العودة   منتديات سدير > `·• أفياء أدبية •·´ > ¨° بيت الشوارد °¨

¨° بيت الشوارد °¨ خاص بكل ما هو منقول شعراً كان أو نثراً ..

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-10-2007, 02:19 PM   #1
عضو جديد
 
تم شكره :  شكر 0 فى 0 موضوع
فيصل الزوايدي is an unknown quantity at this point

 

بيني و بينَــك

بيني و بينكَ ..

هذا الذي بيني و بينكَ فـي العمرِ لـحظَة..
هذا الذي بيني و بينكَ أغنيةٌ حزينةٌ بصمتٍ حزين..
و أنا بيني و بيني .. أجلسُ وحيدًا فـي زاويةِ غرفةٍ باردةٍ، أجلــسُ على مقعدٍ قاسية أطرافُه، و تفوحُ رائحةُ الـخَدَرِ ،و أنينٌ حادٌّ بينَ أُذنَـيَّ.. صريرُ خفَقَانِ القلبِ يــطغى على أصواتٍ باهتةٍ تنبعثُ من حيثُ لا أدري.. يسكنُ في النَّفسِ صوتٌ ســألَني يومًا : إلى أين ؟ و هَذي المرافئُ تتجاذَبُني .. و أنا وحيدٌ في زاويةِ الغرفةِ .. يقتربُ رجلٌ في أناقةٍ مبتَذَلَةٍ، ينظرُ إلَـيَّ بعينَينِ ثَقيلَتَيْ الأجفَانِ، و يسألُني بصوتِ حَجَرٍ مُتنَاثِرٍ : أنتَ السَّيد ..؟
أجبتُ مضطَرِبًـا: أنا هُوَ، لعلِّي أنا ..
لم يأبَه لاضطِرابي فأَشَارَ إلى مَمَرٍّ مُظلمٍ بعضَ الشَّيء : إنّهم يريدونَ رُؤيتَكَ .. أَزَّ في الرأسِ صوتٌ مُوجِعٌ و اضطربَت دقاتُ القـلبِ بتسارُعِها نحوَ ..آخرِ الـمَمَرِّ.. و تَزاحَـمت الهواجسُ ثقيلةً كالهزيمةِ .. هل وُلَدَ الصبيُّ المنتَظَرُ منذ السِّنين أم ماتَت الأمُّ ؟ كيف اقـترنا تلك اللحظةَ بداخِلي ؟ كيف اقتربَ الموتُ مِنَ الحياةِ ذلك الاقترابَ ؟ هربتُ بـهَواجِسي إلى الوجهِ الباهتِ أمامي ، هَمَمتُ بسُؤالِهِ : ولادةٌ أم موتٌ ؟ لكنَّ الـوجهَ الـباردَ الجاف الذي لا ينبئُ بشيءٍ رَدَّني عنِ السُّؤالِ .. مــلَّ الرجلُ صمتي فأردفَ بصـوتٍ يكـتمُ ثورةً : إنهم بانتظاركَ ، تَفضل من هُنا .. قَرعُ حِذائي على الأرضِ ينهالُ على رأسي و أنا أتبعُ الرجلَ .. تـحركَت أشباحٌ حَولـي و أحسستُ ببعضِ الصدماتِ و كلماتٌ تُقالُ ، لعلّها اعتذارٌ أو سخطٌ .. مَن يهتم ؟ أيُّ معنى لأيِّ قولٍ أمامَ الولادةِ أو الـموتِ ؟؟ باحتدادٍ حدَّثَــــنا الطبيبُ قبلَ أشــهرٍ و هـو يـحذِّرُنا مِن خَطَرِ الحَملِ .. تُرَى هل أرســلَ القدرُ يومَــها ذاكَ الطبيبَ ينذِرُنا بِـما نَخشاه الآن ؟ هل يـمكِنُ أن يغتالَ ذاك الصـــبيُّ أمَّهُ ؟ هل تنطلقُ حياتُه بـمَوتِها ؟ أم يـموتُ لتَحيا...؟
أحسـستُ أنَّ آخرَ المـمرِّ هو آخر الكَونِ .. و أنا لم أَعُد أعلمُ أَيْـني .. لا أدري كيفَ التــقطت عينَاي الكليلتانِ لافتةً تشيرُ إلى غرفَةِ الوِفَياتِ .. حائطٌ بـناه عاملٌ لا يُدرِكُ مــا يفعلُ .. يفصلُ به بينَ الحياةِ و الموتِ .. و أنا لا أزال أسيرُ ، كأنَّ الطريقَ لا تنتَهي و لكن فجأةً وصلنَا أمام بابٍ مُوارَبٍ قليلا .. أشارَ الرجلُ بلامُبالاةٍ إلى الغرفـةِ و قَالَ : إنهم هُنا .. و لكن هل يمكنُ ذلكَ حقًّا : أن يُوجِّـهَكَ رجلٌ لا تعرفُ حتّى اســــمَهُ و لا يهتم بـمعرِفَتِكَ .. أن يُوَجِّهَــك إلى .. حيثُ الـحياة أو الموت .. وقفتُ برهةً أخـشى الدخولَ .. أصَــختُ السمعَ .. ما الذي أصابَ حواسي لــحظَتَها ؟ يرتَفِعُ الوجــيبُ و أخشى من سُؤالٍ جَديدٍ .. سُرعانَ ما زَعزَعَني : هل تُقدِّمُ الممرضةُ إلـيَّ لـفافةً بيضاءَ و تقولُ بحُنُوٍّ مُصطَنَعٍ : أَبشِر إنَّه الصـبي الذي انتظَرتَه .. ها قد جَاءَ .. أم يُوجِّهُني الطبيبُ بنظراتٍ نحوَ لُفافَةٍ بيضاءَ أيضًا و يقولُ بتعاطفٍ لا أُدركُ صِدقَه مِن زَيفه : لقد حذَّرتُكم قبلَ أشهرٍ ، و لـم نستَطِع فِعلَ شيءٍ لها .. خشيتُ أن أدفعَ البابَ .. بابٌ صَنَعَهُ نَـجَّارٌ و هو يتابعُ بِبَصَرِهِ النَّهِمِ فتياتِ الحَيِّ .. صنَعَهُ يومـًا و لم يُدرِك أبدًا ما الذي يُـمكِنُ أن يُخفي وراءَهُ .. أسـمعُ هَمهَماتٍ مِن داخِلِ الغُرفَةِ .. تداخَلت مَعَ صَرخَاتٍ مِن داخِلي .. هل أقتحمُ الغرفةَ ؟ هل أهربُ ؟ إلـى أين ..؟
أنينُ النَّفسِ الـمُوجِعُ يُطبِقُ على أنفاسي فـأُحِسُّ ضيقًا هائلا .. الـخوفُ أحيانًا يدفَعُنا إلى نَفسِ الفِعلِ الذي نَقومُ به بدافعِ الشَّجاعةِ .. تَمتدُّ يدي نحوَ قبضةِ البابِ فِضيةِ اللَّونِ، يـخترقُ مَسمَـعي صريرٌ حادٌّ لن أنسَاه .. تتخلّى اليدُ عن تلكَ القبضةِ الـمبتعِدَةِ إلـى داخل الغرفةِ .. ينفَتِحُ البابُ كأنَّ غيري قامَ بِفتحِهِ .. لـم تَقَع عينَاي على أحدٍ .. فقـط ظهرت زاويةُ السَّريرِ الـحديديِّ و الـجزءُ السُّفلي مِن سُترةٍ طِبيةٍ بيضاءَ ..أحسـستُ حركاتٍ فـي الأجسادِ تلتفتُ تستطلع مَنِ القادمُ .. بِبَقيـةٍ مِن قُدرَةٍ و عزمٍ تقــدَّمتُ خُطوتَينِ داخلَ الغرفَةِ و تضخُّمٌ مـخيفٌ بصَدري كأنّـي سأنفجرُ .. توسطتُ الـمكانَ و نظرتُ أمامي : أذهَلَني كلُّ ذلكَ البياضُ .. بياضٌ شديدٌ ناصعٌ ، تـمامًا مثلَ السَّوادِ .

فيصل الزوايدي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-11-2007, 05:53 PM   #2
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية لهفة الخاطر
 
تم شكره :  شكر 1201 فى 300 موضوع
لهفة الخاطر نسبة التقييم للعضولهفة الخاطر نسبة التقييم للعضولهفة الخاطر نسبة التقييم للعضولهفة الخاطر نسبة التقييم للعضولهفة الخاطر نسبة التقييم للعضولهفة الخاطر نسبة التقييم للعضولهفة الخاطر نسبة التقييم للعضولهفة الخاطر نسبة التقييم للعضولهفة الخاطر نسبة التقييم للعضولهفة الخاطر نسبة التقييم للعضولهفة الخاطر نسبة التقييم للعضو

 

رد: بيني و بينَــك

[align=center]
آآه يالهذا الألم ويالهذا السرد الروائي العطر ..

رائعه كثيراً فقد كان بينك وبينه الكثير إلى أن إفترقتا ...

كلمات بسردها رائعه أخي ...

بارك الله فيك ورعاك على ماتفضلت به من بوح من خلجات صدرك الرائع
...[/align]

التوقيع



( يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دَيْنِكَ)


لهفة الخاطر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-12-2007, 05:50 PM   #3
عضو جديد
 
تم شكره :  شكر 0 فى 0 موضوع
فيصل الزوايدي is an unknown quantity at this point

 

رد: بيني و بينَــك

  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لهفة الخاطر مشاهدة المشاركة  

[align=center]
آآه يالهذا الألم ويالهذا السرد الروائي العطر ..

رائعه كثيراً فقد كان بينك وبينه الكثير إلى أن إفترقتا ...

كلمات بسردها رائعه أخي ...

بارك الله فيك ورعاك على ماتفضلت به من بوح من خلجات صدرك الرائع
...[/align]

 
أختي لهفة الخاطر .. انا ممتن كثيرا لهذا التفاعل الراقي الرائع مع القصة .. ممتن كذلك لاطرائك الرائع و مشاعرك النبيلة المتواصلة من نص الى آخر .. فهنيئا لي بك اختا و قارئة
بارك الله فيك لهذا الدعم و الرقي
دمت في خير
مع الود
فيصل الزوايدي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:26 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. موقع و منتديات سدير 1432 هـ - 1435 هـ

جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه