العودة   منتديات سدير > `·• آفاق رحبة •·´ > ¨° الإسلامي °¨

¨° الإسلامي °¨ جميع ما يتعلق بالشريعة علماً و فكراً و منهجاً . قضايا معاصرة - أحكام - فتاوى - نصائح - بحوث شرعية - مقالات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-09-2006, 02:07 PM   #16
عضو متميز
 
تم شكره :  شكر 54 فى 39 موضوع
محمدالفاتح is an unknown quantity at this pointمحمدالفاتح is an unknown quantity at this point

 

رد: ][®][^][®][كن صريحــــاااااااا ... مــــــاذا أعــــــددت لرمضــــااااان؟؟؟ ][®][^][®

الكذب آفة كل عصر
إعداد/ صلاح عبد الخالق
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى
آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد تكلمنا في العدد الماضي عن آفة الكذب وأوردنا
عقوبات الكذاب في الدنيا، وفي هذا العدد نبين عقوبات الكذاب في القبر.
عن سمرة
بن جندب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكثر أن يقول
لأصحابه: هل رأى أحد منكم من رؤيا فيقص عليه من شاء الله أن يقص وإنه قال لنا
ذات غداة: إنه أتاني الليلة آتيان وإنهما قالا لي: انطلق وإني انطلقت معهما
فأتينا على رجل مستلق لقفاه وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد وإذا هو يأتي أحد
شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه. وفي رواية: فيدخله في شدقه حتى يبلغ قفاه
ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل
بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان ثم يعود
عليه فيفعل مثل ما فعل في المرة الأولى: قال قُلت: سبحان الله، من هذا ؟
فقالا:... والذي رأيته يشق شدقه فكذاب يحدث بالكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق
فيُصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة. [أخرجه البخاري]
معنى الحديث
يشرشر:
يقطع. كلوب: حديدة عقفاء تكون في طرف رحل الرجل يعلق فيها الزاد. [المعجم
الوسيط ص826]
قال ابن حجر: استحق الكذاب هذا التعذيب لما ينشأ عن تلك الكذبة من
المفاسد وهو فيها مختار غير مكره ولا ملجأ، قال ابن هبيرة: لما كان الكاذب
يساعده أنفه وعينه ولسانه على الكذب بترويج باطله وقعت المشاركة بينهم في
العقوبة. [فتح الباري 12/1465]
من فوائد هذا الحديث: أن بعض العصاة يعذبون في
البرزخ من تعمد الكذب.
تحذير: تحذير إلى مروجي الإشاعات الذين ينقلون الأخبار
الكاذبة فإنهم سيعذبون في قبورهم إلى يوم القيامة كل بحسب مفاسد الكذب الذي
نشره.
من عقوبات الكذاب في الآخرة
1- يعقد بين شعرتين:
عن ابن عباس رضي
الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تحلم بحلم لم يره، كلف أن
يعقد بين شعيرتين ولن يفعل، ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنيه
الآنك يوم القيامة، ومن صور صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ».
[البخاري 7024]
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم
يعني من كذب في الرؤيا قال رأيت في المنام كذا وكذا وهو كاذب فإنه يوم القيامة
مكلف أن يعقد بين شعيرتين، والمعلوم أن الإنسان لو حاول مهما حاول أن يعقد بين
شعيرتين فإنه لا يستطيع ولكنه لا يزال يعذب ويقال لا بد أن تعقد بينهما وهذا
وعيد يدل على أن التحلم بحلم لم يره الإنسان من كبائر الذنوب وهذا يقع من بعض
السفهاء يتحدث ويقول: رأيت البارحة كذا وكذا لأجل أن يضحك الناس، وهذا حرام
عليه. [شرح رياض الصالحين 4/197]
2- عذاب أليم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر
إليهم ولهم عذاب أليم». قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات،
قال أبو ذر رضي الله عنه: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله ؟ قال: «المسبل
والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب». [مسلم 106]
وفي رواية لمسلم: وملك
كذاب.
معنى لا يكلمهم الله: أي لا يكلمهم تكليم أهل الخيرات بإظهار الرضى بل
بكلام أهل السخط والغضب ولهم عذاب أليم أي عذاب مؤلم.
3- الكذب يؤدي إلى
النار:
في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: «إن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وهذا مصداق
لقوله تعالى: وإن الفجار لفي جحيم (14) يصلونها يوم
الدين (15) وما هم عنها بغائبين[الانفطار: 14 - 16].
يقول
العلامة السعدي رحمه الله: الفجار: هم الذين قصروا في حقوق الله تعالى وحقوق
عباده لفي جحيم، أي في عذاب أليم في دار الدنيا ودار البرزخ وفي القرار جهنم.
[تفسير السعدي ص914]
أين مكان الكذاب في النار ؟
عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به
القوم فيكذب، ويل له ويل له».
[صحيح الترمذي 2315، صحيح الجامع 7136]
نلاحظ في
هذا الحديث تحذير شديد لمن كان هذا خلقه، وهذه عادة سيئة منتشرة بين الناس،
ونقول: إننا نمزح ولمن يريد أن يمزح كاذبًا يسمع إلى هذا التهديد والوعيد
الشديد وشدة التأكيد بقوله صلى الله عليه وسلم: «ويل» ثلاث مرات. الحديث.
ماذا
نعرف عن ويل: قال عطاء بن يسار: الويل وادٍ في جهنم، لو سيرت فيه الجبال لماعت،
وقيل الويل: الهلاك.
وعن أبي عياض: ويلٌ: صديد في أصل جهنم.
[تفسير ابن كثير
1/117]
العلاج
الكذب من الأمراض المدمرة، علينا أن نتخلص منه بكل الوسائل
