العودة   منتديات سدير > ¨° المنتدى الترفيهي °¨ > ¨° التراث والسياحة °¨

¨° التراث والسياحة °¨ نوادر- أدوات قديمة - قصص وقصائد من التراث - تبادل الخبرات و التجارب في مواقع وأزمنه و وسائل و طرق الرحلات البرية و الصيد ، والسفر والسياحة .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-02-2011, 02:49 PM   #61
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي





هذه قصة من قصص الشعراء العرب الذين قضوا نحبهم عشقاً
وما أغرب قصة صاحبنا هذه المرة وما أمتعها..


فأما هو:

فهو الشاعر بشر من بنى عبدالعزى..



وأما هي


فهي هند، فتاة من قومه بالغة الحسن والجمال وأما حالتهاالإجتماعية فمتزوجة من رجل يقال له سعد بن سعيد،
وأما حالتها العاطفية فعاشقة حتى الثمالة لبشر..



نظرت إليه مرة يوم كان يجتاز منزلها، فلم تعد تملك إلاّ أن تنظر إليه دوماً، حتى أدمنت المكوث كل غداة على دربه تنتظر إجتيازه.
فإذا ما مر إضطرب كل شيء فيها إلا النظرة الثابتة إلى وجهه إلى أن تطويه المسافة بعيداً عنها،
دون أن يكلف نفسه عناء رمي نظرة أو إلقاء تحية أو القيام بأي حركة تحسسها بشغل حيز في حياته..
فتناجي نفسها وتقول:



أهواكَ يابشرُ دون الناس كلهم=وغيركَ يهواني فيمنَعُهُ صدّي


تمرُّ ببابي لست تعرفُ ماالذي=أكابدُ من شوقي إليكَ ومن بُعدي


فياليتني أرضٌ وأنتَ أمامها=تدوسُ بنعليك الكرامِ على خدّي


ويا ليتني نعلاً أقيكَ من الحَفَا=ويا ليتني ثوباً أقيكَ من البَرْدِ


تباتُ خليَّ البالِ من ألمِ الجَوَى=وقلبي كواهُ الحبُّ من شدّةِالوجدِ


وإنك إن قصَّرت عني ولم تزر=فلابُدَّ بعدَ الصدِّ أدفن في لحدي



ولما تجاوز الحب حدّه، دمّر حدوده وتحول إلى شعر يدوَّن ورسالة توجه إليه فكتبت ما يعتمر في داخلها،
ثم أخذت الجارية الكتاب وسارت به إلى بشر ولماوصلت إليه سلمت عليه فرد عليها السلام وسألها عن حاجتها.


فقالت الجارية : " إني جارية السيدة هند وقد أرسلتني إليك بكتاب هذا هو"
فأخذه وقرأه وفهم معناه ثم إلتفت نحو الجارية وسألها: "هل سيدتك عذراء أم ذات بعل".


فقالت الجارية: "بل متزوجة وزوجها موجود في المدينة".


فرد بشر القول بالقول وواجه حبّها بالواجب المفروض عليها تجاه زوجها ودعاها إلى الإعتصام بكلام الله وقال :


عليكِ بتقوى الله والصَّبر إنّه=نهى عن فجور بالنساءِ مُوَحّدُ


وصبراً لأمرِ الله لاتقربي الذي=نهَى اللهُ عنه والنبيّ محمدُ


فلا تطمعي في أن أزوركِ طائعاً=وأنت لغيري بالخناءِ معوّد


وأخذت الجارية الكتاب وسلمته إلى سيدتها التي عزّت عليها نفسها كثيراً فبكت بكاء مراً وكتبت إليه تقول :

أما تخش يا بشر الإله فإنني لفي=حسرةٍ من لوعتي وتسهدي


فإن زرتني يا بشر أحييتَ مهجتي=وربي غفورٌ بالعطا باسطُ اليد


ومرة أخرى عادت إليه الجارية برقعة من سيدتها وصعب على بشر ما هي فيه فكتب لها هذه الأبيات :


أيا هند هذا لا يليقُ بمسلمٍ=ومسلمةٌ في عصَمة الزوج فابعدي


أما تعلمي أن السَفاح محرّمٌ=فحولي عن الفحشاءِ والعيبِ وارتدي


بهذا نهى دين النبيِّ محمدٍ=فتوبي إلى مولاكِ يا هندُ ترشدي



لكن الكلمات كلها لم تكن لتكفيها في وصف ماتكابده من حبه، وكل العادات والقوانين ما كانت لتثنيها.
ولكنه لم ييأس بل دأب على مراسلتها ليهديها فكتب :


إن الذي منع الزيارة فاعلمي=خوف الفسادعليك أن لا تعتدي


وأخافُ أن يهواكِ قلبي في الهوى=فأكون قد خالفتُ دينَ محمدِ



فلما وصلها هذا الكتاب انكمدت نفسها ومرضت فكتبت إليه تقول :


أيا بشر ما أقسى فؤادَك في الهوى=ما هكذا الحبُ في مذهبِ الإسلامِ


إني بُليت وقد تجافاني الصفا=فارحم خضوعي ثم زد بسلامِ


ضاقت قراطيسُ التراسل بيننا=جفّ المدادُ وحفيت الأقلام



فلما وقف بشر على هذه الأبيات أجابها بقوله :


لا والذي رفعَ السماءَ بأمره=ودحى بساط الأرض باستحكامِ


وهو الذي بعثَ النبي محمداً=بشريعة الإيمان والإسلامِ


لم أعصِ ربي في هواك وإنني=لمطهر من سائر الآثامِ



وحلف أن لا يمر بباب هند ولايقرأ لها كتاباً، فلما إمتنع كتبت له :


سألت ربي فقد أصبحتَ لي شجنا=أن تُبتلى بهوى من لا يُباليكا


حتى تذوقَ الذي ذقتُ من نَصَبٍ=وتطلب الوصل ممن لايواتيكا


وتشتكي محنة في الحب نازلة=وتطلب الماء ممن ليس يسقيكَ


بلاك ربي بأمراض مسلسلةٍ=وبامتناع طبيب لا يداويكَ


ولا سروراً ولا يوماً ترى فرحا=وكل ضرٍ من الرحمن يبليكَ



فلما بشر ترك الممر ببابها أرسلت إليه بوصيفة لها فأنشدته هذه الأبيات

فقال للوصيفة :


" لأمر ما لا أمر".

فلماجاءت الوصيفة أخبرتها بقول بشر فكتبت وهي تقول:



كفّر يمينك أن الذنبَ مغفورُ=وأعلم بأنك أن كفّرت مأجورُ


لا تطردنّ رسولي وارثينّ له=إنالرسولَ قليلُ الذنبِ مأمورُ


واعلم بأني أبيتُ الليلَ ساهرةً=ودمع عيني على خديَّ محدورُ


أدعوه باسمِكَ في كربٍ وفي تعبٍ=وانت لاهٍ قريرُ العين مسرورُ



وأما هندٌ فكيف تعيش إن حجب عنها؟؟


وأما بشر فقد خاف على نفسه من الفضيحة فارتحل إلى بطحاء تراب ليلاً.

ووقفت جارية هند على أمره فأعلمت سيدتها، فاشتد عليها ذلك ومرضت مرضاً شديداً فبعث زوجها إلى الأطباء فقالت له :


"لا تبعث إليّ طبيباً فإني عرفت دائي، قهرني جني في مغتسلي فقال لي :
تحولي عن هذه الدار فليس لك في جوارنا خير"


فأجابها الزوج: ما أهون هذا" فقالت: "إني رأيت في منامي أن أسكن بطحاء تراب" فقال: "اسكني بنا حيث شئت"


فاتخذت هناك داراً على طريق بشر وجعلت تمضي الأيام في النظر إليه كل غداة إذا غدا حتى برئت من مرضها وعادت إلى حسنها،
فقال لها زوجها: "إني لأرجو أن يكون لك عندالله خير لما رأيت في منامك أن أسكني بطحاء تراب فاكثري من الدعاء".


وكانت مع هند في الدار عجوز فأفشت إليها أمرها وشكت إليها ما أبتليت به وأخبرتها أنها خائفةأن يعلم بشر بمكانها
فيترك الممر ويأخذ طريقاً آخر

فقالت لها العجوز:
" لا تخافي فإني أعلم لك أمر الفتى كله وإن شئت أقعدتك معه ولا يشعر بمكانك"

فقالت "ليت ذاك قد كان". ولما همّت العجوز بالإنصراف قالت لها هند:



ساعديني واكشفي عني الكروب=ثم نوحي عند نوحي ياجنوبْ


واندبي حظي ونوحي علناً=إن حاليَ بَعْده شيءٌ غريبْ


ما رأت مثلي زليخا يوسفٍ=لا ولا يعقوب بالحزنِ العجيبْ



فقعدت العجوز على باب الدار حتى أقبل بشر فسألته أن يكتب لها رسالة إلى إبنها في العراق فقعد وراحت تملي عليه وهند تسمع كلامهما.

فلما فرغ قالت العجوز لبشر:
"يا فتى، إني أراك مسحوراً " فقال لها : "ما أعلمك بذلك؟"
فأجابته: "ما قلت لك إلا وأنا متيقنة فانصرف عني اليوم حتى أنظر في أمرك" .


ثم دخلت إلى هند وبشّرتها قائلة:
إني أراه فتى حدثاً ولا عهد له بالنساء ومتى ما أتى وزيّنتك وطيّبتك وأدخلتك عليه غلبت شهوته وهواه دينه.


وفي مرة كانت قد إتفقت فيها مع هند، دعته لتنظر له نجمه فأدخلته إليها وأغلقت الباب عليهما
فلم يشعر إلاّ والباب أقفل ووقفت أمامه حسناء كأنها البدر وقد إرتمت عليه وأخذته إليها وهي تقول:


يا بشر واصلني وكنْ بي لطيفا=إني رأيتك بالكمالِ ظريفا


وانظرإلى جسمي وما قد حلّ بي=فتراه صار من الغرام نحيفا



فلما رأها راعه جمالها وعلم ببراعته أنها هند التي هجر مقره من أجلها فتباعد عنها متعطفاً وأنشد متلطفاً:



ليس المليحُ بكاملٍ في حسنهِ=حتى يكونُ عن الحرامِ عفيفَا


فإذا تجنب عن معاصي ربه=فهنالك يدعى عاشقا وظريفا




وجاء زوج هند في غير عادته في كل يوم فوجد مع إمرأته رجلاً في البيت فطلقها وطوقه وجره وذهب به إلى الحاكم



فبكى بشر أمام الحاكم وحلف بأنه ما كذب منذ أسلم وما كفر بالله منذ آمن به وقص على الحاكم قصته.
فبعث الحاكم إلى العجوز وهند فأقرتا بين يديه فقال: "الحمد لله الذي أبان الحق". فأدب العجوز وأعاد هند إلى منزلها





بعد هذه الحادثة هاج بشر بحب هند وإنتظر إنتهاء عدتها ليخطبها،
لكن هند رفضت أن تتزوجه بعد أن فضحها عند الحاكم،
فجاءها رسول من أهله يعلمها بأنه طريح الفراش وقد يموت إن هي لم ترض به فقالت:

"أماته الله فطالما أمرضني"

فكتب إليها يقول:


أرى القلب بعد الصبر أضحى مضيّعا=وأبقيت مالي في هواك مضيّعا


فلا تبخلي يا هندُ بالوصل وارحمي=أسير هوى بالحبِ صارَ مَضْيّعَا


فلما وصلتها الأبيات كتبت تحتها تقول:


أتطلب يا غدَّار وصلي بعدما=أسأت ووصلي منك أضحى مضيّعَا


ولما رجوتُ الوصلَ منك قطعته=وأسقيتني كأساً من الحزن مُتْرَعا


واخجلتني عند النبي محمد=فكادت عيوني أن تسيل وتطلعا



وزادت هذه الأبيات من لوعته وأضرمت نيران الحب في قلبه فكتب إليها:


سلام الله من بعد البعاد=على الشمس المنيرةِ في البلادِ


سلام الله يا هندُ عليك =ورحمته إلى يومِ التنادي

وحقِّ الله لا ينساك قلبي=إلى يوم القيامةِ يا مرادي


فرقّي وارحمي مضنى كَئيبا=فبشر صار ملقى في الوسادِ


فداوي سقمه بالقرب يوماً=فقلبي ذابَ من ألم البعادِ



لكن جرحها كان أكبر من أن تبلسمه الكلمات وفضيحتها كانت أوسع من أن تحصرها الزفرات فردت عليه تقول:




سلامُ الله من شمسِ البلاد=على الصبَّ الموسد في المهادِ


فإن ترجُ الوصال وتشتهيه=فأنت من الوصالِ على بعادِ


فلست بنائلٍ منّي وصالاً=ولا يدنو بياضك من سوادي


ولا تبلغ مرادك من وصالي=إلى يوم القيامةِ والتنادي




فلما وصل إليه الكتاب إمتنع عن الطعام والشراب حتى إشتدت علّته وكانت له أخت تواسيه فطلب منها أن تأتيه بهند.

فلما علمت هند بأنه على آخر رمق من الحياة سارت معها إليه فوجدته يقول:


إلهي إني قد بُليت من الهوى=وأصبحتُ ياذا العرش في أشغل الشغلِ


أكابد نفساً قد تولّى بها الهوى=وقد ملّ إخواني وقد ملّني أهلي


وقد أيقنتْ نفسي بأني هالكٌ=بهندٍ وأني قد وهبتُ لها قتلي


وأني وإن كانت إلي مُسيئة=يشقُّ عليَّ أن تعذّب من أجلي




فبكت هند وبكى معها كل من كان حاضراً وأنشدت:


أيا بشر حالك قد فنى جسدي=وألهب النار في جسمي وفي كبدي


وفاض دمعي على الخدين منسكبا=وخانني الدهر فيكم وانقضى رشدي


ما كان قصدي بهذا الحال أنظركم=لا والذي خلقَ الإنسانَ من كمدِ



فما سمع كلامها أوما إليها وأنشد:


أيا هند إذا مرّت عليك جنازتي=فنوحي بحزنٍ ثم في النوح رنّمي


وقولي إذا مرّت عليك جنازتي=وشيري بعينيك عليَّ وسلّمي


وقولي رعاكَ اللهُ يا ميَّتَ الهوى=وأسكنكَ الفردوسَ إن كنتَ مسلم


ثم شهق شهقة وفارقت روحه الدنيا فلما رأته إرتمت عليه وأنشدت :



أيا عينُ نوحي على بشر بتغرير=ألا ترويه من دمعي بتقديرِ


يا عينُ أبكي من بعد الدموعِ دما=لأنه كان في الطاعات محبورِ


لفقدِ بشرٍ بكيتُ اليومَ من كمدٍ=لا خير في عيشةٍ تأتي بتكديرِ


ألقاك ربك في الجناتِ في غُرَفٍ=تلقى النعيم بها بالخيرموفورِ



ثم ألقت بنفسها عليه وحركوها فإذا هي ميتة فغسلوهما ودفنوهما معا
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-02-2011, 02:54 PM   #62
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي





هذه قصة من قصص الشعراء العرب الذين قضوا نحبهم عشقاً
وما أغرب قصة صاحبنا هذه المرة وما أمتعها..


فأما هو:

فهو الشاعر بشر من بنى عبدالعزى..



وأما هي


فهي هند، فتاة من قومه بالغة الحسن والجمال وأما حالتهاالإجتماعية فمتزوجة من رجل يقال له سعد بن سعيد،
وأما حالتها العاطفية فعاشقة حتى الثمالة لبشر..



نظرت إليه مرة يوم كان يجتاز منزلها، فلم تعد تملك إلاّ أن تنظر إليه دوماً، حتى أدمنت المكوث كل غداة على دربه تنتظر إجتيازه.
فإذا ما مر إضطرب كل شيء فيها إلا النظرة الثابتة إلى وجهه إلى أن تطويه المسافة بعيداً عنها،
دون أن يكلف نفسه عناء رمي نظرة أو إلقاء تحية أو القيام بأي حركة تحسسها بشغل حيز في حياته..
فتناجي نفسها وتقول:



أهواكَ يابشرُ دون الناس كلهم=وغيركَ يهواني فيمنَعُهُ صدّي


تمرُّ ببابي لست تعرفُ ماالذي=أكابدُ من شوقي إليكَ ومن بُعدي


فياليتني أرضٌ وأنتَ أمامها=تدوسُ بنعليك الكرامِ على خدّي


ويا ليتني نعلاً أقيكَ من الحَفَا=ويا ليتني ثوباً أقيكَ من البَرْدِ


تباتُ خليَّ البالِ من ألمِ الجَوَى=وقلبي كواهُ الحبُّ من شدّةِالوجدِ


وإنك إن قصَّرت عني ولم تزر=فلابُدَّ بعدَ الصدِّ أدفن في لحدي



ولما تجاوز الحب حدّه، دمّر حدوده وتحول إلى شعر يدوَّن ورسالة توجه إليه فكتبت ما يعتمر في داخلها،
ثم أخذت الجارية الكتاب وسارت به إلى بشر ولماوصلت إليه سلمت عليه فرد عليها السلام وسألها عن حاجتها.


فقالت الجارية : " إني جارية السيدة هند وقد أرسلتني إليك بكتاب هذا هو"
فأخذه وقرأه وفهم معناه ثم إلتفت نحو الجارية وسألها: "هل سيدتك عذراء أم ذات بعل".


فقالت الجارية: "بل متزوجة وزوجها موجود في المدينة".


فرد بشر القول بالقول وواجه حبّها بالواجب المفروض عليها تجاه زوجها ودعاها إلى الإعتصام بكلام الله وقال :


عليكِ بتقوى الله والصَّبر إنّه=نهى عن فجور بالنساءِ مُوَحّدُ


وصبراً لأمرِ الله لاتقربي الذي=نهَى اللهُ عنه والنبيّ محمدُ


فلا تطمعي في أن أزوركِ طائعاً=وأنت لغيري بالخناءِ معوّد


وأخذت الجارية الكتاب وسلمته إلى سيدتها التي عزّت عليها نفسها كثيراً فبكت بكاء مراً وكتبت إليه تقول :

أما تخش يا بشر الإله فإنني لفي=حسرةٍ من لوعتي وتسهدي


فإن زرتني يا بشر أحييتَ مهجتي=وربي غفورٌ بالعطا باسطُ اليد


ومرة أخرى عادت إليه الجارية برقعة من سيدتها وصعب على بشر ما هي فيه فكتب لها هذه الأبيات :


أيا هند هذا لا يليقُ بمسلمٍ=ومسلمةٌ في عصَمة الزوج فابعدي


أما تعلمي أن السَفاح محرّمٌ=فحولي عن الفحشاءِ والعيبِ وارتدي


بهذا نهى دين النبيِّ محمدٍ=فتوبي إلى مولاكِ يا هندُ ترشدي



لكن الكلمات كلها لم تكن لتكفيها في وصف ماتكابده من حبه، وكل العادات والقوانين ما كانت لتثنيها.
ولكنه لم ييأس بل دأب على مراسلتها ليهديها فكتب :


إن الذي منع الزيارة فاعلمي=خوف الفسادعليك أن لا تعتدي


وأخافُ أن يهواكِ قلبي في الهوى=فأكون قد خالفتُ دينَ محمدِ



فلما وصلها هذا الكتاب انكمدت نفسها ومرضت فكتبت إليه تقول :


أيا بشر ما أقسى فؤادَك في الهوى=ما هكذا الحبُ في مذهبِ الإسلامِ


إني بُليت وقد تجافاني الصفا=فارحم خضوعي ثم زد بسلامِ


ضاقت قراطيسُ التراسل بيننا=جفّ المدادُ وحفيت الأقلام



فلما وقف بشر على هذه الأبيات أجابها بقوله :


لا والذي رفعَ السماءَ بأمره=ودحى بساط الأرض باستحكامِ


وهو الذي بعثَ النبي محمداً=بشريعة الإيمان والإسلامِ


لم أعصِ ربي في هواك وإنني=لمطهر من سائر الآثامِ



وحلف أن لا يمر بباب هند ولايقرأ لها كتاباً، فلما إمتنع كتبت له :


سألت ربي فقد أصبحتَ لي شجنا=أن تُبتلى بهوى من لا يُباليكا


حتى تذوقَ الذي ذقتُ من نَصَبٍ=وتطلب الوصل ممن لايواتيكا


وتشتكي محنة في الحب نازلة=وتطلب الماء ممن ليس يسقيكَ


بلاك ربي بأمراض مسلسلةٍ=وبامتناع طبيب لا يداويكَ


ولا سروراً ولا يوماً ترى فرحا=وكل ضرٍ من الرحمن يبليكَ



فلما بشر ترك الممر ببابها أرسلت إليه بوصيفة لها فأنشدته هذه الأبيات

فقال للوصيفة :


" لأمر ما لا أمر".

فلماجاءت الوصيفة أخبرتها بقول بشر فكتبت وهي تقول:



كفّر يمينك أن الذنبَ مغفورُ=وأعلم بأنك أن كفّرت مأجورُ


لا تطردنّ رسولي وارثينّ له=إنالرسولَ قليلُ الذنبِ مأمورُ


واعلم بأني أبيتُ الليلَ ساهرةً=ودمع عيني على خديَّ محدورُ


أدعوه باسمِكَ في كربٍ وفي تعبٍ=وانت لاهٍ قريرُ العين مسرورُ



وأما هندٌ فكيف تعيش إن حجب عنها؟؟


وأما بشر فقد خاف على نفسه من الفضيحة فارتحل إلى بطحاء تراب ليلاً.

ووقفت جارية هند على أمره فأعلمت سيدتها، فاشتد عليها ذلك ومرضت مرضاً شديداً فبعث زوجها إلى الأطباء فقالت له :


"لا تبعث إليّ طبيباً فإني عرفت دائي، قهرني جني في مغتسلي فقال لي :
تحولي عن هذه الدار فليس لك في جوارنا خير"


فأجابها الزوج: ما أهون هذا" فقالت: "إني رأيت في منامي أن أسكن بطحاء تراب" فقال: "اسكني بنا حيث شئت"


فاتخذت هناك داراً على طريق بشر وجعلت تمضي الأيام في النظر إليه كل غداة إذا غدا حتى برئت من مرضها وعادت إلى حسنها،
فقال لها زوجها: "إني لأرجو أن يكون لك عندالله خير لما رأيت في منامك أن أسكني بطحاء تراب فاكثري من الدعاء".


وكانت مع هند في الدار عجوز فأفشت إليها أمرها وشكت إليها ما أبتليت به وأخبرتها أنها خائفةأن يعلم بشر بمكانها
فيترك الممر ويأخذ طريقاً آخر

فقالت لها العجوز:
" لا تخافي فإني أعلم لك أمر الفتى كله وإن شئت أقعدتك معه ولا يشعر بمكانك"

فقالت "ليت ذاك قد كان". ولما همّت العجوز بالإنصراف قالت لها هند:



ساعديني واكشفي عني الكروب=ثم نوحي عند نوحي ياجنوبْ


واندبي حظي ونوحي علناً=إن حاليَ بَعْده شيءٌ غريبْ


ما رأت مثلي زليخا يوسفٍ=لا ولا يعقوب بالحزنِ العجيبْ



فقعدت العجوز على باب الدار حتى أقبل بشر فسألته أن يكتب لها رسالة إلى إبنها في العراق فقعد وراحت تملي عليه وهند تسمع كلامهما.

فلما فرغ قالت العجوز لبشر:
"يا فتى، إني أراك مسحوراً " فقال لها : "ما أعلمك بذلك؟"
فأجابته: "ما قلت لك إلا وأنا متيقنة فانصرف عني اليوم حتى أنظر في أمرك" .


ثم دخلت إلى هند وبشّرتها قائلة:
إني أراه فتى حدثاً ولا عهد له بالنساء ومتى ما أتى وزيّنتك وطيّبتك وأدخلتك عليه غلبت شهوته وهواه دينه.


وفي مرة كانت قد إتفقت فيها مع هند، دعته لتنظر له نجمه فأدخلته إليها وأغلقت الباب عليهما
فلم يشعر إلاّ والباب أقفل ووقفت أمامه حسناء كأنها البدر وقد إرتمت عليه وأخذته إليها وهي تقول:


يا بشر واصلني وكنْ بي لطيفا=إني رأيتك بالكمالِ ظريفا


وانظرإلى جسمي وما قد حلّ بي=فتراه صار من الغرام نحيفا



فلما رأها راعه جمالها وعلم ببراعته أنها هند التي هجر مقره من أجلها فتباعد عنها متعطفاً وأنشد متلطفاً:



ليس المليحُ بكاملٍ في حسنهِ=حتى يكونُ عن الحرامِ عفيفَا


فإذا تجنب عن معاصي ربه=فهنالك يدعى عاشقا وظريفا




وجاء زوج هند في غير عادته في كل يوم فوجد مع إمرأته رجلاً في البيت فطلقها وطوقه وجره وذهب به إلى الحاكم



فبكى بشر أمام الحاكم وحلف بأنه ما كذب منذ أسلم وما كفر بالله منذ آمن به وقص على الحاكم قصته.
فبعث الحاكم إلى العجوز وهند فأقرتا بين يديه فقال: "الحمد لله الذي أبان الحق". فأدب العجوز وأعاد هند إلى منزلها





بعد هذه الحادثة هاج بشر بحب هند وإنتظر إنتهاء عدتها ليخطبها،
لكن هند رفضت أن تتزوجه بعد أن فضحها عند الحاكم،
فجاءها رسول من أهله يعلمها بأنه طريح الفراش وقد يموت إن هي لم ترض به فقالت:

"أماته الله فطالما أمرضني"

فكتب إليها يقول:


أرى القلب بعد الصبر أضحى مضيّعا=وأبقيت مالي في هواك مضيّعا


فلا تبخلي يا هندُ بالوصل وارحمي=أسير هوى بالحبِ صارَ مَضْيّعَا


فلما وصلتها الأبيات كتبت تحتها تقول:


أتطلب يا غدَّار وصلي بعدما=أسأت ووصلي منك أضحى مضيّعَا


ولما رجوتُ الوصلَ منك قطعته=وأسقيتني كأساً من الحزن مُتْرَعا


واخجلتني عند النبي محمد=فكادت عيوني أن تسيل وتطلعا



وزادت هذه الأبيات من لوعته وأضرمت نيران الحب في قلبه فكتب إليها:


سلام الله من بعد البعاد=على الشمس المنيرةِ في البلادِ


سلام الله يا هندُ عليك =ورحمته إلى يومِ التنادي

وحقِّ الله لا ينساك قلبي=إلى يوم القيامةِ يا مرادي


فرقّي وارحمي مضنى كَئيبا=فبشر صار ملقى في الوسادِ


فداوي سقمه بالقرب يوماً=فقلبي ذابَ من ألم البعادِ



لكن جرحها كان أكبر من أن تبلسمه الكلمات وفضيحتها كانت أوسع من أن تحصرها الزفرات فردت عليه تقول:




سلامُ الله من شمسِ البلاد=على الصبَّ الموسد في المهادِ


فإن ترجُ الوصال وتشتهيه=فأنت من الوصالِ على بعادِ


فلست بنائلٍ منّي وصالاً=ولا يدنو بياضك من سوادي


ولا تبلغ مرادك من وصالي=إلى يوم القيامةِ والتنادي




فلما وصل إليه الكتاب إمتنع عن الطعام والشراب حتى إشتدت علّته وكانت له أخت تواسيه فطلب منها أن تأتيه بهند.

فلما علمت هند بأنه على آخر رمق من الحياة سارت معها إليه فوجدته يقول:


إلهي إني قد بُليت من الهوى=وأصبحتُ ياذا العرش في أشغل الشغلِ


أكابد نفساً قد تولّى بها الهوى=وقد ملّ إخواني وقد ملّني أهلي


وقد أيقنتْ نفسي بأني هالكٌ=بهندٍ وأني قد وهبتُ لها قتلي


وأني وإن كانت إلي مُسيئة=يشقُّ عليَّ أن تعذّب من أجلي




فبكت هند وبكى معها كل من كان حاضراً وأنشدت:


أيا بشر حالك قد فنى جسدي=وألهب النار في جسمي وفي كبدي


وفاض دمعي على الخدين منسكبا=وخانني الدهر فيكم وانقضى رشدي


ما كان قصدي بهذا الحال أنظركم=لا والذي خلقَ الإنسانَ من كمدِ



فما سمع كلامها أوما إليها وأنشد:


أيا هند إذا مرّت عليك جنازتي=فنوحي بحزنٍ ثم في النوح رنّمي


وقولي إذا مرّت عليك جنازتي=وشيري بعينيك عليَّ وسلّمي


وقولي رعاكَ اللهُ يا ميَّتَ الهوى=وأسكنكَ الفردوسَ إن كنتَ مسلم


ثم شهق شهقة وفارقت روحه الدنيا فلما رأته إرتمت عليه وأنشدت :



أيا عينُ نوحي على بشر بتغرير=ألا ترويه من دمعي بتقديرِ


يا عينُ أبكي من بعد الدموعِ دما=لأنه كان في الطاعات محبورِ


لفقدِ بشرٍ بكيتُ اليومَ من كمدٍ=لا خير في عيشةٍ تأتي بتكديرِ


ألقاك ربك في الجناتِ في غُرَفٍ=تلقى النعيم بها بالخيرموفورِ



ثم ألقت بنفسها عليه وحركوها فإذا هي ميتة فغسلوهما ودفنوهما معا
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-02-2011, 09:34 PM   #63
لا إله إلا الله
 
الصورة الرمزية حُلُمٌ مُبَعْثَرْ
 
تم شكره :  شكر 30608 فى 8159 موضوع
حُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

الله يعافيك
.
قصص رآئع ـه
.
تستح ـق التقييم
.
مشكؤر

التوقيع
أستغفر الله.
حُلُمٌ مُبَعْثَرْ غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-02-2011, 09:35 PM   #64
لا إله إلا الله
 
الصورة الرمزية حُلُمٌ مُبَعْثَرْ
 
تم شكره :  شكر 30608 فى 8159 موضوع
حُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

الله يعافيك
.
قصص رآئع ـه
.
تستح ـق التقييم
.
مشكؤر

التوقيع
أستغفر الله.
حُلُمٌ مُبَعْثَرْ غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-02-2011, 01:02 AM   #65
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وبشر الصابرين مشاهدة المشاركة  

الله يعافيك .
قصص رآئع ـة.
تستح ـق التقييم
.
مشكور

 

أشكر لك تشريفك أيتها الكريمة

وأشكر لك لطف إطرائك

أسعدك الرحمن

أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-02-2011, 11:20 PM   #66
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي



قدم علي بن الجهم على المتوكل

و كان بدويًّا جافياً - فأنشده قصيدة قال فيها :


أنت كالكلب في حفاظـك للـود ... و كالتيس في قراع الخطوب
أنت كالدلو لا عدمنـاك دلـواً ... من كبار الدلا كثيـر الذنـوب


فعرف المتوكل قوته ، و رقّة مقصده و خشونة لفظه ،
وذ لك لأنه وصف كما رأى و ‏لعدم المخالطة و ملازمة البادية .
فأمر له بدار حسنة على شاطئ دجلة فيها بستان يتخلله نسيم ‏لطيف و الجسر قريب منه ،
فأقام فيه ستة اشهر ثم استدعاه الخليفة لينشد ،



عيون المها بين الرصافـة والجسـر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري



خليلـي مـا أحلـى الهـوى وأمـره
أعرفنـي بالحلـو منـه وبالـمـرَّ !



كفى بالهوى شغلاً وبالشيـب زاجـراً
لو أن الهوى ممـا ينهنـه بالزجـر



بما بيننا مـن حرمـة هـل علمتمـا
أرق من الشكوى وأقسى من الهجر ؟


و أفضح من عيـن المحـب لسّـره
ولا سيما إن طلقـت دمعـة تجـري



وإن أنست للأشياء لا أنسـى قولهـا
جارتها : مـا أولـع الحـب بالحـر



فقالت لها الأخـرى : فمـا لصديقنـا
معنى وهل في قتله لك مـن عـذر ؟



صليه لعل الوصـل يحييـه وأعلمـي
بأن أسير الحب فـي أعظـم الأسـر



فقالـت أذود النـاس عنـه وقلـمـا
يطيـب الهـوى إلا لمنهتـك الستـر



و ايقنتـا أن قـد سمعـت فقالـتـا
من الطارق المصغي إلينا وما نـدري



فقلت فتـى إن شئتمـا كتـم الهـوى
وإلا فـخـلاع الأعـنـة والـغـدر




فقال المتوكل : أوقفوه ، فأنا أخشى أن يذوب رقة و لطافة !
===========

وأنا أقول سبحان الله كيف تحول هذا الأعرابي الجلف الخشن
ليقول مثل هذه القصيدة الرآئعة بعدما عاش فترة على نهر دجلة
مما يؤكد لي أن الشخص يتأثر جدا بمحيطه
وهذه القصة لشاعرنا أكبر دليل
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 26-02-2011, 06:13 PM   #67
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

القاضي والقهوة






رهان مع الشاعر الشهير محمد القاضي حول قصيدة

جرت أحداث هذة القصة المختارة قديما قبل لا يقل عن المائتي عام في منطقة عنيزة قلب القصيم ..

وهي منطقة زراعية أشتهرت بزراعة النخيل ( السكري وهو أحد أجود أنواع الرطب والتمور ، وكذلك بعض الخضروات البسيطة والقمح)،

سميت قديما بلقب " باريس نجد " يسكنها مجموعة من الأسر العريقة الكريمة أمثال أسرة القاضي وغيرهم من الكرام أهل عنيزة والقصيم وشبة الجزيرة العربية والعرب جميعا ..




كان بطل هذة القصة .. الشاعر محمد بن عبدالله القاضي وهو شاعر ويمتهن مهنة القضاء
رجل خلوق أديب .. يتسم بالوقار ..إذا حضر في محلٍ ما كان قطب ذلك المجلس لما تحمل طيات أحاديثه المشوقة من أدب وشعر وطرافة وعفة غزل ..

كان شاعرا فحلا لا يشق له غبار سليل أسرة أشتهرت بشيئين : مهنة القضاء والشعر..

حدث أن شاعرنا والذي إعتاد إرتياد أحد المجالس ( الديوانيات ) أن قال له صاحب المجلس :
إنك يا القاضي لا تستطيع الإتيان بقصيدة دون أن تعرج على ذكر الغزل فيها ..

وتحدى صاحب المجلس القاضي بأن يأتي على قصيدة لا تقل عن عشرين بيتاً دون أن يأتي فيها على بيت واحد من الغزل ..

لمعرفته بطبع القاضي الرقيق وحبه لذكر الغزل العفيف ووصف المحبوب بما يليق من الأوصاف الراقية لفظا ومعنى ..
وكان الرهان بينهما أن يولم الخاسر في الرهان لرواد المجلس وإتفقا على يوم معين يأتي فيه القاضي ليلقي قصيدته .. فكان ذلك اليوم

أتى الشاعر محمد بن عبدالله القاضي وقد أعد واحدة من أجمل القصائد التي وصفت القهوة



وظلت إلى يومنا الحاضر مرجعا في الشعر النبطي لوصف القهوة وطريقة صنعها وما يضاف إليها من بهار للعناية بها قبل تقديمها للضيوف وقد إهتم العرب في الجزيرة العربية على وجه الخصوص بالقهوة
حيث كانت مشروب الضيف وعنوان الكرم وإكرام الضيوف وتغنوا بها كثيرا وحددوا معاني للثلاثة الفناجين الأول كما سمعت فقالوا قديما

الفنجان الأول .. للضيف

والثاني....... للسيف


والثالث ........للكيف


فالأول حق إكرام الضيف يبادر فيه المضيف ..

والثاني يأمن به الضيف ويلقى بشربه الحماية من مضيفه

والثالث .. يكيف به مزاجه

عودة إلى حديثنا ..

قال القاضي في وصفه للقهوة وقد بدأ قصيدته بوصف حال نفسه وما توطنها من هموم:

يا مل قلب كلما إلتم بالأشــواق .. من عـام الأول به دواكيــك وخـفـوق

كنه مع الدلال يجلب بالأســواق .. وعايم عند إمعزل الوســط مـا سوق

يجاهد جنود في سواهيج الأطراق .. ويكشف له اسرار كتمها بصندوق

لا عن له تذكار الأحباب وإشتـاق .. باله وطاف بخـاطره طـــاري الشوق

* ثم راح يصف القهوة .. وكيفية صنعها تفصيلا وهو موضوع القصيدة والرهان ...

دنيت له من غـالي البن مـا لاق ... بالكـف نـاقـيـها عن العـذف منســوق

إحمس ثلاث يا نديمي على ساق ريحه على جمر الغضى يفضح السوق

وإيـــاك والنيـة وبالك والأحـــراق .. وإحـذر تصير بحمسة البـن مـطـفـوق

إلى إصفر لونه ثم بشت بالأعراق .. أصـفـر كما الياقـوت يطرب لها الموق

وعطت بريح فـاخـر فـاضـح فـاق .. ريحه كما العنبــر بالأنـفـاس منشـوق

دقه بنجر يسمعه كـل مشـتـاق .. راع الهــوى يطرب إلى دق بـخـفــوق

لـقِـم بدلـة مـولــع كـنــها ســاق ... مـصبـوبـة مـربـوبـة تـقل غـرنــــوق

خله تــفـوح وراعـي الكيـف يشتــاق إلى طـفـح له جوهــر صح له ذوق

أصـفـر قموره كالزمـرد بالأشعاق .. وكبــارها الطـافح كما صافي الموق

* بعد طبخ القهوة .. وإستوائها ودليل ذلك ريحتها الفواحة الطيبة التي تزكم الأنوف طيبا ..
يذكر القاضي البهارات التي تضاف للقهوة آنذاك
( والتي سبقها بقوله خمسة أرناق) أي خمسة أصناف وهو ما يدل على عناية العرب بالقهوة قديما :

زله على وضحى بها خمسة أرنــاق .. هيل ومسمار بالأسبـــاب مسحــوق

مع زعفران والشمطري إلى إنساق .. والعنبر الغــالي على الطاق مطبوق

* الآن جهزت القهوة .. وجاء وصف تقديمها .. يقول القاضي مسترسلا

فلـيـا اجـتـمـع هـذا وهـذا بتـيفــاق .. صبه كفيت العــــوق عن كــل مخلوق

بفنجان صين زاهي عند الأرمــــاق .. يغضي بكرسيه كما إغـضــاة غـرنـوق

إلى إنطلق من ثعبته تـقل شبراق .. أو دم قــلــب وإنـمــزع منـه مـعـلــوق

* أثناء قيام القاضي بسرد أبياته منذ البداية .... علم صاحب البيت بشاعرية القاضي وأنه خاسر لا محالة ..

وكان قد اتفق مع أهله أن يدبروا دعابة تلهي القاضي وتصرفه عن الشعر والمعنى الذي اعده .. لكي يعرج مضطرا على الغزل ..

لكن كيف يمكنه فعل ذلك ؟؟ لابد أن يرى فتاة وأي فتاة .. لابد أن يرى فتاة جميلة تصرفه عن القهوة وتشده طائعا للغزل ..

وقبل أن يصل القاضي للبيت الثامن عشر ..
دخل صاحب البيت وأشار لفتاة جميلة من أهل بيته ، فتاة بيضاء في زهرة الشباب إختلط بياض وجهها مع حمرته ..

وكانت ممتلئة الجسم بضة، قيدت الحجول ساقيها وضقن ذرعا بها وكذلك الذراعان فهن الأخريات حبيسات للأساور ينشدن الحرية ..

طلب من الفتاة أن تحمل وعاء من الفخار مملوء ماءاً وتدخله من باب المجلس الذي يفيء على فناء الدار .. وتدخل الوعاء عند الباب .. بمسافة كافية وتتركه وتنصرف ..

لمدة وجيزة كافية لكي يراها القاضي وينصرف عن الأبيات التي أعدها عن موضوع القصيدة والرهان.. وكان ذلك ...

فما أن رآها القاضي حتى تحول أتوماتيكيا للغزل فقال مكملا مرتجلا باقي القصيدة:


إلى حصل لك صـاحبك وأنت مشتاق .. إقـطـف زهر ما لاق والعمر ملحوق

عـبـث يـعـيل بحبه مــا بـعـد مــــاق .. وهـو يزاهي بــاهـــر البــدر بعشوق

بين إشفتيه إلى غـنـج حـق بـــراق .. عـجل رفيفه بالطــهــا يعطي طبوق

سـطـر كتب من حبـر عينيه بــأوراق .. خـديه صــاديـن ونـونـيـن من فــوق

كن العــرق بخدودها حمر الأرنــــاق ... ينثر على الوجنات باللون مـعشوق

إلى تبسم شــع وأشرق بالآفـــــاق ... نوره يفوق البـــدر سحــر ومنطوق

بالعـنــق كـن المســك والخــد براق .. شخص بصدره كما الشــاخ مدقوق

يمشي برفق خايف مدمج الســـاق .. يفصم حجول ضامها الثقل من فوق

فليــا حـضـر مـا قلت عندي بالأرزاق .. بيد كـــريــم كـــافلــــن كل مخلوق

صـــلاة ربي عـد مــا بــــارق حـــاق .. على النبي الهـاشمي خير مخلوق

وهكذا خسر القاضي بدعابة مدبرة من صاحب المجلس ..

إلا ن صاحب المجلس أخبر القاضي بتدبيره وأولم للحاضرين بالمجلس ..
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-03-2011, 07:40 PM   #68
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي



رشمة , فتاة على قدر عالي من الجمال من أهل الجوف أحبت دواس منصوب بن رشيد آنذاك
ويدعى (راعي الصفرا) الذي ولاه ابن رشيد إمارة الجوف
وكان هذا الرجل ذو سمعة طيبه مما جعل رشمه يتعلق قلبها به
وعلى أنه تقدم إلى خطبتها عدد من الرجال فلم توافق عليهم
فقالت لها والدتها:
لماذا لا توافقين على رجل من هؤلاء الذين تقدموا لك
وجميعهم رجال لا يعيبهم شيئا
أم أن قلبك متعلق بأحد آخر
فقالت:
أنا قلبي متعلق بدواس
فقالت الأم :
يابنيتي ومايدري دواس بك وبجمالك
قالت:
لا أدري.
قالت أمها :
أنا عندي لك خطه تلفت نظر دواس لك
غداً الصباح تجملي في أحسن مالديك وإذا خرج الشايب (راضي) من بيته يريد الذهاب إلى قصر دواس من هنا صبحي عليه بالخير
وتمهلي قليلاً كي ينظر لك وينقل ما رأه من جمالك
إلى دواس فحصل هذا بالفعل فعندما دخل راضي عند دواس وافشى
السلام وجلس على غير عادته والرجال يتبادلون الكلام و هو ساكت
فقال له دواس:
أنت ياراضي عندنا ولكن يبدوا فكرك وقلبك ليس كذلك
فقال قصيدة يشرح بها جميع ما رأه



قلبي غـدا وأنـا مـع السافهينـي ***** غـدا مالـه مــدور وعـسـاس


الله مـن شـيء نظرتـه بعينـي ***** بايسر خزام ودون قصر بـن دواس


لـولاه بنـت قـلـت ياخيويـنـي ***** ولا قول قواد المها بارض الاطعاس


قلبـي هبيـل مطلبـه كـل زينـي ***** شهوة بلا عقل جداراً بـلا سـاس


وتر المنى هو تجـرة المفلسينـي ***** سـراب قيـض والملازيـم يبـاس


ولو المنى حطـك بكـور الهجينـي ***** وقطع بك الديان من فوق عرمـاس


ونحاش عـن الكفـار والمسليـن ***** بسهيله غير الضبا مابـه أونـاس


واخذ من اشفات الغضـي حبتينـي ***** والثالثه مرصوعـة تقعـد الـراس


اللي شوانـي والعـرب سالمينـي ***** شوي اللهيب لحب صنعا بمحمـاس


اليا صرت مسكين ضعيف حزينـي ***** وقمتي تجريني بمدموج الامـراس


العين عيـن اللـي تقـود الفنينـي ***** اليا صار له مع تالي الفرق لساس


والراس ذيل اللي تكـف الكمينـي ***** يامن سلطان الجبل قـاد الأفـراس


وأنـا وردت وصدرهـم عاقبـنـي ***** من يمهم غزوي تبشـر بالإفـلاس


ودي بشوفـه مارهـي ماتبيـنـي ***** هي منوتي شوفت خياله مع الناس


بنـت القـروم وعزوتـه طيبينـي ***** ومجاذبه بالطيب من كل الأجنـاس


راحـو فـوات قيمـة الأربعيـنـي ***** وتسعين اللي صوبـت غيـر دواس


يابنت حطي لك شهـود وضمينـي ***** وجميع ماقلتي نحطه على الـراس


نجيـب لـك عقيـل وموثقيـنـي ***** وردي علي عقلي بما قالوا النـاس


تخلف ثقيـلات القلـوب الرصينـي ***** ومن شافها يقضي من العقل والباس


اليا شافها اللي تايب لـه سنينـي ***** يسفه وتنهج توبـه عيـن المـاس




وبعد أن أنهى راضي قصيدته
قال دواس:
حقاً ما تقوله بهذه الفتاة
قال راضي :
لم أقل ربع مافيها فذهب دواس وطلب يدها من أهلها وتزوجها .
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-03-2011, 02:33 PM   #69
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

ico12 رد: قـصـص من الـمـاضـي


قِصَّةُ ابنِ المبَارَكِ رحمه الله

رُوِيَ أن عَبدَ الله بنَ المبارَكِ كان يَغزُو عَامًا ويَحُجُّ عاما

ففي عام من أَعوَامِ حَجّهِ في سَفَرِهِ إلى الحج وجد في مَغَارةٍ امرأة تَلتقِط هِرَّةً وَتَذبَحُها للأكل، فذكَّرها بالآية
(إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله)(سورة البقرة/173)،

فأجابته بباقي الآية (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلآ إثم عليه إن الله غفور رحيم).

فلمَّا عَلِمَ بأنَّها مُضطرَّةٌ لِتُطعِمَ أولادها الجياع الذين عَضَّهُمُ الجوع بِنَابِه وشارفوا على الهَلاَكِ ولم يجدوا سوى الميتة
أعطاها ما كان معه من مال وطعام إلا ما يكفيه للرجوع إلى بلده ولم يحج تلك السنة،

فلما رجع الناس من الحج جاؤوا يهنئونه بالحج فقال لهم بأنه لم يَتَيَسَّر له هذه السنة

فقالوا له كيف هذا وقد اجتمعنا بك ورأيناك في عرفات وعند الكعبة وفي مِنى والمسعى...

فقال أهل العِلِم هذا ملكٌ أُرسِلَ بصُورَتِهِ فحَجَّ عنه.

الله أكبر
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-03-2011, 08:49 AM   #70
مراقبة سابقة
 
الصورة الرمزية حنين الذكرى
 
تم شكره :  شكر 38830 فى 6318 موضوع
حنين الذكرى نسبة التقييم للعضوحنين الذكرى نسبة التقييم للعضوحنين الذكرى نسبة التقييم للعضوحنين الذكرى نسبة التقييم للعضوحنين الذكرى نسبة التقييم للعضوحنين الذكرى نسبة التقييم للعضوحنين الذكرى نسبة التقييم للعضوحنين الذكرى نسبة التقييم للعضوحنين الذكرى نسبة التقييم للعضوحنين الذكرى نسبة التقييم للعضوحنين الذكرى نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بوركت جهودك أخي الفاضل
ونفع بك ووفقك الله لما فيه الخير
دمت بحفظ الرحمن
التوقيع

كُلَّمآ هَمَمْتُ بِبَوْحِ حُزْنِيْ
أَخْجَلْنِيْ قَوْلِهِ تَعَآلَى :(وَبَشِّرِ اْلْصَآبِرِيْنْ)

إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ
استودعتكم الله الذي لاتضيع ودائعه
حللوني وسامحوني
حنين الذكرى غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-03-2011, 05:23 PM   #71
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنين الذكرى مشاهدة المشاركة  

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بوركت جهودك أخي الفاضل
ونفع بك ووفقك الله لما فيه الخير
دمت بحفظ الرحمن

 
جزاك الله خير أيتها الفاضلة

أشكر لك تشريفك

دمت بخير
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16-03-2011, 03:37 PM   #72
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي


محاوره سعود بن كليب مع منصور الحجازي
شاعر الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله

هذه محاوره دارت احداثها مابين عام 1935 و1936 ميلادي في الرياض في ديوان الملك سعود بن عبدالعزيز ال سعود وسبب هذه المحاوره ان الشاعر سعود بن كليب قال قصيدة مدح في الملك سعود بن عبدالعزيز وكان الشاعر لا يتجاوز 19 من عمره ولقوة القصيدة وجودة معانيها شك الملك في ان تكون هذه القصيدة له وذلك لصغر سنه فساله هل تلعب المحاوره وذلك امتحان له فاجاب شاعرنا :نعم فامر الملك سعود بن عبدالعزيز شاعره منصور الحجازي وكان عمره 45 عاما تقريبا ودارت هذه المحاوره


قال منصور الحجازي :
ياسعود يالعازمي عرب جواب(ن) صحيح ....لاترهبك ترهقك ندير عقبانها
الليله الملعبه بهاالضعيف يطيح .... الخيل قرح وجيت اليوم ميدانها

قال سعود بن كليب :
يالله دخلناك عن شوفة إهدوم الذبيح .... لاوالله إلا حضر عفريت شيطانها
.................................................. .........................................

قال منصور :
اصبر اشويه ولزمنه يجيلك فحيح ...... من بين وجه الجموع وبين خيلانها

قال سعود :
والله ما جنبك لينك تقوم وتطيح ..... واكثر حرا الخيل ياطنك بحذيانها

قال منصور :
انت كما الجربه اللي بان فيها النظيح ..... وانا كما البركه اللي حدر ليوانها

قال سعود :
اليا كثرتها الوورود وكل من جا يميح ..... اليا ارهجتها الدلي تبين جيلانها

قال منصور :
الغرب ما بنسني من غير حبل وسريح ... ولا تنضبط بندقن من غير نيشانها

قال سعود :
ناطحك في حد سيفن عادين به مضيح ... الراس يقطعه والهامه وحنكانها

فقام الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله
بوقف المحاوره بعد ماقتنع بشاعرنا وجودة شعره وقام بضيافته وإكرامه والمحاوره اطول من ذلك .

أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-03-2011, 05:20 PM   #73
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

شعراء قتلهم شعرهم




شعر الهجاء والغزل والتشبيب بالنساء
قتل عدداً من شعراء الجاهلية والإسلام


• أبو الطيب المتنبي هجا امرأة؛ فقتله أخوها.
• بشار بن برد هجا المهدي؛ فأمر بضربه بالسوط حتى مات.
• قصيدة أبي نُخَيلة أضاعت ولاية العهد من عيسى بن موسى، وعقدتها للمهدي؛ فقُتل الشاعر بسببها!.
• وَضَّاح اليمن تَغَزَّل بقصائده في أم البنين، زوجة الوليد بن عبد الملك؛ فقتله.
• طَرَفَة بن العبد هجا عمرَو بن هند، ملك الحيرة؛ فأمر بقتله.
• • • •
الشعر صورة من صور البيان والبلاغة، وفن محبب الى النفوس، والشعر العربي سِجل حافل بأحوال العرب الاجتماعية والسياسية عبر العصور، وتصوير شامل لما كان عليه المجتمع في العهود السابقة، ولقد كان الشعر -في الماضي- الوسيلة الإعلامية الأولى التي تؤثِّر في الناس، وكان الحكام والسلاطين يستثمرون الشعراء في مدحهم وتحسين صورتهم، والدفاع عن مواقفهم وسياساتهم، وكانت تقام الأسواق والمنتديات التي يجتمع فيها الشعراء، ويتبارون في تقديم ما لديهم من قصائد وأشعار، مثل سوق عكاظ في الجاهلية، الذي بلغت شهرته الآفاق.

غير أن هناك من الشعراء من شذَّ عن الطريق، وأمعن في هجاء بعض الأفراد، سواء كانوا أشخاصاً عاديين، أو أمراء، أو سلاطين، وقام بمناصرة فرق وتيارات معادية لبعض الخلفاء وأصحاب النفوذ؛ حتى قاده شعره ولسانه الى الموت؛ فصار صريعاً لشعره، وقتله لسانه!!

وهذا الكتاب الذي صدر بالقاهرة للباحث سمير مصطفى فراج، تحت عنوان "شعراء قتلهم شعرهم" يلقي الضوء على عدد من هؤلاء الشعراء الذين سلكوا هذا السبيل الشائك، ولقوا حتفهم ضحية شعرهم.

والكتاب يقدم نماذج لفطاحل الشعراء في الجاهلية والإسلام؛ من أمثال المتنبي، وطرفة بن العبد، وبشار بن برد، ووضَّاح اليمن، وعبيد بن الأبرص، وكعب الأشقري.

ويتضح من سطور هذا الكتاب أن هناك عوامل مشتركة من أغراض الشعر ساهمت في مصرع هؤلاء الشعراء؛ أوَّلها الهجاء والمخاصمة، وثانيها الغزل والتشبيب بالنساء، وثالثها الفخر.

فالشعراء الذين قتلهم شعرهم: إما هجَّاءٌ أمعن في مخاصمة بعض الولاة أو الحكام أو الشعراء، وانطلق في النيل من شرفه والتشهير به وإظهار نقائصه، وإمَّا عاشق أمعن في التغزل بالنساء والتشبيب بهم؛ حتى جاء حتفه على يد ولي المرأة أو أخيها أو زوجها أو ابنها. وهذا ما سوف يتضح من عرضنا للنماذج التي شملها هذا الكتاب.

• الغزل ونهاية شاعرين:
وأول النماذج التي يقدمها الكتاب هو الشاعر "هُدْبة بن خَشْرَم"، من بني عامر، من بادية الحجاز، وكان شاعراً متقدماً فصيحاً، وراوية للحطيئة، وقد بدأ الشعر يرسم نهايته، هو وشاعر آخر من شعراء عصره، وهو "زياد بن زيد"، وهما من شعراء العهد الأموي، حيث كانا مع رَهْط من قومهم قاصدين الحج، وكان مع هدبة أخته فاطمة، فتغزل بها زياد قائلاً:
عُوجِي عَلَيْنَا وارْبَعِي يا فَاطِمَا ما دُونَ أنْ يرَى البْعيرُ قَائِماً
أَلا تَرَيْنَ الدَّمْعَ مِني ساجِمَا حِذارَ دارٍ مِنْكِ لَنْ تُلائِمَا
فَعَرَّجَتْ مُطَّرِداً عُراهِما فَعْماً يَبُذُّ القطفَ الرَّوَاسِما

وأطال زياد في قصيدته، فغضب هدبة، ورد عليه بأن تغزل في أخته، وكانت تسمى أم حازم، فقال:
لَقَد أُرَانَي وَالغُلامَ الحازِمَا نُزْجِي الْمطيَّ ضُمراً سَوَاهِما
متى تَظُنُّ القُلَّصُ الرَّوَاسِما والجّلة النَّاجِية الْعَياهِمَا
يَبْلُغْنَ أمَّ حَازِمٍ وَحَازِمَا إذَا هَبْطنَ مُستَحيراً قَاتِما

فسبه زياد، ورد عليه هدبة، وطال بينهما ذلك؛ حتى صاح بهما القوم، فسكتا، كل منهما على ما في نفسه، ولكن هدبة كان أشد حنَقاً على زياد، ورأى أنه قد غلبه وضامه، فقد تغزل في أخته فاطمة، وهي حاضرة سامعة، بينما تغزل هدبة في أم حازم، وهي غائبة لا تسمع غزله فيها.

ومن هذا اليوم صارت عداوة بين هدبة وزياد، ظهرت بوادرها في المعارضات الشعرية بينهما، ولم يشف هدبة ما قاله من الشعر، وتحيَّن الفرصةَ لقتل زياد حتى قتله، فأمسك سعيد بن العاص والي المدينة به، وأرسله إلى معاوية بن أبي سفيان، فأقر أمامه بقل زياد، وحبس بالمدينة ثلاث سنوات، حتى يبلغ "المِسْوَر" ولد زياد الحلم، ويخير بين أخذ الدية أو القصاص.

وبعد أن بلغ الغلام أراد سعيد بن العاص بذل محاولة أخيرة مع عبد الرحمن أخي زياد بأن يقبل دية أخيه ويعفو عن هدبة، ولكن عبد الرحمن أصر على قتله، وقال للوالي: إنه قال بيتاً من الشعر؛ لو لم يقله لقبلت الدية، أو صفحت بغير دية! والله، لو أردت شيئاً من ذلك؛ لمنعني قوله:
لَنَجْدَعَنَّ بأيدينا أنوفَكم ويذهَب القَتلُ فيما بينَنَا هَدْراً


فدفع الوالي بهدبه ليقتل، فبدت في عينه حسرة، وما ندم بشر على قول؛ كما ندم هدبة على قوله هذا البيت الذي قاده إلى الموت! والتفت هدبة الى قوم زياد وهو مقيد بالحديد قائلاً:
فإِن تَقْتُلُوني في الحَدِيدِ فإِنَّني قَتَلْتُ أَخاكُمْ مُطْلَقاً لم يُقيَّد

فقال عبد الرحمن: والله لا نقتله إلا مطلقاً من وثاقه، ثم قال:
قَدْ عَلِمَتْ نفسي وأنتَ تَعلَمُهْ لأَقْتُلَنَّ اليومَ مَنْ لا أَرْحَمُهْ

ودفع السيف الى "المسور بن زياد" فضرب هدبة ضربتين مات فيهما.

كعب الأشقري:
وينتقل المؤلف الى نموذج أخر من الشعراء الذين قتلهم شعرهم، وهو كعب الأشقري من قبيلة الأزد، وكان خطيباً وشاعراً، من أصحاب المهلب بن أبي صفرة، وقد مدحه، ومدح أبناءه، ورافقهم في حروبهم مع الأزارقة، وقد أوفده المهلب الى الحجاج مبشراً بانتصاره على الأزارقة، فأنشده من مدائحه فيهم قوله:
لولا المهلَّبُ ما زُرْنا بلادَهم ما دامتِ الأرضُ فيها الماءُ والشجرُ
وما من الناسِ من حيِّ علمْتُهُمُ إلاَّ يُرَى فيهمُ من سيبِكمْ أثرُ
فَما يجاوِزُ بابَ الجسرِ من أحدٍ! قد عضتِ الحربُ أهلَ الجسرِ فانجحروا!

فضحك الحجاج، وقال إنك لمنصف يا كعب، المهلب كان أعلم بك حيث بعثك.

واستمر ولاء كعب للمهلب وأبنائه من بعده، وكانوا لا يسمحون للشعراء بهجائه، ولما عزل يزيد بن المهلب عن خرسان ووليها قتيبة بن مسلم؛ مدحه كعب ونال من يزيد، وثلبه وهجاه، ولما بلغه أن يزيد قد وليها مرة أخرى؛ هرب الى عُمانَ، وأقام بها مدة، ثم كرهها، فكتب إلى يزيد بن المهلب معتذراً، ولكن يزيد لم يسامحه، ولم يصْفُ له، وداهنَه حتى رجع خرسان، وتخير له قاتلاً من قرابته؛ هو ابن أخيه الذي كانت بينهما عداوة وتباعد، وهجاه كعب بقوله:
إنَّ السَّوَادَ الذي سَرْبَلْتَ تعرِفُهُ ميراثُ جدِّكَ عن آبائِه النُّوبِ
أشبهتَ خالَكَ خالَ اللؤمِ مؤتسياً بهديه سالكاً في شرِّ أسلوبِ

وهكذا أغرى يزيد بن المهلب هذا الفتى بالمال؛ فقتل عمه الذي هجاه بلسانه.

عبيد بن الأبرص:
ويتعرض الكتاب لواحد من فحول الشعراء في الجاهلية، وهو عبيد بن الأبرص من بني أسد، وقد عاصر امرأ القيس، وكانت له جولة معه، بعد أن رفض امرؤ القيس ما عرضه بنو أسد؛ من دية لقتل أبيه أو تقديم شريف من أشرافهم مقيَّداً ليُقتل بدم حجر؛ فكتب عبيد قصيدة فخرا لقومه، وهجاء لقيس وقومه، ومما جاء فيها:
ياذاَ المُخَوَّفُنَا بقَتْـ ـلِ أَبيهِ إِذْلالاً وحَينَا
أَزَعَمْتَ أَنَّكَ قد قَتَلْـ ـتَ سَرَاتَنا كَذِباً ومَينَا؟
هَلاَّ على حُجْر بْنِ أُ مِّ قَطَامِ تَبْكى لا عَلَيْنَا!
إِنَّا إِذَا عضَّ الثّقا فُ بِرَأَسِ صَعْدَتنَا لَوَيْنَا
نَحْمِى حَقِيقَتَنَا وبَعْـ ـضُ القَوْمِ يَسقُطُ بَيْنَ بَيْنَا
هَلاَّ سَأَلْتَ جُمُوعَ كِنْـ ـدَةَ يَوْمَ وَلوْا أَيْنَ أَيْنَا!

ولكن امرؤ القيس كان مشغولاً بثأر أبيه، فلم يرد عليه.

وقد بدأت نهاية هذا الشاعر على يد الملك المنذر بن ماء السماء؛ فهذا الملك كان له يومان يوم بؤس ويوم نعمة؛ فإذا كان في يوم نعمة أتي بأول من يراه؛ فَحَباه، وكساه، وأعطاه من إبله مئة، ونادمه يومَه، وإذا كان في يوم بؤسه؛ أتى بأول من يراه، فيأمر به فيذبح.

وبينما هو جالس في يوم بؤسه؛ إذ أشرف عليه عبيد بن الأبرص، فقال لرجل كان معه: من هذا الشقي؟ فقال له: هذا عبيد بن الأبرص الأسدي الشاعر، فأتي به، فقال له الرجل الذي كان معه: اتركه فاني أظن أن عنده من حسن الشعر أفضل مما تدركه في قتله، فاسمع منه، فقبل الملك، وقال لعبيد: أنشدني:
أقفر من أهله ملحوب

لكن عبيداً لم يستطع أن يقوله، وعزَّت عليه نفسه، فرثاها بقوله:
أَقْفَرَ من أهلِهِ عبيدُ فليس يُبدي ولا يُعيدُ
عنتْ له خُطَّةٌ نَكُودُ وَحَانَ منها له وُرودُ

وأبى عبيد أن ينشدهم شيئاً مما أرادوا، فأمر به المنذر فقتله.

نهاية المتنبي:
ويصل المؤلف الى المتنبي الذي كان بعض شعره سبباً لمقتله، والمتنبي شاعر العربية الكبير الذي شغلت حياته وشعره حيزاً كبيراً من دراسات المتخصصين في الأدب العربي؛ حيث كان يكتب للنفس العربية، والإحساس العربي، والنبض العربي، الذي لا يرتبط بحدود أو فواصل تاريخية.

وكان المتنبي يستعلي على الشعراء، ويكثر من السخرية منهم ومن شعرهم، على نحو جعله هدفَهم جميعاً، وكان يكثر من الفخر بنفسه، فهو القائل:
سيعلمُ الجميعُ ممن ضَمَّ مجلسُنا بأنني خيرُ من تَسعى بِهِ قَدَمُ
أنا الذي نَظَرَ الأعمى إلى أدبي.. وأسمعتْ كلماتي مَن به صَمَمُ


وفي إحدى قصائده التي كتبها في صباه يقول:
إن أكن معجَباً فعُجْبُ عجيبٍ لم يجد فوق نفسهِ من مزيدِ
أنا تربُ الندى وربُّ القوافي وسمامُ العِدَى وغيظُ الحسودِ
أنا في أمةٍ تداركها اللـ ـهُ غريبٌ كصالحٍ في ثمودِ


ويقول:
أيُّ محلٍّ أرتقي أيُّ عظيمٍ أتقي؟
وكلُّ ما خلقَ اللَّـ ـهُ وما لم يخلقِ
محتقرٌ في همَّتي كشعرةٍ في مَفْرِقي

هكذا كان المتنبي في تقديره لذاته، يراها الأعلى دائماً، والأحق بالمجد والشرف، ولا يتنازل عن هذه الرؤية تحت أي ظروف كانت!.

• الهجاء القاتل:
والغريب أن المتنبي قتل بسبب الهجاء؛ على الرغم من أن الهجاء لا يمثل ركناً أساسياً في ديوانه؛ فعندما ترك المتنبي سيف الدولة أمير حلب الذي كتب الكثير من القصائد في مدحه ومناقبه؛ بعد أن وشي بينهما الواشون؛ اتجه إلى مصر لمدح واليها كافور الإخشيدي الذي كان عبداً أسود مثقوب الأذن، ولكن كافور خذله؛ فأطلق المتنبي فيه لسانه يهجوه وشعبَ مصر، فنجده في قصيده يبالغ في هجائه لكافور، ويصفه بكل صفات الرجل الدنيء؛ من الكذب، وإخلاف الوعد، والغدر، والخيانة، وخسة الأصل، والجبن؛ فيقول:
أُرِيكَ الرِّضَا لو أخْفَتِ النَّفْسُ خافيا وما أنا عن نفسي ولا عنك راضيا
أَمَيْناً؟ وإخلافاً؟ وغَدْراً؟ وخِسَّةً؟ وجُبْناً؟ أَشَخْصاً لُحْتَ لي أم مَخازيا؟
وإنك لا تدري: ألونُكَ أسودٌ من الجهلِ؟ أم قد صار أبيضَ صافيا؟!

ثم يقول وهو راحل عن مصر:
العَبدُ لَيسَ لُحرٍّ صَالِحٍ بأخٍ لَو أنَّهُ في ثِيابِ الحُرِّ مَولُودُ
لا تشترِ العبدَ إلاّ والعصا معه إنَّ العبيد لأنجاسٌ مناكيدُ!
ما كنت أحْسِبُني أحيا إلى زمنٍ يسيء بي فيه عبدٌ وهو محمودُ

ومع هذا الهجاء الشديد اللهجة لكافور؛ استطاع المتنبي الخروج من مصر دون أن يمسه سوء، وجاء مقتله بسبب قصيدة هجا بها رجلاً يسمى "ضبة بن زيد"، يتعرض فيها لحادثة مقتل أبي ضبة، وقد فر وترك أباه، وهو يستخف به فيقول فيها:
ما أنصفَ القومُ ضُبَّهْ وأمّه الطُّرطُبّهْ
وَمَا عليكَ مِنَ القَتْـ ـلِ إنَّما هيَ ضَرْبَهْ
وَمَا عليكَ مِنَ الغَدْ رِ إنَّما هِيَ سُبَّهْ

ثم يقول:
ما كنت إلا ذُباباً نفتكَ عنّا مِذبّه
وإنْ بَعُدْنا قليلاً حملْت رُمحاً وحَرْبَهْ
إن أوحشتْك المَعَالي فَإِنَّها دارُ غُرْبَهْ
أو آنستْك المَخَازِي فإنَّهَا لكَ نِسْبَهْ

وفي القصيدة أبيات كثيرة؛ يتعرض فيها المتنبي لأم ضُبة، ويرميها بأفحش التهم، وكان لأم ضبة أخ يسمى "فاتك بن أبي جهل الأسدي"؛ فلما بلغته القصيدة أخذ الغضب منه كل مأخذ، وأضمر السوء لأبي الطيب، وعندما علم أبو نصر محمد الحلبي بِنية فاتك؛ حذر المتنبي، فلم يزده هذا التحذير الا عناداً، وركب المتنبي وسار، فلقيه فاتك في الطريق، فأراد المتنبي أن ينجو بنفسه، فقال له غلامه: ألستَ القائل:
الخيلُ والليلُ والبَيداءُ تعرفني والسيفُ والرُّمح والقرطاسُ والقلمُ؟

فثبت المتنبي حتى قتله فاتكٌ، وقتل ابنَه محمداً وغلامَه، وهكذا كانت نهاية هذا الشاعر العربي الكبير التي جاءت بسبب شعره ولسانه.

قصيدة أضاعت خلافة:
وينتقل المؤلف إلى شاعر آخر من الشعراء الذين قتلهم شعرهم، وهو الشاعر أبو نُخَيْلَةَ، الذي تخصص في مدح كل من آلت إليه الخلافةُ من بني أمية وبني العباس؛ فعندما كان الأمر بيد بني أمية مدحهم، وعندما انتقل إلى بني العباس مدحهم! وكانت قصائده معلقة على كرسي الخلافة يتناولها الجالس عليه؛ بغض النظر عن شخصه وسلوكه!!.

وقد تضمنت قصائد مدحه لبني العباس هجاء لبني أمية، ولأن شخصيته الشعرية كانت مهتزة؛ فقد كان مهيئاً أن يصيبه -من جراء شعره- شر عظيم، وهذا ما حدث بالفعل، ووضع نهاية لحياته.

فعندما علم أبو نخيلة أن أبا جعفر المنصور يريد تولية ابنه المهدي ولاية العهد، بدلاً من ابن أخيه عيسى بن موسى؛ وجدها فرصة للتقرب من أبي جعفر بقصيدة يؤيد بها رأيه، ويشيعُه بين الناس، ويطالب بخلع عيسى بن موسى، وبالبيعة للمهدي، فقال:
إلى أميرِ المؤمنينَ فاعْمِدِي إلى الذي يَنْدَى ولا يندى ندي
سيري إلى بحرِ البِحارِ المُزْبِدِ إلى الذي إن نَفِدَتْ لم يَنْفَدِ
ليسَ وليُّ عهدِنا بالأسعدي عيسى! فَزَحْلِقْها إلى محمدِ
فقدْ رضينا بالغلامُ الأمردِ وقد فَرَغْنَا غيرَ أن لم نشهدِ
وغير أن العقدَ لم يؤكدِ فلو سمعنا قولَك: امدد امددِ
كانَتْ لنا كدَعْقَةِ الوِرْدِ الصَّدِي فنادِ للبيعةِ جمْعاً نحشدِ

وقد أشاع أبو نخيلة هذه القصيدة؛ حتى رواها الخدم والخاصة، وتناشدها العامة، فبلغت المنصور، فدعا به، وعيسى بن موسى جالس عن يمينه، فأنشده إياها، وأنصت له حتى سمعها عن آخرها، وظهر على وجهه السرور.

ثم قال لعيسى بن موسى: ولئن كان هذا عن رأيك؛ لقد سررتَ عمك، وبلغتَ من مرضاته أقصى ما يبلغه الولد البار السار.

فقال عيسى: "لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين".

وهكذا خُلع عيسى، وعقدت البيعة للمهدي بولاية العهد، فأراد عيسى أن ينتقم من هذا الشاعر الذي تسببت قصيدته في ضياع الخلافة التي عاش عمره ينتظرها.

واشتد عيسى في طلب أبي نخيلة؛ حتى فر الى خراسان، فأرسل خلفه مولى له يسمى قِطْرِيّاً ومعه عدد من الرجال، فلحقوه في الطريق، فأخذوه، وكتفوه، وأضجعه قطري، وذبحه، وسلخ وجهه، وألقى جسمه إلى النسور، ولم يبرح مكانه حتى لم يبق منه إلا عظامه!.

• طَرَفَة بن العبد:
ويقف المؤلف مع شاعر جاهلي مشهور، هو طرفة بن العبد الذي قُتل وهو في السادسة والعشرين من عمره، ومع حداثة سنه؛ الا أنه استطاع أن يشمخ بقامته أمام كبار شعراء عصره، وتميز عليهم بحكمة كانت وليدة ظروفه الخاصة، وظهرت في بعض أشعاره، ومنها قوله:
إذا قلَّ مالُ المَرءِ قَلَّ بَهَاؤُه وضاقَتْ عليه أرضُهُ وسماؤُه
وأصبحَ لا يدري وإن كان حازماً أَقُدَّامُهُ خيرٌ لَهُ أمْ وَرَاؤُه
ولم يمشِ في وجهٍ على الأرضِ واسعٍ من الناسِ إلا ضَاقَ عنه فضاؤُه
فإن غابَ لم يُشْفِقْ عليه صديقُهُ وإن آبَ لم يفرحْ به أصفياؤُه
وإن ماتَ لم يَفْقِدْ وليٌّ ذهابُهُ وإن عاشَ لم يَسْرُرْ صديقاً لقاؤُه

وقوله:
إذا تمَّ عقلُ المرء ِتمت أمورُهُ وتمتْ أياديه وطابَ ثناؤُه
وان لم يكن عقلٌ تبيَّنَ نقصُهُ وإن كان مفضالاَ كثيراً عطاؤُه

وقد بدأت نهاية هذا الشاعر الشاب عندما رحل من اليمامة إلى الحيرة، وادعى جوار ملكها عمرو بن هند، وعندما أساء إليه الملك يوماً، ولم يكرِم وفادته، كما كان يفعل من قبل؛ هجاه، وهجا أخاه قابوساً، ولكن الهجاء لم يصل إلى أسماع عمرو بن هند إلا عن طريق رجل يسمى عبدعمرو بن بشر الذي هجاه طرفة أيضاً، وقد قال طرفة يهجو بن هند:
ليت لنا مكانَ المَلكِ عَمْرٍو رَغُوثاً حَول قُبتَّنا تَخُورُ
من الزَّمِرات أَسْبل قادِمَاها وضَرَّتُها مُرَكَّنة دَرُورُ
يشاركُنا لنا رِخْلانُ فيها وتعلوها الكِبَاش فلا تنورُ
لَعَمْرُكَ إن قابوسَ بنَ هند ليخلِطُ مُلكَهُ نوكٌ كَثيرُ!

في هذه الأبيات يرى طرفة عمرو بن هند ملكاً لا يصلح للمُلك، وخير منه نعجة تخور، وإن كانت قليلة الصوف؛ فربما كان لبنها كثيراً يكفي رضيعها وحالبها، وهي لا تنفر من الكباش، فقد اعتادت أن يقع عليها الذكور!.

فغضب عمرٌو، وأضمر في نفسه الانتقام من طرفة، ثم أرسله إلى عامله على البحرين برسالة، وأمره فيها بقتله، فقتله.

• صريع أم البنين:
ويتحدث المؤلف عن شاعر آخر صرعه شعره، هو "وضَّاح اليمن" عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد كُلال، وسمي وضاحاً لجمالة، وكان أحدَ ثلاثةٍ من العرب يردون المواسم مقنَّعين يسترون وجوههم خوفاً من العين، وحذراً على أنفسهم من النساء لجمالهم! وهؤلاء الثلاثة هم: المقنع الكِندي، وأبو زيد الطائي، ووضاح.

وقد بدأ وضاح يدق أول مسمار في نعشه عندما استجاب لأم البنين زوجة الخليفة الوليد بن عبد الملك، وقال فيها شعراً، والقصة بدأت عندما كانت أم البنين تؤدي فريضة الحج، وكتب الوليد يتوعَّد الشعراءَ جميعاً؛ إن ذكرها أحد منهم، أو ذكر أحداً ممن معها، ولكنها عندما وقعت عيناها على وضاح اليمن؛ هوتْه، وطلبت منه، ومن كُثَيِّرٍ أن ينسبا إليها شعراً، ولكن كثيراً أدرك عاقبة ذلك فلم ينسب لها، ولم يكن وضاح على ذلك القدر من الحذر والحيطة، وانطلق لسانه برقيق الشعر نسيبا في أم البنين، متغافلا عن مكانتها ومكانة زوجها وهو خليفة المسلمين.
ومما قاله فيها:
أَصَحوتَ عن أم البنيـ ـنَ وذكرِهَا وعنائِها؟
وَهَجَرْتَهَا هجرَ امرئٍ لم يسل صَفْوَ صفائِها
قرشيةٌ كالشمسِ أشـ ـرقَ نورُهَا ببهائِهَا
زادتْ على البِيضِ الحِسَا نِ بحسْنِهَا ونَقَائِهَا
لولا هوى أمِّ البني نَ وحاجتي للقائِها
قد قربت لي بغلةً محبوسةً لنجاتِها

ثم يقول في جرأة على زوجة الخليفة أكثر من ذلك:
صَدَعَ البينُ والتَّفَرُّقُ قلبي وتولَّتْ أمُّ البنينَ بِلُبِّي
ثوتِ النفسُ في الحُمُولِ لَدَيها وَتَوَلَّى بِالجِسْمِ مِنِّي صَحبي
وِلِقِد قُلتُ والمدامعُ تجري بدموعٍ كأنها فَيْضُ غَرْبِ
جَزَعاً للفراقِ يومَ تَوَلَّتْ: حَسْبيَ اللهُ ذو المَعَارِجِ حَسْبي!

وهذا الأقوال الصريحة في أم البنين كانت دوافع قوية لدى الوليد؛ للتخلص من هذا الرجل الذي ملأ الدنيا بها شعراً، وقد أحسَّ وضَّاحٌ بما يحيط به من خطر؛ فراح يبتغي السبل لإرضاء الخليفة، وقد وعدتْه أم البنين أن تَرْفِدَه عنده، وتقوِّيَ أمره؛ فمدحه الوضاح بعدة قصائد، ولكن هذه القصائد لم تشفع له، ودبر الوليد لقتله، وقيل أنه دفنه حياً، في حفرة حفرها له في قصره.

• بشار الهجاء:
ويقف المؤلف عند شاعر عربي آخر، عاش في العصر العباسي، واشتهر بشعر الهجاء، وهو الشعر الذي كان سبباً في مقتله، وهذا الشاعر هو بشار بن برد، الذي احترف الهجاء منذ صباه المبكر، وذاع صيته بهجائه الذي كان يؤرق ويتعب من يتوعدهم به، ولم يكن يخشى -في هجائه- شخصية كبيرة في الدولة، حتى ولو كان الخليفة ذاته؛ فقد هجا العباس بن محمد أخا الخليفة المنصور، وهجا الخليفة المهدي نفسه، ووزيره يعقوب بن داود.

وكان الهجاء يمثل الخطوة التالية؛ بعد أن يمدح فيخيب أمله ولا يعطى، فكان هجاؤه رجوعاً عن المدح.

وقد مدح الخليفة المهدي فلم يعطه شيئاً؛ فقال يهجوه:
خَليفةٌ يَزْني بعمّاتِهِ يَلْعَبُ بالدّبُّوقِ والصَّولجَانْ

وقد وصل هذا الشعر إلى المهدي عن طريق وزيره يعقوب، فكاد ينشق غيظاً، ثم قصد البصرة، وقبض على بشار، وأمر بضربه بالسوط حتى الموت، فأخذ إلى سفينة، وضرب سبعين سوطاً حتى مات، فألقوا به في الماء، فحمله الماء فأخرجه إلى دجلة، فأخذ فأتي به أهله فدفنوه.

• حماد عجرد:
أما آخر الشعراء الذين يعرض لهم المؤلف في كتابه؛ فهو شاعر من شعراء العصر العباسي، لا يختلف كثيراً عن بشار بن برد، وهو حَمَّادُ عَجْرَد، الذي كان واحداً من كبار هَجَّائي عصره، وكانت بينه وبين بشار جولات كثيرة من الهجاء المتبادل، وتميز هجاء حماد بفحشه الشديد، وامتلائه بالألفاظ المستنكرة التي يأباها الذوق وتَمُجُّهَا الآذان؛ حتى بدا بشار أمامه شاعراً مهذَّباً، عفيف اللفظ، رقيق الصورة!!!.

وكما جمع بينهما الهجاء؛ اشتركا في المصير الذي صار إليه كل منهما، وهو القتل بسبب الشعر؛ فقد رأينا كيف قتل بشار بسبب هجائه للمهدي، وسترى هنا مصير حماد، وكيف قُتل بسبب تشبيبه بامرأة تسمى زينب بنت سليمان.

فقد كان محمد بن أبي العباس السفاح يهوى زينب؛ فخطبها فلم يزوجوه، وكان حماد صديقه ونديمه، فقال له محمد: قل فيها شعراً. فقال حماد على لسان محمد:
زَيْنَبُ، ماذَنْبِي؟ ومَاذا الذَّي غَضِبْتُمْ فيِه وَلَمْ تُغْضَبُوا؟!
وَاللهِ، ما أَعْرِفُ لِي عِنْدَكُمْ ذَنْباً! فَفِيمَ الهَجْرُ يا زَيْنَبُ؟!
إن كنت قد أغضبتكم ضلة فاستعتبوني إنني أعتب
عودوا على جهلي بأحلامكم إنني وإن لم أذنب المذنب

فلما بلغ هذا الشعر مسامع محمد بن سليمان -أخو زينب- نَذَر دمَه، وأصر على قتله؛ لكنه لم يستطع لمكانة حماد من محمد بن أبي العباس. فلما مات محمد؛ جَدَّ ابنُ سليمان في طلب حماد، فلم يجد حماد من يستجير به، فاستجار بقبر سليمان بن علي، والد محمد بن سليمان، وراح يمدحه ويمدح سليمان، فقال:
مِنْ مُقِرّ بِالذَّنْبِ[1] لَم يُوجِبِ اللـ ـهُ عَلَيْهِ بِسَىِّءٍ إقرارَا
يا ابْنَ بِنْتِ النَّبِيِّ إنِّيَ لاَ أَجْـ عَلُ إلاَّ إلَيْك مِنْكَ الْفِرارَا
يا ابْنَ بِنْتِ النَّبيِّ أَحْمَدَ لا أَجْـ عَلُ إلاَّ إليكَ مِنْكَ الفِرَارَا
غَيْرَ أني جَعَلْتُ قَبْرَ أَبِي أَيْـ يُوبَ لِي مِنْ حَوَادِثِ الدَّهْرِ جَارَا
وَحَرِيٌّ مَنِ اسْتَجَارَ بِذَاكَ الْـ قَبْرِ أَنْ يَأْمَنَ الرَّدَى وَالعِثَارَا
لمْ أَجِدْ لِي مِنَ العِبَادِ مُجِيرا فَاسْتَجَرْتُ التُّرَابَ وَالأَحْجَارَا

لكن محمد بن سليمان لم يرض بهذا، وقال: والله لأبُلَّنَّ قبر أبي من دمه، فلم يجد حمادُ بُدّاً من الفرار إلى بغداد؛ ليستجير بجعفر بن المنصور الذي أجاره، واشترط لذلك أن يهجو محمد بن سليمان، فقال فيه حماد:

قُلْ لِوَجْه اَلخِصيِّ ذِي اْلعارِ إنِّي سَوْفَ أُهْدي لزَيْنَبَ الأْشْعارَا
قَدْ لَعَمْرِي فَرَرْتُ مِن شِدَّةِ الخَوْ فِ وَأَنْكَرْتُ صَاحِبي نَهارَا!
وَظَنَنتُ القُبُورَ تَمْنَعُ جَارا فَاستجرْتُ التُّرَابَ والأَحْجَارَا!
كُنتُ عندَ استجارَتي بِأبي أَيْـ يُوبَ أَبغي ضَلالةً وخسارَا
لم يُجِرْني وَلمْ أَجَدْ فِيهِ حَظّا أَضْرَمَ اللهُ ذَلِكَ القَبْرَ نارَا


فلما بلغ محمداً قولُه؛ قال: "والله لا يفلتني أبداً، وإنما يزداد حتفاً بلسانه، ولا والله لا أعفو عنه، ولا أتغافل أبداً".

وظل ابن سليمان يطلب حماداً، وحماد ينتقل من مكان إلى مكان يبحث عن مأوى وملاذ؛ حتى أدركه ابن سليمان في منطقة تسمى الأهواز، فأرسل مولى له فظفر به، فقتله.
--------------------
[1] إنه الضلال والخسران المبين؛ كيف ينسي -وهو في شدة بلائه- أن يدعو ربه القائل: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأْرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ)[النمل:62]؟!.
أعرض عن ربه؛ ولجأ إلى أحجار لا تضر ولا تنفع، وأشرك بربه؛ فكان عاقبته أن تخلى عنه من كان حوله، ومات ميتة سوء.
________________________________________
3- المتنبي
جولنار - المملكه العربيه السعوديه 27/12/2009 05:19 pm
حبيت اعلق على ابيات المتنبي الصراحه انا تعجبني كل ابياته لكن يوم كتب شعر هجاء لضبه وبدأ يسب امه انا تمنيت ان هذا لم يحصل امه ليس له دخل اذا هجاء امفروض يهجو ضبه شخصيا وليس امه ولكن يدل على شهامته عندما اراد افراد ورجع وقاتل
هنيئا لك يا شاغل الناس وافضل بيت شعر سمعته هو
نثرتهم فوق الاحيديب نثره
كما تنثر على العرووس الدراهم

طَرَفة بن العبد

ينتمي طرفة بن العبد إلى بني مالك بن ضُبيعة، من بطون قبيلة بكر بن وائل، وهو أحد أبرز الشعراء الجاهليين، جعله بعضهم ومنهم لبيد بن ربيعة ثاني شعراء الجاهلية بعد امرئ القيس، وفضّل ابن قتيبة في الشعر والشعراء معلقته على سائر المعلقات فقال: "وهو أجودهم طويلة"، ولكن لم يؤثر عنه إلا أشعار قليلة، ولعل ما يفسر قلة شعره مقتله المبكر وهو في السادسة والعشرين.
وتذكر الأخبار في سبب قتله أنه كان وخاله المتلمس، وهو من شعراء الجاهلية أيضاً، ممن يفدون على ملك الحيرة عمرو بن هند "عمر بن المنذر" وكان بهما حفياً، وكان لطرفة بن العبد ابن عم اسمه عبد عمرو بن بشر، ولم تكن صلة طرفة به صلة الود والمحبة وإنما كان الود مفقوداً بينهما لسوء سيرته مع أخت طرفة، فهجاه طرفة بأبيات يسخر بها منه فيقول:
ولا خير فيه غير أن لـه غنىً
وأن لـه كَشحاً إذا قام أهضما
كان من سادة قومه، وكان سميناً بادناً. فأسرّها ابن عمه في نفسه. وكان له منزلة رفيعة عند عمرو بن هند.
ثم إن ابن هند وكل إلى طرفة وخاله المتلمس ملازمة أخيه قابوس بن المنذر، وكان قابوس فتى عابثاً لا يشغله إلا اللهو والقنص والشراب، فوجدا عناءً في ملازمته، وربما أنفقا اليوم كله في الوقوف ببابه، حتى ضاقا ذرعاً بالأمر، فنقما عليه وعلى أخيه عمرو بن هند لإذلالهما على هذا النحو، وكان طرفة فتى جريئاً لا يبالي بعواقب الأمر، فجرى على لسانه هجاء في عمرو بن هند وأخيه قابوس، قال فيه:
فليت لنا مكان الملك عمرو
رَغَوثاً حول قبتنا تخورُ
لعمرك إن قابوس بن هند
ليخلط مُلكَه نَوك كثير
فقد تمنى طرفة لو أنهم بدلوا بعمر بن هند نعجةً تخور حول خبائهم، ورمى أخاه قابوساً بالحمق، ولكن عمرو بن هند لم يبلغه هذا الشعر، وكان طرفة قال قبل ذلك شعراً يتغزل فيه بأخت عمرو بن هند، وقد رأى ظلها، فقال:
ألا بأبي الظبي الذي يبرقُ شِنْفاهُ
ولولا الملك القاعــد قد ألثمني فاه
فغضب عمرو بن هند على طرفة ولكنه أسرها في نفسه. واتفق بعد ذلك أن ابن هند خرج إلى الصيد ومعه ابن عم طرفة، فأصاب حمار وحش، فطلب الملك إلى عبد عمرو أن ينزل إليه فأعياه، فضحك عمرو بن هند، وقال له: لقد أبصر طرفة حسن كشحك حين قال شعره فيك، وفي رواية أخرى أنه شاهد كشحه وهما في الحمام، فأجابه عبد عمرو: إن طرفة قال فيك ما هو أقبح من هذا الشعر، وروى له ما قاله طرفة في هجائه، فاشتد غضبه، ولكنه لم يشأ أن يقتل طرفة فوراً، اتقاء لغضب عشيرته، فدعاه ودعا خاله المتلمس، وكان قال أيضاً شعراً في هجاء ابن هند، وقال لهما: أمضيا إلى عامل البحرين فقد أمرت لكما بجائزة، ودفع إليهما بكتاب مختوم إلى عامله، وقد أمره فيه بقتلهما.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-03-2011, 05:45 PM   #74
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي


شعراء قتلهم شعرهم



شعر الهجاء والغزل والتشبيب بالنساء
قتل عدداً من شعراء الجاهلية والإسلام

• أبو الطيب المتنبي هجا امرأة؛ فقتله أخوها.
• بشار بن برد هجا المهدي؛ فأمر بضربه بالسوط حتى مات.
• قصيدة أبي نُخَيلة أضاعت ولاية العهد من عيسى بن موسى، وعقدتها للمهدي؛ فقُتل الشاعر بسببها!.
• وَضَّاح اليمن تَغَزَّل بقصائده في أم البنين، زوجة الوليد بن عبد الملك؛ فقتله.
• طَرَفَة بن العبد هجا عمرَو بن هند، ملك الحيرة؛ فأمر بقتله.




• • • •
الشعر صورة من صور البيان والبلاغة، وفن محبب الى النفوس، والشعر العربي سِجل حافل بأحوال العرب الاجتماعية والسياسية عبر العصور، وتصوير شامل لما كان عليه المجتمع في العهود السابقة، ولقد كان الشعر -في الماضي- الوسيلة الإعلامية الأولى التي تؤثِّر في الناس، وكان الحكام والسلاطين يستثمرون الشعراء في مدحهم وتحسين صورتهم، والدفاع عن مواقفهم وسياساتهم، وكانت تقام الأسواق والمنتديات التي يجتمع فيها الشعراء، ويتبارون في تقديم ما لديهم من قصائد وأشعار، مثل سوق عكاظ في الجاهلية، الذي بلغت شهرته الآفاق.

غير أن هناك من الشعراء من شذَّ عن الطريق، وأمعن في هجاء بعض الأفراد، سواء كانوا أشخاصاً عاديين، أو أمراء، أو سلاطين، وقام بمناصرة فرق وتيارات معادية لبعض الخلفاء وأصحاب النفوذ؛ حتى قاده شعره ولسانه الى الموت؛ فصار صريعاً لشعره، وقتله لسانه!!


وهذا الكتاب الذي صدر بالقاهرة للباحث سمير مصطفى فراج، تحت عنوان "شعراء قتلهم شعرهم" يلقي الضوء على عدد من هؤلاء الشعراء الذين سلكوا هذا السبيل الشائك، ولقوا حتفهم ضحية شعرهم.

والكتاب يقدم نماذج لفطاحل الشعراء في الجاهلية والإسلام؛ من أمثال المتنبي، وطرفة بن العبد، وبشار بن برد، ووضَّاح اليمن، وعبيد بن الأبرص، وكعب الأشقري.

ويتضح من سطور هذا الكتاب أن هناك عوامل مشتركة من أغراض الشعر ساهمت في مصرع هؤلاء الشعراء؛ أوَّلها الهجاء والمخاصمة، وثانيها الغزل والتشبيب بالنساء، وثالثها الفخر.

فالشعراء الذين قتلهم شعرهم: إما هجَّاءٌ أمعن في مخاصمة بعض الولاة أو الحكام أو الشعراء، وانطلق في النيل من شرفه والتشهير به وإظهار نقائصه، وإمَّا عاشق أمعن في التغزل بالنساء والتشبيب بهم؛ حتى جاء حتفه على يد ولي المرأة أو أخيها أو زوجها أو ابنها.
وهذا ما سوف يتضح من عرضنا للنماذج التي شملها هذا الكتاب.

• الغزل ونهاية شاعرين:
وأول النماذج التي يقدمها الكتاب هو الشاعر "هُدْبة بن خَشْرَم"، من بني عامر، من بادية الحجاز، وكان شاعراً متقدماً فصيحاً، وراوية للحطيئة، وقد بدأ الشعر يرسم نهايته، هو وشاعر آخر من شعراء عصره، وهو "زياد بن زيد"، وهما من شعراء العهد الأموي، حيث كانا مع رَهْط من قومهم قاصدين الحج، وكان مع هدبة أخته فاطمة، فتغزل بها زياد قائلاً:
عُوجِي عَلَيْنَا وارْبَعِي يا فَاطِمَا ما دُونَ أنْ يرَى البْعيرُ قَائِماً
أَلا تَرَيْنَ الدَّمْعَ مِني ساجِمَا حِذارَ دارٍ مِنْكِ لَنْ تُلائِمَا
فَعَرَّجَتْ مُطَّرِداً عُراهِما فَعْماً يَبُذُّ القطفَ الرَّوَاسِما

وأطال زياد في قصيدته، فغضب هدبة، ورد عليه بأن تغزل في أخته، وكانت تسمى أم حازم، فقال:
لَقَد أُرَانَي وَالغُلامَ الحازِمَا نُزْجِي الْمطيَّ ضُمراً سَوَاهِما
متى تَظُنُّ القُلَّصُ الرَّوَاسِما والجّلة النَّاجِية الْعَياهِمَا
يَبْلُغْنَ أمَّ حَازِمٍ وَحَازِمَا إذَا هَبْطنَ مُستَحيراً قَاتِما



فسبه زياد، ورد عليه هدبة، وطال بينهما ذلك؛ حتى صاح بهما القوم، فسكتا، كل منهما على ما في نفسه، ولكن هدبة كان أشد حنَقاً على زياد، ورأى أنه قد غلبه وضامه، فقد تغزل في أخته فاطمة، وهي حاضرة سامعة، بينما تغزل هدبة في أم حازم، وهي غائبة لا تسمع غزله فيها.


ومن هذا اليوم صارت عداوة بين هدبة وزياد، ظهرت بوادرها في المعارضات الشعرية بينهما، ولم يشف هدبة ما قاله من الشعر، وتحيَّن الفرصةَ لقتل زياد حتى قتله، فأمسك سعيد بن العاص والي المدينة به، وأرسله إلى معاوية بن أبي سفيان، فأقر أمامه بقل زياد، وحبس بالمدينة ثلاث سنوات، حتى يبلغ "المِسْوَر" ولد زياد الحلم، ويخير بين أخذ الدية أو القصاص.

وبعد أن بلغ الغلام أراد سعيد بن العاص بذل محاولة أخيرة مع عبد الرحمن أخي زياد بأن يقبل دية أخيه ويعفو عن هدبة، ولكن عبد الرحمن أصر على قتله، وقال للوالي: إنه قال بيتاً من الشعر؛ لو لم يقله لقبلت الدية، أو صفحت بغير دية! والله، لو أردت شيئاً من ذلك؛ لمنعني قوله:
لَنَجْدَعَنَّ بأيدينا أنوفَكم ويذهَب القَتلُ فيما بينَنَا هَدْراً

فدفع الوالي بهدبه ليقتل، فبدت في عينه حسرة، وما ندم بشر على قول؛ كما ندم هدبة على قوله هذا البيت الذي قاده إلى الموت! والتفت هدبة الى قوم زياد وهو مقيد بالحديد قائلاً:
فإِن تَقْتُلُوني في الحَدِيدِ فإِنَّني قَتَلْتُ أَخاكُمْ مُطْلَقاً لم يُقيَّد

فقال عبد الرحمن: والله لا نقتله إلا مطلقاً من وثاقه، ثم قال:
قَدْ عَلِمَتْ نفسي وأنتَ تَعلَمُهْ لأَقْتُلَنَّ اليومَ مَنْ لا أَرْحَمُهْ

ودفع السيف الى "المسور بن زياد" فضرب هدبة ضربتين مات فيهما.

كعب الأشقري:
وينتقل المؤلف الى نموذج أخر من الشعراء الذين قتلهم شعرهم، وهو كعب الأشقري من قبيلة الأزد، وكان خطيباً وشاعراً، من أصحاب المهلب بن أبي صفرة، وقد مدحه، ومدح أبناءه، ورافقهم في حروبهم مع الأزارقة، وقد أوفده المهلب الى الحجاج مبشراً بانتصاره على الأزارقة، فأنشده من مدائحه فيهم قوله:
لولا المهلَّبُ ما زُرْنا بلادَهم ما دامتِ الأرضُ فيها الماءُ والشجرُ
وما من الناسِ من حيِّ علمْتُهُمُ إلاَّ يُرَى فيهمُ من سيبِكمْ أثرُ
فَما يجاوِزُ بابَ الجسرِ من أحدٍ! قد عضتِ الحربُ أهلَ الجسرِ فانجحروا!

فضحك الحجاج، وقال إنك لمنصف يا كعب، المهلب كان أعلم بك حيث بعثك.

واستمر ولاء كعب للمهلب وأبنائه من بعده، وكانوا لا يسمحون للشعراء بهجائه، ولما عزل يزيد بن المهلب عن خرسان ووليها قتيبة بن مسلم؛ مدحه كعب ونال من يزيد، وثلبه وهجاه، ولما بلغه أن يزيد قد وليها مرة أخرى؛ هرب الى عُمانَ، وأقام بها مدة، ثم كرهها، فكتب إلى يزيد بن المهلب معتذراً، ولكن يزيد لم يسامحه، ولم يصْفُ له، وداهنَه حتى رجع خرسان، وتخير له قاتلاً من قرابته؛ هو ابن أخيه الذي كانت بينهما عداوة وتباعد، وهجاه كعب بقوله:
إنَّ السَّوَادَ الذي سَرْبَلْتَ تعرِفُهُ ميراثُ جدِّكَ عن آبائِه النُّوبِ
أشبهتَ خالَكَ خالَ اللؤمِ مؤتسياً بهديه سالكاً في شرِّ أسلوبِ

وهكذا أغرى يزيد بن المهلب هذا الفتى بالمال؛ فقتل عمه الذي هجاه بلسانه.

عبيد بن الأبرص:
ويتعرض الكتاب لواحد من فحول الشعراء في الجاهلية، وهو عبيد بن الأبرص من بني أسد، وقد عاصر امرأ القيس، وكانت له جولة معه، بعد أن رفض امرؤ القيس ما عرضه بنو أسد؛ من دية لقتل أبيه أو تقديم شريف من أشرافهم مقيَّداً ليُقتل بدم حجر؛ فكتب عبيد قصيدة فخرا لقومه، وهجاء لقيس وقومه، ومما جاء فيها:
ياذاَ المُخَوَّفُنَا بقَتْـ ـلِ أَبيهِ إِذْلالاً وحَينَا
أَزَعَمْتَ أَنَّكَ قد قَتَلْـ ـتَ سَرَاتَنا كَذِباً ومَينَا؟
هَلاَّ على حُجْر بْنِ أُ مِّ قَطَامِ تَبْكى لا عَلَيْنَا!
إِنَّا إِذَا عضَّ الثّقا فُ بِرَأَسِ صَعْدَتنَا لَوَيْنَا
نَحْمِى حَقِيقَتَنَا وبَعْـ ـضُ القَوْمِ يَسقُطُ بَيْنَ بَيْنَا
هَلاَّ سَأَلْتَ جُمُوعَ كِنْـ ـدَةَ يَوْمَ وَلوْا أَيْنَ أَيْنَا!

ولكن امرؤ القيس كان مشغولاً بثأر أبيه، فلم يرد عليه.

وقد بدأت نهاية هذا الشاعر على يد الملك المنذر بن ماء السماء؛ فهذا الملك كان له يومان يوم بؤس ويوم نعمة؛ فإذا كان في يوم نعمة أتي بأول من يراه؛ فَحَباه، وكساه، وأعطاه من إبله مئة، ونادمه يومَه، وإذا كان في يوم بؤسه؛ أتى بأول من يراه، فيأمر به فيذبح.

وبينما هو جالس في يوم بؤسه؛ إذ أشرف عليه عبيد بن الأبرص، فقال لرجل كان معه: من هذا الشقي؟ فقال له: هذا عبيد بن الأبرص الأسدي الشاعر، فأتي به، فقال له الرجل الذي كان معه: اتركه فاني أظن أن عنده من حسن الشعر أفضل مما تدركه في قتله، فاسمع منه، فقبل الملك، وقال لعبيد: أنشدني:
أقفر من أهله ملحوب

لكن عبيداً لم يستطع أن يقوله، وعزَّت عليه نفسه، فرثاها بقوله:
أَقْفَرَ من أهلِهِ عبيدُ فليس يُبدي ولا يُعيدُ
عنتْ له خُطَّةٌ نَكُودُ وَحَانَ منها له وُرودُ

وأبى عبيد أن ينشدهم شيئاً مما أرادوا، فأمر به المنذر فقتله.

نهاية المتنبي



ويصل المؤلف الى المتنبي الذي كان بعض شعره سبباً لمقتله، والمتنبي شاعر العربية الكبير الذي شغلت حياته وشعره حيزاً كبيراً من دراسات المتخصصين في الأدب العربي؛ حيث كان يكتب للنفس العربية، والإحساس العربي، والنبض العربي، الذي لا يرتبط بحدود أو فواصل تاريخية.

وكان المتنبي يستعلي على الشعراء، ويكثر من السخرية منهم ومن شعرهم، على نحو جعله هدفَهم جميعاً، وكان يكثر من الفخر بنفسه، فهو القائل:
سيعلمُ الجميعُ ممن ضَمَّ مجلسُنا بأنني خيرُ من تَسعى بِهِ قَدَمُ
أنا الذي نَظَرَ الأعمى إلى أدبي.. وأسمعتْ كلماتي مَن به صَمَمُ


وفي إحدى قصائده التي كتبها في صباه يقول:
إن أكن معجَباً فعُجْبُ عجيبٍ لم يجد فوق نفسهِ من مزيدِ
أنا تربُ الندى وربُّ القوافي وسمامُ العِدَى وغيظُ الحسودِ
أنا في أمةٍ تداركها اللـ ـهُ غريبٌ كصالحٍ في ثمودِ


ويقول:
أيُّ محلٍّ أرتقي أيُّ عظيمٍ أتقي؟
وكلُّ ما خلقَ اللَّـ ـهُ وما لم يخلقِ
محتقرٌ في همَّتي كشعرةٍ في مَفْرِقي

هكذا كان المتنبي في تقديره لذاته، يراها الأعلى دائماً، والأحق بالمجد والشرف، ولا يتنازل عن هذه الرؤية تحت أي ظروف كانت!.

• الهجاء القاتل:
والغريب أن المتنبي قتل بسبب الهجاء؛ على الرغم من أن الهجاء لا يمثل ركناً أساسياً في ديوانه؛ فعندما ترك المتنبي سيف الدولة أمير حلب الذي كتب الكثير من القصائد في مدحه ومناقبه؛ بعد أن وشي بينهما الواشون؛ اتجه إلى مصر لمدح واليها كافور الإخشيدي الذي كان عبداً أسود مثقوب الأذن، ولكن كافور خذله؛ فأطلق المتنبي فيه لسانه يهجوه وشعبَ مصر، فنجده في قصيده يبالغ في هجائه لكافور، ويصفه بكل صفات الرجل الدنيء؛ من الكذب، وإخلاف الوعد، والغدر، والخيانة، وخسة الأصل، والجبن؛ فيقول:
أُرِيكَ الرِّضَا لو أخْفَتِ النَّفْسُ خافيا وما أنا عن نفسي ولا عنك راضيا
أَمَيْناً؟ وإخلافاً؟ وغَدْراً؟ وخِسَّةً؟ وجُبْناً؟ أَشَخْصاً لُحْتَ لي أم مَخازيا؟
وإنك لا تدري: ألونُكَ أسودٌ من الجهلِ؟ أم قد صار أبيضَ صافيا؟!

ثم يقول وهو راحل عن مصر:
العَبدُ لَيسَ لُحرٍّ صَالِحٍ بأخٍ لَو أنَّهُ في ثِيابِ الحُرِّ مَولُودُ
لا تشترِ العبدَ إلاّ والعصا معه إنَّ العبيد لأنجاسٌ مناكيدُ!
ما كنت أحْسِبُني أحيا إلى زمنٍ يسيء بي فيه عبدٌ وهو محمودُ

ومع هذا الهجاء الشديد اللهجة لكافور؛ استطاع المتنبي الخروج من مصر دون أن يمسه سوء، وجاء مقتله بسبب قصيدة هجا بها رجلاً يسمى "ضبة بن زيد"، يتعرض فيها لحادثة مقتل أبي ضبة، وقد فر وترك أباه، وهو يستخف به فيقول فيها:
ما أنصفَ القومُ ضُبَّهْ وأمّه الطُّرطُبّهْ
وَمَا عليكَ مِنَ القَتْـ ـلِ إنَّما هيَ ضَرْبَهْ
وَمَا عليكَ مِنَ الغَدْ رِ إنَّما هِيَ سُبَّهْ

ثم يقول:
ما كنت إلا ذُباباً نفتكَ عنّا مِذبّه
وإنْ بَعُدْنا قليلاً حملْت رُمحاً وحَرْبَهْ
إن أوحشتْك المَعَالي فَإِنَّها دارُ غُرْبَهْ
أو آنستْك المَخَازِي فإنَّهَا لكَ نِسْبَهْ

وفي القصيدة أبيات كثيرة؛ يتعرض فيها المتنبي لأم ضُبة، ويرميها بأفحش التهم، وكان لأم ضبة أخ يسمى "فاتك بن أبي جهل الأسدي"؛ فلما بلغته القصيدة أخذ الغضب منه كل مأخذ، وأضمر السوء لأبي الطيب، وعندما علم أبو نصر محمد الحلبي بِنية فاتك؛ حذر المتنبي، فلم يزده هذا التحذير الا عناداً، وركب المتنبي وسار، فلقيه فاتك في الطريق، فأراد المتنبي أن ينجو بنفسه، فقال له غلامه: ألستَ القائل:
الخيلُ والليلُ والبَيداءُ تعرفني والسيفُ والرُّمح والقرطاسُ والقلمُ؟

فثبت المتنبي حتى قتله فاتكٌ، وقتل ابنَه محمداً وغلامَه، وهكذا كانت نهاية هذا الشاعر العربي الكبير التي جاءت بسبب شعره ولسانه.

قصيدة أضاعت خلافة:
وينتقل المؤلف إلى شاعر آخر من الشعراء الذين قتلهم شعرهم، وهو الشاعر أبو نُخَيْلَةَ، الذي تخصص في مدح كل من آلت إليه الخلافةُ من بني أمية وبني العباس؛ فعندما كان الأمر بيد بني أمية مدحهم، وعندما انتقل إلى بني العباس مدحهم! وكانت قصائده معلقة على كرسي الخلافة يتناولها الجالس عليه؛ بغض النظر عن شخصه وسلوكه!!.

وقد تضمنت قصائد مدحه لبني العباس هجاء لبني أمية، ولأن شخصيته الشعرية كانت مهتزة؛ فقد كان مهيئاً أن يصيبه -من جراء شعره- شر عظيم، وهذا ما حدث بالفعل، ووضع نهاية لحياته.

فعندما علم أبو نخيلة أن أبا جعفر المنصور يريد تولية ابنه المهدي ولاية العهد، بدلاً من ابن أخيه عيسى بن موسى؛ وجدها فرصة للتقرب من أبي جعفر بقصيدة يؤيد بها رأيه، ويشيعُه بين الناس، ويطالب بخلع عيسى بن موسى، وبالبيعة للمهدي، فقال:
إلى أميرِ المؤمنينَ فاعْمِدِي إلى الذي يَنْدَى ولا يندى ندي
سيري إلى بحرِ البِحارِ المُزْبِدِ إلى الذي إن نَفِدَتْ لم يَنْفَدِ
ليسَ وليُّ عهدِنا بالأسعدي عيسى! فَزَحْلِقْها إلى محمدِ
فقدْ رضينا بالغلامُ الأمردِ وقد فَرَغْنَا غيرَ أن لم نشهدِ
وغير أن العقدَ لم يؤكدِ فلو سمعنا قولَك: امدد امددِ
كانَتْ لنا كدَعْقَةِ الوِرْدِ الصَّدِي فنادِ للبيعةِ جمْعاً نحشدِ

وقد أشاع أبو نخيلة هذه القصيدة؛ حتى رواها الخدم والخاصة، وتناشدها العامة، فبلغت المنصور، فدعا به، وعيسى بن موسى جالس عن يمينه، فأنشده إياها، وأنصت له حتى سمعها عن آخرها، وظهر على وجهه السرور.

ثم قال لعيسى بن موسى: ولئن كان هذا عن رأيك؛ لقد سررتَ عمك، وبلغتَ من مرضاته أقصى ما يبلغه الولد البار السار.

فقال عيسى: "لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين".

وهكذا خُلع عيسى، وعقدت البيعة للمهدي بولاية العهد، فأراد عيسى أن ينتقم من هذا الشاعر الذي تسببت قصيدته في ضياع الخلافة التي عاش عمره ينتظرها.

واشتد عيسى في طلب أبي نخيلة؛ حتى فر الى خراسان، فأرسل خلفه مولى له يسمى قِطْرِيّاً ومعه عدد من الرجال، فلحقوه في الطريق، فأخذوه، وكتفوه، وأضجعه قطري، وذبحه، وسلخ وجهه، وألقى جسمه إلى النسور، ولم يبرح مكانه حتى لم يبق منه إلا عظامه!.

• طَرَفَة بن العبد:
ويقف المؤلف مع شاعر جاهلي مشهور، هو طرفة بن العبد الذي قُتل وهو في السادسة والعشرين من عمره، ومع حداثة سنه؛ الا أنه استطاع أن يشمخ بقامته أمام كبار شعراء عصره، وتميز عليهم بحكمة كانت وليدة ظروفه الخاصة، وظهرت في بعض أشعاره، ومنها قوله:
إذا قلَّ مالُ المَرءِ قَلَّ بَهَاؤُه وضاقَتْ عليه أرضُهُ وسماؤُه
وأصبحَ لا يدري وإن كان حازماً أَقُدَّامُهُ خيرٌ لَهُ أمْ وَرَاؤُه
ولم يمشِ في وجهٍ على الأرضِ واسعٍ من الناسِ إلا ضَاقَ عنه فضاؤُه
فإن غابَ لم يُشْفِقْ عليه صديقُهُ وإن آبَ لم يفرحْ به أصفياؤُه
وإن ماتَ لم يَفْقِدْ وليٌّ ذهابُهُ وإن عاشَ لم يَسْرُرْ صديقاً لقاؤُه

وقوله:
إذا تمَّ عقلُ المرء ِتمت أمورُهُ وتمتْ أياديه وطابَ ثناؤُه
وان لم يكن عقلٌ تبيَّنَ نقصُهُ وإن كان مفضالاَ كثيراً عطاؤُه

وقد بدأت نهاية هذا الشاعر الشاب عندما رحل من اليمامة إلى الحيرة، وادعى جوار ملكها عمرو بن هند، وعندما أساء إليه الملك يوماً، ولم يكرِم وفادته، كما كان يفعل من قبل؛ هجاه، وهجا أخاه قابوساً، ولكن الهجاء لم يصل إلى أسماع عمرو بن هند إلا عن طريق رجل يسمى عبدعمرو بن بشر الذي هجاه طرفة أيضاً، وقد قال طرفة يهجو بن هند


ليت لنا مكانَ المَلكِ عَمْرٍو رَغُوثاً حَول قُبتَّنا تَخُورُ
من الزَّمِرات أَسْبل قادِمَاها وضَرَّتُها مُرَكَّنة دَرُورُ
يشاركُنا لنا رِخْلانُ فيها وتعلوها الكِبَاش فلا تنورُ
لَعَمْرُكَ إن قابوسَ بنَ هند ليخلِطُ مُلكَهُ نوكٌ كَثيرُ!

في هذه الأبيات يرى طرفة عمرو بن هند ملكاً لا يصلح للمُلك، وخير منه نعجة تخور، وإن كانت قليلة الصوف؛ فربما كان لبنها كثيراً يكفي رضيعها وحالبها، وهي لا تنفر من الكباش، فقد اعتادت أن يقع عليها الذكور!.

فغضب عمرٌو، وأضمر في نفسه الانتقام من طرفة، ثم أرسله إلى عامله على البحرين برسالة، وأمره فيها بقتله، فقتله.

• صريع أم البنين:
ويتحدث المؤلف عن شاعر آخر صرعه شعره، هو "وضَّاح اليمن" عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد كُلال، وسمي وضاحاً لجمالة، وكان أحدَ ثلاثةٍ من العرب يردون المواسم مقنَّعين يسترون وجوههم خوفاً من العين، وحذراً على أنفسهم من النساء لجمالهم! وهؤلاء الثلاثة هم: المقنع الكِندي، وأبو زيد الطائي، ووضاح.

وقد بدأ وضاح يدق أول مسمار في نعشه عندما استجاب لأم البنين زوجة الخليفة الوليد بن عبد الملك، وقال فيها شعراً، والقصة بدأت عندما كانت أم البنين تؤدي فريضة الحج، وكتب الوليد يتوعَّد الشعراءَ جميعاً؛ إن ذكرها أحد منهم، أو ذكر أحداً ممن معها، ولكنها عندما وقعت عيناها على وضاح اليمن؛ هوتْه، وطلبت منه، ومن كُثَيِّرٍ أن ينسبا إليها شعراً، ولكن كثيراً أدرك عاقبة ذلك فلم ينسب لها، ولم يكن وضاح على ذلك القدر من الحذر والحيطة، وانطلق لسانه برقيق الشعر نسيبا في أم البنين، متغافلا عن مكانتها ومكانة زوجها وهو خليفة المسلمين.
ومما قاله فيها:
أَصَحوتَ عن أم البنيـ ـنَ وذكرِهَا وعنائِها؟
وَهَجَرْتَهَا هجرَ امرئٍ لم يسل صَفْوَ صفائِها
قرشيةٌ كالشمسِ أشـ ـرقَ نورُهَا ببهائِهَا
زادتْ على البِيضِ الحِسَا نِ بحسْنِهَا ونَقَائِهَا
لولا هوى أمِّ البني نَ وحاجتي للقائِها
قد قربت لي بغلةً محبوسةً لنجاتِها

ثم يقول في جرأة على زوجة الخليفة أكثر من ذلك:
صَدَعَ البينُ والتَّفَرُّقُ قلبي وتولَّتْ أمُّ البنينَ بِلُبِّي
ثوتِ النفسُ في الحُمُولِ لَدَيها وَتَوَلَّى بِالجِسْمِ مِنِّي صَحبي
وِلِقِد قُلتُ والمدامعُ تجري بدموعٍ كأنها فَيْضُ غَرْبِ
جَزَعاً للفراقِ يومَ تَوَلَّتْ: حَسْبيَ اللهُ ذو المَعَارِجِ حَسْبي!

وهذا الأقوال الصريحة في أم البنين كانت دوافع قوية لدى الوليد؛ للتخلص من هذا الرجل الذي ملأ الدنيا بها شعراً، وقد أحسَّ وضَّاحٌ بما يحيط به من خطر؛ فراح يبتغي السبل لإرضاء الخليفة، وقد وعدتْه أم البنين أن تَرْفِدَه عنده، وتقوِّيَ أمره؛ فمدحه الوضاح بعدة قصائد، ولكن هذه القصائد لم تشفع له، ودبر الوليد لقتله، وقيل أنه دفنه حياً، في حفرة حفرها له في قصره.

• بشار الهجاء



ويقف المؤلف عند شاعر عربي آخر، عاش في العصر العباسي، واشتهر بشعر الهجاء، وهو الشعر الذي كان سبباً في مقتله، وهذا الشاعر هو بشار بن برد، الذي احترف الهجاء منذ صباه المبكر، وذاع صيته بهجائه الذي كان يؤرق ويتعب من يتوعدهم به، ولم يكن يخشى -في هجائه- شخصية كبيرة في الدولة، حتى ولو كان الخليفة ذاته؛ فقد هجا العباس بن محمد أخا الخليفة المنصور، وهجا الخليفة المهدي نفسه، ووزيره يعقوب بن داود.

وكان الهجاء يمثل الخطوة التالية؛ بعد أن يمدح فيخيب أمله ولا يعطى، فكان هجاؤه رجوعاً عن المدح.

وقد مدح الخليفة المهدي فلم يعطه شيئاً؛ فقال يهجوه:
خَليفةٌ يَزْني بعمّاتِهِ يَلْعَبُ بالدّبُّوقِ والصَّولجَانْ

وقد وصل هذا الشعر إلى المهدي عن طريق وزيره يعقوب، فكاد ينشق غيظاً، ثم قصد البصرة، وقبض على بشار، وأمر بضربه بالسوط حتى الموت، فأخذ إلى سفينة، وضرب سبعين سوطاً حتى مات، فألقوا به في الماء، فحمله الماء فأخرجه إلى دجلة، فأخذ فأتي به أهله فدفنوه.

• حماد عجرد:
أما آخر الشعراء الذين يعرض لهم المؤلف في كتابه؛ فهو شاعر من شعراء العصر العباسي، لا يختلف كثيراً عن بشار بن برد، وهو حَمَّادُ عَجْرَد، الذي كان واحداً من كبار هَجَّائي عصره، وكانت بينه وبين بشار جولات كثيرة من الهجاء المتبادل، وتميز هجاء حماد بفحشه الشديد، وامتلائه بالألفاظ المستنكرة التي يأباها الذوق وتَمُجُّهَا الآذان؛ حتى بدا بشار أمامه شاعراً مهذَّباً، عفيف اللفظ، رقيق الصورة!!!.

وكما جمع بينهما الهجاء؛ اشتركا في المصير الذي صار إليه كل منهما، وهو القتل بسبب الشعر؛ فقد رأينا كيف قتل بشار بسبب هجائه للمهدي، وسترى هنا مصير حماد، وكيف قُتل بسبب تشبيبه بامرأة تسمى زينب بنت سليمان.

فقد كان محمد بن أبي العباس السفاح يهوى زينب؛ فخطبها فلم يزوجوه، وكان حماد صديقه ونديمه، فقال له محمد: قل فيها شعراً. فقال حماد على لسان محمد:
زَيْنَبُ، ماذَنْبِي؟ ومَاذا الذَّي غَضِبْتُمْ فيِه وَلَمْ تُغْضَبُوا؟!
وَاللهِ، ما أَعْرِفُ لِي عِنْدَكُمْ ذَنْباً! فَفِيمَ الهَجْرُ يا زَيْنَبُ؟!
إن كنت قد أغضبتكم ضلة فاستعتبوني إنني أعتب
عودوا على جهلي بأحلامكم إنني وإن لم أذنب المذنب

فلما بلغ هذا الشعر مسامع محمد بن سليمان -أخو زينب- نَذَر دمَه، وأصر على قتله؛ لكنه لم يستطع لمكانة حماد من محمد بن أبي العباس. فلما مات محمد؛ جَدَّ ابنُ سليمان في طلب حماد، فلم يجد حماد من يستجير به، فاستجار بقبر سليمان بن علي، والد محمد بن سليمان، وراح يمدحه ويمدح سليمان، فقال:
مِنْ مُقِرّ بِالذَّنْبِ[1] لَم يُوجِبِ اللـ ـهُ عَلَيْهِ بِسَىِّءٍ إقرارَا
يا ابْنَ بِنْتِ النَّبِيِّ إنِّيَ لاَ أَجْـ عَلُ إلاَّ إلَيْك مِنْكَ الْفِرارَا
يا ابْنَ بِنْتِ النَّبيِّ أَحْمَدَ لا أَجْـ عَلُ إلاَّ إليكَ مِنْكَ الفِرَارَا
غَيْرَ أني جَعَلْتُ قَبْرَ أَبِي أَيْـ يُوبَ لِي مِنْ حَوَادِثِ الدَّهْرِ جَارَا
وَحَرِيٌّ مَنِ اسْتَجَارَ بِذَاكَ الْـ قَبْرِ أَنْ يَأْمَنَ الرَّدَى وَالعِثَارَا
لمْ أَجِدْ لِي مِنَ العِبَادِ مُجِيرا فَاسْتَجَرْتُ التُّرَابَ وَالأَحْجَارَا

لكن محمد بن سليمان لم يرض بهذا، وقال: والله لأبُلَّنَّ قبر أبي من دمه، فلم يجد حمادُ بُدّاً من الفرار إلى بغداد؛ ليستجير بجعفر بن المنصور الذي أجاره، واشترط لذلك أن يهجو محمد بن سليمان، فقال فيه حماد:

قُلْ لِوَجْه اَلخِصيِّ ذِي اْلعارِ إنِّي سَوْفَ أُهْدي لزَيْنَبَ الأْشْعارَا
قَدْ لَعَمْرِي فَرَرْتُ مِن شِدَّةِ الخَوْ فِ وَأَنْكَرْتُ صَاحِبي نَهارَا!
وَظَنَنتُ القُبُورَ تَمْنَعُ جَارا فَاستجرْتُ التُّرَابَ والأَحْجَارَا!
كُنتُ عندَ استجارَتي بِأبي أَيْـ يُوبَ أَبغي ضَلالةً وخسارَا
لم يُجِرْني وَلمْ أَجَدْ فِيهِ حَظّا أَضْرَمَ اللهُ ذَلِكَ القَبْرَ نارَا


فلما بلغ محمداً قولُه؛ قال: "والله لا يفلتني أبداً، وإنما يزداد حتفاً بلسانه، ولا والله لا أعفو عنه، ولا أتغافل أبداً".

وظل ابن سليمان يطلب حماداً، وحماد ينتقل من مكان إلى مكان يبحث عن مأوى وملاذ؛ حتى أدركه ابن سليمان في منطقة تسمى الأهواز، فأرسل مولى له فظفر به، فقتله.
--------------------
[1] إنه الضلال والخسران المبين؛ كيف ينسي -وهو في شدة بلائه- أن يدعو ربه القائل: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأْرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ)[النمل:62]؟!.
أعرض عن ربه؛ ولجأ إلى أحجار لا تضر ولا تنفع، وأشرك بربه؛ فكان عاقبته أن تخلى عنه من كان حوله، ومات ميتة سوء.
________________________________________
3- المتنبي
جولنار - المملكه العربيه السعوديه 27/12/2009 05:19 pm
حبيت اعلق على ابيات المتنبي الصراحه انا تعجبني كل ابياته لكن يوم كتب شعر هجاء لضبه وبدأ يسب امه انا تمنيت ان هذا لم يحصل امه ليس له دخل اذا هجاء امفروض يهجو ضبه شخصيا وليس امه ولكن يدل على شهامته عندما اراد افراد ورجع وقاتل
هنيئا لك يا شاغل الناس وافضل بيت شعر سمعته هو
نثرتهم فوق الاحيديب نثره
كما تنثر على العرووس الدراهم

طَرَفة بن العبد

ينتمي طرفة بن العبد إلى بني مالك بن ضُبيعة، من بطون قبيلة بكر بن وائل، وهو أحد أبرز الشعراء الجاهليين، جعله بعضهم ومنهم لبيد بن ربيعة ثاني شعراء الجاهلية بعد امرئ القيس، وفضّل ابن قتيبة في الشعر والشعراء معلقته على سائر المعلقات فقال: "وهو أجودهم طويلة"، ولكن لم يؤثر عنه إلا أشعار قليلة، ولعل ما يفسر قلة شعره مقتله المبكر وهو في السادسة والعشرين.
وتذكر الأخبار في سبب قتله أنه كان وخاله المتلمس، وهو من شعراء الجاهلية أيضاً، ممن يفدون على ملك الحيرة عمرو بن هند "عمر بن المنذر" وكان بهما حفياً، وكان لطرفة بن العبد ابن عم اسمه عبد عمرو بن بشر، ولم تكن صلة طرفة به صلة الود والمحبة وإنما كان الود مفقوداً بينهما لسوء سيرته مع أخت طرفة، فهجاه طرفة بأبيات يسخر بها منه فيقول:
ولا خير فيه غير أن لـه غنىً
وأن لـه كَشحاً إذا قام أهضما
كان من سادة قومه، وكان سميناً بادناً. فأسرّها ابن عمه في نفسه. وكان له منزلة رفيعة عند عمرو بن هند.
ثم إن ابن هند وكل إلى طرفة وخاله المتلمس ملازمة أخيه قابوس بن المنذر، وكان قابوس فتى عابثاً لا يشغله إلا اللهو والقنص والشراب، فوجدا عناءً في ملازمته، وربما أنفقا اليوم كله في الوقوف ببابه، حتى ضاقا ذرعاً بالأمر، فنقما عليه وعلى أخيه عمرو بن هند لإذلالهما على هذا النحو، وكان طرفة فتى جريئاً لا يبالي بعواقب الأمر، فجرى على لسانه هجاء في عمرو بن هند وأخيه قابوس، قال فيه:
فليت لنا مكان الملك عمرو
رَغَوثاً حول قبتنا تخورُ
لعمرك إن قابوس بن هند
ليخلط مُلكَه نَوك كثير
فقد تمنى طرفة لو أنهم بدلوا بعمر بن هند نعجةً تخور حول خبائهم، ورمى أخاه قابوساً بالحمق، ولكن عمرو بن هند لم يبلغه هذا الشعر، وكان طرفة قال قبل ذلك شعراً يتغزل فيه بأخت عمرو بن هند، وقد رأى ظلها، فقال:
ألا بأبي الظبي الذي يبرقُ شِنْفاهُ
ولولا الملك القاعــد قد ألثمني فاه
فغضب عمرو بن هند على طرفة ولكنه أسرها في نفسه. واتفق بعد ذلك أن ابن هند خرج إلى الصيد ومعه ابن عم طرفة، فأصاب حمار وحش، فطلب الملك إلى عبد عمرو أن ينزل إليه فأعياه، فضحك عمرو بن هند، وقال له: لقد أبصر طرفة حسن كشحك حين قال شعره فيك، وفي رواية أخرى أنه شاهد كشحه وهما في الحمام، فأجابه عبد عمرو: إن طرفة قال فيك ما هو أقبح من هذا الشعر، وروى له ما قاله طرفة في هجائه، فاشتد غضبه، ولكنه لم يشأ أن يقتل طرفة فوراً، اتقاء لغضب عشيرته، فدعاه ودعا خاله المتلمس، وكان قال أيضاً شعراً في هجاء ابن هند، وقال لهما: أمضيا إلى عامل البحرين فقد أمرت لكما بجائزة، ودفع إليهما بكتاب مختوم إلى عامله، وقد أمره فيه بقتلهما.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-03-2011, 07:01 PM   #75
عضو نشيط
 
تم شكره :  شكر 179 فى 76 موضوع
الهادىء is an unknown quantity at this pointالهادىء is an unknown quantity at this pointالهادىء is an unknown quantity at this pointالهادىء is an unknown quantity at this point

 

رد: قـصـص من الـمـاضـي

كالعادة طرح رااائع :

وحين ينعتق الإنسان من ذاته ويضع الآخر في مرمى اهتمامه فإنه وبلا أدنى شك
سيقدم له من وقته وجهده وفكره الكثير والكثير وبلا انتظار لرد الجميل .
هذا أنت أخي الكريم أسد نجد ..
كم يأسرني ويسعدني ما تقدمه لنا من طرح قيم ثري فاخر مفيد ..




حقك علينا الدعاء لك ..وتقبل مني صادق الود والاحترام والتقدير
الهادىء غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:10 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. موقع و منتديات سدير 1432 هـ - 1435 هـ

جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه