ما تقدم أنتوضأ من ماء البحر، قال: هو الطهور ماؤه الحل ميتته
ومثال آخر: يا رسول الله ما يلبس المحرم؟
قال: لا يلبس السراويل ولا البرانس إلى آخر الحديث.

الحال الثالثة: الإعراض عن السائل إذا سأل في غير وقت سؤال
كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتكلم فقال رجل: يا رسول الله متى الساعة؟
فأعرض عنه، فلا ندري أسمعه، أم لم يسمعه،
فلما فرغ قال: أين أراه السائل عن الساعة دل على ماذا؟ أنه سمعه.

الحال الرابعة: أن يجعل المسئول السائل مسئولا، كيف هذا؟
أن يجعل المسئول السائل مسئولا، تقلب السؤال عليه،
بخاصة إذا كان السؤال يتعلق في رد شبهة جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
فقال يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاما أسود قد الرجل الأسود يأتي بطفل أبيض والعكس،
وهذه أمور معلومة ومشاهدة
قال: يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاما أسود السائل في سؤاله هذا قد يكون في نفسه شيء وحرج،
فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يزيل شكه وحرجه،
وأن يجيب على سؤاله، كيف ذلك؟ استعمل معه طريقة يقنع نفسه بنفسه،
فقال عليه الصلاة والسلام: ألك إبل؟ من السائل الآن؟ النبي عليه الصلاة والسلام،
من المجيب؟ المسئول. السائل الأول الصحابي ألك إبل؟ قال: نعم
السؤال الثاني: ما ألوانها؟ قال: دهم
السؤال الثالث: هل فيها من أورق؟ قال: نعم
السؤال الرابع: أنى ذلك؟ قال: يا رسول الله لعله نزعه عرق هذا البعير خالف السلالة في لونه،
فقال: أنى ذلك له؟ قال لعله نزعه عرق، فقال عليه الصلاة والسلام:
لعل غلامك هذا نزعه عرق هل زال شك الصحابي وحرجه؟ نعم.

مثال آخر: جاءت امرأة قالت: يا رسول الله إن فريضة الحج أدركت أبي شيخا كبير
ا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ تريد إما نعم أو لا، فقال لها عليه الصلاة والسلام:
أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم يا رسول الله، قال: فدين الله أحق بالقضاء .

مثال آخر، أو منهج آخر في الجواب عن السؤال، أن يكون الجواب بالفعل،
ولكن هذا لا يكون إلا لمن له سلطة وقوة.

جاء رجل إلى عمر، أو بلغ عمر خبر أن صبيغا يثير تساؤلات في متشابه القرآن الكريم،
ويورد أسئلة يبحث عن جواب أو يريد بها شكا وإشكالا وتلبيسا،
فلما بلغ عمر أمره أتى به، قال: أنت صبيغ، قال: نعم، قال: أنت القائل كذا وكذا وكذا؟
قال: نعم، فضربه بماذا؟ بالدِّرة أو الدُّرة أو الدَّرة، ماذا يقال؟
أنا الآن أعطيتكم كيف يجيب السائل المسئول، وخالفتم منهجي ها الحين.

الدُّرة بالضم سُرة الذهب، والدَّرة قيل: در الحليب الشاة. والدِّرة بالكسر التي يحملها عمر،
فضربه عمر بالدِّرة وقال: لا يؤاكل ولا يجالس، ولا يشارب، ولا يبتاع منه ولا يباع عليه،
فمكث على فراشه شهرا، فلما تعافى أُتي به إلى عمر، فضربه مرة أخرى،
فقال: لا يؤاكل ولا يشارب ولا يجالس، فلما أفاق بعد شهر أتى به عمر، فضربه،
فلما أفاق الرابعة قال: يا أمير المؤمنين إن كنت تريد قتلي فأحسن قتلتي،
وإن كنت تريد إقناعي فقد أذهب الله شيطاني، وهذه لا تكون إلا لمن له سلطان،
وبخاصة مع أصحاب الشبهات والبدع المضللة.

قوله: صل صلاة مودع كأنك تراه فإن كنت لا تراه فإنه يراك
فيه أن استشعار حلول خاتمة العبد عند تلبسه بالعبادة يزيد العبد إخباتا ويقينا وإخلاصا
"صل صلاة مودع" اجعل هذه الصلاة آخر صلاة تصليها،
يحدثني بعض رجال الأمن يقول: قدمنا رجلا للقصاص،
فكان يصلي قبل القصاص، يقول: فدعا وتضرع وألح على الله وخشع في صلاته ودعائه،
فأحسب لحسن ظني بالله أن يقبل الله دعاءه؛
لأنه في حال يعلم أن هذه الصلاة آخر صلاة سيصليها.

فاستشعارك أن هذا الحج آخر حج تقوم به، أو أن هذا الشهر أو هذا اليوم آخر يوم تصومه،

أو أن هذه القراءة آخر قراءة تقرؤها، أو أن تلك الصلاة آخر صلاة تصليها؛
لا شك أن الأمر يزيد عندك من حيث الاستشعار واستحضار معاني الآيات والخشوع في الدعاء وما يتبع ذلك.

وفيه أيضا أن استشعار واعتقاد مراقبة الإحسان في كل أحوال العبد تزيد العبد طاعة وإخباتا،
"كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك".

الفائدة الثالثة: أن على دعاة الخير العناية بشأن العبادات عموما وبالصلاة خصوصا،
فمحافظة داعية الخير على إقامة الصلاة في أوقاتها على السنة،
بحد ذاتها دعوة فعلية وقدوة فعلية، ولذا كان السلف الصالح أئمة العلم
يعنون بشأن الصلاة بخاصة عناية عظيمة، من حيث التبكير لها،
والمحافظة على أدائها في أوقاتها، وعلى السنة، حتى قال بعضهم:
إذا رأيت الرجل يفرط في تكبيرة الإحرام فاغسل يدك منه.
ومحمد بن سماعة يقول: لم تفتني جماعة منذ أسلمت، إلا مرة واحدة،
كنت مشغولا بدفن أمي في قبرها، قل لي بربك الآن كم يفوت من الصلوات على طلبة العلم.

إذن قد يخف التثريب على العامة، إذا رأوا قدواتهم على هذا النمط، وقوله:
"وايأس مما في أيدي الناس تعش غنيا،
فيه أن الاستغناء عما في أيدي الناس من أسباب قوة التوكل على الله عز وجل، "تعش غنيا"
أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ
وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ
استغن عما في أيدي الناس، لا تمد يدك إلى الناس إلا إذا بلغت الحاجة مبلغا،
وعلمت أن الأمر قد أُغلق عليك، وأن هذا الأمر مشروع لك، فذاك شيء آخر،
أما أن يتعود الإنسان مد يده إلى الناس، وبخاصة إذا كان من دعاة الخير،
هذا قد يقلل قبول دعوته، والكلام هنا عن من يستطيع أن يتكسب أو يتعفف.

وقوله: "وإياك وما يعتذر منه"
فيه حرص دعاة الخير على حفظ مروءتهم، إياك أن تعرض نفسك لعمل أو لقول قول تنتقد بعده.

ورد عن علي، ذكر النووي في كتاب بستان العارفين، قولا عن علي رضي الله تعالى عنه:
إياك وما يسبق إلى القلوب إنكاره، وإن كان عندك اعتذاره.
لا تفعل فعلا تكن محط النقد واللوم، والمراد بالفعل هنا ما لا يضر تركه، أما الحق فلا تنظر إلى أحد.

وفيه أيضا حرص دعاة الخير على فهم مقاصد الشريعة متى تُفعَل الأمور، متى تُترَك،
متى تقدم هذه المصلحة على تلك، مراعاة ترتيب المصالح، وتقديم الأكبر،
مراعاة درء المفاسد، دفع الأكبر، مراعاة دعاة الخير، وحرصهم على فهم مقاصد الشريعة،

ففي ذلك مصالح ثلاث:

سلوك منهج النبي -صلى الله عليه وسلم- في دعوته للناس، وتحبيب الخير إلى الناس، وتأليف الناس.

إذا كان الإنسان قدوة في تصرفاته، على بينة وبصيرة من أمره،
أما إذا كان في كل ساقطة لاقطة، أقوال نشاذ، أفعال تخرم المروءة، دخول في كل شيء؛
فهذا يقلل دعوته ومن ثم ينفر الناس عنه،
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 13-02-2011, 11:41 PM   #27
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: في رحآب الحديث

الحديث السابع عشر

عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم

وعن أبي أمامة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وإن قيام الليل، قربة إلى الله، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد أخرجه الترمذي والحاكم والبيهقي في الشعب.



أولا اكتبوا عندكم زيادة
"ومطردة للداء عن الجسد" هذه الزيادة وردت من حديث سلمان وبلال، ولكنها لا تصح، في الإسنادين مجهول وكذاب، فالحديث بدون هذه الزيادة.

قوله: عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم للنوافل فضل عام، وفضل خاص، أما الفضل العام.
أولا: من أسباب محبة الله تعالى، لما جاء في الخبر القدسي: ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه.
تقربه إلي بماذا؟ بالنوافل، إذن من أسباب محبة الله.

الفضل الثاني من الفضل العام أنها ترقع ما نقص من ماذا؟ من الفرائض.

أول ما يحاسب العبد عليه الصلاة، فإن كملت صلاته ،
وإلا قيل انظروا هل لعبدي من تطوع وكذلك في الصيام والزكاة والحج،

والفضل الثالث العام، أنها ترفع درجة العبد لأن العباد يتفاوتوا في منازلهم،
ترفع درجة العبد إلى السبَّاقين بالخيرات ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قيل:
من فرط في الواجبات، وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ من أدى الواجبات دون غيرها وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ من أدى الفرائض وحافظ على ماذا؟ النوافل.

أما الفضل الخاص، فعلى حسب ما جاء في الأحاديث، فهنا خص قيام الليل، وقيام الليل من أفضل القربات.
الفضل الخاص ما جاء في كل نافلة بعينها، جاء فضل لصيام ست من شوال، وجاء فضل للسنن الرواتب،
وجاء فضل لصيام عاشوراء، لكن فضل الليل حُظِي بفضل عظيم عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم من الصالحون؟
على رأسهم من؟ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأتباع الأنبياء، ومن سار على منهجهم، كل نبي وأتباعه.


فيه أن دعاة الخير أولى الناس بالمحافظة على قيام الليل، زار شاب الإمام أحمد بن حنبل -رحمة الله عليه،
أو رحمة الله عليهم جميعا: على أحمد وعلى أبيه، وعلى الشاب- فبات عند الإمام أحمد،
فوضع الإمام أحمد عنده ماء فلما أصبح الإمام أحمد، وإذا بالماء لم يتغير، لما أيقظه للفجر لم ينقص الماء،
فتعجب الإمام أحمد، وقال: لا ينبغي لطالب علم وحديث أن يكون ممن لا يقوم الليل،
كأنه كان المعهود عندهم، هذا هو الأصل؛ أن أهل العلم وطلبة العلم أولى الناس بقيام الليل؛
لأنهم إذا حافظوا عليه فمن باب أولى أن يحافظوا على ماذا؟ على الفرائض.


ولهذا ذكر أن بعض المتقدمين في الرعيل الأول كانوا إذا أرادوا الخروج في الليل، لسرية أو لسفر، قالوا:
موعدكم وقت قيام القراء في البيوت في صلاة الليل،
وقال: أبو الزناد كنت أخرج من السحر قبل الفجر، أو في وسط الليل، أذهب إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم،
فلا أمر على بيت من بيوت المدينة إلا وفيه قارئ يقرأ، لكن قيام الليل يشترط أن لا يؤثر على ماذا؟
على صلاة الفجر، روى مالك بن الموطأ أن سلمان بن أبي حثمة غاب عن صلاة الفجر ففقده عمر،

فسأل أمه: أين سلمان؟ قالت: قام الليل حتى غلبته عيناه، فنام عن الفجر،
فقال عمر، والله لئن أشهد الفجر مع الجماعة أحب إلي من قيام الليل كله.

وقوله: منهاة عن الإثم دليل أن المحافظة على النوافل والتكثر منها يرد العبد عن الإثم، والفرائض من باب أولى،
منهاة عن الإثم، وفيه أيضا أن قيام الليل يزيد العبد قوة حسية ومعنوية.
لو ضعفت الرواية السابقة ففي الحديث وفي غيره ما يفيد أن قيام الليل يزيد العبد إيمانا وقوة حسية ومعنوية،
إذا كان قربة ومنهاة عن الإثم وتكفيرا للسيئات، فلا شك ولا ريب أن هذا مما يقوي حال العبد،
يؤكد هذا قوله صلى الله عليه وسلم: أولا أدلكما على خير لكما من خادم -لما زار عليا وفاطمة-
تكبران الله أربعا وثلاثين، وتحمدان ثلاثا وثلاثين، وتسبحان ثلاثا وثلاثين،
فذلكما خير لكما من خادم قال شيخ الإسلام في كلام له: فيه دليل أن هذا الذكر يقوي البدن.
ما بالك إذا كان الذكر، جمع العبد بين الذكر القولي والذكر البدني صلاة الليل،
تجمع الذكرين، بل تجمع كثيرا من الأذكار، القرآن الكريم، والأدعية، وتعظيم الله، وفعل الصلاة؛
كل هذه الأمور تزيد العبد قوة بدنية، وقوة معنوية.
وأوصيكم بقراءة كتاب "مختصر قيام الليل" لمحمد بن نصر المروزي، اختصار المقريزي.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14-02-2011, 10:04 PM   #28
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: في رحآب الحديث

الحديث الثامن عشر

يا معاذ أفتّان أنت ثلاثا اقرأ: والشمس وضحاها

عن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- أن معاذ بن جبل -رضي الله تعالى عنه- كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم،
ثم يأتي قومه فيصلي بهم الصلاة، فقرأ بهم البقرة، قال: فتجوز رجل فصلى صلاة خفيفة، فبلغ ذلك معاذا،
فقال: إنه منافق، فبلغ ذلك الرجل، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال:
يا رسول الله، إنا قوم نعمل بأيدينا ونسقي بنواضحنا، وإن معاذا صلى بنا البارحة فقرأ البقرة،
فتجوزت، فزعم أني منافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
يا معاذ أفتّان أنت، ثلاثا، اقرأ: والشمس وضحاها، وسبح اسم ربك الأعلى، ونحوها أخرجه الشيخان.


قوله:
"كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم"

فيه أن للإمام أن يستكثر من الخير ما لم يشق على جماعته بتأخر؛ لأن بعض دعاة الخير قد يكون إماما فيضيع مسئولية الإمامة،

أو يكون مؤذنا، فيضيع مسئولية المئذنة أو الإمامة بزعم تحصيل العلم والخير، هذا ليس على إطلاقه،
أنت مؤتمن وتأخذ رزقا من بيت المال، حتى ولو كنت متطوعا، إذا كان سيترتب على ذلك إهمال لجماعة المسجد،
فإما أن تتنحى أو أن توكل من يقوم بالمقام بدلك.
فهنا معاذ -رضي الله تعالى عنه- يعلم من جماعته عدم الضجر من التأخير وإلا لو كان، لرفعوا ذلك إلى النبي عليه السلام،
كما رفع الغلام الشاب الأنصاري.
وفي قوله: فقرأ بهم البقرة فيه أن للإمام أن يراعي حال المأمومين في أثناء الصلاة، السابقة قبل الصلاة،
في التأخر، وهذه في أثناء الصلاة، ما لم يشق يطيل القراءة، لكن إذا كان فيه مشقة فلا،
ومعاذ يصلي مع النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحرم، ثم يأتي إلى قباء على الراحلة يحتاج إلى وقت قرابة نصف أو أكثر أو ساعة،
ثم يقرأ بهم البقرة، انظر إلى همة معاذ -رضي الله تعالى عنه- ونشاطه،
ولكن مع هذا نهاه النبي عليه الصلاة والسلام، وغضب أشد الغضب؛ لأن ذلك التأخر وتلك الإطالة أثرت ونفرت.
وقوله: فتجوز رجل فيه مسألة فقهية :
جواز انفصال المأموم عن الإمام إذا دعت الحاجة،
وقوله: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فيه جواز طلب دفع المظلمة لأن الصحابي الغلام أصبح الآن في موقف خصومة،
ومن إنصافه -رضي الله تعالى عنه- أنه ذهب إلى الحكم المرتضى، إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله: يا رسول الله إنا قوم نعمل بأيدينا ونسقي بنواضحنا، وإن معاذا صلى بنا البارحة فقرأ، فتجوزت،
فزعم أني منافق فيه الأمانة في النقل، نَقَلَ ما له وما عليه، ذكر أنه تجوز في الصلاة، وذكر عذره،
وذكر ما قال معاذ، فنقل الخبر كله. ونستفيد أن على دعاة الخير سواء كان حكما أو خصما أن يكون أمينا فيما ينقل وفيما يقول،
إن كنت خصما فانقل بأمانة وصدق، وإن كنت حكما فقل بصدق وأمانة.
بعض الناس إذا أخطأ عليه أحد العامة، أو أخطأ عليه قريب له أو أكبر أو أصغر أتى إليك يتشكى ويتباكى،
وهذا من الخيانة في النقل، ومن ضعف الإيمان، والأولى والأوجب بل الأوجب أن تنقل ما لك وما عليك،
قوله: يا معاذ أفتان أنت فيه تغليظ المعلم العتب على تلميذه، وبخاصة إذا كان الضرر متعديا.
هنا نستفيد أن خطأ طالب العلم، وأن إصراره على الخطأ -داعية الخير- أنه يترتب على إصراره أو على تنفيره ضرر متعدي،
فليحذر طالب العلم من أن يكون منفرا، ولهذا تقدم "أحسنهم أخلاقا" لا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.
وأيضا أعيد فأقول: على من يتولى إمامة المسجد أو المئذنة في المسجد أن يتقي الله في هذه الأمانة،
وأنَّ تركها بدعوى التفرغ للعلم إن ترتب على ذلك إقامة من يقوم مقامك فالحمد لله،
أما تضييع الأمانة وترك الناس يتضايقون ويتلاومون بسبب إضاعتك لما حملك الله فهذا من الإثم العظيم،

أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16-02-2011, 03:39 PM   #29
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: في رحآب الحديث

الحديث التاسع عشر


ثلاثة أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه قال ما نقص مال عبد من صدقة


عن أبي كبشة الأنماري -رضي الله تعالى عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:

"ثلاثة أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه، قال: ما نقص مال عبد من صدقة،
ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا،
ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر،
وأحدثكم حديثا فاحفظوه، إنما الدنيا لأربعة نفر:
عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقا، فهذا بأفضل المنازل،
وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته، فأجرهما سواء،
وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم، لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقا فهذا بأخبث المنازل،
وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما، فهو يقول: لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته فوزرهما سواء".
أخرجه أحمد والترمذي.

هذا حديث عظيم جمع خصالا من الخير كثيرة،
قوله: ثلاث أقسم عليهن وكذا قوله: وأحدثكم حديثا فاحفظوه

فيه أن على دعاة الخير في أثناء تبليغ العلم والنصح أن يشوقوا السامعين،
وأن يجعلوا السامعين يشتاقون ويتنبهون إلى ما سيقال،
فقوله عليه الصلاة والسلام: ثلاث أقسم عليهن لأهميتهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه
كل هذه الأساليب تجعل السامعين يعون بقلوبهم قبل آذانهم.

ولذا تقدم أن من أساليب العرب وضع مقدمات في الكلام لتشويق السامعين،
قالوا: وفي القرآن الكريم الاستفهام في أول السور أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ
فهذا كأنه يقول ماذا فعل؟ ما فعله؟ من هو؟ ما صنيعته؟ ما جزاؤه؟ ما وزره؟
ففي قوله عليه الصلاة والسلام: ثلاث أقسم عليهن، وأحدثكم حديثا فاحفظوه
فيه أن على دعاة الخير في المواضع أو في الكلام المهم في المسائل الهامة
أن يعنوا بإيضاح الأسلوب حتى لا يكون غامضا على الناس، وكلما قُسِّم الكلام كلما كان أهون وأوضح؛
ولذا قال ابن القيم: وهل العلم إلا السبر والتقسيم.

وقوله: ما نقص مال عبد من صدقة فيه بركة الزكاة والصدقة، الصدقة لا تنقص المال بل تزيده حسا ومعنى،
في قوله -عليه الصلاة والسلام- في الخبر الآخر ما نقصت صدقة من مال والزكاة تزكي المال تطهره وتنميه.

أما ما ورد من الزيادة في الحديث: ما نقصت صدقة من مال بل، بل ماذا؟ بل تزده،
فهذه الزيادة لا تصح لا سندا ولا متنا، فلم تثبت سندا، بل لم أقف على راو لها بعد البحث،
ومتنا لا تصح لغة، لأنه لو كانت ثابتة لقال بل تزيده، وإن كان هناك تقدير.

وقوله: عبد ما نقص مال عبد، فيه استشعار معنى التعبد في أثناء عمل الطاعات،
وهذا كالذي قبله، الذي قبله: اجعلها آخر صلاة تصليها. الحديث الذي قبله، أول حديث،
وهنا استشعار معنى التعبد لله في أداء العبادة يزيد العبد خضوعا وإخباتا لله عز وجل.

وقوله: ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزا فيه فضل الصبر،
وطالب العلم، أولى الناس، وداعي الخير أولى الناس بهذه المعالم العظيمة،
قال -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه مسلم: ما نقصت صدقة من مال،
وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا إذن الصبر وبخاصة إذا علمت أن ترك،
ليس لك وسيلة إلى طلب الحق، أو علمت أن بحثك عن حقك سيؤدي بك إلى مصاعب أخرى،
فهنا الصبر، والاحتساب بل في ترك الانتصار للنفس منقبة عظيمة،
فقد كان عليه الصلاة والسلام لا ينتقم لنفسه في شيء قط حتى تنتهك حرمات الله تعالى
بعض الناس يستشيط غضبا، ويخرج عن الحد المشروع في الانتقام لنفسه،
نعم لك أن تنتصر لنفسك
وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ لكن وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ
فكلما ترك العبد الأمر لله، زاده الله بصبره واحتسابه عزا.

وفيه أن العاقبة للمتقين، أنت لما تركت الانتقام وصبرت، هذا من تقوى الله عز وجل
وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ
ومن لم يجرب كما يقول بعض أهل العلم:
ومن لم يجرب ليس يعرف قدره

فجرب تجد تصديق ما قد ذكرناه


وقوله: ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر

فيه أن سؤال الناس والتذلل من أسباب الضعف الحسي والمعنوي، ومن سقوط قدر السائل عند الناس،
وبخاصة إذا كان داعية للخير أو طالب علم، وعنده قدرة على التعفف،

والنتيجة أن يفتح عليك باب فقر، لكن من تعفف إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ .

وقوله: إنما الدنيا لأربعة نفر هذا كالذي تقدم في أول الحديث،
كلما قُسِّم الكلام إذا كان طويلا أو إذا كان فيه أنواع وتقاسيم، أو أنواع وجمل متعددة،
كلما جمعت النظائر كلما كان أسهل، وقد كان كذلك نبينا صلى الله عليه وسلم، أبلغ أسلوب وأسهل معاني،

وقوله: عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعمل لله فيه حقا
فهذا بأفضل المنازل فيه تفاوت العباد في منازلهم، والناس يتفاوتون، كما في الجنة إن أهل الجنة
يتراءون منازلهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في أفق السماء فالناس يتفاضلون في الدنيا والآخرة،

وفيه أن بركة المال فيه أن المال لا تكون له بركة إلا إذا أنفق بشرطين:
بالعلم بما ينفق من أبواب الخير، وبالإخلاص، وهذان شرطا العبادة: الإخلاص لله،
وأن يكون العمل على بصيرة وعلى علم.

وفيه أن صلة الرحم من أعظم القربات، وأن من أسباب تقوية صلة الرحم العون المادي،
من أقوى الأسباب، قد يكون قريبك فقيرا فإعطاؤه مما أعطاك الله مما يزيد الأواصر،
وطلبة العلم الفقراء هم أولى الناس بالعون، إذا كانوا غير قادرين لأن نفعهم يتعدى،

وفيه أن على دعاة الخير أن يكونوا أسبق الناس في هذا الأمر، أعني في صلة الرحم،
ورحم العلم، أبلغ من رحم القرابة،
وفيه في قوله: وعبد رزقه الله تعالى علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية فضل العلم على صاحبه،
قد ينفع الله بصاحب العلم أكثر مما ينفع بصاحب المال، لأن العلم غذاء للقلوب والأرواح،
والمال غذاء للأبدان، وغذاء القلوب أعظم من غذاء البطون،

وفيه أيضا في الحديث في آخره لما قال: فهو بنيته فأجرهما سواء في أصحاب الخير،
ووزرهما سواء في أصحاب الشر فيه دليل، أن تمني فعل الخير يؤجر عليه صاحبه،
كما أن تمني فعل الشر يؤزر عليه صاحبه، لو أن عندي مالا لطبعت كتابا في السنة، مأجور،
لو أن عنده مالا لطبع كتابا في البدعة، مأزور،
وفيه في الجملة كمال عدل الله وحكمته، وأنه يعطي من يشاء بفضله ويمنع من يشاء بعدله،
ولا يظلم ربنا أحدا؟

وفي الحديث أيضا أكرر أن طالب العلم على خير ولو كان فقيرا،
وأن من أنفق على طالب العلم فهو على خير ولو كان ليس عنده علم،
أحيانا يكون العامي أكثر أجرا من طالب العلم إذا دعم طالب العلم، وكفه عما في أيدي الناس،
وأغناه بعد الله -جل وعلا- عن السؤال،
روى الترمذي أن رجلا قال يا رسول الله إن لي أخا يطلب العلم وأنا أنفق عليه،
فقال عليه الصلاة والسلام: لعلك ترزق به .

أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16-02-2011, 08:16 PM   #30
عضو مميز جداً
 
الصورة الرمزية شموع
 
تم شكره :  شكر 7387 فى 1729 موضوع
شموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضو

 

رد: في رحآب الحديث



.
.

جزآكِ الله خير ،،


ونفع الله بكِ ،،

شكـراً وافرًا لكِ ..

التوقيع
اللهمّ إنا نتوجه إليك بالدعاء فارفع عن أمي ما بها من بلاء :"(
شموع غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:22 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. موقع و منتديات سدير 1432 هـ - 1435 هـ

جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه