رسائل جوال سيرة المصطفى

[بين السطور]

لما قرأ عبد الله بن جحش رضي الله عنه خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏ :‏ سمعا وطاعة ، وأخبر أصحابه بذلك ، وأنه لا يستكرههم ، فمن أحب الشهادة فلينهض ، ومن كره الموت فليرجع ، وقال لهم وأما أنا فناهض ، فنهضوا كلهم ، غير أنه لما كان في أثناء الطريق أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كانا يتعاقبان عليه فتخلفا في طلبه ‏.‏

[محمدالفاتح]

حياك الله

[بين السطور]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدالفاتح   حياك الله

جزاك الله خير

[بين السطور]

وسار عبد الله بن جحش حتى نزل بنخلة ، فمرت عير لقريش تحمل تجارة ، وفيها عمرو بن الخضرمي ، وعثمان ونوفل ابنا عبد الله بن المغيرة ، والحكم ابن كيسان مولى بني المغيرة ‏.‏ فتشاور المسلمون وقالوا ‏:‏ نحن في آخر يوم من رجب الشهر الحرام ، فإن قاتلناهم انتهكنا الشهر الحرام ، وإن تركناهم الليلة دخلوا الحرم ، ثم اتفقوا على قتالهم .

[بين السطور]

بعد أن اتفق الصحابة الذين بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم لاعتراض قافلة قريش على قتال من في القافلة رمى أحد الصحابة عمرو بن الحضرمي فقتله ، وأسروا عثمان بن عبد الله بن المغيرة والحكم بن كيسان وأفلت نوفل ، فقدموا بالعير والأسيرين إلى المدينة ، وقد عزلوا من الغنيمة الخمس وهو حق لفئات بينها القرآن ، وكان هذا أول خمس في الإسلام ، وأول قتيل في الإسلام ، وأول أسيرين في الإسلام ‏.‏

[بين السطور]

أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن جحش وأصحابه ما فعلوه ، وتوقف عن التصرف في العير والأسيرين ‏، ووجد المشركون فيما حدث فرصة لاتهام المسلمين بأنهم قد أحلوا ما حرم الله ، ونزل الوحي يرد على المشركين أن ما هم عليه من الشرك أكبر وأعظم مما ارتكبه المسلمون : " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله‏ " ‏.‏

[بين السطور]

أطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم سراح الأسيرين ، ‏ عثمان بن عبد الله بن المغيرة والحكم بن كيسان ، ودفع دية المقتول عمر بن الخضرمي إلى أوليائه ، ولكنه لم يفعل ذلك حتى رجع سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان رضي الله عنهما وكانا قد تخلفا للبحث عن بعير لهما افتقداه .‏

[بين السطور]

وبعد ما وقع في سرية عبد الله بن جحش تحقق خوف المشركين وتجسد أمامهم الخطر الحقيقي ، وعلموا أن النبي وأصحابه يترقبون كل حركة من حركاتهم التجارية وشعر هؤلاء المشركون بأن تجارتهم إلى الشام باتت أمام خطر دائم، لكنهم بدل أن يفيقوا عن غيهم ، ويأخذوا طريق الصلح صمم صناديدهم وكبراؤهم على ما كانوا يهددون به من إبادة المسلمين في عقر دارهم‏ .‏

[بين السطور]

فرض الله على المسلمين القتال بعد وقعة سرية عبد الله بن جحش في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة المباركة وأنزل في ذلك آيات بينات : " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ( ) واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين ( ) فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم "

[بين السطور]

في شعبان من السنة الثانية للهجرة أمر الله تعالى بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام ، ولعل في تحويل القبلة إشارة لطيفة إلى بداية دور جديد لا ينتهي إلا بعد احتلال المسلمين هذه القبلة ، أو ليس من العجب أن تكون قبلة قوم بيد أعدائهم !! فلابد من تخليصها يوما ماداموا على الحق‏ .

[بين السطور]

في السنة الثانية من الهجرة فرض الله الصيام وورد أنه فرض في شهر شعبان وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قدم إلى المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فصامه وأمر بصيامه فلما فرض الله تعالى صيام رمضان كان رمضان هو الفريضة واستحب للناس صيام يوم عاشوراء .

[بين السطور]

في السنة الثانية من الهجرة صلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أول صلاة عيد في الإسلام وهو عيد الفطر وخرج الصحابة الكرام وهم يكبرون ويهللون في يوم عمت فيه الفرحة والسرور عاصمة الدولة الإسلامية ولم يعرف الصحابة له نظير إلا يوم دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرا .

[بين السطور]

في غزوة ذي العشيرة أفلتت عير قريش من النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في ذهابها من مكة إلى الشام - كما مر معنا - فلما قرب رجوعها من الشام إلى مكة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد إلى الشمال ليقوما باكتشاف خبرها ، فوصلا إلى مكان يقال له الحوراء ومكثا حتى مر بهما أبو سفيان بالعير ، فأسرعا إلى المدينة وأخبرا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخبر‏ .

[بين السطور]

كانت عير قريش العائدة من الشام فرصة ذهبية للمسلمين ليصيبوا أهل مكة بضربة اقتصادية قاصمة ، تتألم لها قلوبهم على مر العصور ، وكانت العير تحمل ثروات طائلة لكبار أهل مكة ورؤسائها‏ ففيها ألف بعير محملة بأموال لا تقل عن خمسين ألف دينار ذهبي ‏.‏ ولم يكن معها إلا نحو أربعين رجلا ، لذلك أعلن رسول الله قائلا ‏: " هذه عير قريش فيها أموالهم ، فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها‏ "‏‏ أي يجعلها غنيمة لكم .‏ ‏

[بين السطور]

لم يعزم النبي صلى الله عليه وسلم على أحد بالخروج ، بل ترك الأمر للرغبة ، وذلك لأنه لم يكن يتوقع أن سيصطدم بجيش مكة - بدل العير- ذلك الاصطدام العنيف في بدر ؛ ولذلك تخلف كثير من الصحابة في المدينة ، وهم يحسبون أن خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم لن يتعدى ما ألفوه في السرايا والغزوات الماضية ؛ ولذلك لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على أحد تخلف في هذه الغزوة‏ .‏