العودة   منتديات سدير > `·• آفاق رحبة •·´ > ¨° الإسلامي °¨

¨° الإسلامي °¨ جميع ما يتعلق بالشريعة علماً و فكراً و منهجاً . قضايا معاصرة - أحكام - فتاوى - نصائح - بحوث شرعية - مقالات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-07-2011, 05:42 PM   #1
عضو رائع
 
تم شكره :  شكر 1736 فى 585 موضوع
اخوالطيبين is an unknown quantity at this pointاخوالطيبين is an unknown quantity at this pointاخوالطيبين is an unknown quantity at this pointاخوالطيبين is an unknown quantity at this pointاخوالطيبين is an unknown quantity at this pointاخوالطيبين is an unknown quantity at this pointاخوالطيبين is an unknown quantity at this pointاخوالطيبين is an unknown quantity at this pointاخوالطيبين is an unknown quantity at this pointاخوالطيبين is an unknown quantity at this pointاخوالطيبين is an unknown quantity at this point

 

الْمَرْحَلَة الْمَكِّيَّة مَن بَعَثْتَه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم إِلَى هجرته

الْمَرْحَلَة الْمَكِّيَّة مَن بَعَثْتَه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم إِلَى هِجْرَتُه إِلَى الْمَدِيْنَة







:





بَدَأ الْوَحَي




عَن عَائِشَة أُم الْمُؤْمِنِيْن رَضِى الْلَّه عَنْهَا قَالَت : أُوُل مَا بُدِئ بِه رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم مِن الْوَحْي الْرُّؤْيَا الْصَّالِحَة فِي الْنَّوْم
فَكَان لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَا جَاءَت مِثْل فَلَق الْصُّبْح ، ثُم حُبِّب إِلَيْه الْخَلَاء ، وَكَان يَخْلُو بِغَار حِرَاء، فَيَتَحَنَّث فِيْه - أَي يُتَعَبَّد -
الْلَّيَالِي ذَوَات الْعَدَد قَبْل أَن يَنْزِع إِلَى أَهْلِه ، وَيَتَزَوَّد لِذَلِك ، ثُم يَرْجِع إِلَى خَدِيْجَة فَيَتَزَوَّد لِمِثْلِهَا ، حَتَّى جَاءَه الْحَق وَهُو فِي غَار حِرَاء
فَجَاءَه الْمَلَك فَقَال : اقْرَأ ، قَال مَا أَنَا بِقَارِئ ، قَال : فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي - أَي ضُمَّنِي ضَمّا شَدِيْدا - حَتَّى بَلَغ مِنِّي الْجَهْد
ثُم أَرْسَلَنِي فَقَال : اقْرَأ ، قُلْت : مَا أَنَا بِقَارِئ ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الْثَّانِيَة حَتَّى بَلَغ مِنِّي الْجَهْد ثُم أَرْسَلَنِي فَقَال اقْرَأ
فَقُلْت مَا أَنَا بِقَارِئ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَة ، ثُم أَرْسَلَنِي فَقَال :
( اقْرَأ بِاسْم رَبِّك الَّذِي خَلَق. خَلَق الْإِنْسَان مِن عَلَق. اقْرَأ وَرَبُّك الْأَكْرَم ) (الْعَلَق)
فَرَجَع رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم يَرْجُف فُؤَادُه ، فَدَخَل عَلَى خَدِيْجَة بِنْت خُوَيْلِد رَضِي الْلَّه عَنْهَا فَقَال :
زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي - أَي ضَعُوا عَلَي غِطَاء - ، فَزَمَّلُوه حَتَّى ذَهَب عَنْه الْرَّوْع - يَعْنِي الْخَوْف -
فَقَال لِخَدِيْجَة وَأَخْبَرَهَا الْخَبَر : لَقَد خَشِيَت عَلَى نَفْسِي ، فَقَالَت خَدِيْجَة : كَلَّا وَالْلَّه مَا يُخْزِيَك الْلَّه أَبَدا ، إِنَّك لَتَصِل الْرَّحِم
وَتَحْمِل الْكَل "أَي الْمَرِيْض الْمُتْعَب" ، وَتَكْسِب الْمَعْدُوْم ، وَتَقْرِي الْضَّيْف ، وَتُعِيْن عَلَى نَوَائِب الْحَق " يَعْنِي الْمَوْت " ‏



فَانْطَلَقَت بِه خَدِيْجَة حَتَّى أَتَت بِه وَرَقَة بْن نَوْفَل بْن أَسَد بْن عَبْد الْعُزَّى ، ابْن عَم خَدِيْجَة ، وَكَان امْرِءا تَنَصَّر فِي الْجَاهِلِيَّة
وَكَان يَكْتُب الْكِتَاب الْعِبْرَانِي ، فَيَكْتُب مِن الْإِنْجِيْل بِالْعِبْرَانِيَّة مَاشَاء الْلَّه أَن يَكْتُب ، وْكَان شَيْخَا كَبَيْرِا قَد عَمِي
فَقَالَت لَه خَدِيْجَة : يَا ابْن الْعَم اسْمَع مِن ابْن أَخِيْك .
فَقَال لَه وَرَقَة : يَا ابْن أَخِي مَاذَا تَرَى ؟
فَأَخْبَرَه رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم خَبَر مَا رَأَى
فَقَال لَه وَرَقَة : هَذَا الْنَّامُوْس الَّذِي نَزَّل الْلَّه عَلَى مُوْسَى - يَعْنِي جِبْرِيْل عَلَيْه الْسَّلام- ، يَا لَيْتَنِي فِيْهَا جِذْع - أَي شَاب -
لَيْتَنِي أَكُوْن حَيا إِذ يُخْرِجُك قَوْمُك ، فَقَال رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم : أَو مُخْرِجِي هُم ؟ قَال : نَعَم
لَم يَأْت رَجُل قَط بِمِثْل مَا جِئْت بِه إِلَّا عُوْدِي ، وَإِن يُدْرِكْنِي يَوْمُك أَنْصُرْك نَصْرَا مُؤَزَّرا
ثُم لَم يَنْشَب - يَلْبَث - وَرَقَة أَن تُوُفِّي ، وَفَتَر الْوَحْي - أَي انْقَطَع فَتْرَة-
(رَوَاه الْبُخَارِي وَمُسْلِم).‏






تَتَابَع نُزُوْل الْوَحْي وَكَيْفِيَّتِه


‎‎ اسْتَمَر الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم فِي تَعْبُدُه فِي غَار حِرَاء
فَعَاد الْوَحْي وَكَان أَوَّل مَا نَزَل بَعْد فَتْرَة انْقِطَاعِه الْأُوْلَى قَوْلُه تَعَالَى : (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر) .
ثُم أَبْطَأ الْوَحْي عِدَّة لَيَال فَقَال الْمُشْرِكُوْن: قَد وُدِّع مُحَمَّدا رَبُّه ، فَأَنْزَل الْلَّه عَز وَجَل
( وَالْضُّحَى وَالْلَّيْل إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَك رَبُّك وَمَا قَلَى) (الْضُّحَى).
وَكَان الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم حَرْيَصَّا عَلَى حِفْظ الْقُرْآَن فَيَحُرَّك لِسَانِه بِه
فَنَزَلَت الْآَيَة : ( لَا تُحَرِّك بِه لِسَانَك لِتَعْجَل بِه إِن عَلَيْنَا جَمْعَه وَقُرْآَنَه ) (الْقِيَامَة).



وَقَد كَان يَأْتِيَه الْوَحْي مَثَل صَلْصَلَة الْجَرَس - وَهُو أَشَد الْوَحْي عَلَيْه -
فَيَفْصِم عَنْه وَقَد وَعَى عَنْه مَا قَال ، وَأَحْيَانا كَان يَأْتِيَه الْمُلْك عَلَى هَيْئَة رَجُل فَيُكَلِّمُه فَيَعِي مَا يَقُوْل.
وَالْمَشْهُوْر أَن نُزُوْل الْوَحْي اسْتَغْرَق ثَلَاثا وَعِشْرِيْن سَنَة مِنْهَا ثَلَاثَة عَشَر عَاما بِمَكَّة ، وَعَشْر سِنِيْن بِالْمَدِيْنَة.





أَوَائِل الْمُسْلِمِيْن إِسْلَامَا


كَانَت خَدِيْجَة رَضِي الْلَّه عَنْهَا أَوَّل مَن آَمَن ، ثُم آَمَن مَن الْصِّبْيَان عَلَي رَضِي الْلَّه عَنْه
ثُم آَمَن مِن الْرِّجَال أَبُو بَكْر الْصّدّيْق رَضِي الْلَّه عَنْه
وَزَيْد بْن حَارِثَة ، وَبِلَال بْن رَبَاح ، وَسَعِد بْن أَبِي وَقَّاص ، وَعُثْمَان بْن عَفَّان
وَطَلْحَة بْن عُبَيْد الْلَّه ، وَالزُّبَيْر بْن الْعَوَّام
وَخَالِد بْن سَعِيْد بْن الْعَاص ، وَعَبْد الْلَّه بْن مَسْعُوْد ، وَخَبَّاب بْن الْأَرَت
وَعَمَّار بْن يَاسِر ، وَعَمْرُو بْن عَبَسَة السُّلَمِي
وَأَبُو ذَر الْغِفَارِي ، وَعَبَد الْرَّحْمَن بْن عَوْف ، وَأَبُو عُبَيْدَة بْن الْجَرَّاح ، وَعُثْمَان بْن مَظْعُوْن
وَسَعِيْد بْن زَيْد ، وَأَسْمَاء بَنِت أَبِي بَكْر ، وَفَاطِمَة بِنْت الْخَطَّاب ، وَخَلَق آَخَرُون
ثُم عُمَر بْن الْخَطَّاب الَّذِي قِيَل إِن الْلَّه أَتَم بِه أَرْبَعِيْن مِن الْصَّحَابَة
وَقَبَّلَه أَسْلَم حَمْزَة بْن عَبْد الْمُطَّلِب عَم الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَأَخُوْه مِن الرَّضَاعَة
وَأَسْلَم أَيْضا الْمِقْدَاد بْن الْأَسْوَد وَلَكِنَّه كَان يَكْتُم إِيْمَانَه ، رَضِي الْلَّه عَنْهُم أَجْمَعِيْن. ‏
وَأَسْلَم الْطَفَيْل بْن عَمْرِو الْدَّوْسِي رَضِي الْلَّه عَنْه ، وَدَعَا قَوْمَه إِلَى الْإِسْلَام وَلَقِي مِنْهُم صُدُوْدا
فَطَلَب مِن رَّسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم أَن يَدْعُو عَلَيْهِم ، وَلَكِن الْرَّسُوْل دَعَا لَهُم بِالْهِدَايَة
فَهَدَاهُم الْلَّه وَجَاءَت دَوْس مُسْلِمَة لِلَّه وَرَسُوْلِه بَعْد عِدَّة سَنَوَات . ‏






اسْتِمَاع الْجِن لِلْقُرْآن وَإِسْلَامُهُم


انْطَلِق قَوْم مَن الْجِن - بَعْد أَن حِيْل بَيْن الْجِن وَبَيْن خَبَر الْسَّمَاء - نَحْو تِهَامَة إِلَى رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم بِنَخْلَة -
مَكَان عَلَى مَسِيْرَة لَيْلَة مِن مَكَّة - وَهُو عَامِد إِلَى سُوْق عُكَاظ ، وَهُو يُصَلِّي بِأَصْحَابِه صَلَاة الْفَجْر
فَلَمَّا سَمِعُوْا الْقُرْآَن تَسَمَّعُوْا لَه ، فَقَالُوَا هَذَا الَّذِي حَال بَيْنَكُم وَبَيْن خَب الْسَّمَاء
فَهُنَالِك رَجَعُوَا إِلَى قَوْمِهِم فَقَالُوَا :
( إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنَا عَجَبا يَهْدِي إِلَى الرُّشْد فَآَمَنَّا بِه وَلَن نُّشْرِك بِرَبِّنَا أَحَدا..) (الْجِن )
وَأَوْحَى الْلَّه عَز وَجَل إِلَى رَسُوْلِه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم قَوْلِهِم هَذَا
وَقَد دَعَا الْجِن رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم بَعْد هَذِه الْحَادِثَة ، وَذَهَب وَقَرَأ عَلَيْهِم الْقُرْآَن
ثُم عَاد وَأَرَى أَصْحَابِه آَثَارِهِم وَنِّيرَانِهُم.




الْدَّعْوَة السِّرِّيَّة إِلَى الْإِسْلَام


بَدَأ رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم يَدْعُو إِلَى الْإِسْلَام
مِن أَوَّل مَا أُنْزِلَت عَلَيْه الْنُّبُوَّة ثَلَاث سِنِيْن مُسْتَخْفِيَا
ثُم أُمِر بِإِظْهَار الْدَّعْوَة بِنُزُوْل قَوْل الْلَّه عَز وَجَل :
( وَأَنْذِر عَشِيْرَتَك الْأَقْرَبِيْن ) (الْشُّعَرَاء).




صَبْرُه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
هُو وَأَصْحَابَه عَلَى إِيْذَاء الْمُشْرِكِيْن


جَاهَرْت قُرَيْش رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم بِالْعَدَاوَة وَالْأَذَى ، وَكَان عَمُّه أَبُو طَالِب يَمْنَعُهُم مَع بَقَائِه عَلَى دِيَن قَوْمِه
فِي حِيْن أَن عَمَّه أَبَا لَهَب كَان أَشَد قَوْمِه وَأَوَّلُهُم إِيْذَاء لِرَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
وَاشْتَرَكَت بُطُوْن قُرَيْش وَرِجَال مِنْهَا فِي إِيْذَائِه كَذَلِك ، وَاشْتَدُّوْا فِي هَذَا الإِيْذَاء ، يُّعَذِّبُوْن مَن لَا مَنَعَة - حِمَايَة -
عِنْدَه وَيُؤْذَوْن مِن لَا يَقْدِرُوْن عَلَى عَذَابِه، وَالْإِسْلَام عَلَى هَذَا يَنْتَشِر فِي الْرِّجَال وَالْنِّسَاء
وَلَقِي أَصْحَاب رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم مِن الْعَذَاب أَمْرَا عَظِيْمَا
وَرِزْقِهِم الَلّه تَعَالَى عَلَى ذَلِك مِن الْصَّبْر أَمْرَا عَظِيْمَا .‏




بَعْض مَظَاهِر أَذَى قُرَيْش لِلْمُسْلِمِيْن
‏1- الْضَّرَر الْمَادِّي وَالْسَّب الْعَلَنِي : وَمِن ذَلِك وَضَعَهُم بَقَايَا الْحَيَوَانَات وَدِمَاءَهَا وَمَشيمَتِهَا - غِشَاء رَقِيْق يُحِيْط بِالَّجَنَيْن-
بَيْن كَتِفَي الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَهُو سَاجِد ، وَقَد خَنَّق عُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلِّم وَهُو يُصَلِّي فِي فِنَاء مَكَّة
وَكَانَت قُرَيْش تَسُب الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَتَقُوْل لَه مُذَمَّم - مِن الْذَم وَهُو عَكْس الْحَمْد -
وَتُسَب الْقُرْآَن وَمَن أَنْزَلَه وَمَن جَاء بِه ، وَقَد اجْتَمَعْت قُرَيْش لِقَتْل الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
مِمَّا كَان سَبَبَا مُبَاشَرَا لِلْهِجْرَة إِلَى الْمَدِيْنَة . ‏


وَمَن أَذَى الْمُشْرِكِيْن لِلْمُسْلِمِيْن طَعَن أَبِي جَهْل لِلِسَيِّدَة سُمِيَّة أَم عَمَّار بْن يَاسِر بِحَرْبَة فِي فَرْجِهَا فَقَتَلَهَا
وَطَرَحَهُم لِبِلَال بْن رَبَاح عَلَى الْرَّمْضَاء فِي حَر مَكَّة
وَإِلْقَاؤُهُم صَخْرَة عَظِيْمَة عَلَى بَطْنِه بَعْد أَن أَلْبَسُوْه دِرْعَا مِن الْحَدِيد فِي الْحَر الْشَّدِيْد. ‏


‏2- السُّخْرِيَة وَالاسْتِهْزَاء وَالْضَّرَر الْنَّفْسِي : وَهَذَا مِن الْأَسَالِيْب الَّتِي اتَّبَعَتْهَا قُرَيْش فِي الْإِيْذَاء
حَيْث اتَّهِمُوْا الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم بِالْكَذِب وَبِالْسِّحْر وَبِالْكَهَانَة
وَوَضَعُوَا فِي عُنُق بِلَال بْن رَبَاح حَبْلِا وَأَسْلَمُوْه لِلْصِّبْيَان لْيَطَّوَّفُوْا بِه شِعَاب مَكَّة وَهُو يَقُوْل : أَحَد أَحَد
وَغَيَّر ذَلِك مِن الْأَمْثِلَة الَّتِي تُبَيِّن مَدَى اسْتِهْزَائِهِم بِالْمُسْلِمِيْن .


‏3- الْحِصَار الاقْتِصَادِي وَالِاجْتِمَاعِي : لَم يَمْنَع الْإِيْذَاء الْبَدَنِي وَالْنَفْسِي الْنَّاس عَن الْدُّخُوْل فِي الْإِسْلَام
فَتَعَاقَد كُفَّار قُرَيْش عَلَى بَنِي هَاشِم وَبَنِي الْمُطَّلِب - وَهُم بَطْن الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم مِن قُرَيْش -
أَلَا يُنَاكِحُوْهُم وَلَا يُبَايِعُوْهُم وَلَا يُكَلِّمُوهُم وَلَا يُجَالِسُوْهُم ، وَكَتَبُوْا فِي ذَلِك صَحِيْفَة
وَحَصَرُوهُم فِي شِعْب أَبِي طَالِب مُدَّة طَوِيْلَة ( قِيَل ثَلَاث سَنَوَات أَو أَقْل )
وَقَد كَان الْحِصَار كَامِلَا بِمَعْنَى الْكَلِمَة ، وَذَلِك حَتَّى يُسْلِمُوْا رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم لِلْقَتْل
وَلَكِن الْلَّه عَصَمَه رَغْم الْبَلَاء وَالْشِّدَّة. ‏




هِجْرَة الْمُسْلِمِيْن الْأُوْلَى وَالْثَّانِيَة إِلَى الْحَبَشَة


حِيْنَمَا اشْتَد الْبَلَاء وَالْفِتْنَة وَالْإِيْذَاء عَلَى الْمُسْلِمِيْن فِي مَكَّة ، قَال لَهُم رَسُوْل الْلَّه صَلَّى

الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم : " إِن بِأَرْض الْحَبَشَة مَلَكَا لَا يُظْلَم أَحَد عِنْدَه ، فَالْحَقُوا بِبِلادِه


حَتَّى يَجْعَل الْلَّه لَكُم فَرَجَا وَمَخْرَجا مِمَّا أَنْتُم فِيْه



" (رَوَاه الْبُخَارِي).



فَخَرَج الْمُسْلِمُوْن حَتَّى نَزَلُوْا بِالْحَبَشَة فَأَكْرَمَهُم الْنَّجَاشِي وَأَمَّنَهُم ، وَكَان أَوَّل مَن هَاجَر مِن الْمُسْلِمِيْن
عُثْمَان بْن عَفَّان وَزَوْجَتُه رُقْيَة بَنِت رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم ، وَتَبِعَه جَمْع مِن كِبَار الْصَّحَابَة
وَكَانَت الْهِجْرَة الْأُوْلَى سَنَة خَمْس مِن مَبْعَث الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
وَعَدَد الَّذِيْن هَاجَرُوا فِيْهَا أَحَد عَشَر رَجُلا وَأَرْبَع نِسْوَة.‏




الْهِجْرَة الْأُوْلَى وَالْثَّانِيَة إِلَى الْحَبَشَة





وَأَمَّا الْثَّانِيَة فَكَان عَدَد الَّذِيْن هَاجَرُوا فِيْهَا اثْنَيْن وَثَمَانِيْن رَجُلا وَثَمَانِي عَشْرَة امْرَأَة ، وَأَبْنَاؤُهُم
وَسَبَبُهَا أَن الْمُهَاجِرِيْن الْأَوَائِل سَمِعُوْا بِإِسْلام قُرَيْش فَعَاد بَعْضُهُم وَمِنْهُم عُثْمَان بِن عَفَّان وَزَوْجَتُه
فَلَم يَجِدُوْا قُرَيْشا أَسْلَمْت ، وَوَجَدُوْا الْمُسْلِمِيْن فِي بَلَاء عَظِيْم وَشِدَّة
فُّهَاجِرُوْا مُرَّة أُخْرَى وَمَعَهُم هَذَا الْعَدَد الْكَبِيْر. ‏




وَفْد قُرَيْش الْمُتَّجِه إِلَى الْحَبَشَة لِرَد الْمُسْلِمِيْن





وَقَد أُرْسِلْت قُرَيْش فِي أَثَرِهِم عَمْرِو بْن الْعَاص وَعَبْد الْلَّه بْن أُبَي رَبِيْعَة بِهَدَايَا إِلَى الْنَّجَاشِي لِيَرُد الْمُسْلِمِيْن
وَلَكِن هَيْهَات فَقَد أَسْلَم الْنَّجَاشِي وَأَبَى أَن يَرُدَّهُم ، بَل أَعْطَاهُم الْأَمَان فِي أَرْضِه وَأَقَرّهُم عَلَى دِيْنِهِم
وَرَد رُسُل قُرَيْش لَم يَنَالُوْا شَيْئا. ‏






وَفَاة أَبِي طَالِب وَخَدِيْجَة رَضِي الْلَّه عَنْهَا



مَا إِن أَعَز الْلَّه الْإِسْلَام بِعُمَر بْن الْخَطَّاب ، وَحَمْزَة بْن عَبْد الْمُطَّلِب ، وَخُرُوْج بَنِي هَاشِم مِن شَعْب أَبِي طَالِب
حَتَّى تُوُفِّي أَبُو طَالِب فِي أَوَاخِر الْعَام الْعَاشِر مِن الْبَعْثَة.
وَبِمَوْتِه فَقَد الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم سَنَدَا كَبِيْرَا ، لَم يَجِد مَن يَقُوْم مَقَامَه مِن بَنِي هَاشِم
وَلِذَلِك بَدَأ الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم يَعْرِض نَفْسَه عَلَى الْقَبَائِل لِيَطْلُب نُصْرَتِهَا
وَرَحْل إِلَى الْطَّائِف لِأَجْل تِلْك الْنُّصْرَة وَلَكِنَّهَا لَم تَحْدُث .
فَقَد خَذَلَه أَهْل الْطَّائِف وَسُلِّطُوا عَلَيْه صِبْيَانِهِم فَقَذَفُوه بِالْحَصَى حَتَّى أَدْمَوْا قَدَمَيْه
وَاسْتَهْزَءُوا بِه كَثِيْرَا وَلَكِن هَذَا لَم يَجْعَلْه يَيْأَس صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم . ‏



وَتُوُفِّيَت خَدِيْجَة أُم الْمُؤْمِنِيْن رَضِي الْلَّه عَنْهَا فِي نَفْس الْعَام
فَفَقَد الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم سَنَدَا ثَانِيَا مِن دَاخِل كَيَانِه الْأُسَرِي. ‏






الْإِسْرَاء وَالْمِعْرَاج



فِي تِلْك الْظُّرُوْف الْصَّعْبَة كَانَت الْمُوَاسَاة لِرَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم بِحَادِثَة الْإِسْرَاء وَالْمِعْرَاج
يَقُوْل الْلَّه عَز وَجَل : ( سُبْحَان الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِه لَيْلَا مِّن الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد

الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَه لِنُرِيَه مِن آَيَاتِنَا إِنَّه هُو الْسَّمِيْع الْبَصِيْر ) (الْإِسْرَاء).



وَفِي الْصَّحِيْحَيْن عَن أَنَس رَضِي الْلَّه عَنْه قَال :

كَان أَبُو ذَر يُحَدِّث أَن رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم قَال : " فَرَّج سَقْف بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّة ، فَنَزَل جِبْرِيْل
فَفَرَج صَدْرِي ثُم غَسَلَه بِمَاء زَمْزَم ، ثُم جَاء بِطَسْت مِن ذَهَب مُمْتَلِئ حِكْمَة وَإِيْمَانَا فَأَفْرَغَه فِي صَدْرِي ثُم أَطْبَقَه
ثُم أَخَذ بِيَدِي فَعَرَج بِي إِلَى الْسَّمَاء الْدُّنْيَا "
وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِم : " أَتَيْت بِالْبُرَاق - وَهُو دَابَّة - أَبْيَض طَوِيْل ، فَوْق الْحِمَار، وَدُوْن الْبَغْل
يَضَع حَافِرَه عِنْد مُنْتَهَى طَرْفِه ، قَال : فَرَكِبْتُه حَتَّى أَتَيْت بَيْت الْمَقْدِس ، قَال فَرَبَطْتُه بِالْحَلْقَة الَّتِي يَرْبِط بِهَا الْأَنْبِيَاء
قَال ثُم دَخَلْت الْمَسْجِد فَصَلَّيْت فِيْه رَكْعَتَيْن ثُم خَرَجْت ، فَجَاءَنِي جِبْرِيْل -عَلَيْه الْسَّلَام- بِإِنَاء مِن خَمْر وَإِنَاء مِن لَبَن
فَاخْتَرْت الْلَّبَن ، فَقَال جِبْرِيْل : اخْتَرْت الْفِطْرَة ، قَال ثُم عَرَج بِنَا إِلَى الْسَّمَاء " ‏



وَقِصَّة الْإِسْرَاء وَالْمِعْرَاج مَبْسُوْطَة فِي الْصِّحَاح ، وَقَد لَقِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
فِي مِعْرَاجِه الْأَنْبِيَاء آَدَم ، وَيُوْسُف ، وَإِدْرِيس ، وَعِيْسَى ، وَيُحْيِي ، وَهَارُوْن ، وَمُوَسَى ، وَإِبْرَاهِيْم ، عَلَيْهِم الْسَّلَام
وَسَمِع صَرِيْف الْأَقْلَام ، وَفُرِضَت عَلَيْه الْصَّلاة ، ثُم رَفَع إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهَى ، ثُم رَفَع لَه الْبَيْت الْمَعْمُوْر فِي الْسَّمَاء الْسَّابِعَة
وَرَأَى نَهَر الْكَوْثَر وَأَنْهَار الْجَنَّة وَرَأَى جِبْرِيْل عَلَيْه الْسَّلَام عَلَى هَيْئَتِه
وَرَأَى أَقْوَامُا يُعَذَّبُوْن عَلَى جَرَائِمِهِم . ‏



وَرَغْم أَن حَادِثَة الْإِسْرَاء وَالْمِعْرَاج كَانَت مُوَاسَاة وتَطْمِيْنا لِلْرَّسُول صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
إِلَّا أَنَّهَا كَانَت فِتْنَة لِبَعْض الْمُسْلِمِيْن وَّلِلْكَافِرِيْن مِمَّن لَم يُصَدِّقُوْا بِهَا
وَجُمْهُوْر الْعُلَمَاء عَلَى أَن الْإِسْرَاء كَان يَقَظَة بِالْرُّوْح وَبِالْجَسَد.‏






بَيْعَة الْعَقَبَة الْأُوْلَى



كَان رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم يَعْرِض نَفْسَه فِي مَوْسِم الْحَج عَلَى الْقَبَائِل
فَتُعْرَض لِسِتَّة نَفَر مِن الْخَزْرَج سُنَّة 11 مِن الْنُّبُوَّة ، مِنْهُم أَسْعَد بْن زُرَارَة ، وَعُقْبَة بْن عَامِر ، وَجَابِر بْن عَبْد الْلَّه
وَدَعَاهُم إِلَى الْإِسْلَام وَإِلَى مُعَاوَنَتُه فِي تَبْلِيْغ رِسَالَة رَبِّه
فَآَمِنُوا بِه وَصَدَّقُوه وَوَعَدُوه الْمُقَابِلَة فِي الْمَوْسِم الْقَابِل ، وَهَذِه بِدَايَّة إِسْلَام الْأَنْصَار. ‏



فَلَمَّا كَان الْمَوْسِم الْتَّالِي سُنَّة 12 مِن الْنُّبُوَّة أَتَوْا ، وَيَقُوْل عِبَادَة بْن الْصَّامِت :
" كُنَّا اثْنَي عَشَر رَجُلا فِي الْعَقَبَة الْأُوْلَى ، فَبَايَعْنَا رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم عَلِي بَيْعَة الْنِّسَاء
أَن لَا نُشْرِك بِالْلَّه شَيْئا وَلَا نَسْرِق ، وَلَا نَزْنِي ، وَلَا نُقْتَل أَوْلَادِنَا ، وَلَا نَأْتِي بِبُهْتَان نَفْتَرِيه بَيْن أَيْدِيَنَا وَأَرْجُلِنَا
وَلَا نَعْصِيَه فِي مَعْرُوْف ، فَمَن وَفَّى فَلَه الْجَنَّة ، وَمَن غَش مِن ذَلِك شَيْئا فَأَمَرَه إِلَى الْلَّه
إِن شَاء عَذَّبَه وَإِن شَاء غَفَر لَه " (رَوَاه الْبُخَارِي وَمُسْلِم).‏



وَعَاد الْأَنْصَار إِلَى الْمَدِيْنَة وَمَعَهُم مُصْعَب بْن عُمَيْر
يَعْلَمُهُم الْإِسْلَام وَيُفَقِّهُهُم فِي الْدِّيْن وَيُقْرِئَهُم الْقُرْآَن.‏




دَعْوَة الْرَّسُوْل (صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم) لِلْقَبَائِل





بَيْعَة الْعَقَبَة الْثَّانِيَة



قَدِم وَفْد الْأَنْصَار فِي مَوْسِم الْحَج فِي الْسَّنَة الْثَّالِثَة عَشَر مِن الْنُّبُوَّة
وَاجْتَمَع مِنْهُم فِي الْشِّعْب عِنْد الْعَقَبَة ثَلَاثَة وَسَبْعُوْن رَجُلا وَامْرَأَتَان ، وَجَاءَهُم الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَمَعَه عَمّه الْعَبّاس
- وَكَان لَا يَزَال عَلَى دِيَن قَوْمِه - وَكَان الْعَبَّاس هُو أَوَّل الْمُتَكَلِّمِيْن فِي هَذَا الِاجْتِمَاع قَال :
يَا مَعْشَر الْخَزْرَج إِن مُحّمَّدْا مِنَّا حَيْث قَد عَلِمْتُم ، وَقَد مَنَعْنَاه مِن قَوْمِنَا مَن هُو عَلَى مِثْل رَأْيِنَا فِيْه
فَهُو فِي عِز مِن قَوْمِه وَمَنَعَة بَلَدِه ، وَإِنَّه قَد أَبَى إِلَّا الانْحِيَاز إِلَيْكُم وَالْلَّحُوْق بِكُم
فَإِن كُنْتُم تَرَوْن أَنّكُم وَافُوْن لَه بِمَا دَعَوْتُمُوْه إِلَيْه ، وَمَانِعُوْه مِمّن خَالَفَه ، فَأَنْتُم وَمَا تَحَمّلْتُم مِن ذَلِك
وَإِن كُنْتُم تَرَوْن أَنّكُم مُسْلِمُوْه وَخَاذِلُوْه بَعْد الْخُرُوْج بِه إِلَيْكُم فَمِن الْآَن فَدَعُوْه ، فَإِنَّه فِي عِز وَمَنَعَة مِن قَوْمِه وَبَلَدِه. ‏



قَال كَعْب بْن مَالِك الْأَنْصَارِي : فَقُلْنَا لَه : قَد سَمِعْنَا مَا قُلْت ، فَتَكَلَّم يَا رَسُوْل الْلَّه ، فَخُذ لِنَفْسِك وَلِرَبِّك مَا أَحْبَبْت
وَهَذَا الْجَوَاب مِن الْأَنْصَار يَدُل عَلَى تَصْمِيْمِهِم وَشَجَاعَتِهُم وَإِيْمَانِهِم وَإِخْلَاصِهِم
فِي تَحَمُّل هَذِه الْمَسْؤُوْلِيَّة الْعَظِيْمَة. ‏



وَتَكَلَّم رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم فَدَعَاهُم إِلَى الْلَّه وَرَغَّبَهُم فِي الْإِسْلَام ، وَقَال :
أُبَايِعُكُم عَلَى أَن تَمْنَعُوْنِي مِمَّا تَمْنَعُوْن مِنْه نِسَاءَكُم وَأَبْنَاءَكُم ، فَبَايَعُوه وَتَمَّت الْبَيْعَة
وَعَاد الْأَنْصَار إِلَى الْمَدِيْنَة يَتَرَقَّبُون هِجْرَة الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
بَعْد أَن جَعَل عَلَيْهِم اثْنَي عَشَر نَقِيّبا. ‏






هِجْرَتُه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم إِلَى الْمَدِيْنَة



قَوِي جَانِب الْمُسْلِمِيْن بَعْد بَيْعَة الْعَقَبَة الْثَّانِيَة ، وَأَخَذ الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
يَحُث الْمُؤْمِنِيْن عَلَى الْهِجْرَة إِلَى يَثْرِب ، وَيَثْرِب هِي دَار الْهِجْرَة الَّتِي أُرِيَهَا الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم فِي مَنَامِه
وَكَثُر دُخُوْل الْأَوْس وَالْخَزْرَج - قَبِيْلَتَان مِن يَثْرِب الْمَدِيْنَة - فِي الْإِسْلَام
وَبَعْد إِذَن رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم لِلْمُؤْمِنِيْن بِالْهِجْرَة خَرَج الْمُسْلِمُوْن أَرْسَالا - جَمَاعَات وَفُرَادَى -
رُغْم كُل الْعَقَبَات وَالْصِّعَاب الَّتِي وَضَعْتُهَا قُرَيْش وَاعْتَرَضْت بِهَا الْمُهَاجِرِيْن. ‏



وَكَان أَوَّل مَن هَاجَر مِن مَكَّة إِلَى الْمَدِيْنَة أَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الْأَسَد
وَمِن أَوَائِل مَن هَاجَرُوا مُصْعَب بْن عُمَيْر ، وَعَبْد الْلَّه بْن أُم مَكْتُوْم ، وَبِلَال بْن رَبَاح
وَسَعِد بْن أَبِي وَقَّاص ، وَعَمَّار بْن يَاسِر ، وَعُمَر بِن الْخَطَّاب فِي عِشْرِيْن مِن الْصَّحَابَة
وَتَبِعَهُم كِبَار الْصَّحَابَة وَصِغَارِهِم بَعْد ذَلِك ، وَلَم يَبْق بِمَكَّة إِلَا رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
وَعَلِي بْن أَبِي طَالِب ، وَأَبِي بَكْر الْصِّدِّيق ، وَمَن حَبَس كُرْها.‏‏






مَعَالِم مِن هِجْرَة الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم إِلَى الْمَدِيْنَة



اعْتَزَمَت قُرَيْش قَتْل الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم ، قَال الْلَّه عَز وَجَل :
( وَإِذ يَمْكُر بِك الَّذِيْن كَفَرُوَا لِيُثْبِتُوك أَو يَقْتُلُوك أَو يُخْرِجُوك ، وَيَمْكُرُوْن وَيَمْكُر الْلَّه ، وَالْلَّه خَيْر الْمَاكِرِيْن )
(الْأَنْفَال)
وَلَكِن قُرَيْشا فَشِلْت فِي عَزْمِهَا ، فَفِي هَذِه الْسَّاعَة الْحَرِجَة قَال رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم لِعَي بْن أَبِي طَالِب :
نَم عَلَى فِرَاشِي ، وَتَسَج - أَي تُغَط - بِبُرْدَي هَذَا الْحَضْرَمِي الْأَخْضَر فَنَم فِيْه ، فَإِنَّه لَن يَخْلُص إِلَيْك شَيْء تَكْرَهُه مِنْهُم
ثُم خَرَج الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم مِن بَيْنِهِم
- أَي مِن بَيْن الْكُفَّار الَّذِيْن اجْتَمَعُوْا بِبَابِه وَعَلَى رَأْسِهِم أَبُو جَهْل - سَالِمْا بِإِذْن الْلَّه .‏
‏ رُتَب رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَأَبُو بَكْر لِلْهِجْرَة
وَأَعِدَّا لَهَا عُدَّتَهَا وَوَضَعَا لَهَا خَطَّتْهَا ، وَانْطَلَقَا إِلَى غَار ثَوْر.
‏ عَلَف أَبُو بَكْر رَاحِلَتَيْن كَانَتَا عِنْدَه أَرْبَعَة أَشْهُر ، وَدَفْع بِهِمَا إِلَى الْدَّلِيل
- عَبْد الْلَّه بْن أُرَيْقِط- وَكَان عَلَى دِيَن الْكُفَّار
وَوَاعَدَه غَار ثَوْر بَعْد ثَلَاث لَيَال بِالْرَّاحِلَتَيْن
وَأَمَّا أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر - ذَات الْنِّطَاقَيْن - فَكَانَت تَأْتَيْهُما بِالْطَّعَام
وَكَان عَبْد الْلَّه بْن أَبِي بَكْر يَبِيْت عِنْدَهُمَا وَيَعُو قُبَيْل الْصُّبْح
فَيُصْبِح مَع قُرَيْش بِمَكَّة كَبَائِت فِيْهَا
فَيَتَسَمَّع لَهُمَا الْأَخْبَار ، وَأَمَّا عَامِر بْن فُهَيْرَة مَوْلَى أَبِي بَكْر
فَكَان يَرْعَى غَنَمَا يُرِيْحَها عَلَيْهِمَا سَاعَة مِن الْعِشَاء
فَيَأْخُذَان مِنْهَا حـاجَتِهُما مِن الْلَّبَن ، (الْبُخَارِي، بَاب هِجْرَة الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم )




طَرِيْق الْهِجْرَة الْنَّبَوِيَّة الْشَّرِيِفَة
مِن مَكَّة الْمُكَرَّمَة إِلَى الْمَدِيْنَة الْمُنَوَّرَة





انْطَلِق الْرَّكْب الْمُبَارَك ، رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَأَبُو بَكْر وَالْدَّلِيل وَعَامِر بْن فُهَيْرَة
فَأَخَذُوا طَرِيْق الْسَّوَاحِل ، وَكَانَت قُرَيْش قَد رُصِدَت جَائِزَة لِمَن يَدُل عَلَى مُحَمَّد أَو يَأْتِي بِه
فَلَحِقَهُم سُرَاقَة بْن مَالِك بْن جُعْشُم ، طَمَعَا فِي الْجَائِزَة فَلَمَّا قَرُب مِنْهُم عَثَرَت فَرَسِه
ثُم سَاخَت يَدَاهَا فِي الْرْض حَتَّى بَلَغَتَا الْرُّكْبَتَيْن ، وَرَأَى غُبَارَا سَاطِعَا إِلَى الْسَّمَاء مِثْل الْدُّخَان
فَنَادَى بِالْأَمَان ، فَقَال لَه الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم : أَخَف عَنَّا ، وَكُتُب لَه كِتَابا بِالْأَمَان.
وَلُقْيَا الْزُّبَيْر بْن الْعَوَّام قَافِلَا مِن تِجَارَة بِالْشَّام فَكَسَاهُما الْزُّبَيْر ثِيَاب بَيَاض.‏



‏ كَان الْمُسْلِمُوْن بِالْمَدِيْنَة يَغْدُوَن كُل غَدَاة إِلَى الْحَرَّة ، يَنْتَظِرُوْن رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم حَتَّى يَرُدَّهُم حَر الْظَّهِيْرَة
فَرَآَه يَهُوْدِي فَقَال بِأَعْلَى صَوْتِه : يَا مَعَاشِر الْعَرَب هَذَا جَدُّكُم الَّذِي تَنْتَظِرُوْن ، فَصَار الْمُسْلِمُوْن إِلَى السِّلَاح
فَتَلَقَّوْا رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم ، وَقِيْل إِن عُدّد الَّذِيْن اسْتَقْبَلُوُه خَمْسُمِائَة مِن الْأَنْصَار
فَأَحَاطُوْا بِالْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَبِأَبِي بَكْر ، وَأَهْل الْمَدِيْنَة يَتَنَادَوْن :
جَاء نَبِي الْلَّه ، جَاء نَبِي الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم ، وَصَعِد الْرِّجَال وَالْنِّسَاء فَوْق الْبُيُوْت
وَتَفَرَّق الْغِلْمَان فِي الْطُّرُق يُنَادُوْن ، يَا مُحَمَّد يَا رَسُوْل الْلَّه ، يَا مُحَمَّد يَا رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
قَال الْصَّحَابِي الْبَرَاء بْن عَازِب : مَا رَأَيْت أَهْل الْمَدِيْنَة فَرِحُوْا بِشَيْء فَرَحَهُم بِرَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم. ‏



كَان وُصُوْل رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم يَوْم الِاثْنَيْن مِن شَهْر رَبِيْع الْأَوَّل
وَلَبِث فِي بَنِي عَمْرِو بْن عَوْف بِضْع عَشْرَة لَيْلَة
وَأَسَّس الْمَسْجِد الَّذِي أُسِّس عَلَى الْتَّقْوَى - مَسْجِد قُبَاء - وَصَلَّى فِيْه
ثُم رَكِب رَاحِلَتَه ، فَسَار يَمْشِي مَعَه الْنَّاس حَتَّى بَرَكَت عِنْد مَسْجِد رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
فَقُل : هَذَا إِن شَاء الْلَّه الْمَنْزِل ، ثُم بَنَاه رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم مَسْجِدَا .









منقول
اتمنى ان يحقق الفائدة
شكراً لمروركم الكريم
التوقيع
الطيب من معدنه غير مستغرب
اخوالطيبين غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 13-07-2011, 05:52 PM   #2
لا إله إلا الله
 
الصورة الرمزية حُلُمٌ مُبَعْثَرْ
 
تم شكره :  شكر 30608 فى 8159 موضوع
حُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضوحُلُمٌ مُبَعْثَرْ نسبة التقييم للعضو

 

رد: الْمَرْحَلَة الْمَكِّيَّة مَن بَعَثْتَه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم إِلَى هج

↫رآإآئـ~ـع كـ"ـالع ـ‘ـاـآدهـ↬
ღ جَ ـ,ـزَأـآكَـ الله خِ ـ~ـيـ:ـرْ ღ
↺ ↻م ـ,ـشـ~ـكوؤر ↺ ↻

التوقيع
أستغفر الله.
حُلُمٌ مُبَعْثَرْ غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 13-07-2011, 06:00 PM   #3
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية يمامة الوادي
 
تم شكره :  شكر 10916 فى 3630 موضوع
يمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضو

 

رد: الْمَرْحَلَة الْمَكِّيَّة مَن بَعَثْتَه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم إِلَى هج



موضوعك رائع وكيف لا وهو عن أشرف خلق الله

شكرا أخي الفاضل (أخوالطيبين)


يمامة الوادي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 13-07-2011, 07:46 PM   #4
مشرفة سابقة
 
تم شكره :  شكر 8410 فى 1855 موضوع
نقــآء نسبة التقييم للعضونقــآء نسبة التقييم للعضونقــآء نسبة التقييم للعضونقــآء نسبة التقييم للعضونقــآء نسبة التقييم للعضونقــآء نسبة التقييم للعضونقــآء نسبة التقييم للعضونقــآء نسبة التقييم للعضونقــآء نسبة التقييم للعضونقــآء نسبة التقييم للعضونقــآء نسبة التقييم للعضو

 

رد: الْمَرْحَلَة الْمَكِّيَّة مَن بَعَثْتَه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم إِلَى هج

صلى الله عليه وسلم ..
جزآك الرحمن خيرالجزآء
وجعله الله في موازين حسنآتك
وانـآر الله دينآك واخرتك بنور لاينطفئ ان شـآءالله
دمت بحفظ الرحمن
..

التوقيع
نَحْنُ عَلَى’ اَلْأَرْضِ نَبْنِيِ,لِأَرْوَاَحِنَاَ فِيِ السَّمَاَء ,
نقــآء غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:22 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. موقع و منتديات سدير 1432 هـ - 1435 هـ

جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه