رسائل جوال سيرة المصطفى

[بين السطور]

ما أن سمع كعب كلام النبي صلى الله عليه وسلم القاضي بقبوله إن جاء تائبا مسلما حتى قال يا رسول الله أنا كعب بن زهير فوثب عليه رجل من الأنصار يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في قتله فقال له النبي عليه الصلاة والسلام دعه فإنه أتى تائبا.

في ذلك المقام وقف كعب بن زهير رضي الله عنه فقال قصيدته المشهورة في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم التي مطلعها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم إثرها لم يفد مكبول
ثم مدح الأنصار بعد ذلك رضي الله عنهم أجمعين .

[بين السطور]

في صفر سنة 9هـ جاء وفد من قبيلة عذرة وكانوا اثنا عشر رجلا فيهم حمزة بن النعمان فقال متكلمهم نحن بنو عذرة أخو قصي لأمه نحن الذين عضدوا –ناصروا وأعانوا-قصيا وأزاحوا من بطن مكة خزاعة وبني بكر لنا قرابات وأرحام فرحب بهم النبي صلى الله عليه وسلم ونهاهم عن سؤال الكاهنة.

جاء وفد بلي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول سنة 9هـ فأسلموا وأقاموا بالمدينة ثلاثا وقد سأل رئيسهم الضبيب عن الضيافة هل فيها أجر فقال عليه الصلاة والسلام كل معروف تصنعه إلى غني أو فقير فهو صدقة وسأل عن ضالة الغنم فقال إما لك أو لأخيك أو للذئب وسأل عن ضالة البعير فقال: مالك وله؟ دعه حتى يجد صاحبه.

[بين السطور]

في رمضان سنة 9هـ جاء وفد ثقيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن رجع من تبوك وقصة إسلامهم أن عروة بن مسعود الثقفي أسلم وجاءهم يدعوهم إلى الإسلام وكان مطاعا فيهم محبوبا عندهم ولكنه لما دعاهم إلى الإسلام قتلوه بالنبل.

بعد أن قتلت ثقيف عروة بن مسعود الثقفي رضي الله عنه اجتمعوا فرأوا أنه لا طاقة لهم بالعرب الذين دخلوا في دين الله أفواجا فأجمعوا أن يرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقال له جلا وكلموا زعيمهم عبد ياليل بن عمرو بما هموا به .

[بين السطور]

رفض ( جلا ) أن يذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خوفا من أن يفعلوا به إذا رجع ما فعلوه بعروة بن مسعود الثقفي فيقتلوه بالنبل واشترط عليهم أن يرسلوا معه رجالا فأرسلوا معه ستة فيهم عثمان بن أبي العاص الثقفي وكان أحدثهم سنا.

لما قدم وفد ثقيف ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لهم خيمة في طرف المسجد ليسمعوا القرآن ويروا الصلاة عساهم يهتدوا للحق فمكثوا أياما يدعوهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فلم يسلموا وطلبوا أن يسمح لهم النبي صلى الله عليه وسلم في صلح بينهم وبينه بالزنا والخمر وأكل الربا ويترك لهم اللات صنمهم .

[بين السطور]

لم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم من الثقفيين ما طلبوا فأذعنوا للإسلام بشرط ألا يهدموا اللات بأيديهم بل يتولى النبي صلى الله عليه وسلم هدمها فقبل منهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وكتب لهم كتابا وأمر عليهم عثمان بن أبي العاص الثقفي .

كان عثمان بن أبي العاص أحرص وفد ثقيف على العلم والتفقه في الدين وتعلم القرآن وقد كان قومه يتركونه في رحالهم يحرسها لأنه أصغرهم فبعد رجعهم كان يأتي فيسأل النبي صلى الله عليه وسلم في الإسلام ويقرأ القرآن فإن لم يجد النبي صلى الله عليه وسلم كان يذهب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

[بين السطور]

كان عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه من أعظم الناس بركة على قومه فإنه بعد أن انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى أرتد المرتدون فقام عثمان رضي الله عنه فقال لقومه: يا معشر ثقيف كنتم آخر الناس إسلاما فلا تكونوا أول الناس ردة.

بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالدا رضي الله عنه ليهدم اللات ومعه رجال منهم المغيرة بن شعبة رضي الله عنه فقال المغيرة لأصحابه لأضحكنكم اليوم من ثقيف فضرب الصنم ثم سقط فصاح الثقفيون قتلت الربة المغيرة فقام المغيرة يضحك وقال قبحكم الله إنها لكاع حجر ومدر ثم ضرب الباب فكسره .

[بين السطور]

عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمع خصومة بباب حجرته فخرج إليهم فقال: إنما أنا بشر وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي له بذلك فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو ليتركها.

هدم الصحابة اللات وسووها بالأرض حتى حفروا أساسها وأخرجوا حليها ولباسها فبهتت ثقيف ورجع خالد مع رجاله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحلي اللات ولباسها فقسمه النبي صلى الله عليه وسلم في يومه وحمد الله على نصره وتأييده.

[بين السطور]

بعث علي رضي الله عنه بكتاب يبشر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام همدان فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب فرح فرحا شديد وخر ساجدا شكرا لله تعالى على إسلامهم وقال السلام على همدان السلام على همدان.

قدم وفد من فزارة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام التاسع من الهجرة بعد رجوعه من تبوك وكانوا بضعة عشر رجلا جاءوا مسلمين وشكوا جدب بلادهم فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر ورفع يديه فاستسقى وقال اللهم أسق بلدك وبهيمتك وانشر رحمتك .

[بين السطور]

كانت وفادة أهل نجران في العالم التاسع من الهجرة وكان قوام الوفد ستون رجلا منهم أربعة وعشرون من الأشراف فيهم ثلاثة كانت إليهم الزعامة وهم العاقب والسيد وعلقمة فلما نزلوا المدينة دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فامتنعوا.

دار حوار بين النبي صلى الله عليه وسلم ووفد نجران فإنهم سألوه عن قوله في عيسى عليه السلام فمكث عليه الصلاة والسلام يومه ذاك حتى نزل عليه قول الله تعالى: (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون)، فمكثوا يومهم ذاك لا يردون عليه ثم أبوا أن يقروا بما قال في عيسى.

[بين السطور]

لما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى المباهلة وأتى يحمل الحسن والحسين وفاطمة خلفه فتشاوروا فيما بينهم ثم اجمعوا على ألا يباهلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجعوا بعد أن أقروا بالجزية وسمح لهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن يمارسوا شعائر دينهم .

بعث النبي صلى الله عليه وسلم مع وفد نجران أبو عبيدة رضي الله عنه ليقبض مال الصلح الذي كان ألفا حلة ومع كل حلة أوقية وذلك كل عام ثم انتشر فيهم الإسلام وذكر بعض أهل السير أن العاقب والسيد أسلما بعد رجوعهما فبعث لهما علي رضي الله عنه ليأخذ الصدقة .

[بين السطور]

جاء وفد بني حنيفة في السنة التاسعة للهجرة وكانوا سبعة عشر رجلا فيهم مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب بن الحارث المشهور ( بمسيلمة الكذاب) فنزلوا في في بيت من بيوت الأنصار والظاهر أن مسيلمة أظهر التكبر والطموح إلى الإمارة ولم يبايع مع قومه .

رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام أنه أتي بخزائن الأرض فوقع في يديه سواران من ذهب فكبرا عليه وأهماه فأوحي إليه : أن أنفخهما فلما نفخهما لم يجد لهما أثرا ففسر هذه الرؤيا بأن كاذبين يخرجان بعده يدعيان النبوة.

[بين السطور]

كان مسيلمة يقول إن جعل لي محمد الأمر بعده تبعته فجاء ومع النبي صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس وبيد مسيلمة جريدة من النخل فقال: إن شئت خلينا بينك وبين الأمر ثم تجعله من بعدك لنا فقال له عليه الصلاة والسلام : والله لن أعطيك هذه القطعة ولئن أدبرت ليعقرنك الله وما أراك إلا الذي أريت فيه ما رأيت وهذا ثابت يجيبك عني ثم انصرف .

لما رجع مسيلمة إلى اليمامة إدعى النبوة أنه أشرك في الأمر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحل لقومه الزنا والخمور فاتبعوه وعظم أمره فيهم حتى سمي ( رحمان اليمامة) وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه سلم يقول له: إني أشركت في الأمر معك فرد عليه النبي النبي صلى الله عليه وسلم (إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين) .

[بين السطور]

كان ادعاء مسيلمة النبوة سنة عشر من الهجرة ثم قتل في حرب اليمامة في عهد أبي بكر رضي الله عنه في ربيع الأول سنة 12هـ قتله ( الوحشي ) قاتل حمزة رضي الله عنه، والمتنبي الثاني هو: أبو الأسود العنسي وقتله ( فيروز ) واحتز رأسه قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بيوم وليلة فجاء الوحي يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك .

جاء وفد من بني عامر بن صعصعة وكان فيهم أربد بن قيس وخالد بن جعفر وجبار بن أسلم وكانوا رؤساء قومهم وشياطينهم وجاء أيضاً معهم عامر بن الطفيل الذي غدر بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في بئر معونة واتفق عامر وأربد على الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل عامر يكلم النبي صلى الله عليه وأربد يطوف به واستل سيفه شبرا ولكنه عجز عن سله.

[بين السطور]

قال عامر بن الطفيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أخيرك بين ثلاث خصال أن يكون لك أهل السهل ولي أهل المدر أو أن أكون الخليفة بعدك أو أغزك بغطفان بألف أشقر وألف شقراء فلما رحل نزل في بيت إمرأة سلولية وأصابته غدة في عنقه فمات وكان يقول في آخر لحظاته غدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية .

من الوفود التي قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد وفد ( تجيب ) وقد حملوا معهم صدقاتهم مما زاد على حاجة فقرائهم وكان الوفد ثلاثة عشر رجلا وكانوا يسألون عن القرآن والسنن ليتعلموها وسألوا عن شيئ فكتب لهم النبي صلى الله عليه وسلم بها ثم رجعوا.

[بين السطور]

كان لوفد ( تجيب ) غلام يخلفونه في رحالهم فبعثوه إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: يا رسول الله والله ما أعملني من بلادي –ما أخرجني من بلادي- إلا أن تسأل الله أن يغفر لي ويرحمني وأن يجعل غناي في قلبي فدعا له بذلك فكان من أقنع الناس وكان ممن ثبت في فتنة الردة وثبت الله به قومه.

ذكر أهل السير من الوفود التي قدمت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد أهل اليمن ووفد الأزد ووفد بني سعد من هذيم من قضاعة وبني عامر بن قيس وبني أسد وبهراء وخولان وحارب الحارث بن كعب وغامد وبني المنتفق وسلامان وبني عبس ومزينة ومراد وزبيد وكندة وذي مرة وغسان وبني عيش وغيرهم , وصدق الله " ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً "