رسائل جوال سيرة المصطفى

[بين السطور]

بكى موسى عليه السلام لما تجاوزه النبي عليه الصلاة والسلام ، فقيل : ما أبكاك ؟ قال : يا رب هذا الغلام الذي بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أفضل مما يدخل من أمتي ، وفي هذا حرص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على هداية أقوامهم وشفقتهم عليهم .

[بين السطور]

رأى النبي صلى الله عليه وسلم إبراهيم عليه السلام مستندا إلى البيت المعمور ، فرحب بالنبي صلى الله عليه وسلم وقال له : " يا محمد اقرأ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وغراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله " .

[بين السطور]

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصف أنبياء الله الكرام : رأيت إبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله عليهم ببيت المقدس ، يعنى حيث أسري به ، فرأيت موسى كأنه من رجال شنوة ( شنوة قبيلة ) ، ورأيت عيسى رجلا أحمر كأنما أخرج من ديماس ( الديماس الحمام أي يقطر منه الماء ) وأنا أشبه بني إبراهيم به عليهم الصلاة والسلام .

[بين السطور]

رفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم البيت المعمور فسأل جبريل عنه ، فقال : هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودوا إليه ، ورفعت له سدرة المنتهى فإذا نبقها كأنه قلال هجر وورقها كأنه آذان الفيلة ، في أصلها أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران ، فسأل جبريل فقال : أما الباطنان ففي الجنة وأما الظاهران النيل والفرات .

[بين السطور]

أدنى الله تعالى نبيه منه وقربه إليه قاب قوسين أو أدنى وأوحى له ما أوحى ، وهذا تشريف من الله تعالى لم يحصل لأحد من البشر غير النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو تشريف للأمة في شخص نبيها صلى الله عليه وسلم ، فهو أكرم خلق الله وأحبهم إليه .

[بين السطور]

رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى موسى فقال : وضع الله شطرها ( يعني الصلاة ) ، فقال : راجع ربك فإن أمتك لا تطيق ، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يتردد بين ربه جل وعلا وموسى عليه السلام ، حتى قال الله تعالى : هي : "خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي " فرجعت إلى موسى فقال : راجع ربك ، فقلت استحييت من ربي .

[بين السطور]

قال النبي صلى الله عليه وسلم : ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام ففرض الله على أمتي خمسين صلاة ، فرجعت بذلك حتى مررت على موسى فقال : ما فرض الله لك على أمتك ؟ قلت فرض خمسين صلاة ، قال : فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فراجعت ربي فوضع شطرها .

[بين السطور]

الحياء من الله تعالى خلق نبيل من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذا لم يلح على الله تعالى بعد أن خفف عنه الصلاة إلى خمس ، وقد أمر النبي عليه الصلاة وسلم بالحياء من الله تعالى فقال : استحيوا من الله حق الحياء ، قالوا : يا رسول الله إنا نستحيي والحمد لله ، قال : ليس ذاك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى وتذكر الموت والبلى .

[بين السطور]

إن فرض الصلوات الخمس في ليلة المعراج دليل على أهمية هذا الركن من أركان الإسلام فهي الفرض الوحيد الذي فرض في السماء ، وتلقى النبي صلى الله عليه وسلم الأمر به مباشرة من رب العز والجلال ، وهو الفرض الذي يجب أن يكون معراجا يرقى بالناس عن شهوات النفوس وأغراض الدنيا .

[بين السطور]

عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم " فيا لله ما أشد هذه العقوبة نسأل الله السلامة .

[بين السطور]

مر النبي صلى الله عليه وسلم في رحلته المباركة بناس يزرعون في يوم ويحصدون في يوم فسأل جبريل عنهم فقال له : هؤلاء المجاهدون في سبيل الله تضاعف لهم الحسنات بسبعمائة ضعف ، وما أنفقوا من شيء يخلفه الله تعالى عليهم " نسأل الله من فضله .

[بين السطور]

كان النبي صلى الله عليه وسلم ثابتا لا تربكه المواقف مهما عظمت ، ومن ذلك قوله تعالى : (( ما زاغ البصر وما طغى )) ففي ليلة المعراج رأى النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا من الغرائب ورأى الآية الكبرى ومع هذا لم يتشتت بصره بل ظل معتدلا ينظر إلى هذه الأمور العظام نظرة العاقل المتزن .

[بين السطور]

لما أسرى بالنبي صلى الله عليه وسلم أصبح بمكة حزينا خوفا من أن يكذبوه ، فأتى عليه أبو جهل فقال باستهزاء : هل كان من شيء ؟ قال : ( نعم ) أسري بي الليلة إلى بيت المقدس قال : ثم أصبحت بين أظهرنا ؟ قال : ( نعم ) قال : أرأيت إن دعوت إليك قومك أتحدثهم بما حدثتني ؟ قال : ( نعم ) .

[بين السطور]

صاح أبو جهل : يا بني كعب هلموا فأقبلوا إليه ومعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو جهل : حدث قومك بما حدثتني ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( إنه أسري بي الليلة ) فقال : إلى أين ؟ قال : ( إلى بيت المقدس ) قالوا : ثم أصبحت بين أظهرنا ؟ قال : ( نعم ) فصفق بعضهم ووضع بعضهم يده على رأسه متعجبا .

[بين السطور]

كان في القوم من قد سافر إلى ذلك المسجد ورآه فقالوا : أتستطيع أن تصف لنا المسجد ؟ قال : ( نعم ) فأجلى الله تعالى المسجد الأقصى للنبي صلى الله عليه وسلم فصار ينظر إليه ويصفه لهم ، فقال القوم : أما النعت والله فقد أصاب ، وهذا من إكرام الله وتصديقه لرسوله صلى الله عليه وسلم .