رسائل جوال سيرة المصطفى

[بين السطور]

قال أبو سفيان لقومه: لا تغرنكم هذه من أنفسكم –يعني زوجته- فإنه قد جاءكم بما لا قبل لكم به فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن فقالوا: قاتلك الله وما تغني عنا دارك فقال لهم ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد.

كانت قرش قد جهزت بعض السفهاء لقتال المسلمين وقالوا: لو انتصرنا فبها وإن لم ننتصر أعطينا محمداً ما يسألنا وجعلوا على رأس المقاتلين عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وسهيل بن عمر وكان فيهم رجل من بني بكير يقال له حماس بن قيس.

[بين السطور]

كان حماس بن قيس البكري يعد سلاحه لحرب المسلمين قبل فتح مكة فقالت له زوجته لماذا تعد هذا فقال لها لمحمد وأصحابه فقالت له والله ما يقوم لمحمد وأصحابه شيء فقال لها والله إني أرجو أن يخدمك بعضهم وكان يقول: إن يقدموا اليوم فما لي علة –العلة المرض- ،هذا سلاح كاملة وآله وذو غرارين –ذو حدين- سريع السلة -.

كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرك في الجيش وهو واضع رأسه حتى كاد أن يمس شعر لحيته رحله تواضعا لله تعالى لما رأى ما أكرمه الله تعالى به من الفتح.

[بين السطور]

لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم " ذي طوى" جعل خالد بن الوليد على ميمنة الجيش ومعه قبائل أسلم وسليم وغفار ومزينة وجهينة وغيرهم من قبائل العرب وأمره أن يدخل مكة من أسفلها وقال لهم : إن عرض لكم أحد من قريش فاحصدوهم حصدا.

جعل النبي صلى الله عليه وسلم على الميسرة الزبير بن العوام وأمره أن يدخل مكة من أعلاها وكان معه راية النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يغرزها عند الحجون ولا يبرح حتى يأتيه النبي صلى الله عليه وسلم .

[بين السطور]

جعل النبي صلى الله عليه وسلم على الراجالة والحسر أي (من ليس معهم سلاح ) أبو عبيدة عامر بن الجراح وأمره أن يدخل مكة من بطن الوادي وكان هذا التنظيم الدقيق سبب في فتح بلا دماء فإن دخول جيش عظيم دفعة واحدة لا يؤمن عليه الانفلات والتصرفات غير المحسوبة .

[بين السطور]

تحركت كل كتيبة من المسلمين في الاتجاه الذي رسمه لها النبي صلى الله عليه وسلم فأما خالد رضي الله عنه فلم يلقه أحد من المقاتلين إلا قتله وقتل من رجال خالد رجلان هما كرز بن جابر الفهري وخنيس بن خالد بن ربيعة رضي الله عنهما فإنهما ابتعدا عن الجيش وسلكا طريقا غير طريقه.


هرب سفهاء قريش الذين تجمعوا للمقاومة فقد لقيهم خالد بالخندمة فناوشهم وقتل منهم اثني عشر رجلا وأقبل خالد يشق مكة حتى وصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا وأما الزبير فقد نصب الراية عند الحجون بمسجد الفتح وضرب له قباء ينتظر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[بين السطور]

دخل ( حماس بن قيس ) الذي كان يعد لحرب المسلمين بيته خائفا يقول لزوجه:
إنك لو شهدت يوم الخندمة*** إذا فر صفوان وفر عكرمة
واستقبلتنا بالسيوف المسمله*** يقطعن كل ساعد وجمجمة
ضربا فلا يسمع إلا غمغمة*** لهم نهيت خلفنا وهمهمة
لم تنطقي باللوم أدنى كلمة.


نهض النبي صلى الله عليه وسلم وحوله المهاجرون والأنصار حتى دخل المسجد فأقبل على الحجر الأسود فاستلمه ثم طاف بالبيت وفي يده قوس وحول البيت وعليه ثلاثمائة وستون صنما فجعل يطعنها بالقوس ويقول: (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) والأصنام تتساقط على وجهها.

[بين السطور]

طاف النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته ثم دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفاتيح الكعبة فدخلها فرأى الصور ورأى في الصورة إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام يستقسمان بالأزلام فقال: قاتلهم الله والله ما استقسما بها قط ورأى في الكعبة حمامة من عيدان فكسرها وأمر صلى الله عليه وسلم بالصور فمحيت.

أغلق النبي صلى الله عليه وسلم عليه باب الكعبة وكان معه أسامة وبلال رضي الله عنهما فاستقبل الجدار الذي يقابل الباب وجعل بينه وبن الجدار ثلاثة أذرع وجعل عمودين عن يساره وعمود عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه ثم صلى ثم دار في البيت فكبر في نواحيه ووحد الله.

[بين السطور]

فتح النبي صلى الله عليه وسلم الباب وقريش قد ملأت المسجد صفوفا ينتظرون ما يصنع فقال لهم: (( لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ألا كل مأثرة أو مال أو دم فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج ألا وقتيل الخطأ شبه العمد –السوط والعصا- ففيه الدية مغلظة مائة من الأبل أربعون منها في بطونها أولادها )) .

قال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل مكة : ((يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعاظمها بالآباء الناس من آدم وآدم من تراب ثم تلا قوله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الهل عليم خبير )) .

[ابو كادي]

عمل جبار


جزاك الله خيراوبارك الله فيك



وفقك الله

[بين السطور]

ولك ايضا
ووفقك الله لما يحبة ويرضاة

[بين السطور]

قال النبي صلى الله عليه وسلم مخاطبا أهل مكة ما تظنون أني فاعل بكم قالوا: خيرا أخ كريم وابن أخ كريم قال: فإني أقول لكم ما قال يوسف لإخوته: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم)، إذهبوا فأنتم الطلقاء.

قام علي رضي الله عنه وقيل العباس فقال يا رسول الله اجمع لنا بين السقاية والمفاتيح فقال النبي صلى الله عليه وسلم أين عثمان بن طلحة فدعي له فقال : (( هاك المفاتيح خذها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم يا عثمان إن الله استأمنكم على بيته فكلوا مما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف )) .

[بين السطور]

حانت الصلاة فقام بلال رضي الله عنه يؤذن فقال عتاب بن أسيد : لقد أكرم الله أسيدا ألا يكون سمع هذا , وقال الحارث بن هشام : لو أعلم أنه حق لاتبعته وقال أبو سفيان لا أقول شيئا لو تلكمت لأخبرت عني هذه الحصباء فأخبرهم النبي عليه الصلاة وسلام بما قالوا فقالوا ما كان معنا أحد فيخبرك نشهد أنك رسول الله.

دخل النبي صلى الله عليه وسلم دار أم هاني بنت أبي طالب فاغتسل وصلى ثمانية ركعات وكان ذلك ضحى وأجارت أم هاني حموين لها فقال النبي عليه الصلاة والسلام أجرنا من أجرت يا أم هانئ.

[بين السطور]

أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دماء تسعة من مجرمي مكة وأمر بقتلهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة وهم عبد العزى بن خطل وعبد الله بن أبي السرح وعكرمة ابن أبي جهل والحارث بن نفيل ومقيس بن صبابة وهبار بن الأسود وقينتان كانتا لابن خطل تغنيان بهجو النبي صلى الله عليه وسلم وسارة مولاة لبني عبد المطلب.

جاء عثمان بن عفان رضي الله عنه بعبد الله بن أبي السرح فشفع فيه فحقن دمه وقبل إسلامه وكان ابن أبي السرح قد أسلم وهاجر ثم ارتد ورجع إلى مكة.

[بين السطور]

فر عكرمة ابن أبي جهل إلى اليمن فجاءت زوجته فاستأمنت له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنه فلحقت به وردته معها فأسلم وحسن إسلامه وأما ابن خطل فقد جاء رجل فقال للنبي عليه الصلاة والسلام : إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتله فقتله.

كان مقيس قد أسلم ثم اعتدى على رجل من الأنصار فقتله وارتد ورجع إلى مكة فقتله بعد الفتح نميلة بن عبد الله وكذا الحارث بن نفيل كان شديد الأذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فقتله علي رضي الله عنه.

[بين السطور]

تعرض هبار بن الأسود أحد المهدورة دماؤهم لزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هاجرت فنخس بها حتى سقطت وأسقطت جنينها ففر يوم فتح مكة ثم أسلم وحسن إسلامه وأما القينتان فقتلت إحداهما واستأمن للأخرى فأسلمت كما استأمن لسارة فأسلمت.

لم يكن صفوان بن أمية ممن هدر دمه ولكنه بصفته من عظماء مكة خاف وهرب فاستأمن له عمير بن وهب الجمحي رضي الله عنه فأمنه وأعطاه عمامته التي دخل بها مكة فلحقه عمير وهو يريد أن يركب البحر من جدة إلى اليمن فعاد به وأسلم بعد ذلك.