المتاحة حتى نعيش في أمن وأمان في الدنيا ويوم لقاء الرحمن.
ومن الوسائل
المعينة على التخلص من هذه الآفة:
1- الاستعانة بالله تعالى:
قال تعالى ومن
يتوكل على الله فهو حسبه
[الطلاق].
وفي صحيح مسلم عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احرص على ما
ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز». فاستعن بالله وتوكل عليه وجاهد نفسك في التخلص
من آفة الكذب.
2- مصاحبة الصادقين:
قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا
اتقوا الله وكونوا مع الصادقين[التوبة: 119].
يقول العلامة
السعدي رحمه الله: كونوا مع الصادقين في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم الذين
أقوالهم صدق وأعمالهم وأحوالهم لا تكون إلا صدقًا خلية من الكسل والفتور سالمة
من المقاصد السيئة مشتملة على الإخلاص والنية الصالحة.
[تفسير السعدي ص355]
وفي
الصحيحين - واللفظ لمسلم (2607)- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي
إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا».
البر:
اسم جامع للخيرات كلها ويطلق على العمل الخالص الدائم.
[فتح الباري
10/534]
معنى ذلك أن الصدق يفتح لك كل أبواب الخير الموصلة إلى الإخلاص الدائم
في الأعمال الصالحة والإكثار منها.
يقول الشاعر:
اختر قرينك واصطفيه
تفاخرًا
إن القرين إلى المقارن ينسب
ودع الكذوب فلا يكن لك صاحبًا
إن الكذوب
يشين من يصحب
3- الصدق في المزاح:
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو
كان محقًا، وبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب ولو كان مازحًا، وبيت في أعلى
الجنة لمن حسن خلقه». [صحيح أبي داود 5/240، صحيح الجامع 1464]
ومعنى زعيم: أي:
كفيل وضامن.
في مجتمعنا نسمع كثيرًا من الناس يتكلم بكلمات شبه مضحكة وهي في
حقيقتها كاذبة بدعوى أننا نمزح ونفرح أنفسنا، وهم بذلك يقعون في شيء خطير، وذلك
بحصد كثير من السيئات والافتراء على الأبرياء، لماذا نذهب بعيدًا عن قدوتنا
أجمعين إلى يوم الدين كما حكم رب العالمين في قوله: لقد كان لكم في
رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم
الآخر وذكر الله كثيرا .
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح: فعن
أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا ؟ قال: «إني لا
أقول إلا حقا». [صحيح الترمذي 1990]
ومعنى تداعبنا: أي تمازحنا.
أخي المسلم:
يا من تريد أن تمزح وتضحك؛ عليك بالصدق وأبشر ببيت في وسط الجنة إذا تركت الكذب
في المزاح.
4- هجر الكاذب والكذابين:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا اطلع على أحد من أهل بيته كذب كذبة لم يزل معرضا
عنه حتى يحدث توبة. [صحيح الجامع 4675]
وهذا نوع من الهجر التربوي حتى لا
يوافق المربي على الكذب ويصبح هذا الطفل والابن كذابا وحتى لا يظن أن الأب
موافق على الكذب، وخير دليل على ذلك هجر الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة
تبوك.[صحيح]
5- القدوة العملية:
عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال: دعتني
أمي يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا، فقالت: ها تعال أعطيك،
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أردت أن تعطيه ؟ قالت: أردت أن
أعطيه تمرا. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنك لو لم تعطيه
شيئا كتبت عليك كذبة.
في هذا الحديث يضع لنا صلى الله عليه وسلم بيانا عمليا
للتخلص من آفة الكذب وذلك بالصدق مع الأولاد بالكلام وفي الوعود؛ لأن بعض
الآباء - إلا من رحم الله - ينهي ابنه عن الكذب ويكذب أمام ابنه ويأمر بالكذب،
وهنا الطامة الكبرى وانعدام الثقة في الأب واتخاذه قدوة غير صالحة.
فاحذر أخي
المسلم من الكذب أمام الأولاد، ولا تظن أن الصغار يمكن أن تخدعهم على
الدوام.
ما يباح من الكذب
قال الإمام النووي رحمه الله: اعلم أن الكذب وإن كان
أصله محرما فيجوز في بعض الأحوال، إن الكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصود
محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه وإن لم يكن تحصيله إلا بالكذب جاز
الكذب، ثم إن كان تحصيل الكذب ذلك المقصود مباحا كان الكذب مباحا وإن كان
واجبا كان الكذب واجبا، فإذا اختفى مسلم من ظالم يريد قتله أو أخذ ماله وأخفى
ماله وسئل إنسان عنه وجب الكذب بإخفائه وكذا لو كان عنده وديعة وأراد ظالم
أخذها وجب الكذب وإخفاؤها، والأحوط في ذلك كله أن يوري، ومعنى التورية أن
يقصد بعبارته مقصودا صحيحا ليس هو كاذبا بالنسبة إليه، وإن كان كاذبا في
ظاهر اللفظ وبالنسبة إلى ما يفهمه المخاطب ولو ترك التورية وأطلق عبارة الكذب
فليس بحرام في هذا الحال، واستدل العلماء: لجواز الكذب في هذا الحال بحديث أم
كلثوم رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس الكذاب
الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا». متفق عليه.
وزاد مسلم في
رواية: قالت أم كلثوم ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: تعني
الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها.
[رياض
الصالحين]
والحمد لله رب العالمين

محمدالفاتح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-09-2006, 02:09 PM   #17
عضو متميز
 
تم شكره :  شكر 54 فى 39 موضوع
محمدالفاتح is an unknown quantity at this pointمحمدالفاتح is an unknown quantity at this point

 

رد: ][®][^][®][كن صريحــــاااااااا ... مــــــاذا أعــــــددت لرمضــــااااان؟؟؟ ][®][^][®

فن القيادة عند السلف الصالح

سلطان بن محمد الدويش


يزخر تاريخ الأمة الإسلامية بمواقف وقصص، المتأمل فيها يجدها نبراساً في طريقه للإصلاح، ولعلِّي أقدم من خلال هذه السطور نموذجاً من تلك القصص؛ فقد أورد الذهبي في السِّيَر: (عن محمد بن كعب، قال: جمع القرآنَ خمسةٌ: معاذ، وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وأُبَيٌّ، وأبو أيوب.ِ

فلما كان زمن عمر، كتب إليه يزيد بن أبي سفيان (الأول): إن أهل الشام قد كثروا، وملؤوا المدائن، واحتاجوا إلى من يُعلِّمهم القرآن ويفقههم، فأعنّي برجال يُعلمونهم.

فدعا عمر الخمسة، فقال: إن إخوانكم قد استعانوني من يعلمهم القرآن، ويفقههم في الدين، فأعينوني يرحمكم الله بثلاثة منكم إن أحببتم، وإن انتدب ثلاثة منكم فليخرجوا.

فقالوا: ما كنا لنتساهم؛ هذا شيخ كبير ـ لأبي أيوب ـ وأما هذا فسقيم ـ لأُبيّ ـ فخرج معاذ وعُبادة وأبو الدرداء.

فقال عمر: ابدؤوا بحمص؛ فإنكم ستجدون الناس على وجوه مختلفة، منهم من يَلْقن؛ فإذا رأيتم ذلك، فوجِّهوا إليه طائفة من الناس؛ فإذا رضيتم منهم، فليقم بها واحد، ولْيَخْرُجْ واحد إلى دمشق، والآخر إلى فلسطين.

قال: فقدموا حمص فكانوا بها، حتى إذا رضوا من الناس، أقام بها عبادة بن الصامت، وخرج أبو الدرداء إلى دمشق، ومعاذ إلى فلسطين)(1).

«وعن مسلم بن مِشكم: قال لي أبو الدرداء: اعدُدْ من في مجلسنا. قال: فجاؤوا ألفاً وستمائة ونيِّفاً. فكانوا يقرؤون ويتسابقون عشرة عشرة؛ فإذا صلى الصبح، انفتل وقرأ جزءاً، فيُحْدِقون به يسمعون ألفاظه»(2).

«وقيل: الذين في حلقة إقراء أبي الدرداء كانوا أزيد من ألف رجل، ولكل عشرة منهم ملقِّن، وكان أبو الدرداء يطوفُ عليهم قائماً، فإذا أحكمَ الرجلُ منهم، تحول إلـى أبـي الـدرداء ـ يعني يعرض عليه ـ»(3).

بعد إيراد هذه القصة لعلك أخي القارئ تتساءل: ما أبرز الفوائد المستنبطة منها؟ فأقول مستعيناً بالله: إن هذه القصة تضيء للإخوة الدعاة والقادة طريقهم نحو الإصلاح؛ ففيها أسلوب التعامل مع الأتباع، وفن توجيه الناس للهدف المراد، وأسس صناعة الصف الثاني في العمل، وغيرها الكثير، وأدعك أخي القارئ العزيز تتأمل بعض ما تم استنباطه(4) من هذه القصة:

1 ـ علاقة القائد مع أتباعه هنا هي علاقة ود واحترام وتقدير؛ حيث نجد ذلك واضحاً في أسلوب طلب يزيد بن أبي سفيان عندما كتب: (إن أهل الشام قد كثروا، وملؤوا المدائن، واحتاجوا إلى من يُعلِّمهم القرآن ويفقههم، فأعنِّي برجال يُعلمونهم) حيث أبرز حيثيات الطلب، مع طلب العون في المساهمة لحل هذه القضية. كما نجد وضوح هذه العلاقة في عرض عمر ـ رضي الله عنه ـ على الخمسة، مع علمه بأن هذه المهمة تحتاج إلى مواصفات تنطبق على بعضهم؛ وذلك ليبادر القادرون على أدائها، ولا يُلزِمهم بها؛ كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: «من يأخذ هذا السيف بحقه؟ فقام إليه رجال ليأخذوه ـ منهم علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وعمر بن الخطاب ـ حتى قام إليه أبو دُجَانة سِمَاك بن خَرَشَـة، فقـال: ومـا حقـه يا رسول الله؟ قال: «أن تضرب به وجوه العدو حتى ينحني». قال: أنا آخذه بحقه يا رسول الله! فأعطاه إياه. وتتضح هذه العلاقة أيضاً في قوله: (فأعينوني يرحمكم الله بثلاثة منكم إن أحببتم، وإن انتدب ثلاثة منكم فليخرجوا) فالقائد هنا يطلب العون من الأتباع، مع دعائه لهم بالرحمة.

2 ـ تهيئة الأتباع لتقبُّل أصعب المهام في الأزمات؛ فالناظر في هذه المهمة التي تتطلب فراق الأهل والأصحاب، يرى أنه بـمجرد عرض الموضوع عليهم، بادر ثلاثة بالموافقة على أداء المهمة؛ وهذا يؤكد لنا أنه لا بد من تربية الأتباع لاستقبال المهام الشاقة في الرخاء، حتى إذا أتت المهمة الشاقة في الأزمات، يبادرون لأدائها، ولا يتقاعسون؛ كما في إرسال النبي -صلى الله عليه وسلم- حذيفة بن اليمان يوم الأحزاب؛ فإنه شاهد على ذلك.

3 ـ رجوع القائد للمصدر الرئـيس في القضايا، فنجـد عـمــر ـ رضي الله عنه ـ يرجع في حال إلى القرآن الكريم، وفي حالٍ آخر إلى السنة، وفي أخرى يرجع للمتخصصين ـ كـما فعـل هنا ـ مع وجود من هو أفضل منهم كعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، إلا أنه رجع لهؤلاء الخمسة؛ لأنهم المرجع في هذه المسألة؛ وعليه فإنني أؤكد للقادة أن تكون الاستشارة بناء على الموضوع، وألا يخصصوا مستشاراً واحداً لكل المسائل، بل لكل موضوع أهله.

4 ـ رسم القائد رؤية واضحة، بعد دراسته للواقع وتبيينها لأصحاب المهمة؛ ففي قوله: (ابدؤوا بحمص؛ فإنكم ستجدون الناس على وجوه مختلفة...) إلى قوله: (والآخر إلى فلسطين)، فكان فقه عمر ـ رضي الله عنه ـ للواقع واضحاً وجلياً، ولذا بدأ بحمص لوجود مشكلة في المنطقة يجب التغلب عليها قبل انتشارها؛ وهنا فسر سبب اختياره هذه المنطقة. إن رسم الخطط الاستراتيجية في العمل، وإطلاع العاملين علبها؛ يساهم في اختصار الجهود والأوقات، وزيادة الحماس للعمل.

5 ـ توجيه القائد لأتباعه بالبدء لصناعة صف ثانٍ في العمل، وهذه النظرة الثاقبة لعمر ـ رضي الله عنه ـ تؤكد لقادة العمل الخيري أهمية هذا الأمر؛ ولذا رسم لهم سياسة سير العمل، بانتقاء المميزين من الطلاب، كما في قوله: (منهم من يَلْقن(1)؛ فإذا رأيتم ذلك، فوجِّهوا إليه طائفة من الناس). ويأتي التطوير بعد الانتقاء، ثم التقييم، كما في قوله: (فإذا رضيتم منهم)، وهنا نجد اللفتة العمرية المهمة، بأن يكون التقييم جماعياً وليس فردياً. بالإضافة إلى ذلك نجد وضوح أسس التقييم بين القائد والعاملين، وبعدها يتم تفويضهم لإدارة العمل مع بقاء أحد القادة للمتابعة (فليقم بها واحد).

6 ـ القائد يرسم السياسات ويترك التفاصيل للعاملين؛ فعندما رسم خطة صناعة الصف الثاني، كما ذكرنا سابقاً، لم يحدد من يبقى ومن يذهب كما في قوله: (فليقم بها واحد، وليخرج واحد إلى دمشق، والآخر إلى فلسطين). وفي هذا يقول أحدهم: (القائد ينقش الأهداف على الصخر، والوسائل على الرمل). إن إعطاء الصلاحيات للأتباع بتحديد الوسائل والبرامج، يساهم في زيادة الولاء للمنظمة.

7 ـ تقرير مبدأ الأولويات في العمل؛ فقد وجههم بالمسير إلى حمص ثم دمشق وفلسطين، كما في قوله: (ابدؤوا بحمص).

8 ـ إبقاء عدد من المتخصصين في العمل الأصلي، ولم يستهلك جميع الطاقات؛ لأن المدينة المنورة مركز القيادة والعلم؛ ولذا أبقى اثنين منهم.

9 ـ مراعاة القائد للعامل النفسي للأتباع، وذلك عندما أرسل ثلاثة؛ فهذا سيعطي لهم تسلية وقوة في العمل وأقدر على النجاح؛ حتى يتهيأ لكل واحد أتباع، ثم يفترقوا.

10 ـ السعي للاكتفاء بالموارد الداخلية في المنطقة؛ فإن التأكيد على الانتقال إلى دمشق وفلسطين يدل على أهمية الاكتفاء بأهل المنطقة من الموارد البشرية، وأؤكد على أهمية الموارد المالية؛ فمن المهم أيضاً السعي للاكتفاء بالموارد المالية من المنطقة.

11 ـ ارتباط تعـليم القـرآن بالفـقه بالـدين، كما في قوله: (واحتاجـوا إلــى مـن يُعلِّـمهم القـرآن ويفقههم)، قال الضحاك: (حـق على كــل مـن تعلم القرآن أن يكـون فقيهاً) وتلا قوله ـ تعالى ـ: {كُونُوا رَبَّانِيِّــــينَ بِمَا كُنتُـــــمْ تُعَلِّـمُونَ الْكِـــــتَابَ****** [آل عمران: 79].

12 ـ استمرار بناء الإنسان لذاته، وألا يكون شمعة يحرق نفسه ليضيء للآخرين، كما ذكر مسلم بن مِشكم في قوله: (فإذا صلى الصبح، انفتل وقرأ جزءاً)، يجب على الدعاة والعاملين في الحقل الخيري أن يستمروا في التعلم؛ ومهما وصل الإنسان إليه من العلم؛ فمطلوب مـنه الاستمـرار؛ فهـذا أبو حنيفة قال: (قدمت البصرةَ فظنـنتُ أنـي لا أُسـأل عـن شـيء إلا أجبتُ فيه، فسألوني عن أشياء لم يكن عندي فيها جواب، فجعلت على نفسي ألا أفارق حماداً حتى يموت، فصحبته ثماني عشرة سنة)(1). وفي دراسة على تسعين قائداً، تحدث هؤلاء القادة بأن أهم صفة للقائد هو التعلم المستمر، والله ـ عز وجل ـ يقول: {لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ****** [المدثر: 37]. فكل كائن يكفُّ عن النمو يبدأ في الموت.

13 ـ تقدير حجم العمل وتقسيمه بناء على الموارد المتاحة؛ وذلك عندما قال: (اعدُدْ مَنْ في مجلسنا)، وفي قوله: (ولكل عشرة منهم ملقِّن) .

14 ـ المتابعة من أهم أسس نجاح العمل، كما جاء عن عمر ابن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ: (أرأيتم إن استعملت خيركم، ثم أمرته بالعدل، أكنت قضيت ما عليَّ؟ قالوا: نعم! قال: لا؛ حتى أنظر: أعمل بما أمرت، أم لا؟).

15 ـ التدرج في التعلم، كما في قوله: (فإذا أحكمَ الرجلُ منهم، تحوَّل إلى أبي الدرداء ـ يعني يعرض عليه)، حيث لم ينشغل أبو الدرداء بالجميع، بل ينتقل إليه من أحكم الحفظ.

أخيراً: فإن السيرة مليئة بالقصص والأحداث؛ فلنستفد منها، ونستخرج الكنوز من أعماقها. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


--------------------------------------------------------------------------------

(ü) باحث ومدرب في العمل الخيري.

(1) نزهة الفضلاء من سير أعلام النبلاء، تأليف: محمد حسن عقيل موسى (مختصر موسوعة سير أعلام النبلاء للذهبي)، (158/4). (2) نزهة الفضلاء (159/3).

(3) نزهة الفضلاء (161/5). (4) تم استنباط عدد من الفوائد، بمشاركة مجموعة من قيادات العمل الخيري، وذلك أثناء حضور دورة صناعة الصف الثاني.

(1) جاء في لسان العرب: (غلامٌ لَقِنٌ: سريعُ الفهم. وفي حديث الهجرة ويَبيتُ عندهما عبدُ الله بن أَبي بكر وهو شابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ، أَي فَهِمٌ حسَنُ التَّلْقِين لما يسْمَعه. وفي حديث الأُخْدُود: انظروا لي غلاماً فَطِناً لَقِناً).

(1) نزهة الفضلاء (550/3).

محمدالفاتح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-09-2006, 02:49 PM   #18
عضو مميز جداً
 
الصورة الرمزية مرهف
 
تم شكره :  شكر 376 فى 155 موضوع
مرهف will become famous soon enoughمرهف will become famous soon enoughمرهف will become famous soon enoughمرهف will become famous soon enoughمرهف will become famous soon enoughمرهف will become famous soon enoughمرهف will become famous soon enough

 

رد: ][®][^][®][كن صريحــــاااااااا ... مــــــاذا أعــــــددت لرمضــــااااان؟؟؟ ][®][^][®

نوفا

ما شاء الله

موضوع في مكانه ..

نسأل الله أن يبارك لنا في شعبان وأن يبلغنا رمضان

جعلنا الله واياكم ومن يدخل في هذا الموضوع ليقرأه أو يرد عليه من المقبولين في الدنيا والآخرة ..



تحياتي الحارة !!


ميشو

التوقيع

Follow me on Twitter:@morrhaf
مرهف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-09-2006, 03:36 PM   #19
مشرفة سابقة
 
تم شكره :  شكر 10 فى 9 موضوع
الأم الحنون will become famous soon enough

 

رد: ][®][^][®][كن صريحــــاااااااا ... مــــــاذا أعــــــددت لرمضــــااااان؟؟؟ ][®][^][®

الاخت الكريمه نوفا

الأستاذ الفاضل محمد الفاتح

الله يجزاكما كل خير..ويعيننا على صيام الشهر وقيامه

ويجعلنا من المعتقين يارب

التوقيع
الأم الحنون غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-09-2006, 10:55 PM   #20
عضو سوبر
 
تم شكره :  شكر 4 فى 4 موضوع
نــــــوفــــا is on a distinguished road

 

رد: ][®][^][®][كن صريحــــاااااااا ... مــــــاذا أعــــــددت لرمضــــااااان؟؟؟ ][®][^][®


اااابنه المقــــــــــــــدس





حيــــــــــــــــــ اااااالله ـــــــــــــــــــــــااااااااااااااااااك




سعدت وتشرف لمروووووورك لالالالاهنت




شااااااااااااااكره لك حسن إطلالالالالالالالالتك




أحترااااااااااااامي لــــــــــــــك

نــــــوفــــا غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-09-2006, 10:57 PM   #21
عضو سوبر
 
تم شكره :  شكر 4 فى 4 موضوع
نــــــوفــــا is on a distinguished road

 

رد: ][®][^][®][كن صريحــــاااااااا ... مــــــاذا أعــــــددت لرمضــــااااان؟؟؟ ][®][^][®


ووووووولد العووووووودة 1




حيـــــــــــــــــــــــــ اااااالله ـــــــــــــــــــــــااااااااااااااااااك




سعدت وتشرف لمروووووورك لالالالاعدمتك




شااااااااااااااكره لك حسن إطلالالالالالالالالتك




أحترااااااااااااامي لــــــــــــــك

نــــــوفــــا غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-09-2006, 11:01 PM   #22
عضو سوبر
 
تم شكره :  شكر 4 فى 4 موضوع
نــــــوفــــا is on a distinguished road

 

رد: ][®][^][®][كن صريحــــاااااااا ... مــــــاذا أعــــــددت لرمضــــااااان؟؟؟ ][®][^][®




ميشوووووووووو



حيـــــــــــــــــــــــــ اااااالله ـــــــــــــــــــــــااااااااااااااااااك




تشــــــــــــرفت لمروووووورك لالالالاعدمتك




شااااااااااااااكره لك حسن إطلالالالالالالالالتك




أحترااااااااااااامي لــــــــــــــك

نــــــوفــــا غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-09-2006, 11:03 PM   #23
عضو سوبر
 
تم شكره :  شكر 4 فى 4 موضوع
نــــــوفــــا is on a distinguished road

 

رد: ][®][^][®][كن صريحــــاااااااا ... مــــــاذا أعــــــددت لرمضــــااااان؟؟؟ ][®][^][®



الأمـــــ الحنووووووون





حيـــــــــــــــــــــــــ اااااالله ـــــــــــــــــــــــااااااااااااااااااك




سعدت وتشرف لحضوووووورك لالالالاعدمتك




شااااااااااااااكره لك حسن إطلالالالالالالالالتك




أحترااااااااااااامي لــــــــــــــك

نــــــوفــــا غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-09-2006, 11:06 PM   #24
عضو سوبر
 
تم شكره :  شكر 4 فى 4 موضوع
نــــــوفــــا is on a distinguished road

 

رد: ][®][^][®][كن صريحــــاااااااا ... مــــــاذا أعــــــددت لرمضــــااااان؟؟؟ ][®][^][®

الأستاذ الفااااااااضل


محمـــد الفاااااااااتح






نفع الله بك وبعلمك

نــــــوفــــا غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-09-2006, 10:35 AM   #25
عضو متميز
 
تم شكره :  شكر 54 فى 39 موضوع
محمدالفاتح is an unknown quantity at this pointمحمدالفاتح is an unknown quantity at this point

 

رد: ][®][^][®][كن صريحــــاااااااا ... مــــــاذا أعــــــددت لرمضــــااااان؟؟؟ ][®][^][®

بين يدي رمضان



رئيسي :تزكية :الجمعة 8 شعبان 1427هـ – 1سبتمبر 2006م





مفكرة الإسلام: الحمد لله الذي أعظم على عباده المنة، بما دفع عنهم من كيد الشيطان ؛ إذ جعل الصوم حصناً لأوليائه وجُنَّة، وفتح لهم به أبواب الجنة، وصلى الله على عبده ورسوله محمد قائد الغُرِّ المُحجَّلين ومُمَهِّد السُّنَّة، وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:



فإن حكمة الله اقتضت أن يجعل هذه الدنيا مزرعةً للآخرة، وميداناً للتنافس، ومن فضله وكرمه أن يجزي على القليل كثيراً، ويضاعفَ الحساب، ويجعلَ لعباده مواسم تعظم فيها هذه المضاعفة, فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرَّب فيها إلى مولاه بما أمكنه من وظائف الطاعات، عسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات، فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات، قال الحسن رحمه الله في قول الله عز وجل: [وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا[62]] [سورة الفرقان]، قال: ' من عجز بالليل كان له من أول النهار مُسْتَعْتَبٌ، ومن عجز بالنهار كان له من الليل مُسْتَعْتَبٌ '؟.

ومن أعظم هذه المواسم المباركة وأجلِّها شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن المجيد، ولذا كان حريًا بالمؤمن أن يحسن الاستعداد لهذا القادم الكريم، ويتفقه في شروط ومستحبات وآداب العبادات المرتبطة بهذا الموسم الحافل؛ لئلا يفوته الخير العظيم, ولا ينشغل بمفضول عن فاضل، ولا بفاضل عما هو أفضل منه.



التأهب والاستبشار بقدوم رمضان

إن أول الآداب الشرعية بين يدي رمضان: أن تتأهب لقدومه قبل الاستهلال، وأن تكون النفس بقدومه مستبشرة، وأن تستشرف لنظره استشرافها لقدوم حبيب غائب من سفره؛ إذ أن التأهب لشهر رمضان والاستعداد لقدومه من تعظيم شعائر الله القائل: [ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ[32]] [سورة الحـج ].

يفرح المؤمنون بقدوم شهر رمضان ويسبشرون، ويحمدون الله أن بلَّغهم إياه، ويعقدون العزم على تعميره بالطاعات، وزيادة الحسنات، وهجر السيئات، وأولئك يبشَّرون بقول الله: [قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ[58]] [سورة يونس ]. وذلك لأن محبة الأعمال الصالحة والاستبشار بها فرع عن محبة الله عز وجل، فترى المؤمنين متلهفين مشتاقين إلى رمضان، تحن قلوبهم إلى صوم نهاره، ومكابدة ليله بالقيام والتهجد بين يدي مولاهم، وتراهم يمهدون لاستقبال رمضان بصيام التطوع خاصة في شعبان .

باع قوم من السلف جارية لهم لأحد الناس ، فلما أقبل رمضان أخذ سيدها الجديد يتهيأ بألوان المطعومات والمشروبات لاستقبال رمضان – كما يصنع كثير من الناس اليوم – فلما رأت الجارية ذلك منهم قالت: ' لمـاذا تصنعون ذلك؟ ' ، قالوا: ' لاستقبال شهر رمضان ' ، فقالت: ' وأنتم لا تصومون إلا في رمضان؟ والله لقد جئت من عند قوم السَّنَةُ عندهم كأنها كلَّها رمضان ، لا حاجة لي فيكم ، رُدُّوني إليهم ' ، ورجعت إلى سيدها الأول .



من فضائل الصوم

سمع المؤمنون قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي] رواه البخاري ومسلم ؛ فعلموا أن الامتناع عن الشهوات لله عز وجل في هذه الدنيا سبب لنيلها في الآخرة، كما أشار إلى ذلك مفهوم قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الْآخِرَةِ] رواه البخاري ومسلم.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبو موسى على سرية في البحر، فبينما هم كذلك ، قد رفعوا الشراع في ليلة مظلمة ، إذا هاتف فوقهم يهتف :'يا أهل السفينة ! قفوا أخبركم بقضاء الله على نفسه' فقال أبو موسى :' أخبرنا إن كنت مخبراً ' ، قال:'إن الله تبارك وتعالى قضى على نفسه أنه من أعطش نفسه له في يوم صائف ، سقاه الله يوم العطش' رواه البزار ، وحسنه المنذري، وفي رواية:' فكان أبو موسى يتوخى اليوم الشديد الحر الذي يكاد الإنسان ينسلخ فيه حراً فيصومه'رواه ابن أبي الدنيا.

وعَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ]رواه البخاري ومسلم .



وعَنْ جَابِرٍ ، قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ ، فَقَالَ: [ آمِينَ آمِينَ آمِينَ ] ، قَالَ: [ أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ أَحَدَ وَالِدَيْهِ ، فَمَاتَ، فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ آمِينَ ، فَقُلْتُ: آمِينَ ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ، فَمَاتَ، فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَأُدْخِلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، قَالَ: وَمَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ ، قُلْ آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ] رواه الطبراني في ' الكبير'، وصححه الألباني.



فهل تعجب أخي المؤمن أن جبريل ملك الوحي يدعو في هذا الحديث، ثم يؤمِّن الصادق صلى الله عليه وسلم على دعائه؟! وأي عجب ورمضان فرصة نادرة ثمينة فيها الرحمة والمغفرة، ودواعيها متيسرة، والأعوان عليها كثيرون، وعوامل الفساد محدودة، ومردة الشياطين مصفَّدون، ولله عتقاء في كل ليلة، وأبواب الجنة مفتحة ، وأبواب النيران مغلقة، فمن لم تنله الرحمة مع كل ذلك فمتى تناله إذن ؟! ، ولا يهلك على الله إلا هالك، ومن لم يكن أهلاً للمغفرة في هذا الموسم ففي أي وقت يتأهل لها؟! ومن خاض البحر اللجاج ولم يَطَّهَّرْ فماذا يطهره ؟! .



ماذا يحدث في أول ليلة من رمضان؟

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ] رواه الترمذي وابن ماجه.

إن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن هديه في هذا الموضع المبادرة إلى تذكير الناس ببركات هذا الموسم العظيم، فقد قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه في أول ليلة من رمضان: [أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ] رواه النسائي وحسنه الألباني.



كيف يستقبل باغي الخير رمضان ؟

أولاً: بالمبادرة إلى التوبة الصادقة، المستوفية لشروطها، وكثرة الاستغفار، قال الله : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً ][سورة التحريم: من الآية8] .

ثانياً: بتعلم ما لابد منه من فقه الصيام، أحكامه وآدابه، والعبادات المرتبطة برمضان من اعتكاف وعمرة وزكاة فِطر، وغيرها، قال رسول صلى الله عليه وسلم: [ طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ] .

ثالثاً: عقد العزم الصادق والهمة العالية على تعمير رمضان بالأعمال الصالحة، قال تعالى:[فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ] [ سورة محمد: من الآية 21]، وقال جلا وعلا:[وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً َ] [سورة التوبة: من الآية 46 ].، وتحري أفضل الأعمال فيه وأعظمها أجراً .

رابعاً: استحضار أن رمضان- كما وصفه الله عزَّ وجلَّ- أيام معدودات ، سرعان ما يولي ، فهو موسم فاضل ، ولكنه سريع الرحيل ، واستحضار أن المشقة الناشئة عن الاجتهاد في العبادة تذهب أيضاً، ويبقى الأجر، وشَرْحُ الصدر، فإن فرط الإنسان ذهبت ساعات لهوه وغفلته، وبقيت تبعاتها وأوزارها .

خامساً: الاجتهاد في حفظ الأذكار والأدعية المطلقة منها والموظفة ، خصوصاً الوظائف المتعلقة برمضان؛ استدعاءً للخشوع وحضور القلب، واغتناماً لأوقات إجابة الدعاء في رمضان، والاستعانة على ذلك بدعاء: [ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ]رواه أبودلود والنسائي وأحمد.



وهاك الأذكار الثابتة المتعلقة بوظائف رمضان:

ما يقول إذا رأى الهلال- هلال أيِّ شهر ، ولا يختص برمضان-: [ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ وَالتَّوْفِيقِ لِمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى رَبُّنَا وَرَبُّكَ اللَّهُ]رواه الترمذي وأحمد والدارمي .

- وإذا صام ، فلا يرفث ، ولا يجهل ، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: [إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ]رواه البخاري ومسلم .



ماذا يقول عند الإفطار؟

- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٍ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ ، وَدَعْوَةُ المَظْلُومِ ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ ]رواه البيهقي في شعب الإيمان، وصححه الألباني .

- وأفضل الدعاء الدعاء المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان يقول إذا أفطر: [ ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ] رواه أبوداود وحسنه الألباني.



سادساً: الاستكثار من الأعمال الصالحات ، فإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، ومن ذلك :

[1] صيام شعبان: استعداداً لرمضان ، فعن أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- قالت: ' مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ'رواه البخاري ومسلم.



[2] تلاوة القرآن الكريم: فإن رمضان هو شهر القرآن فينبغي أن يكثر العبد المسلم من تلاوته وحفظه ، وتدبره ، وعرضه على من هو أقرأ منه . كان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان ، وعارضه في عام وفاته مرتين ، وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه يختم القرآن الكريم كل يوم مرة ، وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال ، وبعضهم في كل سبع ، وبعضهم في كل عشر ، فكانوا يقرءون القرآن في الصلاة وفي غيرها ، فكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة ، وكان قتادة يختم في كل سبع دائماً ، وفي رمضان في كل ثلاث ، وفي العشر الأواخر في كل ليلة ، وكان الزهري إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم ، ويُقبل على تلاوة المصحف . وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة ، وأقبل على قراءة القرآن ، قال الزهري: ' إذا دخل رمضان فإنما هو قراءة القرآن ، وإطعام الطعام ' .

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : ' وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقلَّ من ثلاث على المدوامة على ذلك ، فأما الأوقات المفضلة – كشهر رمضان – خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر – أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها ، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناماً للزمان والمكان ، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة ، وعليه يدل عمل غيرهم ' .



[3] قيام رمضان: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فِيهِ بِعَزِيمَةٍ، فَيَقُولُ: [مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ] رواه البخاري ومسلم.

وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ من قضاعة ، فقال: يا رسول الله ! أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وصمت الشهر، وقمت رمضان، وآتيت الزكاة ؟ ' فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [ مَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا كَانَ مِنْ الصِّدّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ ] قال الهيثمي في مجمع الزوائد:'رواه البزار ورجاله رجال الصحيح خلا شيخي البزار ، وأرجو إسناده أنه إسناد حسن أو صحيح' .



[4] الصدقة: فقد ' كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ' رواه البخاري ومسلم.

ومن صور الصدقة: إطعام الطعام ، وتفطير الصوام ، قال صلى الله عليه وسلم: [مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا]رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد والدارمي.

فإن عجز عن عَشائه فطَّره على تمرة أو شربة ماء أو لبن ، وقال صلى الله عليه وسلم: [اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ] رواه البخاري ومسلم.



وقال بعض السلف: 'لأن أدعو عشرة من أصحابي ، فأطعمهم طعاماً يشتهونه أحب إليَّ من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل ' . وكان كثير من السلف يُؤثِر بفطوره وهو صائم ، منهم عبد الله بن عمر ، وداود الطائي ، ومالك بن دينار ، وأحمد بن حنبل ، وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين ، وربما علم أن أهله قد ردوهم عنه ، فلم يفطر في تلك الليلة .

وكان من السلف من يطعهم إخوانه الطعام وهو صائم ، ويجلس يخدمهم، منهم الحسن وابن المبارك ، وقال أبو السوار العدوي:' كان رجال من بني عدي يصلون في هذا المسجد ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده ، إن وجد من يأكل معه أكل ، وإلا أخرج طعامه إلى المسجد ، فأكله مع الناس وأكل الناس معه' ، قال الإمام الماوردي رحمه الله: ' ويستحب للرجل أن يوسع على عياله في شهر رمضان ، وأن يحسن إلى أرحامه وجيرانه ، لا سيما في العشر الأواخر منه ' .



[5] المكث في المسجد بعد صلاة الفجر: فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا صلى الغداة جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس ، وقال صلى الله عليه وسلم: [مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ]رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني.

فعلى المرء أن يجمع همته ليغتنم هذا الزمان الشريف ، ولا يضيره انصراف أكثر الناس عن هذه السُّنَّة ، بل الحازم ينظر في أمر الدين إلى من هو فوقه ، ومن هو أنشط منه: [وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ][سورة المطففين: من الآية 26 ]. وقد يُحرم المرء من هذه السُّنَّة الجليلة لإفراطه في السهر أو السمر بعد العشاء .

[6] الاعتكاف: فقد كان صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام ، فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يوماً .

[7] العمرة: فعن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَك قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ: [ مَا مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّي مَعَنَا؟] قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ لَنَا إِلَّا نَاضِحَانِ فَحَجَّ أَبُو وَلَدِهَا وَابْنُهَا عَلَى نَاضِحٍ، وَتَرَكَ لَنَا نَاضِحًا نَنْضِحُ عَلَيْهِ، قَالَ: [ فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً] وفي رواية: [ فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أَوْ حَجَّةً مَعِي]رواه البخاري ومسلم .

[8] تحري ليلة القدر: التي قال تعالى في شأنها: [إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ[1]وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ[2]لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ[3]] [سورة القدر] . وعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [ مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ] رواه البخاري ومسلم . وكان صلى الله عليه وسلم يتحرى ليلة القدر ، ويأمر أصحابه بتحريها ، وكان يعتكف لذلك ، وكان يوقظ أهله في ليالي العشر رجاء أن يدركوها .



[9] الإكثار من النوافل بعد الفرائض: كالسُّنن القبلية والبعدية ، وصلاة التسبيح ، والضحى ، والذكر والاستغفار ، والدعاء خصوصاً في أوقات الإجابة ، وعند الإفطار ، وفي ثلث الليل الآخر ، وفي الأسحار ، وساعة الإجابة يوم الجمعة .

[10] المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد: والاجتهاد في تطبيق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: [مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَتَانِ بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ] رواه الترمذي وحسنه الألباني. قال سعيد بن المسيب: ' من حافظ على الصلوات الخمس في جماعة ؛ فقد ملأ البر والبحر عبادةً ' .

فهذه إلمامة عجلى ببعض مظاهر الخير الذي ينادي من يقصده وينويه في أول ليلة من رمضان: [يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ] .



من محاضرة:'بين يدي رمضان' للشيخ/ محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدَّم .

محمدالفاتح غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:51 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. موقع و منتديات سدير 1432 هـ - 1435 هـ

جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه