العودة   منتديات سدير > ¨° المنتدى الترفيهي °¨ > ¨° التراث والسياحة °¨

¨° التراث والسياحة °¨ نوادر- أدوات قديمة - قصص وقصائد من التراث - تبادل الخبرات و التجارب في مواقع وأزمنه و وسائل و طرق الرحلات البرية و الصيد ، والسفر والسياحة .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-08-2011, 02:26 AM   #121
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

2

وفي الليلة التالية استأنفت شهرزاد الحكاية ، قالت :

بلغني أيها الملك السعيد أن الغلام طلع السلم حتى وصل إلى أعلاه فرأى منظرة فجلس فيها يستريح ويتفرج ،
فنظر إلى موضع لطيف نظيف بأعلاه مقعد منيف يشرف على جميع بغداد ،
وفي ذلك المقعد جارية كأنها حورية فأخذت بمجامع قلبه وذهبت بعقله ولبه وأورثته ضر أيوب وحزن يعقوب ،
فلما نظر الولد وتأملها بالتحقيق قال في نفسه :
لعل الناس يذكرون أنه لا يسكن هذه الدار واحداً إلا مات أو مرض بسبب هذه الجارية
فيا ليت شعري كيف يكون خلاصي فقد ذهب عقلي ثم نزل من أعلى القصر متفكراً في أمره
فجلس في الدار فلم يستقر قراره ثم خرج وجلس على الباب متحيراً في أمره
وإذا بالعجوز ماشية وهي تذكر وتسبح في الطريق .

فلما رآها الولد قام واقفاً على قدميه وبدأها بالسلام والتحية ، وقال لها :
يا أمي كنت بخير وعافية حتى أشرت علي بفتح الباب ،
فرأيت المنظرة وفتحتها ونظرت أعلاها فرأيت ما أدهشني ،
والآن أظن أني هالك وأنا أعلم أنه ليس لي طبيب غيرك ، فلما سمعته ضحكت وقالت له :

لا بأس عليك إن شاء الله تعالى ، فلما كلمته بذلك الكلام قام الولد ودخل الدار وخرج لها وفي كمه مائة دينار ،
وقال لها : خذيها يا أمي وعامليني معاملة السادات للعبيد وبالعجل أدركيني وإذا مت فأنت المطالبة بدمي يوم القيامة .

فقالت له العجوز : حباً وكرامة ، وإنما أريد منك يا ولدي أن تساعدني بمعاملة لطيفة فبها تبلغ مرادك ، فقال لها :
وما تريدين يا أمي ؟ فقالت :
أريد منك أن تعينني وتروح إلى سوق الحرير وتسأل عن دكان أبي الفتح بن قيدام فإذا دلوك عليه ،

فاقعد على دكانه وسلم عليه وقل له أعطيني القناع الذي عندك مرسوماً بالذهب فإنه ما عنده في دكانه أحسن منه ،
فاشتريه منه يا ولدي بأغلى ثمن واجعله عندك حتى أحضر إليك في غد إن شاء الله تعالى



ثم إن العجوز انصرفت وبات الولد تلك الليلة يتقلب على جمر الغضى ،

فلما أصبح الصباح أخذ الولد في جيبه ألف دينار وذهب بها إلى سوق الحرير وسأل عن دكان أبي الفتح فأخبره به رجل من التجار ،
فلما وصل إليه رأى بين يديه غلماناً وخدماً وحشماً ورأى عليه وقاراً وهو في سعة مال
ومن تمام نعمته تلك الجارية التي ما مثلها عند أبناء الملوك .

ثم إن الولد لما نظره سلم عليه فرد عليه السلام ثم أمره بالجلوس عنده ، فقال له الولد :
يا أيها التاجر أريد منك القناع الفلاني لأنظره ، فأمر التاجر العبد أن يأتيه بربطة من الحرير من صدر الدكان
فأتاه بها ففتحها وأخرج منها عدة قناعات فتحير الولد من حسنها ورأى ذلك القناع بعينه
فاشتراه بخمسين ديناراً وانصرف به مسروراً إلى داره .
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

يتبع
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14-08-2011, 10:41 AM   #122
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية ذئب الشرقيه
 
تم شكره :  شكر 106 فى 34 موضوع
ذئب الشرقيه will become famous soon enoughذئب الشرقيه will become famous soon enoughذئب الشرقيه will become famous soon enough

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

قصص من الماضي!!

هذا الموضوع له بصمته الخاصه علي قلبي

قصص من الماضي ينسجها شخص يخفق القلب عند رؤية اسمه الساطع

قصص من الماضي ونحن ننتظر اطلالته الانعاش القلوب وتجديد هذا المتصفح!

( اسد نجد ) وكم لقبك البعض ( قلب المنتدى ) النابض وقلت لك سابقا قصة منتدي

سدير من الماضي الي الحاضر هي ( اسد نجد )
ذئب الشرقيه غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14-08-2011, 02:14 PM   #123
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ذئب الشرقيه مشاهدة المشاركة  

قصص من الماضي!!

هذا الموضوع له بصمته الخاصه علي قلبي

قصص من الماضي ينسجها شخص يخفق القلب عند رؤية اسمه الساطع

قصص من الماضي ونحن ننتظر اطلالته الانعاش القلوب وتجديد هذا المتصفح!

( اسد نجد ) وكم لقبك البعض ( قلب المنتدى ) النابض وقلت لك سابقا قصة منتدي

سدير من الماضي الي الحاضر هي ( اسد نجد )

 
جزاك الله خير على حسن مشاعرك

أحرجتني أخي الكريم بعظيم لطفك

وأنا وآحد منكم ولا أستحق ماذكرت

وغاية هدفي أن تقول جزاك الله خير ..
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14-08-2011, 02:51 PM   #124
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

3



وفي الليلة التالية استأنفت شهرزاد الحكاية ، قالت :

بلغني أيها الملك السعيد أن الولد لما اشترى القناع من التاجر أخذه وانصرف به إلى داره وإذا هو بالعجوز قد أقبلت ،
فلما رآها قام لها على قدميه وأعطاها ذلك القناع ، فقالت له :
احضر لي جمرة نار فأحضر الولد النار ،
فقربت طرف القناع من الجمرة فأحرقت طرفه ثم طوته كما كان وأخذته وانصرفت به إلى بيت أبي الفتح .
فلما وصلت طرقت الباب فلما سمعت الجارية صوتها قامت وفتحت الباب ،
وكانت للعجوز صحبة بأم الجارية وهي تعرفها وذلك بسبب أنها رفيقة أمها ، فقالت لها الجارية :
وما حاجتك يا أمي إن والدتي خرجت من عندي إلى منزلها ، فقالت لها العجوز :
يا بنتي أنا عارفة أن أمك ليست عندك وأنا كنت عندها في الدار ،
وما جئت إليك إلا خوف فوات وقت الصلاة

فأريد الوضوء عندك فإني أعلم منك أنك نظيفة ومنزلك طاهر فأذنت لها الجارية بالدخول عندها .

فلما دخلت سلمت عليها ودعت لها ثم أخذت الإبريق ودخلت بيت الخلاء ،
ثم توضأت وصلت في موضع ،
وقامت بعد ذلك للجارية وقالت لها :
يا بنتي أظن أن هذا الموضع الذي صليت فيه مشى فيه الخدم وأنه نجس

فانظري لي موضعاً آخر لأصلي فيه فإني أبطلت الصلاة التي صليتها .
فأخذتها الجارية من يدها وقالت لها :

تعالي يا أمي صلي على فراشي الذي يجلس عليه زوجي ،
فلما أوقفتها على الفراش قامت تصلي وتدعو وتركع ،

ثم غافلت الجارية وجعلت ذلك القناع تحت المخدة من غير أن تنظرها ،
ولما فرغت من الصلاة دعت لها وقامت فخرجت من عندها

فلما كان آخر النهار دخل التاجر زوجها فجلس على الفراش فأتته بطعام فأكل منه كفايته وغسل يديه ثم اتكأ على الوسادة
وإذا بطرف القناع خارج من تحت المخدة فأخرجه من تحتها ،
فلما نظره عرفه فظن بالجارية الفحشاء ، فناداها وقال لها :

من أين لك هذا القناع ، فحلفت له أيماناً وقالت له أنه لم يأتني أحد غيرك ،
فسكت التاجر خوفاً من الفضيحة ، وقال في نفسه :

متى فتحت هذا الباب افتضحت في بغداد لأن ذلك التاجر كان جليس الخليفة ،
فلم يسعه إلا السكوت ولم ينطق بكلمة واحدة وكان اسم الجارية محظية فناداها وقال لها :
قد بلغني أن أمك راقدة ضعيفة من وجع قلبها وجميع النساء عندها يتباكين عليها وقد أمرتك أن تخرجي إليها .

فمضت الجارية إلى أمها ، فلما دخلت الدار وجدت أمها طيبة فجلست ساعة
وإذا بالحمالين قد أقبلوا عليها بنقل حوائجها من دار التاجر فنقلوا جميع ما في الدار من الأمتعة .

فلما رأت ذلك أمها قالت : يا بنتي أي شيء جرى لك ،
فأنكرت منها ذلك ثم بكت أمها وحزنت على فراق بنتها من ذلك الرجل .


ثم إن العجوز بعد مدة من الأيام جاءت إلى الجارية وهي في المنزل فسلمت عليها باشتياق وقالت لها :
ما لك يا بنتي يا حبيبتي قد شوشت فكري ؟ ودخلت على أم الجارية ، فقالت لها :
يا أختي ما الخبر وما حكاية البنت مع زوجها فإنه قد بلغني أنه طلقها فأي شيء لها من الذنب يوجب هذا كله ؟
فقالت لها أم الجارية : لعل زوجها يرجع إليها ببركتك فادعي لها يا أختي فإنك صوامة قوامة طول ليلك .

ثم إن البنت لما اجتمعت هي وأمها والعجوز في البيت وتحدثن مع بعضهن قالت لها العجوز :
يا بنتي لا تحملي هماً إن شاء الله تعالى أجمع بينك وبين زوج آخرحينما تخرجين من العدة ،
ومكثت سبعة أيام وكل يوم تأخذ من الولد مائة دينار .
ثم خرجت إلى الولد وقالت له : هيء نفسك للزواج بعد عدة أيام فإني آتيتك بها .
فنهض الولد فرحا طربا بهذا الخبر السعيد وأحضر ما يحتاجان إليه كعرسان وقعد في انتظار خبرا من العجوز .
ولما إنقضت العدة جاءت العجوز إلى أم الجارية ، وقالت لها :
يا أختي عندي شاب تتمناه كل فتاة ويرغب في الزواج من بنتك .

فقامت أم الجارية وألبستها أفخر ملبوسها وزينتها بأحسن الزينة من الحلي والحلل ودخل بها الشاب .

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح


يتبع
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15-08-2011, 06:28 AM   #125
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

4

وفي الليلة التالية استأنفت شهرزاد الحكاية ، قالت :

بلغني أيها الملك السعيد إن الولد قام للسلام على زوجته ولكنه تفاجأ ببكاءها
وأستحلفها بالله أن تخبره ما السبب

قالت له القصة وأنها تحب زوجها الأول ولا تدري لما طلقها ؟

فشعر الشاب بالذنب وأخبرها أنه سيعمل ما في وسعه لإرجاعها لزوجها الأول .
ثم إن العجوز ذهبت إلى الولد وسلمت عليه وقالت له : لقد أتممت وعدي لك؟ فقال لها : نعم ولكن لا رغبة لي بها الآن،
قالت
العجوز له : تعال نصلح ما أفسدناه ونرد هذه الجارية إلى زوجها فإننا كنا سبب الفراق بينهما .
فقال لها : وكيف أفعل ؟ قالت : تذهب إلى دكان التاجر وتقعد عنده وتسلم وأنا أفوت على الدكان
فلما تنظرني قم إلي من الدكان بسرعة واقبض علي ، واجذبني من ثيابي واشتمني وخوفني ،
وطالبني بالقناع وقل للتاجر أنت يا مولاي ما تعرف القناع الذي اشتريته منك بخمسين ديناراً ،
فقد حصل يا سيدي أن جارتي لبسته فاحترق من طرفه فأعطته جاريتي لهذه العجوز لتعطيه لأحد يرتيه لها
فأخذته ومضت ولم أرها من ذلك اليوم

فقال لها الولد : حباً وكرامة.
ثم إن الولد تمشى من وقته وساعته إلى دكان التاجر وجلس عنده ساعة ،
وإذا بالعجوز جائزة على الدكان وبيدها مسبحة تسبح بها فلما رآها قام على رجليه وجذبها من ثيابها
وصار يشتمها ويسبها وهي تكلمه بلطافة وتقول له :
يا ولدي أنت معذور ، فاجتمع أهل السوق عليهما وقالوا : ما الخبر؟ فقال :
يا قوم إنني اشتريت من هذا التاجر قناعاً بخمسين ديناراً ولبسته الجارية ساعة واحدة فقعدت تبخره فطارت شرارة فأحرقت طرفه فدفعناه إلى هذه العجوز على أنها تعطيه لمن يرتيه
وترده لنا فمن ذلك الوقت ما رأيناها أبداً . فقالت العجوز :
صدق هذا الولد نعم إني أخذته منه ودخلت به بيتاً من البيوت التي أدخلها على عادتي فنسيته في موضع من تلك الأماكن
ولم أدر في أي موضع هو، وأنا امرأة فقيرة وخفت من صاحبه فلم أواجهه .
كل هذا والتاجر زوج المرأة يسمع كلامهما من أوله إلى آخره .
فلما اطلع التاجر على الخبر الذي دبرته هذه العجوز المكَّارة مع الولد قام التاجر على قدميه ، ثم قال :
الله أكبر أستغفر الله العظيم من ذنوبي وما توهمه خاطري وحمداً لله الذي كشف له عن الحقيقة .

ثم أقبل التاجر وقال لها : هل تدخلين عندنا ، فقالت له : يا ولدي أنا أدخل عندك وعند غيرك لأجل الحسنة
ومن ذلك اليوم لم يعطني أحد خبر ذلك القناع . فقال التاجر :
هل سألت أحداً عنه في بيتنا ؟ فقالت له : يا سيدي إني رحت البيت وسألت فقالوا لي أن الزوجة قد طلقها التاجر ،
فرجعت ولم أسأل أحداً بعد ذلك إلى هذا اليوم .

فالتفت التاجر إلى الولد وقال أطلق سبيل هذه العجوز فإن القناع عندي وأخرجه من الدكان وأعطاه للراتى أمام الحاضرين ،
ثم بعد ذلك ذهب إلى زوجته وأعطاها شيئاً من المال وأرجعها إلى نفسه
بعد أن بالغ في الاعتذار إليها واستغفر الله وهو لا يدري بما فعلت العجوز .

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح


يتبع
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16-08-2011, 12:49 AM   #126
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

المرأة التقية


قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن بعض السادة قال :
بينما أنا أطوف بالكعبة في ليلة مظلمة إذ سمعت صوت ذي حنين , ينطق عن قلب حزين , وهو يقول :
ياكريم , لطفك القديم , فإن قلبي على العهد مقيم .
فتطاير قلبي لسماع ذلك الصوت تطايراً أشرفت منه على الموت فقصدت نحوه فإذا صاحبته إمرأة .

فقلت : السلام عليك يا أمة الله قالت : وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته .

فقلت : أسألك بالله العظيم ما العهد الذي قلبك عليه مقيم ؟
فقالت : لولا قسمك بالجبار , ما أطلعتك على الأسرار , أنظر ما بين يدي , فنظرت فإذا ما بين يديها صبي نائم يغط في نومه .
فقالت : خرجت وأنا حامل بهذا الصبي لأحج هذا البيت فركبت في سفينة فهالت علينا الأمواج وأختلفت علينا الرياح
وانكسرت بنا السفينة فنجوت على لوح منها ووضعت هذا الصبي وأنا على ذلك اللوح .
فبينما هو في حجري والأمواج تضربني إذ وصل إلي رجل من ملاحي السفينة ، وقال لي :
والله لقد كنت أهواكِ وأنتِ في السفينة والآن قد أصبحتِ بين يديّ فمكنيني من نفسك وإلا قذفتك في البحر .
فقالت : ويحك أما كان لك مما رأيت تذكرة وعبرة ؟ فقال : إني رأيت مثل ذلك مراراً ونجوت وأنا لا أبالي .
فقالت : ياهذا نحن في بلية نرجو السلام منها بالطاعة لا بالمعصية .
فألح علي فخفت منه وأردت أن أخدعه , فقلت له : مهلاً حتى ينام الطفل .
فأخذه من حجري وقذفه في البحر فلما رأيت جرأته وما فعل بالصبي طار قلبي وزاد كربي .
فرفعت رأسي إلى السماء وقلت : يا من يحول بين المرء وقلبه حل بيني وبين هذا الذئب إنك على كل شيء قدير .
فوالله ما فرغت من كلامي إلا ودابة طلعت من البحر فاختطفته من فوق اللوح وبيقت وحدي وزاد كربي وحزني إشفاقاً على ولدي .
فبقيت على تلك الحالة يوماً وليلة . فلما كان الصباح بصرت بقلاع سفينة تلوح من بعد .

فما زالت الأمواج تقذفني والرياح تسوقني حتى وصلت إلى تلك السفينة التي أرى قلاعها .
فأخذني أهل السفينة ووضعوني فيها .
فنظرت فإذا ولدي بينهم فتراميت عليه وقلت : يا قوم هذا ولدي فمن أين كان لكم ؟
قالوا : بينما نحن نسير في البحر إذ حبست السفينة فإذا دابة كأنها المدينة وهذا الصبي على ظهرها يمص إبهامه فأخذناه .
فلما سمعت منهم ذلك حدثتهم بقصتي وما جرى لي وشكرت لربي على ما أنالني وعاهدته على أن لا أبرح بيته
ولا أنثني عن خدمته وما سألته بعد ذلك شيء إلا أعطانيه .
فمددت يدي إلى كيس النفقة وأردت أن أعطيها .

فقالت : إليك عني يا بطل أفأحدثك بأفضاله وكرم فعاله وآخذ الرفد على يدي غيره ؟
فلم أقدر على أن تقبل مني شيئاً فتركتها وإنصرفت من عندها

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16-08-2011, 02:46 PM   #127
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

التاجر والعفريت

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أنه كان تاجر من التجار كثير المال والمعاملات في البلاد قد ركب يوماً وخرج يطالب في بعض البلاد ,
فاشتد عليه الحر فجلس تحت شجرة وحط يده في خرجه وأكل كسرة كانت معه وتمرة ,
فلما فرغ من أكل التمرة رمى النواة وإذا هو بعفريت طويل القامة وبيده سيف ,
فدنا من ذلك التاجر وقال له : قم حتى أقتلك مثل ما قتلت ولدي ,
فقال له التاجر: كيف قتلت ولدك , قال له :
لما أكلت التمرة ورميت نواتها جاءت النواة في رأس ولدي فمات من ساعته


فقال التاجر للعفريت :
اعلم أيها العفريت أني علي دين , ولي مال كثير وأولاد وزوجة ,
وعندي رهون فدعني أذهب إلى بيتي وأعطي كل ذي حق حقه ثم أعود إليك
ولك علي عهد وميثاق أني أعود إليك فتفعل بي ما تريد والله على ما أقول وكيل .
فاستوثق منه الجني وأطلقه , فرجع إلى بلده وقضى جميع تعلقاته
وأوصل الحقوق إلى أهلها وأعلم زوجته وأولاده بما جرى له ,
فبكوا وكذلك جميع أهله ونساءه وأولاده,
وأوصى وقعد عندهم إلى تمام السنة ثم توجه وأخذ كفنه تحت إبطه وودع أهله وجيرانه وجميع أهله ,
وخرج رغماً عن أنفه وأقيم عليه العياط والصراخ , فمشى إلى أن وصل إلى ذلك البستان ,
وكان ذلك اليوم أول السنة الجديدة .

فبينما هو جالس يبكي على ما يحصل له وإذا , بشيخ كبير قد أقبل عليه ومعه غزالة مسلسلة ,
فسلم على هذا التاجر وحياه وقال له :
ما سبب جلوسك في هذا المكان وأنت منفرد وهو مأوى الجن ?
فأخبره التاجر بما جرى له مع ذلك العفريت وبسبب قعوده في هذا المكان

فتعجب الشيخ صاحب الغزالة وقال: والله يا أخي ما دينك إلا دين عظيم وحكايتك حكاية عجيبة
لو كتبت بالإبر على آفاق البصر لكانت عبرة لمن اعتبر ,
ثم أنه جلس بجانبه وقال والله يا أخي لا أبرح من عندك حتى أنظر ما يجري لك مع ذلك العفريت .

ثم أنه جلس عنده يتحدث معه , فغشي على ذلك التاجر ,
وحصل له الخوف والفزع والغم الشديد والفكر المزيد وصاحب الغزالة بجانبه ,
فإذا بشيخ ثان قد أقبل عليهما ومعه كلبتان سلاقيتان من الكلاب السود.
فسألهما بعد السلام عليهما عن سبب جلوسهما في هذا المكان وهو مأوى الجان ,
فأخبراه بالقصة من أولها إلى آخرها ,
فلم يستقر به الجلوس حتى أقبل عليهم شيخ ثالث ومعه بغلة زرزورية ,
فسلم عليهم وسألهم عن سبب جلوسهم في هذا المكان ,
فأخبروه بالقصة من أولها إلى آخرها .

وبينما كذلك إذا بغبرة هاجت , وزوبعة عظيمة قد أقبلت من وسط تلك البرية ,
فانكشفت الغبرة , وإذا بذلك الجني وبيده سيف مسلول ,
وعيونه ترمي بالشرر فأتاهم وجذب ذلك التاجر من بينهم وقال له :
قم أقتلك مثل ما قتلت ولدي وحشاشة كبدي .

فانتحب ذلك التاجر وبكى وأعلن الثلاثة شيوخ بالبكاء والعويل والنحيب ,
فانتبه منهم الشيخ الأول وهو صاحب الغزالة وقبل يد ذلك العفريت وقال له :
يا أيها الجني وتاج ملوك الجان إذا حكيت لك حكايتي مع هذه الغزالة ورأيتها عجيبة ,
أتهب لي ثلث دم هذا التاجر ?
قال: نعم يا أيها الشيخ إذا أنت حكيت لي الحكاية ورأيتها عجيبة وهبت لك ثلث دمه

فقال ذلك الشيخ الأول: اعلم يا أيها العفريت أن هذه الغزالة هي بنت عمي ومن لحمي ودمي
وكنت تزوجت بها وهي صغيرة السن
وأقمت معها نحو ثلاثين سنة فلم أرزق منها بولد فأخذت لي سرية ,
فرزقت منها بولد ذكر كأنه البدر إذا بدا بعينين مليحتين وحاجبين مزججين وأعضاء كاملة ,
فكبر شيئاً فشيئاً إلى أن صار ابن خمس عشرة سنة ,
فطرأت لي سفرة إلى بعض المدائن , فسافرت بمتجر عظيم , وكانت بنت عمي هذه الغزالة تعلمت السحر والكهانة من صغرها ,
فسحرت ذلك الولد عجلاً وسحرت , الجارية أمه بقرة ,
سلمتها إلى الراعي ثم جئت أنا بعد مدة طويلة من السفر فسألت عن ولدي وعن أمه , فقالت لي :
جاريتك ماتت وابنك هرب ولم أعلم أين راح ,
فجلست مدة سنة وأنا حزين القلب باكي العين إلى أن جاء عيد الضحية ,
فأرسلت إلى الراعي أن يخصني ببقرة سمينة وهي سريتي التي سحرتها تلك الغزالة ,
فشمرت ثيابي وأخذت السكين بيدي وتهيأت لذبحها فصاحت وبكت بكاء شديداً
فقمت عنها وأمرت ذلك الراعي فذبحها وسلخها
فلم يجد فيها شحماً ولا لحماً غير جلد وعظم فندمت على ذبحها حيث لا ينفعني الندم ,
وأعطيتها للراعي وقلت له : ائتني بعجل سمين فأتاني بولدي المسحور عجلاً ,
فلما رآني ذلك العجل قطع حبله وجاءني وتمرغ علي وولول وبكى فأخذتني الرأفة عليه وقلت للراعي :
ائتني ببقرة ودع هذا .
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

يتبع
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16-08-2011, 11:46 PM   #128
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

2


وفي الليلة التالية استأنفت شهرزاد الحكاية ، قالت :
بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد
أنه لما رأى بكاء العجل حن قلبه إليه وقال للراعي : ابق هذا العجل بين البهائم .
كل ذلك والجني يتعجب من ذلك الكلام العجيب , ثم قال صاحب الغزالة : يا سيد ملوك الجان كل ذلك جرى وابنة عمي هذه الغزالة تنظر وترى وتقول :
اذبح هذا العجل فإنه سمين , فلم يهن علي أن أذبحه وأمرت الراعي أن يأخذه وتوجه به
ففي ثاني يوم وأنا جالس وإذا بالراعي أقبل علي وقال :
يا سيدي إني أقول شيئاً تسر به ولي البشارة , فقلت : نعم ,
فقال : أيها التاجر إن لي بنتاً كانت تعلمت السحر في صغرها من امرأة عجوز كانت عندنا
فلما كنا بالأمس وأعطيتني العجل دخلت به عليها فنظرت إليه ابنتي وغطت وجهها وبكت
ثم إنها ضحكت وقالت : يا أبي قد خس قدري عندك حتى تدخل علي الرجال الأجانب
فقلت لها :
وأين الرجال الأجانب ? ولماذا بكيت ? ثم ضحكت فقالت لي :
إن هذا العجل الذي معك ابن سيدي التاجر ولكنه مسحور وسحرته زوجة أبيه هو وأمه فهذا سبب ضحكي ,
وأما سبب بكائي فمن أجل أمه حيث ذبحها أبوه .
فتعجبت من ذلك غاية العجب , وما صدقت بطلوع الصباح حتى جئت إليك لأعلمك ,
فلما سمعت أيها الجني كلام هذا الراعي خرجت معه وأنا كالسكران من غير شعور
إلى أن أتيت إلى داره فرحبت بي ابنة الراعي وقبلت يدي
ثم إن العجل جاء إلي وتمرغ علي فقلت لابنة الراعي : أحق ما تقولينه عن ذلك العجل ,
فقالت : نعم يا سيدي إنه ابنك وحشاشة كبدك ,
فقلت لها : أيها الصبية إن أنت خلصتيه فلك عندي ما تحت يد أبيك من المواشي والأموال ,
فتبسمت وقالت : يا سيدي ليس لي رغبة في المال إلا بشرطين : الأول أن تزوجني به
والثاني : أن أسحرها وأحبسها وإلا فلست آمن مكرها .
فلما سمعت أيها الجني كلام بنت الراعي , قلت :
ولك فوق جميع ما تحت يد أبيك من الأموال زيادة وأما بنت عمي فدمها لك مباح .
فلما سمعت كلامي , أخذت طاسة وملأتها ماء ثم أنها عزمت عليها ورشت بها العجل
وقالت : إن كان الله خلقك عجلاً فدم على هذه الصفة ولا تتغير وإن كنت مسحوراً فعد إلى خلقتك الأولى بإذن الله تعالى .
وإذا به انتفض ثم صار إنساناً فوقعت عليه وقلت له : بالله عليك احك لي جميع ما صنعت بك وبأمك بنت عمي .
فحكى لي جميع ما جرى لهما فقلت : يا ولدي قد قيض الله لك من خلصك وخلص حقك .

ثم إني أيها الجني زوجته ابنة الراعي .
ثم أنها سحرت ابنة عمي هذه الغزالة وجئت إلى هنا
فرأيت هؤلاء الجماعة فسألتهم عن حالهم فأخبروني بما جرى لهذا التاجر فجلست لأنظر ما يكون وهذا حديثي .
فقال الجني : هذا حديث عجيب وقد وهبت لك ثلث دمه .
فعند ذلك تقدم الشيخ صاحب الكلبتين السلاقيتين وقال له :
اعلم يا سيد ملوك الجان أن هاتين الكلبتين أخوتي وأنا ثالثهم ومات والدي وخلف لنا ثلاثة آلاف دينار
ففتحت دكاناً أبيع فيه وأشتري وسافر أخي بتجارته وغاب عنا مدة سنة مع القوافل
ثم أتى وما معه شيء , فقلت له : يا أخي أما أشرت عليك بعدم السفر فبكى وقال :
يا أخي قدر الله عز وجل علي بهذا ولم يبق لهذا الكلام فائدة ولست أملك شيئاً .
فأخذته وطلعت به إلى الدكان ثم ذهبت به إلى الحمام وألبسته حلة من الملابس الفاخرة وأكلت أنا وإياه وقلت له :
يا أخي إني أحسب ربح دكاني من السنة إلى السنة ثم أقسمه دون رأس المال بيني وبينك
ثم إني عملت حساب الدكان من ربح مالي فوجدته ألفي دينار فحمدت الله عز وجل
وفرحت غاية الفرح وقسمت الربح بيني وبينه شطرين وأقمنا مع بعضنا أياماً ,
ثم إن أخوتي طلبوا السفر أيضاً وأرادوا أن أسافر معهم , فلم أرض وقلت لهم :
أي شيء كسبتم من سفركم حتى أكسب أنا ? فألحوا علي ولم أطعهم
بل أقمنا في دكاكيننا نبيع ونشتري سنة كاملة وهم يعرضون علي السفر
وأنا لم أرض حتى مضت ست سنوات كوامل
ثم وافقتهم على السفر وقلت لهم :
يا أخوتي إننا نحسب ما عندنا من المال فحسبناه فإذا هو ستة آلاف دينار فقلت :
ندفن نصفها تحت الأرض لينفعا إذا أصابنا أمر ويأخذ كل واحد منا ألف دينار ونتسبب فيها قالوا :
نعم الرأي فأخذت المال وقسمته نصفين ودفنت ثلاثة آلاف دينار .
وأما الثلاثة آلاف الأخرى فأعطيت كل واحد منهم ألف دينار وجهزنا بضائع واكترينا مركباً
ونقلنا فيها حوائجنا وسافرنا مدة شهر كامل إلى أن دخلنا مدينة وبعنا بضائعنا
فربحنا في الدينار عشرة دنانير ثم أردنا السفر فوجدنا على شاطئ البحر جارية عليها خلق مقطع ,
فقبلت يدي وقالت : يا سيدي هل عندك إحسان ومعروف أجازيك عليهما ?
قلت : نعم إن عندي الإحسان والمعروف ولو لم تجازيني .
فقالت : يا سيدي تزوجني وخذني إلى بلادك فإني قد وهبتك نفسي فافعل معي معروفاً
لأني ممن يصنع معه المعروف والإحسان ويجازي عليهما ولا يغرنك حالي .
فلما سمعت كلامها حن قلبي إليها لأمر يريده الله عز وجل فأخذتها وكسوتها
وفرشت لها في المركب فرشاً حسناً وأقبلت عليها وأكرمتها ,
ثم سافرنا وقد أحبها قلبي محبة عظيمة , وصرت لا أفارقها ليلاً ولا نهاراً ,
واشتغلت بها عن إخوتي , فغاروا مني وحسدوني على مالي وكثرة بضاعتي ,
وطمحت عيونهم في المال جميعه وتحدثوا بقتلي وأخذ مالي , وقالوا :
نقتل أخانا ويصير المال جميعه لنا .

وزين لهم الشيطان أعمالهم فجاؤوني وأنا نايم بجانب زوجتي ورموني في البحر ,
فلما استيقظت زوجتي انتفضت فصارت عفريتة وحملتني وأطلعتني على جزيرة
وغابت عني قليلاً وعادت إلي عند الصباح وقالت لي:
أنا زوجتك التي حملتك ونجيتك من القتل بإذن الله تعالى واعلم أني جنية رأيتك فحبك قلبي ,
وأنا مؤمنة بالله ورسوله فجئتك بالحال الذي رأيتني فيه فتزوجت بي ,
وها أنا قد نجيتك من الغرق وقد غضبت على إخوتك ولا بد أن أقتلهم .
فلما سمعت حكايتها تعجبت وشكرتها على فعلها وقلت لها :
أما هلاك إخوتي فلا ينبغي ثم , حكيت لها ما جرى لي معهم من أول الزمان إلى آخره .

فلما سمعت كلامي قالت : أنا في هذه الليلة أطير إليهم وأغرق مراكبهم وأهلكهم .

فقلت لها : بالله لا تفعلي فإن صاحب المثل يقول :
يا محسناً لمن أساء كفي المسيء فعله وهم إخوتي على كل حال .
قالت : لابد من قتلهم , فاستعطفتها ثم أنها حملتني وطارت فوضعتني على سطح داري ,
ففتحت الأبواب وأخرجت الذي خبأته تحت الأرض , وفتحت دكاني بعد ما سلمت على الناس ,
واشتريت بضائع , فلما كان الليل دخلت داري , فوجدت هاتين الكلبتين مربوطتين فيها ,
فلما رأياني قاما إلي وبكيا وتعلقا بي فلم أشعر إلا وزوجتي قالت :
هؤلاء إخوتك فقلت من فعل بهم هذا الفعل ? قالت :
أنا أرسلت إلى أختي ففعلت بهم ذلك وما يتخلصون إلا بعد عشر سنوات .
فجئت وأنا سائر إليها تخلصهم بعد إقامتهم عشر سنوات في هذا الحال فرأيت هذا الفتى .

قال الجني: إنها حكاية عجيبة وقد وهبت لك ثلث دمه في جنايته

فعند ذلك تقدم الشيخ الثالث صاحب البغلة وقال للجني :
أنا أحكي لك حكاية أعجب من حكاية الاثنين وتهب لي باقي دمه وجنايته ?
فقال الجني : نعم .
فقال الشيخ : أيها السلطان ورئيس الجان إن هذه البغلة كانت زوجتي سافرت وغبت عنها سنة كاملة
ثم قضيت سفري وجئت إليها في الليل فرأيت عبدا أسودا راقدا معها في الفراش ,
فلما رأتني عجلت وقامت إلي بكوز فيه ماء فتكلمت عليه ورشتني وقالت :
اخرج من هذه الصورة إلى صورة كلب , فصرت في الحال كلباً ,
فطردتني من البيت فخرجت من الباب ولم أزل سائراً حتى وصلت دكان جزار
فتقدمت وصرت آكل من العظام . فلما رآني صاحب الدكان أخذني ودخل بي بيته ,
فلما رأتني بنت الجزار , غطت وجهها مني فقالت : أتجيء لنا برجل وتدخل علينا به ?
فقال : أبوها أين الرجل ? قالت : إن هذا الكلب سحرته امرأة وأنا أقدر على تخليصه .
فلما سمع أبوها كلامها قال : بالله عليك يا بنتي خلصيه .
فأخذت كوزاً فيه ماء وتكلمت عليه ورشت علي منه قليلاً وقالت :
اخرج من هذه الصورة إلى صورتك الأولى بإذن الله ,
فصرت إلى صورتي الأولى فقبلت يدها وقلت لها :
أريد أن تسحري زوجتي كما سحرتني .
فأعطتني قليلاً من الماء وقالت : إذا رأيتها نائمة فرش هذا الماء عليها فإنها تصير كما أنت طالب .

فوجدتها نائمة فرششت عليها الماء وقلت : اخرجي من هذه الصورة إلى صورة بغلة .
فصارت في الحال بغلة وهي هذه التي تنظرها بعينك أيها السلطان ورئيس ملوك الجان .
ثم التفت إليها وقال : أصحيح هذا ?
فهزت رأسها وقالت : بالإشارة نعم هذا صحيح .

فلما فرغ من حديثه , اهتز الجني من الطرب , ووهب له باقي دمه .


وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.


أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-08-2011, 02:22 PM   #129
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

عز الطاعة وذل المعصية


قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أنه كان في بني إسرائيل قاض من قضاتهم
وكان له زوجة بديعة الجمال , كثيرة الصون والصبر والإحتمال .
فأراد ذلك القاضي النهوض إلى زيارة بيت المقدس .
فاستخلف أخاه على القضاء وأوصاه بزوجته وكان أخوه قد سمع بحسنها وجمالها فكلف بها .

فلما سار القاضي توجه إليها أخوه وراودها عن نفسها فامتنعت . وإعتصمت بالورع .

فاكثر الطلب عليها وهي تمتنع , فلما يئس منها خاف أن تخبر أخاه بصنيعه إذا رجع فاستدعى شهود زور ليشهدوا عليها بالزنا ،
ثم رفع مسألتها إلى ملك ذلك الزمان فأمر برجمها ,
فحفروا لها حفرة وأقعدوها فيها ورجمت حتى غطتها الحجارة .
وقال : تكون الحفرة قبرها .
فلما جن الليل صارت تئن من شدة ما نالها , فمر بها رجل يريد قرية .

فلما سمع أنينها قصدها فأخرجها من الحفرة وأحتملها إلى زوجته وأمرها بمداواتها,فداوتها حتى شفيت.

وكان للمرأة ولد فدفعته إليها فصارت تكفله ويبيت معها في بيت ثان .
فرآها لص فطمع فيها وأرسل يراودها عن نفسها فامتنعت , فعزم على قتلها .

فجاءها بالليل ودخل عليها البيت وهي نائمة، ثم هوى بالسكين عليها فأصاب الصبي فذبحه.

فلما علم أنه ذبح الصبي أدركه الخوف فخرج من البيت وعصمها الله منه .
ولما أصبحت وجدت الصبي عندها مذبوحاً وجاءت أمه وقالت : أنت التي ذبحته .
ثم ضربتها ضرباً موجعاً وأرادت ذبحها .
فجاء زوجها وأنقذها منها وقال : والله لم تفعل ذلك .
فخرجت المرأة فارة بنفسها لا تدري أين تتوجه وكان معها بعض الدراهم .

فمرت بقرية والناس مجتمعون ورجل مصلوب على جذع إلا إنه في قيد الحياة ,
فقالت : يا قوم ماله ؟
قالوا لها : أصاب ذنباً لا يكفره إلا قتله أو صدقة كذا وكذا من الدراهم .
فقالت :
خذوا الدراهم وأطلقوه
فتاب على يديها ونذر على نفسه أن يخدمها لله حتى يتوفاه الموت .

ثم بنى لها صومعة أسكنها فيها وصار يحتطب ويأتيها بقوتها ,
وإجتهدت المراة في العبادة حتى كان لا يأتيها مريض أو مصاب فتدعو له إلا شفي .

فكان من قضاء الله تعالى أنه نزل بأخي زوجها الذي رجمها عاهة في وجهة
وأصاب المرأة التي ضربتها البرص وإبتلى اللص بوجع أقعده .

فجاء القاضي زوجها من حجه وسأل أخاه عنها ، فأخبره أنها ماتت , فأسف عليها وإحتسبها عند الله .

ثم سمعت الناس بالمرأة حتى كانوا يقصدون صومعتها من أطراف الأرض , ذات الطول والعرض .

فقال القاضي لأخيه : يأخي هلا قصدت هذه المرأة الصالحة لعل الله يجعل لك على يدها الشفاء ؟
فقال : يا أخي احملني إليها .
وسمع زوج المرأة التي نزل بها البرص فسار بها إليها ,
وسمع أهل اللص المُقعد بخبرها وساروا به إليها ,
وإجتمع الجميع عند باب صومعتها . وكانت ترى جميع من يأتي صومعتها من حيث لا يراها أحد

فانتظروا خادمها حتى جاء ورغبوا إليه في أن يستأذن لهم الدخول عليها ففعل .

فتنقبت واستترت ووقفت عند الباب تنظر زوجها وأخاه واللص والمرأة وعرفتهم وهم لا يعرفونها .

فقالت لهم : ياهؤلاء إنكم ماتستريحون مما بكم حتى تعترفوا بذنوبكم فإن العبد إذا إعترف بذنبه تاب الله عليه ,
وأعطاه ما هو متوجه فيه إليه .

فقال القاضي لأخيه : يا أخي تب إلى الله ولا تصر على عصيانك فإنه أنفع لخلاصك ,
ولسان الحال يقول هذا المقال


اليوم يجمع مظلوم ومن ظلما **** ويظهر الله سراً كان قد كتما

هذا مقام تذل المذنبون له **** ويرفع الله من طاعته لزما
ويظهر الحق مولانا وسيدنا **** هذا وأن سخط العاصي وأن رغما
يا ويح من جاهر المولى وأسخطه**** كأنه بعقاب الله ما علما
يا طالب العز ويحك في**** تقوى اظلله فكن بالله معتصما

فعند ذلك قال أخو القاضي : الآن أقول الحق , فعلت بزوجتك ما هو كذا وكذا وهذا ذنبي ,

فقالت البرصاء : وأنا كانت عندي إمرأة فنسبت إليها ما لم أعلمه وضربتها عمداً وهو ذنبي .

فقال المُقعد :
وأنا دخلت على امرأة لأقتلها بعد مراودتها عن نفسها وإمتناعها فذبحت صبياً كان بين يديها وهذا ذنبي .

فقالت المرأة : اللهم كما أريتهم ذل المعصية فأرهم عز الطاعة إنك على كل شيء قدير .

فشفاهم الله عز وجل . وجعل القاضي ينظر إليها ويتأملها , فسألته عن سبب النظر إليها .

فقال : كانت لي زوجة ولولا أنها ماتت لقلت إنها أنت .

فعّرفته بنفسها وجعلا يحمدان الله عز وجل على ما منَّ عليهما به من جمع شملهما .

ثم طفق كل من أخي القاضي واللص والمرأة يسألونها المسامحة .

فسامحتهم وعبدوا الله في ذلك المكان مع لزوم خدمتها إلى أن فرق الموت بينهم .



وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-08-2011, 01:13 AM   #130
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

ابن الملك وأصحابه


قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الملك دبشليم قال لبيدبا الفيلسوف :

إن كان الرجل لا يصيب الخير إلا بعقله ورأيه وتثبته في الأمور كما يزعمون،
فما بال الرجل الجاهل يصيب البلاء والضر?
قال بيدبا : كما أن الإنسان لا يبصر إلا بعينيه ولا يسمع إلا بأذنيه،
كذلك العمل، إنما هو بالحلم والعقل والتثبت، غير أن القضاء والقدر يغلبان على ذلك.

ومثل ذلك مثل ابن الملك وأصحابه.
قال الملك
دبشليم: وكيف كان ذلك?
قال الفيلسوف : زعموا أن أربعة نفر اصطحبوا في طريق واحدة،
أحدهم ابن الملك والثاني ابن تاجر والثالث ابن شريف ذو جمال والرابع ابن أكار.
وكانوا جميعاً محتاجين

وقد أصابهم ضرر وجهد شديد في موضع غربة لا يملكون إلا ما عليهم من الثياب.

فبينما هم يمشون إذ فكروا في أمرهم وكان كل إنسان منهم راجعاً إلى طباعه وما كان يأتيه منه الخير .

قال ابن الملك : إنما أمر الدنيا كله بالقضاء والقدر، والذي قدر على الإنسان يأتيه على كل حال،
والصبر للقضاء والقدر وانتظارهما أفضل الأمور .

وقال ابن التاجر : العقل أفضل من كل شيء .

وقال ابن الشريف : الجمال أفضل مما ذكرتم.

ثم قال ابن الأكار: ليس في الدنيا أفضل من الاجتهاد في العمل .

فلما قربوا من مدينة يقال لها مطرون،
جلسوا في ناحية منها يتشاورون فقالوا لابن الأكار:

انطلق فاكتسب لنا باجتهادك طعاماً ليومنا هذا.
فانطلق ابن الأكار، وسأل عن عمل إذا عمله الإنسان يكتسب فيه طعام أربعة نفر
فأخبروه أنه ليس في تلك المدينة شيء أعز من الحطب، وكان الحطب منها على فرسخ.

فانطلق ابن الأكار فاحتطب طناً من الحطب، وأتى به المدينة فباعه بدرهم واشترى به طعاماً
وكتب على باب المدينة : عمل يوم واحد إذا أجهد فيه الرجل بدنه قيمته درهم.

ثم انطلق إلى أصحابه بالطعام فأكلوا .

فلما كان من الغد ، قالوا ينبغي للذي قال إنه ليس شيء أعز من الجمال أن تكون نوبته.

فانطلق ابن الشريف ليأتي المدينة، ففكر في نفسه وقال :
أنا لست أُحسِنُ عملاً فما يدخلني المدينة?
ثم استحيا أن يرجع إلى أصحابه بغير طعام، وهمّ بمفارقتهم.
فانطلق حتى أسند ظهره إلى شجرة عظيمة، فغلبه النوم فنام.
فمر به رجل من عظماء المدينة فراقه جماله وتوسم فيه شرف النِّجَّار فرقَّ له ومنحه خمسمائة درهم.

فكتب على باب المدينة :
جمال يوم واحد يساوي خمسمائة درهم. وأتى بالدراهم إلى أصحابه.

فلما أصبحوا في اليوم الثالث، قالوا لابن التاجر :
انطلق أنت فاطلب لنا بعقلك وتجارتك ليومنا هذا شيئاً.

فانطلق ابن التاجر فلم يزل حتى بصر بسفينة من سفن البحر كثيرة المتاع قد قدمت إلى الساحل،
فخرج إليها جماعة من التجّار يريدون أن يبتاعوا مما فيها من المتاع.
فجلسوا يتشاورون في ناحية من المركب، وقال بعضهم لبعض :
ارجعوا يومنا هذا لا نشتري منهم شيئاً حتى يكسد المتاع عليهم فيرخصوا علينا، مع أننا محتاجون إليه، وسيرخص.
فخالف الطريق وجاء إلى أصحاب المركب، فابتاع منهم ما فيه بمائة ألف دينار نسيئة
وأظهر أنه يريد أن ينقل متاعه إلى مدينة أخرى.

فلما سمع التجار ذلك خافوا أن يذهب ذلك المتاع من أيديهم، فأربحوه على ما اشتراه مائة ألف درهم،
وأحال عليهم أصحاب المركب بالباقي، وحمل ربحه إلى أصحابه وكتب على باب المدينة :
عقل يوم واحد ثمنه مائة ألف درهم
فلما كان اليوم الرابع قالوا لابن الملك :
انطلق أنت واكتسب لنا بقضائك وقدرك.
فانطلق ابن الملك حتى أتى إلى باب لمدينة فجلس على متكأ في باب المدينة،
واتفق أن ملك تلك الناحية مات ولم يخلف ولداً ولا أحداً ذا قرابة.
فمرّوا عليه بجنازة الملك ولم يحزنه وكلهم يحزنون.
فأنكروا حاله وشتمه البواب، وقال له : من أنت يا هذا? وما يجلسك على باب المدينة ولا نراك تحزن لموت الملك?
وطرده البواب عن الباب فلما ذهبوا عاد الغلام فجلس مكانه.
فلما دفنوا الملك ورجعوا بصر به البواب فغضب ، وقال له:
ألم أنهك عن الجلوس في هذا الموضع? وأخذه وحبسه.
فلما كان الغد اجتمع أهل تلك المدينة يتشاورون فيمن يملكونه عليهم،
وكلٌّ منهم يتطاول ينظر صاحبه، ويختلفون بينهم.

فقال لهم البواب : إني رأيت أمس غلاماً جالساً على الباب، ولم أره يحزن لحزننا،
فكلمته فلم يجبني، فطردته عن الباب.

فلما عدت رأيته جالساً فأدخلته السجن مخافة أن يكون عيناً .
فبعثت أشراف أهل المدينة إلى الغلام فجاءوا به، وسألوه عن حاله، وما أقدمه إلى مدينتهم.
فقال : أنا ابن ملك فويران، وإنه لما مات والدي غلبني أخي على المُلكْ،
فهربت من يده حذراً على نفسي حتى انتهيت إلى هذه الغابة.
فلما ذكر الغلام ما ذكره من أمره عرفه من كان يغشى أرض أبيه منهم، وأثنوا على أبيه خيراً.

ثم إن الأشراف اختاروا الغلام أن يملكوه عليهم ورضوا به.
وكان لأهل تلك المدينة سُنّة إذا ملّكوا عليهم ملكاً حملوه على فيل أبيض، وطافوا به حوالي المدينة.

فلما فعلوا به ذلك مرّ بباب المدينة فرأى الكتابة على الباب فأمر أن يكتب :
إن الاجتهاد والجمال والعقل وما أصاب الرجل في الدنيا من خير أو شر
إنما هو بقضاء وقدر من الله عزّ وجل.
وقد ازددت في ذلك اعتباراً بما ساق الله إلي من الكرامة والخير.

ثم انطلق إلى مجلسه فجلس على سرير ملكه وأرسل إلى أصحابه الذين كان معهم فأحضرهم
فأشرك صاحب العقل مع الوزراء، وضمّ صاحب الاجتهاد إلى أصحاب الزرع،
وأمر لصاحب الجمال بمالٍ كثير ثم نفاه كي لا يُفتتن به
ثم جمع علماء أرضه وذوي الرأي منهم وقال لهم :
أما أصحابي فقد تيقنوا أن الذي رزقهم الله سبحانه وتعالى من الخير إنما هو بقضاء الله وقدره،
وإنما أحب أن تعلموا ذلك وتستيقنوه، فإن الذي منحني الله وهيأه لي إنما كان بقدر،
ولم يكن بجمال ولا عقل ولا اجتهاد.
وما كنت أرجو إذ طردني أخي أن يصيبني ما يعيشني من القوت فضلاً عن أن أصيب هذه المنزلة،
وما كنت أؤمل أن أكون بها لأني قد رأيت في هذه الأرض من هو أفضل مني حسناً وجمالاً،
وأشد اجتهاداً وأسد رأياً، فساقني القضاء إلى أن اعتززت بقدر من الله،
وكان في ذلك الجمع شيخ فنهض حتى استوى قائماً، وقال :
إنك قد تكلمت بكلام كامل عقل وحكمة، وإن الذي بلغ بك ذلك فوز عقلك وحسن ظنّك،
وقد حققت ظننا فيك ورجاءنا لك.
وقد عرفنا ما ذكرت، وصدقناك فيما وصفت والذي ساق الله إليك من المُلكِ والكرامة كنت أهلاً له،
لما قسم الله تعالى لك من العقل والرأي وإن أسعد الناس في الدنيا والآخرة من رزقه الله رأياً وعقلاً ،
وقد أحسن الله إلينا إذ وفق لنا عند موت ملكنا وكرّمنا بك .
ثم قام شيخ آخر سائح فحمد الله عزّ وجل وأثنى عليه وقال :
إني كنت أخدم وأنا غلام قبل أن أكون سائحاً، رجلاً من أشراف الناس.
فلما بدا لي رفض الدنيا فارقت ذلك الرجل، وقد كان أعطاني من أجرتي دينارين،
فأردت أن أتصدق بأحدهما، وأستبقي الآخر، فأتيت السوق،
فوجدت مع رجل من الصيادين زوج هدهد، فساومت فيهما فأبى الصياد أن يبيعهما إلا بدينارين،
فاجتهدت أن يبيعنيهما بدينار واحد فأبى. فقلت في نفسي :
أشتري أحدهما وأترك الآخر.

ثم فكرت وقلت لعلهما يكونا زوجين ذكراً وأنثى فأفرق بينهما،
فأدركني لهما رحمة فتوكلت على الله وابتعتهما بدينارين وأشفقت إن أرسلتهما في أرض عامرة أن يصادا،
ولا يستطيعا أن يطيرا مما لقيا من الجوع والهزال، ولم آمن عليهما الآفات.
فانطلقت بهما إلى مكان كثير المرعى والأشجار بعيد عن الناس والعمران،
فأرسلتهما، فطارا ووقعا على شجرة مثمرة . فلما صارا في أعلاها شكرا لي،
وسمعت أحدهما يقول للآخر : لقد خلصنا هذا السائح من البلاء الذي كنا فيه، واستنقذنا ونجّانا من الهلكة.
وإنا لخليقان أن نكافئه بفعله. وإنّ في أصل هذه الشجرة جرة مملوءة دنانير ، أفلا ندله عليها فيأخذها?
فقلت لهما : كيف تدلانني على كنز لم تره العيون وأنتما لم تبصرا الشبكة? فقالا : إن القضاء إذا نزل صرف العيون عن موضع الشيء وغشّى البصر
وإنما صرف القضاء أعيننا عن الشرك ولم يصرفها عن هذا الكنز.

فاحتفرت واستخرجت البرنية وهي مملوءة دنانير، فدعوت لهما بالعافية، وقلت لهما : الحمد لله الذي علّمكما ما لم تعلما،
وأنتما تطيران في السماء، وأخبرتما ما تحت الأرض.
قالا لي : أيها العاقل، أما تعلم أن القدر غالب على كل شيء، ولا يستطيع أحد أن يتجاوزه.
وأنا أخبر الملك بما رأيته فإن أمر الملك أتيته بالمال فأودعته في خزائنه. فقال الملك : ذلك لك، وموفّر عليك

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-08-2011, 01:57 PM   #131
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

ست الحسن والشاطر حسن

قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير جعفر البرمكي قال لخليفة المؤمنين هارون الرشيد :
اعلم يا أمير المؤمنين أنه كان في مصر سلطان صاحب عدل وإحسان له وزير عاقل خبير
له علم بالأمور والتدبير وكان شيخاً كبيراً وله ولدان كأنهما قمران وكان الكبير شمس الدين والصغير نور الدين
وكان الصغير أميز من الكبير في الحسن والجمال وليس في زمانه أحسن منه حتى أنه شاع ذكره في البلاد
فكان بعض أهلها يسافر من بلاده إلى بلده لأجل رؤية جماله



فأتفق أن وآلدهما مات فحزن عليه السلطان وأقبل على الولدين وفرح بهما وخلع عليهما وقال لهما :

أنتما في مرتبة أبيكما ففرحا وقّبلا الأرض بين يديه وعملا العزاء لأبيهما شهراً كاملاً
ودخلا في الوزارة وكل منهما يتولاها جمعة وإذا أراد السلطان السفر يسافر مع واحد منهما .

واتفق في ليلة من الليالي أن السلطان كان عازماً على السفر في الصباح وكانت النوبة للكبير.

فبينما الأخوان يتحدثان في تلك الليلة:
إذ قال الكبير يا أخي قصدي أن أتزوج أنا وأنت في ليلة واحدة ، فقال الصغير :
افعل يا أخي ما تريد فإني موافقك على ما تقول واتفقا على ذلك.

ثم أن الكبير قال لأخيه :
إن قدر الله وخطبنا بنتين ودخلنا في ليلة واحدة ووضعنا في يوم واحد
وأراد الله وجاءت زوجتك بغلام وجاءت زوجتي ببنت نزوجهما لبعضهما لأنهما أولاد عم ،
فقال نور الدين : يا أخي ما تأخذ من ولدي في مهر بنتك ؟
قال : آخذ من ولدك في مهر بنتي ثلاثة آلاف دينار وثلاثة بساتين وثلاث ضياع فإن عقد الشاب عقده بغير هذا لا يصح .

فلما سمع نور الدين هذا الكلام قال : ما هذا المهر الذي اشترطته على ولدي
أما تعلم أننا إخوان ونحن الإثنان وزيران في مقام واحد وكان الواجب عليك أن تقدم ابنتك لولدي هدية من غير مهر،
فانك تعلم أن الذكر أفضل من الأنثى وولدي ذكر ويذكر به وخلاف ابنتك ،
فقال : ومالها ؟ قال : لا ذكر لها بين الأمراء ولكن أنت تريد أن تفعل معي على رأي الذي قال :
إن أردت أن تطرده فأجعل الثمن غالياً، وقيل إن بعض الناس قدم على بعض أصحابه فقصده في حاجة فغلى عليه الثمن .
فقال له شمس الدين أراك قد قصرت لأنك تعامل ابنك أفضل من بنتي
ولا شك أنك ناقص عقل وليس لك أخلاق حيث تذكر شركة الوزارة
وأنا ما أدخلتك معي في الوزارة إلا شفقة عليك ولأجل أن تساعدني وتكون لي معيناً
ولكن قل ما شئت وحيث صدر منك هذا القول والله لا أزوج بنتي لولدك ولو وزنت ثقلها ذهباً،
فلما سمع نور الدين كلام أخيه اغتاظ وقال : وأنا لا أزوج ابني ابنتك ،
فقال شمس الدين : أنا لا أرضاه لها بعلاً ولولا أنني أريد السفر لكنت عملت معك العبر
ولكن لما أرجع من السفر يعمل الله ما يريد.

فلما سمع نور الدين من أخيه ذلك الكلام امتلأ غيظاً وغاب عن الدنيا وكتم ما به وبات كل واحد في ناحية.

فلما أصبح الصباح برر السلطان للسفر وعبر إلى الجزيرة وقصد الأهرام وصحبه الوزير شمس الدين،

وأما أخوه نور الدين فبات في تلك الليلة في أشد ما يكون من الغيظ
فلما أصبح الصباح قام وصلى الصبح وعمد إلى خزانته وأخذ منها خرجاً صغيراً وملأه ذهباً
وتذكر قول أخيه واحتقاره إياه وافتخاره فأنشد هذه الأبيات

سافر تجد عوضاً عمن تفارقه*****وانصب فإن لذيذ العيش في النصب
ما في المقام لـذي لـب وذي أدب*****معزة فاترك الأوطان واغـترب
إني رأيت وقوف الماء يفسده*****فإن جرى طاب أو لم يجر لم يطب
والبدر أفول منه ما نظرت*****إليه في كل حين عين مرتقب
والأسد لولا فراق الغاب ما قنصت*****والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والتبر كالتراب ملقى في أماكنه*****والعود في أرضه نوع من الحطب
فإن تغرب هذا عـز مـطلبه*****وإن أقام فلا يعلو إلـى رتـب

فلما فرغ من شعره أمر بعض غلمانه أن يشد له بغلة زرزورية غالية سريعة المشي
فشدها ووضع عليها سرجاً مذهباً بركابات هندية وعباءات من القطيفة الأصفهانية
فسارت كأنها عروس مجلية وأمر أن يجعل عليها بساط حرير وسجادة
وأن يوضع الخرج من تحت السجادة ثم قال للغلام والعبيد:
قصدي أن أتفرج خارج المدينة وأروح نواحي القليوبية وأبيت ثلاث ليال
فلا يتبعني منكم أحد فإن عندي ضيق صدر.
ثم أسرع وركب البغلة وأخذ معه شيئاً قليلاً من الزاد وخرج من مصر واستقبل البر
فما جاء عليه الظهر حتى دخل مدينة بلبيس فنزل عن بغلته واستراح وأراح البغلة وأكل شيئاً
وأخذ من بلبيس ما يحتاج إليه وما يعلق به على بغلته ثم استقبل البر
فما جاء عليه الظهر بعد يومين حتى دخل مدينة القدس فنزل عن بغلته واستراح وأراح بغلته
وأخرج شيئاً أكله ثم وضع الخرج تحت رأسه وفرش البساط ونام في مكان والغيظ غالب عليه،
ثم أنه بات في ذلك المكان.

فلما أصبح الصباح ركب وصار يسوق البغلة إلى أن وصل إلى مدينة حلب
فنزل في بعض الخانات وأقام ثلاثة أيام حتى استراح وأراح البغلة وشم الهواء
ثم عزم على السفر وركب بغلته وخرج مسافراً ولا يدري أين يذهب
ولم يزل سائراً إلى أن وصل إلى مدينة البصرة ليلاً ولم يشعر بذلك حتى نزل في الخان
وأنزل الخرج عن البغلة وفرش السجادة وأودع البغلة بعدتها عند البواب
وأمره أن يسيرها فأخذها وسيرها .

فاتفق أن وزير البصرة كان جالساً في شباك قصره فنظر إلى البغلة ونظر ما عليها من العدة المثمنة
فظنها بغلة وزير من الوزراء أو ملك من الملوك، فتأمل في ذلك وحار عقله وقال لبعض غلمانه :
ائتني بهذا البواب.
فذهب الغلام إلى الوزير فتقدم البواب وقبل الأرض بين يديه وكان الوزير شيخاً كبيراً،
فقال للبواب : من صاحب هذه البغلة وما صفاته؟
فقال البواب : يا سيدي إن صاحب هذه البغلة شاب صغير ظريف الشمائل من أولاد التجار عليه هيبة ووقار.

فلما سمع الوزير كلام البواب قام على قدميه وركب وسار إلى الخان،
ودخل على الشاب فلما رأى نور الدين الوزير قادماً عليه قام ولاقاه واحتضنه
ونزل الوزير من فوق جواده وسلم عليه فرحب به وأجلسه عنده، وقال له :
يا ولدي من أين أقبلت وماذا تريد؟ فقال نور الدين :
يا مولاي إني قدمت من مدينة مصر، وكان أبي وزيراً فيها وقد انتقل إلى رحمة الله
وأخبره بما جرى من المبتدأ إلى المنتهى ، ثم قال :
وعزمت على نفسي أن لا أعود أبداً حتى أنظر جميع المدن والبلدان،
فلما سمع الوزير كلامه قال له يا ولدي لا تطاوع النفس فترميك في الهلاك،
فإن البلدان خراب وأنا أخاف عليك من عواقب الزمان.

ثم إنه أمر بوضع الخرج عن البغلة والبساط والسجادة،
وأخذ نور الدين معه إلى بيته وأنزله في مكان ظريف وأكرمه وأحسن إليه ورأف بحاله ،
وقال له يا ولدي أنا بقيت رجلاً كبيراً ولم يكن لي ولد ذكر
وقد رزقني الله بنتاً تقاربك في الحسن ومنعت عنها خطاباً كثيرة وقد وقع حبك في قلبي،
فهل لك أن تأخذ إبنتي جارية لخدمتك وتكون لها بعلاً .
فإن كنت تقبل ذلك أطلع إلى سلطان البصرة وأقول له أنك ولد أخي وأوصلك إليه،
حتى أجعلك وزيراً مكاني وألزم أنا بيتي فإني صرت رجلاً كبيراً
فلما سمع نور الدين كلام وزير البصرة أطرق برأسه ، ثم قال :
سمعاً وطاعة، ففرح الوزير بذلك وأمر غلمانه أن يصنعوا له طعاماً
وأن يزينوا قاعة الجلوس الكبيرة المعدة لحضور أكابر الأمراء،
ثم جمع أصحابه ودعا أكابر الدولة وتجار البصرة فحضروا بين يديه
وقال لهم أنه كان لي أخ وزير بالديار المصرية ورزقه الله ولدين وأنا كما تعلمون رزقني الله بنتا،
وكان أخي أوصاني أن أزوج بنتي لأحد أولاده فأجبته إلى ذلك
فلما استحقت الزواج أرسل إلي أحد أولاده وهو هذا الشاب الحاضر،
فلما جائني أحببت أن أكتب كتابه على بنتي ويدخل بها عندي.
فقالوا: نعم ما قلت، ثم احتفلوا ورشوا ماء الورود وانصرفوا .

وأما الوزير فإنه أمر غلمانه أن يأخذوا نور الدين ويدخلوا به الحمام
وأعطاه الوزير بدلة من خاص ملبوسه وأرسل إليه الفوط والطاسات ومجامر البخور وما يحتاج إليه

فلما خرج من الحمام لبس البدلة فصار كالبدر ليلة تمامه، ثم ركب بغلته ودخل على الوزير فقبل يده،

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19-08-2011, 06:05 AM   #132
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

وفي الليلة التالية استأنفت شهرزاد الحكاية ، قالت:

بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير قام له ورحب به وقال له:
قم وأدخل هذه الليلة على زوجتك وفي غد أطلع بك إلى السلطان،
وأرجو لك من الله كل خير فقام نور الدين ودخل على زوجته بنت الوزير .

هذا ما كان من أمر نور الدين وأما ما كان من أمر أخيه فإنه غاب مع السلطان مدة في السفر،
ثم رجع فلم يجد أخاه فسأل عنه الخدم، فقالوا له من يوم سافرت مع السلطان ركب بغلته بعدة الموكب،
وقال أنا متوجه إلى جهة القيلوبية فأغيب يوما أو يومين فإن صدري ضاق ولا يتبعني، منكم أحد.
ومن يوم خروجه إلى هذا اليوم لم نسمع له خبرا فتشوش خاطر شمس الدين على فراق أخيه
واغتم غماً شديداً لفقده ، وقال في نفسه :
ما سبب ذلك إلا أني أغلظت عليه في الحديث ليلة سفري مع السلطان
فلعله تغير خاطره وخرج مسافراً فلا بد أن أرسل خلفه ثم طلع وأعلم السلطان بذلك
فكتب بطاقات وأرسل بها إلى نوابه في جميع البلاد وكان نور الدين قد قطع بلاداً بعيدة في مدة غياب أخيه مع السلطان
فذهبت الرسل بالمكاتيب ثم عادوا ولم يقفوا له على خبر ويئس شمس الدين من أخيه،
وقال لقد أغظته بكلامي من جهة زواج الأولاد فليت ذلك لم يكن وما حصل ذلك إلا من قلة عقلي وعدم تدبيري.

ثم بعد مدة يسيرة خطب بنت رجل من تجار مصر وكتب كتابه عليها ودخل بها وقد اتفق أن ليلة دخول شمس الدين على زوجته
كانت ليلة دخول نور الدين على زوجته بنت وزير البصرة
وذلك بإرادة الله تعالى حتى ينفذ حكمه في خلقه وكان الأمر كما قالاه فاتفق أن الزوجتين حملتا منهما
وقد وضعت زوجة شمس الدين وزير مصر بنتا لا يرى في مصر أحسن منها،
ووضعت زوجة نور الدين، ولداً ذكراً لا يرى في زمانه أحسن منه كما قال الشاعر

ومهفهف يغني النديم بريقه*****عن كأسه الملأى وعن أبريقه
فعل المدام ولونها ومذاقها*****من مقلتيه ووجنتيه وريقه

فسموه حسن وفي سابع ولادته صنعوا الولائم وعملوا أسمطة لا تصلح إلا لأولاد الملوك
ثم أن وزير البصرة أخذ معه نور الدين وطلع به إلى السلطان
فلما صار بين يديه وكان نور الدين فصيح اللسان ثابت الجنان صاحب حسن وإحسان فأنشد قول الشاعر

هذا الذي عم الأنام بعدله*****وسطا فمهد سائر الآفـاق
أشكر صنائعه فلسن صنائعا*****لكنهن قلائد الأعـناق
وأنتم أنامله فلسن أناملا*****لكنهن مفاتح الأزرق


فألزمها السلطان وشكر نور الدين على ما قال وقال لوزيره :
من هذا الشاب فحكى له الوزير قصته من أولها إلى آخرها وقال له :
هذا ابن أخي ، فقال : وكيف يكون ابن أخيك ولم نسمع به، فقال :
يا مولانا السلطان إنه كان لي أخ وزير بالديار المصرية وقد مات وخلف ولدين،
فالكبير جلس في مرتبة والده وزيراً وهذا الصغير جاء عندي وحلف أني لا أزوج ابنتي إلا له،
فلما جاء زوجته بها وهو شاب وأنا صرت شيخاً كبيراً وقّل سمعي وعجز تدبيري
والقصد من مولانا السلطان أن يجعله في مرتبتي، فإنه ابن أخي وزوج ابنتي
وهو أهل للوزارة لأنه صاحب رأي وتدبير.

فنظر السلطان إليه فأعجبه، واستحسن رأي الوزير بما أشار عليه من تقديمه في رتبة الوزراء فأنعم عليه بها،
وأمر له بخلعة عظيمة، وزاد له الجوامك والجرايات إلى أن اتسع عليه الحال
وسار له مراكب تسافر من تحت يده بالمتاجر وغيرها وعمر أملاكاً كثيرة ودواليب وبساتين
إلى أن بلغ عمر ولده حسن أربع سنين،
فتوفي الوزير الكبير والد زوجة نور الدين،
فأخرجه خرجة عظيمة وواراه التراب ثم اشتغل بعد ذلك بتربية ولده
فلما بلغ أشده أحضر له فقيهاً يقرئه في بيته وأوصاه بتعليمه وحسن تربيته
فأقرأه وعلمه فوائد في العلم بعد أن حفظ القرآن في مدة سنوات
وما زال حسن يزداد جمالاً وحسناً واعتدالاً كما قال الشاعر
قمر تكامل في المحاسن وانتهى*****فالشمس تشرق من شقائق خده
ملك الجمال بأسره فكأنما*****حسن البرية كلها من عـنده


وقد رباه الفقيه في قصر أبيه ومن حين نشأته لم يخرج من قصر الوزارة
إلى أن أخذه والده الوزير نور الدين يوماً من الأيام وألبسه بدلة من أفخر ملبوسه
وأركبه بغلة من خيار بغاله وطلع به إلى السلطان ودخل به عليه فنظر الملك إلى
حسن بدر الدين بن الوزير نور الدين فانبهر من حسنه،
وقال لأبيه يا وزير لابد أنك تحضره معك في كل يوم ، فقال :
سمعاً وطاعة ثم عاد الوزير بولده إلى منزله وما زال يطلع به إلى حضرة السلطان في كل يوم
إلى أن بلغ الولد من العمر خمسة عشر عاما ثم ضعف والده الوزير نور الدين،
فاحضره وقال له يا ولدي اعلم أن الدنيا دار فناء والآخرة دار بقاء وأريد أن أوصيك وصايا
فافهم ما أقول لك وأصغ قلبك إليه ، وصار يوصيه بحسن عشرة الناس وحسن التدبير.

ثم إن نور الدين تذكر أخاه وأوطانه وبلاده وبكى على فرقة الأحباب



وسجت دموعه وقال : يا ولدي اسمع قولي فإن لي أخا يسمى شمس الدين،
وهو عمك ولكنه وزير بمصر قد فارقته وخرجت على غير رضاه،
والقصد أنك تأخذ بعضاً من الورق وتكتب ما أمليه عليك .

فأحضر قرطاساً وصار يكتب فيه كل ما قاله أبوه فأملى عليه جميع ما جرى له من أوله إلى آخره
وكتب له تاريخ زواجه ودخوله على بنت الوزير وتاريخ وصوله إلى البصرة واجتماعه بوزيرها.

وكتب وصية موثقة ثم قال لولده :
احفظ هذه الوصية فإن ورقتها فيها أصلك وحسبك ونسبك فإن أصابك شيء من الأمور فاقصد مصر،
واستدل على عمك وسلم عليه وأعلمه أني مت غريباً مشتاقاً إليه .
فأخذ حسن بدر الدين، الرقعة وطواها ولف عليها خرقة مشمعة وخاطها بين البطانة والظهارة
وصار يبكي على أبيه من أجل فراقه وهو صغير .

وما زال نور الدين يوصي ولده حسن بدر الدين حتى طلعت روحه
فأقام الحزن في بيته وحزن عليه السلطان وجميع الأمراء ودفنوه ولم يزالوا في حزن مدة شهرين،
وولده لم يركب ولم يطلع الديوان ولم يقابل السلطان وأقام مكانه بعض الحجاب،
وولى السلطان وزيراً مكانه وأمره أن يختم على أماكن نور الدين وعلى عماراته وعلى أملاكه .

فنزل الوزير الجديد وأخذ الحُجّاب وتوجهوا إلى بيت الوزير نور الدين يختمون عليه
ويقبضون على ولده حسن بدر الدين ويطلعون به إلى السلطان ليعمل فيه ما يقتضي رأيه

وكان بين العسكر مملوك من مماليك الوزير نور الدين،
المتوفي فلم يهن عليه ولد سيده فذهب ذلك المملوك إلى حسن بدر الدين
فوجده منكس الرأس حزين القلب على فراق والده فأعلمه بما جرى، فقال له :
هل في الأمر مهلة حتى أدخل فآخذ معي شيئاً من الدنيا لأستعين به على الغربة ؟
فقال له المملوك : انج بنفسك .
فلما سمع كلام المملوك غطى رأسه بذيله وخرج ماشياً إلى أن صار خارج المدينة

فسمع الناس يقولون أن السلطان أرسل الوزير الجديد إلى بيت الوزير المتوفي
ليختم على ماله وأماكنه ويقبض على ولده حسن بدر الدين ويطلع به إليه فيقتله
وصارت الناس تتأسف على حسنه وجماله .

فلما سمع كلام الناس خرج إلى غير مقصد ولم يعلم أين يذهب.
فلم يزل سائراً إلى أن ساقته المقادير إلى تربة والده فدخل المقبرة ومشى بين القبور
إلى أن جلس عند قبر أبيه وأزال ذيله من فوق رأسه،
فبينما هو جالس عند تربة أبيه إذ قدم عليه يهودي من البصرة وقال :
يا سيدي مالي أراك متغيرا ؟ فقال له : إني كنت نائما في هذه الساعة،
فرأيت أبي يعاتبني على عدم زيارتي قبره فقمت وأنا مرعوب
وخفت أن يفوت النهار ولم أزره، فيصعب علي الأمر، فقال له اليهودي :
يا سيدي إن أباك كان أرسل مراكب تجارة وقدم منها البعض
ومرادي أن أشتري منك كل مركب قدِمت بألف دينار ثم أخرج اليهودي كيساً ممتلئاً من الذهب،
وعّد منه ألف دينار ودفعه إلى حسن ابن الوزير ثم قال اليهودي :
اكتب لي ورقة واختمها فأخذ حسن ابن الوزير ورقة وكتب فيها
كاتب هذه الورقة حسن بدر الدين ابن الوزير نور الدين قد باع اليهودي فلان جميع كل مركب،
وردت من مراكب أبيه المسافرين بألف دينار وقبض الثمن على سبيل التعجيل

فأخذ اليهودي الورقة وصار حسن يبكي ويتذكر ما كان فيه من العز والإقبال
ثم دخل عليه الليل وأدركه النوم فنام عند قبر أبيه ولم يزل نائماً حتى طلع القمر
فتدحرجت رأسه عن القبر ونام على ظهره وصار يلمع وجهه في القمر
وكانت المقابر عامرة بالجن المؤمنين، فخرجت جنية فنظرت وجه حسن وهو نائم
فلما رأته تعجبت من حسنه وجماله وقالت :
سبحان الله ما هذا الشاب إلا كأنه من الحور العين،
ثم طارت إلى الجو تطوف
على عادتها فرأت عفريتاً طائراً فسلمت عليه وسلم عليها ،
فقالت له من أين أقبلت ؟
قال : من مصر، فقالت له : هل لك أن تروح معي، حتى تنظر إلى حسن هذا الشاب النائم في المقبرة ؟
فقال لها : نعم فسارا حتى نزلا في المقبرة ، فقالت له :
هل رأيت في عمرك مثل هذا ؟
فنظر العفريت إليه وقال :
سبحان من لا شبيه له ولكن يا أختي إن أردت حدثتك بما رأيت ؟
فقالت له : حدثني، فقال لها :
إني رأيت مثل هذا الشاب في إقليم مصر وهي بنت الوزير
وقد علم بها الملك فخطبها من أبيها شمس الدين.
فقال له : يا مولانا السلطان اقبل عذري وارحم عبرتي
فإنك تعرف أن أخي نور الدين خرج من عندنا ولا نعلم أين هو،
وكان شريكي في الوزارة وسبب خروجه أني جلست أتحدث معه في شأن الزواج
فغضب مني وخرج مغضباً وحكى للملك جميع ما جرى بينهما .
ثم قال للملك : فكان ذلك سبباً لغيظه وأنا حالف أن لا أزوج بنتي إلا لابن أخي من يوم ولدتها أمها
وذلك نحو ثمان عشرة سنة ومن مدة قريبة سمعت أن أخي تزوج بنت وزير البصرة
وجاء منها بولد وأنا لا أزوج بنتي إلا له كرامة لأخي
ثم إني أرخت وقت زواجي وحمل زوجتي وولدة هذه البنت وهي باسم ابن عمها والبنات كثير.

فلما سمع السلطان كلام الوزير غضب غضباً شديداً، وقال له :
كيف يخطب مثلي من مثلك بنتاً فتمنعها منه وتحتج بحجة باردة
وحياة رأسي لا أزوجها إلا لأقل مني برغم أنفك .

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

يتبع


أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19-08-2011, 07:23 AM   #133
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية غلآ الروح
 
تم شكره :  شكر 15866 فى 3336 موضوع
غلآ الروح نسبة التقييم للعضوغلآ الروح نسبة التقييم للعضوغلآ الروح نسبة التقييم للعضوغلآ الروح نسبة التقييم للعضوغلآ الروح نسبة التقييم للعضوغلآ الروح نسبة التقييم للعضوغلآ الروح نسبة التقييم للعضوغلآ الروح نسبة التقييم للعضوغلآ الروح نسبة التقييم للعضوغلآ الروح نسبة التقييم للعضوغلآ الروح نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

مآهـذآ الأبدآع يَ أسدنآ . .!
حقاً والله . .
موضوع ممتع وجمييل . .
وهـذآ ليسَ غريباً عليك في أنتقائك في موضيعك المميزه . .
بوركت يمنااك يَ أخي . . تآبع واني لكَ من المتآبعين ^__^

التوقيع



غلآ الروح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19-08-2011, 02:38 PM   #134
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غلآ الروح مشاهدة المشاركة  

مآهـذآ الأبدآع يَ أسدنآ . .!
حقاً والله . .
موضوع ممتع وجمييل . .
وهـذآ ليسَ غريباً عليك في أنتقائك في موضيعك المميزه . .
بوركت يمنااك يَ أخي . . تآبع واني لكَ من المتآبعين ^__^

 

يعجز اللسان عن الأفصاح والقلم عن التعبير والكيبورد عن التبيان

عن مشاعر الشكر والتقدير لشخصكِ الكريم على لطف إطرائكِ

جزاكِ الله عني خيرا أختي الكريمة الفاضلة

ويشرفني ويسعدني أنك من المتابعين لما أطرحه ..

دمتِ بخير وسعادة
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-08-2011, 03:22 PM   #135
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

وفي الليلة التالية استأنفت شهرزاد الحكاية ، قالت :



بلغني أيها الملك السعيد أن الجني لما حكي للجنية حكاية بنت وزير مصر وأن الملك قد أخبر أن يزوجها رغم أنف أبيها،


بأنه سيزوجها بسائسه ذو الحدبة من أمام وحدبة من الخلف وأمر السلطان بإحضاره لتزويجة منها

وقد تركه وهو بين مماليك السلطان،
وهم حوله في أيديهم الشموع موقدة يضحكون ويسخرون منه على باب القصر،


وأما بنت الوزير فإنها جالسة تبكي بين المنقشات والمواشط وهي أشبه الناس بهذا الشاب حسن،


وقد حجروا على أبيها ومنعوه أن يحضرها وما رأيت يا أختي أقبح من هذا الأحدب


فهي في حُسنها أحسن من هذا الشاب حسن.


قالت له الجنية تكذب فإن هذا الشاب أحسن أهل زمانه، فرد عليها العفريت وقال :


والله يا أختي إن الصبية أحسن من هذا الشاب،


والحقيقة لا يصلح لها إلا هو فإنهما مثل بعضهما ولعلهما إخوان أو أولاد عم


فيا خسارتها مع هذا الأحدب، فقالت له :


يا أخي دعنا ندخل تحته ونروح به إلى الصبية التي تقول عليها وننظر أيهما أحسن،


فقال العفريت :


سمعا وطاعة هذا كلام صواب وليس هناك أحسن من هذا الرأي الذي إخترتيه فأنا أحمله



ثم إنه حمله وطار به إلى الجو وصارت العفريتة في كل ركابه تحاذيه،


إلى أن نزل به في مدينة مصر وحطه على مصطبة ونبهه.


فاستيقظ من النوم فلم يجد نفسه على قبر أبيه في أرض البصرة، والتفت يميناً وشمالاً


فلم يجد نفسه إلا في مدينة غير مدينة البصرة فأراد أن يصيح


فغمزه العفريت وأوقد له شمعة وقال له :


اعلم أني جئت بك، وأنا أريد أن أعمل معك شيئاً لله فخذ هذه الشمعة وامش بها


إلى ذلك القصر واختلط بالناس ولا تزال ماشياً معهم حتى تصل إلى قاعة العروسة،


فاسبق وادخل القاعة ولا تخشى أحداً وإذا دخلت فقف على يمين العريس الأحدب


وكلما جاءتك المواشط والمنقشات فحط يدك في جيبك تجده ممتلئا ذهباً


فاكبش وارم لهم ولا تتوهم أنك تدخل يدك ولم تجده ممتلئاً بالذهب،


فاعط كل من جاءك بالحفنة ولا تخشى من شيء وتوكل على الذي خلقك،


فما هذا بحولك وقوتك بل بحول الله وقوته.


فلما سمع حسن بدر الدين من العفريت هذا الكلام ، قال :


يا هل ترى أي شيء هذه القضية وما وجه الإحسان، ثم مشى وأوقد الشمعة،


وتوجه إلى القصر فوجد الأحدب راكب الفرس فدخل حسن بدر الدين بين الناس


وهو على تلك الحالة مع الصورة الحسنة،


وكان عليه الطربوش والعمامة والفرجية المنسوجة بالذهب وما زال ماشياً في الزينة،


وكلما وقفت المواشط والمنقشات الناس ينقطوهن،


فيضع يده في جيبه فيلقاه ممتلئاً بالذهب فيكبش ويرمي لهن الدنانير .


فاندهشت عقول المواشط والمنقشات وتعجب الناس من حسنه وجماله


ولم يزل على هذا الحال حتى وصلوا إلى بيت الوزير،


فردت الحُجّاب الناس ومنعوهم. فقالت المواشط والمنقشات :


والله لا ندخل إلا إن دخل هذا الشاب معنا لأنه غمرنا بإحسانه


ولا نجلي العروسة إلا وهو حاضر، فعند ذلك دخلوا به إلى قاعة الفرح


وأجلسوه برغم أنف العريس الأحدب


واصطفت جميع نساء الأمراء والوزراء والحُجّاب صفين وكل امرأة معها شمعة كبيرة موقدة


مضيئة وكلهن ملثمات وصرن صفوفاً يميناً وشمالاً ،


من تحت المنصة إلى صدر الإيوان الذي عند المجلس الذي تخرج منه العروسة،


فلما نظر النساء حسن بدر الدين وما هو فيه من الحسن والجمال،


ووجهه يضيء كأنه هلال قلن والله إنه أحق بها من هذا الأحدب




فبينما بدر الدين يتحدث مع العفريت وإذا بالسائس الأحدب دخل بيت الراحة


وقعد على الكرسي فطلع له العفريت من الحوض الذي فيه الماء في صورة وحش وزعق فيه،


وقال: ويلك يا أحدب يا أنتن السياس هل ضاقت عليك الأرض فلا تتزوج إلا بمعشوقتي ؟


قال الأحدب : والله مالي ذنب إلا إنهم غصبوني وما عرفت أن لها عشاقاً من العفاريت


ولكن أنا تائب إلى الله ثم إليك .


فقال له العفريت: اقسم بالله إن خرجت من هذا الحمام في هذا الوقت،


من هذا الموضع أو تكلمت قبل أن تطلع الشمس لأقتلنك،


فإذا طلعت الشمس فاخرج إلى حال سبيلك ولا تعد إلى هذا البيت أبداً ،



ثم إن العفريت قبض على السائس الأحدب وقلب رأسه في الملاقي


وجعلها إلى أسفل وجعل رجليه إلى فوق، وقال له إستمر هنا وأنا أحرسك إلى طلوع الشمس


هذا ما كان من قصة الأحدب


وأما ما كان من قصة حسن بدر الدين البصري فإنه خلى الأحدب والعفريت يتخاصمان



ودخلت عليه الجنية وقالت له :



لا تحزن فقد قررت أنا والعفريت أن تكون أنت زوجها فقم الآن لتدخل بزوجتك


وأقبلت المواشط وبنت الوزير بينهن، وقد طيبنها وعطرنها وألبسنها


وصارت العروسة كأنها البدر إذا أقمر في ليلة أربعة عشر،


ولما أقبلت كانت كأنها حورية فسبحان من خلقها بهية


وأحدق بها النساء فصرن كالنجوم وهي بينهن كالقمر إذا انجلى عنه الغيم


وكان حسن بدر الدين البصري جالساً والناس ينظرون إليه.


فحضرت العروسة وأقبلت فقام إليها حسن إبن عمها


وأما العروسة فإنها رفعت كفيها إلى السماء ، وقالت : اللهم لك الحمد أن جعلت هذا بعلي


وخرج جميع من كان في الفرح من النساء والأولاد ولم يبق إلا حسن بدر الدين وزوجته أبنة عمة


فقام إليها وعلقت منه في ليلتها.



فلما نام حسن تقدم العفريت ودخل تحت ذيله وهو نائم وأخذه وطار به وما زال العفريت


طائر به والعفريتة تحاذيه


فأصاب العفريت شهاب من نار فأحترق وسلمت العفريتة فأنزلت حسن بدر الدين


في موضع ما أحرق الشهاب العفريت ولم تتجاوزه به خوفاً عليه


وكان بالأمر المقدر ذلك الموضع في دمشق الشام فوضعته العفريتة على باب من أبوابها وطارت . فلما طلع النهار


وفتحت أبواب المدينة خرج الناس فنظروا شاباً مليحاً ،


وهو مما قاسى من السهر غرقان في النوم .


فلما رآه الناس خاض الناس فيه بالكلام وصار الناس يتعجبون من حسنه وجماله ،


فانتبه حسن بدر الدين فوجد روحه على باب مدينة وعليها ناس ، فتعجب وقال :


أين أنا يا جماعة الخير وما سبب اجتماعكم علي وما حكايتي معكم ؟


فقالوا : نحن رأيناك عند أذان الصبح ملقى على هذا الباب نائماً ولا نعلم من أمرك غير هذا


فأين كنت نائماً هذه الليلة ؟ فقال حسن بدر الدين :


والله يا جماعة إني كنت نائماً هذه الليلة في مصر ، فقال واحد : هل أنت مجنون ؟


كيف تكون بايتاً في مصر وتصبح نائماً في مدينة دمشق ؟


فقال لهم : والله يا جماعة الخير لم أكذب عليكم أبداً وأنا كنت البارحة عريساً في ديار مصربالليل في ديار مصر


وقبل البارحة كنت بالبصرة ، فقال واحد :


هذا شيء عجيب ، وقال الآخر : هذا شاب مجنون ، وصفقوا عليه بالكفوف ،


وتحدث الناس مع بعضهم ، وقالوا : يا خسارة شبابه والله ما في جنونه خلاف


ثم إنهم قالوا له ارجع لعقلك ، فقال حسن بدر الدين :


كنت البارحة في ديار مصر ، فقالوا : لعلك حلمت ورأيت هذا الذي تقول في المنام ،


فتحير حسن في نفسه وقال لهم : والله ما هذا منام وأين السايس الأحدب الذي كان قاعداً


عندنا والكيس الذهب الذي كان معي وأين ثيابي ؟


ثم قام ودخل المدينة ومشى في شوارعها وأسواقها فازدحمت عليه الناس


فدخل دكان طباخ وكان ذلك الطباخ رجلاً مسرفاً فتاب الله عليه من الحرام


وفتح له دكان طباخ وكان أهل دمشق كلهم يخافون منه بسبب شدة بأسه،


فلما نظر الطباخ إلى حسن بدر الدين وشاهد حسنه وجماله وقعت في قلبه محبته فقال:


من أين أنت يا فتى فاحكي لي حكايتك فإنك صرت عندي أعز من روحي،


فحكى له ما جرى من المبتدأ إلى المنتهى.


فقال له الطباخ : يا سيدي حسن بدر الدين اعلم أن هذا أمر عجيب وحديث غريب


ولكن يا ولدي اكتم ما معك حتى يفرج الله ما بك واقعد عندي في هذا المكان


وأنا ليس لي ولد فأتخذك ولدي ،


فقال له حسن بدر الدين : الأمر كما تريد يا عم .


فعند ذلك نزل الطباخ إلى السوق واشترى لبدر الدين أقمشة مفتخرة وألبسه إياها


وتوجه به إلى القاضي وأشهد على نفسه أنه ولده،


وقد اشتهر حسن بدر الدين في مدينة دمشق أنه ولد الطباخ،


وقعد عنده في الدكان يقبض الدراهم،


وقد استقر أمره عند الطباخ على هذه الحالة


هذا ما كان من أمر حسن بدر الدين، وأما ما كان من أمر ست الحسن بنت عمه


فإنها لما طلع الفجر وانتهت من النوم وإذا بأبيها قد دخل عليها وهو مهموم مما جرى له


من السلطان وكيف غصبه وزوج ابنته غصباً لأحد عمّاله الذي هو السايس الأحدب ،


وقال في نفسه : سأقتل هذه البنت ، فمشى إلى أن وصل إلى المخدع ووقف على بابه وقال:


يا ست الحسن ، فقالت له : نعم يا سيدي، ثم إنها خرجت وهي تتمايل من الفرح


وقبلت الأرض بين يديه وازداد وجهها نوراً وجمالاً ،


فلما نظرها أبوها وهي بتلك الحالة قال لها : هل أنت فرحانة بهذا السايس الأحدب ؟


فلما سمعت ست الحسن كلام والدها تبسمت وقالت :


يا الله، يكفي ما جرى منك والناس يضحكون علي ويعايروني بهذا السياس


الذي ما يجيء في إصبعي قلامة ظفر في يد زوجي حسن


والله ما بت طول عمري ليلة أحسن من ليلة البارحة التي بتها معه،


فلا تهزأ بي وتذكر لي ذلك الأحدب .


فلما سمع والدها كلامها إندهش وقال لها:


ويلك ما هذا الكلام الذي تقولينه؟،


فقالت إذهب إلى بيت الراحة وستعرف قصدي،


فقام والدها وهو متعجب ودخل بيت الخلاء فوجد السايس الأحدب ورأسه مغروز في الملاقي


ورجلاه مرتفعة إلى فوق فبهت فيه الوزير وقال:


أما هذا هو الأحدب فخاطبه فلم يرد عليه وظن الأحدب أنه العفريت.


فصرخ عليه الوزير وقال له : تكلم وإلا أقطع رأسك بهذا السيف،


عند ذلك قال الأحدب :


والله يا شيخ العفاريت من حين جعلتني في هذا الموضع ما رفعت رأسي


فبالله عليك أن ترفق بي، فلما سمع الوزير كلام الأحدب قال له :


ما تقول فإني أبو العروسة وما أنا عفريت، فقال :


ليس عمري في يدك ولا تقدر أن تأخذ روحي فرح حال سبيلك


قبل أن يأتيك الذي فعل بي هذه الفعال فأنتم لا تزوجوني إلا بمعشوقة العفاريت


العفاريت فلعن الله من أراد تزويجي بها ولعن من كان السبب في ذلك،


فقال له الوزير : قم واخرج من هذا المكان ، فقال له :


هل أنا مجنون حتى أروح معك بغير إذن العفريت


فإنه قال لي إذا طلعت الشمس فاخرج وروح إلى حال سبيلك


فهل طلعت الشمس أو لا فإني لا اقدر أن أطلع من موضعي إلا إن طلعت الشمس.


فعند ذلك قال له الوزير :


من أتى بك إلى هذا المكان فقال إني جئت البارحة إلى هنا لأقضي حاجتي


فإذا بفأر بعفريت طلع من وسط الماء وصاح بي وقال لي كلاماً دخل في أذني


فخلني وراح لعند العروسة .


فتقدم إليه الوزير وأخرجه من المرحاض فخرج وهو يجري


وما صدق أن الشمس طلعت وطلع إلى السلطان وأخبره بما اتفق له مع العفريت .


وأما الوزير أبو العروسة فإنه دخل البيت وهو حائر العقل في أمر بنته، فقال:


يا ابنتي اكشفي لي عن خبرك ، فقالت :


إن الشاب الحسن الذي كنت أتجلى عليه تزوج بي وبات عندي البارحة وعلقت منه


وإن كنت لم تصدقني فهذه عمامته بلفتها على الكرسي ولباسه تحت الفراش


وفيه شيء ملفوف لم أعرف ما هو.


فلما سمع والدها هذا الكلام دخل المخدع فوجد عمامة حسن بدر الدين ابن أخيه،


ففي الحال أخذها في يده وقلبها وقال هذه عمامة وزراء إلا أنها موصلية،


ثم نظر إلى الحرز مخيط في طربوشه فأخذه وفتقه


وأخذ ملابسه فوجد الكيس الذي فيه ألف دينار ففتحه فوجد فيه ورقة فقرأها


فوجد مبايعة اليهودي واسم حسن بدر الدين بن نور الدين البصري


ووجد الألف دينار فلما قرأ شمس الدين الورقة صرخ صرخة وخر مغشياً عليه .


فلما أفاق وعلم مضمون القصة تعجب وقال :


لا إله إلا الله القادر على كل شيء وقال: يا بنت هل تعرفين من الذي تزوجكِ؟


قالت : لا ، قال : إنه ابن أخي وهو ابن عمك وهذه الألف دينار مهرك


فسبحان الله فليت شعري كيف اتفقت هذه القضية،


ثم فتح الحرز المخيط فوجد فيه ورقة مكتوباً عليه بخط أخيه


نور الدين المصري أبي حسن بدر الدين فلما نظر خط أخيه أنشد هذين البيتين


أرى آثارهم فأذوب شـوقاً*****وأسكب في مواطنهم دموعي

وأسأل من بفرقتهم رماني*****يَمُنُّ علي يوماً بالرجوع



فلما فرغ من الشعر قرأ الحرز فوجد فيه تاريخ زواجه من بنت وزير البصرة


وتاريخ دخوله بها وتاريخ عمره إلى حين وفاته وتاريخ ولادة ولده حسن بدر الدين


فتعجب واهتز من الطرب وقابل ما جرى لأخيه على ما جرى له فوجده سواء بسواء


وزواجه وزواج الآخر موافقين تاريخياً ودخولهما بزوجتيهما متوافقاً


وولادة حسن بدر الدين ابن أخيه وولادة ابنته ست الحسن متوافقين


فأخذ الورقتين وطلع بهما إلى السلطان وأعلمه بما جرى من أول الأمر إلى آخره ،


فتعجب الملك وأمر أن يؤرخ هذا الأمر في الحال.

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

يتبع

أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:30 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. موقع و منتديات سدير 1432 هـ - 1435 هـ

جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه