رسائل جوال سيرة المصطفى

[بين السطور]

قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في خطبة العيد أي شهر هذا فسكت الصحابة وظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم سيسميه بغير اسمه فقال: أليس ذا الحجة فقالوا: بلى فقال: فأي بلد هذا فسكت الصحابة وظنوا أنه سيسميه بغير اسمه فقال: فأي يوم هذا فسكتوا فقال: أليس يوم النحر ... كل ذلك تمهيداً للحديث عن حرمة الزمان و المكان و حرمة الدماء و الأموال و الأعراض .

قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة الكرام بعد أن سألهم عن الشهر والبلد واليوم إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، وستلقون ربكم فسيسالكم عن أعمالم فلا ترجعوا بعدي ضلال يضرب بعضكم رقاب بعض.

[بين السطور]

أقام النبي صلى الله عليه وسلم في منى يعلم الناس المناسك والشرائع ويقيم الملة الحنفية ويمحو آثار الشرك وقد خطب في أوسط أيام التشريق فأعاد عليه الصلاة والسلام ما كان قاله في خطبه السابقة.

في اليوم الثالث عشر من ذي الحجة نفر النبي صلى الله عليه وسلم من منى فنزل بخيف كنانة من الأبطح وأقام هناك بقية يومه وليلته وصلى في ذلك المكان الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم رقد ثم ركب حتى أتى البيت الحرام فطاف طواف الوداع ثم اتجه إلى المدينة النبوية .

[بين السطور]

أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في تجهيز جيش إلى بلاد الروم جزاء معاداتهم للإسلام وقتلهم من يدخل فيه من رعاياهم مثل فروة بن عمرو الجذامي الذي كان واليا على (معان )من قبل الروم.

في صفر سنة 11هـ كان الجيش الإسلامي مستعدا لحرب الروم فأمر النبي صلى الله عليه على الجيش أسامة بن زيد رضي الله عنهما وأمره أن يبلغ تخوم البلقاء من أرض فلسطين لأجل إرهاب الروم وإخافتهم وتطمين العرب بقوة الدولة الإسلامية.

[بين السطور]

تكلم بعض الناس في قائد الجيش أسامة بن زيد رضي الله عنهما لحداثة سنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبل وأيم الله إن كان لخليقا للإمارة وإن كان من أحب الناس إلي وإن هذا من أحب الناس إلي بعده" .

خرج أسامة رضي اله عنه بجيشه حتى نزل بالجرف إلا أن الأخبار المقلقة عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلته يتريث في السير وقد قضى الله تعالى أن يكون هذا أول بعث ينفذ في خلافة ابي بكر رضي الله عنه.

[بين السطور]

اكتملت الدعوة وارتفع صرح الإسلام وعلت راياته وقد أدى نبينا صلى الله عليه وسلم الأمانة خير أداء وقام بتبليغها أكمل قيام فبدأت ملامح التوديع من النبي صلى الله عليه وسلم للحياة تظهر من عباراته وتلتمس من أفعاله.

من مظاهر توديع النبي صلى الله عليه وسلم للحياة أنه كان يعتكف في كل عام عشرة أيام ولكنه في العام العاشر من هجرته اعتكف عشرين يوما، وكان جبريل عليه السلام يدارسه القرآن في رمضان مرة واحدة ولكنه في رمضان من ذلك العام دارسه القرآن مرتين .

[بين السطور]

من كلمات التوديع التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يلقيها على أصحابه ما قاله في حجة الوداع: إني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا وقال وهو عند الجمرة خذوا عني مناسككم فلعلي لا أحج بعد عامي هذا.

نزلت سورة النصر في أواسط أيام التشريق فعرف النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه السورة نعيت إليه فيها نفسه، وفي أوائل صفر من سنة 11هـ خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد فترحم على الشهداء ودعا لهم كانه يودع الأحياء والأموات .

[بين السطور]

انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من أحد بعد أن ترحم على الشهداء فقام في الناس خطيبا فقال: إني فرطكم وإني شهيد عليكم وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض أو مفاتيح الأرض وإني والله ما أخاف أن تشركوا بعدي ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها .

خرج النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة إلى البقيع فاستغفر لهم وقال السلام عليكم يا أهل المقابر ليهن لكم ما أصبحتم فيه بما أصبح الناس فيه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها الآخرة شر من الأولى وبشرهم فقال: إنا بكم للاحقون.

[بين السطور]

في اليوم التاسع والعشرين من صفر سنة 11هـ خرج النبي صلى الله عليه وسلم يشيع جنازة في البقيع وفي أثناء رجوعه أصابه صداع في رأسه واشتعلت الحرارة في جسده حتى أنهم كانوا يجدون أثرها من فوق العصابة التي كان يعصب بها رأسه صلى الله عليه وسلم .

صلى بالناس رسول الله صلى الله عليه وسلم 11يوما مريضا وجميع ايام مرضه صلى الله عليه وسلم كانت 13 أو 14يوما ولما اشتد به المرض سأل أزواجه أين أنا غدا أين أنا غدا ففهمن مراده فأذن له أن يقيم حيث شاء فانتقل إلى حجرة عائشة رضي الله عنها.

[بين السطور]

كان النبي صلى الله عليه وسلم يمشي بين الفضل بن العباس رضي الله عنهما وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه عاصبا رأسه حتى دخل حجرة عائشة رضي الله عنها فقضى عند عائشة آخر أسبوع في حياته.

كانت عائشة رضي الله عنها تقرأ بما تحفظ من الأدعية التي تعلمتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنفث على نفسه وتمسحه بيده رجاء البركة .

[بين السطور]

في يوم الأربعاء قبل خمسة أيام من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم اشتد المرض عليه صلى الله عليه وسلم وكانت الحمى قد أسخنت جسده الطاهر فقال: أهريقوا علي سبع قرب من آبار شتى حتى أخرج إلى الناس فأعهد إليهم.

لما اراقوا الماء على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حسبكم حسبكم، ثم شعر بخفة وارتياح فدخل المسجد وهو معصوب الرأس فجلس على المنبر فخطب في الناس فقال: لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، لا تتخذوا قبري وثنا يعبد.

[بين السطور]

كان النبي صلى الله عليه وسلم يغار على أهله ولا يتساهل في أن يدخل عليهن غير محارمهن قالت عائشة: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي رجل قال ( يا عائشة من هذا ) . قلت أخي من الرضاعة قال ( يا عائشة انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة-جوع الطفل-)

نزل النبي صلى الله عليه وسلم من منبره فصلى الظهر ثم رجع فأعاد عرض نفسه للقصاص فقال له رجل: إن لي عندك ثلاثة دراهم فقال للفضل بن العباس رضي الله عنهما أعطه.

[بين السطور]

أخبرت عائشة رضي الله عنها عن أضحية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأتي به فقال لها: يا عائشة هلمي المدية –المدية هي السكين)، ثم قال اشحذيها بحجر –أحديها بتحريكها على الحجر-ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ثم قال: ( باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ) ثم ضحى به.

عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه للقصاص فقال في تلك الخطبة: من كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه-فليقتص منه-، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه.

[بين السطور]

عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت واعد رسول الله جبريل صلى الله عليهما في ساعة يأتيه فيها فجاءت تلك الساعة ولم يأت وفي يده عصا فألقاها وقال : ما يخلف الله وعده ولا رسله ثم التفت فإذا جرو كلب تحت السرير فقال : يا عائشة متى دخل هذا الكلب هاهنا ؟ قالت : والله ما رأيت به فأمر به فأخرج فجاء جبريل فقال رسول الله واعدتني فجلست ولم تأت قال : منعني الكلب الذي كان في بيتك إنا لا ندخل بيتا فيه كلب أو صورة .

لم ينس النبي صلى الله عليه وسلم أن يفي للأنصار بما هم أهله فقال: أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي - أهلي - وعيبتي وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم.

[بين السطور]

قال النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته تلك: إن الناس يكثرون وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم.

قال النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الخطبة: إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاخنار ما عنده قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه فبكى أبوبكر الصديق وقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا.

[بين السطور]

ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الخطبة فضل أبي بكر رضي الله عنه فقال: إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبوبكر ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبابكر ولكن أخوة الإسلام ومودته لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر

في يوم الخميس قبل أربعة أيام من وفاته صلى الله عليه وسلم اشتد به الوجع فقال: هلموا أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده، وكان بحضرته رجال من أصحابه، فاختلفوا فمنهم من قال: قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال آخرون قد حضر رسول الله ماترون حسبكم كتاب الله، فقال عليه الصلاة والسلام قوموا عني فقاموا