رسائل جوال سيرة المصطفى

[بين السطور]

أول من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم أهله وقرابته ثم صلى عليه المهاجرون ثم صلى عليه الأنصار ثم صلت عليه النساء بعد الرجال ثم صلى عليه الصبيان ومضى في ذلك يوم الثلاثاء كاملا حتى دخلت ليلة الاربعاء فدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوف الليل.

بهذا انطوت صفحة حياة النبي صلى الله عليه وسلم المادية والتي يشترك فيها معه جميع الأحياء وبقيت حياته الرسالية لا نهاية لها ما بقي على وجه الأرض إنسان فاللهم صل عليه واجزه عنا خير ما جزيت نبينا عن أمته.

[بين السطور]

وهكذا تختم سيرة المصطفى , تلك السيرة العطرة الزاكية الطيبة , فكانت حياته جهاداً في سبيل الله تبليغاً لرسالته , ودعوة إلى التوحيد و الإسلام . فجزاه الله خير ما جزا نبياً عن أمته .


شرفنا الله تعالى بأن أرسل إلينا هذا الرسول الكريم الخاتم (( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله و خاتم النبيين )) فكانت رسالته خاتمة الرسالات و أكملها و أتمها و المهيمن عليها .

[بين السطور]

كان من أعظم ما تحلى به المصطفى صلى الله عليه وسلم صفة الصبر و تحمل الأذى في سبيل الله , ففي الوقت الذي كان يسب و يشتم و يقدح من قومه و يوصف بالسحر و الكهانة و الكذب و الجنون كان يقول : اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون .

مشاعر الحزن و الألم لفراق الحبيب تكاد تعتصر قلب كل مؤمن فكم تمنى المسلم أن تكتحل عيناه برؤية الحبيب صلى الله عليه وسلم وسماع حديثه و الجلوس معه و مصاحبته و لو فدينا ذلك بالأهل و المال و الولد .. وعزاؤنا هو في سنته و هديه التي تركها لنا .. أن نعمل بها و نقتدي به .

[بين السطور]

جلس عليه الصلاة و السلام يوما مع أصحابه فقال : وددت أني رأيت أخواني . قالوا : أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال : لا أنتم أصحابي .. و إخواني الذين يأتون بعدي يؤمنون بي و لم يروني . يود أحدهم لو رآني بأهله و ماله .. اللهم أجعلنا منهم يا رب يا كريم .

[بين السطور]

النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق وأكرمهم على الله عز وجل، قال عليه الصلاة والسلام: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع"[رواه مسلم]، وقال عليه الصلاة والسلام: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وبيدى لواء الحمد ولا فخر وما من نبى يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائى وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر"[رواه الترمذي]

من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم ما أخبر عنه بقوله: "أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلى نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لى الأرض مسجدا وطهورا ، فأيما رجل من أمتى أدركته الصلاة فليصل ، وأحلت لى المغانم ولم تحل لأحد قبلى ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبى يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس عامة"[رواه البخاري ومسلم]

[بين السطور]

سأل موسى عليه السلام ربنا جل وعلا فقال: (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري)، أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد آتاه الله تعالى انشراح الصدر قبل أن يسأل فقال له: (ألم نشرح لك صدرك)، وهذا من تكريم الله تعالى لنبيه أن يؤتيه غايات الأنبياء ابتداء دون طلب أو دعاء.

دعا إبراهيم عليه السلام رب العز والجلال بحسن الذكر والسيرة، وبدخول الجنة فقال: (واجعل لي لسان صدق في الآخرين * واجعلني من ورثة جنة النعيم)، وقد أتى الله تعالى نبينا صلى الله عليه وسلم ما سأله إبراهيم عليه الصلاة السلام دون دعاء منه فقال: (ورفعنا لك ذكرك)، وقال: (إنا أعطيناك الكوثر).

[بين السطور]

رفع الله تعالى ذكر النبي صلى الله عليه وسلم كما أخبره في كتابه فقال: (ورفعنا لك ذكرك)، ولما فرح بعض المشركين بوفاة أبناء النبي صلى الله عليه وسلم وأنه سينقطع ذكره لانقطاع نسله سلاه الله تعالى بأن انقطاع الذكر لمبغضه وشانئه لا له فقال : (إن شانئك هو الأبتر)

ها هو ذكره صلى الله عليه وسلم يطوف الأرض طولاً و عرضاً في كل مئذنة ومع كل صلاة وفي كل محفل .
قال الشاعر:
ألم تر أن الله خلد ذكـره **إذ قال في الخمس المؤذن: أشهد
وشق له من اسمه ليجله** فذو العرش محمود وهذا محمد

[بين السطور]

ما أقسم الله تعالى بأحد من البشر إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون)، قال الطبري رحمه الله: "قول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: "وحياتك يا محمد"، ولا شك أن إقسام الله تعالى بحياة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم دلالة على كرامته عنده، ولم يقع ذلك لأحد غير النبي صلى الله عليه وسلم.

نادى الله تعالى الأنبياء بأسمائهم كثيرا، فقال تعالى: (يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا)، وقال الله تعالى: (يا نوح اهبط بسلام منا)، أما النبي صلى الله عليه وسلم فلم يناده الله تعالى باسمه مجردا في القرآن كله تكريما وتشريفا، قال الله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك)، وقال تعالى: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك).

[بين السطور]

أضاف الله تعالى نبينا صلى الله عليه وسلم إلى ذاته العلية كثيرا في القرآن بعد أن وصفه بالعبودية له سبحانه، فقال تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا)، وقال تعالى: (وإن كنتم فر ريب مما نزلنا على عبدنا)، وقال تعالى: (وأنه لما قام عبد الله يدعوه)، وذلك دلالة على مكانة النبي صلى الله عليه وسلم عند الله تعالى فهو أكرم خلق الله على الله جل في علاه .

قال الإمام الصرصري رحمه الله شعرا
محمد المبعوث للناس رحمة يشيد ما أوهى الضلال ويصلح
لإن سبحت صم الجبال مجيبة لداود أو لان الحديد المصفح
فإن الصخور الصم لانت بكفه وإن الحصا في كفه ليسبح

[رمح حرب]

جزاكم الله خيرا

[رمح حرب]

جزاكم الله خيرا

[بين السطور]

الله ينفع بة المسلمين
وجزاك الله خير

[بين السطور]

كان النبي صلى الله عليه وسلم أوفر الناس عقلا، وأسدهم رأيا، وأصحهم فكرا، و أسخاهم يدا، وأنداهم كفا، كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، يبيت يطوى على الجوع وقد وهب الآلاف وأنفق الذهب والفضة، ينادي على بلال رضي الله عنه: أنفق بلالاً ولا تخش من ذي العرش إقلالا .

كان حبيبنا أعظم الناس تواضعا، يخالط الفقير والمسكين، يجالس الشيخ الكبير، وتذهب به الجارية حيث شاءت لا يردها حتى يقضي حاجتها، ولا يتميز عن أصحابه بمظهر ولا يختص بلباس ولا يعلو في مجلس على أحد ولا يكلم أحدا وهو مدبر عنه متشاغل بغيره وصدق الله جل وعلا " و إنك لعلى خلق عظيم " .

[بين السطور]

" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "كان نبينا صلى الله عليه وسلم لا يخير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن أثما، فهو ألين الناس عريكة، وأسهلهم طبعا، هين لين، هاش باش، قال عبد الله ابن جرير رضي الله عنه: "ما رأني إلا تبسم"، لا يغضب لنفسه، ولا ينتصر لشخصه، فإذا انتهكت حرمات الله تعالى لم يقم لغضبه شيء.

وكان الحبيب عليه الصلاة والسلام، يخوض الغمار وينازل الشجعان، حتى كان أصحابه به يتقون إذا احمر البأس ودنت المنون، يلقى الناس برباطة جأش وثبات قلب ووضوح حجة، له عزيمة لا تعرف الخور، فلا ينثني عن واجب، ولا يتردد أو يضعف أمام شدة.

[بين السطور]

كان عليه الصلاة والسلام فصيحا بليغا مفوها، يسوق الألفاظ مفصلة كالدرر، مشرقة كالضياء، طاهرة كالفضيلة، فهو أعف الناس لسانا، وأوضحهم بيانا، وأجملهم صوتا، تقول أم معبد رضي الله عنها: "في صوته صحل" وهي البحة الجميلة التي تزين الصوت وتجعل له نغما.


قال الصرصري رحمه الله:
وإن كان موسى أنبع الماء بالعصا** فمن كفه قد أصبح الماء يطفح
وإن كانت الريح الرخاء مطيعة ** سليمان لا تألو تروح وتسرح
فإن الصبا كانت لنصر نبينا** ورعب على شهر به الخصم يكلح