التطور الحسي عند الرضيع

السلمان · 04-05-2009, 06:53 PM

الحواس هي النوافذ التي يطل منها الفرد على العالم الخارجي، ولها أهميتها الكبرى في عمليات الأدراك والتعلم، إذ أنها تستقبل المثيرات الحسية وتنقلها عبر أعضاء الحس وأعصاب الاحساس إلى الجهاز العصبي الذي يستجيب لها بطرق مختلفة.
وعند ميلاد الطفل تكون كل الأجهزة الفسيولوجية لكثير من الحواس تعمل بانتظام، إلا أنه يلاحظ بعض الفروق الفردية حتى في الاستجابات الانعكاسية لهذه الحواس وبخاصة السمع والبصر واللمس والذوق والشم.

كما تؤثر البيئة في النمو الحسي للوليد، فأعضاء الحس تستقبل المثيرات بطريقة بسيطة تكاد تكون آلية، والوليد لايعي معنى المثيرات الحسية، فأشعة الضوء تقع على عينيه وتسجل على شبكيتها وينقلها العصبان البصريان، والاستجابة البسيطة كالحدقة عندما تضيق وقد تغلق العينان، وبالتدرج تزداد الاستجابة في المرحلة التالية تعقيدا ويضاف المعنى للمثيرات.
وتوجد صعوبات في تحديد القدرات الحسية عند الوليد، وكل مايعرف عن النمو الحسي يعتمد على رصد وقياس الاستجابات للمثيرات المختلفة، وعند ولادة الطفل تكون كل الاجهزة الفسيولوجية للكثير من الحواس تعمل بانتظام، ويلاحظ بعض الفروق الفردية في الاستجابات لهذه الحواس.

النمو الحسي:

أولا: البصر Seeing: إن العين في مرحلة مابعد الولادة هي أقل الحواس كمالا، إلا أن حساسيتها للضوء تكون موجوده منذ الميلاد، وكما هو معروف من خلال الدراسات أن غالبية المعلومات التي تصل من العالم الخارجي للدماغ مصدرها حاسة البصر، وتستجيب العين للضوء الساطع وتتابعه، ويتحرك الرأس كله أولا قبل أن تتحرك العينان فقط، كما يلاحظ تركيز البصر في آخر اليوم الأول، ويكون التناسق والتآزر بين العينين غير تام من الولادة حتى آخر الشهر الثاني، ومن ثم يلاحظ كثرة اشتباه الأمهات في وجود الحول عند الوليد إلا أن هذه الظاهرة طبيعية، كما أن لدى المولود القدرة في التمييز بين الألوان والاستجابة لشدة الضوء بتكيف حدقة العين مع شدة الضوء، وكلما تقدمت الأيام القليلة كلما ازداد تحسن هذه القدرات أكثر ويستطيع المولود القيام بمتابعة الحركات وعمره ساعتان، كما وجد أن المواليد الجدد يبدون تفضيلا واضحا للون الأحمر فالأزرق فالأصفر ثم الأخضر، ولكن من المشكوك فيه هو أن المولود الجديد يدرك الصورة واضحة، خاصة إذا كانت على بعد أكثر من مترين، ويبدو أن القشرة الدماغية ذاتها لم يتم تطورها عند الوليد ولكن نموها يتقدم بسرعة وتصبح على مستوى معقول من النضج في عمر شهرين، وبالنسبة لإدراك المسافة لدى الرضيع، نستطيع استخدام دلالات البعد الخاصة بالعينين عند بلوغهم الشهر الرابع أو الخامس من العمر وهو العمر الذي يبدأ فيه الرضع بتقدير معلومات العمق المتوفره في الصور، وعندما يصل الرضيع إلى الشهر السادس من العمر نجد أن لديه خبرة معقولة ومعرفة بأن أصابع القدمين لديه أبعد من ركبتيه، وأنه عندما يلعب فوق سريره يكون أقرب من سقف الغرفه، ويمكن أيضا للرضيع أن يستجيب للحركة منذ الولادة وعند بلوغ الشهر الخامس يستطيع تمييز الحركات الدقيقة وحركة الأشياء الحية، وبين الشهر السادس والتاسع يطور الرضع القدرة على النظر إلى لوحة عرض تقدم أضواء متحركة وإدراك نمط حركة الأضواء التي تمثل حركة الإنسان، وبذلك فإن الرضيع يولد وهو قادرا على تقدير الحركة البدائية، وتتطور قدراته على فهم حركات أكثر دقة قبل بلوغه عاما واحدا من العمر، ومن الأنشطة التي تساعد الطفل على تطور نموه المعرفي هي الآتي:

أ‌-وضع صورة أو لعبة يفضلها الرضيع على بعد 12 بوصة (30-31 سم تقريبا) عن وجهه وتحريكها ببطء من جانب إلى آخر
ليتبعها بعينيه لفترة زمنية قصيرة وزيادة هذه الفترة شيئا فشيئا.
ب‌-تقريب الوجه نحو الطفل على بعد 12 بوصة والتحدث إليه حتى يتمكن من محاولة تقليد تعبيرات الوجه.
ج‌-تثبيت مرآة غير قابلة للكسر في مكان يستطيع رؤية نفسه فيها.

ثانيا: السمع Hearing: يتطور الجهاز السمعي في فترة مبكرة من حياة الجنين وتتشكل قناة استاكيوس في الاسبوع العاشر بعد التلقيح ويصل حجم العظيمات في الأذن الوسطى كما عند البالغين في الأسبوع الخامس عشر بعد التلقيح، وتتم عملية السمع عندما ينتقل الصوت على شكل دوائر أو أمواج ميكانيكية تنتقل في الهواء ونتيجة الضغط والتخلخل تتحرك هذه الأمواج حيث يقوم صيوان الأذن بتجميع أكبر قدر من هذه الأمواج وتمريرها من خلال طبلة الأذن إلى الأذن الوسطى فالأذن الداخلية حتى تصل القوقعه التي تحتوي خلايا حسية مستقبلة للموجات الصوتية وتقوم هذه الخلايا باستقبال المثيرات الحسية وتحويلها إلى طاقة عصبية عبر العصب السمعي حتى تصل الدماغ، ويتضح من البحوث أن الوليد قادر على سماع الأصوات منذ الوهله الأولى للحياة، وبعض البحوث تؤكد على أن الجنين وهو في بطن أمه يسمع الأصوات قبل ولادته، حيث صوت دقات قلب الأم، ويسمع الشريان الأبهر في منطقة البطن، والذي يرتكز رأسه عليه وهو في رحم الأم، هذا إذا لم يكن هناك عيب أو نقص في أجهزة الوليد السمعية، فقد وجد بعض الباحثين أن المواليد يمكن أن يستجيبوا لأصوات في مستوى حدة صوت الإنسان العادي، أما الأصوات الأعلى أو الأقل حدة فإن استجابة الوليد لها أقل، هذا إذا كان جهاز السمع كامل النمو عند الوليد وكانت المادة السائلة في قناة استاكيوس بالأذن قد نظفت، لأنها تمنع سماع الأصوات، فعندما تزول هذه المادة يسمع الوليد الأصوات العالية والفجائية والمتوسطه ولايسمع الأصوات المنخفضه، كما أنه لايفهم مدلولات الأصوات، ولكن في الشهر الثاني والرابع يمكن للرضيع أن يميز بين النغمات الصوتية ويستجيب لها استجابات مختلفة، فيفرق بين صوت الأم ويبدي ارتياحا عند سماعه وبين الأصوات الفجائية الحادة، كما أنه يميل للاستجابه إلى الأصوات البشرية ذات المعنى والمصحوبة بالإشارات كالابتسامه والمداعبه أكثر من الأصوات التي لامعنى لها، وفي الشهر الخامس من عمره يستطيع الرضيع تحديد مصدر الأصوات، وتؤدي المثيرات السمعية العالية إلى حركات جسمية واغلاق الجفنين وتغير معدل التنفس، وقد استخدمت مثيرات سمعية أثبتت وجود فروق فردية بين وليد لآخر في الاستجابة لها، وإن قدرة المولود على السمع ضعيفة نسبيا خلال الأيام الأولى بعد ولادته، ويعزى ذلك إلى أن مراكز السمع في اللحاء تكون غير تامة النضج، كما أن التناسق بين فصي الدماغ الأيمن والأيسر لايكون تاما، لذلك يحتاج الطفل إلى مثير قوي كي يستجيب للمثيرات السمعية، ومن الأنشطة التي تساعد على تطوير النمو السمعي لدى الرضيع مايلي:

أ‌-التحدث مع الرضيع لأنه يتعلم من الأصوات.
ب‌-تنويع الأصوات وألحانها وارتفاع وقصر موجاتها
لأن ذلك يساعد على تطوير المناطق الدماغية ذات العلاقة بتفسير الاحساسات الصوتية.
ج-قراءة القصص.
د-تحريك الأشياء التي يدركها مع إصدار الأصوات.

ثالثا: الشم Smelling : لقد بينت الدراسات أن المولود يستجيب بصورة واضحة للروائح القوية خاصة الروائح المنفرة مثل النشادر والبيض التالف، كما أن بإمكان الرضّع تمييز رائحة الأم من رائحة شخص آخر من خلال تجربة الحشوة الصدرية للأم وتفضيل الرضيع لها عن غيرها، إلا أن الاحساس ضعيف وبدائي، وذلك بعد أيام قليله من الولادة، فقد لوحظ أن الطفل حديث الولادة يظهر تمييزا أقل بين الروائح الضعيفة، ويظهر تمييزا واضحا لبعض الروائح النفاذة أو القوية الحادة التي تسبب خدش الأغشية المخاطية بالأنف، مثل بعض الأحماض الكيماوية، أو يحاول الطفل أن يدير رأسه بعيدا إذا وضع حامض الأستيك.

رابعا: الذوق Tasting : تظهر حلمات التذوق مبكرا عند الجنين، ويبدو أنها تقوم بوظيفتها منذ الولادة، ويمكن الاستنتاج من الدراسات التي أجريت في هذا المجال أن الوليد يستطيع التمييز بين أنواع التذوق الأساسية (الحلو والمر والمالح)، فإذا قدم له سائلا حلوا في أيامه الأولى نجده يزيد من عملية الامتصاص، وبالوقت نفسه ينفر من امتصاص السوائل المرة والمالحة، ويقوم لسانه بالتذوق منذ الأيام الأولى، ويمكن الاستنتاج من خلال الدراسات التي أجريت على تذوق الرضع بأنهم يميزون المذاقات الأساسية بعد شرين إلى ثلاثة أشهر من العمر، وفي هذا السن قد يظهر الرضيع كراهيته لمذاق حليب أمه نتيجة تغير في غذائها بأسلوب دفع حلمة الثدي بلسانه ورفض الرضاعه منه، وقد وضع ( ستاينر ) مادة حلوة على لسان الرضيع وسجل ارتياح وجه الرضيع في ملامح متعة مشابهة للابتسامه، وأدى وضع مادة حامضة إلى تجعيد الشفاه، بينما أدى وضع مادة مرة إلى تعبير اشمئزاز، ووجد ستاينر تغيرا في تعابير الوجه للمؤثرات الحامضة في الخدج من الرضع، وعند الرضع شديدي الإعاقة، ويبدو أن الرضيع لايحتاج إلى إجراء معالجة على مستوى عمليات عقلية عليا لتقرير ما إذا كان الطعم لذيذا أو غير لذيذ، وهذا يعني أن الاستجابه موروثة وتشبه الانعكاس ( Reflex )، وأظهرت بعض الدراسات أن الرضّع مابين اليوم والثلاث أيام يشربون كميات أكثر من الماء عندما يكون الماء محلى مقارنة مع الماء النقي، كما يلاحظ أن الرضّع يميزون بين أنواع مختلفة من السوائل السكرية ويفضلون سكر الفواكه والسكر الطبيعي على سكر الحليب والجلوكوز ( سكر النشا ).

أخيراً: حاسة اللمس Touching : تعتبر الإحساسات الجدلية لدى الوليد من أقوى الحواس منذ الولادة، فالوليد لديه القدرة العالية للمص واللمس خاصة في مناطق الفم واليدين، فلمس خفيف لشفتي الوليد ينتج عنه حركة المص، واللمس الخفيف للأنف ينتج عنه إغماض العينين، ولكن يلاحظ في الأسابيع الأولى من عمر الرضيع أنه لايستطيع تحديد مكان اللمس بدقة، فإذا ماتم لمس الرضيع في مكانين مختلفين بنفس الوقت فغالبا مايظهر أنه لايحس باللمس في المكانين وإذا شعر بذلك فإنه يخطيء في تحديد مكان أحد هذين المكانين، والوليد حساس للسخونه والبرودة التي تزيد أو تنقص عن حرارة الجسم وهو نشيط في الجو البارد وقليل النشاط في الجو الدافيء، وقد بين ( جوتفريد وروز ) أن الرضيع ذا السنة من العمر قادر على التعرف على شكل الأشياء معتمدا على حاسة اللمس فقط حيث وجد أن الأطفال في غرفة معتمة يفضلون اللعب في الأشياء الجديدة أكثر من اللعب بالأشياء المألوفه لأن الأشياء الجديده هي مايسبب لهم الدهشه، كما أن الرضيع في هذه المرحلة يستخدم حواسه في اكتشاف أعضاء جسمه عن طريق اللمس لأذنيه وأنفه وعينيه وفمه وشعره....الخ، وهناك إحساسات أخرى مثل الاحساس بالألم والاحساسات الحشوية الأخرى التي تظهر عند الوليد وهي كالآتي:

أ‌-الاحساس بالألم: من خلال دراسات ( آرنولد جيزيل ) اتضح أن الوليد في الأسبوع الأول يستجيب لوخزة الإبرة أو لصدمة كهربائية، كما يزداد الاحساس بالألم في الاسبوع الثاني، لذلك نجد أن عملية ختان الذكور عندما تتم في الأيام الأولى لايحتاج الوليد أثناءها إلى تخدير لأن الاحساس بالألم في هذه المرحلة يكاد لايذكر، كما أن عملية الولادة قد تكون أصعب شأن يمر على الوليد في حياته إن كان احساسه متطوراً، ويلاحظ أن الإناث أكثر حساسية للألم من الذكور.
ب- الاحساسات الحشوية Internal feeling: وهي الاحساسات الباطنية العامة التي تتضمن الشعور بحالة الامتلاء وفراغ المعدة، وهي تشمل الاحساس بالجوع والعطش فيستجيب الوليد لاحساسه بالجوع والعطش فيبدأ بالبكاء حتى تستجيب الأم بإرضاعه

أتمنى أن يحوز الموضوع على استحسانكم و أن يكون ذو فائدة
واقبلوا مني صادق الودّ

بنت عشيرة · 06-05-2009, 03:54 AM

يعطيك العافية اخوي السلمان على هذا الموضوع القيّم
جزاك الله كل خير

السلمان · 08-05-2009, 01:41 AM

[align=center]
واياك و الله يجبر بخاطرك ... يابنت عشيرة رديت على الموضوع
ولاهوب مستغرب اسبقيتك وانت بنت ديرة أخوالي

شكرا مرة اخرى واقبلي مني التحية
[/align]