الراعي محمد الشاوي .. شخصيته .. ومعاناته .. !

[عبدالعزيز العمران]

أولا ً : جوالة الغنم ..

مدخل :

تبدو الحياة في الروضة في فترة الثمانينات والتسعينات الهجرية هادئة رتيبة.. واليوم فيها طويل لا يحفل بالكثير

من التفاصيل .. ولكنها لا تخلو من بعض الغرائب الملفتة التي تستحق التوقف عندها والتأمل في تفاصيلها .. ومن

ذلك ما يسمى ( جوالة الغنم ) .. والراعي مجهول الأبوين (محمد الشاوي ) ذلك الرجل الطيب الرومانسي

صاحب الخيال الواسع .. والذي يتمتع بعلاقات واسعة من بينها علاقته بفنان العرب محمد عبده .. وكذلك علاقته

بأحد أصحاب (الوايتات) التي تنقل المحروقات إلى سدير في تلك الفترة .. تلك العلاقة التي قادت محمد الشاوي

إلى رحلة طويلة إلى الإتحاد السوفيتي (سابقا) روسيا (حاليا) .. لنتابع :

عنز الرياض .. ونجيمة .. وسكيا .. :

يتكون المنزل في القرية من دورين : دور علوي للسكن .. ودور أرضي تستخدم بعض غرفه كمخازن والبعض

الآخر تستخدم حظائر للأغنام .. هذا في الغالب العام .. ولكن البعض ( ونحن منهم ) يضعون حظيرة الأغنام في

سطح المنزل ( الطاية ) .. وتضم عدداَ من الماعز نجبها وكأنها من أفراد الأسرة .. وأتذكر أن لكل منها اسم ..

مثل : عنز الرياض ( لان والدي اشتراها من الرياض) .. ونجيمة ( لوجود بقعة بيضاء في مقدمة رأسها ) ..

وسكيا ( نسبة للقب من اشتريناها منه ) ..

جوالة الغنم .. ونظام دقيق مثير للإعجاب :

تصوير المبدع خالد الفارس ..

كان من النادر أن بخلو منزل في القرية من الأغنام التي تبات الليل في ذلك المنزل وفي الصباح الباكر يفتح لها

الباب لتأخذ طريقها من سكة إلى أخرى بدون مرافقة أصحابها قاصدة مدخل القرية (باب يعيلة ) حيث تتجمع

هناك .. وعند اكتمال عددها الذي يتراوح مابين 300 إلى 350 رأس من الغنم تبدأ مهمتها المسماة ( سرحة الغتم

حيث يسوقها الراعي (محمد الشاوي) إلى المرعى في أعالي الوادي في المنطقة التي خلف السد من جهة الغرب

وتمكث هناك حتى العصر ثم تبدأ رحلة العودة المسماة ( هظلة الغنم ) برفقة الراعي ليكون وصولها إلى الديرة

مع أذان المغرب إلى نفس مكان تجمعها صباحاً ( باب يعيلة ) ثم تتوزع في سكك القرية وتأخذ طريقها إلى منازل

أصحابها بشكل عجيب ودون متابعة من أصحابها ..

ولذلك فإنه عندما يكون لدى أحد الأهالي ماعز أو شاة لم تسرح من قبل فإنه لابد له من اصطحابها إلى مكان

تجمع الغنم في الصباح ثم انتظارها في المساء لمرافقتها إلى المنزل لعدة أيام ( ثلاثة أيام أو أربعة ) حتى تصبح

قادرة على الذهاب والعودة لوحدها ..

البحث عن المفقود .. وهذا الموقف من أخي .. :

قد يحدث في بعض الأحيان أن لا تعود أحد الأغنام إلى المنزل ، وهنا يخرج صاحبها منادياً في سكك القرية

بسؤال متعارف عليه : ( من عنده زود ؟ ) ، فربما تكون غنمته المفقودة قد رافقت أغنام أحد الأهالي ، وقد

صحبت والدي في أداء هذه المهمة مرتين أو ثلاث على الأقل . وفي أحد المرات كان معنا أخي عبدالإله

المعروف بـ ( عيارته ) ، وفيما والدي ينادي بحماس ( من عند زود ؟ ) كان أخي عبدالإله ينادي يصوت عال

( من عنده ........؟ ) وهو شيء آخر لا علاقة له بالغنم أبداً ولا يصلح للكتابة هنا .. وقد كنت أسمع ضحكات

بعض الأهالي في منازلهم الطينية الصغيرة .. وأذكر أن أحدهم الذي لا يقل ( عيارة ) عن أخي قد أجابه ( أيشر

بالخير .. ولم خشك ) .. أكملنا مشوار البحث ولم نجد الغالية (نجيمة ) لأن الذئب كان قد فتك بها في ( مفيض

الجوفاء ) .. وهذا ما تبين لنا في الغد ..

أجرة الراعي :

وبالنسبة للراعي (محمد الشاوي ) فإنه يتناول وجبة العشاء بعد صلاة المغرب في منازل أصحاب الأغنام يشكل

يومي من منزل إلى آخر بالترتيب .. ويأخذ أجرته في نهاية كل شهر ريال واحد مقابل كل رأس من الغنم .. حيث

يقوم بجمعها في اليوم المقرر لتحصيل الأجرة في حوش يقع في مدخل الديرة .. ويقف على بابه الراعي مجمد

وقد يساعده أحد الأهالي في ذلك اليوم .. ويتم جمع المبلغ في كيس نايلون ( باغة) .. وبعد صلاة العشاء يتم حصر

الأغنام التي لم يسدد أصحابها الأجرة ومعرفتهم ويطلق سراحها.. ثم يقوم مساعد الراعي بعد تلك بمتابعة تحصيل

الأجرة منهم في الغد .

_

يتبع .. :