العودة   منتديات سدير > `·• أفياء أدبية •·´ > ¨° بيت الشوارد °¨

¨° بيت الشوارد °¨ خاص بكل ما هو منقول شعراً كان أو نثراً ..

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-04-2003, 04:28 PM   #1
عضو سوبر
 
الصورة الرمزية ابوعمر
 
تم شكره :  شكر 4 فى 3 موضوع
ابوعمر is an unknown quantity at this point

 

ابن الملك

ابن الملك كان رجل من ملوك بني إسرائيل ، قد أعطي طول عمر و كثرة أموال و كثرة أولاد . و كان أولاده إذا كبر أحدهم لبس ثياب الشعر ، و لحق بالجبال ، و أكل من الشجر ، و ساح في الأرض حتى يأتيه الموت . ففعل ذلك جماعتين رجل بعد رجل ثم تتابع بنوه على ذلك .

و أصاب ولداً بعد كبر ، فدعا قومه ، فقال : إني قد أصبت ولداً بعد ما كبرت ، و ترون شفقتي عليكم ، و إني أخاف أن يتبع هذا سنة إخوته . و أنا أخاف عليكم إن لم يكن عليكم أحد من ولدي بعدي أن تهلكوا ، فخذوه الآن في صغر سنه ، فحببوا إليه الدنيا ، فعسى أن يبقى من بعدي عليكم . فبنوا له حائطاً فرسخاً في فرسخ ، فكان فيه دهراً من دهره . ثم ركب يوماً فإذا عليه حائط مصمت ، فقال : إني أحسب إن خلف هذا الحائط ناساً و عالماً آخر ، فاخرجوني أزدد علماً و ألقى الناس فقيل ذلك لأبيه ، ففزع و خشي أن يتبع سنة إخوته ، فقال : اجمعوا عليه كل لهو و لعب ، ففعلوا ذلك . ثم ركب في السنة الثانية ، فقال : لا بد من الخروج . فأخبر بذلك الشيخ ، فقال : أخرجوه . فجعل على عجلة و كلل بالزبرجد و الذهب و صار حوله حافتان من الناس . فبينما هو يسير إذا هو برجل مبتلى فقال : ما هذا ؟ قالوا : رجل مبتلى . فقال : أيصيب ناساً دون ناس أو كل خائف له ؟ قالوا : كل خائف له قال : و أنا فيما أنا فيه من السلطان ؟ قالوا : نعم قال : أف لعيشكم هذا ! هذا عيش كدر . فرجع مغموماً محزوناً ، فقيل لأبيه ، فقال : انشروا عليه كل لهو وباطل حتى تنزعوا من قلبه هذا الحزن و الغم . فلبث حولا، ثم قال : أخرجوني ، فأخرج على مثل حاله الأول . فبينا هو يسير إذا هو برجل قد هرم ، و لعابه يسيل من فيه . فقال : ما هذا ؟ قالوا : رجل قد هرم . قال : يصيب ناساً دون ناس أو كل خائف له إن هو عمر ؟ قالوا : كل خائف له . قال : اف لعيشكم هذا ! هذا عيش لا يصفو لأحد . فأخبر بذلك أبوه ، فقال : احشروا عليه كل لهو و باطل . فحشروا عليه فمكث حولاً ، ثم ركب على مثل حاله . فبينا هو يسير إذا هو بسرير تحمله الرجال على عواتقها . فقال : ما هذا قالوا : رجل مات . قل لهم : و ما الموت ؟ إيتوني به ! فأتوه به . فقال : أجلسوه . فقالوا : إنه لا يجلس . قال : كلموه . قالوا : إنه لا يتكلم . قال : فأين تذهبون به ؟ قالوا : ندفنه تحت الثرى . قال : فيكون ماذا بعد هذا ؟ قالوا : الحشر . قال لهم : و ما الحشر ؟ قالوا : " يوم يقوم الناس لرب العالمين " ، فيجزى كل واحد على قدر حسناته و سيئاته . قال : و لكم دار غير هذه تجاوزون فيها ؟ قالوا نعم . فرمى بنفسه من الفرس و جعل يعفر و جهه في التراب ، و قال لهم : من هذا كنت أخشى ! كاد هذا يأتي علي و أنا لا أعلم به ، أما و رب يعطي و يحشر و يجازي ! إن هذا آخر العهد بيني و بينكم ، فلا سبيل لكم علي بعد هذا اليوم فقالوا : لا ندعك حتى نردك إلى أبيك . قال : فردوه إلى أبيه ، و كاد ينزف دمه . فقال : يا بني ! ما هذا الجزع ؟ قال : جزعي ليوم يعطى فيه الصغير و الكبير مجازاتهما ما عملامن الخير و الشر . فدعا بثياب فلبسها ، و قال : إني عازم في الليل أن أخرج . فلما كان في نصف الليل ، أو قريباً منه ، خرج . فلما خرج من باب القصر ، قال : اللهم ! إني أسألك أمراً ليس لي منه قليل و لا كثير ، قد سبقت فيه المقادير . إلهي ! لوددت أن الماء كان في الماء ، و أن الطين كان في الطين ، و لم أنظر بعيني إلى الدنيا نظرة واحدة .

التوقيع
ابوعمر غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:50 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. موقع و منتديات سدير 1432 هـ - 1435 هـ

جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه