رسائل جوال سيرة المصطفى

[بين السطور]

أخذ أبو سفيان بوصية علي رضي الله عنه فوقف في المسجد وقال: "يا أيها الناس إني قد أجرت بين الناس" ثم ركب بعيره وانطلق راجعا إلى مكة خائبا ذليلا وهذا موقف الإسلام مع خائني العهود فإن الاستمرار في مفاوضتهم مضيعة للوقت.

لما قدم أبو سفيان إلى مكة قالت له قريش ما وراءك فقال: جئت محمدا فكلمته فوالله ما رد علي شيئا ثم جئت إلى ابن أبي قحافة فلم أجد فيه خيرا ثم جئت عمر بن الخطاب فوجدته أدنى العدو ثم جئت عليا فوجدته ألين القوم.

[بين السطور]

قال أبو سفيان لقومه وقد أشار علي علي بشيء صنعته والله ما أدري هل يغني عني شيئا أم لا؟ فقالوا: وبم أمرك؟ قال: أمرني أن أجير بين الناس ففعلت قالوا: فهل أجاز محمدا؟ قال لا قالوا: ويلك ما زاد الرجل أن لعب بك قال: والله ما وجدت غير ذلك

في الطبراني أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر عائشة رضي الله عنها أن تجهزه للقتال قبل أن يأتيه مستنصر خزاعة فقد دخل عليها أبو بكر رضي الله عنه فقال لها يا بنية ما هذا الجهاز؟ قالت: والله لا علم لي فقال فما هذا زمان غزو بني الأصفر فأين يريد رسول الله فقالت لا علم لي وفي صبيحة اليوم الثالث جاء مستنصر خزاعة.

[أبو حمـد]

جزاك الله خير اخوي ،، وأسأل الله أن يضاعف موازين حسناتك ،،


جهد مشكور ،، بارك الله فيك ،،

[بين السطور]

الله يجزاك بالخير
وان يضاعف حسناتك ولك الف شكر

[بين السطور]

أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بأن يتجهزوا لفتح مكة وقال: اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها وزيادة في التعتيم بعث النبي صلى الله عليه وسلم في الثامن من رمضان 8هـ سرية إلى ( بطن إضم) بقيادة أبي قتادة ومعه ثمانية رجال ليظن الظان أنه يستكشف تلك البلاد لغزوها.

وجد علي والمقداد رضي الله عنهما المرأة في المكان الذي وصفه لهما النبي صلى الله عليه وسلم فقالا لها: معك كتاب فقالت لا ففتشا رحلها فلم يجداه فقال علي رضي الله عنه أحلف بالله ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لتخرجن الكتاب أو لنجردنك.

[بين السطور]

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد أن سمع جواب حاطب دعني يا رسول الله أضرب عنقه فقد خان الله ورسوله وقد نافق فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنه شهد بدرا وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على أهل بدر فقال افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم فذرفت عينا عمر رضي الله عنه.

في العاشر من رمضان سنة 8هـ خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة متجها إلى مكة في عشرة آلاف من الصحابة الكرام وكان خليفته على المدينة أبو رهم الغفاري ولما وصل الى الجحفة لقيه عمه العباس بن عبد المطلب مهاجرا مع أهله.

[بين السطور]

لما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأبواء لقيه ابن عمه أبو سفيان بن الحارث وابن عمته عبد الله بن أبي أمية فأعرض عنهما لشدة ما كان يلقاه من أذاهما فقالت له أم سلمة لا يكن ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس بك يا رسول الله .

قال علي رضي الله عنه لأبي سفيان بن الحارث ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل وجهه فقل له ما قال إخوة يوسف: (تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين) فإنه لا يرضى أن يكون أحد أحسن منه قولا ففعل ذلك أبو سفيان فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ) .

[بين السطور]

أنشد أبو سفيان بن الحارث أبياتا منها:

لعمرك إني يوم أحمل راية***لتغلب خيل اللات خيل محمد
لكالمدلج الحيران أظلم ليله***فهذا أواني حين أهدى فأهتدي
هداني هدي غير نفسي ودلني***على الله من طردته كل مطرد
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت طردتني كل مطرد.

واصل النبي صلى الله عليه وسلم سيره حتى بلغ مكان يقال له "الكديد" فأفطر وكان صائما وأفطر الناس معه ثم واصل سيره حتى نزل بمر الظهران فنزله عشاء وأمر أن توقد النيران فأوقدت عشرة آلاف نار وجعل النبي صلى الله عليه وسلم على الحراس عمر بن الخطاب رضي الله عنه أميرا.

[بين السطور]

كانت قريش على وجل وترقب وقد خرج بعض قادتها يتحسسون الأخبار قال العباس رضي الله عنه: بينما أنا أسير ببغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمعت أبا سفيان يقول: ما رأيت كالليلة نيرانا قط وعسكرا قال بديل بن ورقاء: هذه خزاعة قد خمشتها الحرب فقال أبو سفيان خزاعة أقل وأذل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها.

بعد أن نزل النبي صلى الله عليه وسلم بمر الظهران ركب عمه العباس رضي الله عنه بغلته صلى الله عليه وسلم البيضاء وخرج يلتمس لعله يجد أحدا يخبر قريش فيطلبون الأمان قبل أن ينزل بساحتهم الجيش الإسلامي وكان الله تعالى قد عمى الأخبار عن قريش بدعاء رسوله عليه الصلاة والسلام.

[بين السطور]

قال العباس عرفت صوت أبي سفيان حين تكلم فقلت ابا حنظلة؟ فعرف صوتي فقال: أبا الفضل؟ فقلت نعم، فقال مالك؟ فقلت هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس واصباح قريش والله فقال؟ وما الحيلة فقلت والله لو ظفر بك ليضربن عنقك فاركب في عجز هذه البغلة حتى آتيه فأستأمنه لك.

ردف العباس رضي الله عنه أبا سفيان حتى بلغ به معسكر المسلمين قال العباس: كلما مررت على نار من نيران المسلمين قالوا: من هذا فإذا رأوا بغلة النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته.

[بين السطور]

قال العباس رضي الله عنه لما مررت بنار عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال من هذا؟ فلما رأى أبا سفيان على عجز البغلة قال: أبو سفيان عدو الله الحمد لله الذي أمكن منك بغير عهد ولا عقد ثم خرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب إذنه في قتل أبي سفيان.

قال العباس ركضت بالبغلة فسبقت عمر رضي الله عنه فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: يا رسول الله فهذا أبو سفيان فدعني أضرب عنقه فقلت : يا رسول الله فإني قد أجرته ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت برأسه فقلت والله لا يناجيه الليلة أحد دوني .

[بين السطور]

أكثر عمر رضي الله عنه في طلب قتل أبي سفيان فقال له العباس: مهلا يا عمر فوالله لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت مثل هذا قال : مهلا يا عباس فوالله لإسلامك كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم ومابي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب.

قال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس اذهب بأبي سفيان إلى رحلك فإذا أصبح فأتني به فلما جاء به في الصباح قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ويحك يا أبا سفيان ألم يئن أن تشهد ألا إله إلا الله فقال : بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأوصلك وأكرمك لقد ظننت –تيقنت- أن لو كان مع الله إله لأغنى عني شيئا .

[بين السطور]

قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي سفيان ألم يئن أن تعلم أني رسول الله فقال أبو سفيان بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأوصلك وأكرمك , أما هذه ففي النفس منها شيء فقال له العباس: أسلم قبل أن تضرب عنقك فأسلم وشهد شهادة الحق.

قال العباس رضي الله عنه: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن.

[بين السطور]

في صبيحة يوم الأربعاء السابع عشر من رمضان 8هـ تحرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجيش من "مر الظهران" إلى مكة وأمر العباس أن يوقف أبا سفيان عند مضيق الوادي لتمر به جنود الله فينظر إليها فمرت به القبائل ما تمر به قبيلة إلا وسأل : من هؤلاء؟ فيقال: بنو فلان فيقول : مالي ولبني فلان.

مر النبي صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار في كتيبته الخضراء ما يرى منهم إلا الحدق فقال أبو سفيان : من هؤلاء يا العباس فقال له: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار فقال: ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة , لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيما فقال له : إنها النبوة فقال: فنعم إذن.

[بين السطور]

لما حاذى سعد بن عبادة رضي الله عنه -وكان حامل راية الأنصار- أبا سفيان قال اليوم يوم الملحمة , اليوم تستحل الحرمة , اليوم أذل الله قريشا , فلما حاذى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان قال له : يا رسول الله ألم تسمع ما قال سعد وذكر له ما قاله سعد.

لما سمع عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف ما قاله سعد رضي اله عنهم جميعا قالوا : يا رسول الله ما نأمن أن تكون له صولة في قريش , فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى سعد فأخذ منه اللواء ودفعه إلى ابنه قيس وبهذا لم يخرج اللواء عن يد سعد.